العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الروم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 12:00 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة الروم [ من الآية (54) إلى الآية (60) ]

تفسير سورة الروم
[ من الآية (54) إلى الآية (60) ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56) فَيَوْمَئِذٍ لَّا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُم بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58) كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 جمادى الأولى 1434هـ/25-03-2013م, 09:01 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال غيره: {ضعفٌ} [الروم: 54] : «وضعفٌ لغتان»). [صحيح البخاري: 6/114]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال غيره ضعفٌ وضعفٌ لغتان هو قول الأكثر وقرئ بهما فالجمهور بالضّمّ وقرأ عاصمٌ وحمزة بالفتح في الألفاظ الثّلاثة وقال الخليل الضّعف بالضّمّ ما كان في الجسد وبالفتح ما كان في العقل). [فتح الباري: 8/512]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال غيره: ضعفٌ وضعفٌ، لغتان
أي: قال غير ابن عبّاس رضي الله عنهما، في قوله تعالى: {الله الّذي خلقكم من ضعف} (الرّوم: 54)
الآية، الأول بفتح الضّاد، والثّاني بالضّمّ، وقرىء بهما. فالجمهور بالضّمّ. وقرأ عاصم وحمزة بالفتح، وقال الخليل: الضعف بالضّمّ ما كان في الجسد، وبالفتح ما كان في العقل). [عمدة القاري: 19/110]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال غيره) غير ابن عباس ({ضعف}) بضم المعجمة (وضعف) بفتحها (لغتان) بمعنى واحد قرئ بهما في قوله تعالى: {الله الذي خلقكم من ضعف} [الروم: 54] والفتح قراءة عاصم وحمزة وهو لغة تميم والضم لغة قريش، وقيل بالضم في الجسد وبالفتح في العقل أي خلقكم من ماء ذي ضعف وهو النطفة ثم جعل من بعد ضعف الطفولية قوّة الشبيبة ثم جعل من بعد قوّة ضعفًا هرمًا وشيبة والشيبة تمام الضعف والتنكير مع التكرير لأن اللاحق ليس عين السابق). [إرشاد الساري: 7/286]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (ضعف وضعف): بضم الضاد في الأول، وفتحها في الثاني، وسكون العين فيهما). [حاشية السندي على البخاري: 3/63]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اللّه الّذي خلقكم من ضعفٍ ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا وشيبةً يخلق ما يشاء وهو العليم القدير}.
يقول تعالى ذكره لهؤلاء المكذّبين بالبعث من مشركي قريشٍ، محتجًّا عليهم بأنّه القادر على ذلك وعلى ما يشاء: {اللّه الّذي خلقكم} أيّها النّاس {من ضعفٍ} يقول: من نطفةٍ وماءٍ مهينٍ، فأنشأكم بشرًا سويًّا.
{ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً} يقول: ثمّ جعل لكم قوّةً على التّصرّف، من بعد خلقه إيّاكم من ضعفٍ، ومن بعد ضعفكم، بالصّغر والطّفولة. {ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا وشيبةً} يقول: ثمّ أحدث لكم الضّعف بالهرم والكبر عمّا كنتم عليه أقوياء في شبابكم وشيبةً.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {الّذي خلقكم من ضعفٍ} أي من نطفةٍ {ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً، ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا} الهرم {وشيبةً} الشّمط.
وقوله: {يخلق ما يشاء} يقول تعالى ذكره: يخلق ما يشاء من ضعفٍ وقوّةٍ وشبابٍ وشيبٍ {وهو العليم} بتدبير خلقه {القدير} على ما يشاء، لا يمتنع عليه شيءٌ أراده، فكما فعل هذه الأشياء، فكذلك يميت خلقه ويحييهم إذا شاء. يقول: واعلموا أنّ الّذي فعل هذه الأفعال بقدرته يحيي الموتى إذا شاء). [جامع البيان: 18/525-526]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال محمّد بن يحيى بن أبي عمر: ثنا بشر بن السري، عن الفضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة، عن ابن عمر، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "أنّه كان يقرأ: (اللّه الّذي خلقكم من ضعفٍ ثمّ جعل من بعد ضعف قوة) "). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/252-253]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير.
أخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، وابن المنذر والطبراني والشيرازي في الالقاب والدار قطني في الافراد، وابن عدي والحاكم وأبو نعيم في الحلية، وابن مردويه والخطيب في تالي التلخيص عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قرأت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم {الله الذي خلقكم من ضعف} فقال من ضعف يا بني). [الدر المنثور: 11/610-611]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ (الله الذي خلقكم من ضعف) بالضم). [الدر المنثور: 11/611]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ هذا الحرف في الروم {خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا} ). [الدر المنثور: 11/611]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {الله الذي خلقكم من ضعف} قال: من نطفة {ثم جعل من بعد قوة ضعفا} قال: الهرم {وشيبة} قال: الشمط). [الدر المنثور: 11/611]

تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويوم تقوم السّاعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعةٍ كذلك كانوا يؤفكون}.
يقول تعالى ذكره: ويوم تجيء ساعة البعث، فيبعث الخلق من قبورهم، يقسم المجرمون، وهم الّذين كانوا يكفرون باللّه في الدّنيا، ويكتسبون فيها الآثام، وإقسامهم: حلفهم باللّه {ما لبثوا غير ساعةٍ} يقول: يقسمون بأنّهم لم يلبثوا في قبورهم غير ساعةٍ واحدةٍ. يقول اللّه جلّ ثناؤه: كذلك في الدّنيا كانوا يؤفكون: يقول: كذبوا في قيلهم، وأقسموا: ما لبثنا غير ساعةٍ، كما كانوا في الدّنيا يكذبون، ويحلفون على الكذب وهم يعلمون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ويوم تقوم السّاعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعةٍ كذلك كانوا يؤفكون} أي يكذبون في الدّنيا، وإنّما يعني بقوله: {يؤفكون} عن الصّدق، ويصدفون عنه إلى الكذب). [جامع البيان: 18/526-527]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة} قال: يعنون في الدنيا استقل القوم أجل الدنيا لما عاينوا الآخرة {كذلك كانوا يؤفكون} قال: كذلك كانوا يكذبون في الدنيا {وقال الذين أوتوا العلم} الآية، قال: هذا من تقاديم الكلام وتأويلها: وقال الذين اوتوا الايمان والعلم في كتاب الله لقد لبثتم إلى يوم البعث). [الدر المنثور: 11/611-612]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنّكم كنتم لا تعلمون}.
كان قتادة يقول: هذا من المقدّم، الّذي معناه التّأخير.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث} قال: هذا من مقاديم الكلام. وتأويلها: وقال الّذين أوتوا الإيمان والعلم: لقد لبثتم في كتاب اللّه.
وذكر عن ابن جريجٍ أنّه كان يقول: معنى ذلك: وقال الّذين أوتوا العلم بكتاب اللّه، والإيمان باللّه وكتابه.
وقوله: {في كتاب اللّه} يقول: فيما كتب اللّه ممّا سبق في علمه أنّكم تلبثونه {فهذا يوم البعث} يقول: فهذا يوم يبعث النّاس من قبورهم {ولكنّكم كنتم لا تعلمون} يقول: ولكنّكم كنتم لا تعلمون في الدّنيا أنّه يكون، وأنّكم مبعوثون من بعد الموت، فلذلك كنتم تكذبون). [جامع البيان: 18/527-528]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة} قال: يعنون في الدنيا استقل القوم أجل الدنيا لما عاينوا الآخرة {كذلك كانوا يؤفكون} قال: كذلك كانوا يكذبون في الدنيا {وقال الذين أوتوا العلم} الآية، قال: هذا من تقاديم الكلام وتأويلها: وقال الذين اوتوا الايمان والعلم في كتاب الله لقد لبثتم إلى يوم البعث). [الدر المنثور: 11/611-612] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله {لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث} قال: لبثوا في علم الله في البرزخ إلى يوم القيامة لا يعلم متى علم وقت الساعة إلا الله وفي ذلك أنزل الله {وأجل مسمى عنده} طه الآية 129). [الدر المنثور: 11/612]

تفسير قوله تعالى: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فيومئذٍ لا ينفع الّذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون}.
يقول تعالى ذكره: فيوم يبعثون من قبورهم {لا ينفع الّذين ظلموا معذرتهم} يعني المكذّبين بالبعث في الدّنيا معذرتهم، وهو قولهم: ما علمنا أنّه يكون، ولا أنّا نبعث. {ولا هم يستعتبون} يقول: ولا هؤلاء الظّلمة يسترجعون يومئذٍ عمّا كانوا يكذّبون به في الدّنيا). [جامع البيان: 18/528]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد ضربنا للنّاس في هذا القرآن من كلّ مثلٍ ولئن جئتهم بآيةٍ ليقولنّ الّذين كفروا إن أنتم إلاّ مبطلون}.
يقول تعالى ذكره: ولقد مثّلنا للنّاس في هذا القرآن من كلّ مثلٍ احتجاجًا عليهم، وتنبيهًا لهم عن وحدانيّة اللّه. وقوله {ولئن جئتهم بآيةٍ} يقول: ولئن جئت يا محمّد هؤلاء القوم {بآيةٍ} يقول: بدلالةٍ على صدق ما تقول {ليقولنّ الّذين كفروا إن أنتم إلاّ مبطلون} يقول: ليقولنّ الّذين جحدوا رسالتك، وأنكروا نبوّتك: إن أنتم أيّها المصدّقون محمّدًا فيما أتاكم به {إلاّ مبطلون} فيما تجيئوننا به من هذه الأمور). [جامع البيان: 18/528]

تفسير قوله تعالى: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كذلك يطبع اللّه على قلوب الّذين لا يعلمون}.
يقول تعالى ذكره: كذلك يختم اللّه على قلوب الّذين لا يعلمون حقيقة ما تأتيهم به يا محمّد من عند اللّه من هذه العبر والعظات، والآيات البيّنات، فلا يفقهون عن اللّه حجّةً، ولا يفهمون عنه ما يتلو عليهم من آي كتابه، فهم لذلك في طغيانهم يتردّدون). [جامع البيان: 18/529]

تفسير قوله تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون}.
يقول تعالى ذكره: فاصبر يا محمّد لما ينالك من أذاهم، وبلّغهم رسالة ربّك، فإنّ وعد اللّه الّذي وعدك من النّصر عليهم، والظّفر بهم، وتمكينك وتمكين أصحابك، وأتباعك في الأرض حقٌّ {ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون} يقول: ولا يستخفّنّ حلمك ورأيك هؤلاء المشركون باللّه، الّذين لا يوقنون بالمعاد، ولا يصدّقون بالبعث بعد الممات، فيثبّطوك عن أمر اللّه، والنّفوذ لما كلّفك من تبليغهم رسالته.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سعيد بن جبيرٍ، عن عليّ بن ربيعة، أنّ رجلاً من الخوارج قرأ خلف عليٍّ رضي اللّه عنه: {لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين}، فقال عليٌّ: {فاصبر إنّ وعد اللّه، حقٌّ ولا يستخفّنّك الّذين لا يؤمنون}.
- قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن شريكٍ، عن عثمان بن أبي زرعة، عن عليّ بن ربيعة، قال: نادى رجلٌ من الخوارج عليًّا رضي اللّه عنه، وهو في صلاة الفجر، فقال: {ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين}، فأجابه عليٌّ رضي اللّه عنه وهو في الصّلاة: {فاصبر إنّ وعد اللّه، حقٌّ ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ، ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون} قال: قال رجلٌ من الخوارج خلف عليٍّ في صلاة الغداة: {ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين}، فأنصت له عليٌّ رضي اللّه عنه حتّى فهم ما قال، فأجابه وهو في الصّلاة: {فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ، ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون} ). [جامع البيان: 18/529-530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سننه" عن علي رضي الله عنه أن رجلا من الخوارج ناداه وهو في صلاة الفجر فقال {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} فأجابه علي رضي الله عنه وهو في الصلاة {فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون} ). [الدر المنثور: 11/612]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 جمادى الأولى 1434هـ/28-03-2013م, 02:31 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اللّه الّذي خلقكم من ضعفٍ} [الروم: 54]، يعني: ضعف نطفة الرّجل.
[تفسير القرآن العظيم: 2/666]
{ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً} [الروم: 54]، يعني: شبابه.
عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: شبابه، وهذا قول مجاهدٍ.
{ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا وشيبةً يخلق ما يشاء وهو العليم القدير} [الروم: 54] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/667]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({خلقكم من ضعفٍ}: أي : صغاراً أطفالاً, {ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفاً وشيبةً}: أي: الكبر بعد القوة).
[مجاز القرآن: 2/125]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {خلقكم من ضعفٍ}: أي : من مني.). [تفسير غريب القرآن: 343]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {اللّه الّذي خلقكم من ضعف ثمّ جعل من بعد ضعف قوّة ثمّ جعل من بعد قوّة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير (54)}
تأويله : أنه خلقكم من النطف في حال ضعف , ثم قوّاكم في حال الشبيبة , ثم جعل بعد الشبيبة ضعفاً,وشيبة.
وروي في الحديث: أن ابن عمر قال: (قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم) : {اللّه الّذي خلقكم من ضعف}, قال : (فأقرأني): من ضعف.
وقرأ عطية على ابن عمر : (من ضعف) , فأقرأه : (من ضعف)، وقال له: (قرأتها على النبي صلى الله عليه وسلم) : من ضعف , (فاقرأني) : من ضعف.
فالذي روى عطية , عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : {من ضعف} بالضّم، وقد قرئت بفتح الضاد، والاختيار الضم، للرواية). [معاني القرآن: 4/191]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة}
{خلقكم من ضعف} : أي : من المني , أي : خلقكم في حال ضعف .
{ثم جعل من بعد ضعف قوة} : أي: الشباب.). [معاني القرآن: 5/271]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مِّن ضَعْفٍ}: أي : من مني.) . [تفسير المشكل من غريب القرآن: 188]

تفسير قوله تعالى: {َيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم تقوم السّاعة يقسم المجرمون} [الروم: 55] يحلف المشركون {ما لبثوا} [الروم: 55] في الدّنيا وفي قبورهم.
{غير ساعةٍ} [الروم: 55] قال تبارك وتعالى: {كذلك كانوا يؤفكون} [الروم: 55] يصدّون في الدّنيا عن الإيمان بالبعث). [تفسير القرآن العظيم: 2/667]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعةٍ...}

يحلفون حين يخرجون: ما لبثوا في قبورهم إلاّ ساعةً.
قال الله: كذبوا في هذا كما كذبوا في الدنيا , وجحدوا, ولو كانت: ما لبثنا غير ساعةٍ كان وجهاً؛ لأنه من قولهم؛ كقولك في الكلام: حلفوا ما قاموا، وحلفوا : ما قمنا).). [معاني القرآن: 2/326]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما لبثوا غير ساعةٍ} يحلفون -إذا خرجوا من قبورهم -: أنهم ما لبثوا فيها غير ساعة, {كذلك كانوا يؤفكون} في الدنيا, أي: كذبوا في هذا الوقت، كما كانوا يكذبون من قبل, ويقال: أفك الرجل، إذا عدل به عن الصدق، وعن الخير, وأرض مأفوكة، أي : محرومة المطر.). [تفسير غريب القرآن: 343]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ويوم تقوم السّاعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون (55)}
يعني : يوم القيامة، والسّاعة في القرآن على معنى الساعة التي تقوم فيها القيامة , فلذلك ترك ذكر أن يعرّف أي ساعة هي.
{يقسم المجرمون}: يحلف المجرمون.
{ما لبثوا غير ساعة}:أي: ما لبثوا في قبورهم إلا ساعة واحدة.
{كذلك كانوا يؤفكون}: أي : مثل هذا الكذب كذبهم ؛ لأنهم أقسموا على غير تحقيق.). [معاني القرآن: 4/191-192]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة}
أي : يحلفون ما لبثوا في القبور إلا ساعة واحدة.
ثم قال تعالى: {كذلك كانوا يؤفكون}
أي : كذلك كانوا يكذبون في الدنيا .
يقال : إفك الرجل إذا صرف عن الصدق , والخير , وأرض مأفوكة : ممنوعة من المطر.). [معاني القرآن: 5/272]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث} [الروم: 56] وهذا من مقاديم الكلام.
قال سعيدٌ، عن قتادة، يقول: وقال الّذين أوتوا العلم في كتاب اللّه والإيمان: لقد لبثتم إلى يوم البعث، لبثهم الّذي كان في الدّنيا وفي قبورهم إلى أن بعثوا.
قال: {فهذا يوم البعث ولكنّكم كنتم لا تعلمون} [الروم: 56] في الدّنيا أنّ البعث حقٌّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/667]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث} : أي : لبثتم في القبور - في خبر الكتاب - إلى يوم القيامة.).
[تفسير غريب القرآن: 343]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنّكم كنتم لا تعلمون (56)}
أي: في علم اللّه المثبت في اللوح المحفوظ.). [معاني القرآن: 4/192]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث}
قيل : المعنى في خبر كتاب الله : أنكم لبثتم في قبوركم إلى يوم القيامة , وقيل : في الكلام تقديم وتأخير
والمعنى : وقال الذين أوتوا العلم في كتاب الله : لقد لبثتم إلى يوم البعث.). [معاني القرآن: 5/272-273]

تفسير قوله تعالى: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فيومئذٍ لا ينفع الّذين ظلموا} [الروم: 57]، يعني: أشركوا.
{معذرتهم} [الروم: 57] وإن اعتذروا.
{ولا هم يستعتبون} [الروم: 57] لا يردّون إلى الدّنيا ليعتبوا، أي: ليؤمنوا، وذلك أنّهم يسألون الرّجعة إلى الدّنيا ليؤمنوا فلا يردّون إلى الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 2/667]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد ضربنا للنّاس في هذا القرءان من كلّ مثلٍ} [الروم: 58]، أي: ليذّكّروا.
[تفسير القرآن العظيم: 2/667]
{ولئن جئتهم بآيةٍ ليقولنّ الّذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون} [الروم: 58] وذلك أنّهم كانوا يسألون النّبيّ عليه السّلام أن يأتيهم بآيةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/668]

تفسير قوله تعالى:{كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {كذلك يطبع اللّه على قلوب الّذين لا يعلمون} [الروم: 59]، يعني: الّذين يلقون اللّه بشركهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/668]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({كذلك يطبع اللّه }, يقال للسيف إذا جرب , وصديء: قد طبع السيف , وهو أشد الصدأ.).
[مجاز القرآن: 2/125]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ} [الروم: 60] الّذي وعدك أنّه سينصرك على المشركين ويظهر دينك.
{ولا يستخفّنّك} [الروم: 60]، أي: ولا يستفزّنّك.
{الّذين لا يوقنون} [الروم: 60] وهم المشركون، لا تتابع المشركين إلى ما يدعونك إليه من ترك دينك). [تفسير القرآن العظيم: 2/668]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله:{فاصبر إنّ وعد اللّه حقّ ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون (60)}

أي: إن ما وعدك اللّه من النصر على عدوك حقّ، وإظهار دين الإسلام حقّ.
{ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون}: أي : لا يستفزنّك عن دينك الذين لا يوقنون، أي: هم ضلّال شاكّون.). [معاني القرآن: 4/192]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون}
{ولا يستخفنك} : أي : لا يستفزنك الذين لا يوقنون , أي : الشاكون.). [معاني القرآن: 5/273]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 01:34 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56) }

تفسير قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58) }

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) }

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} قال: قالوا له صلى الله عليه وسلم: اخرج إلى بلاد الشام؛ فإنها بلاد الأنبياء. فأنزل الله هذه الآية). [مجالس ثعلب: 115]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 04:01 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 04:02 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 04:06 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير * ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون * وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون}
وهذه أيضا آية بين فيها أن الأوثان لا مدخل لها في هذا الأمر. وقرأ جمهور القراء والناس بضم الضاد في "ضعف"، وقرأ عاصم، وحمزة بفتحها، وهي قراءة ابن مسعود وأبي رجاء، والضم أصوب، وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح فردها عليه بالضم، وقال كثير من اللغويين: ضم الضاد في البدن وفتحها في العقل، وروي عن عبد الرحمن، والجحدري، والضحاك أنهم ضموا الضاد في الأول والثاني، وفتحوا "ضعفا"، وقرأ عيسى بن عمر: "من ضعف" بضمتين، وهذه الآية إنما يراد بها حال الجسم، والضعف الأول هو كون الإنسان من ماء مهين، والقوة بعد ذلك الشبيبة وشدة الأمر، والضعف الثاني الهرم والشح، هذا قول قتادة وغيره). [المحرر الوجيز: 7/ 36]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم أخبر تعالى عن يوم القيامة أن المجرمين يقسمون لجاجا منهم ونشوزا على ما لا علم لهم به; أنهم ما لبثوا تحت التراب غير ساعة، وهذا إتباع لتخيلهم الفاسد، ونظرهم في ذلك الوقت على نحو ما كانوا في الدنيا يتبعون، فيؤفكون عن الحق، أي: يصرفون.
وقيل: المعنى: ما لبثوا في الدنيا، كأنهم استقلوها لما عاينوا من أمر الآخرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا يضعفه قوله تعالى: {كذلك كانوا يؤفكون}؛ إذ لو أراد تقليل الدنيا بالإضافة إلى الآخرة لكان منزعا شديدا، وكان قولهم: "غير ساعة" تجوزا، أي: في القدر والموازنة). [المحرر الوجيز: 7/ 37]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن الذين أوتوا العلم والإيمان أنهم يقفون في تلك الحال على الحق، ويعرفون أنه الوعد المتقرر في الدنيا. وقال بعض المفسرين: إنما أراد: "أوتوا الإيمان والعلم"، ففي الكلام تقديم وتأخير.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولا يحتاج إلى هذا، بل ذكر العلم يتضمن الإيمان، ولا يصف الله بعلم من لم يعلم كل ما يوجب الإيمان، ثم ذكر الإيمان بعد ذلك تنبيها عليه وتشريفا لأمره، كما قال: فاكهة ونخل ورمان، فنبه تبارك وتعالى على مكان الإيمان وخصه تشريفا). [المحرر الوجيز: 7/ 37]

تفسير قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون * ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون * كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون * فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون}
هذا إخبار عن هول يوم القيامة وشدة أحواله على الكفرة; في أنهم لا ينفعهم الاعتذار، ولا يعطون عتبى، وهي الرضى، و"يستعتبون" بمعنى: يعتبون، كما تقول: يملك ويستملك، والباب في "استفعل" أنه طلب الشيء، وليس هذا منه; لأن المعنى كان يفسد إذا كان المفهوم منه: ولا يطلب منهم عتبى.
وقرأ عاصم، والأعمش: "ينفع" بالياء، كما قال تعالى: {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى}، وحسن هذا أيضا بالتفرقة التي بين الفعل وما أسند إليه، كما قال الشاعر:
وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى ... ثلاث الأثافي والديار البلاقع؟).[المحرر الوجيز: 7/ 38]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58) كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن قسوة قلوبهم، وعجرفة طباعهم، في أنه ضرب لهم كل مثل، وبين عليهم بيان الحق، ثم هم مع ذلك عند الآية والمعجزة يكفرون ويلجون ويعمهون في كفرهم، ويصفون أهل الحق بالأباطيل.
ثم أخبر تعالى أن هذا إنما هو من طبعه وختمه على قلوب الجهلة الذين قد حتم عليهم الكفر في الأزل، وذهب أبو عبيدة إلى أنه من قولهم: "طبع السيف"، أي: صدئ أشد صدأ). [المحرر الوجيز: 7/ 38-39]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر، وقوى نفسه لتحقيق الوعد، ونهاه عن الاهتزاز لكلامهم، أو التحرك واضطراب النفس لأقوالهم; إذ هم لا يقين لهم ولا بصيرة.
وقرأ ابن أبي إسحاق، ويعقوب: "يستحقنك" بحاء غير معجمة وقاف، من الاستحقاق، والجمهور على الخاء المعجمة والفاء، من الاستخفاف، إلا أن ابن أبي إسحاق ويعقوب سكنا النون من "يستخفنك". وروي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان في صلاة الفجر، فناداه رجل من الخوارج بأعلى صوته فقرأ هذه الآية: ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، فعلم علي رضي الله عنه مقصده في هذا، وتعريضه به، فأجابه وهو في الصلاة بهذه الآية: فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون.
كمل تفسير سورة الروم والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم). [المحرر الوجيز: 7/ 39]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 08:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 08:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({اللّه الّذي خلقكم من ضعفٍ ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا وشيبةً يخلق ما يشاء وهو العليم القدير (54)}.
ينبّه تعالى على تنقّل الإنسان في أطوار الخلق حالًا بعد حالٍ، فأصله من ترابٍ، ثمّ من نطفةٍ، ثمّ من علقةٍ، ثمّ من مضغةٍ، ثمّ يصير عظامًا ثمّ يكسى لحمًا، وينفخ فيه الرّوح، ثمّ يخرج من بطن أمّه ضعيفًا نحيفًا واهن القوى. ثمّ يشبّ قليلًا قليلًا حتّى يكون صغيرًا، ثمّ حدثا، ثمّ مراهقًا، ثمّ شابًّا. وهو القوّة بعد الضّعف، ثمّ يشرع في النّقص فيكتهل، ثمّ يشيخ ثمّ يهرم، وهو الضّعف بعد القوّة. فتضعف الهمّة والحركة والبطش، وتشيب اللّمّة، وتتغيّر الصّفات الظّاهرة والباطنة؛ ولهذا قال: {ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا وشيبةً يخلق ما يشاء} أي: يفعل ما يشاء ويتصرّف في عبيده بما يريد، {وهو العليم القدير}.
قال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع، عن فضيلٍ ويزيد، حدّثنا فضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة العوفيّ، قال: قرأت على ابن عمر: {اللّه الّذي خلقكم من ضعفٍ ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا}، فقال: {اللّه الّذي خلقكم من ضعفٍ ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا}، ثمّ قال: قرأت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كما قرأت عليّ، فأخذ عليّ كما أخذت عليك.
ورواه أبو داود والتّرمذيّ -وحسّنه -من حديث فضيلٍ، به. ورواه أبو داود من حديث عبد اللّه بن جابرٍ، عن عطيّة، عن أبي سعيد، بنحوه). [تفسير ابن كثير: 6/ 327]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويوم تقوم السّاعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعةٍ كذلك كانوا يؤفكون (55) وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنّكم كنتم لا تعلمون (56) فيومئذٍ لا ينفع الّذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون (57)}
يخبر تعالى عن جهل الكفّار في الدّنيا والآخرة، ففي الدّنيا فعلوا ما فعلوا من عبادة الأوثان، وفي الآخرة يكون منهم جهلٌ عظيمٌ أيضًا، فمنه إقسامهم باللّه أنّهم ما لبثوا في الدّنيا إلّا ساعةً واحدةً، ومقصودهم هم بذلك عدم قيام الحجّة عليهم، وأنّهم لم ينظروا حتّى يعذر إليهم. قال اللّه تعالى: {كذلك كانٌوا يؤفكون}.
{وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث} أي: فيردّ عليهم المؤمنون العلماء في الآخرة، كما أقاموا عليهم حجّة اللّه في الدّنيا، فيقولون لهم حين يحلفون ما لبثوا غير ساعةٍ: {لقد لبثتم في كتاب اللّه} أي: في كتاب الأعمال، {إلى يوم البعث} أي: من يوم خلقتم إلى أن بعثتم، {ولكنّكم كنتم لا تعلمون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 328]

تفسير قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(قال اللّه تعالى: {فيومئذٍ} أي: يوم القيامة، {لا ينفع الّذين ظلموا معذرتهم} أي: [لا ينفعهم] اعتذارهم عمّا فعلوا، {ولا هم يستعتبون} أي: ولا هم يرجعون إلى الدّنيا، كما قال تعالى: {وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين} [فصّلت: 24] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 328]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58) كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد ضربنا للنّاس في هذا القرآن من كلّ مثلٍ ولئن جئتهم بآيةٍ ليقولنّ الّذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون (58) كذلك يطبع اللّه على قلوب الّذين لا يعلمون (59) فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون (60)}
يقول تعالى: {ولقد ضربنا للنّاس في هذا القرآن من كلّ مثلٍ} أي: قد بيّنّا لهم الحقّ، ووضّحناه لهم، وضربنا لهم فيه الأمثال ليتبيّنوا الحقّ ويتّبعوه. {ولئن جئتهم بآيةٍ ليقولنّ الّذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون} أي: لو رأوا أيّ آيةٍ كانت، سواءً كانت باقتراحهم أو غيره، لا يؤمنون بها، ويعتقدون أنّها سحرٌ وباطلٌ، كما قالوا في انشقاق القمر ونحوه، كما قال [اللّه] تعالى: {إنّ الّذين حقّت عليهم كلمة ربّك لا يؤمنون. ولو جاءتهم كلّ آيةٍ حتّى يروا العذاب الأليم} [يونس: 96، 97]؛ ولهذا قال هاهنا: {كذلك يطبع اللّه على قلوب الّذين لا يعلمون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 328]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ} أي: اصبر على مخالفتهم وعنادهم، فإنّ اللّه تعالى منجزٌ لك ما وعدك من نصره إيّاك، وجعله العاقبة لك ولمن اتّبعك في الدّنيا والآخرة، {ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون} أي: بل اثبت على ما بعثك اللّه به، فإنّه الحقّ الّذي لا مرية فيه، ولا تعدل عنه وليس فيما سواه هدى يتّبع، بل الحقّ كلّه منحصرٌ فيه.
قال سعيدٌ عن قتادة: نادى رجلٌ من الخوارج عليًّا، رضي اللّه عنه، وهو في الصّلاة –صلاة الغداة- فقال: {ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين} [الزّمر: 65]، فأنصت له عليٌّ حتّى فهم ما قال، فأجابه وهو في الصّلاة: {فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون}. رواه ابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ. وقد رواه ابن جريرٍ من وجهٍ آخر فقال:
حدّثنا ابن وكيع، حدّثنا يحيى بن آدم، عن شريك، عن عثمان بن أبي زرعة، عن عليّ بن ربيعة قال: نادى رجلٌ من الخوارج عليًّا وهو في صلاة الفجر، فقال: {ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين}، فأجابه عليٌّ وهو في الصّلاة: {فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون}.
طريقٌ أخرى: قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عليّ بن الجعد، أخبرنا شريكٌ، عن عمران بن ظبيان، عن أبي تحيا قال: صلّى عليٌّ رضي اللّه عنه، صلاة الفجر، فناداه رجلٌ من الخوارج: {لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين}، فأجابه عليٌّ، وهو في الصّلاة: {فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون}.
[ما روي في فضل هذه السّورة الشّريفة، واستحباب قراءتها في الفجر]:
قال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، عن شعبة، عن عبد الملك بن عميرٍ، سمعت شبيب -أبا روحٍ -يحدّث عن رجلٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى بهم الصّبح، فقرأ فيها الرّوم فأوهم، فقال: "إنّه يلبّس علينا القرآن، فإنّ أقوامًا منكم يصلّون معنا لا يحسنون الوضوء، فمن شهد الصّلاة معنا فليحسن الوضوء".
وهذا إسنادٌ حسنٌ ومتنٌ حسنٌ وفيه سرٌّ عجيبٌ، ونبأٌ غريبٌ، وهو أنّه، عليه السّلام تأثّر بنقصان وضوء من ائتمّ به، فدلّ ذلك أنّ صلاة المأموم متعلّقةٌ بصلاة الإمام). [تفسير ابن كثير: 6/ 328-329]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:32 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة