تفسير قوله تعالى: (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني الحارث عن عمر بن ذرٍّ عن أبيه عن سعيد بن جبيرٍ عن عبد اللّه بن عبّاسٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لجبريل: لو زرتنا أكثر ممّا تزورنا، فأنزل اللّه: {وما نتنزّل إلا بأمر ربّك}). [الجامع في علوم القرآن: 2/11]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة قال لبث جبريل عن النبي فلما أتاه وكأن النبي قد استبطأه فقال له جبريل وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا يقول له ما بين أيدينا في الآخرة وما خلفنا من الدنيا وما بين ذلك يقول ما بين النفختين). [تفسير عبد الرزاق: 2/10]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {وما نتنزّل إلّا بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا} [مريم: 64]
- حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا عمر بن ذرٍّ، قال: سمعت أبي، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لجبريل: «ما يمنعك أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا» ، فنزلت: {وما نتنزّل إلّا بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا} [مريم: 64]). [صحيح البخاري: 6/94]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب)
قوله وما نتنزّل إلّا بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك قال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة ما بين أيدينا الآخرة وما خلفنا الدّنيا وما بين ذلك ما بين النّفختين قوله قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لجبريل ما يمنعك أن تزورنا روى الطّبريّ من طريق العوفيّ وبن مردويه من طريق سماك بن حربٍ عن سعيد بن جبير كلاهما عن بن عبّاسٍ قال احتبس جبريل عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وروى عبد بن حميدٍ وبن أبي حاتمٍ من طريق عكرمة قال أبطأ جبريل في النّزول أربعين يومًا فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يا جبريل ما نزلت حتّى اشتقت إليك قال أنا كنت أشوق إليك ولكنّي مأمورٌ وأوحى اللّه إلى جبريل قل له وما نتنزّل إلّا بأمر ربك وروى بن مردويه في سبب ذلك من طريق زيادٍ النّميريّ عن أنسٍ قال سئل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أيّ البقاع أحبّ إلى اللّه وأيّها أبغض إلى اللّه قال ما أدري حتّى أسأل فنزل جبريل وكان قد أبطأ عليه الحديث وعند بن إسحاق من وجه آخر عن بن عبّاسٍ أنّ قريشًا لمّا سألوا عن أصحاب الكهف فمكث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خمس عشرة ليلةً لا يحدث اللّه له في ذلك وحيًا فلمّا نزل جبريل قال له أبطأت فذكره وحكى بن التّين للدّاوديّ في هذا الموضع كلامًا في استشكال نزول الوحي في القضايا الحادثة مع أنّ القرآن قديمٌ وجوابه واضحٌ فلم أتشاغل به هنا لكن ألممت به في كتاب التّوحيد تنبيهٌ الأمر في هذه الآية معناه الإذن بدليل سبب النّزول المذكور ويحتمل الحكم أي نتنزّل مصاحبين لأمر اللّه عباده بما أوجب عليهم أو حرّم ويحتمل أن يكون المراد ما هو أعمّ من ذلك عند من يجيز حمل اللّفظ على جميع معانيه). [فتح الباري: 8/429]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذالك} (مريم: 64)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربك} الآية، قال عكرمة والضّحّاك وقتادة ومقاتل والكلبي: احتبس جبريل عليه السّلام عن النّبي صلى الله عليه وسلم، حين سأله قومه عن قصّة أصحاب الكهف وذي القرنين والروح ولم يدر ما يجيبهم، ورجاه أن يأتيه جبريل بجواب ما سألوه فأبطأ عليه، قال عكرمة: أربعين يومًا، وقال مجاهد: اثني عشرة ليلة، وقيل: خمس عشرة، فشق على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمّا نزل عليه جبريل عليه السّلام، قال: أبطأت عليّ حتّى ساء ظنّي فاشتقت إليك! فقال له جبريل: أنا كنت أشوق ولكنّي عبد مأمور، وإذا بعثت نزلت، وإذا حبست احتبست، فأنزل الله تعالى: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربك} قوله: (ما بين أيدينا) ، قال عبد الرّزّاق عن معمر عن قتادة: له ما بين أيدينا الآخرة، وما خلفنا الدّنيا، وما بين ذلك ما بين النفختين.
- حدّثنا أبو نعيمٍ حدّثنا عمر بن ذرٍّ قال سمعت أبي عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل ما يمنعك أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا فنزلت وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا.
(انظر الحديث 3218 وطرفه) .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة وأبو نعيم، بضم النّون: الفضل بن دكين، وعمر بن ذر، بفتح الذّال المعجمة وتشديد الرّاء: ابن عبد الله بن زرارة أبو ذر الهمداني الكوفي، سمع أباه. والحديث مر في بدء الخلق في: باب ذكر الملائكة). [عمدة القاري: 19/53]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا} [مريم: 64]
(باب قوله) جل وعلا وسقط لفظ قوله لأبي ذر وثبت له لفظ باب ({وما نتنزل إلا بأمر ربك}) هو حكاية قول جبريل حين استبطأه النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- ({له ما بين أيدينا}) أي الآخرة ({وما خلفنا}) [مريم: 64] الدنيا وثبت لأبي ذر له ما بين أيدينا إلخ.
- حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا عمر بن ذرٍّ قال: سمعت أبي عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- لجبريل: «ما يمنعك أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا؟» فنزلت: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا}.
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا عمر بن ذر) بضم العين وذر بالمعجمة المفتوحة والراء المشددة ابن عبد الله بن زرارة الهمداني الكوفي (قال سمعت}) ذرًّا (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنه-) وعن أبيه أنه قال: (قال النبي) وفي نسخة رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- (لجبريل) أي لما احتبس عنه:
(ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزلت {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا}) وعند ابن إسحاق من وجه آخر عن ابن عباس أن قريشًا لما سألوا عن أصحاب الكهف فمكث النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- خمس عشرة ليلة لا يحدث الله في ذلك وحيًا فلما نزل جبريل قال له أبطأت فذكره وعند ابن أبي حاتم أنها نزلت في احتباسه عنه -صلّى اللّه عليه وسلّم- أربعين يومًا حتى اشتاق للقاء وعند الطبراني من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعًا أن جبريل أبطأ عليه فذكر ذلك له فقال وكيف وأنتم لا تستنون ولا تقلمون أظافركم ولا تقصون شواربكم ولا تنقون رواجبكم وعند أحمد نحوه.
وهذا الحديث قد سبق في بدء الخلق في ذكر الملائكة وأخرجه أيضًا في التوحيد والترمذي والنسائي في التفسير). [إرشاد الساري: 7/233-234]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا يعلى بن عبيدٍ، قال: حدّثنا عمر بن ذرٍّ، عن أبيه، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم لجبريل: ما يمنعك أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا؟ قال: فنزلت هذه الآية {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا} إلى آخر الآية.
هذا حديثٌ حسنٌ.
حدّثنا الحسين بن حريثٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن عمر بن ذرٍّ، نحوه). [سنن الترمذي: 5/167]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وما نتنزّل إلّا بأمر ربّك}
- أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي عامرٍ، قال: حدّثنا عمر، قال: حدّثنا أبي، وأخبرنا إبراهيم بن الحسن، عن حجّاج بن محمّدٍ، عن عمر بن ذرٍّ، عن أبيه، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال محمّدٌ: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقال إبراهيم: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لجبريل: «ما يمنعك أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا؟» فنزلت {وما نتنزّل إلّا بأمر ربّك} [مريم: 64] قال محمّدٌ: الآية). [السنن الكبرى للنسائي: 10/169]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربّك نسيًّا}.
ذكر أنّ هذه الآية نزلت من أجل استبطاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جبرائيل بالوحي، وقد ذكرت بعض الرّواية بذلك، ونذكر إن شاء اللّه باقي ما حضرنا ذكره ممّا لم نذكر قبل.
ذكر بعض الروايه بذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبان العجليّ، وقبيصة، ووكيعٌ، وحدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، جميعًا عن عمر بن ذرٍّ، قال: سمعت أبي يذكر، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ محمّدًا، قال لجبرائيل: " ما يمنعك أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا قال: " فنزلت هذه الآية: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربّك نسيًّا} قال: هذا الجوّاب لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثني محمّد بن معمرٍ، قال: حدّثنا عبد الملك بن عمرٍو، قال: حدّثنا عمر بن ذرٍّ، قال حدّثني أبي، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال لجبرائيل: ما يمنعك أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا؟ قال: فنزلت هذه الآية {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك}.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك}.. إلى {وما كان ربّك نسيًّا} قال: احتبس جبرائيل عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فوجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من ذلك وحزن، فأتاه جبرائيل فقال: يا محمّد {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربّك نسيًّا}.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قال: لبث جبرائيل عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فكأنّ النّبيّ استبطأه، فلمّا أتاه قال له جبرائيل: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربّك نسيًّا}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا} قال: هذا قول جبرائيل، احتبس جبرائيل في بعض الوحي، فقال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " ما جئت حتّى اشتقت إليك " فقال له جبرائيل: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك له ما بين أيدينا}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تبارك وتعالى {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك} قال: قول الملائكة حين استراثهم محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، كالّتي في الضّحى.
- حدّثنا القاسم، قال حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: لبث جبرائيل عن محمّدٍ، اثنتي عشرة ليلةً، ويقولون: قلي، فلمّا جاءه قال: " أي جبرائيل لقد رثت عليّ حتّى لقد ظنّ المشركون كلّ ظنٍّ " فنزلت: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربّك نسيًّا}.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك} جبريل احتبس عن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى تكلّم المشركون في ذلك، واشتدّ ذلك على نبيّ اللّه، فأتاه جبرائيل، فقال: اشتدّ عليك احتباسنا عنك، وتكلّم في ذلك المشركون، وإنّما أنا عبد اللّه ورسوله، إذا أمرني بأمرٍ أطعته {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك} يقول: بقول ربّك.
- حدّثنا ابن حميد، قال حدّثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، قال استبطأ النبى جبريل، فقال: ما حبسك؟ فقال: {وما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك}.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك} فقال بعضهم: يعني بقوله {ما بين أيدينا} من الدّنيا، وبقوله: {وما خلفنا} الآخرة {وما بين ذلك} النّفختين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، {له ما بين أيدينا} يعني الدّنيا {وما خلفنا} الآخرة {وما بين ذلك} النّفختين.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، قال {ما بين أيدينا} من الدّنيا {وما خلفنا} من أمر الآخرة {وما بين ذلك} ما بين النّفختين.
وقال آخرون: {ما بين أيدينا} الآخرة {وما خلفنا} الدّنيا {وما بين ذلك} ما بين الدّنيا والآخرة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {بين أيدينا} الآخرة {وما خلفنا} من الدّنيا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {له ما بين أيدينا} من أمر الآخرة {وما خلفنا} من أمر الدّنيا {وما بين ذلك} ما بين الدّنيا والآخرة {وما كان ربّك نسيًّا}.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة {له ما بين أيدينا} يقول: ما بين أيدينا من الآخرة {وما خلفنا} من الدّنيا {وما بين ذلك} ما بين النّفختين.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {ما بين أيدينا} من الآخرة {وما خلفنا} من الدّنيا.
وقال آخرون في ذلك بما؛
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، {ما بين أيدينا} قال: ما مضى أمامنا من الدّنيا {وما خلفنا} ما يكون بعدنا من الدّنيا والآخرة {وما بين ذلك} قال: ما بين ما مضى أمامهم، وبين ما يكون بعدهم.
وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يتأوّل ذلك {له ما بين أيدينا} قبل أن نخلق {وما خلفنا} بعد الفناء {وما بين ذلك} حين كنّا.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب، قول من قال: معناه: له ما بين أيدينا من أمر الآخرة، لأنّ ذلك لم يجئ وهو جاءٍ، فهو بين أيديهم، وإنّ الأغلب في استعمال النّاس إذا قالوا: هذا الأمر بين يديك، أنّهم يعنون به ما لم يجئ، وأنّه جاءٍ، فلذلك قلنا: ذلك أولى بالصّواب. وما خلفنا من أمر الدّنيا، وذلك ما قد خلّفوه فمضى، فصار خلفهم بتخليفهم إيّاه، وكذلك تقول العرب لما قد جاوزه المرء وخلّفه خلّفه هو خلفه، ووراءه وما بين ذلك: ما بين ما لم يمض من أمر الدّنيا إلى الآخرة، لأنّ ذلك هو الّذي بين ذينك الوقتين.
وإنّما قلنا: ذلك أولى التّأويلات به، لأنّ ذلك هو الظّاهر الأغلب، وإنّما يحمل تأويل القرآن على الأغلب من معانيه، ما لم يمنع من ذلك ما يجب التّسليم له.
فتأمّل الكلام إذن: فلا تستبطئنا يا محمّد في تخلّفنا عنك، فإنّا لا نتنزّل من السّماء إلى الأرض إلاّ بأمر ربّك لنا بالنّزول إليها، للّه ما هو حادثٌ من أمور الآخرة الّتي لم تأت وهي آتيةٌ، وما قد مضى فخلّفناه من أمر الدّنيا، وما بين وقتنا هذا إلى قيام السّاعة. بيده ذلك كلّه، وهو مالكه ومصرّفه، لا يملك ذلك غيره، فليس لنا أن نحدث في سلطانه أمرًا إلاّ بأمره إيّانا به. {وما كان ربّك نسيًّا} يقول: ولم يكن ربّك ذا نسيانٍ، فيتأخّر نزولي إليك بنسيانه إيّاك بل هو الّذي لا يعزب عنه شيءٌ في السّماء ولا في الأرض فتبارك وتعالى ولكنّه أعلم بما يدبّر ويقضي في خلقه. جلّ ثناؤه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {وما كان ربّك نسيًّا} قال: ما نسيك ربّك). [جامع البيان: 15/578-584]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وما نتنزل إلا بأمر ربك قال هذا قول الملائكة حين استزارهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله وما ودعك ربك وما قلى). [تفسير مجاهد: 387-388]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو جعفرٍ محمّد بن عليٍّ الشّيبانيّ، ثنا أحمد بن حازمٍ الغفاريّ، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا عاصم بن رجاء بن حيوة، عن أبيه، عن أبي الدّرداء رضي اللّه عنه، رفع الحديث قال: «ما أحلّ اللّه في كتابه فهو حلالٌ، وما حرّم فهو حرامٌ، وما سكت عنه فهو عافيةٌ، فاقبلوا من اللّه العافية، فإنّ اللّه لم يكن نسيًّا» ثمّ تلا هذه الآية {وما كان ربّك نسيًّا} [مريم: 64] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/406]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام: «ما يمنعك أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا؟» فنزلت: {وما نتنزّل إلّا بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربّك نسيّاً} [مريم: 64] قال: هذا كان الجواب لمحمّدٍ صلى الله عليه وسلم.
أخرجه البخاري، والترمذي). [جامع الأصول: 2/237-238]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وما كان ربّك نسيًّا} [مريم: 64].
- عن أبي الدّرداء قال: قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " «ما أحلّ اللّه في كتابه فهو حلالٌ، وما حرّم فهو حرامٌ، وما سكت عنه فهو عفوٌ، فاقبلوا من اللّه عافيته فإنّ اللّه لم يكن لينسى شيئًا» ". ثمّ تلا هذه الآية: {وما كان ربّك نسيًّا} [مريم: 64].
رواه البزّار، ورجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/55]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه، ثنا سليمان بن عبد الرّحمن الدّمشقيّ، ثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن إسماعيل بن رجاء بن حيوة، عن أبيه، عن أبي الدّرداء، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما أحلّ اللّه في كتابه فهو حلالٌ، وما حرّم فهو حرامٌ، وما سكت عنه فهو عفوٌ، فاقبلوا من اللّه عافيته، فإنّ اللّه لم يكن لينسى شيئًا» ثمّ تلا هذه الآية: {وما كان ربّك نسيًّا} [مريم: 64].
قال البزّار: لا نعلمه يروى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلا بهذا الإسناد، وعاصم بن رجاءٍ حدّث عنه جماعةٌ، وأبوه روى عن أبي الدّرداء غير حديثٍ، وإسناده صالحٌ لأنّ إسماعيل قد حدّث عنه النّاس). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/58]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري ومسلم، وعبد بن حميد والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزات: {وما نتنزل إلا بأمر ربك} إلى آخر الآية، زاد ابن المنذر، وابن جرير، وابن أبي حاتم فكان ذلك الجواب لمحمد). [الدر المنثور: 10/104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: سئل النّبيّ صلى الله عليه وسلم - أي البقاع أحب إلى الله وأيها أبغضها إلى الله قال: ما أدري حتى أسأل جبريل وكان قد أبطأ عليه فقال: لقد أبطأت علي حتى ظننت أن بربي علي موجدة، فقال: {وما نتنزل إلا بأمر ربك} ). [الدر المنثور: 10/104-105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: أبطأ جبريل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم أربعين يوما ثم نزل فقال له النّبيّ صلى الله عليهه وسلم: ما نزلت حتى اشتقت إليك فقال له جبريل: أنا كنت إليك أشوق ولكني مأمور فأوحى الله إلى جبريل أن قل له: {وما نتنزل إلا بأمر ربك}). [الدر المنثور: 10/105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: احتبس جبريل عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم بمكة حتى حزن واشتد عليه فشكا إلى خديجة فقالت خديجة: لعل ربك قد ودعك أو قلاك فنزل جبريل بهذه الآية: (ما ودعك ربك وما قلى) (الضحى آية 2) قال: يا جبريل احتبست عني حتى ساء ظني فقال جبريل: {وما نتنزل إلا بأمر ربك}). [الدر المنثور: 10/105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: لبث جبريل عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ليلة فلما جاءه قال: لقد رثت حتى ظن المشركون كل ظن فنزلت الآية). [الدر المنثور: 10/105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: أبطأت الرسل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه جبريل فقال: ما حبسك عني قال: كيف نأتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ولا تنقون براجمكم ولا تأخذون شواربكم ولا تستاكون وقرأ {وما نتنزل إلا بأمر ربك} ). [الدر المنثور: 10/105-106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: احتبس جبريل عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وحزن فأتاه جبريل وقال: يا محمد: {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا} يعني من الدنيا {وما خلفنا} يعني من الآخرة). [الدر المنثور: 10/106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة {له ما بين أيدينا} قال: الدنيا {وما خلفنا} قال: الآخرة). [الدر المنثور: 10/106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {له ما بين أيدينا} قال: من أمر الآخرة {وما خلفنا} من أمر الدنيا {وما بين ذلك} ما بين الدنيا والآخرة). [الدر المنثور: 10/106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وما بين ذلك} قال: ما بين النفختين). [الدر المنثور: 10/106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد، وابن المنذر عن أبي العالية {وما بين ذلك} قال: ما بين النفختين). [الدر المنثور: 10/106-107]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {وما كان ربك نسيا} قال: {وما كان ربك} لينساك يا محمد). [الدر المنثور: 10/107]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والبزار والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" والحاكم وصححه عن أبي الدرداء رفع الحديث قال: ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عافية فأقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا، ثم تلا {وما كان ربك نسيا}.
وأخرج ابن مردويه من حديث جابر مثله). [الدر المنثور: 10/107]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن سلمان سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال: الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه). [الدر المنثور: 10/107]
تفسير قوله تعالى: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ربّ السّموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميًّا}.
يقول تعالى ذكره: لم يكن ربّك يا محمّد ربّ السّماوات والأرض وما بينهما نسيًّا، لأنّه لو كان نسيًّا لم يستقم ذلك، ولهلك لولا حفظه إيّاه.
فالرّبّ مرفوعٌ ردًّا على قوله {ربّك}.
وقوله: {فاعبده} يقول: فالزم طاعته، وذلّ لأمره ونهيه {واصطبر لعبادته} يقول: واصبر نفسك على النّفوذ لأمره ونهيه، والعمل بطاعته، تفز برضاه عنك، فإنّه الإله الّذي لا مثل له ولا عدل ولا شبيه في جوده وكرمه وفضله. {هل تعلم له سميًّا} يقول: هل تعلم يا محمّد لربّك هذا الّذي أمرناك بعبادته، والصّبر على طاعته مثلاً في كرمه وجوده، فتعبده رجاء فضله وطوله دونه؟ كلاّ، ما ذلك بموجودٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {هل تعلم له سميًّا} يقول: هل تعلم للرّبّ مثلاً أو شبهًا.
- حدّثني سعيد بن عثمان التّنوخيّ، قال: حدّثنا إبراهيم بن مهديٍّ، عن عبّاد بن عوّامٍ، عن شعبة، عن الحسن بن عمارة، عن رجلٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله {هل تعلم له سميًّا} قال: شبيهًا.
- حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، في هذه الآية {هل تعلم له سميًّا} قال: هل تعلم له شبيهًا، هل تعلم له مثلاً.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {هل تعلم له سميًّا} لا سميّ للّه ولا عدل له، كلّ خلقه يقرّ له، ويعرف أنّه خالقه، ويعرف ذلك، ثمّ يقرأ هذه الآية: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنّ اللّه}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {هل تعلم له سميًّا} قال: يقول: لا شريك له ولا مثل). [جامع البيان: 15/585-586]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، حدّثنا محمّد بن عبد السّلام، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ وكيعٌ، ويحيى بن آدم، قالا: حدّثنا إسرائيل، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {هل تعلم له سميًّا} [مريم: 65] قال: «لم يسمّ أحدٌ الرّحمن غيره» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/406]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {هل تعلم له سميا} قال: هل تعلم للرب مثلا أو شبها). [الدر المنثور: 10/108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما {هل تعلم له سميا} قال: ليس أحد يسمى الرحمن غيره). [الدر المنثور: 10/108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: {هل تعلم له سميا} يا محمد هل تعلم لإلهك من ولد). [الدر المنثور: 10/108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {هل تعلم له سميا} قال: هل تعلم له ولد قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
أما السمي فأنت منه مكثر * والمال مال يغتدي ويروح). [الدر المنثور: 10/108]
تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني حفص عن زيد بن أسلم في قول الله: {ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا}، وذلك في الذين ينكرون البعث، يقول الله: {أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا فوربك}، يا محمد، {لنحشرنهم}، أهل هذا القول، المكذبين بالبعث، {والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعةٍ أيهم أشد على الرحمن عتيا}، المكذبين بالبعث، {وإن منكم}، يا أهل هذا القول، {إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا}، فلا يردونها، {ونذر الظالمين فيها جثياً}). [الجامع في علوم القرآن: 1/37]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويقول الإنسان أئذا ما متّ لسوف أخرج حيًّا (66) أولا يذكر الإنسان أنّا خلقناه من قبل ولم يك شيئًا}.
يقول تعالى ذكره: {ويقول الإنسان} الكافر الّذي لا يصدّق بالبعث بعد الموت: أخرج حيًّا، فأبعث بعد الممات وبعد البلاء والفناء إنكارًا منه ذلك). [جامع البيان: 15/586]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 66 - 79.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {ويقول الإنسان} الآية قال: قالها العاصي بن وائل). [الدر المنثور: 10/108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {لسوف أخرج} برفع الألف {أولا يذكر الإنسان} خفيفة بنصب الياء ورفع الكاف). [الدر المنثور: 10/109]
تفسير قوله تعالى: (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني حفص عن زيد بن أسلم في قول الله: {ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا}، وذلك في الذين ينكرون البعث، يقول الله: {أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا فوربك}، يا محمد، {لنحشرنهم}، أهل هذا القول، المكذبين بالبعث، {والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعةٍ أيهم أشد على الرحمن عتيا}، المكذبين بالبعث، {وإن منكم}، يا أهل هذا القول، {إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا}، فلا يردونها، {ونذر الظالمين فيها جثياً}). [الجامع في علوم القرآن: 1/37] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقول اللّه تعالى ذكره: {أولا يذكر الإنسان} المتعجّب من ذلك المنكر قدرة اللّه على إحيائه بعد فنائه، وإيجاده بعد عدمه في خلق نفسه، أنّ اللّه خلقه من قبل مماته، فأنشأه بشرًا سويًّا من غير شيءٍ {ولم يك} من قبل إنشائه إيّاه {شيئًا} فيعتبر بذلك ويعلم أنّ من أنشأه من غير شيءٍ لا يعجز عن إحيائه بعد مماته، وإيجاده بعد فنائه.
وقد اختلفت القرّاء في قراءة قوله {أولا يذكر الإنسان} فقرأه بعض قرّاء المدينة والكوفة: {أولا يذكر} بتخفيف الذّال، وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة والبصرة والحجاز: ( أولا يذّكّر ) بتشديد الذّال والكاف، بمعنى: أولا يتذكّر، والتّشديد أعجب إليّ، وإن كانت الأخرى جائزةً، لأنّ معنى ذلك: أولا يتفكّر فيعتبر). [جامع البيان: 15/586-587]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {لسوف أخرج} برفع الألف {أولا يذكر الإنسان} خفيفة بنصب الياء ورفع الكاف). [الدر المنثور: 10/109] (م)