العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 03:18 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يونس
[ من الآية (7) إلى الآية (10) ]

{ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10) }

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)}

قوله تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن محيصن وبلال بن أبي بُردة ويعقوب: [أنَّ الحمدَ لله].
قال أبو الفتح: هذه القراءة تدل على أن قراءة الجماعة: {أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} على أَنَّ [أَنْ] مخففة من أَنَّ، بمنزلة قول الأعشى:
في فِتيةٍ كسيوف الهند قد علِموا ... أَنْ هالكٌ كلُّ من يَحفي وينتعل
أي: أنه هالك، فكأنه على هذا: وآخر دعواهم أنه الحمد الله، وعلى أنه لا يجوز أن يكون "أنْ" هنا زائدة كما زيدت في قوله:
ويومًا تُوافينا بوجه مقسَّم ... كأَنْ ظبيةٍ تعطو إلى وارق السَّلَمْ
أي: كظبية، وإذا لم يكن ذلك كذلك لم يكن تقديره: وآخر دعواهم الحمد الله، هو كقولك: أول ما أقوله: زيد منطلق. وعلى أن هذا مع ما ذكرناه جائز في العربية؛ لكنَّ فيه خلافًا لتقدير قراءة الجماعة. وفيه أيضًا الحمل على زيادة "أنْ"، وليس بالكثير.
ولو قرأ قارئ: إنَّ الحمدَ لله، بكسر الهمزة على الحكاية التي للفظ بعينه لكان جائزًا؛ لكن لا يُقْدَم على ذلك إلا أن يَرد به أَثر وإن كان في العربية سائغًا. وإذا فتح فقال: أنَّ الحمد لله، فلم يحكِ اللفظ بعينه؛ وإنما جاء بمعنى الكلام كقولنا: بلغني أن زيدًا منطلق، فليس هذا على حكاية ما سمع لفظًا، ألا تراه إذا قيل له: قد انطلق زيد، فقال: بلغني أن زيدًا منطلق كان صادقًا وإن لم يؤد نفس اللفظ الذي سمعه؛ لكنه أدى معناه؟ وإن كسَر فقال: إنَّ الحمد لله، فهو مؤدٍ لنفس اللفظ وحَاكٍ له ألبتة). [المحتسب: 1/308]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 03:20 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يونس

[ من الآية (11) إلى الآية (14) ]

{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11) وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) }

قوله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لقضي إليهم أجلهم)
[معاني القراءات وعللها: 2/39]
قرأ ابن عامر والحضرمي (لقضى) بفتح القاف، و(أجلهم) نصبًا، وقرأ الباقون (لقضي) بضم القاف، (أجلهم) رفعًا.
قال أبو منصور: من قرأ (لقضى) فمعناه: لقضى اللّه أجلهم، أي: أمضاه.
ومن قرأ (لقضي) فهو على ما لم يسم فاعله، ولذلك رفع (أجلهم) ). [معاني القراءات وعللها: 2/40]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {لقضي إليهم أجلهم} [11].
قرأ ابن عامر وحده: {لقضي إليهم أجلهم} بفتح القاف، أي: لقضى الله إليهم أجلهم، وحجته: {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم} [11].
وقرأ الباقون {لقضي إليهم أجلهم ....} على ما لم يُسم فاعله، وكلا القراءتين حسنة، ومثلها قوله {فيمسك التى قضى عليها الموت} و{قضى عليها الموت} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/261]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح القاف وضمّها من قوله جل وعزّ: لقضي إليهم أجلهم [يونس/ 11].
فقرأ ابن عامر وحده: لقضى إليهم بفتح القاف، أجلهم* نصبا.
وقرأ الباقون: لقضي إليهم بضمّ القاف، أجلهم رفعا.
قال أبو علي: اللام في قوله سبحانه: لقضي جواب لو* من قوله: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي [يونس/ 11]، فالمعنى والله أعلم: ولو يعجّل الله للناس دعاء الشرّ، أي ما يدعون به من الشرّ على أنفسهم في حال ضجر وبطر استعجالهم إياه بدعاء الخير، فأضيف المصدر إلى المفعول، وحذف الفاعل [كقوله
[الحجة للقراء السبعة: 4/253]
من دعاء الخير [فصلت/ 49] في حذف ضمير الفاعل] والتقدير:
ولو يعجّل الله للناس الشرّ استعجالا مثل استعجالهم بالخير، لقضي إليهم أجلهم.
قال أبو عبيدة: لقضي إليهم أجلهم: لفرغ من أجلهم، وأنشد لأبي ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما... داود أو صنع السّوابغ تبّع
ومثل ما أنشده أبو عبيدة من قوله: قضاهما داود، قول الآخر:
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها... بوائق في أكمامها لم تفتّق
[الحجة للقراء السبعة: 4/254]
فالتقدير في قوله: لقضي إليهم أجلهم أي: لفرغ من أجلهم ومدّتهم المضروبة للحياة، وإذا انتهت مدّتهم المضروبة للحياة، هلكوا. وهذا قريب من قوله تعالى:
ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير، وكان الإنسان عجولا [الإسراء/ 11].
وقالوا للميّت: مقضّ، كأنّه قضى إذا مات، وقضّى: فعّل، التقدير فيه: استوفى أجله، وفرغ منه؛ قال ذو الرّمّة:
إذا الشخص فيها هزّه الآل أغمضت... عليه كإغماض المقضّي هجولها
المعنى: أغمضت هجول هذه البلاد على الشخص الذي فيها، فلم ير لغرقه في الآل، كإغماض المقضّي، وهو الميّت، لعينه، وهذا في المعنى كقوله:
ترى قورها يغرقن في الآل مرّة... وآونة يخرجن من غامر ضحل
[الحجة للقراء السبعة: 4/255]
فأما قوله سبحانه: لقضي إليهم أجلهم [يونس/ 11] وما يتعلّق به هذا الجارّ، فإنه لمّا كان معنى قضى: فرغ، وكان قولهم: فرغ، قد يتعدّى بهذا الحرف في قوله:
ألان فقد فرغت إلى نمير... فهذا حين صرت لهم عذابا
وفي التنزيل: سنفرغ لكم أيها الثقلان [الرحمن/ 31] أمكن أن يكون الفعل يتعدى باللام كما تعدى بإلى، كما أن أوحى في قوله: وأوحينا إليه [يوسف/ 15] قد تعدى بإلى، واللام في قوله: بأن ربك أوحى لها [الزلزلة/ 5]، فلمّا كان معنى قضي فرغ، وفرغ تعلّق بها إلى، كذلك تعلّق بقضى.
ووجه قراءة ابن عامر: لقضى إليهم أجلهم على إسناد الفعل إلى الفاعل؛ فلأن الذكر قد تقدم في قوله ولو يعجل
[الحجة للقراء السبعة: 4/256]
الله للناس الشر [يونس/ 10]. فقال: لقضى* على هذا، ومن حجّته في ذلك قوله سبحانه: ثم قضى أجلا، وأجل مسمى عنده [الأنعام/ 2]، فهذا الأجل الذي في هذه الآية هو الأجل المضروب للمحيا، كما أن الأجل في قوله: لقضى إليهم أجلهم كذلك.
فكما أسند الفعل بالأجل المضروب للحياة إلى الفاعل في قوله: ثم قضى أجلا عند الجميع؛ كذلك أسنده ابن عامر في قوله: لقضى إليهم أجلهم إلى الفاعل، ولم يسنده إلى الفعل المبنيّ للمفعول، ويدلّ على أنّ الأجل في قوله ثم قضى أجلا أجل المحيا، وأن قوله: وأجل مسمى عنده أجل البعث، يبين ذلك قوله: ثم أنتم تمترون [الأنعام/ 2]، أي: أنتم أيها المشركون تشكّون في البعث، فلا تصدّقون به، وقوله: ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده [الأنعام/ 2] في المعنى كقوله: فأحياكم ثم يميتكم [الحج/ 66].
ومن قرأ لقضي فبنى الفعل للمفعول به، فلأنّه في المعنى كقول من بنى الفعل للفاعل). [الحجة للقراء السبعة: 4/257]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولو يعجل الله للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم}
قرأ ابن عامر {لقضي إليهم} بفتح القاف والضّاد أجلهم ذهب أي لقضى الله إليهم أجلهم وحجته قوله {ولو يعجل الله للنّاس الشّرّ استعجالهم} وقرأ الباقون {لقضي إليهم أجلهم} على ما لم يسم فاعله). [حجة القراءات: 328]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {لَقَضى إلَيْهِمْ أَجَلَهُمْ} [آية/ 11] بفتح القاف والضاد من {قَضَى}، ونصب {أَجَلَهُمْ}:
قرأها ابن عامر ويعقوب.
والوجه أنه فعل مبني للفاعل، وقد أسند إلى الله تعالى، وذكره قد تقدم في قوله سبحانه {ولَوْ يُعَجِّلُ الله لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ} أي لقضى الله إليهم أجلهم، ونصب {أَجَلَهُمْ} على أنه مفعول به.
وقرأ الباقون {لَقُضِيَ} بضم القاف وكسر الضاد {أَجَلُهُمْ} بالرفع.
والوجه أن الفعل مبني للمفعول به؛ لأنه معلوم أن القاضي هو الله عز وجل، فسواء بني الفعل للفاعل أم للمفعول به؛ إذ المعنى واحد). [الموضح: 616]

قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13)}

قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ابن شعيب قال: سمعت يحيى بن الحارث يقرأ: [لِنَظُّرَ كيف تَعْمَلون] بنون واحدة. قال: فقلت له: ما سمعت أحدًا يقرؤها، قال: هكذا رأيتها في الإمام: مصحف عثمان. أيوب عن يحيى عن ابن عامر: [لِنَظُّرَ] بنون واحدة مثله.
قال أبو الفتح: ظاهر هذا أنه أدغم نون ننظر في الظاء، وهذا لا يُعرف في اللغة، ويشبه أن تكون مخفاة؛ فظنها القراء مدغمة على عادتهم في تحصيل كثير من الإخفاء إلى أن يظنوه مدغمًا؛ وذلك أن النون لا تُدغم إلا في ستة أحرف، ويجمعها قولك: يَرْمُلون). [المحتسب: 1/309]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 03:21 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يونس
[ من الآية (15) إلى الآية (17) ]

{ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) }

قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ما يكون لي أن أبدّله من).
فتح الياء من (لي) ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأسكنها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/41]

قوله تعالى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا أدراكم به)
قرأ نافع وحفص والحضرمي (أدراكم به)، و(أدراك) بالفتح في كل القرآن، وقرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم بين الفتح والكسر، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي (أدريكم به " كسرًا حيث وقع، وقرأ ابن كثير فيما أقرأني (ولأدراكم به) كلمة واحدة بمعنى: ولأعلمكم.
قال أبو منصور؛ أما اللغات التي رويت في قوله (ولا أدراكم) من الإمالة والتفخيم فهي كلها معروفة، بأيّها قرأت فأنت مصيب. وأمّا ما روي
[معاني القراءات وعللها: 2/40]
لابن كثير (ولأدراكم به) فاللام لام التأكيد، وليست القراءة بها فاشية، والقراءة ما عليه القراء، و(لا) حرف نفي، و(أدراكم) كلمة أخرى). [معاني القراءات وعللها: 2/41]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {ولا أدراكم به} [16].
قرأ ابن كثير وحفص عن عاصم وابن عامر برواية هشام {ولا أدراكم
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/263]
به} بالفتح، معناه: ولا أعلمكم به، من درى يدري.
وقرأ الباقون بالإمالة {أدريكم} من أجل الراء والياء، فمن فخم فعلى أصل الكلمة، وكان الأصل: {أدريكم} فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فهي ألف في اللفظ ياء في الخط كقوله تعالى: {حتى يتوفاهن الموت} والأصل: يتوفيهن.
وفيها قراءة ثالثة: حدثني أحمد بن عبدان عن علي عن أبي عبيد أن الحسن البصري قرأ: {ولا أدرأتكم به} بالهمز والتاء.
قال النحويون: هو غلط، وذلك أن العرب تهمز بعض ما لا يهمز تشبيهًا بما يهمز فيقولون: حلات السوق والأصل: حليت تشبيهًا بحلات الإبل عن الماء. يقولون: رثات الميت والأصل: رثيت تشبيهًا بالرثيئة، وهي اللبن. ويقولون: لبأت لفلان، والأصل لبيت تشبيهًا باللباء. ويقولون: نشئت ريحًا وأصله ترك الهمزة. وقرأ أبو جعفر: {اهتزت وربأت} تشبيهًا بالربيئة، وهو من ربأت القوم: إذا كنت لهم حافظًا وعينًا.
وقرأ ابن كثير في رواية قنبل: {ولأدرايكم} بغير مد؛ لأنه كان لا يرى مد حرف بحرف مثل: {بما أنزل إليك} والباقون يمدون، وهو الصواب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/264]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الراء وكسرها من قوله جل وعز: ولا أدراكم به [يونس/ 16].
فقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص ونافع ولا أدراكم به بفتح الراء، والألف.
وقرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر وحمزة والكسائي: ولا أدريكم به بكسر الراء وبألف.
قال أبو علي قوله: ولا أدراكم به حكى سيبويه:
[الحجة للقراء السبعة: 4/259]
دريته، ودريت به، قال: والأكثر في الاستعمال بالباء، ويبيّن ما قاله من ذلك قوله سبحانه: ولا أدراكم به، ولو جاء على اللغة الأخرى لكان: ولا أدراكموه، وقالوا: الدّرية، فجاء على فعلة، كما قالوا: الشّعرة، والدّرية، والفطنة، وهي مصادر يراد بها ضروب من العلم.
وجاء هذا البناء في غير هذا النحو كقولهم: الردّة قال:
قليل ردّتي إلا أمامي فأمّا الدراية فكالهداية والدّلالة، وكأن الدراية التأنّي والتعمّل لعلم الشيء، وعلى هذا المعنى ما تصرّف، ومن هذه الكلمة أنشد أبو زيد:
فإنّ غزالك الذي كنت تدّري... إذا شئت ليث خادر بين أشبل
قال أبو زيد: تدّري: تختل، ومنه الدّريّة في قول أكثر الناس في الحجل الذي يستتر به الصائد من الوحش، كأنه يختل به، فيأتي الوحش من حيث لا تعلم.
وقالوا: داريت الرجل: إذا لا ينته وختلته.
[الحجة للقراء السبعة: 4/260]
وإذا كان هذا الحرف على هذا، فالداري في وصف القديم لا يسوغ، فأما قول الراجز:
لا همّ لا أدري وأنت الداري فلا يكون حجة في جواز ذلك لأمرين: أحدهما: أنه لما تقدم لا أدري، استجاز أن يذكر الداري بعد ما تقدم لا أدري، كما جاء: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه [البقرة/ 194] ونحو ذلك، ولو لم يتقدم ذكر الاعتداء، لم يحسن في الابتداء الأمر بالاعتداء، وكذلك إن تسخروا منا، فإنا نسخر منكم [هود/ 38]، وقوله سبحانه: إنما نحن مستهزئون، الله يستهزىء بهم [البقرة/ 14].
والأمر الآخر: أن العرب ربّما ذكروا أشياء لا مساغ لجوازها كقوله:
لا همّ إن كنت الذي بعهدي... ولم تغيّرك الأمور بعدي
وقول الآخر:
لو خافك الله عليه حرّمه
[الحجة للقراء السبعة: 4/261]
فأمّا الهمز في أدراكم على ما يروى عن الحسن، فلا وجه له لأن الدّرء الدفع، على ما جاء في قوله سبحانه:
فادرؤوا عن أنفسكم الموت [آل عمران/ 168]، وقوله: فادارأتم فيها [البقرة/ 72]، وما روي من قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ادرءوا الحدود بالشّبهات ».
وقولهم لما طعن من الجبل فاندفع عن سائر الصفيحة: درء ودروء، وقال:
وترمي دروء دونه بالأجادل فأما ما حكي من الهمز في الدّريئة للجمل الذي يختل به الوحش، فمن همز جعله من صفة يليق وصفه بها، وقال:
إنه يدفع به نحو الوحش، ولا يستقيم هذا المعنى في الآية.
[الحجة للقراء السبعة: 4/262]
فأمّا إمالة الفتحة من الراء في أدراكم به وإمالة الألف عنها، فلأن الألف تنقلب إلى الياء في أدريته، وهما مدريان، وأمّا من لم يمل؛ فلأنّ هذه الألفات كثير من العرب لا يميلونها، وهو الأصل، وعليه ناس كثير من العرب الفصحاء). [الحجة للقراء السبعة: 4/263]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس والحسن وابن سيرين: [ولا أَدْرَأْتُكم به].
قال أبو الفتح: هذه قراءة قديمة التناكر لها والتعجب منها. ولعمري إنها في بادئ أمرها على ذلك، غير أن لها وجهًا وإن كانت فيه صنعة وإطالة.
وطريقه أن يكون أراد: ولا أَدريتكم به، ثم قلب الياء لانفتاح ما قبلها وإن كانت ساكنة ألفًا؛ كقولهم في ييئس: ياءَس، وفي ييبس: يابَس، وكقولهم: ضَرب عليهم سايَة؛ وإنما
[المحتسب: 1/309]
يريد: سَيَّة، وهي فَعْلة من سوّيت، فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء فصار سَيَّة، ثم قلبت الياء الأولى لانفتاح ما قبلها وإن كانت ساكنة ألفًا؛ فصارت ساية.
وقالوا في الإضافة إلى الْحِيرَة: حاريّ، وإلى طَيّ: طائِيّ، وقالوا: حاحيت وعاييت وهاهيت، والأصل: حيحيت وعيعيت وهيهيت، فقلت الياءات السواكن في هذه الأماكن ألفات، فكذلك أيضًا قلبت ياء [أدريتكم] ألفًا فصارت [أدرأتكم]. وعلى ذلك أيضًا ما رويناه عن قطرب: أن لغة عقيل أن يقولوا في أعطيتُك: أعطاتك، فلما صارت "أدريتكم" إلى "أرداتكم" همز على لغة مَن قال في الباز: البأز، وفي العالم: العألم، وفي الخاتم: الخأتم، وفي التابل وتابَلْتُ القدر: التأبل، وتأبلت القدر. وأنشد ابن الأعرابي:
ولَّى نعامُ بني صفوان زَوْزَأةً ... لَمَّا رأى أسدًا في الغار قد وثبا
يريد: زوزاة. ولنحو هذا نظائر قد أوردناها في كتابنا الموسوم بالخصائص في باب ما همَزَتْهُ العرب ولا أصل له في همز مثله، فهذا وإن طالت الصنعة فيه أمثل من أن تُعْطَى اليد بفساده وترك النظر في أمره). [المحتسب: 1/310]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به}
قرأ ابن كثير (ولأدراكم به) بغير مد لأنّه كان لا يرى مد حرف لحرف
[حجة القراءات: 328]
وقرأ الباقون {ولا أدراكم} أي ولا أدراكم الله به أي ولا أعلمكم به أي ولا أنزل هذا القرآن عليكم). [حجة القراءات: 329]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {ولا أدراكم به} قرأ قنبل بغير ألف قبل الهمزة، وقرأ الباقون بألف.
وحجة من قرأ بألف أنه عطفه على ما يتلوه، فأتى بالفعل رباعيًا على معنى: ولو شاء الله ما أعلمكم به، فعطف نفيًا على نفي.
5- وحجة من قرأ بغير ألف أنه على تأويل تسهيل همزة «أدراكم» بين الهمزة المفتوحة والألف، لأنها مفتوحة بعد ألف، فقربت من الساكن وقبلها ألف ساكنة، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، ثم ردت الهمزة المسهلة إلى أصلها، وهو التحقيق، وهذا قول ضعيف، لا أصل له في العل، فيكون المعنى على هذا كالمعنى في القراءة الأخرى، عطف نفي، والأحسن أن تكون هذه القراءة على تقدير أن اللام في {ولا أدراكم} جواب «لو» المضمرة، لأن التقدير، لو شاء الله ما تلوته عليكم، ولو شاء الله لأدراكم به، أي: لأعلمكم به قبل إتياني إليكم، فيكون المعنى على هذا أن الثاني غير نفي، والاختيار إثبات الألف، لثباتها في المصحف، ولأن الجماعة على إثباتها في اللفظ، وليشترك المعطوف فيما دخل فيه المعطوف عليه
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/514]
من النفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/515]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {ولأَدْرَاكُم بِهِ} [آية/ 16] بلام التأكيد من غير لا:
قرأها ابن كثير وحده- ل-، إنما يجعلها لامًا دخلت على أدراكم، وفي رواية البزي عنه {ولا أَدْرَاكُم} بهمزة بعد لا.
والوجه في {لأَدْرَاكُم} بلام التأكيد من غير لا، أنه دخل فيه لام التأكيد،
[الموضح: 616]
لما كان معطوفًا على جواب لو، وليس فيه نفي، وإن كان في المعطوف عليه النفي، والتقدير: لو شاء الله لما تلوته عليكم ولأدراكم به، أي ولأعلمكم الله تعالى به من غير أن أتلوه عليكم؛ فلما كان أدراكم معطوفًا على قوله {مَا تَلَوْتُهُ} وهو جواب لو، أدخل على أدراكم اللام؛ لأن المعطوف والمعطوف عليه في حكم واحد، وجاز دخول اللام في جواب لو فكذلك فيما عطف عليه.
وقرأ الباقون {ولا أَدْرَاكُم} بهمزة بعد لا، مثل رواية البزي.
والوجه أن {لا} للنفي، وقد دخل على {أَدْرَاكُم فانعطف على النفي المتقدم في قوله {ما تَلَوْتُهُ عليكم} ولا أعلمكم الله تعالى به أيضًا، وهي قراءة الجمهور، وهي القراءة الفاشية.
وقرأها ابن كثير وابن عامر وعاصم- ص- ويعقوب بفتح الراء من غير إمالة، وكان نافع يضجعها قليلاً، وأمالها أبو عمرو وعاصم- ياش- وحمزة والكسائي.
والوجه في ترك الإمالة أنه هو الأصل، والإمالة ليست بحكم واجب، وكثير من العرب لا يرون الإمالة في شيء.
والوجه في الإمالة أن الألف تنقلب فيه إلى الياء في أدريته وهما مدريان، وحسن الإمالة فيه لهذا.
وأما الاضجاع فهو كالإمالة، وإنما ذهب إليه من ذهب، لأنه كره أن يعود إلى الياء الذي هرب منه، وقد تقدم ذكر ذلك). [الموضح: 617]

قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 03:22 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يونس
[ من الآية (18) إلى الآية (20) ]

{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18) وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20) }

قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (عمّا يشركون)
ها هنا، وفي النحل في موضعين، وفي النمل، وفي الروم.
قرأهنّ أبو عمرو وعاصم ويعقوب بالياء كلهن، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر (خيرٌ أمّا تشركون) بالتاء، والباقي بالياء. وقرأهن حمزة والكسائي خمستهن بالتاء، واتفقوا فيما سوى هذه الخمسة الأحرف.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء فهو مخاطبة، ومن قرأ بالياء فهو خبر). [معاني القراءات وعللها: 2/41]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {عما يشركون} [18].
قرأ نافع وابن كثير بالياء هاهنا وحرفين في (النحل) وفي (الروم) وقرأ في (النمل) بالتاء، ولم يختلف القراء في غير هذه الخمسة.
وقرأ أبو عمرو وعاصم وابن عامر كل ذلك بالياء.
وقرأ حمزة والكسائي بالتاء كل ذلك.
فمن قرأ بالياء جعل الإخبار عن المشركين وهم غيب. ومن قرأ بالتاء، أي: قل لهم يا محمد تعالى الله عما تشركون يا كفرة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/265]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله سبحانه: عما يشركون [يونس/ 18] في خمسة مواضع: فقرأ ابن كثير ونافع هاهنا بالياء، وحرفين في النحل [الآية/ 1 - 3] وحرفا في سورة الروم، [الآية/ 40]، وحرفا في النمل بالتاء، خير أما تشركون [59].
وقرأ أبو عمرو وعاصم وابن عامر خمسة الأحرف بالياء، كذا في كتابي عن أحمد بن يوسف التغلبيّ عن ابن ذكوان عن ابن عامر: خمسة الأحرف بالياء، ورأيت في كتاب موسى بن موسى عن ابن ذكوان بإسناده في سورة النمل بالتاء، وكذلك حدثني أحمد بن محمد بن بكر عن هشام بن عمار بإسناده عن ابن عامر: خمسة الأحرف بالتاء، وقرأ حمزة والكسائي: خمسة الأحرف بالتاء.
ولم يختلفوا في غير هذه الخمسة.
قال أبو علي: من قرأ في يونس: وتعالى عما تشركون
[الحجة للقراء السبعة: 4/263]
بالتاء، فلقوله: قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما تشركون.
ومن قرأ بالياء احتمل وجهين:
أحدهما على: قل، كأنه قيل له: قل أنت: سبحانه وتعالى عما يشركون.
والوجه الآخر: على أنه يكون هو سبحانه نزّه نفسه عما افتروه فقال: سبحانه وتعالى عما يشركون.
ومن قرأ في النّحل: سبحانه وتعالى عما تشركون [الآية/ 1]، فعلى أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، أمر بأن يخاطبهم بذلك كأنّه:
قل لهم: تعالى عمّا تشركون.
ومن قرأ هذا بالياء، فعلى أنه نزّه نفسه فقال: سبحانه وتعالى عما يشركون، وفي النمل: من قرأ آلله خير أم ما تشركون [59] فهو على: قل لهم: آلله خير أم ما تشركون؟ فهذا بالتاء لأنهم مخاطبون. ومن قرأ بالياء لم يصرف الخطاب إليهم، فقيل: آلله خير أم ما يشركون على وجه التبكيت والتقريع لهم، كما قالوا. السعادة أحبّ إليك أم الشقاء!؟ وعلى هذا النحو يحمل هذا الضرب). [الحجة للقراء السبعة: 4/264]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السّماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عمّا يشركون}
قرأ حمزة والكسائيّ (سبحانه وتعالى عمّا تشركون) بالتّاء وحجتهما أن ذلك أتى عقيب المخاطبة فأجرى الكلام على لفظ ما تقدمه وذلك قوله تعالى {قل أتنبئون الله بما لا يعلم} وقرأ الباقون بالياء وحجتهم قوله {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم} ولم يقل وتعبدون ما لا يضركم فلذلك جاء الإخبار في قوله {عمّا يشركون} ولأن القرآن هو مخاطبة للنّبي صلى الله عليه وآله وأصحابه). [حجة القراءات: 329]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {عما يشركون} قرأ حمزة والكسائي بالتاء، وقرأ الباقون بالياء، ومثله موضعان في النحل وموضع في الروم.
وحجة من قرأ التاء في يونس أنه رده على ما قبله من لفظ الخطاب في قوله: {أتنبئون الله} فحمل آخر الكلام على أوله في الخطاب.
وحجة من قرأ بالياء أنه حمله على معنى: أن الله جل ذكره نزه نفسه عما يشركون فقال: {سبحانه وتعالى عما يشركون} فردّ «يشركون» على الهاء في «سبحانه»، ويجوز أن يكون على الأمر لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول سبحانه وتعالى عما يشركون، وهو الاختيار لصحة معناه ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/515]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {عَمَّا تُشْرِكُونَ} [آية/ 18] بالتاء:
قرأها حمزة والكسائي، وفي النحل أيضًا {تُشْرِكُونَ} في الحرفين، وفي النمل {أَمَّا تُشْرِكُونَ وفي الروم {عَمَّا تُشْرِكُونَ}.
وقرأ أبو عمرو وعاصم ويعقوب {يَشْكُرُونَ} بالياء في الخمسة الأحرف.
وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر حرفًا واحداً بالتاء وهو {أَمَّا تُشْرِكُونَ} في النمل، والباقي بالياء.
والوجه في القراءة بالتاء ههنا أنه قد تقدم قبله خطاب، وهو قوله تعالى {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ الله بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ ولا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى عَمَّا تُشْرِكُونَ فلا كان ما قبله على الخطاب كان إجراؤه على الخطاب ليوافق ما قبله أولى.
وأما وجه القراءة بالياء ههنا، فهو أنه كلام منه تعالى نزه فيه نفسه عما افتروه، فقال {سُبْحَانَهُ وتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
ومن قرأ في النحل {تُشْرِكُونَ} بالتاء فعلى تقدير: قل، كأنه قال: يا محمد قل لهم: تعالى الله عما تشركون أنتم أيها الكفار، ويجوز أن يكون تقدم قوله {فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} وهو خطاب، أجري هذا أيضًا على الخطاب.
[الموضح: 618]
ومن قرأ بالياء فعلى الغيبة؛ لأن المخاطب هو النبي صلى الله عليه (وسلم)، كأنه قال: سبحانه وتعالى يا محمد عما يشرك هؤلاء.
ومن قرأ في النمل بالتاء فعلى قل لهم: الله خير أما تشركون، فهم مخاطبون لذلك.
ومن قرأ بالياء لم يصرف الخطاب إليهم، وإنما أخبر عنهم على سبيل التقريع.
ومن قرأ في الروم بالتاء فلأن ما قبله خطاب، وهو قوله تعالى {هَلْ مِن شُرَكَائِكُم ومن قرأ بالياء فعلى أن الباري تعالى نزه نفسه عما كانوا يفترونه من ذلك، وعلى مثل هذا يحمل هذا النوع). [الموضح: 619]

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19)}
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {لقضي إليهم} قرأه ابن عامر بفتح القاف والصاد، ونصب «أجلهم» على الإخبار عن الله جل ذكره، ورده على قوله: {ولو يعجل الله للناس} فجاء الفعل مضافًا إلى الله فيهما جميعًا، ونصب «أجلهم» بوقوع القضاء عليهم وتطابق الكلام بإضافة الفعل إلى الله فيهما جميعًا، ودليله قوله: {ثم قضى أجلًا} «الأنعام 2» فأضاف القضاء إلى الله جل ذكره، وهو إجماع، وقرأ فاعله، فرفعوا به «أجلهم» أقاموه مقام الفاعل، ولولا الجماعة لكانت القراءة الأولى أولى بالاتباع، لصحة معناها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/515]

قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 03:26 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يونس
[ من الآية (21) إلى الآية (23) ]

{ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آَيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23) }

قوله تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آَيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {إنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا يَمْكُرُونَ} [آية/ 21] بالياء:
قرأها يعقوب وحده- ح- و- ان-.
والوجه أنه على الغيبة ليوافق ما قبله، وهو قوله تعالى {إذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا} والضمير في {لَهُم} عائد إلى لفظ {النَّاسُ} في قوله تعالى {وَإذَا أَذَقْنَا النَّاسَ}.
وقرأ الباقون {مَا تَمْكُرُونَ} بالتاء، وكذلك- يس- عن يعقوب.
والوجه أنه محمول على القول في قوله تعالى {قُلِ الله أَسْرَعُ مَكْرًا إنَّ
[الموضح: 619]
رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ} فالرسول صلى الله عليه وسلم مأمور بأن يخاطبهم بجميع ذلك). [الموضح: 620]

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (هو الّذي يسيّركم).
قرأ ابن عامر وحده (ينشركم) بالشين، من النّشر، وقرأ الباقون (يسيّركم) بالسين من التسيير.
[معاني القراءات وعللها: 2/41]
قال أبو منصور: من قرأ (ينشركم) فمعناه: يبثكم، ومن قرأ (يسيّركم)
فهو (تفعيل) من سار، وسيّره غيره). [معاني القراءات وعللها: 2/42]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- [وقوله تعالى: {يسيركم} [22]]
قرأ ابن عامر {ينشركم} بالشين.
وقرأ الباقون {يسيركم} بالسين غير معجمة.
فالشين من النشر، ومنه نشرت الثوب ومعناه: يبسطكم عن البر والبحر وينبتكم، وشاهده قوله: {فانشروا في الأرض} و{إذا أنتم بشر تنتشرون} والسين من السير، وشاهده {سيروا} و{أو لم يسيروا} واختراها بغير التاء [لقوله:] {جرين}، وقال: لأنهما أشبه بقوله: {وجرين بهم بريح طيبة} [22] والوجهان مختاران.
وهذا المعنى موجود في النشر لغير هذا بسير وغيره). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/265]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله [عزّ وجلّ]: هو الذي يسيركم في
[الحجة للقراء السبعة: 4/264]
البر والبحر [يونس/ 22]، فقرأ ابن عامر وحده: هو الذي ينشركم بالنون والشين، من النّشر.
وقرأ الباقون: يسيركم بضم الياء وفتح السين من السّير.
قال أبو علي: قالوا: سار الدابّة، وسرته. قال:
فلا تجزعن من سنّة أنت سرتها وقالوا أيضا: سيّرته.. قال لبيد لسيّان حرب أو تبوءوا
بخزية... وقد يقبل الضّيم الذّليل المسيّر
فهذا يدل على قراءة من قرأ: يسيركم. ويقوي هذا الوجه قوله سبحانه وتعالى: فامشوا في مناكبها [الملك/ 15]، وانتشروا في الأرض [الجمعة/ 10] قل سيروا في الأرض [الأنعام/ 11 النمل/ 69 العنكبوت/ 20 الروم/ 42].
[الحجة للقراء السبعة: 4/265]
وحجة ابن عامر: أنّ ينشركم في المعنى مثل قوله:
وبث منهما رجالا كثيرا ونساء [النساء/ 1]، ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دابة [الشورى/ 29]، فالبثّ تفريق ونشر في المعنى). [الحجة للقراء السبعة: 4/266]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أم الدرداء: [حتى إذا كننتم في الفُلْكِيِّ] بكسر الكاف وتثبت الياء.
قال أبو الفتح: اعلم أن العرب زادت ياء الإضافة فيما لا يحتاج إليها؛ من ذلك قولهم في الأحمر: أَحمريّ، وفي الأَشهر: أَشهريّ.
قال العجاج:
والدهر بالإنسان دَوّاريّ
[المحتسب: 1/310]
أي: دوَّار. وقال فيها أيضًا:
غُضْف طواها الأَمس كَلَّابي
أي: كَلَّاب.
فإن قيل: فإن هذا أمر يختص بالصفات، وليس "الفلك" بصفة فتلحقه ياء النسب، قيل: قد جاء ذلك في الاسم أيضًا.
ألا ترى إلى قول الصلتان:
أنا الصلتانيّ الذي
وأيضًا فقد شُبه كل واحد من الاسم والصفة بصاحبه، فغير منكَر أن يُشَبه الفلك بالحلو والمر. ويزيد في شبهه به أن الفلك عندنا اسم مكسَّر، وليس عندنا كما ذهب إليه الفراء فيه من أنه اسم مفرد يقع على الواحد والجمع؛ كالطاغوت ونحوه. وإذا كان جمعًا مكسرًا أشبه الفعل من حيث كان التكسير ضربًا من التصرف، وأصل التصرف للفعل، ألا ترى أن ضربًا من الجمع أشبه الفعل فمُنع من الصرف وهو باب مفاعل ومفاعيل؟ ولأن التكسير أيضًا ثانٍ كما أن الفعل ثانٍ، وإذا أشبه التكسير الفعل من حيث وصفنا قارب الصفة لشدة ملابسة الصفة للفعل لفظًا ومعنًى وعملًا، فهذا عندي هو العذر في إلحاق [الفُلك] ياءي الإضافة في هذه القراءة). [المحتسب: 1/311]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({هو الّذي يسيركم في البر والبحر}
قرأ ابن عامر (هو الّذي ينشركم) بالنّون والشين أي يبثكم وهو من النشر وحجته قوله تعالى {فانتشروا في الأرض} وقرأ الباقون {يسيركم} من التسيير أي يحملكم في البر والبحر وعن ابن عبّاس يحفظكم إذا سافرتم). [حجة القراءات: 329]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {هو الذي يسيركم} قرأه ابن عامر بالنون والشين، من النشور، فالمعنى: هو الذي يبثكم ويفرقكم في البر والبحر، كما قال: {فانتشروا في الأرض} «الجمعة 10» وقال: {وبث فيها من كل دابة} «البقرة 164» وقال: {وبث منها رجالًا كثيرًا ونساء} «النساء 1» والبث التفريق والنشر، وقرأ الباقون بالياء والسين من التسيير وهو السير وهو المشي كما قال: {قل سيروا في الأرض} «النمل 69» أي: امشوا فيها، وقد قال: {فامشوا في مناكبها} «الملك 15» وهو الاختيار، للإجماع عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/516]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {هُوَ الَّذِي يَنْشُرُكُمْ} [آية/ 22] بفتح الياء ونون بعده وشين مضمومة:
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أنه من النشر الذي هو التفريق، يقال نشرته فانتشر، والمعنى يفرقكم في البر والبحر، كما قال {ومِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ ومَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ فالبث والنشر كلاهما بمعنى واحد وهو التفريق.
وقرأ الباقون {يُسَيِّرُكُمْ} بضم الياء وبالسين والياء مشددة.
والوجه أنه من التسيير، أي يجعلكم تسيرون فيها، كما قال {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} و{قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ} ). [الموضح: 620]

قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (متاع الحياة الدّنيا (23)
قرأ حفص عن عاصم (متاع الحياة الدّنيا) نصبًا وكذلك روى هارون عن ابن كثيرٍ، وقرأ الباقون بالرفع.
قال أبو منصور: من قرأ (متاع الحياة الدّنيا) فعلى المصدر، المعنى: تمتعون (متاع الحياة الدّنيا).
ومن: قرأ (متاع الحياة الدّنيا) بالرفع فمن جهتين:
إحداهما: أن يكون (متاع الحياة الدّنيا) خبرًا لقوله (إنّما بغيكم على أنفسكم متاع)
ويجوز أن يكون: خبر الابتداء قوله (على أنفسكم): ويكون (متاع الحياة الدّنيا) على إضمار (هو)، والمعنى: إن ما تنالونه بهذا الفساد والبغي، إنما تتمتعون به في الدنيا ثم إلينا مرجعكم). [معاني القراءات وعللها: 2/42]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله: {متاع الحياة الدنيا} [23].
روى حفص عن عاصم {متاع} بالنصب.
وقرأ الباقون بالرفع على ضربين:
- أن تجعله خبر: {إنما بغيكم على أنفسكم متاع}.
- والوجه الثاني: أن يتم الوقف على قوله: {بغيكم على أنفسكم} ثم تبتدئ: {متاع الحياة الدنيا} على تقدير: هو متاع الحياة الدنيا كما قال تعالى: {بشر من ذلكم} ثم قال: - {النار وعدها الله ...} أي: هي النار، ومتاع لا يثنى ولا يجمع ومثله الأُاث، والمتاع في اللغة: كل ما لتذ به قال الشاعر:
أرحلت من سلمى بغير متاع = قبل الفراق ورعتها بوداع
قال: معنى {بغير متاع} هنا: قبلة كانت وعبرته. ويقال: متاع وأمتعة وأثاث وأثثه، وقيل: أثاث وأثث، وقيل: أثاثة واحد، والجمع: أثاث. وقال آخرون: يجوز أن تقول: أثاث وأثث وآثاث وآثة، ومتاع وأمتعة وامتاع ومتع.
وحجة حفص في نصب «متاع» أنه جعله حالاً وقطعًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/266]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: كلّهم قرأ: إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا [يونس/ 23] رفعا إلّا ما رواه حفص عن عاصم فإنّه روى عنه متاع الحياة الدنيا نصبا، حدّثني عبيد الله بن علي عن [نصر بن علي] عن أبيه عن هارون عن ابن كثير متاع نصبا.
قال أبو علي: قوله على أنفسكم يحتمل تأويلين:
أحدهما: أن يكون متعلّقا بالمصدر لأن فعله متعدّ بهذا الحرف، يدلّك على ذلك قوله سبحانه: بغى بعضنا على بعض [ص/ 22] وثم بغي عليه لينصرنه الله [الحج/ 60]، فإذا جعلت الجارّ من صلة المصدر كان الخبر:
متاع الحياة الدنيا*، والمعنى: بغي بعضكم على بعض متاع الحياة الدنيا، وليس مما يقرّب إلى الله، وإنما تأتونه لحبّكم العاجلة، وإيثارها على ما يقرّب إلى الله من الطاعات.
[الحجة للقراء السبعة: 4/266]
ويجوز أن تجعل على* متعلقا بمحذوف، ولا تجعله من صلة المصدر؛ فإذا جعلته كذلك كان خبرا للمصدر، وفيه ذكر يعود إلى المصدر، كما أنك إذا قلت: الصلاة في المسجد، كان كذلك، والمعنى: أن المصدر مضاف إلى الفاعل، ومفعول المصدر محذوف، المعنى: إنّما بغي بعضكم على بعض عائد على أنفسكم، ف «على» هذا متعلّق بمحذوف دون المصدر المبتدأ، وهذا في المعنى كقوله: ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله [فاطر/ 43]، من نكث فإنما ينكث على نفسه [الفتح/ 10]، وفي قوله سبحانه ثم بغي عليه لينصرنه الله [الحج/ 60] إبانة عن هذا المعنى، ألا ترى أن المبغيّ عليه إذا نصره الله لم ينفذ فيه بغي الباغي عليه ولا كيده، فإذا لم ينفذ ذلك فيه صار كالعائد على الباغي.
فإذا رفعت متاع الحياة الدنيا* على هذا التأويل، كان خبر مبتدأ محذوف، كأنك قلت:
ذلك متاع الحياة الدنيا، أو هو متاع الحياة الدنيا.
ومن نصب متاع الحياة الدنيا احتمل النصب فيه وجهين: أحدهما: أن تجعل على* من صلة المصدر، فيكون الناصب للمتاع هو المصدر الذي هو البغي، ويكون خبر المبتدأ محذوفا، وحسن حذفه لطول الكلام، ولأن بغيكم* يدلّ على تبغون، فيحسن الحذف لذلك، وهذا الخبر المقدّر، لو أظهرته
[الحجة للقراء السبعة: 4/267]
لكان يكون مذموم أو مكروه أو منهيّ عنه، أو نحو ذلك.
والآخر: أن تجعل على* من قوله: على أنفسكم خبر المبتدأ، فإذا جعلته على هذا احتمل نصب متاع وجهين:
أحدهما: تمتّعون متاعا، فيدلّ انتصاب المصدر عليه.
والآخر: أن تضمر تبغون، وما يجري مجرى ذكره قد تقدم، كأنه لو أظهره، لكان: تبغون متاع الحياة الدنيا، فيكون مفعولا له. ومثل هذا قوله تعالى: إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون [الشعراء/ 72] تقديره: مقتكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون، ألا ترى أن قوله: إذ تدعون لا يجوز أن يتعلّق بالمصدر للفصل بين الصلة والموصول، فكذلك لا يجوز أن أن يتعلّق المنصوب بالمصدر في قوله: إنما بغيكم على أنفسكم متاع وقد جعلت على* خبرا لقوله: إنما بغيكم على أنفسكم لفصلك بين الصّلة والموصول). [الحجة للقراء السبعة: 4/268]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدّنيا}
[حجة القراءات: 329]
قرأ حفص عن عاصم {متاع الحياة الدّنيا} وقرأ الباقون {متاع} بالرّفع ورفعه من وجهين أحدهما أن يكون {متاع الحياة الدّنيا} خبرا لقوله تعالى {بغيكم على أنفسكم} والوجه الثّاني أن يتم الوقف على قوله {بغيكم على أنفسكم} ثمّ يبتدأ {متاع الحياة} على تقدير هو متاع فيكون خبر الابتداء قال الزّجاج ومعنى الكلام أن ما تنالونه لهذا الفساد والبغي تتمتعون به في الدّنيا). [حجة القراءات: 330]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {متاع الحياة الدنيا} قرأه حفص بالنصب، وقرأ الباقون بالرفع.
وحجة من نصب أنه أعمل فيه البغي على أنه مفعول له، أي: إنما بغيكم على أنفسكم من أجل متاع الحياة الدنيا، أي: يبغي بعضكم على بعض لأجل متاع الحياة الدنيا، فـ «على» متعلقة بـ «البغي» في صلته، وخبر البغي محذوف تقديره: إنما بغي بعضكم على بعض لأجل طلب الدنيا مذموم أو مكروه، ونحوه، ويجوز نصب «متاع» على تقدير: يمتنعون متاع الحياة الدنيا، ويكون {على أنفسكم} خبرًا لـ «البغي» غير داخل في صلة البغي، ويجوز أن تنصب {متاع الحياة} بإضمار فعل دل عليه الكلام، والتقدير: يبغون متاع الحياة الدنيا، ودل «بغيكم» على «تبغون» المحذوف.
10- وحجة من رفعه أنه جعله خبرًا لـ «بغيكم»، و«على» متعلقة بالبغي، وتقديره: إنما بغي بعضكم على بعض متاع الحياة الدنيا، ويجوز أن ترفع «متاعًا» على إضمار مبتدأ وتجعل «على أنفسكم» خبرًا لـ «بغيكم» على تقدير: إنما بغيكم راجع واله عليكم، أي: بغي بعضكم على بعض عائد
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/516]
على «أنفسكم» هو متاع الحياة الدنيا، وذلك متاع، والرفع الاختيار، لصحته في الإعراب، ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/517]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا} [آية/ 23] بفتح العين:
قرأها عاصم وحده- ص-.
والوجه أنه يجوز أن يكون منصوبًا على أنه مفعول البغي، والبغي مصدر عمل عمل الفعل، والمعنى طلبكم متاع الحيوة الدنيا، وقوله {عَلَى أَنفُسِكُم} من صلة البغي في هذا التقدير، وليس بخبر المبتدأ، بل خبر المبتدأ محذوف، والتقدير: بغيكم متاع الحيوة الدنيا محذور أو مكروه.
[الموضح: 620]
ويجوز أن يكون {مَّتَاعَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا} منصوبًا بفعل مضمر دل عليه {بَغْيُكُمْ والتقدير: إنما بغيكم واقع وباله على أنفسكم، ثم قال تبغون متاع الحياة الدنيا، وهذا إذا جعلت قوله {عَلَى أَنفُسِكُم} خبر المبتدأ الذي هو {بَغْيُكُمْ}.
وقرأ الباقون و- ياش- عن عاصم {مَّتَاعَ الحَيَاةِ} بالرفع.
والوجه أنه يجوز أن يكون خبراً لقوله {بَغْيُكُمْ وقوله {عَلَى أَنفُسِكُم} من صلة البغي، و{مَّتَاعَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا} خبرا لمبتدأ، والمبتدأ هو {بَغْيُكُمْ}.
ويجوز أن يكون {مَّتَاعَ الحَيَاةِ} خبراً لمبتدأ محذوف، وقوله {عَلَى أَنفُسِكُم} خبراً لبغيكم، والتقدير: ذاك متاع الحياة الدنيا، أو هو متاع الحيوة الدنيا). [الموضح: 621]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 03:28 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يونس
[ الآيتين (24) ، (25) ]

{ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25) }

قوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعرج: [وأَزْينَت]، وهي أيضًا قراءة نصر بن عاصم وأبي العالية والحسن بخلاف وقتادة وأبي رجاء بخلاف والشعبي وعيسى الثقفي. وقرأ: [وازْيأَنَّت] أبو عثمان النهدي.
قال أبو الفتح: أما [أَزْيَنَتْ] فمعناه: صارت إلى الزينة بالنبت، ومثله من أَفعَل أي: صار إلى كذا، أجذع المهر صار إلى الإجذاع، وأحصد الزرع وأجزَّ النخل: أي صار إلى الحصاد
[المحتسب: 1/311]
والجزاز، إلا أنه أخرج العين على الصحة، وكان قياسه أَزانت، مثل أشاع الحديث، وأباع الثوب: أي عرضه للبيع.
وأما [ازْيأَنَّت] فإنه أراد فعالَّت، وأصله: ازيانَّت مثل: ابياضَّت واسوادَّت، إلا أنه كره التقاء الألف والنون الأولى ساكنتين، فحرك الألف فانقلبت همزة، كقول كُثير:
وللأرض أما سُودُها فتجللت ... بياضًا وأما بِيضها فادهأَمت
وقد تقدم نظير ذلك فيه). [المحتسب: 1/312]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة مروان على المنبر: [كَأَنْ لَمْ تَتَغَنَّ بِالْأَمْس].
قال أبو الفتح: جاء هذا مجيء نظائره؛ كقولهم: تمتعت بكذا، وتأنقت فيه، وتلبَّست بالأمر، مما جاء تفعَّلت على هذا الحد). [المحتسب: 1/312]

قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 03:39 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يونس
[ الآيتين (26) ، (27) ]

{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)}

قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قطعًا من اللّيل (27)
[معاني القراءات وعللها: 2/42]
قرأ ابن كثير والكسائي والحضرمي (قطعًا) ساكنة الطاء، وقرأ الباقون (قطعًا) مثقلاً.
قال أبو منصور - من مقرأ (قطعًا من اللّيل) أراد: طائفة من الليل.
ومن قرأ (قطعًا) فهو جمع قطعة - فمن قرأ (قطعًا) جعل (مظلمًا) نعت القطع، ومن قرأ (قطعًا) جعل (مظلمًا) حالاً من الليل، المعنى: أغشيت وجوههم (قطعًا) من الليل في حاله إظلامه). [معاني القراءات وعللها: 2/43]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {كأنما أغشيت وجوههم قطعا} [27].
قرأ ابن كثير والكسائي {قطعا} بإسكان الطاء مثل قوله: {فأسر بأهلك بقطع من الليل} ومعناه بساعة من الليل تقول العرب: مضى هزيع من الليل، وطبيق من الليل، وهل من الليل، وقطع من الليل. ويجوز أن يكون أراد: قطعًا فأسكن كما تقول: نطع، والأصل نطع.
وقرأ الباقون: {قطعًا} جمع قطعة مثل كسرة وكسر وكسفة وكسف، وقال الفراء رضي الله عنه: {بقطع من الليل} جمع أقطاع، وقال الخليل رضي الله عنه: القطع طائفة من الليل وأنشد:
افتحي الباب فانظري في النجوم = كم علينا من قطع ليل بهيم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/267]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الطاء وإسكانها من قوله [جل وعز]: قطعا من الليل [يونس/ 27].
فقرأ ابن كثير والكسائيّ: قطعا ساكنة الطاء، وقرأ الباقون: قطعا مفتوحة الطاء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/268]
قال أبو عبيدة: قطعا من الليل مظلما جماعة قطعة من الليل، وهو بعض الليل، وأتيته بقطع: أي بساعة من الليل، وقطع وأقطاع.
قال أبو علي: القطع: الجزء من الليل الذي فيه ظلمة يدلّ على ذلك قوله تعالى: وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل [الصافات/ 138]، فقوله: وبالليل خلاف الإصباح الذي هو الوضح، فقوله: وبالليل يراد به الظلمة، والمعنيان في اللفظتين يتقاربان، وإن اختلفا، وذلك أن المراد وصف وجوههم بالسواد، كقوله سبحانه: ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة [الزمر/ 60]. وقيل في قوله: يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام [الرحمن/ 41]: إنه سواد الوجوه، وزرقة الأعين في قوله: ونحشر المجرمين يومئذ زرقا [طه/ 102]، فإذا أغشيت وجوههم قطعا من اللّيل اسودّت وجوههم منه، كما أنها إذا أغشيت قطعا- التي هي جمع قطعة- اسودّت منها.
فأما قوله سبحانه: مظلما إذا أجريته على قطع
[الحجة للقراء السبعة: 4/269]
فيحتمل نصبه وجهين: أحدهما: أن يكون صفة للقطع، وهو أحسن، لأنه على قياس قوله: وهذا كتاب أنزلناه مبارك [الأنعام/ 92 - 155] وصف الكتاب بالمفرد بعد ما وصف بالجملة، وأجري على النّكرة. ويجوز أن تجعله حالا من الذّكر الذي في الظّرف في قوله: من الليل، ولكن يكون مظلما صفة للقطع، ولا يكون حالا من الذكر الذي في الظرف.
ومن قرأ: قطعا لم يكن مظلما صفة للقطع، ولا حالا من الذكر الذي في قوله: من الليل، ولكن يكون حالا من الليل، والعامل في الحال ما يتعلق به من الليل وهو الفعل المختزل.
ومثل ذلك في إرادة الوصف بالسواد قوله:
ألا طرقت ليلى بنيّان بعد ما... طلى الليل بيدا، فاستوت، وإكاما
أي: اسودّت لظلمة الليل، وقال الآخر:
[الحجة للقراء السبعة: 4/270]
ودوّيّة مثل السّماء اعتسفتها... وقد صبغ الليل الحصى بسواد
أي: سوّدتها الظلمة). [الحجة للقراء السبعة: 4/271]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({كأنّما أغشيت وجوههم قطعا من اللّيل مظلما}
قرأ الكسائي وابن كثير {قطعا من اللّيل} ساكنه الطّاء وإسكانه على وجهين أحدهما أن تريد أن تجمع قطعة قطعا كما تقول في سدرة وسدر وبسرة وبسر وإن شئت جعلت القطع واحدًا تريد ظلمة من اللّيل أو بقيّة من سواد اللّيل وقوله {مظلما} من نعت القطع
وقرأ الباقون قطعا بفتح الطّاء جمع قطعة مثل خرقة وخرق وكسرة وكسر وإنّما اختاروا الجمع لأن معنى الكلام كأنّما أغشي وجه كل إنسان منهم قطعة من اللّيل ثمّ جمع ذلك لأن الوجوه جماعة وجعلوا {مظلما} حالا من اللّيل المعنى أغشيت وجوههم قطعا من اللّيل في حال ظلمته
اعلم أن من حرك الطّاء جعل مظلما حالا لليل كما ذكرنا لأنّه لو كان من نعت القطع كانت مظلمة لأن القطع جمع). [حجة القراءات: 330]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: {قطعًا من الليل} قرأه ابن كثير والكسائي بإسكان الطاء، وفتحها الباقون.
وحجة من فتح أنه جعله جمع «قطعة» كـ «دمنة ودمن» ففيه معنى المبالغة في سواده وجوه الكفار، ويكون «مظلمًا» حالا من «الليل» ولا يكون حالًا من «القطع»، ولا من الضمير في الليل، لأن ذلك جمع و«مظلمًا» واحد.
12- وحجة من أسكن أنه أجراه على التوحيد أنه بعض الليل، فيكون «مظلمًا» صفة لـ «قطع» أو حالًا من الضمير في «من الليل»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/517]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ} [آية/ 27] بسكون الطاء:
قرأها ابن كثير والكسائي ويعقوب.
والوجه أن القطع بكسر القاف وسكون الطاء هو الجزء من الليل، يقال أتاني بعد قطع من الليل، أي بعد جزءٍ وساعةٍ منه، وقوله {مُظْلِمًا} على هذا صفة لقوله {قِطَعًا}.
ويجوز عند أبي علي أن يكون حالاً من الضمير الذي في الجار والمجرور، وتقديره: قطعًا يكون من الليل مظلمًا، فقوله {مُظْلِمًا} حال من الضمير المقدر في الجار والمجرور، وذاك: هو.
[الموضح: 621]
وقرأ الباقون {قِطَعًا} بفتح الطاء.
والوجه أن القطع بفتح الطاء جمع قطعة، والمراد بعض الليل، والمعنيان في القراءتين متقاربان؛ لأنه أراد أن وجوههم لسوادها كأنها أغشيت بعضًا من الليل، فأما قوله {مُظْلِمًا} في هذه القراءة فإنه حال من الليل، ولا يكون صفة للقطع؛ لأنها جمعٌ، فهو مؤنث، و{مُظْلِمًا} واحد، فهو مذكر، فلا يكون صفة لها، ولا يكون أيضًا حالاً من الضمير في الجار والمجرور كما سبق في القراءة الأولى؛ لأن الضمير فيه ضمير القطع وهي جمع، و{مُظْلِمًا} واحد، فلا يكون حالاً من ضمير الجمع، فقد وضح أنه لا يكون إلا حالاً من الليل). [الموضح: 622]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 03:41 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يونس

[ من الآية (28) إلى الآية (30) ]

{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28) فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29) هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30) }

قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28)}

قوله تعالى: {فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29)}

قوله تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله عزّ وجلّ: (هنالك تبلو كلّ نفسٍ (30)
قرأ حمزة والكسائي (تتلوا) بالتاء، وقرأ الباقون (تبلوا) بالباء.
[معاني القراءات وعللها: 2/43]
قال أبو منصور: أما قوله (هنالك) فهو ظرف، والمعنى في ذلك الوقت، وهو منصرف ب (تبلوا)، إلا أنه غير متمكن، واللام زائدة، والأصل: (هناك) فكسرت اللام لسكونها وسكون الألف، والكاف للمخاطبة.
فمن قرأ (تبلوا) فمعناه: تخبر، أي: تعلم كل نفس ما قدّمت.
ومن قرأ (تتلوا) بتاءين فهو من التلاوة، أي: تقرأ كل نفس، ودليل ذلك قوله: (اقرأ كتابك).
وقال بعض المفسرين في قوله: (تتلو): تتبع كل نفس ما أسلفت، أي: قدمت من خير أو شر). [معاني القراءات وعللها: 2/44]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت} [30].
قرأ حمزة والكسائي بالتاء {تتلوا} من التلاوة.
وقرأ الباقون بالباء، وحجتهم: {يوم تبلى السرائر} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/267]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التاء والباء من قوله [جلّ وعزّ]: هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت [يونس/ 30].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: تبلو بالباء.
وقرأ حمزة والكسائي: تتلو بالتاء.
قال أبو علي: أمّا من قال: تبلو فمعناه: تختبر من قوله سبحانه: وبلوناهم بالحسنات والسيئات [الأعراف/ 168] أي: اختبرناهم، ومنه قولهم: البلاء ثم الثناء. أي: الاختبار للمثني عليه، ينبغي أن يكون قبل الثناء، ليكون الثناء عن علم بما يوجبه. ومعنى اختبارها ما أسلفت: أنّه إن قدّم خيرا أو شرا جوزي عليه، كما قال: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره [الزلزلة/ 7 - 8]، وقوله: من عمل صالحا فلنفسه، ومن أساء فعليها [فصلت/ 46] ونحوها من الآية التي تدلّ على هذا المعنى.
ومن قال: تتلو فإنّه يكون من التلاوة التي هي القراءة،
[الحجة للقراء السبعة: 4/271]
ودليله قوله: أولئك يقرؤون كتابهم [الإسراء/ 71]، وقوله: اقرأ كتابك [الإسراء/ 14]، وقوله: ورسلنا لديهم يكتبون [الزخرف/ 80]، وقوله: ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها [الكهف/ 49]، فإنّما يتلون ذكر ما كانوا قدّموه من صالح أعمالهم وسيّئها مما أحصاه الله ونسوه، فيكون: تتلو: تتبع. من قولهم: تلا بعد الفريضة: إذا أتبعها النفل.
قال:
على ظهر عاديّ كأنّ أرومه... رجال يتلوّن الصّلاة قيام
فيكون المعنى في: تتلو كل نفس: تتبع كلّ نفس ما أسلفت من حسنة وسيّئة، فمن أحسن جوزي بالحسنات، ومن أساء جوزي به، فيكون على هذا في المعنى كمن قرأ:
تبلو بالباء). [الحجة للقراء السبعة: 4/272]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت}
قرأ حمزة والكسائيّ (هنالك تتلو) بالتّاء قال الأخفش تتلو من التّلاوة أي تقرأ كل نفس ما أسلفت وحجته قوله {اقرأ كتابك} وقال آخرون {تتلو} أي تتبع كل نفس ما أسلفت
وقرأ الباقون {تبلو} بالباء أي تخبر وتعاين ومعنى تخبر تعلم كل نفس ما قدمت من حسنة أو سيّئة). [حجة القراءات: 331]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (13- قوله: {هنالك تبلوا} قرأه حمزة والكسائي بتاءين، جعلاه من «التلاوة» منهم لأعمالهم، وهي القراءة لها من كتاب أعمالهم، فهم يقرؤونها يوم القيامة، دليله قوله: {فأولئك يقرءون كتابهم} «الإسراء 71» وقوله: {اقرأ كتابك} «الإسراء 14» وقوله: {ما لهذا الكتاب لا يُغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} «الكهف 49» ويجوز أن يكون «تتلو» من «تبع يتبع» فيكون المعنى: هنالك تتبع كل نفس ما أسلفت من عمل، وقرأ الباقون «تبلو» بالباء من «الابتداء»، وهو الاختيار، أي: هنالك تختبر كل نفس ما أسلفت لها من عمل، أي: تطلع عليه لتجزى به، وقد تقدمت الحجة في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/517]
«كلمات» والاختلاف فيها في الأنعام). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/518]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {هُنَالِكَ تَتْلُوا} [آية/ 30] بتاءين:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه من التلاوة وهي القراءة، أي تقرأ كل نفس ذكر ما قدمته من صالح الأعمال وسيئها، فحذف المضاف وهو الذكر، ومثل هذا في المعنى قوله تعالى {فَأُوْلَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ}.
ويجوز أن يكون {تَتْلُوا}: تتبع، أي تتبع كل نفس ما أسلفت، أي تعول على جزاء ما قدمت.
وقرأ الباقون {تَبْلُوا} بالباء.
[الموضح: 622]
والوجه أنه من البلاء وهو الاختبار، يقول تختبر كل نفس ما أسلف من خير أو شر، أي تلاقي جزاءه). [الموضح: 623]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين



رد مع اقتباس
  #9  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 03:42 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يونس

[ من الآية (31) إلى الآية (33) ]

{ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) }

قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31)}

قوله تعالى: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32)}

قوله تعالى: {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {كذلك حقت كلمت ربك} [33].
قرأ نافع وابن عامر {كلمات} بالجمع، وإنما اختارا ذلك لأنها في المصحف مكتوبة بالتاء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/267]
وقرأ الباقون بالتوحيد و{لأنهم لا يؤمنون} في موضع رفع بدل من {كلمة} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/268]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله سبحانه: [حقت كلمة ربك [يونس/ 33] في الجمع والتوحيد.
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائيّ:
[الحجة للقراء السبعة: 4/272]
حقت كلمة ربك واحدة وفي آخر السورة [96] كذلك.
وقرأ نافع وابن عامر: الحرفين كلمات* جماعة.
قال أبو علي: من قرأ: كلمة ربك على الإفراد احتمل وجهين: يجوز أن يكون جعل ما أوعد به الفاسقون كلمة، وإن كانت في الحقيقة كلما، لأنّهم قد يسمّون القصيدة والخطبة كلمة، وكذلك سمّي ما توعّد به الفاسقون من نحو قوله سبحانه: وأما الذين فسقوا فمأواهم النار، كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم [الحج/ 22] كلمة، كما أنّ قوله:
وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا [الأعراف/ 137] يعني به: ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض إلى قوله: يحذرون [القصص/ 5] كلمة.
ويجوز أن يكون كلمة ربك التي يراد به الجنس، وقد أوقعت على بعض الجنس، كما أوقع الجنس على بعضه في قوله سبحانه: وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل [الصافات/ 138]، وقول بعض الهذليين:
[الحجة للقراء السبعة: 4/273]
ببطن شريان يعوي عنده الذيب فأما من جمع فقال: كلمات ربك على الذين فسقوا فإنه جعل الكلم التي توعّدوا بها كلّ كلمة منها كلمة، ثم جمع فقال: كلمات، وكلاهما وجه. فأما قوله سبحانه وكلمة الله هي العليا [التوبة/ 40]، فيجوز أن يعنى بها نحو قوله: كتب الله لأغلبن أنا ورسلي [المجادلة/ 21]، كما فسّر قوله: وألزمهم كلمة التقوى [الفتح/ 26] أنه: لا إله إلا الله، أخبرنا يوسف بن يعقوب بإسناد ذكره عن مجاهد [بهذا التأويل] ). [الحجة للقراء السبعة: 4/274]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({كذلك حقت كلمة ربك}
قرأ نافع وابن عامر (وكذلك حقت كلمات) بالألف وكذلك الّذي بعده وحجتهما أنّهما كتبتا في المصاحف بالتّاء
وقرأ الباقون {كلمة ربك} وحجتهم إجماع الجميع على التّوحيد في قوله {وتمت كلمة ربك} فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه). [حجة القراءات: 331]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {حَقَّتْ كَلِمَاتُ} [آية/ 33] بالألف:
قرأها نافع وابن عامر، وكذلك في آخر السورة {كَلِمَاتُ} بالألف.
والوجه أنه جمع كلمة؛ لأنه جعل كل واحد مما توعد به الذين فسقوا كلمة، ثم جمع فقال {كَلِمَاتُ رَبِّكَ}.
وقرأ الباقون {كَلِمَةُ رَبِّكَ} على الإفراد ههنا وفي آخر السورة.
والوجه أنه يجوز أن يكون أراد الجنس فوحد، والمراد به الجمع؛ لأن لفظ الجنس محتمل للقليل والكثير.
ويجوز أن يكون على ما تستعمله العرب من إيقاع الكلمة موقع الجملة من الكلام كاستعمالهم الكلمة موضع القصيدة والخطبة، فيكون راجعًا أيضًا إلى معنى الجمع). [الموضح: 623]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة