قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("سوف"
حرف تنفيس، يختص بالفعل المضارع، ويخلصه للاستقبال، "كالسين". وفيه لغات، حكاها الكوفيون، وهي: "سف"، و"سو"، و"سي". وأنشدوا: فإن أهلك فسو تجدون فقدي ... وإن أسلم يطب لكم، المعاش
وقاب بعضهم: هذا البيت شاذ، وحذف "الفاء" منه للضرورة. قلت: نقل الكسائي، عن أهل الحجاز "سو" أفعل، بحذف "الفاء" في غير ضرورة. فدل على أنها لغة. وقد تقدم الخلاف في أن "السين"، في نحو ستفعل، أصل برأسه، أو فرع مقتطع من "سوف".
وهل "سوف" أبلغ في التنفيس من "السين"، أو هما سيان؟ في ذلك خلاف. ومذهب البصريين أن "سوف" أبلغ. واختار ابن مالك استواءهما في ذلك. وتقدمت الإشارة إلى هذا.
مسألة
ذكر بعض النحويين "لسوف" موضعاً، لا تدخل فيه "السين"، وهو أن "لام" الابتداء والتوكيد تدخل على "سوف"، نحو {ولسوف يعطيك ربك، فترضى}، ولا يكون ذلك في "السين". قال: لئلا يجتمع حرفان، على حرف واحد، مفتوحان زائدان، على الكلمة. ولشدة اتصال بعضها ببعض، واتصالهما بالكلمة، ربما أدى ذلك، في بعض الكلمات، إلى اجتماع أربع متحركات وأكثر، نحو: لسيجد، ولسيتعلم، فثقل الكلمة.
ولذلك سكن آخر الفعل، مع الفاعل، أو ما في حكمه. نحو: ضربته. وكثيراً ما يهربون من هذا الثقل. فطرحوا دخول "اللام" على "السين"، لذلك.
قلت: وقد سمع وقوع "السين" في موضع، لم تسمع فيه "سوف"، وهو خبر"عسى". فإنه قد ورد فيه وقوع "السين" موقع "أن"، لأنها نظيرتها في الاستقبال، في قول الشاعر:
عسى طيئ من طيئ، بعد هذه ... ستطفئ غلات الكلى، والجوانح
وهذا شاذ، لا يقاس عليه، والله أعلم). [الجنى الداني:458 - 460]