التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {أولم يروا أنّا خلقنا لهم ممّا عملت أيدينا أنعامًا} [يس: 71]، أي: بقوّتنا في تفسير الحسن، كقوله: {والسّماء بنيناها بأيدٍ} [الذاريات: 47] وقال السّدّيّ: {ممّا عملت أيدينا} [يس: 71]، يعني: من فعله.
{أنعامًا فهم لها مالكون} [يس: 71] ضابطون، في تفسير سعيدٍ، عن قتادة). [تفسير القرآن العظيم: 2/819]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {خلقنا لهم ممّا عملت أيدينا}: يجوز أن يكون مما عملناه : بقدرتنا , وقوتنا, وفي اليد : القوة , والقدرة على العمل، فتستعار اليد، فتوضع موضعها, على ما بيناه في كتاب «المشكل».
هذا مجاز للعرب يحتمله هذا الحرف , واللّه اعلم بما أراد.). [تفسير غريب القرآن: 368]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{أولم يروا أنّا خلقنا لهم ممّا عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون (71)}
معنى {مالكون}: ضابطون؛ لأن القصد ههنا إلى أنها ذليلة لهم , ألا ترى إلى قوله {وذلّلناها لهم}, ومثله من الشعر:
أصبحت لا أحمل السلاح ولا= أملك رأس البعير إن نفرا
أي : لا أضبط رأس البعير.). [معاني القرآن: 4/294-295]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين}
حيا : قيل : عاقلا , وقيل : مؤمنًا
وقال قتادة: (حي القلب) .
وقوله جل وعز: {أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما}
العرب : تستعمل اليد في موضع القوة , والله أعلم بما أراد.
وقوله جل وعز: {فهم لها مالكون}
أي : ضابطون لأن المقصود ههنا التذليل , وأنشد سيبويه:
أصبحت لا أملك السلاح ولا = أملك رأس البعير إن نفراً.). [معاني القرآن: 5/516-517]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}: أي: بقوتنا , وقدرتنا.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 203]
تفسير قوله تعالى: {وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وذلّلناها لهم} [يس: 72]، يعني: الإبل، والبقر، والغنم، والدّوابّ أيضًا ذلّلها لكم: الخيل، والبغال، والحمير.
{فمنها ركوبهم} [يس: 72] الإبل، والبقر من الأنعام، والدّوابّ: الخيل والبغال والحمير.
{ومنها يأكلون} [يس: 72] من الإبل، والبقر، والغنم، وقد يرخّص في الخيل.
- حمّادٌ، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه أنّهم ذبحوا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير، قال: فنهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الحمير والبغال، ولم ينه عن الخيل.
- الفرات بن سلمان، عن عبد الكريم، عن عطاءٍ، عن جابر بن عبد اللّه أنّهم كانوا يأكلون لحوم الخيل على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 2/819]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {فمنها ركوبهم...}
اجتمع القراء على فتح الرّاء لأن المعنى: فمنها ما يركبون, ويقوّي ذلك أن عائشة قرأت: {فمنها ركوبتهم}.
ولو قرأ قارئ:{فمنها ركوبهم} كما تقول: منها أكلهم ,وشربهم , وركوبهم , كان وجهاً.). [معاني القرآن: 2/381]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وذلّلناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون}
وقال: {فمنها ركوبهم}: أي:"منها ما يركبون" , لأنك تقول: "هذه دابّةٌ ركوبٌ", و"الركوب": هو فعلهم.). [معاني القرآن: 3/38]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ركوبهم}: الركوب ما يركب من بعير أو غير ذلك والركوب الفعل، يقال: ركب ركوبا حسنا والحلوبة. ما حلبوا). [غريب القرآن وتفسيره: 313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {فمنها ركوبهم}: أي: ما يركبون, والحلوب: ما يحلبون , والجلوبة: ما يجلبون.
ويقرأ: (ركوبتهم) أيضاً, هي: قراءة عائشة رضي اللّه عنها.). [تفسير غريب القرآن: 368]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فمنها ركوبهم ومنها يأكلون (72)}
معناه : ما يركبون، والدليل قراءة من قرأ :{فمنها ركوبتهم}.
ويجوز ركوبهم بضم الراء , ولا أعلم أحدا قرأ بها، على معنى : فمنها ركوبهم , وأكلهم , وشربهم.). [معاني القرآن: 4/295]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رَكُوبُهُمْ}: أي: ما يركبون.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 203]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الرَكُوبُ): ما يركب , (الحلوبة): ما تحلب). [العمدة في غريب القرآن: 252]
تفسير قوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولهم فيها} [يس: 73] في الأنعام.
{منافع} [يس: 73] في أصوافها، وأوبارها، وأشعارها، ولحومها.
[تفسير القرآن العظيم: 2/819]
{ومشارب} [يس: 73] يشربون من ألبانها.
{أفلا يشكرون} [يس: 73]، أي: فليشكروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/820]
تفسير قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {واتّخذوا من دون اللّه آلهةً لعلّهم ينصرون} [يس: 74] يمنعون.
كقوله: {واتّخذوا من دون اللّه آلهةً ليكونوا لهم عزًّا} [مريم: 81] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/820]
تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {لا يستطيعون نصرهم} [يس: 75] لا تستطيع آلهتهم الّتي يعبدون نصرهم.
{وهم لهم جندٌ محضرون} [يس: 75] معهم في النّار). [تفسير القرآن العظيم: 2/820]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون (75)}
أي : هم للأصنام ينتصرون، والأصنام , لا تستطيع نصرهم.). [معاني القرآن: 4/295]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون}
أي : أنهم يعبدونهم , ويقومون بنصرتهم , فهم لهم بمنزلة الجند.
قال قتادة : (يغضبون لهم في الدنيا , وهذا بين حسن) .
وقيل تفسير هذا: ما روي في الحديث : ((أنه يمثل لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله جل وعز , فيتبعونه إلى النار, فهم لهم جند , محضرون إلى النار)).). [معاني القرآن: 5/518]
تفسير قوله تعالى: (فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال يحيى: في ما أخبرنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: {فلا يحزنك قولهم} [يس: 76] إنّك ساحرٌ وإنّك شاعرٌ، وإنّك كاهنٌ، وإنّك مجنونٌ، وإنّك كاذبٌ.
{إنّا نعلم ما يسرّون} [يس: 76] من عداوتهم لك.
{وما يعلنون} [يس: 76] كفرهم بما جئتهم به، فسنعصمك منهم ونذلّهم لك.
ففعل اللّه ذلك به). [تفسير القرآن العظيم: 2/820]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( ولو أن قارئا قرأ: {فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} وترك طريق الابتداء بإنّا، وأعمل القول فيها بالنصب على مذهب من ينصب (أنّ) بالقول كما ينصبها بالظن- لقلب المعنى عن جهته، وأزاله عن طريقته، وجعل النبيّ، عليه السلام، محزونا لقولهم: إنّ الله يعلم ما يسرّون وما يعلنون. وهذا كفر ممن تعمّده، وضرب من اللحن لا تجوز الصلاة به، ولا يجوز للمأمومين أن يتجوّزوا فيه). [تأويل مشكل القرآن: 13-14]