جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن الحسن، في قوله تعالى: {الأرض مهادا}؛ قال: فراشا). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 344]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ مُعَدِّداً على هؤلاءِ المُشْرِكِينَ نِعَمَهُ وأيَادِيَهُ عندَهم، وإِحسانَهُ إليهم، وكُفْرَانَهم ما أَنْعَمَ بهِ عليهم، ومُتَوَعِّدَهم بما أَعَدَّ لَهم عندَ وُرُودِهِم عليهِ مِنْ صُنُوفِ عِقابِهِ، وأَليمِ عذابِهِ، فقالَ لهم: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ} لَكُمْ {مِهَاداً} تَمْتَهِدُونَها وتَفْتَرِشُونَها.
حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سعيدٍ، عنْ قَتَادَةَ: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهاداً}؛ أيْ: بِساطاً). [جامع البيان: 24/ 8]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً}؛ قَالَ: فراشًا). [الدر المنثور: 15/ 191]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ عن سُفْيانَ: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً}؛ قَالَ: فُرِشَتْ لَكُمْ، {والجِبَالَ أَوْتاداً} قَالَ: أُوْتِدَتْ بِهَا). [الدر المنثور: 15/ 191]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً} إلى قَوْلِه: {مَعَاشاً} قَالَ: نِعَمٌ مِنَ اللَّهِ يَعُدُّهَا عَلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ؛ لِتَعْمَلُوا لأَدَاءِ شُكْرِهَا). [الدر المنثور: 15/ 191]
تفسير قوله تعالى: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وَالْجِبالَ أَوْتَاداً}؛ يَقُولُ: والْجِبالَ للأَرْضِ أَوْتَاداً أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ). [جامع البيان: 24/ 9]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الشّيبانيّ، ثنا حامد بن أبي حامدٍ المقرئ، ثنا إسحاق بن سليمان، ثنا طلحة بن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: «لمّا أراد اللّه أن يخلق الخلق أرسل الرّيح، فتسحّبت الماء حتّى أبدت عن حشفةٍ وهي الّتي تحت الكعبة، ثمّ مدّ الأرض حتّى بلغت ما شاء اللّه من الطّول والعرض» ، قال: وكانت هكذا تمتدّ وأراني ابن عبّاسٍ بيده هكذا وهكذا، قال: «فجعل اللّه الجبال رواسي أوتادًا» فكان أبو قبيسٍ من أوّل جبلٍ وضع في الأرض «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/ 556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ عن سُفْيانَ {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً}؛ قَالَ: فُرِشَتْ لَكُمْ، {والجِبَالَ أَوْتاداً}؛ قَالَ: أُوْتِدَتْ بِهَا). [الدر المنثور: 15/ 191] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الحَاكِمُ, وصَحَّحَهُ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ أَرْسَلَ الرِّيحَ؛ فَسَحَّتِ المَاءَ حَتَّى أَبْدَتْ عَنْ حَشَفَةٍ، وهِيَ التي تَحْتَ الكَعْبَةِ، ثُمَّ مَدَّ الأَرْضَ حَتَّى بَلَغَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِن الطُّولِ والعَرْضِ، وكَانَتْ هَكَذَا تَمِيدُ -وقَالَ بيَدِهِ- هَكَذا وهَكَذا، فجَعَلَ اللَّهُ الجِبَالَ رَوَاسِيَ أَوْتَادًا، فكَانَ أبو قُبَيْسٍ مِن أَوَّلِ جَبَلٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ). [الدر المنثور: 15/ 191-192]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عَنِ الحَسَنِ قَالَ: إِنَّ الأَرْضَ أَوَّلَ مَا خُلِقَتْ خُلِقَتْ مِن عِنْدِ بَيْتِ المَقْدِسِ؛ وُضِعَتْ طِينَةً فقِيلَ لَهَا: اذْهَبِي هَكَذا وهَكَذا وهَكَذا. وخُلِقَتْ علَى صَخْرَةٍ، والصَّخْرَةُ عَلَى حُوتٍ، والحُوتُ عَلَى المَاءِ؛ فأَصْبَحَتْ وهِيَ تَمِيعُ فقَالَتِ المَلائِكَةُ: يَا رَبِّ, مَنْ يُسَكِّّنُ هَذِهِ؟ فأَصْبَحَتِ الجِبَالُ فِيهَا أَوْتاداً، فقَالَتِ المَلائكةُ: يَا رَبِّ, أَخَلَقْتَ خَلْقاً هو أَشَدُّ مِن هذه؟ قَالَ: الحَدِيدَ. قَالُوا: فخَلَقْتَ خَلْقًا هو أَشَدُّ مِنَ الحَدِيدِ؟ قَالَ: النَّارَ. قَالُوا: فخَلَقْتَ خَلْقًا هو أَشَدُّ مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: الماءَ. قَالُوا: فخَلَقْتَ خَلْقًا هو أَشَدُّ مِنَ المَاءِ؟ قَالَ: الرِّيحَ. قَالُوا: فخَلَقْتَ خَلْقًا هو أَشَدُّ مِنَ الرِّيحِ؟ قَالَ: البِنَاءَ. قَالُوا: فخَلَقْتَ خَلْقًا هو أَشَدُّ مِنَ البِنَاءِ؟ قَالَ: ابنَ آدَمَ). [الدر المنثور: 15/ 192]
تفسير قوله تعالى: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً}؛ ذُكْراناً وإِناثاً، وطِوَالاً وقِصاراً، أوْ ذَوِي دَمَامَةٍ وَجَمالٍ، مِثلُ قولِهِ: {الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}، يعنِي بهِ: ضُرَبَاءَهُم). [جامع البيان: 24/ 9]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {وخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}؛ قَالَ: اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ). [الدر المنثور: 15/ 192] (م)
تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً}، يَقُولُ: وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ لَكُمْ رَاحةً ودَعَةً، تَهْدَءُونَ بهِ وتَسْكُنونَ، كأَنَّكُم أمواتٌ لا تَشْعُرونَ، وأنتم أحياءٌ لمْ تُفَارِقْكُم الأرواحُ، والسَّبْتُ والسُّباتُ: هوَ السُّكُونُ؛ ولذلكَ سُمِّيَ السبتُ سَبْتاً؛ لأنَّهُ يومُ راحَةٍ ودَعَةٍ). [جامع البيان: 24/ 9]
تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً}، يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ: وجَعَلْنَا اللَّيْلَ لكُم غِشاءً يَتَغَشَّاكُمْ سَوَادُهُ، وتُغَطِّيكُم ظُلْمَتُهُ، كمَا يُغَطِّي الثوبُ لابِسَهُ؛ لِتَسْكُنُوا فيهِ عن التصَرُّفِ لِمَا كُنْتُم تَتَصَرَّفُونَ لَهُ نهاراً، ومِنه قولُ الشاعِرِ:
فَلَمَّا لَبِسْنَ اللَّيْلَ أَوْ حِينَ نَصَّبَتْ ....... لَهُ مِنْ خَذَا آذَانِهَا وَهْوَ جَانِحُ
يعني بقولِهِ: (لَبِسْنَ الليلَ): أُدْخِلْنَ في سَوَادِهِ فاسْتَتَرْنَ بهِ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قالَ ذلكَ:
حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ قَتَادَةَ: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً}؛ قَالَ: سَكَناً). [جامع البيان: 24/ 9]
تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً}، يَقُولُ: وَجَعَلْنَا النهارَ لكم ضِياءً؛ لِتَنْتَشِرُوا فيهِ لِمَعَايِشِكُم، وتَتَصَرَّفُوا فيهِ لمصالَحِ دُنْياكُم، وابْتِغاءِ فَضْلِ اللَّهِ فيهِ، وجَعَلَ جلَّ ثَناؤُهُ النهارَ إِذْ كانَ سَبَباً لتَصَرُّفِ عبادِهِ لطَلَبِ المَعَاشِ فيهِ مَعَاشاً، كمَا في قَوْلِ الشاعِرِ:
وأَخُو الهُمُومِ إِذَا الهُمُومُ تَحَضَّرَتْ ....... جُنْحَ الظلامِ وِسَادُهُ لا يَرْقُدُ
فجَعَلَ الوِسَادَ هوَ الذي لا يَرْقُدُ، والمعنَى لصَاحِبِ الوِسادِ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أبو عَاصِمٍ قالَ: ثَنَا عِيسَى. وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحَسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَميعاً عن ابنِ أَبِي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ، قولُهُ: {النَّهَارَ مَعَاشاً}؛ قالَ: يَبْتَغُونَ فِيهِ مِنْ فضْلِ اللَّهِ). [جامع البيان: 24/ 9-10]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وجعلنا النهار معاشا يقول يبتغون فيه من فضل الله -عز وجل).[تفسير مجاهد: 719]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {وخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}؛ قَالَ: اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ. وفي قَوْلِهِ: {وجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}؛ قَالَ: يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ). [الدر المنثور: 15/ 192] (م)
تفسير قوله تعالى: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ}؛ وَسَقَفْنَا فَوْقَكُمْ، فجَعَلَ السَّقْفَ بِناءً؛ إذْ كانَت العَرَبُ تُسَمِّي سُقُوفَ البَيْتِ -وهيَ سَماؤُها- بِناءً، وكانَت السماءُ للأرْضِ سَقْفاً، فخَاطَبَهُم بِلِسانِهِم؛ إذْ كانَ التنْزِيلُ بلسانِهِم.
وقالَ: {سَبْعاً شِدَاداً}؛ إِذْ كانَت وِثَاقاً مُحْكَمَةَ الخَلْقِ، لا صُدُوعَ فيهِنَّ ولا فُطُورَ، ولا يُبْلِيهِنَّ مَرُّ الليالِي والأيَّامِ). [جامع البيان: 24/ 10]
تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {سراجا وهاجا}؛ قال: الوهاج المنير). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 342]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {وهّاجًا} [النبأ: 13] : «مضيئًا»). [صحيح البخاري: 6/ 165]
-قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ (وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: {وهَّاجًا} مُضِيئًا) وَصَلَهُ ابنُ أَبِي حَاتمٍ من طَرِيقِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَلْحَةَ عن ابنِ عَبَّاسٍ). [فتح الباري: 8/ 689]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم: ثنا أبي، ثنا أبو صالح، ثنا معاوية، عن علّي، عن ابن عبّاس، في قوله: {وهاجا}؛ قال: مضيئا). [تغليق التعليق: 4/ 359]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَهَّاجًا}؛ مُضِيئًا.
أَيْ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا}؛ وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: مُضِيئًا، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ). [عمدة القاري: 19/ 275]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) فيما وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: {وَهَّاجًا} أَيْ (مُضِيئًا) مِنْ وَهَجَتِ النَّارُ إذا أَضَاءَتْ). [إرشاد الساري: 7/ 410]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عز وجل: {سراجاً وهاجاً}؛ قال: الوهج المنير). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 98]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً}؛ يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجاً} يعنِي بالسِّرَاجِ: الشَّمْسَ. وقولُهُ: {وَهَّاجاً}؛ يعنِي: وَقَّاداً مُضِيئاً.
وبنحْوِ الذي قُلْنا في ذلكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قَالَ ذلكَ:
حَدَّثَنِي علِيٌّ قالَ: ثَنَا أبو صَالِحٍ قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عنْ عَلِيٍّ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، في قولِهِ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً}؛ يَقُولُ: مُضِيئاً.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ قالَ: ثَنِي أبي قالَ: ثَنِي عمِّي قالَ: ثني أبي، عنْ أبِيهِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً}؛ يَقُولُ: سِرَاجاً مُنِيراً.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا عيسَى، وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ، قولُهُ: {سِرَاجاً وَهَّاجاً}؛ قالَ: يَتَلأْلأُ.
حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ {سِرَاجاً وَهَّاجاً}، قالَ: الوَهَّاجُ المُنِيرُ.
حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سُفْيَانَ: {سِرَاجاً وَهَّاجاً}؛ قالَ: يَتَلأْلأُ ضَوْءُهُ). [جامع البيان: 24/ 10-11]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {وجعلنا سراجا وهاجا}؛ قال: يتلألأ). [تفسير مجاهد: 719]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {وخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}؛ قَالَ: اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ. وفي قَوْلِهِ: {وجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}؛ قَالَ: يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ. وفي قَوْلِهِ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا}؛ قَالَ: يَتَلأْلأُ). [الدر المنثور: 15/ 192] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ والخَرَائِطِيُّ فِي مَكَارِمِ الأَخْلاقِ, عَنْ قَتَادَةَ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا}؛ قَالَ: الوَهَّاجُ: المُنِيرُ). [الدر المنثور: 15/ 192] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ, عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا}؛ قَالَ: مُضِيئًا). [الدر المنثور: 15/ 192] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ أبو الشَّيْخِ فِي العَظَمَةِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {سِرَاجاً وَهَّاجاً}؛
قَالَ: يَتَلأْلأُ). [الدر المنثور: 15/ 192-193]
تفسير قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {من المعصرات}؛ قال: السماء وبعضهم يقول الريح). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 342]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {ماء ثجاجا}؛ قال: الثجاج المنصب). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 342]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}، اخْتَلَفَ أَهْلُ التأوِيلِ في المعنَى بِالمُعْصِرَاتِ، فقالَ بعضُهم: عُنِيَ بها الرياحُ التي تَعْصِرُ في هُبُوبِهَا.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ قالَ: ثَنِي أبي قالَ: ثَنِي عمِّي قالَ: ثَنِي أبي، عنْ أبيهِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قولُهُ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}، فالمعْصِراتُ: الريحُ.
حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا يَحْيَى بنُ واضِحٍ قالَ: ثَنَا الحُسَيْنُ، عنْ يَزِيدَ، عنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: (وَأَنْزَلْنَا بِالْمُعْصِرَاتِ)، يعنِي: الرِّياحَ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا عيسَى، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ، قولُهُ: {مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}؛ قالَ: الرِّيحِ.
وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عن ابنِ أَبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ، مِثلَهُ.
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ قالَ: هيَ في بَعْضِ القِرَاءَةِ: (وَأَنْزَلْنَا بِالْمُعْصِرَاتِ): الرِّياحِ.
حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قولِهِ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}، قالَ: الْمُعْصِرَاتُ: الرياحُ، وقَرَأَ قولَ اللَّهِ: {الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً} إلى آخِرِ الآيَةِ.
وقالَ آخَرُونَ: بلْ هيَ السَّحَابُ التي تَتَحَلَّبُ بالمَطَرِ وَلَمَّا تُمْطِرُ، كالمَرْأَةِ المُعْصِرِ التي قدْ دَنَا أوَانُ حَيْضِها ولم تَحِضْ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سُفْيَانَ: {مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} قالَ: المُعْصِرَاتُ السَّحَابُ.
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عنْ عَلِيٍّ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قولُهُ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} يَقُولُ: مِن السَّحَابِ.
قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ أبي جَعْفَرٍ، عن الرَّبِيعِ: الْمُعْصِرَاتُ: السَّحَابُ.
وقالَ آخَرُونَ: بلْ هيَ السماءُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قالَ: ثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ، عنْ أَبِي رَجَاءٍ قالَ: سَمِعْتُ الحسَنَ يَقُولُ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}، قالَ: مِن السَّمَاءِ.
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ سعيدٌ: عنْ قَتَادَةَ، قولُهُ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}، قالَ: مِن السَّمَاوَاتِ.
حَدَّثَنَا ابنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ: { مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}، قَالَ: مِن السَّمَاءِ.
وأَوْلَى الأقوالِ في ذلكَ بالصَّوَابِ أنْ يُقالَ: إنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَنْزَلَ مِن الْمُعْصِرَاتِ، وهيَ التي قَد تَحَلَّبَتْ بالماءِ مِن السَّحَابِ مَاءً.
وإنَّما قُلْنَا ذلكَ أَوْلى بالصوابِ؛ لأنَّ القَوْلَ في ذلكَ على أحَدِ الأقوالِ الثلاثةِ التي ذَكَرْتُ، والرِّياحُ لا ماءَ فيها فيَنْزِلُ مِنها، وإنَّما يَنْزِلُ بها، وكانَ يَصِحُّ أنْ تكونَ الرِّياحَ ولوْ كانَت القِراءَةُ: (وَأَنْزَلْنَا بِالْمُعْصِرَاتِ)، فلمَّا كانَت القراءَةُ: {مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} عُلِمَ أَنَّ المَعْنِيَّ بذلكَ ما وَصَفْتُ.
فإنَّ ظَنَّ ظَانٌّ أنَّ الباءَ قدْ تُعَقَّبُ في مثلِ هذا المَوْضِعِ مِنْ قِيلِ ذلكَ، وإنْ كانَ كذلكَ، فالأَغْلَبُ مِنْ معنَى (مِنْ) غيرُ ذلكَ، والتأويلُ على الأَغْلَبِ مِنْ معْنَى الكلامِ.
فإِنْ قالَ: فإنَّ السماءَ قدْ يَجُوزُ أنْ تَكونَ مُراداً بِهَا، قِيلَ: إنَّ ذلكَ وَإِنْ كانَ كذلكَ، فإنَّ الأَغْلَبَ مِنْ نُزُولِ الغَيْثِ مِن السَّحابِ دُونَ غَيْرِهِ.
وأمَّا قولُهُ: {مَاءً ثَجَّاجاً}، يَقُولُ: مَاءً مُنْصَبًّا يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً، كَثَجِّ دِماءِ البُدْنِ، وذلكَ سَفْكُها.
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
حَدَّثَنِي عليٌّ قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ قالَ: ثَنِي معاويَةُ، عنْ عَلِيٍّ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: {مَاءً ثَجَّاجاً}؛ قالَ: مُنْصَبًّا.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ قالَ: ثَنِي أبي قالَ: ثَنِي عمِّي قالَ: ثَنِي أبي، عنْ أَبِيهِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: {مَاءً ثَجَّاجاً}؛ مَاءً مِن السماءِ مُنْصَبًّا.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا عيسَى، وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ، قولُهُ: {مَاءً ثَجَّاجاً}؛ قالَ: مُنْصَبًّا.
حَدَّثَنَا ابنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ: {مَاءً ثَجَّاجاً}؛ قالَ: الثَّجَّاجُ المُنْصَبُّ.
حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ أبي جَعْفَرٍ، عن الرَّبِيعِ: {مَاءً ثَجَّاجاً}؛ قالَ: مُنْصَبًّا.
قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سُفْيَانَ: {مَاءً ثَجَّاجاً}؛ قالَ: مُتَتَابِعاً.
وقالَ بعضُهم: عُنِيَ بالثَّجَّاجِ الكَثِيرُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: {مَاءً ثَجَّاجاً}؛ قالَ: كثيراً. ولا يُعْرَفُ في كلامِ العرَبِ مِنْ صِفَةِ الكثرةِ الثَّجُّ، وإنَّما الثَّجُّ: الصَّبُّ المُتَتابِعُ. ومِنهُ قوْلُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الْحَجِّ الْعَجُّ وَالثَّجُّ»، يعنِي بالثَّجِّ: صَبَّ دِماءِ الهَدَايَا والبُدْنِ بِذَبْحِهَا، يُقالُ مِنهُ: ثَجَجْتُ دَمَهُ، فَأَنَا أَثُجُّهُ ثَجًّا، وقدْ ثَجَّ الدَّمَ، فَهُوَ يَثِجُّ ثُجُوجاً). [جامع البيان: 24/ 11-16]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال ثنا آدم: قال نا ورقاء: عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا}؛ قال: المعصرات الرياح). [تفسير مجاهد: 719]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال ثنا آدم: قال نا ورقاء: عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الثجاج المنصب؛ يقول: ماء منصبا).[تفسير مجاهد: 2/ 719-720]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قولُه تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً}
عنِ ابنِ عبَّاسٍ في قوْلِه: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً}؛ قالَ: المُعْصِرَاتُ: الرياحُ. وثَجَّاجاً: مُنْصَبًّا.
روَاهُ أبو يَعْلَى، وفيه مُحَمَّدُ بنُ السَّائِبِ الكَلْبِيُّ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 132-133]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو يعلى الموصليّ: ثنا أحمد بن عمران الأخنسي، ثنا محمد بن فضيل، أبنا الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنهما-: "في قول اللّه- عزّ وجل-: {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً}؛ قال: المعصرات: الرّياح، ثجّاجًا: قال: منصبًّا".
هذا إسنادٌ ضعيفٌ لضعف الكلبيّ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/ 298]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله: وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ:{ثَجَّاجًا} مُنصَبًّا ثَبَتَ هَذَا للنَّسَفِيِّ وحدَهُ وَقَد تقدَّمَ في المُزَارَعَةِ). [فتح الباري: 8/ 689]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو يعلى: حدثنا أحمد بن عمران الأخنسيّ، ثنا ابن فضيلٍ، ثنا الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عزّ وجلّ: {وأنزلنا من المعصرات ماءً ثجّاجًا}.
قال رضي الله عنه المعصرات: الرّياح. ماءً ثجّاجًا قال: منصبًّا). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/ 421]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: {ثَجَّاجًا}؛ مُنْصَبًّا.
أَيْ: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ فِي قولِهِ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا}؛ وَفَسَّرَ ثَجَّاجًا بقولِهِ: مُنْصَبًّا، وَكَذَا فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَهَذَا ثَبَتَ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ). [عمدة القاري: 19/ 275]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {وخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}؛ قَالَ: اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ. وفي قَوْلِهِ: {وجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}؛ قَالَ: يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ. وفي قَوْلِهِ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا}؛ قَالَ: يَتَلأْلأُ، {وأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ}؛ قَالَ: الرِّيحُ، {مَاءً ثَجَّاجًا}، قَالَ: مُنْصَبًّا يُصَبُّ). [الدر المنثور: 15/ 192]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ والخَرَائِطِيُّ فِي مَكَارِمِ الأَخْلاقِ, عَنْ قَتَادَةَ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا}؛ قَالَ: الوَهَّاجُ: المُنِيرُ، {وأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ}؛ قَالَ: مِنَ السَّمَاءِ، وبَعْضُهم يَقُولُ: الرِّيحُ، {مَاءً ثَجَّاجًا}؛ قَالَ: الثَّجَّاجُ: المُنْصَبُّ). [الدر المنثور: 15/ 192]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا}؛ قَالَ: مُضِيئًا، {وأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ}؛ قَالَ: السَّحَابِ، {مَاءً ثَجَّاجًا}؛ قَالَ: مُنْصَبًّا). [الدر المنثور: 15/ 192]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ نَافِعَ بنَ الأَزْرَقِ قَالَ له: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِه: {وأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ}؛ قَالَ: السَّحَابُ يَعْصِرُ بَعْضُهَا بَعْضاً، فيَخْرُجُ المَاءُ مِن بَيْنِ السَّحَابَتَيْنِ. قَالَ: وهل تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ النَّابِغَةَ وهو يقولُ:
تَجُرُّّ بِهَا الأَرْوَاحُ مِنْ بَيْنِ شَمْأَلٍ ....... وبَيْنَ صَبَاهَا المُعْصِرَاتُ الدَّوَامِسُ
قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِه: {ثَجَّاجاً}؛ قَالَ: الثَّجَّاجُ: الكَثِيرُ الذي يَنْبُتُ مِنْهُ الزَّرْعُ. قَالَ: وهل تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ أَبَا ذُؤَيْبٍ وهو يَقُولُ:
سَقَى أُمَّ عَمْرٍو كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ ....... غَمَائِمُ سُودٌ مَاؤُهُنَّ ثَجِيجُ).
[الدر المنثور: 15 / 193-194]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, وأبو يَعْلَى وابنُ جَرِيرٍ وابنُ أَبِي حَاتِمٍ والخَرَائِطِيُّ مِن طُرُقٍ, عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: {وأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ}؛ قَالَ: الرِّيَاحِ, {مَاءً ثَجَّاجاً}؛ قَالَ: مُنْصَبًّا). [الدر المنثور: 15/ 194]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الشافِعِيُّ وسَعِيدُ بنُ مَنْصُورٍ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ مَرْدُويَهْ والخَرَائِطِيُّ والبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ, عَنِ ابنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: {وأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً}؛ قَالَ: يَبْعَثُ اللَّهُ الريحَ فتَحْمِلُ الماءَ مِن السَّماءِ, فتَمْرِي بِهِ السَّحَابُ, فتَدُرُّ كَمَا تَدُرُّ اللِّقْحَةُ، والثَّجَّاجُ يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ أَمْثَالَ العَزَالِي، فتَصْرِفُهُ الرِّيَاحُ, فيَنْزِلُ مُتَفَرِّقاً.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ: {وأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ}؛ قَالَ: السَّحَابِ، {مَاءً ثَجَّاجاً}؛ قَالَ: صَبًّا. أو قَالَ: كثيراً.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عن الرَّبِيعِ بنِ أَنَسٍ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ}؛ قَالَ: مِنَ السحابِ، {مَاءً ثَجَّاجاً}. قَالَ: مُنْصَبًّا.
- وأخْرَجَ سَعِيدُ بنُ مَنْصُورٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ قالَ: في مُصْحَفِ الفَضْلِ بنِ عَبَّاسٍ: (وأَنْزَلْنَا بالمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً) ). [الدر المنثور: 15/ 193]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ الأَنْبَارِيِّ في المَصَاحِفِ, عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: في قِرَاءَةِ ابنِ عَبَّاسٍ: (وَأَنْزَلْنَا بِالمُعْصِرَاتِ): بالرِّيَاحِ.
- وأخْرَجَ الخَرَائِطِيُّ في مَكَارِمِ الأَخْلاقِ, عَنْ مُجَاهِدٍ: (وأَنْزَلْنَا بالمُعْصِرَاتِ): الرِّيحُ؛ وكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا: (بِالْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً): مُنْصَبًّا). [الدر المنثور: 15/ 193-196]
تفسير قوله تعالى: {لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ: لِنُخْرِجَ بالماءِ الذي نُنْزِلُهُ مِن المُعْصِرَاتِ إلى الأرْضِ حَبًّا. والحَبُّ: كُلُّ ما تَضَمَّنَهُ كِمَامُ الزَّرْعِ التي تُحْصَدُ، وهيَ جَمْعُ حَبَّةٍ، كما الشَّعِيرُ جَمْعُ شَعِيرَةٍ، وكما التَّمْرُ جَمْعُ تَمْرَةٍ. وأمَّا النباتُ فهوَ الكَلأُ الذي يُرْعَى مِن الحشِيشِ والزُّرُوعِ). [جامع البيان: 24/ 16]
تفسير قوله تعالى: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {ألفافا}؛ قال ملتفة بعضها إلى بعض). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 342]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}، يَقُولُ: ولِنُخْرِجَ بذلكَ الغَيْثِ جنَّاتٍ، وهيَ البَسَاتِينُ. وقالَ: {وجنَّاتٍ أَلْفَافاً}، والمعنَى: وَثَمَرَ جَنَّاتٍ، فتَرَكَ ذِكْرَ الثَّمَرِ؛ اسْتِغْنَاءً بدَلالَةِ الكلامِ عليهِ مِنْ ذِكْرِهِ. وقولُهُ: {أَلْفَافاً} يعني: مُلْتَفَّةً مُجْتَمِعَةً.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي عَلِيٌّ قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عنْ عَلِيٍّ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قولُهُ: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}؛ قالَ: مُجْتَمِعَةً.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ قالَ: ثَنِي أبي قالَ: ثَنِي عمِّي قالَ: ثَنِي أبي، عنْ أبِيهِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}؛ يَقُولُ: وَجَنَّاتٍ الْتَفَّ بَعْضُها بِبَعْضٍ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو قالَ: ثَنَا أبو عَاصِمٍ قالَ: ثَنَا عيسَى، وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عنْ مُجَاهِدٍ: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}؛ قالَ: مُلْتَفَّةً.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ، قولُهُ: {وَجَنَاتٍ أَلْفَافاً}، قَالَ: الْتَفَّ بَعْضُها إِلى بَعْضٍ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ، في قولِهِ: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}، قَالَ: الْتَفَّ بَعْضُها إلى بعضٍ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سُفْيَانَ: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً} قالَ: مُلْتَفَّةً.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قوْلِهِ: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}، قالَ: هِيَ المُلْتَفَّةُ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ.
واخْتَلَفَ أهْلُ العربِيَّةِ في واحِدِ الأَلْفَافِ، فكانَ بعضُ نَحْوِيِّي البَصْرَةِ يَقُولُ: واحِدُها: لَفٌّ. وقالَ بعضُ نَحْوِيِّي الكُوفَةِ: واحِدُها: لَفٌّ ولَفِيفٌ. قالَ: وإِنْ شِئْتَ كانَ الأَلْفَافُ جَمْعاً، واحِدُهُ جَمْعٌ أيضاً، فتقولُ: جَنَّةٌ لَفَّاءُ، وجَنَّاتٌ لَفَّاءٌ، ثمَّ يُجْمَعُ اللَّفُّ أَلْفَافاً.
وقالَ آخرُ مِنْهم: لم نَسْمَعْ بِشَجَرَةٍ لَفَّةٍ، ولكِنْ واحِدُها: لَفَّاءُ، وجَمْعُها: لَفٌّ، وجَمْعُ لَفٍّ: أَلْفَافٌ، فهوَ جَمْعُ الجَمْعِ.
والصوابُ مِن القوْلِ في ذلكَ: أنَّ الأَلْفَافَ جمعُ لَفٍّ أوْ لَفِيفٍ؛ وذلكَ أنَّ أهْلَ التأوِيلِ مُجْمِعُونَ على أنَّ معْنَاهُ: مُلْتَفَّةٌ، واللَّفَّاءُ: هيَ الغلِيظةُ، وليسَ الالْتِفَافُ مِن الغِلَظِ في شَيْءٍ، إِلاَّ أنْ يُوَجَّهَ إلى أنَّهُ غِلَظُ الالْتِفَافِ، فيكونُ ذلكَ حِينَئِذٍ وَجْهاً). [جامع البيان: 24/ 17-18]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {وجنات ألفافا}؛ قال يقول جنات ملتفة). [تفسير مجاهد: 720]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ (أَلفَافًا: مُلْتَفَّةً) ثَبتَ هَذَا للنَّسَفِيِّ وحدَه، وهو قَولُ أَبِي عُبَيْدَةَ). [فتح الباري: 8/ 689]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {أَلْفَافًا}: مُلْتَفَّةً.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قولِهِ تَعَالَى: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا}، وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: أَلْفَافًا مُلْتَفًّا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَاحِدُهَا لُفٌّ فِي قولِ نُحَاةِ الْبَصْرَةِ، وليسَ بِالقَوِيِّ، وَقَالَ آخَرُونَ: وَاحِدُهَا لَفِيفٌ وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَيُقَالَ: جَنَّةٌ لَفَّاءُ وَنَبْتٌ لُفٌّ وَجِنَانٌ لُفٌّ بِضَمِّ اللاَّمِ، ثُمَّ يُجْمَعُ اللُّفُّ عَلَى اللِّفَافِ، وَهَذَا أَيْضًا لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ). [عمدة القاري: 19/ 275]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ, عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}؛ قَالَ: مُجْتَمِعَةً.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}؛ قَالَ: مُلْتَفَّةً.
- وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ, عَنْ قَتَادَةَ: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}؛ قَالَ: مُلْتَفَّةً, بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ عِكْرِمَةَ: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}؛ قَالَ: الزَّرْعُ إِذَا كَانَ بَعْضُهُ إِلَى جَنْبِ بَعْضٍ.
- وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ, عنِ ابنِ عَبَّاسٍ: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}؛ يَقُولُ: جَنَّاتٍ الْتَفَّتْ بَعْضُها ببَعْضٍ). [الدر المنثور: 15/ 196-197]