العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم اللغة > جمهرة معاني الحرف وأسماء الأفعال والضمائر والظروف > جمهرة معاني الحروف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 08:27 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيُّ (ت: 340هـ): ("قد": معناه التّأكيد، وقيل التّقريب إذا دخل على الماضي، ومعناه التّحقيق مع المضارع.
قال الخليل: هي لقوم يتوقعون أمرا، فيقول لهم "قد" كان ذلك.
وتكون بمعنى: "حسب" في الكفاية، كقولك: "قّدني" درهمان، وتقول: "قدني" بالفتح والكسر). [حروف المعاني والصفات: 13 - 14]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 08:29 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي




باب: مواضع "قَدْ"
قال أبو الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ): (باب: مواضع "قَدْ"
اعلم أن لها أربعة مواضع:
تكون جوابًا لتوقع فعلٍ، كقومٍ يتوقعون جلوس القاضي فيقول القائل: «
"قد" جلس»، أو يتوقعون قيامه فيقول: «"قد" قام»، أي: "قد" كان ما كنت توقعه، وإذا كان المخبر مبتدئًا قال: «فعل فعلان كذا وكذا»، ولا يقول: «"قد" فعل».
وربما يحذف الفعل بعد
"قد" إذا كان ما قبله "قد" دل عليه كقول القائل: «يريد زيد أن يخرج، وكأن "قد"»، أي: وكأنه "قد" خرج، كما قال النابغة:
أزف الترحل غير أن ركابنا ..... لما تزل برحالنا، وكأن قد أراد: وكأن قد زالت.
وتكون بمعنى "ربما" كقولك: «"قد" يكون كذا وكذا»، و«"قد" أفعل كذا وكذا» على جهة التقليل.
وتكون بمعنى:
"إن" هذا الفعل من عادتي وصفتي: كما قال الهذلي:
قد أترك القرآن مصفرًا أنامله ..... كأن أثوابه مجت بفرصاد
أراد: "أن" هذا من عادتي وصفتي في الحرب.
وتكون اسمًا بمعنى
"حسب" كقولك: «"قد" زيد درهم»، أي: "حسبه".
قال طرفة:
أخي ثقةٍ لا ينثني عن ضريبة ..... إذا قيل: مهلًا قال حاجزه: قد
أي: "حسبي"). [الأزهية: 211 - 213]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 08:35 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


باب "القاف"
باب "قد"
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "القاف"
اعلم أن "القاف" لم تجئ مفردة في الكلام، وإنما جاءت مركبة مع غيرها من الحروف وهي "الدال".
[باب قد]
اعلم أن "قد" حرف إخبار، إلا أنها أبدًا تلزم الفعل ماضيًا أو مضارعًا، فتكون من الماضي حرف تحقيقٍ نحو قولك: "قد" قام زيدٌ في تقدير جواب من قال: هل قام زيدٌ أو لم يقم، فـ "قد" في تقدير الجواب حققت القيام، ومنه قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}، و{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
وتكون مع المضارع حرف توقعٍ تارةً وهو الكثيرُ فيها كقولك:
"قد" يقوم زيد، في تقدير جواب من قال: هل يقوم زيد أو لا يقوم، فإذا قلت في تقدير الجواب: "قد" يقوم، أدخلت الاحتمال وتوقعت الوجود، وإن نفيت فقلت: "قد" لا يقوم، توقعت العدم، و"قد" تكون للتحقيق معه وهو قليل، كقول الشاعر:
وقد أغتدي والطير في وكناتها ..... .... .... .... ....
و"قد" تكون تقليلًا وهو أيضًا قليلٌ، كقول الشاعر:
قد أترك القرن مصفرًا أنامله ..... كأن أثوابه مجت بفرصاد
والإخبار في جميع ذلك لا يخالفها فهو الخاص بها الذي تبقى به.
وهي مع الفعل مختصةٌ به، لازمةٌ له، تقوم مقام الجزء، فلأجل ذلك لا يجوز الفصل بينها وبينه إلا في الضرورة، كقوله:
فقد والله بين لي عنائي ..... بوشك فراقهم صُردُ يصيح
أراد: "فقد" بين لي، ففصل بالقسم بينه وبينها للضرورة، وأما في الكلام فلا يجوزُ لما ذكرتُ لك). [رصف المباني:391 - 393]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 08:36 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



التحقيق
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها التحقيق: وحرفه
"قد" مع الماضي). [التحفة الوفية: ؟؟]

حروف التوقع
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها التّوقّع:
وحرفاه: "قد"، و"لعلّ".
وقيل في
"قد": إن دخل على المضارع لفظاً ومعنّى فتوقّعٌ، وإن دخل على الماضي لفظاً ومعنًى، أو معنًى، فتحقيقٌ، نحو: "قد" قام زيدٌ، و{قد يعلم ما أنتم عليه}، وقيل: تقليلٌ مع الاستقبال، وتقريبٌ مع الماضي). [التحفة الوفية: ؟؟]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 08:38 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("قد"
لفظ مشترك؛ يكون اسماً وحرفاً.
فأما "قد" الاسمية فلها معنيان:
الأول: أن تكون بمعنى "حسب". تقول: "قدني"، بمعنى: "حسبي". و"الياء" المتصلة بها مجرورة الموضع بالإضافة. ويجوز فيها إثبات "نون" الوقاية، وحذفها. و"الياء"، في الحالين، في موضع جر. هذا مذهب سيبويه، وأكثر البصريين.
الثاني: أن تكون اسم فعل بمعنى "كفى". ويلزمها "نون" الوقاية، مع "ياء" المتكلم، كما تلزم مع سائر أسماء الأفعال. و"الياء" المتصلة بها في موضع نصب. وهذا القسم نقله الكوفيون عن العرب.
وقول الشاعر:
قدني من نصر الخبيبين، قدي
يحتمل قوله "قدني" وجهين:
أحدهما: أن يكون بمعنى "حسب"، و"الياء" في موضع جر.
والثاني: أن يكون اسم فعل، و"الياء" في موضع نصب. وقوله آخر البيت قدي يحتمل ثلاثة أوجه:
أحدهما: أن يكون بمعنى "حسبي"، ولم يأت "بنون" الوقاية على أحد الوجهين.
وثانيها: أن يكون اسم فعل، وحذف "النون" ضرورة.
وثالثها: أن يكون اسم فعل، و"الياء" للإطلاق، وليست ضميراً.

وأما "قد" الحرفية فحرف مختص بالفعل، وتدخل على الماضي، بشرط أن يكون متصرفاً، وعلى المضارع، بشرط تجرده من جازم وناصب وحرف تنفيس. واختلفت عبارات النحويين في معنى "قد". فقيل: هي حرف توقع. وقيل: حرف تقريب.
قال الزمخشري في المفصل: ومن أصناف الحرف حرف التقريب وهو "قد". وهو يقرب الماضي من الحال، إذا قلت: "قد" فعل. ومنه قول المؤذن: "قد" قامت الصلاة. ولا بد من فيه من معنى التوقع.
قال سيبويه: وأما "قد" فجواب: هل فعل. وقال أيضاً: فجواب: لما يفعل. وقيل: حرف تقريب مع الماضي، وتقليل مع المستقبل.
قال ابن الخباز: ومن عبارات المطارحين في "قد" أنهم يقولون: حرف يصحب الأفعال ويقرب الماضي من الحال. قال: وزدته أنا ويؤثر التقليل في فعل الاستقبال.
وقال بعضهم: إن دخلت على المضارع، لفظاً ومعنى، فهي للتوقع، وإن دخلت على الماضي لفظاً ومعنى، أو معنى، فهي للتحقيق، نحو: "قد" قام زيد، و {قد يعلم ما أنتم عليه}.
قال الشيخ أبو حيان: والذي تلقناه من أفواه الشيوخ، بالأندلس، أنها حرف تحقيق، إذا دخلت على الماضي، وحرف توقع، إذا دخلت على المستقبل.
وقال بعضهم: "قد" حرف إخبار. تكون مع الماضي للتحقيق، ومع المضارع للتوقع تارة، وهو الكثير فيها، و"قد" تكون معه للتحقيق، وهو قليل. و"قد" تكون تقليلاً، وهو أيضاً قليل. والإخبار، في جميع ذلك، لا يخالفها. فهو الخاص بها الذي تسمى به.
قلت: وجملة ما ذكره النحويون ل"قد" خمسة معان:
الأول: التوقع. و"قد" ترد للدلالة على التوقع مع الماضي، والمضارع. وذلك مع المضارع واضح، نحو: "قد" يخرج زيد. ف "قد" هنا تدل على أن الخروج متوقع، أي: منتظر. وأما مع الماضي فتدل على أنه كان متوقعاً منتظراً. ولذلك يستعمل في الأشياء المترقبة.
وقال الخليل: إن قول القائل "قد" فعل كلام لقوم ينتظرون الخبر. ومنه قول المؤذن: "قد" قامت الصلاة، لأن الجماعة منتظرون.
الثاني: التقريب. ولا ترد للدلالة عليه إلا مع الماضي. ولذبك تلزم غالباً مع الماضي، إذا وقع حالاً، نحو {وقد فصل لكم}. وإن ورد دون "قد" فقيل: هي معه مقدرة. وهو مذهب المبرد، والفراء، وقوم من النحويين. وقيل: لا حاجة إلى تقديرها. وهو الأظهر.
وكلام الزمخشري يدل على أن التقريب لا ينفك عن معنى التوقع. وكذلك قال ابن مالك في التسهيل: فتدخل على فعل ماض متوقع، لا يشبه الحرف، لتقريبه من الحال. وقال ابن الخباز: إذا دخل قد على الماضي أثر فيه معنيين: تقريبه من زمن الحال، وجعله خبراً منتظراً. فإذا قلت: "قد" ركب الأمير، فهو كلام لقوم ينتظرون حديثك. هذا تفسير الخليل.
الثالث: التقليل. وترد للدلالة عليه، مع المضارع. نحو: إن البخيل "قد" يجود. وقال ابن إياز: يفيد، مع المستقبل، التقليل في وقوعه، أو في متعلقه. فالأول كقولك: "قد" يفعل زيد كذا، أي: ليس ذلك منه بالكثير. والثاني كقوله تعالى: {قد يعلم ما أنتم عليه}، والمعنى، والله عز اسمه أعلم: أقل معلوماته ما أنتم عليه. قلت: والظاهر أن "قد" في هذه الآية للتحقيق، كما ذكره غيره.
ونازع بعضهم في إفادة "قد" لمعنى التقليل، فقال: "قد" تدل على توقع الفعل، ممن أسند إليه. وتقليل المعنى لم يستفد من "قد". بل لو قيل: البخيل يجود، فهم منه التقليل، لأن الحكم، على من شأنه البخل، بالجود إن لم يحمل على صدور ذلك قليلاً كان كلام كذباً، لأن آخره يدفع أوله.
الرابع: التكثير. وهو معنى غريب. و"قد" ذكره جماعة، من النحويين، وأنشدوا عليه قول الشاعر:
قد أشهد الغارة، الشعواء، تحملني ... جرداء، معروقة اللحيين، سرحوب
ونحو ذلك من الأبيات الواردة في الافتخار.
قلت: وجعل الزمخشري منه قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء}. ورام بعضهم استنباط هذا المعنى من كلام سيبويه. فإنه قال: وأما "قد" فجواب لقوله لما يقعل. ثم قال:
وتكون "قد" بمنزلة "ربما". قال الهذلي:
قد أترك القرن مصفراً أنامله ... كأن أثوابه مجت، بفرصاد
كأنه قال: "ربما". هذا نصه. فتشبيهه ب "ربما" يدل على أنها للتكثير.
وعكس ذلك بعضهم، فقال: بل تدل على التقليل، لأن ربما للتقليل. وسيأتي تحقيق معنى "رب" في بابها.
الخامس: التحقيق. وترد، للدلالة عليه، مع الفعلين: الماضي والمضارع. فمع الماضي نحو {قد أفلح المؤمنون}. ومع المضارع نحو {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون}.
والحاصل أنها تفيد، مع الماضي، أحد ثلاثة معان: التوقع، والتقريب، والتحقيق. ومع المضارع أحد أربعة معان: التوقع، والتقليل، والتحقيق، والتكثير.

تنبيه
"قد" الدالة على التقليل تصرف المضارع إلى الماضي. ذكر ذلك ابن مالك. والظاهر أن الدالة على التكثير كذلك. وأما التي للتحقيق فإنها "قد" تصرفه إلى المضي، ولا يلزم فيها ذلك. هذا معنى كلام ابن مالك.
واعلم أن "قد" مع الفعل كجزء منه، فلا يفصل بينهما، بغير القسم، كقول الشاعر:
أخالد، قد، والله، أوطأت عشوة ... وما العاشق المظلوم، فينا، بسارق
و"قد" يحذف الفعل بعدها، إذا دل عليه دليل كقول النابغة:
أزف الترحل، غير أن ركابنا ... لما تزل برحالنا، وكأن قد
أي: وكأن "قد" زالت. والله أعلم). [الجنى الداني:253 - 260]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 08:44 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): (حرف "القاف"
"قد"
"قد": على وجهين: حرفية وستأتي، واسمية، وهي على وجهين: اسم فعل وسيأتي، واسم مرادف "لحسب"، وهذه تستعمل على وجهين:
مبنيّة: وهو الغالب، لشبهها "بقد" الحرفية في لفظها، ولكثير من الحروف في وضعها، ويقال في هذا: "قد" زيد درهم بالسّكون، و"قدني" "بالنّون" حرصا على بقاء السّكون؛ لأنّه الأصل فيما يبنون.
ومعربة: وهو قليل، يقال: "قد" زيد درهم بالرّفع، كما يقال: "حسبه" درهم بالرّفع، و"قدي" درهم بغير "نون"، كما يقال: "حسبي"،
والمستعملة اسم فعل مرادفة "ليكفي"، يقال: "قد" زيدا درهم، و"قدني" درهم، كما يقال: "يكفي" زيدا درهم، و"يكفيني" درهم،
وقوله:
(قدني من نصر الخبيبين قدي ... )
تحتمل "قد" الأولى أن تكون مرادفة "لحسب" على لغة البناء، وأن تكون اسم فعل.
وأما الثّانية فتحتمل الأول وهو واضح، والثّاني على أن "النّون" حذفت للضّرورة، كقوله:
(إذ ذهب القوم الكرام ليسي ... )
ويحتمل أنّها اسم فعل لم يذكر مفعوله، "فالياء" للإطلاق، والكسرة للساكنين.
وأما الحرفية فمختصة بالفعل المتصرف الخبري المثبت المجرّد من جازم وناصب وحرف تنفيس، وهي معه كالجزء، فلا تفصل منه بشيء/ اللّهمّ إلّا بالقسم كقوله:
(أخالد قد والله أوطأت عشوة ... وما قائل المعروف فينا يعنف)
وقول آخر:
(فقد والله بين لي عنائي ... بوشك فراقهم صرد يصيح)
وسمع "قد" لعمري بت ساهرا، و"قد" والله أحسنت، و"قد" يحذف الفعل بعدها، لدليل كقول النّابغة:
(أفد الترحل غير أن ركابنا ... لما تزل برحالنا وكأن قد)
أي: وكأن "قد" زالت.
ولها خمسة معان:
أحدها: التوقع، وذلك مع المضارع واضح ،كقولك: "قد" يقدم الغائب اليوم، إذا كنت تتوقّع قدومه، وأما مع الماضي فأثبته الأكثرون، قال الخليل: يقال "قد" فعل لقوم ينتظرون الخبر، ومنه قول المؤذّن: "قد" قامت الصّلاة؛ لأن الجماعة منتظرون لذلك.
وقال بعضهم تقول: "قد" ركب الأمير لمن ينتظر ركوبه، وفي التّنزيل: {قد سمع الله قول الّتي تجادلك}، لأنّها كانت تتوقّع إجابة الله سبحانه وتعالى لدعائها، وأنكر بعضهم كونها للتوقع مع الماضي، وقال التوقع انتظار الوقوع، والماضي "قد" وقع.
و"قد" تبين بما ذكرنا أن مراد المثبتين لذلك أنّها تدل على أن الفعل الماضي كان قبل الإخبار به متوقعا، لا أنه الآن متوقع والّذي يظهر لي قول ثالث، وهو أنّها لا تفيد التوقع أصلا، أما في المضارع فلأن قولك يقدم الغائب يفيد التوقع بدون "قد"، إذ الظّاهر من حال المخبر عن مستقبل أنه متوقع له، وأما في الماضي فلأنّه لو صحّ إثبات التوقع لها بمعنى أنّها تدخل على ما هو متوقع، لصحّ أن يقال في لا رجل بالفتح، إن "لا" للاستفهام؛ لأنّها لا تدخل إلّا جوابا لمن قال: "هل" من رجل؟ ونحوه، فالّذي بعد "لا" مستفهم عنه من جهة شخص آخر، كما أن الماضي بعد "قد" متوقع كذلك، وعبارة ابن مالك في ذلك حسنة، فإنّه قال: إنّها تدخل على ماض متوقع، ولم يقل إنّها تفيد التوقع، ولم يتعرّض للتوقع في الدّاخلة على المضارع البتّة، وهذا هو الحق.
الثّاني: تقريب الماضي من الحال، تقول: قام زيد، فيحتمل الماضي القريب والماضي البعيد، فإن قلت: "قد" قام، اختصّ بالقريب،
وانبنى على إفادتها ذلك أحكام:
أحدها: أنّها لا تدخل على"ليس" و"عسى" و"نعم" و"بئس" لأنّهنّ للحال، فلا معنى لذكر ما يقرب ما هو حاصل، ولذلك علّة أخرى وهي أن صيغهن لا يفدن الزّمان، ولا يتصرفن فأشبهن الاسم، وأما قول عدي:
(لولا الحياء وأن رأسي قد عسا ... فيه المشيب لزرت أم القاسم)
"فعسا" هنا بمعنى: اشتدّ، وليست "عسى" الجامدة.
والثّاني: وجوب دخولها عند البصريين إلّا الأخفش على الماضي الواقع حالا؛ إمّا ظاهرة، نحو: {وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا}، أو مقدرة، نحو: {هذه بضاعتنا ردّت إلينا}، ونحو: {أو جاؤوكم حصرت صدورهم}.
وخالفهم الكوفيّون والأخفش فقالوا: لا تحتاج لذلك لكثرة وقوعها حالا بدون "قد"، والأصل عدم التّقدير، لا سيما فيما كثر استعماله.
الثّالث: ذكره ابن عصفور، وهو أن القسم إذا أجيب بماض متصرف مثبت، فإن كان قريبا من الحال جيء "باللاّم" و"قد" جميعًا، نحو: {تالله لقد آثرك الله علينا}، وإن كان بعيدا جيء "باللاّم" وحدها، كقوله:
(حلفت لها باللّه حلفة فاجر ... لناموا فما إن من حديث ولا صال)
انتهى.
والظّاهر في الآية والبيت عكس ما قال، إذ المراد في الآية "لقد" فضلك الله علينا بالصبر وسيرة المحسنين، وذلك محكوم له به في الأزل، وهو متصف به مذ عقل، والمراد في البيت أنهم ناموا قبل مجيئه.
ومقتضى كلام الزّمخشريّ أنّها في نحو: والله "لقد" كان كذا للتوقع لا للتقريب، فإنّه قال في تفسير قوله تعالى: {لقد أرسلنا نوحًا}، في سورة الأعراف، فإن قلت فما بالهم لا يكادون ينطقون بهذه "اللاّم" إلّا مع "قد"، وقل عنهم نحو قوله:
(حلفت لها باللّه ... البيت)
قلت لأن الجملة القسمية لا تساق إلّا تأكيدًا للجملة المقسم عليها الّتي هي جوابها، فكانت مظنّة لمعنى المتوقع الّذي هو معنى "قد" عند استماع المخاطب كلمة القسم. انتهى.
ومقتضى كلام ابن مالك: أنّها مع الماضي إنّما تفيد التّقريب، كما ذكره ابن عصفور، وأن من شرط دخولها كون الفعل متوقعا كما قدمنا، فإنّه قال في تسهيله، وتدخل على فعل ماض متوقع لا يشبه الحرف لتقريبه من الحال. انتهى.
الرّابع: دخول "لام" الابتداء في نحو: إن زيدا "لقد" قام، وذلك لأن الأصل دخولها على الاسم، نحو: إن زيدا لقائم، وإنّما دخلت على المضارع لشبهه بالاسم، نحو: {وإن ربك ليحكم بينهم}، فإذا قرب الماضي من الحال أشبه المضارع الّذي هو شبيه بالاسم فجاز دخولها عليه.
المعنى الثّالث: التقليل، وهو ضربان: تقليل وقوع الفعل، "قد" يصدق الكذوب، و"قد" يجود البخيل، وتقليل متعلّقه، نحو قوله تعالى: (قد يعلم ما أنتم عليه) أي: ما هم عليه هو أقل معلوماته سبحانه.
وزعم بعضهم أنّها في هذه الأمثلة ونحوها للتحقيق، وأن التقليل في المثالين الأوّلين لم يستفد من "قد"، بل من قولك البخيل يجود والكذوب يصدق فإنّه إن لم يحمل على أن صدور ذلك منهما قليل كان فاسدا إذ آخر الكلام يناقض أوله.
الرّابع: التكثير، قاله سيبويه في قول الهذليّ:
(قد أترك القرن مصفرا أنامله ... )
وقال الزّمخشريّ في: {قد نرى تقلب وجهك}، أي: "ربما" نرى، ومعناه: تكثير الرّؤية، ثمّ استشهد بالبيت، واستشهد جماعة على ذلك ببيت العروض:
(قد أشهد الغارة الشعواء تحملني ... جرداء معروقة اللحيين سرحوب)
الخامس: التّحقيق، نحو {قد أفلح من زكاها} و"قد" مضى أن بعضهم حمل عليه قوله تعالى: {قد يعلم ما أنتم عليه}، قال الزّمخشريّ: دخلت لتوكيد العلم، ويرجع ذلك إلى توكيد الوعيد.
وقال غيره في: {ولقد علمتم الّذين اعتدوا}، "قد" في الجملة الفعلية المجاب بها القسم، مثل إن في الجملة الاسمية المجاب بها في إفادة التوكيد، و"قد" مضى، نقل القول بالتقليل في الأولى، والتقريب والتوقع في مثل الثّانية، ولكن القول بالتحقيق فيهما أظهر.
السّادس: النّفي، حكى ابن سيدة:
(قد كنت في خير فتعرفه ... )
بنصب تعرف وهذا غريب، وإليه أشار في التسهيل بقوله: و"ربما" نفي "بقد"، فنصب الجواب بعدها انتهى، ومحمله عندي على خلاف ما
ذكر، وهو أن يكون كقولك للكذوب هو رجل صادق، ثمّ جاء النصب بعدها نظرا إلى المعنى، وإن كانا إنّما حكما بالنّفي لثبوت النصب فغير مستقيم لمجيء قوله:
( ... وألحق بالحجاز فأستريحا)
وقراءة بعضهم: (بل نقذف بالحقّ على الباطل فيدمَغَه).

مسألة
قيل يجوز النصب على الاشتغال في نحو: خرجت فإذا زيد يضربه عمرو مطلقًا، وقيل يمتنع مطلقًا وهو الظّاهر؛ لأن "إذا" الفجائية لا يليها إلّا الجمل الاسمية.
وقال أبو الحسن وتبعه ابن عصفور: يجوز في نحو: "فإذا" زيد "قد" ضربه عمرو، ويمتنع بدون "قد"، ووجهه عندي أن التزام الاسمية مع إذا هذه إنّما كان للفرق بينها وبين الشّرطيّة المختصة بالفعلية، فإذا اقترنت "بقد" حصل الفرق بذلك إذ لا تقترن الشّرطيّة بها). [مغني اللبيب: 2 / 523 - 548]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 08:46 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



باب ما أوله "القاف"
"قد"
قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): (باب ما أوله "القاف"
ومنه "قد"، وتأتي على وجهين:
أحدهما: تكون اسمًا وهو على ضربين:
الأول: تكون اسم فعل بمعنى "يكفي" فيقال: "قد" زيدا درهم، و"قدني" درهم، كما يقال: "يكفي" زيدًا درهم، و"يكفيني" درهم.
الضرب الثاني: تكون اسمًا مرادفًا لـ "حسب"، وفيه لغتان:
أحدهما: أن يستعمل مبنيًا وهو الغالب، لشبهه "بقد" الحرفية الآتية بعد إن شاء الله تعالى، فيقال: "قد" زيد درهم بالسكون، و"قدني" درهم، "بالنون" على غير قياس، لأن "نون" الوقاية مختصة بالأفعال، ولكنهم جاءوا بها حرصًا على بقاء السكون؛ لأنه الأصل في البناء.
الثانية: أن يستعمل معربًا وهو قليل، يقال: "قدُ" زيد درهم، بالرفع كما يقال: "حسبُه" درهم بالرفع، و"قدي" درهم، بغير "نون"، كما يقال: "حسبي".
قال طرفة يصف سيفه:
أخي ثقةٍ لا ينثني عن ضريبة .... إذا قيل مهلًا قال حاجزه قَدِي
وأما قول حميد الأرقط:
.... قَدْنِي من نصر الخبيبين قَدِي ....
فتحتم"قد"ل الأولى أن تكون مرادفة "لحسب" على لغة البناء، وأن تكون اسم فعل، وأما الثانية: فتحتمل أن تكون بمعنى "حسب" على لغة الإعراب وهو واضح، ويحتمل أن تكون بمعنى "حسب" على لغة البناء وحذفت "النون" للضرورة كقول الشاعر:
عددت قومي كعديد الطيس .... إذ ذهب القوم الكرام ليسي
ويحتمل أن تكون اسم فعل لم يذكر مفعوله و"الياء" للإطلاق والكسر لالتقاء الساكنين.
الوجه الثاني: أن تكون حرفًا وتختص بالدخول على الأفعال، وربما حذف الفعل بعد "قد" إذا دل عليه الكلام كقول النابغة:
أزف الترحل غير أن ركابنا .... لما تزل برحالنا وكأن قد
أي: وكأن "قد" زالت، وله خمسة معان:
الأول: التوقع، فتكون جوابًا لمتوقع، وهي نقيضة "ما" التي للنفي، ولا يبتدأ بها إلا أن يكون جوابًا لمتوقع قبل، وقوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون} على هذا المعنى؛ لأن القوم توقعوا علم حالهم عند الله تبارك وتعالى فقيل لهم: "قد" أفلح المؤمنون.
والتوقع مع المضارع واضح كقولك: "قد" يقدم الحاج إلى شهر، وأما مع الماضي فأثبته الأكثرون، وقال الخليل يقال: "قد" فعل، لقوم ينتظرون الخبر فأما إذا أخبروهم وهم لا ينتظرون الخبر لم يأت «بـ» "قد" ومنه قول المؤذن: "قد" قامت الصلاة؛ لأن الجماعة منتظرون لذلك، ومنه قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك}؛ لأنها كانت تتوقع إجابة الله سبحانه لدعائها، ومنه بعضهم مع الماضي بأنه "قد" وقع، والتوقع لا يجامع الوقوع وهذا لا يلزم المثبتين لأنهم لا يقولون بتوقعه حال وقوعه وإنما يقولون إن الإخبار بالماضي كان متوقعًا قبل وقوعه.
الثاني: تقريب الماضي من الحال، تقول: قام زيد، فيحتمل الماضي القريب والماضي البعيد، فإذا قلت: "قد" قام زيد، اختص بالقريب.
الثالث: التقليل، لوقوع الفعل كقولك: "قد" يصدق الكذوب، و"قد" يجود البخيل، وزعم بعضهم أنها في هذه الأفعال ونحوها للتحقيق كقوله تعالى: {قد يعلم ما أنتم عليه} وأن التقليل مستفاد في المثالين من قولك: البخيل يجود والكذوب يصدق لا من "قد" فإنه إذا لم يحمل على أن صدور ذلك منها قليل كان فاسدًا إذ آخر الكلام يناقض أوله:
الرابع: التكثير، قاله سيبويه في قول الهذلي:
قد أترك القرن مصفرًا أنامله .... كأن أثوابه مجت بفرصاد
وقال الزمخشري في قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء}، أي: "ربما" نرى ومعناه تكثير الرؤية، واستشهد جماعة على هذا المعنى بقول الشاعر:
قد أشهد الغارة الشعواء تحملني .... جرداء معروقة اللحيين سرحوب
الخامس: التحقيق، بمعنى "إن" ذلك كان وأنشد بعضهم على ذلك قول الهذلي:
.... قد أترك القرن مصفرًا أنامله ....
أي: "إن" ذلك من عادتي في الحرب، وفيه قوله تعالى: {قد أفلح من زكاها}، وقوله تعالى: {ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم}، وقوله تعالى: {قد يعلم ما أنتم عليه} ). [مصابيح المغاني: 320 - 325]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 08:47 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن محمد بن إسماعيل الكردي البيتوشي (ت: 1211هـ): (
وقد ككم أتت لتكثير وما ..... نفيًا ونصبك الجواب حُتما
قد أترك الحب الذي قد دارى
..... يومًا لنا فنقضي الأوطارا
وهي كجزء الفعل أي لا يُحجزُ
..... بينهما وباليمين جوزوا
وقد يرى الحذف لهذا الفعل إن
..... دل على المحذوف ما قبل يعن
وقد لعمري شقت قلبي الصدي ..... ولم يذب لكنه كأن قد).
[كفاية المعاني: 262 - 263]


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 2 محرم 1439هـ/22-09-2017م, 10:21 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


قسم معاني الحروف من دليل"دراسات في أساليب القرآن"
للأستاذ محمد عبد الخالق عضيمة



- لمحات عن دراسة (قد) في القرآن الكريم

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة