سورة يوسف
[ من الآية (11) إلى الآية (14) ]
{ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14)}
قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11)}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (6 - قَوْله {لَا تأمنا} 11
كلهم قَرَأَ {تأمنا} بِفَتْح الْمِيم وإدغام النُّون الأولى في الثَّانِيَة وَالْإِشَارَة إِلَى إِعْرَاب النُّون المدغمة بِالضَّمِّ اتِّفَاق). [السبعة في القراءات: 345]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ({لا تأمنا} بلا شم، يزيد والحلواني عن قالون). [الغاية في القراءات العشر: 285]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ( (تامنا) [11]: بلا شمة يزيد، وقالون طريق سالم وأبي إسحاق وأبي عون، والشموني طريق ابن أبي أمية). [المنتهى: 2/759]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (وكلهم قرأ: {ما لك لا تأمنا} (11): بإدغام النون الأولى في الثانية، وإشمامها الضم.
[التيسير في القراءات السبع: 319]
* وحقيقة الإشمام في ذلك أن يشار بالحركة إلى النون لا بالعضو إليها، فيكون ذلك إخفاء لا إدغامًا صحيحًا؛ لأن الحركة لا تسكن رأسًا، بل يضعف الصوت بها فيفصل بين المدغم والمدغم فيه لذلك. وهذا قول عامة أئمتنا، وهو الصواب؛ لتأكيد دلالته وصحته في القياس). [التيسير في القراءات السبع: 320]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (وكلهم [غير أبي جعفر] قرأ (ما لك لا تأمنا) بإدغام النّون الاولى في الثّانية وإشمامها الضّم. وحقيقة الإشمام في ذلك أن يشار بالحركة إلى النّون [لا] بالعضو إليها فيكون ذلك إخفاء لا إدغاما صحيحا لأن الحركة لا تسكن رأسا بل يضعف الصّوت بها فيفصل بين المدغم والمدغم فيه لذلك وهذا قول عامّة أئمّتنا وهو الصّواب لتأكيد دلالته وصحّته في القياس وأبو جعفر بالإدغام المحض من غير روم ولا إشمام). [تحبير التيسير: 412]
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (تَأْمَنَّا) بنونين ابْن مِقْسَمٍ، وبغير إشمام الحلواني، وابن عون، وسالم عن قَالُون، وابن بحر عن الْمُسَيَّبِيّ، والمنادي، وابن أبي أويس عن نافع، وأبو جعفر، وشيبة، ومجاهد، وابن أبي أمية ومحمد بن الضحاك عن الشموني، والحسن رواية بن أرقم، وقَتَادَة، والْأَعْمَش، روى البربري عن الحسن (تَأْمَنَّا) بضم الميم). [الكامل في القراءات العشر: 575] قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (773- .... .... .... .... = وَتَأْمَنُناَ لِلْكُلِّ يُخْفَي مُفَصَّلاَ
774 - وَأُدْغَمَ مَعْ إِشْمَامِهِ البَعْضُ عَنْهُمُ = .... .... .... .... ). [الشاطبية: 61]
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([773] غيابات في الحرفين بالجمع (نافعٌ) وتأمننا للكل يخفى مفصلا
[774] وأدغم مع إشمامه البعض عنهم = ونرتع ونلعب ياءُ (حصن) تطولا
...
{مالك لا تأمنا} قال في التيسير: «كلهم قرأ {مالك لا تأمنا} بإدغام النون الأولى في الثانية وإشمامها الضم. وحقيقة الإشمام، أن يشار بالحركة إلى النون، لا بالعضو، فيكون ذلك إخفاءً لا إدغامًا صحيحًا، لأن الحركة لا تسكن رأسًا، بل يضعف الصوت بها، فيفصل بين المدغم والمدغم فيه لذلك. وهذا قول عامة أئمتنا، وهو الصواب، التأكيد دلالته وصحته في القياس».
وهذا كلام متناقض كما تراه، إلا أن يكون سمى الإخفاء إدغامًا، فقد قال ذلك من تقدمه.
قال أبو حاتم سهل بن محمد: «القراءة في: {تأمنا} بالإدغام والإشمام؛ وهو ضرب من الإخفاء».
وقال ابن مجاهد فيه: «وإنما ترك الإشمام من تركه من القراء، لأن حق المدغم أن يكون ساكنًا؛ فإن أشم إعرابه، كان إخفاء لا إدغامًا».
وقال صاحب المحبر: «قرأ أبو جعفر {لا تأمنا} بفتح النون على الإدغام الصريح، والباقون بإشمامها الضم على الإخفاء”.
وقال النحويون: «الإشمام لا يصح مع الإدغام».
[فتح الوصيد: 2/1008]
وقال جماعة من القراء وأهل الأداء بالإدغام الصريح في {لا تأمنا} مع الإشمام، للدلالة على حركة المدغم».
والإشمام عندهم، كالإشمام السابق في الوقف، وهو ضم الشفتين من غير إحداث شيء في النون، وتكون الإشارة على هذا القول بعد الإدغام.
وأجازوا أيضًا أن يؤتى بذلك بعد سكون النون المدغمة، كما يؤتى به بعد سكون الراء من (قديرٌ) عند الوقف، فيقع ذلك قبل كمال الإدغام.
وإلى هذا القول، ذهب محمد بن جرير وجماعة من النحاة، وعبد الباقي ابن الحسن ومحمد بن علي، وجماعة من المقرئين.
قال أبو عمرو عثمان: «واللفظ بذلك يتصعب على الوجهين ويبعد لتداخل المدغم والمدغم فيه وكونهما كالشيء الواحد».
وإلى هذا الوجه أشار بقوله: (وأدغم مع إشمامه البعض عنهم)، وليس هذا الوجه في التيسير). [فتح الوصيد: 2/1009]
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ([773] غيابات في الحرفين بالجمع نافعٌ = وتأمننا للكل يخفى مفصلا
[774] وأدغم مع إشمامه البعض عنهم = ونرتع ونلعب ياء حصن تطولا
ح: (غياباتِ): مبتدأ، (بالجمع): حال، (في الحرفين): ظرف (الجمع)، (نافعٌ): خبر المبتدأ، أي: قراءة نافع، والمقدر هو العامل في الحال، (تأمننا): مبتدأ، (يُخفى): خبر، (للكل) و (مفصلًا): حالان، الهاء في (إشمامه) لـ (تأمننا)، وضمير (عنهم): لـ (الكل)، (نرتع): مبتدأ، (ياءُ): مبتدأ ثانٍ، (تطولا): خبره، والجملة: خبر الأول.
ص: يعني: قرأ نافع: (وألقوه في غيابات الجب) بالجمع في الموضعين [10-15] لأن كل موضع مما تغيب عن البئر غيابةٌ، إذ هي ما غاب عن العين، والباقون: بالإفراد، والمراد: ما غاب من أسفل الجب.
ثم قال: (وتأمننا للكل)، يعني: {ما لك لا تأمنا} [11] لأهل الأداء فيه مذهبان:
[1] الإخفاء، وهو عند صاحب التيسير: أن تدغم النون الأولى في الثانية لا تمامًا، مع إشمام الأولى بأن يشار بالحركة إليها، لا
[كنز المعاني: 2/329]
بالعضو، فيكون ذلك إخفاءً لا إدغامًا صحيحًا، إذ الحركة لم تسكن رأسًا، بل يضعف الصوت بها، فيفصل بين المدغم والمدغم فيه، وأشار إلى ذلك بقوله: (مفصلًا).
[2] والثاني: الإدغام الصحيح ثم إشمام الضم بعد الإدغام وقبل فتحة النون الثانية.
ووجهه: أن المدغم كالموقوف عليه من حيث جمعهما للساكنين، فكما يشم الحرف الموقوف عليه مرفوعًا في الإدراج، كذلك تشم النون المدغمة فرقًا بين إدغام المتحرك والساكن، وهذا الإشمام: أن تضع شفتيك من غير إسماع صوت، كما يُفعل عند التقبيل.
[كنز المعاني: 2/330]
وقرأ الكوفيون ونافع: {يرتع ويلعب} [12] بالياء فيهما على أن الضمير ليوسف، والباقون بالنون على أنه لجميع الإخوة). [كنز المعاني: 2/331] (م)
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (وأما: {مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا} فأصله "لا تأمننا" بنونين على وزن: تعلمنا، وقد قرئ كذلك على الأصل وهي قراءة شاذة؛ لأنها على خلاف خط المصحف؛ لأنه رسم بنون واحدة فاختلفت عبارة المصنفين عن قراءة القراء المشهورين له.
وحاصل ما ذكروه ثلاثة أوجه: إدغام إحدى النونين في الأخرى إدغاما محضا بغير إشمام، إدغام محض مع الإشمام، إخفاء لا إدغام؛ وهذه الوجوه الثلاثة هي المحكية عن أبي عمرو في باب الإدغام الكبير، فالإخفاء هو المعبر عنه بالروم، ولم يذكر الشاطبي في نظمه
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/261]
هنا غير وجهين: الإخفاء في هذا البيت والإدغام مع الإشمام في البيت الآتي، ومال صاحب التيسير إلى الإخفاء، وأكثرهم على نفيه، قال في التيسير: مالك لا تأمننا بإدغام النون الأولى في الثانية وإشمامها الضم، قال: وحقيقة الإشمام في ذلك أن يشار بالحركة إلى النون لا بالعضو إليها، فيكون ذلك إخفاء لا إدغاما صحيحا؛ لأن الحركة لا تسكن رأسا بل يضعف الصوت بها، فيفصل بين المدغم والمدغم فيه لذلك، وهذا قول عامة أئمتنا وهو الصواب؛ لتأكيد دلالته وصحته في القياس، فهذا معنى قول الناظم: "للكل يخفى مفصلا"؛ أي: نفصل إحدى النونين عن الآخر بخلاف حقيقة الإدغام، وقال أبو بكر ابن مهران في كتاب الإدغام: "مالك لا تأمننا" بالإشارة إلى الضمة وتركها قال: ولم يحك عن أحد منهم إلا الإدغام المحض من أشار منهم ومن ترك، ولو أراد من أشار الإخفاء دون الإدغام لفرقوا وبينوا، وقالوا: أدغم فلان وأخفى فلان فلما قالوا: أدغم فلان وأشار وأدغم فلان ولم يشر درينا أنهم أرادوا الإدغام دون الإخفاء، وأنه لا فرق عندهم بين الإشارة وتركها والله أعلم، وقال صاحب الروضة: لا خلاف بين جماعتهم في التشديد والله أعلم.
774- وَأَدْغَمَ مَعْ إِشْمَامِهِ البَعْضُ عَنْهُمُ،.. وَنَرْتَعْ وَنَلْعَبْ يَاءُ "حِصْنٍ" تَطَوَّلا
أي: فعل ذلك بعض المشايخ عن جميع القراء، وهذا الوجه ليس في التيسير وقد ذكره غير واحد من القراء والنحاة حتى قال بعضهم: أجمعوا على إدغام لا تأمننا، قال ابن مجاهد: كلهم قرأ "لا تأمَنّا" بفتح الميم وإدغام النون الأولى في الثانية والإشارة إلى إعراب النون المدغمة بالضم اتفاقًا، قال أبو علي: وجهه أن الحرف المدغم بمنزلة الحرف الموقوف عليه
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/262]
من حيث جمعهما السكون، فمن حيث أشموا الحرف الموقوف عليه إذا كان مرفوعا في الإدراج أشموا النون المدغمة في "تأمنا" قال: وليس هذا بصوت خارج إلى ذلك اللفظ، إنما هو تهيئة العضو لإخراج ذلك الصوت به؛ ليعلم بالتهيئة أنه يريد ذلك المهيأ له قال: وقد يجوز في ذلك وجه آخر في العربية، وهو أن يتبين ولا يدغم، ولكنك تخفي الحركة؛ وإخفاؤها هو أن لا تشبعها بالتمطيط ولكنك تختلسها اختلاسا. قلت: وهذا هو الوجه المذكور في البيت الأول، وقال أبو الحسن الحوفي: جمهور القراء على الإشمام للإعلام بأن النون من "تأمن" كانت مرفوعة، وصفة ذلك أنك تشير إلى الضمة من غير صوت مع لفظك بالنون المدغمة، وهو شيء يحتاج إلى رياضة، قال مكي: "لا تأمنا" بإشمام النون الساكنة الضم بعد الإدغام وقبل استكمال التشديد هذه ترجمة القراء. قلت: ووجه الإشمام الفرق بين إدغام المتحرك وإدغام الساكن، قال الفراء: تشير إلى الرفعة وإن تركت فلا بأس كل قد قرئ به). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/263]
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (773 - .... .... .... .... .... = وتأمننا للكلّ يخفي مفصّلا
774 - وأدغم مع إشمامه البعض عنهم = .... .... .... .... ....
....
وقوله تعالى: ما لَكَ لا تَأْمَنَّا. يقرأ لكل القراء بإخفاء حركة النون الأولى يعني بإظهارها واختلاس حركتها. وقول الناظم (مفصلا) معناه: مفصولا النون الأولى فيه عن الثانية في حال الإخفاء بسبب إظهار الأولى واختلاس حركتها، وأدغم بعض أهل الأداء عن القراء السبعة النون الأولى في الثانية إدغاما محضا مع الإشمام، والمراد بالإشمام هنا: ضم الشفتين عقب إدغام الحرف الأول في الثاني للإشارة إلى حركة الحرف المدغم، والوجهان صحيحان مقروء بهما لكل من القراء السبعة وإن كان وجه الإشمام أكثر شهرة وعليه جمهور أهل الأداء). [الوافي في شرح الشاطبية: 294]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وَتَقَدَّمَ تَأْمَنَّا وَالْخِلَافُ فِيهِ فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ). [النشر في القراءات العشر: 2/293]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ({تأمنا} [11] ذكر في آخر الإدغام الكبير). [تقريب النشر في القراءات العشر: 554]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (تتمة:
تقدم رؤياي [43]، وللرؤيا [43] في الهمز والإمالة، وتأمنّا [11] ). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/391] (م)
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في "لا تَأْمَنَّا" [الآية:11] فأبو جعفر بالإدغام المحض بلا إشمام ولا روم فينطق بنون مفتوحة مشددة، وتقدم أنه يبدل الهمزة الساكنة قولا واحدا، والباقون الإدغام مع الإشارة، واختلفوا فيها فبعضهم يجعلها روما فيكون حينئذ إخفاء، فيمتنع معه بالإدغام الصحيح؛ لأن الحركة لا تسكن رأسا، وإنما يضعف صوت الحركة، وبعضهم يجعلها إشماما، فيشير بضم شفيته إلى ضم النون بعد الإدغام، فيصح معه حينئذ كمال الإدغام، وبالأول قطع الشاطبي، واختاره الداني، وبالثاني قطع سائر الأئمة، واختاره صاحب النشر، قال: لأني لم أجد نصا يقتضي خلافه؛ ولأنه أقرب إلى حقيقة الإدغام وأصرح في اتباع الرسم، وبه ورد نص الأصبهاني، وانفرد ابن مهران عن قالون بالإدغام المحض كأبي جعفر والجمهور على خلافه، ولم يعول عليه في الطيبة على عادته). [إتحاف فضلاء البشر: 2/141]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ({تأمنا} [11] اضطربت في هذه اللفظة أقوال العلماء، فمنهم من يجعل فيها وجهين، ومنهم من يجعل ثلاثة، والوجهان هما الإدغام مع الإشمام، أو الإخفاء، والثالث هو الإدغام المحض من غير إشمام ولا روم.
ومنهم من يجعل الإشمام بعد الإدغام، ومنهم من يجعله مع أوله، ومنهم من يخير في ذلك.
ومنهم من يقول إن الإخفاء لا بد معه من الإدغام، ومنهم من يقول لا إدغام معه، ومنهم من ظاهر عبارته ذلك.
وهذا الاضطراب يوجب للقاصر الحيرة والتوقف، وللماهر التثبت والتعرف.
والحق أن فيها للقراء السبعة وجهين:
الأول: الإدغام مع الإشمام، فيشير إلى ضم النون المدغمة، بعد الإدغام، للفرق بين إدغام ما كان متحركًا وما كان ساكنًا، لأن {تأمنا} مركبة من فعل مضارع مرفوع وضمير المفعول المنصوب.
وأجمعت المصاحف على كتبه على خلاف الأصل، بنون وادة، كما يكتب ما آخره نون ساكنة واتصل به الضمير، نحو {كنا} [النساء: 97] و{عنا} [البقرة: 286] و{منا} [البقرة: 127].
وهذا الإشمام كالإشمام في الوقف على المرفوع، وهو أن تضم شفتيك من غير إسماع صوت، كهيئتهما عند التقبيل، لأن المسكن للإدغام كالمسكن للوقف، بجامع أن سكون كل منهما عارض.
[غيث النفع: 728]
الثاني: الإخفاء، وهو أن تضعف الصوت بحركة النون الأولى، بحيث إنك لا تأتي إلا ببعضها، وتدغمها في الثانية إدغامًا غير تام، لأن التام يمتنع مع الروم، لأن الحرف لم يسكن سكونًا تامًا، فيكون أمرًا متوسطًا بين الإظهار والإدغام، ولا يحكم هذا إلا بالأخذ من أفواه المشايخ البارعين العرافين الآخذين ذلك عن أمثالهم، والله الموفق.
وأما الوجه الثالث فلم يرو عن أحد من الأئمة السبعة، إلا من طرق ضعيفة، نعم هي قراءة أبي جعفر). [غيث النفع: 729]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11)}
{لَا تَأْمَنَّا}
قرأ أبو عمرو بخلاف عنه وأبو جعفر والأعشى والأزرق وورش والسوسي («لا تامنا) بإبدال الهمزة ألفًا.
وكذا جاءت قراءة حمزة في الوقف.
والجماعة على تحقيق الهمز {لاتأمنا}.
وقرأ أبو عمرو وابن عامر وابن كثير ونافع وعاصم وحمزة والكسائي {لاتأمنا} بإدغام النون في النون مع الإشمام للضم، وهو اختيار أبي عبيد.
والإشمام: «هو ضم حركة الشفتين إشارة إلى حركة الفعل مع
[معجم القراءات: 4/189]
الإدغام الصريح.
وحركة الفعل قبل الإدغام هي الضم: (لا تأمن).
قال ابن قتيبة: «بإشمام الضم مع الإدغام، وهذا ما لا يطوع به كل لسان».
وقرأ هؤلاء السبعة بإخفاء الحركة مع الإدغام قالوا: ولا يكون إدغامًا محضًا، وعبر عن هذا بعضهم بقوله: بين الإدغام والإظهار.
قال الأخفش: «والإدغام أحسن».
وفي شرح الشاطبية:
«اتفق السبعة على قراءة {لا تأمنا} بالإشارة، واختلف أهل الأداء عنهم، فكان بعضهم يجعلها رومًا فيكون ذلك إخفاء لا إدغامًا، وكان بعضهم يجعلها إشمامًا، وهو عبارة عن ضم الشفتين إشارة إلى حركة الفعل مع الإدغام الصريح.
قالوا: ولا تكون الإشارة إلا بالضم بعد الإدغام فيصح معه حينئذٍ الإدغام.
والروم اختيار الداني، وبالإشمام قطع أكثر أهل الأداء، واختاره المحقق الجزري....».
وورد النصعن نافع من طريق ورش بالروم.
وسمى ابن جني قراءة الإدغام مع إخفاء الحركة اختلاسًا، قال: «... حتى كأنك لم ترهم وقد ضايقوا أنفسهم، وخففوا عن ألسنتهم بأن اختلسوا الحركات اختلاسًا، وأخفوها، فلم
[معجم القراءات: 4/190]
يمكنوها في أماكن كثيرة، ولم يشبعوها، ألا ترى إلى قراءة أبي عمرو: (مالك لا تأمنا على يوسف) مختلسًا لا محققًا...».
وقرأ أبو جعفر والزهري لو رواها الحلواني عن قالونا (لا تامنا) بالإدغام المحض مع إبدال الهمزة الساكنة ألفًا من غير روم للحركة أو إشمام، وترك الإشمام عند الزجاج جيد لأن الميم مفتوحة فلا تغير.
وقرأ زيد بن علي والزهري وعمرو بن عبيد وأبو عون وابن مهران والحلواني عن قالون عن نافع والأعشى عن أبي بكر عن عاصم وهي قراءة يزيد المتقدمة والأعمش {لا تأمنا} بإدغام النون في النون من غير إشمام ولا روم، كذا بنون مفتوحة مشددة، وهو القياس.
وقرأ الحسن وأبي بن كعب والأعمش وطلحة بن مصرف وأبن مقسم (لا تأمننا) بالإظهار، وضم النون الأولى على الأصل، وهو خلاف خط المصحف، وهو من المبالغة في بيان إعراب الفعل.
قال العكبري: «وفي الشاذ من يظهر النون، وهو القياس».
[معجم القراءات: 4/191]
وقرأ ابن هرمز والحسن (لا تأمنا) ضم الميم، فتكون الضمة منقولة إلى الميم من النون الأولى بعد سلب الميم حركتها، وإدغام النون الأولى في الثانية.
وقرأ ابن وثاب وأبو رزين، وكذا الأعمش في رواية وعبد الله بن مسعود (لا تيمنا) بكسر حرف المضارعة وتسهيل الهمزة، وهي تخالف المصحف، وهي لغة تميم، وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن عاصم أنه قرأ بذلك بمحضر عبيد بن فضالة، فقال له: لحنت! فقال أبو رزين:
«ما لحن من قرأ بلغه قومه، وهي لغة تميم».
قال أبو حيان: «وسهل الهمزة بعد الكسرة ابن وثاب، وفي لفظٍ أرسله، دليل على أنه كان يمسكه، ويصحبه دائمًا».
وروي عن يحيى بن وثاب وأبي رزين والمطوعي (لا تئمنا)بكسر أوله مع بقاء الهمز، وهي لغة تميم.
وتقدم ما يشبه هذا في مواضع، ومنها قراءة (نستعين) بكسر النون في سورة الفاتحة.
قال الشهاب: «وقرئ بكسر حرف المضارعة مع الهمزة وتسهيلها» ). [معجم القراءات: 4/192]
قوله تعالى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12)}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (7 - وَاخْتلفُوا في قَوْله {يرتع ويلعب} 12
فَقَرَأَ ابْن كثير (نرتع وَنَلْعَب) بِفَتْح النُّون فيهمَا وَكسر الْعين في (نرتع) من غير يَاء من ارتعيت
حَدَّثَني عبيد الله قَالَ حَدثنَا نصر ابْن علي عَن أَبي بكر البكراوي عَن إِسْمَاعِيل المكي قَالَ سَمِعت ابْن كثير يقْرَأ (نرتع) بالنُّون وَكسر الْعين {ويلعب} بِالْيَاءِ وَجزم الْبَاء وَقَرَأَ نَافِع {يرتع} مثل ابْن كثير في كسر الْعين وهي بياء {ويلعب} بِالْيَاءِ وَجزم الْبَاء
وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَابْن عَامر (نرتع وَنَلْعَب) بالنُّون فيهمَا وتسكين الْعين وَالْبَاء
وَقَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة والكسائي {يرتع ويلعب} بِالْيَاءِ وَجزم الْعين وَالْبَاء). [السبعة في القراءات: 345 - 346]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ( (يرتع ويلعب) بالياء مدني، كوفي ورويس، وسهل (نرتع) بالنون (ويلعب) بالياء روح وزيد، بكسر العين، حجازي، القواس يشبعه). [الغاية في القراءات العشر: 286]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ( (نرتع ونلعب) [12]: بالنون فيهما مكي، وشامي، وأبو عمرو.
(نرتع): بالنون، {ويلعب}: بالياء زيدٌ طريق البخاري. بكسر
[المنتهى: 2/759]
العين حجازي. بإشباعها قنبل طريق الربعي وابن الصلت والهاشمي). [المنتهى: 2/760]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ الكوفيون ونافع (يرتع ويلعب) بالياء فيهما، غير أن نافعًا كسر العين من (يرتع) وأسكن الكوفيون، وقرأ الباقون بالنون فيهما غير ان ابن كثير كسر العين من (نرتع) وأسكنها غيره؛ وكلهم أسكنوا الباء من (نلعب) ). [التبصرة: 239]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (الكوفيون، ونافع: {يرتع ويلعب} (12): بالياء فيهما.
والباقون: بالنون.
وكسر الحرميان العين من : {يرتع}.
وجزمها الباقون). [التيسير في القراءات السبع: 320]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(الكوفيّون ونافع أبو جعفر ويعقوب: (يرتع ويلعب) بالياء فيهما والباقون بالنّون وكسر الحرميان وأبو جعفر العين من (يرتع) وجزمها الباقون). [تحبير التيسير: 412]
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (يَرْتَعْ) بالنون (وَيَلْعَبْ) بالياء الزَّعْفَرَانِيّ، ويزيد، وَرَوْحٌ بْن قُرَّةَ عن يعقوب، وهارون، وبكار، واللؤلؤي عن أَبِي عَمْرٍو، والبكرواني عن ابْن كَثِيرٍ، وهو الاختيار ليفرق بين اللعب من يوسف والرتع لإخوته، وبالنون فيهما مكي غير ابْن مِقْسَمٍ شامي وأَبُو عَمْرٍو غير معاذ ومن ذكرنا، الباقون ومعاذ عن أَبِي عَمْرٍو بالياء فيهما وكسر العين حجازي غير ابن عقيل عن ابن بغير وبإثبات الياء في اللفظ القواس طريق ابْن الصَّلْتِ والربعي والهاشمي). [الكامل في القراءات العشر: 575] قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([12]- {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} بالنون فيهما: ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو.
بكسر العين: الحرميان). [الإقناع: 2/669]
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (774- .... .... .... .... = وَنَرْتَعْ وَنَلْعَبْ يَاءُ حِصْنٍ تَطَوَّلاَ
775 - وَيَرْتَعْ سُكُونُ الْكَسْرِ فِي الْعَيْنِ ذُو حِمىً = .... .... .... .... ). [الشاطبية: 61]
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([774] وأدغم مع إشمامه البعض عنهم = ونرتع ونلعب ياءُ (حصن) تطولا
[775] ويرتع سكون الكسر في العين (ذ)و (حـ)مى = وبشراي حذف الياء (ثـ)بتٌ وميلا
...
و{یرتع}، من: رتع يرتع، أي يرتع يوسف ويلعب.
قال أبو عبيدة: «يرتع: يله».
ورتع أيضًا، إذا اتسع في الخصب؛ وكل مخصب راتع، أي ينعم.
وهي قراءة الكوفين.
وقراءة أبي عمرو وابن عامر، {نرتع ونلعب} بالنون والإسكان. وذلك ظاهر.
وقراءة ابن كثير، أصلها: (نرتعي)، نفتعل من الرعي، وهو أحد الوجهين عن قنبل.
وكذلك قراءة نافع، أصلها (يرتعي): يفعتعل.
[فتح الوصيد: 2/1009]
أبو علي: «من قرأ {نرتع}، فعلی: نرتع إبلنا، أو على أنها تنال هي ونحن ما نحتاج إليه.
فأما {نلعب}، فحكي أن أبا عمرو قيل له: كيف تقول: (ونلعب) وهم أنبياء؟ فقال: لم يكونوا يومئذٍ أنبياء».
قال أبو علي: «فإن صحت الحكاية عنه، وصح عنده تاریخ ذلك فذاك، وإلا فوجهه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لجابر: « فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك».
فهذا كأنه يتشاغل بمباحٍ وجمامٍ عن الجد، لما يتقوى به على النظر في العلم والعبادة» ). [فتح الوصيد: 2/1010]
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ([773] غيابات في الحرفين بالجمع نافعٌ = وتأمننا للكل يخفى مفصلا
[774] وأدغم مع إشمامه البعض عنهم = ونرتع ونلعب ياء حصن تطولا
ح: (غياباتِ): مبتدأ، (بالجمع): حال، (في الحرفين): ظرف (الجمع)، (نافعٌ): خبر المبتدأ، أي: قراءة نافع، والمقدر هو العامل في الحال، (تأمننا): مبتدأ، (يُخفى): خبر، (للكل) و (مفصلًا): حالان، الهاء في (إشمامه) لـ (تأمننا)، وضمير (عنهم): لـ (الكل)، (نرتع): مبتدأ، (ياءُ): مبتدأ ثانٍ، (تطولا): خبره، والجملة: خبر الأول.
ص: يعني: قرأ نافع: (وألقوه في غيابات الجب) بالجمع في الموضعين [10-15] لأن كل موضع مما تغيب عن البئر غيابةٌ، إذ هي ما غاب عن العين، والباقون: بالإفراد، والمراد: ما غاب من أسفل الجب.
ثم قال: (وتأمننا للكل)، يعني: {ما لك لا تأمنا} [11] لأهل الأداء فيه مذهبان:
[1] الإخفاء، وهو عند صاحب التيسير: أن تدغم النون الأولى في الثانية لا تمامًا، مع إشمام الأولى بأن يشار بالحركة إليها، لا
[كنز المعاني: 2/329]
بالعضو، فيكون ذلك إخفاءً لا إدغامًا صحيحًا، إذ الحركة لم تسكن رأسًا، بل يضعف الصوت بها، فيفصل بين المدغم والمدغم فيه، وأشار إلى ذلك بقوله: (مفصلًا).
[2] والثاني: الإدغام الصحيح ثم إشمام الضم بعد الإدغام وقبل فتحة النون الثانية.
ووجهه: أن المدغم كالموقوف عليه من حيث جمعهما للساكنين، فكما يشم الحرف الموقوف عليه مرفوعًا في الإدراج، كذلك تشم النون المدغمة فرقًا بين إدغام المتحرك والساكن، وهذا الإشمام: أن تضع شفتيك من غير إسماع صوت، كما يُفعل عند التقبيل.
[كنز المعاني: 2/330]
وقرأ الكوفيون ونافع: {يرتع ويلعب} [12] بالياء فيهما على أن الضمير ليوسف، والباقون بالنون على أنه لجميع الإخوة.
[775] ويرتع سكون الكسر في العين ذو حمى = وبشراي حذف الياء ثبتٌ وميلا
[776] شفاءً وقلل جهبذًا وكلاهما = عن ابن العلا والفتح عنه تفضلا
ب: (الثبت): الثابت، كـ (العدل) بمعنى (العادل)، (التقليل): ههنا: إمالة بين بين، وقد مضى تفسيره في أول آل عمران، (الجهبذ): الناقد الحاذق.
ح: (نرتع): مبتدأ، (سكون الكسر): مبتدأ ثانٍ، (في العين): حال، واللام: عوض عن العائد، (ذو حمى): خبر للثاني، والجملة: خبر للأول، وكذلك: (بشراي حذف الياء ثبتٌ)، و(ميلا): مجهول عطفًا على الخير، (شفاءً): حال من الممال، (جهبذًا): حال من فاعل (قلل)، كلاهما: مبتدأ، والضمير: للإمالة والتقليل، (عن ابن العلا): خبر، (الفتح ... تفضلا): مبتدأ وخبر، (عنه): حال، أي: منقولًا عنه، والضمير: لابن العلاء.
ص: قرأ الكوفيون وابن عامر وأبو عمرو: {نرتع} [12] بسكون العين، على أنه مجزوم من الرتع، ومدح هذه القراءة بأنها ذو حمى، أي:
[كنز المعاني: 2/331]
حجج يتقوى ويتحصن بها، والباقون: بكسرها على أنه من الرعي حُذف بالجزم الياء، ويثبتها قنبل في وجهٍ كما تقدم.
ففيه خمس قراءات: {يرتع} بالياء وسكون العين للكوفيين، وبكسرها والياء لنافع، وبالنون وسكون العين لابن عامر وأبي عمرو، وبكسرها والنون لابن كثير، وبإشباع كسرتها لقنبل في وجه.
وقرأ الكوفيون: {قال يا بشرى} [19] بحذف الياء على نداء البشرى مطلقًا، كأنه قال: (يا بشرى اقبلي فهذا أوانك)، والباقون: بإثباتها بإضافة البشرى إليه.
ثم من الكوفيين أمال حمزة والكسائي على أصلهما لأنها ألف تأنيث لا سيما وقبلها ياء.
ثم قال: (قلل جهبذًا)، أي: أمل بين بين لورش حال كونك حاذقًا ماهرًا.
ثم هذان الوجهان، أي: الإمالة المحضة وبين بين مع الفتح لابن
[كنز المعاني: 2/332]
العلاء أبي عمرو، ولكن الفتح عنه أفضل من غيره، أي: أصح نقلًا، لإطباق كتب الأئمة على الفتح عنه.
أما المحضة: فلأن {بُشرى} من ذوات الياء، وياء الإضافة في حكم الانفصال، وأما بين بين: فللتوسط بين كلا الأمرين، وأما الفتح: فلأن ألف {بشرى} لما رسمت في المصاحب بالألف هربًا من اجتماع اليائين في كلمة واحدةٍ صورةً فتحها أيضًا، ليسلم الأمر الذي خولف له بها عن أمثالها). [كنز المعاني: 2/331]
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (والياء في: {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ}، ليوسف والنون لجميع الإخوة، ثم ذكر خلاف القراء في العين فقال:
775- وَيَرْتَعْ سُكُونُ الكَسْرِ فِي العَيْنِ "ذُ"و "حِـ"ـمًا،.. وَبُشْرَايَ حَذْفُ الْيَاءِ "ثَـ"ـبْتٌ وَمُيِّلا
من يسكن العين فللجزم، وقراءته من رتع يرتع؛ أي: يتسع في الخصب، ومن كسرها فهو من ارتعى يرتعي يفتعل من الرعي، فحذف الياء للجزم
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/263]
وأثبتها قنبل في وجه على ما تقدم في باب الزوائد فقرأه الكوفيون بالياء وسكون العين وقراءة نافع بالياء وكسر العين، وقراءة ابن عامر وأبي عمرو بالنون وسكون العين، وقراءة ابن كثير بالنون وكسر العين وبإشباع كسرتها في وجه، ففي "يرتع" خمس قراءات، وفي "يلعب" قراءتان الياء لحصن والنون للباقين). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/264]
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (774 - .... .... .... .... .... = ونرتع ونلعب ياء حصن تطوّلا
775 - ويرتع سكون الكسر في العين ذو حمى = .... .... .... .... ....
....
وقرأ نافع والكوفيون يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ بالياء في الفعلين، وقرأ غيرهم بالنون فيهما.
وقرأ أبو عمرو وابن عامر والكوفيون بسكون كسر العين في يَرْتَعْ فتكون قراءة غيرهم بكسر العين. فيتحصل من هذا: أن نافعا يقرأ بالياء في الفعلين وبكسر العين في يَرْتَعْ ويقرأ ابن كثير بالنون في الفعلين مع كسر العين في نرتع ويقرأ أبو عمرو وابن عامر بالنون في الفعلين مع سكون العين. ويقرأ الكوفيون بالياء في الفعلين مع سكون العين، واتفق القراء على قراءة وَيَلْعَبْ بسكون الباء). [الوافي في شرح الشاطبية: 294]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (136- .... .... وَنَرْتَعْ وَبَعْدُ يَا = .... .... .... .... .... ). [الدرة المضية: 31]
- قال محمد بن الحسن بن محمد المنير السمنودي (ت: 1199هـ):(ثم قال: ويرتع وبعد ياء إلخ أي قرأ يعقوب وهو المشار إليه (بحا) حمى في صدر البيت الثاني بياء الغيبة في {يرتع} [12] وكذا في {يلعب} المشار إليه بقوله: وبعد ياء أي ياء في الفعلين وعلم من الوفاق للآخرين كذلك وهم في عين {يرتع} على أصولهم فأبو جعفر بالغيبة فيهما وكسر
[شرح الدرة المضيئة: 152]
العين وحذف الياء الزائدة والآخران بالغيب فيهما أيضًا لكن مع إسكان العين). [شرح الدرة المضيئة: 153]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاخْتَلَفُوا) فِي: يَرْتَعْ، وَيَلْعَبْ فَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ بِالنُّونِ فِيهِمَا، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ فِيهِمَا بِالْيَاءِ، وَكَسَرَ الْعَيْنَ مِنْ يَرْتَعْ الْمَدَنِيَّانِ، وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَثْبَتَ قُنْبُلٌ الْيَاءَ فِيهَا فِي الْحَالَيْنِ بِخِلَافٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَسْكَنَ الْبَاقُونَ الْعَيْنَ). [النشر في القراءات العشر: 2/293]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {يرتع ويلعب} [12] بالنون، والباقون بالياء فيهما، وكسر العين من {يرتع} [12] المدنيان وابن كثير، وأثبت قنبل فيها الياء في الحالين بخلاف كما ذكرنا، والباقون بإسكان العين). [تقريب النشر في القراءات العشر: 554]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (700- .... يرتع ويلعب نون دا = حز كيف يرتع كسر جزمٍ دم مدا). [طيبة النشر: 80]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (فاجمع (م) دا يرتع ويلعب نون (د) ا = (ح) ز (ك) يف يرتع كسر جزم (د) م (م) دا
يعني قوله تعالى: أرسله معنا غدا يرتع ويلعب قرأه بالنون فيهما ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر، والباقون بالياء وكسر العين من يرتع ابن كثير والمدنيان، والباقون بإسكانها، فالمدنيان بالياء والكسر في الحالين، وابن كثير بالنون والكسر، ولقنبل وجه بياء بعد العين في الحالين، وأبو عمرو وابن عامر بالنون فيهما وسكون العين، والكوفيون ويعقوب بالياء والإسكان). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 254]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ص:
يا أبت افتح حيث جا (ك) م (ث) طعا = آيات افرد (د) ن غيابات معا
فاجمع (مدا) يرتع ويلعب نون (د) ا = (ح) ز (ك) يف يرتع كسر جزم (د) م (مدا)
ش: أي: قرأ ذو كاف (كم) ابن عامر، وثاء (ثطعا) أبو جعفر بفتح [تاء] يا أبت أين (جاء)، والثمانية بكسرها.
وقرأ ذو دال (دن) ابن كثير: لقد كان في يوسف وإخوته آية للسائلين [7] بلا ألف على التوحيد، والباقون بألف على الجمع.
وقرأ مدلول (مدا) المدنيان: وألقوه في غيابات الجب [10]، [و] وأجمعوا أن يجعلوه في غيابات الجب [15] بألف على جمع السلامة، والثمانية بحذفها على التوحيد.
وقرأ ذو دال (دن) ابن كثير، وحاء (حز) أبو عمرو، وكاف (كيف) ابن عامر بنون في: نرتع ونلعب [12]، والسبعة بياء فيهما.
وقرأ ذو دال (دم) ابن كثير، و(مدا) المدنيان بكسر عين نرتع، والباقون
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/389]
بسكونها، وقيد الجزم للمخالفة؛ فصار المدنيان بالياء والكسر، [والكوفيون بالياء والإسكان]، وابن كثير بالنون والكسر، ولقنبل وجه بياء بعد العين، ويعقوب بالنون والياء في الحالين، والباقون [بالنون والإسكان].
تنبيه:
لم يعين [محل] فتح يا أبت، وعلم خصوصية الجمع المضاد للتوحيد في: آية، وغيبت من لفظه، ومن وحد وقف بالهاء، ومن جمع بالتاء [علما] من الإجماع.
ويا أبت فيه عشر لغات:
وجه كسر التاء: أنهم [عوضوا الياء] تاء تأنيث بدلالة الوقف؛ لاشتراكهما في دلالة التأنيث؛ تفخيما كعلامة أو ازدواجا، وكسرت دلالة على الوصل.
ووجه فتحها: أن الياء أبدلت ألفا ثم الألف تاء، وفتحت دلالة على الألف.
ووجه توحيد آية: اعتبار الجنس، ويوافق الرسم في حذف الألف خلافا للإمام، ويخالفه في الهاء.
[ووجه الجمع]: اعتبار الإفراد، ويوافق في التاء لا في الألف.
وغيابة الشيء: ما يستر مظروفه، وغيابة الجب: حفرة في جانبه فويق الماء.
ووجه جمعها: أنه ربما كان فيه حفرا.
وأراد بالجب: الجنس، أي: ألقوه في بعض غيابات الجب، أو بالغ فيه.
[ووجه] التوحيد: أن الواحد لا يحويه إلا مكان واحد.
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/390]
ووجه ياء يرتع ويلعب: إسنادهما لضمير يوسف.
ووجه نونهما: إسنادهما للإخوة على حد: نستبق [17]، وجاز لعبه لصغره، [ولعبهم] لسبقه النبوة أو معناه التشاغل، ك «تلاعبها» وتلاعبك»، أو المفاضلة، وهما مجزومان جوابا للشرط، ونرتع مضارع: «رتع».
ووجه كسر عينه: أنه مضارع «ارتعى»: «افتعل» من «رعى» الماشية؛ فحذفت الياء؛ للجزم، وتقدم وجه الياء). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/391] (م)
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في "نرْتَعْ وَنلْعَب" [الآية:12] فنافع وأبو جعفر بالياء من تحت فيهما إسنادا إلى يوسف عليه السلام، وكسر عين يرتع من غير ياء جزم بحذف حرف العلة من ارتعى افتعل من الرباعي، والفعلان مجزومان على جواب الشرط المقدر، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف بالياء كذلك فيهما، [إتحاف فضلاء البشر: 2/141]
لكن مع سكون العين، وافقهم الحسن والأعمش، وقرأ أبو عمرو وابن عامر بالنون فيهما، وسكون العين مضارع رتع انبسط في الخصب، فيكون صحيح الآخر جزمه بالسكون، وافقهما اليزيدي، وقرأ البزي بالنون فيهما وكسر العين من غير ياء، وقرأ قنبل كذلك إلا أنه أثبت الياء من طريق ابن شنبوذ وصلا ووقفا على لغة من يثبت حرف العلة في الجزم، ويقدر حذف الحركة المقدرة على حرف العلة واصلة من رعي فوزنه يفتعل وحذفها من طريق ابن مجاهد، والوجهان في الشاطبية كأصلها، لكن الإثبات ليس من طريقهما، كما نبه عليه في النشر؛ لأن طريقهما عن قنبل، إنما هو طريق ابن مجاهد). [إتحاف فضلاء البشر: 2/142]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وعن ابن محيصن يرتع بضم الياء وكسر التاء وسكون العين). [إتحاف فضلاء البشر: 2/142]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {يرتع ويلعب} [12] قرأ المكي والبصري والشامي بنون فيهما، والباقون بالياء فيهما، قرأ الحرميان بكسر عين {يرتع} والباقون بسكون العين.
تنبيه: ذكره الخلاف لقنبل في إثبات الياء بعد عين {نرتع} في الحالين، حيث قال:
وفي نرتعى خلف زكا ....... = ...........
هو مما خرج فيه عن طريقه، ولذا لم نذكره، ومن بيان ذلك أن إثبات الياء طريق ابن شنبوذ، وليس من طرقه، وإنما طريقه ابن مجاهد، كما تقدم، ولم يرو ابن مجاهد
[غيث النفع: 729]
إلا الحذف، وهي أيضًا رواية العباس بن الفضل وعبد الله بن أحمد البلخي وأحمد بن محمد اليقطيني وإبراهيم بن عبد الرازق وابن ثوبان وغيرهم.
فإن قلت: ذكره في التيسير، وهو أصله، قلت: ذكره على وجه الحكاية، لا على وجه الرواية، ويدلك على ذلك أنه لم يذكره في باب الزوائد، وإنما ذكره في آخر
[غيث النفع: 730]
السورة بلفظ: «وروى أبو ربيعة وابن الصباح عن قنبل {يرتع} بإثبات الياء وروى غيرهما حذفها عنه في الحالين» وإن كان منه رحمه الله على وجه الرواية فهو أيضًا خارج). [غيث النفع: 731]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12)}
{أَرْسِلْهُ}
قرأ ابن كثير في الوصل (أرسلهو) بوصل هاء الضمير بواو.
وقراءة الجماعة {أرسله} بها مضمومة من غير وصل.
{يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ}
قرأ عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب ورويس وخلف والحسن والأعمش (يرتع ويلعب) بالياء فيهما وسكون العين والباء، من رتع ولعب، على إسناد الفعل ليوسف.
ورتع الإنسان والبعير إذا أكلا كيف شاءا، وروى معمر عن قتادة أن معنى يرتع: يسعى، واللعب هو الاستباق والانتضال.
وجزم {يرتع} لوقوع الفعل بعد طلب {أرسله}، أو على أنه جواب شرط مقدر، على الخلاف المشهور بين العلماء، والثاني عطف عليه.
وقرأ أبو عمرو وابن عامر وابن كثير والبزي واليزيدي (نرتع ونلعب) بالنون فيهما على الإسناد للكل، أي جماعة المتكلمين، والجزم على ما تقدم بيانه في القراءة الأولى.
[معجم القراءات: 4/193]
وقرأ نافع وأبو جعفر، وابن كثير رواية، وجعفر بن محمد (يرتع ويلعب) بالياء من تحت فيهما، إسنادًا إلى يوسف عليه السلام، وكسر العين من (يرتع)، إنما كان للجزم بحذف حرف العلة، فهو من «ارتعی» «يرتعي» على وزن يفتعل من الرعي، وقيل: المعنى نتحارس ويحفظ بعضنا بعضًا.
ويلعب: الباء ساكنة، فالفعل معطوف على فعل مجزوم قبله فله حكمه.
وقرأ ابن محيصن وأبو رجاء «يرتع ويلعب» بضم الياء وكسر التاء وسكون العين، فهو من «أرتع» الرباعي، ويلعب: بسكون الباء، وياء في أوله، قالوا: هو على تقدير: يرتع مطيته، فحذف المفعول.
وقرأ ابن كثير والبزي وأبو جعفر وقنبل من طريق ابن مجاهد ونافع (نرتع ونلعب) بالنون فيهما، وكسر العين، وتخريجها بين.
وقرأ قنبل من طريق ابن شنبوذ، والعطار عن الزينبي وهي رواية أبي ربيعة وابن الصباح عن قنبل، وكذا قرأها الأصبهاني برواية
[معجم القراءات: 4/194]
الهاشمي عن القواس عن ابن كثير (نرتعي ونلعب) بالنون فيهما، وإثبات الياء وصلًا ووقفًا على لغة من يثبت حرف العلة في الجزم، ويقدر حذف الحركة المقدرة على حرف العلة.
وجعلوا هذه القراءة كقول الشاعر:
ألم يأتيك والأنباء تنمي = بما لاقت لبون بني زياد
قال أبو حيان:
«ومن أثبت الياء، فقال ابن عطية: هي قراءة ضعيفة، لا تجوز إلا في الشعر كقول الشاعر..» انتهى.
قال أبو حيان، «وقيل تقدير حذف الحركة في الياء لغة، فعلى هذا لا يكون ضرورة».
وقال ابن مهران الأصبهاني: «وقرأنا برواية الهاشمي عن القواس (نرتعي) بإثبات الياء، ولا يصح ذلك».
وفي رواية عن قنبل من طريق ابن الصلت إثبات الياء في الوقف دون الوصل، وهو المروي عن البزي.
وذكر صاحب الإتحاف الرواية بالحذف عن قنبل من طريق ابن مجاهد.
قال أبو حيان: «واختلف عن قنبل في إثبات الياء وحذفها».
وقال الداني:
«وروى أبو ربيعة وابن الصباح عن قنبل... بإثبات ياء بعد العين في الحالين، وروى غيرهما عنه حذفها في الحالين».
[معجم القراءات: 4/195]
وقرأ النخعي وأبو إسحاق ويعقوب وروح وزيد والأعرج وجعفر بن محمد وابن كثير في رواية إسماعيل بن مسلم، وهارون عن أبي عمرو وزيد عن يعقوب (نرتع ويلعب).
نرتع: بنون الجماعة.
يلعب: أي يوسف، وقد أسند اللعب إلى يوسف وحده لصباه.
وقرأ العلاء بن سيابه (يرتع ويلعب)
يرتع: مجزوم محذوف الياء، والكسر يشير إليه، وفاعله: يوسف.
يلعب: بضم الباء، أي يوسف، وهو خبر مبتدأ محذوف أي: يرتع، وهو يلعب. فهو مستأنف، أو لعله يصح على الحال.
وقرأ مجاهد وقتادة وابن محيصن وأنس وأبو رجاء (نرتع ونلعب)، بالنون فيهما، والأولى بالضم من «أرتع».
والرواية عن مجاهد وقتادة عند القرطبي (يرتع ويلعب) بضم الياء من «أرتع»، ويلعب: بالرفع على الاستئناف.
وقرأ مجاهد وقتادة وابن قطيب والنخعي ويعقوب (نرتع ويلعب) برفع النون، ويلعب: بالياء وسكون الباء على الجزم.
وقرأ مجاهد وقتادة (يرتع ويلعب) برفع الثاني على الاستئناف.
[معجم القراءات: 4/196]
وعن ابن كثير أنه قرأ (نرتع ويلعب) بكسر العين في الأول، وبالياء في الثاني.
وذكر العكبري أنه قرئ (نرتع ونلعب) بالنون فيهما ورفع آخرهما، قال: «فمنهم من يسكنها (نرتع) على الجواب، ومنهم من يضمها على أن تكون حالا مقدرة».
وذكر الرازي أنه قرأ (يرتع ونلعب) بالياء في الأول والنون في الثاني مع سكون آخرهما، وعزا الشهاب الخفاجي هذه القراءة إلى أبي رجاء.
وذكر الرازي أن هذا بعيد.
وذكر صاحب التاج أن قربى القب لبعض القراء قرأ: (يرتع ونلعب).
وقرأ زيد بن علي (نرتعي ونلعب) بثبوت الياء في الأول، وضم الياء في الثاني، وقد ذكرت من قبل ضعف القراءة بثبوت الياء عند بعض المفسرين مثل ابن عطية.
وعن زيد بن علي أيضًا أنه قرأ (يرتع ويلعب) بضم الياء في أولهما وفتح ما قبل آخرهما، مبنيين للمفعول.
قال أبو حيان:
«ويخرجها على أنه أضمر المفعول الذي لم يسم فاعله وهو ضمير «غد»، وكان أصله: يرتع فيه، ويلعب فيه، ثم حذف واسع فعدي الفعل للضمير، فكان التقدير: يرتعه ويلعبه، ثم بناه للمفعول،
[معجم القراءات: 4/197]
فاستكن الضمير الذي كان منصوبا لكونه ناب عن الفاعل».
وقرئ (يرتعي) بياء في أوله وياء بعد العين.
وروي عن ابن أبي عبلة أنه قرأ (يرعى ويلعب) وتخريجها بين أي: يرعى يوسف الأغنام ويلعب.
وقرأ مقاتل بن حيان (نلهو ونلعب) ذكر هذه القراءة الألوسي، ولم أجدها في مرجع آخر مما بين يدي، وأغلب الظن أنها من باب التفسير، وليست قراءة تروى). [معجم القراءات: 4/198]
قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13)}
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ( (الذيب) [13، 14، 17]: بلا همز يزيد، وحمص، وسلام، وعلي، وقاسم، وخلف، والأعشى، وورش، واليزيدي إلا ابن سعدان). [المنتهى: 2/760] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وقد ذكرنا (ليحزنني) ). [التبصرة: 239]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ ورش والكسائي (الذيب) بغير همز، وهمزه الباقون إلا أبا عمرو في ترك الهمز، وحمزة إذا وقف). [التبصرة: 239]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (ورش، والكسائي، وأبو عمرو: إذا خفف الهمز: {الذيب} (13، 14، 17): بغير همز.
والباقون: بالهمز في الحالين.
وحمزة: على أصله إذا وقف). [التيسير في القراءات السبع: 320] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(ورش وأبو جعفر وخلف والكسائيّ وأبو عمرو إذا خفف الهمز قرؤوا الذّئب بغير همز والباقون بالهمز في الحالين وحمزة على أصله إذا وقف). [تحبير التيسير: 413] (م)
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([13، 14، 17]- {الذِّئْبُ} مخفف: ورش والكسائي، وأبو عمرو إذا أدرج، وحمزة إذا وقف). [الإقناع: 2/670] (م) قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي لَيَحْزُنُنِي فِي آلِ عِمْرَانَ). [النشر في القراءات العشر: 2/293]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وَتَقَدَّمَ اخْتِلَافُهُمْ فِي " الذِّئْبِ " فِي بَابِ الْهَمْزِ الْمُفْرَدِ). [النشر في القراءات العشر: 2/293]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ({ليحزني} [13] ذكر في آل عمران لنافع). [تقريب النشر في القراءات العشر: 554]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ({الذئب} [13] ذكر في الهمز المفرد). [تقريب النشر في القراءات العشر: 554]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وقرأ "ليُحْزِنُنِي" [الآية:13] بضم الياء وكسر الزاي نافع "وفتح" ياء الإضافة منها نافع وابن كثير وأبو جعفر). [إتحاف فضلاء البشر: 2/142]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): ("وأبدل" همز "الذئب" ورش من طريقيه وأبو عمرو بخلفه والكسائي وخلف عن نفسه وكذا وقف حمزة). [إتحاف فضلاء البشر: 2/142]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {ليحزنني أن} [13] قرأ نافع بضم الياء الأولى، وكسر الزاي، والباقون بفتح الياء، وضم الزاي، وقرأ الحرميان بفتح الياء الأخيرة، والباقون بإسكانها). [غيث النفع: 731]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {الذئب} كله، قرأ ورش والسوسي وعلي بإبدال همزته ياء، والباقون بالهمز، ولم يبدل ورش ما هو عين إلا هذا و{بئس} [هود: 99] {وبئر} [الحج: 45] ونظمته فقلت: والهمز إن كان عينا ليس يبدله = ورش سوى بيس مع بير كذا الذيب). [غيث النفع: 731]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13)}
{لَيَحْزُنُنِي}
قرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن كثير وأبو عمرو وأبن عامر والحسن والأعرج وعيسى بن عمر وابن محيصن وأبو جعفر «ليحزنني» بفك الإدغام من «حزن».
وقرأ زيد بن علي وابن هرمز وابن محيصن (ليحزني) بتشديد النون وفتح أوله من «حزن»، وهي لغة تميم.
قال الأخفش: «يشمون النون الأولى الرفع».
وقرأ نافع وابن محيصن: (ليحزنني) بضم أوله وكسر الزاي
[معجم القراءات: 4/198]
وفك التضعيف، وهي رواية ورش عن نافع في جميع القرآن وهو من «أحزن» الرباعي، وهي لغة قريش.
وتقدم مثل هذا في آية آل عمران /176، والأنعام آية/۳۲.
وقال أبو حاتم: وقرأ نافع (ليحزني)بضم الياء وكسر الزاي والإدغام.
{لَيَحْزُنُنِي أَنْ}
قرأ نافع (ليحزنني أن) بفتح الياء قبل الهمزة، وضم الياء الأولى على مذهبه المتقدم.
وقرأ أبو جعفر وابن كثير (ليحزنني أن) بفتح الياء الأولى من «حزن» وفتح الثانية قبل «أن».
وقراءة الجماعة بسكون الياء {ليحزنني أن}.
{أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ}
قراءة الجماعة {أن تذهبوا به}، ثلاثيًا من «ذهب» عدي الفعل بالباء.
وقرأ زيد بن علي أن (تذهبوا به)بضم أول الفعل من «أذهب» رباعيًا، وخرج على زيادة الباء على تقدير: «أن تذهبوه»، وقرن أبو حيان هذه القراءة بقراءة من قرأ (تنبت بالدهن) بضم أول الفعل في الآية/۲۰ من سورة المؤمنين، وتأتي في موضعها، وكان من الأنسب أن يذكر مع هذا قراءة من قرأ (يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار) بضم الياء في الآية/43 من سورة النور، وهي قراءة أبي جعفر وغيره، وتأتي في موضعها إن شاء الله تعالى.
[معجم القراءات: 4/199]
{أَنْ يَأْكُلَهُ}
قرأ أبو عمرو بخلاف عنه وأبو جعفر والأزرق وورش والأصبهاني والسوسي (أن ياكله) بإبدال الهمزة ألفًا.
وكذا جاءت قراءة حمزة في الوقف.
وقراءة الجماعة بالهمز.
{الذِّئْبُ}
قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو، وإسماعيل ويعقوب ابنا جعفر ابن أبي كثير وقالون وأبو بكر بن أبي أويس والمسيبي، كل هؤلاء عن نافع، وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب والحسن {الذئب} بالهمز، وهي لغة الحجاز.
قال الأصمعي: «سألت نافعًا عن الذئب والبئر فقال: إن كانت العرب تهمز فأهمزها».
وذهب أبو بكر بن مجاهد إلى أن الرواية عن نافع بغير همز وهم.
وقرأ الكسائي وأبو عمرو في رواية، وورش عن نافع والأزرق والسوسي عن اليزيدي وخلف وأبو جعفر والأعشى وقالون وعباس ابن الفضل وأوقية وشيبة، واليزيدي في الإدراج، ومدين من طريق عبد السلام (الذيب) بالياء من غير همز في الوقف والوصل.
قال ابن مجاهد:
[معجم القراءات: 4/200]
«وحدثني عبيد الله عن نصر عن أبيه قال: سمعت أبا عمرو يقرأ:(فأكله الذيب) لا يهمز.
وروى عباس بن الفضل عن أبي عمرو أنه لا يهمز.
وكذا جاءت قراءة حمزة في الوقف (الذيب) بياء من غير همز، وهو رواية عن ابن عامر وأبي عمرو.
قال الشهاب:
«والذئب عينه همزة، فمن قرأ بها أتى به على أصله، ومن أبدلها ياء لسكونها وانكسار ما قبلها أتى به على القياس، ومن خصه بالوقف فلأن التقاء الساكنين في الوقف جائز، لكن إذا كان الأول حرف مد يكون أحسن».
وقال ابن خالويه:
«... فالحجة لمن همز: أنه أتى به على أصله؛ لأنه مأخوذ من تذاؤب الريح، وهو هبوبها من كل وجه، فشبه بذلك لأنه إذا حذر من وجه أتي من آخر.
والحجة لمن ترك الهمزة أنها ساكنة، فأراد بذلك التخفيف».
وقال مكي:
«فإن قيل: ما حجة ورش في تخفيفه لـ «الذئب...» ومن أصله أن يحقق عين الفعل حيث وقعت؟
فالجواب أنه خفف همزة «الذئب» على لغة من قال: لا أصل له في الهمزة، وقد قال الكسائي: لا أعرف أصله في الهمز، فلم يهمزه في قراءته، وكذلك «البئر» قد قيل لا أصل لها في الهمز....».
قال الطوسي:
[معجم القراءات: 4/201]
«والهمز وترك الهمز لغتان مشهورتان، قال أبو علي: والأصل فيه الهمزة، فإن خفف جاز...» ). [معجم القراءات: 4/202]
قوله تعالى: {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14)}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (8 - وَاخْتلفُوا في همز {الذِّئْب} 14 وَتَركه
فَقَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع وَأَبُو عَمْرو وَعَاصِم وَابْن عَامر وَحَمْزَة بِالْهَمْز
وَقَرَأَ الكسائي بِغَيْر همز
وحدثني عبيد الله عَن نصر عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت أَبَا عَمْرو يقْرَأ (فَأَكله الذيب) لَا يهمز
وَأهل الْحجاز يهمزون
وروى عَبَّاس بن الْفضل عَن أَبي عَمْرو أَنه لَا يهمز
وروى ورش عَن نَافِع أَنه لَا يهمز
وَقَالَ ابْن جماز أَبُو جَعْفَر وَشَيْبَة وَنَافِع لَا يهمزون الذيب
قَالَ أَبُو بكر وَهَذَا وهم إِنَّمَا هُوَ أَبُو جَعْفَر وَشَيْبَة لَا يهمزانه وَنَافِع يهمزه كَذَا قَالَ إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَنْهُم
وروى المسيبي وَأَبُو بكر بن أَبي أويس وقالون وَإِسْمَاعِيل وَيَعْقُوب ابْنا جَعْفَر بن أَبي كثير عَن نَافِع أَنه همز
وَأخْبرنَا أَبُو سعيد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الحارثي البصري عَن الأصمعي قَالَ سَأَلت نَافِعًا عَن الذِّئْب والبئر فَقَالَ إِن كَانَت الْعَرَب تهمزهما فاهمزهما). [السبعة في القراءات: 346]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ( (الذيب) [13، 14، 17]: بلا همز يزيد، وحمص، وسلام، وعلي، وقاسم، وخلف، والأعشى، وورش، واليزيدي إلا ابن سعدان). [المنتهى: 2/760] (م)
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (ورش، والكسائي، وأبو عمرو: إذا خفف الهمز: {الذيب} (13، 14، 17): بغير همز.
والباقون: بالهمز في الحالين.
وحمزة: على أصله إذا وقف). [التيسير في القراءات السبع: 320] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(ورش وأبو جعفر وخلف والكسائيّ وأبو عمرو إذا خفف الهمز قرؤوا الذّئب بغير همز والباقون بالهمز في الحالين وحمزة على أصله إذا وقف). [تحبير التيسير: 413] (م)
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ( [13، 14، 17]- {الذِّئْبُ} مخفف: ورش والكسائي، وأبو عمرو إذا أدرج، وحمزة إذا وقف). [الإقناع: 2/670] (م) قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14)}
{لَئِنْ}
قراءة حمزة في الوقف بتسهيل الهمز.
{الذِّئْبُ}
تقدم الحديث عنه وحكم الهمز في الآية السابقة.
{وَنَحْنُ عُصْبَةٌ}
سبق فيه قراءتان في الآية/۸ من هذه السورة:
1- (ونحن عصبة) بالرفع قراءة الجماعة.
۲- (ونحن عصبة) بالنصب قراءة مروية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
فارجع إليها في الآية السابقة، وفيها تفصيل الحديث، وحسبك وحسبي.
{لَخَاسِرُونَ}
عن ورش والأزرقترقيق الراء بخلاف). [معجم القراءات: 4/202]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين