العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة هود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 06:45 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة هود [ من الآية (78) إلى الآية (83) ]

تفسير سورة هود
[ من الآية (78) إلى الآية (83) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 06:45 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى هؤلاء بناتي هن أطهر لكم قال أمرهم لوط أن يتزوجوا من النساء وقال هن أطهر لكم
قال معمر وبلغني مثل ذلك عن مجاهد). [تفسير عبد الرزاق: 1/306]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يهرعون إليه قال يسرعون إليه). [تفسير عبد الرزاق: 1/309]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ في قوله: {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} قال: كلّ نبيٍّ أبو أمّته فأمّا لوطٌ فإنّه لم تكن له إلا ابنتان [الآية: 78]). [تفسير الثوري: 131]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {يهرعون} [هود: 78] : «مسرعين»). [صحيح البخاري: 6/80]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاسٍ يهرعون مسرعين كذا أوردها هنا وليست من هذه السّورة وإنّما هي في سورة هود وقد وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ). [فتح الباري: 8/379]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما تفاسير ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح عن معاوية عن علّي عن ابن عبّاس في قوله الحجر {لعمرك} يقول لعيشك
وبه في قوله
- هود {يهرعون إليه} قال مسرعين). [تغليق التعليق: 4/233] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ يهرعون مسرعين
هذا ليس من هذه السّورة، وإنّما هو من سورة هود، وأشار به إلى قوله تعالى: {وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السّيّئات} (هود: 78) . وفسّر ابن عبّاس قوله تعالى: {يهرعون} بقوله: مسرعين، وقد وصل هذا التّعليق ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس. قوله: {وجاءه قومه} أي: جاء لوطاً قومه، وقد ذكرنا قصّته في (تاريخنا الكبير) ). [عمدة القاري: 19/7]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه في قوله تعالى في سورة هود: {وجاءه قومه} {يهرعون} [هود: 78] أي (مسرعين) إليه). [إرشاد الساري: 7/191]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السّيّئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فاتّقوا اللّه ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجلٌ رّشيدٌ}.
يقول تعالى ذكره: وجاء لوطًا قومه يستحثّون إليه يرعدون مع سرعة المشي ممّا بهم من طلب الفاحشة.
يقال: أهرع الرّجل من بردٍ أو غضبٍ أو حمّى: إذا أرعد، وهو مهرعٌ إذا كان معجلاً حريصًا، كما قال الرّاجز:
بمعجلاتٍ نحوه مهارع.
ومنه قول مهلهلٍ:
فجاءوا يهرعون وهم أسارى = تقودهم على رغم الأنوف
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {يهرعون إليه} قال: يهرعون، وهو الإسراع في المشي.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، نحوه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو خالدٍ، والمحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {وجاءه قومه يهرعون إليه} قال: يسعون إليه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: فأتوه يهرعون إليه، يقول: سراعًا إليه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {يهرعون إليه} قال: يسرعون إليه.
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وجاءه قومه يهرعون إليه} يقول: يسرعون المشي إليه.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا يحيى بن زكريّا، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وجاءه قومه يهرعون إليه} قال: يهرولون في المشي.
قال سفيان: {يهرعون إليه} يسرعون إليه.
- حدّثنا سوّار بن عبد اللّه، قال: قال سفيان بن عيينة في قوله: {يهرعون إليه} قال: كأنّهم يدفعون.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، قال: حدّثنا حفص بن حميدٍ، عن شمر بن عطيّة، قال: أقبلوا يسرعون مشيًا بين الهرولة والجمز.
- حدّثني عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجاءه قومه يهرعون إليه} يقول: مسرعين.
وقوله: {ومن قبل كانوا يعملون السّيّئات}: يقول: من قبل مجيئهم إلى لوطٍ كانوا يأتون الرّجال في أدبارهم.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {ومن قبل كانوا يعملون السّيّئات} قال: يأتون الرّجال.
وقوله: {قال يا قوم هؤلاء بناتي} يقول تعالى ذكره: قال لوطٌ لقومه لمّا جاءوا يراودونه عن ضيفه: هؤلاء يا قوم بناتي يعني نساء أمّته فانكحوهنّ فـ {هنّ أطهر لكم}.
- كما حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} قال: أمرهم لوطٌ بتزويج النّساء، وقال: هنّ أطهر لكم.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: وبلغني هذا أيضًا عن مجاهدٍ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} قال: لم يكن بناته، ولكن كنّ من أمّته، وكلّ نبيٍّ أبو أمّته.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} قال: أمرهم أن يتزوّجوا النّساء، لم يعرض عليهم سفاحًا.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا أبو بشرٍ، سمعت ابن أبي نجيحٍ، يقول في قوله: {هنّ أطهر لكم} قال: ما عرض عليهم نكاحًا ولا سفاحًا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم}، قال: أمرهم أن يتزوّجوا النّساء، وأراد نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقي أضيافه ببناته.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن سعدٍ، قال: أخبرنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، في قوله: {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} يعني التّزويج.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو النّعمان عارمٌ، قال: حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، قال: حدّثنا محمّد بن شبيبٍ الزّهرانيّ، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول لوطٍ: {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} يعني: نساؤهم هنّ بناته هو نبيّهم وقال في بعض القراءة: النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم وهو أبٌ لهم.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وجاءه قومه يهرعون إليه} قالوا: أو لم ننهك أن تضيّف العالمين، قال: {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} إن كنتم فاعلين {أليس منكم رجلٌ رشيدٌ}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لمّا جاءت الرّسل لوطًا، أقبل قومه إليهم حين أخبروا بهم يهرعون إليه، فيزعمون واللّه أعلم أنّ امرأة لوطٍ هي الّتي أخبرتهم بمكانهم، وقالت: إنّ عند لوطٍ لضيفانًا ما رأيت أحسن، ولا أجمل قطّ منهم وكانوا يأتون الرّجال شهوةً من دون النّساء، فاحشةً لم يسبقهم بها أحدٌ من العالمين، فلمّا جاءوه قالوا: {أولم ننهك عن العالمين}، أي: ألم نقل لك: لا يقربنّك أحدٌ، فإنّا لن نجد عندك أحدًا إلاّ فعلنا به الفاحشة. {قال يا قوم هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} فأنا أفدي ضيفي منكم بهنّ. ولم يدعهم إلاّ إلى الحلال من النّكاح.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {هؤلاء بناتي} قال: النّساء.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {هنّ أطهر لكم} فقرأته عامّة القرّاء برفع أطهر، على أن جعلوا هنّ اسمًا، وأطهر خبره، كأنّه قيل: بناتي أطهر لكم ممّا تريدون من الفاحشة من الرّجال.
وذكر عن عيسى بن عمر البصريّ أنّه كان يقرأ ذلك: هنّ أطهر لكم بنصب أطهر.
وكان بعض نحويّي أهل البصرة يقول. هذا لا يكون، إنّما ينصب خبر الفعل الّذي لا يستغني عن الخبر إذا كان بين الاسم والخبر هذه الأسماء المضمّرة.
وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: من نصبه جعله نكرةً خارجةً من المعرفة، ويكون قوله: هنّ عمادًا للفعل فلا يعمله.
وقال آخر منهم: مسموعٌ من العرب: هذا زيدٌ إيّاه بعينه، قال: فقد جعله خبرًا لهذا مثل قولك: كان عبد اللّه إيّاه بعينه.
وإنّما لم يجز أن يقع الفعل ههنا لأنّ التّقريب ردّ كلامٍ، فلم يجتمعا لأنّه يتناقض، لأنّ ذلك إخبارٌ عن معهودٍ، وهذا إخبارٌ عن ابتداءٍ ما هو فيه: ها أنا ذا حاضرٌ، أو زيدٌ هو العالم، فتناقض أن يدخل المعهود على الحاضر، فلذلك لم يجز.
والقراءة الّتي لا أستجيز خلافها في ذلك: الرّفع {هنّ أطهر لكم} لإجماع الحجّة من قرّاء الأمصار عليه مع صحّته في العربيّة، وبعد النّصب فيه من الصّحّة.
وقوله: {فاتّقوا اللّه ولا تخزون في ضيفي} يقول: فاخشوا اللّه أيّها النّاس، واحذروا عقابه في إتيانكم الفاحشة الّتي تأتونها وتطلبونها. {ولا تخزون في ضيفي} يقول: ولا تذلّوني بأن تركبوا منّي في ضيفي ما يكرهون أن تركبوه منهم.
والضّيف في لفظٍ واحدٍ في هذا الموضع بمعنى جمعٍ، والعرب تسمّي الواحد والجمع ضيفًا بلفظٍ واحدٍ كما قالوا: رجلٌ عدلٌ، وقومٌ عدلٌ.
وقوله: {أليس منكم رجلٌ رشيدٌ} يقول: أليس منكم رجلٌ ذو رشدٍ، ينهى من أراد ركوب الفاحشة من ضيفي، فيحول بينهم وبين ذلك؟.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {فاتّقوا اللّه ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجلٌ رشيدٌ} أي رجلٍ يعرف الحقّ وينهى عن المنكر). [جامع البيان: 12/499-507]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السّيّئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فاتّقوا اللّه ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجلٌ رشيدٌ (78)
قوله تعالى: وجاءه قومه يهرعون إليه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: يهرعون إليه قال: يسعون إليه.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: يهرعون إليه يقول: مسرعين وروي، عن السّدّيّ مثل ذلك.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: يهرعون إليه يهرولون الإسراع في المشي.
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن زيادٍ، ثنا يعقوب، عن حفصٍ، عن شمر ابن عطيّة قال: كان لوطٌ قد أخذ على امرأته أن لا تذيع شيئًا من أمر أضيافه قال: فلمّا دخل عليه جبريل ومن معه رآهم في صورةٍ لم ير مثلها فانطلقت تسعى إلى قومها فأتت النّادي فقالت بيدها هكذا تصفهم بالجمال والهيئة قال: وأقبلوا يهرعون إلى قوم لوطٍ قال لهم لوطٌ ما قال اللّه في القرآن.
قوله تعالى: ومن قبل كانوا يعملون السّيّئات
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن محمّدٍ الطّنافسيّ، ثنا محمّد بن فضلٍ، عن عمر بن أبي زايدة، عن جامع بن شدّادٍ أبي صخرة قال: كانت اللّوطيّة في قوم لوطٍ في النّساء قبل أن تكون في الرّجال بأربعين سنةً.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليّ بن معدان الفسويّ، ثنا عامر بن الفرات النّسائيّ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ ومن قبل كانوا يعملون السّيّئات يقول: ينكحون الرّجال.
قوله تعالى: يا قوم هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن عمر بن شقيق الحرمي، ثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجونيّ، عن عبد اللّه بن رباحٍ، عن كعبٍ هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم قال: تزوّجوهنّ.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ قال: هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم قال: لم يكنّ بناته ولكن كنّ من أمّته وكلّ نبيٍّ أبو أمّته.
- حدّثنا أبي، ثنا سليمان بن حربٍ، ثنا حمّاد بن زيدٍ، عن محمّد بن شبيبٍ عن جعفر بن أبيٍّ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم قال: إنّما دعاهم إلى نسائهم قال: وكلّ نبيٍّ هو أبو أمّته وكان في بعض القراءة النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم وهو أبٌ لهم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا يعقوب الدّورقيّ، ثنا إسماعيل بن عليه قال سمعت ابن أبي نجيحٍ يقول في قوله: هنّ أطهر لكم قال: ما عرض عليهم لا تناحًا ولا سفاحًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا خليدٌ وسعيدٌ، عن قتادة، عن حذيفة بن اليمان قال: يقول هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم عرض بناته عليهم تزويجًا وأراد نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إنّ يفي بتزويج بناته.
قوله تعالى: فاتّقوا اللّه ولا تخزون في ضيفي
- أخبرنا محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصّنعانيّ، حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ أنّه سمع وهب بن منبّهٍ قال: فدخلوا على لوطٍ يعني الملائكة فلمّا رأتهم امرأته أعجبها حسنهم وجمالهم فأرسلت إلى أهل القرية أنّه قد نزل بنا قومٌ لم نر قومًا أحسن منهم ولا أجمل فتسامعوا بذلك فغشوا دار لوطٍ من كلّ ناحيةٍ تسوّروا عليهم الجدران فلقيهم لوطٌ فقال: يا قوم لا تفضحوني في ضيفي وإنّي أزوجكم بناتي ف هن أطهر لكم فقالوا: لو كنّا نريد بناتك لقد عرفنا مكانهم ولكن لا بد لنا من هؤلاء القوم الّذين نزلوا بك، خلّ بيننا وبينهم.
قوله: أليس منكم رجلٌ رشيدٌ
- حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ، ثنا حفص بن عمر العدنيّ، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قول لوطٍ لقومه أليس منكم رجلٌ رشيدٌ يقول: أليس منكم واحدٌ يقول لا إله إلا اللّه.
- حدّثنا سهل بن يحيى العسكريّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن ابن أبي حمّادٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ أليس منكم رجلٌ رشيدٌ قال: رجلٌ يأمر بالمعروف وينهى، عن المنكر). [تفسير القرآن العظيم: 6/2061-2063]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله يهرعون إليه يعني الإسراع في المشي). [تفسير مجاهد: 2/306]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 70 - 73
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن كعب رضي الله عنه قال: بلغنا أن إبراهيم عليه السلام كان يشرف على سدوم فيقول: ويلك يا سدوم يوم مالك ثم قال {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} نضيج وهو يحسبهم أضيافا {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: ولد الولد {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقال لها جبريل {أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوط إذ كان فيهم إبراهيم قالوا: (يا إبراهيم أعرض عن هذا) (سورة هود الآية 76) إلى قوله (ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم) (سورة هود الآية 77) قال: ساءه مكانهم لما رأى منه من الجمال {وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب} قال: يوم سوء من قومي فذهب بهم إلى منزله فذهبت امرأته لقومه (فجاءه قومه يهزعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال: يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) (سورة هود الآية 78) تزوجوهن (أليس منكم رجل رشيد قالوا: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) (سورة هود الآية 79) وجعل الأضياف في بيته وقعد على باب البيت (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) (سورة هود الآية 80) قال: إلى عشيرة تمنع فبلغني أنه لم يبعث بعد لوط عليه السلام رسول إلا في عز من قومه فلما رأت الرسل ما قد لقي لوط في سيئتهم {قالوا يا لوط إنا رسل ربك} إنا ملائكة {لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} إلى قوله (أليس الصبح بقريب) (سورة هود الآية 81)، فخرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب وجوههم بجناحه ضربة فطمس أعينهم والطمس ذهاب الأعين ثم احتمل جبريل وجه أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها عليهم {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} قال: على أهل بواديهم وعلى رعاثهم وعلى مسافرهم فلم يبق منهم أحد). [الدر المنثور: 8/90-92] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 78 - 83.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وجاءه قومه يهرعون إليه} قال: يسرعون {ومن قبل كانوا يعملون السيئات} قال: يأتون الرجال). [الدر المنثور: 8/107]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وجاءه قومه يهرعون إليه} قال: ويسعون إليه). [الدر المنثور: 8/108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {يهرعون إليه} قال: يقبلون إليه بالغضب، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول:
أتونا يهرعون وهم أسارى * سيوفهم على رغم الأنوف). [الدر المنثور: 8/108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {ومن قبل كانوا يعملون السيئات} قال: ينكحون الرجال). [الدر المنثور: 8/108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله {قال يا قوم هؤلاء بناتي} قال: ما عرض لوط عليه السلام بناته على قومه لا سفاحا ولا نكاحا إنما قال: هؤلاء بناتي نساؤكم لأن النّبيّ إذا كان بين ظهري قوم فهو أبوهم قال الله في القرآن وأزواجه أمهاتهم (الأحزاب الآية 6) وهو أبوهم في قراءة أبي رضي الله عنه). [الدر المنثور: 8/108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد {هؤلاء بناتي} قال: لم تكن بناته ولكن كن من أمته وكل نبي أبو أمته). [الدر المنثور: 8/108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: إنما دعاهم إلى نسائهم وكل نبي أبو أمته). [الدر المنثور: 8/109]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن عساكر عن السدي في قوله {هؤلاء بناتي} قال: عرض عليهم نساء أمته كل نبي فهو أبو أمته وفي قراءة عبد الله النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم (الأحزاب الآية 6) ). [الدر المنثور: 8/109]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال: لما سمعت الفسقة بأضياف لوط جاءت إلى باب لوط فأغلق لوط عليهم الباب دونهم ثم اطلع عليهم فقال: هؤلاء بناتي، فعرض عليهم بناته بالنكاح والتزويج ولم يعرضها عليهم للفاحشة وكانوا كفارا وبناته مسلمات فلما رأى البلاء وخاف الفضيحة عرض عليهم التزويج وكان اسم ابنتيه إحداهما رغوثا والأخرى وميثا ويقال: ديونا إلى قوله {أليس منكم رجل رشيد} أي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فلما لم يتناهوا ولم يردهم قوله ولم يقبلوا شيئا مما عرض عليهم من أمر بناته قال {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} يعني عشيرة أو شيعة تنصرني لحلت بينكم وبين هذا فكسروا الباب ودخلوا عليه وتحول جبريل في صورته التي يكون فيها في السماء ثم قال: يا لوط لا تخف نحن الملائكة لن يصلوا إليك وأمرنا بعذابهم، فقال لوط: يا جبريل الآن تعذبهم - وهو شديد الأسف عليهم - قال جبريل: موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن الله يعبي العذاب في أول الليل إذا أراد أن يعذب قوما ثم يعذبهم في وجه الصبح، قال: فهيئت الحجارة لقوم لوط في أول الليل لترسل عليهم غدوة الحجارة وكذلك عذبت الأمم عاد وثمود بالغداة فلما كان عند وجه الصبح عمد جبريل إلى قرى لوط بما فيها من رجالها ونسائها وثمارها وطيرها فحواها وطواها ثم قلعها من تخوم الثرى ثم احتملها من تحت جناحه ثم رفعها إلى السماء الدنيا فسمع سكان سماء الدنيا أصوات الكلاب والطير والنساء والرجال من تحت جناح جبريل ثم أرسلها منكوسة ثم أتبعها بالحجارة وكانت الحجارة للرعاة والتجار ومن كان خارجا عن مدائنهم). [الدر المنثور: 8/109-110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: عرض عليهم بناته تزويجا وأراد أن يقي أضيافه بتزويج بناته). [الدر المنثور: 8/110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم} قال: أمرهم هود بتزويج النساء وقال: هن أطهر لكم). [الدر المنثور: 8/110-111]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه {ولا تخزون في ضيفي} يقول: ولا تفضحوني). [الدر المنثور: 8/111]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه {أليس منكم رجل رشيد} قال: رجل يأمر بمعروف وينهى عن المنكر). [الدر المنثور: 8/111]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {أليس منكم رجل رشيد} قال: رجل يأمر بمعروف وينهى عن المنكر). [الدر المنثور: 8/111]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما {أليس منكم رجل رشيد} قال: واحد يقول لا إله إلا الله.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة، مثله). [الدر المنثور: 8/111]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: لما أرسلت الرسل إلى قوم لوط ليهلوكهم قيل لهم: لا تهلكوا قوم لوط حتى يشهد عليهم لوط ثلاث مرات وكان طريقهم على إبراهيم خليل الرحمن {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط} وكانت مجادلته إياهم قال: أرأيتم إن كان فيها خمسون من المؤمنين أتهلكونهم قالوا: لا، قال: فأربعون قالوا: لا، حتى انتهى إلى عشرة أو خمسة قال: فأتوا لوطا وهو في أرض له يعمل فيها فحسبهم ضيفانا فأقبل حتى أمسى إلى أهله فمشوا معه فالتفت إليهم فقال: ما ترون ما يصنع هؤلاء قالوا: وما يصنعون قال: ما من الناس أحد شر منهم، فمشوا معه حتى قال ذلك ثلاث مرات فانتهى بهم إلى أهله فانطلقت عجوز السوء امرأته فأتت قومه فقالت: لقد تضيف لوط الليلة قوما ما رأيت قط أحسن ولا أطيب ريحا منهم فأقبلوا إليه يهرعون فدافعوه بالباب حتى كادوا يغلبون عليه، فقال ملك بجناحه فسفقه دونهم وعلا وعلوا معه فجعل يقول {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله} إلى قوله {أو آوي إلى ركن شديد} فقالوا {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} فذلك حين علم أنهم رسل الله وقال ملك بجناحه فما عشى تلك الليلة أحد بجناحه إلا عمي فباتوا بشر ليلة عميا ينتظرون العذاب فاستأذن جبريل عليه السلام في هلاكهم فأذن له فاحتمل الأرض التي كانوا عليها وأهوى بها حتى سمع أهل سماء الدنيا صغاء كلابهم وأوقد تحتهم نارا ثم قلبها بهم فسمعت امرأة لوط الوجبة وهي معهم فالتفت فأصابها العذاب وتبعت سفارهم الحجارة). [الدر المنثور: 8/114-116] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما جاءت رسل الله لوطا عليه السلام ظن أنهم ضيفان لقومه فأدناهم حتى أقعدهم قريبا وجاء ببناته وهن ثلاثة فأقعدهن بين ضيفانه وبين قومه فجاءه قومه يهرعون إليه فلما رآهم قال {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي} قالوا {ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} فالتفت إليه جبريل عليه السلام فقال {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} فلما دنو طمس أعينهم فانطلقوا عميا يركب بعضهم بعضا حتى إذا خرجوا إلى الذين بالباب قالوا: جئناكم من عند أسحر الناس ثم رفعت في جوف الليل حتى إنهم يسمعون صوت الطير في جو السماء ثم قلبت عليهم فمن أصابته الائتفاكة أهلكته ومن خرج منها اتبعته حيث كان حجرا فقتلته فارتحل ببناته حتى بلغ مكان كذا من الشام ماتت ابنته الكبرى فخرجت عندها عين ثم انطلق حيث شاء الله أن يبلغ فماتت الصغرى فخرجت عندها عين فما بقي منهن إلا الوسطى). [الدر المنثور: 8/116-117]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حقٍّ وإنّك لتعلم ما نريد}.
يقول تعالى ذكره: قال قوم لوطٍ للوطٍ: {لقد علمت} يا لوط {ما لنا في بناتك من حقٍّ} لأنّهنّ لسن لنا أزواجًا.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: {قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حقٍّ} أي من أزواجٍ؛
{وإنّك لتعلم ما نريد} وقوله: {وإنّك لتعلم ما نريد} يقول: قالوا: وإنّك يا لوط لتعلم أنّ حاجتنا في غير بناتك، وأنّ الّذي نريد هو ما تنهانا عنه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ {وإنّك لتعلم ما نريد} إنّا نريد الرّجال.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {وإنّك لتعلم ما نريد} أي إنّ بغيتنا لغير ذلك فلمّا لم يتناهوا، ولم يردّهم قوله، ولم يقبلوا منه شيئًا ممّا عرض عليهم من أمور بناته {قال لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ}). [جامع البيان: 12/507-508]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حقٍّ وإنّك لتعلم ما نريد (79)
قوله تعالى: قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حقٍّ أي من أزواجٍ
قوله تعالى: وإنّك لتعلم ما نريد
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمر بن حمّاد بن طلحة العنّاد، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ وإنّك لتعلم ما نريد إنّما نريد الرّجال.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق وإنّك لتعلم ما نريد إنّ بغيتنا لغير ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 6/2063-2064]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 70 - 73
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن كعب رضي الله عنه قال: بلغنا أن إبراهيم عليه السلام كان يشرف على سدوم فيقول: ويلك يا سدوم يوم مالك ثم قال {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} نضيج وهو يحسبهم أضيافا {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: ولد الولد {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقال لها جبريل {أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوط إذ كان فيهم إبراهيم قالوا: (يا إبراهيم أعرض عن هذا) (سورة هود الآية 76) إلى قوله (ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم) (سورة هود الآية 77) قال: ساءه مكانهم لما رأى منه من الجمال {وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب} قال: يوم سوء من قومي فذهب بهم إلى منزله فذهبت امرأته لقومه (فجاءه قومه يهزعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال: يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) (سورة هود الآية 78) تزوجوهن (أليس منكم رجل رشيد قالوا: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) (سورة هود الآية 79) وجعل الأضياف في بيته وقعد على باب البيت (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) (سورة هود الآية 80) قال: إلى عشيرة تمنع فبلغني أنه لم يبعث بعد لوط عليه السلام رسول إلا في عز من قومه فلما رأت الرسل ما قد لقي لوط في سيئتهم {قالوا يا لوط إنا رسل ربك} إنا ملائكة {لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} إلى قوله (أليس الصبح بقريب) (سورة هود الآية 81)، فخرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب وجوههم بجناحه ضربة فطمس أعينهم والطمس ذهاب الأعين ثم احتمل جبريل وجه أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها عليهم {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} قال: على أهل بواديهم وعلى رعاثهم وعلى مسافرهم فلم يبق منهم أحد). [الدر المنثور: 8/90-92] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد} قال: إنما نريد الرجال {قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} يقول: إلى جند شديد لقاتلتكم). [الدر المنثور: 8/111]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أو آوي إلى ركن شديد قال العشيرة). [تفسير عبد الرزاق: 1/311]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (80) : قوله تعالى: {قال لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا مغيرة بن عبد الرّحمن الحزاميّ، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ((يغفر اللّه للوطٍ إنّه لإلى ركنٍ شديد)) .
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن أبي سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: ما بعث اللّه نبيًّا بعد لوطٍ إلّا في عزٍّ من قومه). [سنن سعيد بن منصور: 5/356-358]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ}.
يقول تعالى ذكره: قال لوطٌ لقومه حين أبوا إلاّ المضيّ لما قد جاءوا له من طلب الفاحشة وأيس من أن يستجيبوا له إلى شيءٍ ممّا عرض عليهم: {لو أنّ لي بكم قوّةً} بأنصارٍ تنصرني عليكم وأعوانٍ تعينني، {أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} يقول: أو أنضمّ إلى عشيرةٍ مانعةٍ تمنعني منكم، لحلت بينكم، وبين ما جئتم تريدونه منّي في أضيافي. وحذف جواب لو لدلالة الكلام عليه، وأنّ معناه مفهومٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال لوطٌ: {قال لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} يقول: إلى جندٍ شديدٍ لقاتلتكم.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة {أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} قال: العشيرة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة: {إلى ركنٍ شديدٍ} قال: العشيرة.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن: {أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} قال: إلى ركنٍ من النّاس.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال قوله: {أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} قال: بلغنا أنّه لم يبعث نبيّ بعد لوطٍ إلاّ في ثروةٍ من قومه حتّى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: {لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} أي عشيرةٍ تمنعني أو شيعةٍ تنصرني، لحلت بينكم وبين هذا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} قال: يعني به العشيرة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن عوفٍ، عن الحسن، أنّ هذه الآية لمّا نزلت: {لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: رحم اللّه لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، عن مباركٍ، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: رحم اللّه أخي لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ، فلأيّ شيءٍ استكان.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبدة، وعبد الرّحيم، عن محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: رحمة اللّه على لوطٍ إن كان ليأوي إلى ركنٍ شديدٍ، إذ قال {لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ}، ما بعث اللّه بعده من نبيٍّ إلاّ في ثروةٍ من قومه قال محمّدٌ: والثّروة: الكثرة والمنعة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن كثيرٍ، قال: حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، بمثله.
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني سليمان بن بلالٍ، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، بمثله.
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبان المصريّ، قال: حدّثنا سعيد بن تليدٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن القاسم، قال: ثني بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهابٍ الزّهريّ، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرّحمن وسعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: رحم اللّه لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ.
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهابٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، وسعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: فذكر مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج بن المنهال، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال في قوله: {أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} قد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ، يعني اللّه تبارك وتعالى، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فما بعث اللّه بعده من نبيٍّ إلاّ في ثروةٍ من قومه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا محمّد بن حربٍ، قال: حدّثنا ابن لهيعة، عن أبي يونس، سمع أبا هريرة يحدّث عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: رحم اللّه لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا ابن أبي مريم سعيد بن عبد الحكم، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي الزّناد، عن أبيه، عن عبد الرّحمن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، بنحوه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا قرأ هذه الآية، أو أتى على هذه الآية قال: رحم اللّه لوطًا، لقد كان ليأوي إلى ركنٍ شديدٍ، وذكر لنا أنّ اللّه تعالى لم يبعث نبيًّا بعد لوطٍ عليه السّلام إلاّ في ثروةٍ من قومه، حتّى بعث اللّه نبيّكم في ثروةٍ من قومه.
يقال: من أوى إلى ركنٍ شديدٍ: أويت إليك، فأنا آوي إليك أويًا بمعنى صرت إليك، وانضممت، كما قال الرّاجز:
يأوي إلى ركنٍ من الأركان = في عددٍ طيسٍ ومجدٍ بان
وقيل: إنّ لوطًا لمّا قال هذه المقالة وجدت الرّسل عليه لذلك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: ثني عبد الصّمد، أنّه سمع وهب بن منبّهٍ يقول: قال لوطٌ: {لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} فوجد عليه الرّسل وقالوا: إنّ ركنك لشديدٌ). [جامع البيان: 12/508-513]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ (80) قالوا يا لوط إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل ولا يلتفت منكم أحدٌ إلّا امرأتك إنّه مصيبها ما أصابهم إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ (81)
قوله تعالى: قال لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركن شديد
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى قرأه، ثنا ابن وهبٍ أخبرني سليمان بن بلالٍ، عن محمّد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم رحمة اللّه على لوطٍ لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ قال لقومه لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ قال فما بعث اللّه نبيًّا إلا في ثروةٍ من قومه.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسين بن عمر بن شقيقٍ، ثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجونيّ، عن عبد اللّه بن رباحٍ، عن كعبٍ أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ قال إلى عشيرةٍ فتمنعني.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ قال إلى غيره.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا مباركٌ، عن الحسين في قوله أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ وقال إلى ركنٍ من النّاس شديدٍ يمنعونه لا والله ماجدوه حتّى قال: أليس منكم رجلٌ رشيدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 6/2064]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله لوطاً، لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف، ثم أتاني الداعي، لأجبت». أخرجه البخاري، ومسلم.
وللبخاري أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال: «يغفر الله للوطٍ، إن كان ليأوي إلى ركنٍ شديدٍ» وأخرج الترمذي هذا المعنى بنحوه.
وقد تقدم بزيادةٍ في أوله، وهو مذكور في تفسير سورة البقرة). [جامع الأصول: 2/194-195]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 70 - 73
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن كعب رضي الله عنه قال: بلغنا أن إبراهيم عليه السلام كان يشرف على سدوم فيقول: ويلك يا سدوم يوم مالك ثم قال {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} نضيج وهو يحسبهم أضيافا {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: ولد الولد {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقال لها جبريل {أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوط إذ كان فيهم إبراهيم قالوا: (يا إبراهيم أعرض عن هذا) (سورة هود الآية 76) إلى قوله (ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم) (سورة هود الآية 77) قال: ساءه مكانهم لما رأى منه من الجمال {وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب} قال: يوم سوء من قومي فذهب بهم إلى منزله فذهبت امرأته لقومه (فجاءه قومه يهزعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال: يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) (سورة هود الآية 78) تزوجوهن (أليس منكم رجل رشيد قالوا: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) (سورة هود الآية 79) وجعل الأضياف في بيته وقعد على باب البيت (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) (سورة هود الآية 80) قال: إلى عشيرة تمنع فبلغني أنه لم يبعث بعد لوط عليه السلام رسول إلا في عز من قومه فلما رأت الرسل ما قد لقي لوط في سيئتهم {قالوا يا لوط إنا رسل ربك} إنا ملائكة {لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} إلى قوله (أليس الصبح بقريب) (سورة هود الآية 81)، فخرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب وجوههم بجناحه ضربة فطمس أعينهم والطمس ذهاب الأعين ثم احتمل جبريل وجه أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها عليهم {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} قال: على أهل بواديهم وعلى رعاثهم وعلى مسافرهم فلم يبق منهم أحد). [الدر المنثور: 8/90-92] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن وهب بن منبه رضي الله عنه، أن إبراهيم عليه السلام حين أخرجه قومه بعدما ألقوه في النار خرج بامرأته سارة ومعه أخوها لوط وهما ابنا أخيه فتوجها إلى أرض الشام ثم بلغوا مصر وكانت سارة رضي الله عنها من أجمل الناس فلما دخلت مصر تحدث الناس بجمالها وعجبوا له حتى بلغ ذلك الملك فدعا ببعلها وسأله ما هو منها فخاف إن قال له زوجها أن يقتله فقال: أنا أخوها، فقال: زوجينها، فكان على ذلك حتى بات ليلة فجاءه حلم فخنقه وخوفه فكان هو وأهله في خوف وهول حتى علم أنه قد أتى من قبلها فدعا إبراهيم فقال: ما حملك على أن تغرني زعمت أنها أختك فقال: إني خفت إن ذكرت أنها زوجتي أن يصيبني منك ما أكره فوهب لها هاجر أم إسمعيل وحملهم وجهزهم حتى استقر قرارهم على جبل ايليا فكانوا بها حتى كثرت أموالهم ومعايشهم فكان بين رعاء إبراهيم ورعاء لوط جوار وقتال: فقال لوط لإبراهيم: إن هؤلاء الرعاء قد فسد ما بينهم وكانت تضيق فيهم المراعي ونخاف أن لا تحملنا هذه الأرض فإن أحببت أن أخف عنك خففت، قال إبراهيم: ما شئت إن شئت فانتقل منها وإن شئت انتقلت منك، قال لوط عليه السلام: لا بل أنا أحق أن أخف عنك، ففر بأهله وماله إلى سهل الأردن فكان بها حتى أغار عليه أهل فلسطين فسبوا أهله وماله، فبلغ ذلك إبراهيم عليه السلام فأغار عليهم بما كان عنده من أهله ورقيقه وكان عددهم زيادة على ثلاثمائة من كان مع إبراهيم فاستنقذ من أهل فلسطين من كان معهم من أهل لوط حتى ردهم إلى قرارهم ثم انصرف إبراهيم إلى مكانه وكان أهل سدوم الذين فيهم لوط قوم قد استغنوا عن النساء بالرجال فلما رأى الله كان عند ذلك بعث الملائكة ليعذبوهم فأتوا إبراهيم فلما رآهم راعه هيئتهم وجمالهم فسلموا عليه وجلسوا إليه فقام ليقرب إليهم قرى فقالوا: مكانك، قال: بل دعوني آتيكم بما ينبغي لكم فإن لكم حقا لم يأتنا أحد أحق بالكرامة منكم فأمر بعجل سمين فحنذ له - يعني شوي لهم - فقرب إليهم الطعام {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة} وسارة رضي الله عنها وراء الباب تسمع {قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم} مبارك فبشر به امرأته سارة فضحكت وعجبت كيف يكون له مني ولد وأنا عجوز وهذا شيخ كبير، {قالوا أتعجبين من أمر الله} فإنه قادر على ما يشاء وقد وهبه الله لكم فأبشروا به، فقاموا وقام معهم إبراهيم عليه السلام فمشوا معا وسألهم قال: أخبروني لم بعثتم وما دخل بكم قالوا: إنا أرسلنا إلى أهل سدوم لندمرها فإنهم قوم سوء وقد استغنوا بالرجال عن النساء، قال إبراهيم: إن فيها قوما صالحين فكيف يصيبهم من العذاب ما يصيب أهل عمل السوء قالوا: وكم فيها قال: أرأيتم إن كان فيها خمسون رجلا صالحا، قالوا: إذن لا نعذبهم، قال: إن كان فيهم أربعون قالوا: إذن لا نعذبهم، فلم يزل ينقص حتى بلغ إلى عشرة ثم قال: فأهل بيت قالوا: فإن كان فيها بيت صالح، قال: فلوط وأهل بيته قالوا: إن امرأته هواها معهم فكيف يصرف عن أهل قرية لم يتم فيها أهل بيت صالحين، فلما يئس منهم إبراهيم عليه السلام انصرف وذهبوا إلى أهل سدوم فدخلوا على لوط عليه السلام فلما رأتهم امرأته أعجبها هيئتهم وجمالهم فأرسلت إلى أهل القرية أنه قد نزل بنا قوم لم ير قط أحسن منهم ولا أجمل، فتسامعوا بذلك فغشوا دار لوط من كل ناحية وتسوروا عليهم الجدران فلقيهم لوط عليه السلام فقال: يا قوم لا تفضحوني في بيتي وأنا أزوجكم بناتي فهن أطهر لكم، قالوا: لو كنا نريد بناتك لقد عرفنا مكانك ولكن لا بد لنا من هؤلاء القوم الذين نزلوا بك فخل بيننا وبينهم وأسلم منا فضاق به الأمر {قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} فوجد عليه الرسل في هذه الكلمة فقالوا: إن ركنك لشديد وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ومسح أحدهم أعينهم بجناحه فطمس أبصارهم فقالوا: سحرنا انصرف بنا حتى ترجع إليهم تغشاهم الليل فكان من أمرهم ما قص الله في القرآن فأدخل ميكائيل وهو صاحب العذاب جناحه حتى بلغ أسفل الأرض ثم حمل قراهم فقلبها عليهم ونزلت حجارة من السماء فتتبعت من لم يكن منهم في القرية حيث كانوا فأهلكهم الله تعالى ونجا لوط وأهله إلا امرأته). [الدر المنثور: 8/93-97] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد} قال: إنما نريد الرجال {قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} يقول: إلى جند شديد لقاتلتكم). [الدر المنثور: 8/111] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم إلى ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أو آوي إلى ركن شديد} قال: عشيرة). [الدر المنثور: 8/111-112]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن عساكر عن قتادة رضي الله عنه {أو آوي إلى ركن شديد} قال: العشيرة). [الدر المنثور: 8/112]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن علي رضي الله عنه، أنه خطب فقال عشيرة الرجل للرجل خير من الرجل لعشيرته، إنه إن كف يدا واحدة وكفوا عنه أيديا كثيرة مع مودتهم وحفاظتهم ونصرتهم حتى لربما غضب الرجل للرجل وما يعرفه إلا بحسبه وسأتلو عليكم بذلك آيات من كتاب الله تعالى فتلا هذه الآية {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} قال علي رضي الله عنه: والركن الشديد: العشيرة، فلم يكن للوط عليه السلام عشيرة فوالذي لا إله غيره ما بعث الله نبيا بعد لوط إلا في ثروة من قومه). [الدر المنثور: 8/112]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {أو آوي إلى ركن شديد} قال: بلغني أنه لم يبعث نبي بعد لوط إلا في ثروة من قومه حتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 8/112]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه، أن هذه الآية لما نزلت {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد فلأي شيء استكان). [الدر المنثور: 8/112-113]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة قال ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية قال: رحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد وذكر لنا أن الله لم يبعث نبيا بعد لوط إلا في ثروة من قومه حتى بعث الله نبيكم صلى الله عليه وسلم في ثروة من قومه). [الدر المنثور: 8/113]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن وهب بن منبه قال لوط عليه السلام {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} فوجد عليه الرسل وقالوا: يا لوط إن ركنك لشديد). [الدر المنثور: 8/113]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما بعث الله نبيا بعد لوط إلا في عز من قومه). [الدر المنثور: 8/113]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في الأدب والترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه، وابن مردويه من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {أو آوي إلى ركن شديد} قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله لوطا كان يأوي إلى ركن شديد – يعني الله تعالى - فما بعث الله بعده نبيا إلا في ثروة من قومه). [الدر المنثور: 8/113-114]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور والبخاري، وابن مردويه من طريق الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: يغفر الله للوط إنه كان ليأوي إلى ركن شديد). [الدر المنثور: 8/114]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد). [الدر المنثور: 8/114]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة قال: قال حذيفة جاءت الملائكة لوطا وهو يعمل في أرض له فقالوا إنا متضيفوك الليلة فانطلق معهم فلما مشى معهم ساعة التفت إليهم فقال أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية ما أعلم على وجه الأرض أهل قرية شرا منهم ثم مشى ساعة فقال أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية ما أعلم على وجه الأرض أهل قرية شرا منهم فقال ذلك ثلاثة مرات وكانوا أمروا ألا يعذبهم حتى يشهد عليهم ثلاث مرات فلما دخلوا عليه ذهبت عجوز السوء فأتت قومها فقالت تضيف لوط الليلة قوم ما رأيت قوما قط أحسن وجوها منهم قال فجاءوا يسرعون فعالجهم لوط على الباب قال فقام ملك فلز الباب يقول فسده واستأذن جبريل ربه في عقوبتهم فأذن له فضربهم جبريل بجناحه فتركهم عميا فباتوا بشر ليلة ثم قالوا إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك مصيبها ما أصابهم قال فبلغنا أنها سمعت صوتا فالتفتت فأصابها حجر وهي شاذة من القوم معلوم مكانها قال قتادة وبلغنا أن جبريل أخذ بعروة القرية الوسطى ثم ألوى بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء ضواغي كلابهم ثم دمدم بعضها على بعض فجعل عاليها سافلها ثم تبعتهم الحجارة
قال معمر وقال قتادة وبلغنا أنهم كانوا أربعة آلاف ألف). [تفسير عبد الرزاق: 1/307-308]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى بقطع من الليل قال بطائفة من الليل). [تفسير عبد الرزاق: 1/309]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] لمّا جاء الرّسل إلى لوطٍ تبعهم أهل قريته وكان لهم جمال فلم يقولوا لهم شيئا فلمّا دخلوا على لوطٍ ورأوا موجدة لوطٍ عليهم وما قد دخله من خشيتهم قالوا: {إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك} فلمّا دنوا أخذوا التّراب فرموهم به ففقئوا أعينهم فذلك قوله: {فطمسنا أعينهم} فرجعوا إلى أصحابهم وهم يقولون: سحر سحرونا فقال لوطٌ للرّسل الآن، الآن يعني هلاكهم فقالوا: {إنّ موعدهم الصّبح} فقال ابن عباس ثلاثة أحرفٍ في القرآن لا يحفظون ألا ترى أنّه قول اللّه: {أليس الصبح بقريب} والحرفان الآخران ثمّ أتبعهم {إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذله} قال الله: {وكذلك يفعلون} وقولٌ ليوسف: {ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين} فقال له ملكٌ من الملائكة ولا حين هممت قال: {وما أبرئ نفسي} فرجع فرفع جبريل عليه السّلام القرية بجناحه فدحدها وما فيها حتّى أسمع أهل السّماء الدّنيا أصواتهم ثمّ قلبها ثمّ تتبّع من شذّ منهم بالحجارة [الآية: 81]). [تفسير الثوري: 131-132]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا الحميديّ، حدّثنا سفيان، حدّثنا عمرٌو، قال: قرأ ابن عبّاسٍ: {ألا إنّهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه، ألا حين يستغشون ثيابهم} [هود: 5]- وقال غيره: عن ابن عبّاسٍ - {يستغشون} [هود: 5] : «يغطّون رءوسهم» {سيء بهم} [هود: 77] : «ساء ظنّه بقومه» ، {وضاق بهم} [هود: 77] : «بأضيافه» . {بقطعٍ من اللّيل} [هود: 81] : «بسوادٍ» وقال مجاهدٌ: {إليه أنيب} [هود: 88] : «أرجع»). [صحيح البخاري: 6/73] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله بقطع من اللّيل بسواد وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ وقال أبو عبيدة معناه ببعضٍ من اللّيل وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة بطائفةٍ من اللّيل). [فتح الباري: 8/350]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وبه في قوله 81 هود {بقطع من اللّيل} قال بسواد). [تغليق التعليق: 4/226]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بقطع من اللّيل بسواد) أشار به إلى قوله تعالى فأسر بأهلك بقطع من اللّيل ولا يلتفت منكم أحد الآية وفسّر القطع بسواد وهو مرويّ هكذا عن ابن عبّاس أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه وقال أبو عبيدة معناه ببعض من اللّيل وروى عبد الرّزّاق عن معمر عن قتادة بطائفة من اللّيل). [عمدة القاري: 18/290]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله تعالى للوط: {فأسر بأهلك} ({بقطع من الليل}) [هود: 81] أي (بسواد) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وقال قتادة فيما وصله عبد الرزاق بطائفة من الليل). [إرشاد الساري: 7/169]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا يا لوط إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل ولا يلتفت منكم أحدٌ إلاّ امرأتك إنّه مصيبها ما أصابهم إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ}.
يقول تعالى ذكره: قالت الملائكة للوطٍ لمّا قال لوطٌ لقومه {لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} ورأوا ما لقي من الكرب بسببهم منهم: {يا لوط إنّا رسل ربّك} أرسلنا لإهلاكهم، وإنّهم لن يصلوا إليك، وإلى ضيفك بمكروهٍ، فهوّن عليك الأمر، {فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل} يقول: فاخرج من بين أظهرهم أنت وأهلك ببقيّةٍ من اللّيل.
يقال منه: أسرى وسرى، وذلك إذا سار بليلٍ. {ولا يلتفت منكم أحدٌ إلاّ امرأتك}.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {فأسر} فقرأ ذلك عامّة قرّاء المكّيّين والمدنيّين: فاسر وصلٌ بغير همز الألف من سرى.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة والبصرة: {فأسر} بهمز الألف من أسرى والقول عندي في ذلك أنّهما قراءتان قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما أهل قدوةٍ في القراءة، وهما لغتان مشهورتان في العرب معناهما واحدٌ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب في ذلك.
وأمّا قوله: {إلاّ امرأتك} فإنّ عامّة القرّاء من الحجاز والكوفة، وبعض أهل البصرة، قرءوا بالنّصب {إلاّ امرأتك} بتأويل: فأسر بأهلك إلاّ امرأتك، وعلى أنّ لوطًا أمر أن يسري بأهله سوى زوجته، فإنّه نهي أن يسري بها، وأمر بتخليفها مع قومها.
وقرأ ذلك بعض البصريّين: إلاّ امرأتك رفعًا، بمعنى: ولا يلتفت منكم أحدٌ إلاّ امرأتك، فإنّ لوطًا قد أخرجها معه، وإنّه نهي لوطٌ ومن معه ممّن أسرى معه أن يلتفت سوى زوجته، وأنّها التفتت فهلكت لذلك.
وقوله: {إنّه مصيبها ما أصابهم} يقول: إنّه مصيب امرأتك ما أصاب قومك من العذاب. {إنّ موعدهم الصّبح} يقول: إنّ موعد قومك الهلاك الصّبح. فاستبطأ ذلك منهم لوطٌ، وقال لهم: بلى عجّلوا لهم الهلاك فقالوا: {أليس الصّبح بقريبٍ} أي عند الصّبح نزول العذاب بهم.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {أليس الصّبح بقريبٍ} أي إنّما ينزل بهم من صبح ليلتك هذه، فامض لما تؤمر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، قال: فمضت الرّسل من عند إبراهيم إلى لوطٍ، فلمّا أتوا لوطًا، وكان من أمرهم ما ذكر اللّه، قال جبرئيل للوطٍ: يا لوط {إنّا مهلكو أهل هذه القرية إنّ أهلها كانوا ظالمين} فقال لهم لوطٌ: أهلكوهم السّاعة فقال له جبرئيل عليه السّلام: {إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ}؟ فأنزلت على لوطٍ: {أليس الصّبح بقريبٍ} قال: فأمره أن يسري بأهله بقطعٍ من اللّيل، ولا يلتفت منهم أحدٌ إلاّ امرأته قال: فسار، فلمّا كانت السّاعة الّتي أهلكوا فيها أدخل جبرئيل جناحه فرفعها حتّى سمع أهل السّماء صياح الدّيكة، ونباح الكلاب، فجعل عاليها سافلها، وأمطر عليها حجارةٌ من سجّيلٍ، قال: وسمعت امرأة لوطٍ الهدّة، فقالت: واقوماه فأدركها حجرٌ فقتلها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن حفص بن حميدٍ، عن شمر بن عطيّة، قال: كان لوطٌ أخذ على امرأته أن لا تذيع شيئًا من سرّ أضيافه، قال: فلمّا دخل عليه جبرئيل ومن معه، رأتهم في صورةٍ لم تر مثلها قطّ فانطلقت تسعى إلى قومها، فأتت النّادي فقالت بيدها هكذا، وأقبلوا يهرعون مشيًا بين الهرولة والجمز، فلمّا انتهوا إلى لوطٍ قال لهم لوطٌ ما قال اللّه في كتابه، قال جبرئيل: {يا لوط إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك} قال: فقال بيده، فطمس أعينهم، فجعلوا يطلبونهم، يلمسون الحيطان، وهم لا يبصرون.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن حذيفة، قال: لمّا بصرت بهم، يعني بالرّسل، عجوز السّوء امرأته، انطلقت فأنذرتهم فقالت: إنّه تضيّف لوطًا قومٌ ما رأيت قومًا أحسن وجوهًا قال: ولا أعلمه إلاّ قالت: ولا أشدّ بياضًا، وأطيب ريحًا، قال: فأتوه يهرعون إليه، كما قال اللّه، فأصفق لوطٌ الباب، قال: فجعلوا يعالجونه، قال: فاستأذن جبرئيل ربّه في عقوبتهم، فأذن له، فصفقهم بجناحه، فتركهم عميانًا يتردّدون في أخبث ليلةٍ ما أتت عليهم قطّ، فأخبروه {إنّا رسل ربّك} {فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل} قال: ولقد ذكر لنا أنّه كانت مع لوطٍ حين خرج من القرية امرأته، ثمّ سمعت الصّوت، فالتفتت وأرسل اللّه عليها حجرًا فأهلكها.
وقوله: {إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ} فأراد نبيّ اللّه ما هو أعجل من ذلك، فقالوا أليس الصّبح بقريبٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم بن بشيرٍ، قال: حدّثنا عمرو بن قيسٍ الملائيّ، عن سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة، قال: انطلقت امرأته، يعني امرأة لوطٍ، حين رأتهم، يعني حين رأت الرّسل إلى قومها، فقالت: إنّه قد ضافه اللّيلة قومٌ ما رأيت مثلهم قطّ أحسن وجوهًا، ولا أطيب ريحًا فجاءوا يهرعون إليه، فبادرهم لوطٌ إلى أن يزجّهم على الباب، فقال: {هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين} [الحجر] فقالوا: {أولم ننهك عن العالمين} [الحجر]، فدخلوا على الملائكة، فتناولتهم الملائكة، وطمست أعينهم، فقالوا: يا لوط جئتنا بقومٍ سحرةٍ سحرونا كما أنت حتّى تصبح قال: واحتمل جبرئيل قريات لوطٍ الأربع، في كلّ قريةٍ مائة ألفٍ، فرفعهم على جناحه بين السّماء والأرض، حتّى سمع أهل السّماء الدّنيا أصوات ديكتهم، ثمّ قلبهم، فجعل اللّه عاليها سافلها.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: قال حذيفة: لمّا دخلوا عليه، ذهبت عجوزةٌ عجوز السّوء، فأتت قومها، فقالت: لقد تضيّف لوطًا اللّيلة قومٌ ما رأيت قومًا قطّ أحسن وجوهًا منهم قال: فجاءوا يسرعون، فعاجلهم لوطٌ، فقام ملكٌ فلزّ الباب، يقول: فسدّه، واستأذن جبرئيل في عقوبتهم، فأذن له، فضربهم جبرئيل بجناحه، فتركهم عميانًا، فباتوا بشرّ ليلةٍ، ثمّ قالوا {إنّا رسل ربّك} {فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل ولا يلتفت منكم أحدٌ إلاّ امرأتك} قال: فبلغنا أنّها سمعت صوتًا، فالتفتت فأصابها حجرٌ، وهي شاذّةٌ من القوم، معلومٌ مكانها.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، عن حذيفة بنحوه، إلاّ أنّه قال: فعاجلهم لوطٌ.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: لمّا قال لوطٌ: {لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} بسط حينئذٍ جبريل عليه السّلام جناحيه، ففقأ أعينهم وخرجوا يدوس بعضهم في أدبار بعضٍ عميانًا يقولون: النّجاء النّجاء، فإنّ في بيت لوطٍ أسحر قومٍ في الأرض فذلك قوله: {ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم} وقالوا للوطٍ: {إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل ولا يلتفت منكم أحدٌ إلاّ امرأتك إنّه مصيبها} واتّبع أدبار أهلك يقول: سر بهم، {وامضوا حيث تؤمرون} فأخرجهم اللّه إلى الشّام، وقال لوطٌ: أهلكوهم السّاعة فقالوا: إنّا لم نؤمر إلاّ بالصّبح، أليس الصّبح بقريبٍ؟ فلمّا أن كان السّحر خرج لوطٌ وأهله معه امرأته، فذلك قوله: {إلاّ آل لوطٍ نجّيناهم بسحرٍ}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم، عن عبد الصّمد، أنّه سمع وهب بن منبّهٍ، يقول: كان أهل سدومٍ الّذين فيهم لوطٌ قومًا قد استغنوا عن النّساء بالرّجال؛ فلمّا رأى اللّه ذلك بعث الملائكة ليعذّبوهم، فأتوا إبراهيم، وكان من أمره وأمرهم ما ذكر اللّه في كتابه، فلمّا بشّروا سارة بالولد، قاموا وقام معهم إبراهيم يمشي، قال: أخبروني لم بعثتم وما خطبكم؟ قالوا: إنّا أرسلنا إلى أهل سدومٍ لندمّرها، وإنّهم قوم سوءٍ قد استغنوا بالرّجال عن النّساء. قال إبراهيم: إن كان فيهم خمسون رجلاً صالحًا؟ قالوا: إذن لا نعذّبهم. فجعل ينقم حتّى قال أهل البيت، قال: فإن كان فيها بيتٌ صالحٌ؟ قال: فلوطٌ وأهل بيته. قالوا: إنّ امرأته هواها معهم. فلمّا يئس إبراهيم انصرف، ومضوا إلى أهل سدومٍ، فدخلوا على لوطٍ؛ فلمّا رأتهم امرأته أعجبها حسنهم وجمالهم، فأرسلت إلى أهل القرية: إنّه قد نزل بنا قومٌ لم ير قومٌ قطّ أحسن منهم ولا أجمل فتسامعوا بذلك، فغشوا دار لوطٍ من كلّ ناحيةٍ وتسوّروا عليهم الجدران. فلقيهم لوطٌ، فقال: يا قوم لا تفضحوني في ضيفي، وأنا أزوّجكم بناتي فهنّ أطهر لكم فقالوا: لو كنّا نريد بناتك لقد عرفنا مكانهنّ، فقال: {لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ}، فوجد عليه الرّسل، قالوا: إنّ ركنك لشديدٌ، وإنّهم آتيهم عذابٌ غير مردودٍ فمسح أحدهم أعينهم بجناحيه، فطمس أبصارهم، فقالوا: سحرنا، انصرفوا بنا حتّى نرجع إليه فكان من أمرهم ما قد قصّ اللّه تعالى في كتابه. فأدخل ميكائيل، وهو صاحب العذاب جناحه حتّى بلغ أسفل الأرض، فقلبها، ونزلت حجارةً من السّماء، فتتبّعت من لم يكن منهم في القرية حيث كانوا، فأهلكهم اللّه، ونجّى لوطًا وأهله، إلاّ امرأته.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، وعن أبي بكر بن عبد اللّه وأبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، عن حذيفة: دخل حديث بعضهم في بعضٍ، قال: كان إبراهيم عليه السّلام يأتيهم فيقول: ويحكم أنهاكم عن اللّه أن تعرّضوا لعقوبته، حتّى إذا بلغ الكتاب أجله لمحلّ عذابهم، وسطوات الرّبّ بهم، قال: فانتهت الملائكة إلى لوطٍ، وهو يعمل في أرضٍ له، فدعاهم إلى الضّيافة، فقالوا: إنّا مضيّفوك اللّيلة. وكان اللّه تعالى عهد إلى جبريل عليه السّلام أن لا تعذّبهم حتّى يشهد عليهم لوطٌ ثلاث شهاداتٍ؛ فلمّا توجّه بهم لوطٌ إلى الضّيافة، ذكر ما يعمل قومه من الشّرّ، والدّواهي العظام، فمشى معهم ساعةً، ثمّ التفت إليهم، فقال: أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرض شرًّا منهم، أين أذهب بكم؟ إلى قومي، وهم شرّ خلق اللّه فالتفت جبرئيل إلى الملائكة فقال: احفظوا هذه واحدةً ثمّ مشى ساعةً؛ فلمّا توسّط القرية، وأشفق عليهم واستحيا منهم، قال: أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ وما أعلم على وجه الأرض شرًّا منهم، إنّ قومي شرّ خلق اللّه فالتفت جبرئيل إلى الملائكة، فقال: احفظوا هاتان ثنتان فلمّا انتهى إلى باب الدّار بكى حياءً منهم، وشفقةً عليهم، وقال: إنّ قومي شرّ خلق اللّه، أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرض أهل قريةٍ شرًّا منهم فقال جبريل للملائكة: احفظوا هذه ثلاثٌ قد حقّ العذاب. فلمّا دخلوا ذهبت عجوزةٌ، عجوز السّوء، فصعدت فلوّحت بثوبها، فأتاها الفسّاق يهرعون سراعًا، قالوا: ما عندك؟ قالت: ضيّف لوطٌ اللّيلة قومًا ما رأيت أحسن وجوهًا منهم، ولا أطيب ريحًا منهم فهرعوا مسارعين إلى الباب، فعاجلهم لوطٌ على الباب، فدافعوه طويلاً، هو داخلٌ وهم خارجٌ، يناشدهم اللّه ويقول: {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} فقام الملك فلزّ الباب، يقول: فسدّه، واستأذن جبرئيل في عقوبتهم، فأذن اللّه له، فقام في الصّورة الّتي يكون فيها في السّماء، فنشر جناحه، ولجبرئيل جناحان، وعليه وشاحٌ من درٍّ منظومٍ، وهو برّاق الثّنايا أجلى الجبين، ورأسه حبّكٌ حبّكٌ، مثل المرجان وهو اللّؤلؤ، كأنّه الثّلج، وقدماه إلى الخضرة، فقال: {يا لوط إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك} امض يا لوط من الباب ودعني وإيّاهم فتنحّى لوطٌ عن الباب، فخرج عليهم فنشر جناحه، فضرب به وجوههم ضربةً شدخ أعينهم فصاروا عميًا لا يعرفون الطّريق، ولا يهتدون إلى بيوتهم. ثمّ أمر لوطًا فاحتمل بأهله من ليلته، قال: {فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لمّا قال لوطٌ لقومه: {لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} والرّسل تسمع ما يقول، وما يقال له ويرون ما هو فيه من كرب ذلك، فلمّا رأوا ما بلغه {قالوا يا لوط إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك} أي بشيءٍ تكرهه، {فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل ولا يلتفت منكم أحدٌ إلاّ امرأتك إنّه مصيبها ما أصابهم إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ} أي إنّما ينزل بهم العذاب من صبح ليلتك هذه، فامض لما تؤمر.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، أنّه: حدّث أنّ الرّسل عند ذلك سفعوا في وجوه الّذين جاءوا لوطًا من قومه يراودونه عن ضيفه، فرجعوا عميانًا. قال: يقول اللّه: {ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {بقطعٍ من اللّيل} قال: بطائفةٍ من اللّيل.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {بقطعٍ من اللّيل} بطائفةٍ من اللّيل.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ، قوله:: {بقطعٍ من اللّيل} قال: جوف اللّيل.
وقوله: {واتّبع أدبارهم} يقول: واتّبع أدبار أهلك، {ولا يلتفت منكم أحدٌ}.
وكان مجاهدٌ يقول في ذلك ما:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {ولا يلتفت منكم أحدٌ} قال: لا ينظر وراءه أحدٌ {إلاّ امرأتك}.
وروي عن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّه كان يقرأ: فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل إلاّ امرأتك.
- حدّثني بذلك أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا القاسم بن سلاّمٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون، قال: في حرف ابن مسعودٍ: فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل إلاّ امرأتك.
وهذا يدلّ على صحّة القراءة بالنّصب). [جامع البيان: 12/513-525]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: يا لوط إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن كثيرٍ، ثنا سليمان بن كثيرٍ، ثنا حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا ولج رسل اللّه على لوطٍ ظنّ لوطٌ أنّهم ضيفانٌ قال: فأخرج بناته بالطّريق وجعل ضيفانه بينه وبين بناته قال: وجاءه قومه يهرعون إليه فقال: هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فاتّقوا اللّه إلى قوله: أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ فالتفت إليه جبريل فقال: لا تخف إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك قال: فلمّا دنوا طمس أعينهم فانطلقوا عميًا يركب بعضهم بعضًا حتّى إذا خرجوا إلى الّذين بالباب فقالوا جئناكم من عند أسحر النّاس طمست أنظارنا قال: فانطلقوا يركب بعضهم بعضًا حتّى دخلوا المدينة فكان في جوف اللّيل فوقعت حتّى إنّهم ليسمعون صوت الطّير في جوّ السّماء ثمّ قلبت عليهم فمن أصابته الانتفاكة هلكته، ومن خرج منها اتّبعته حيث كان فقتلته.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق قالوا يا لوط إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك إلى شيءٍ تكرهه.
قوله تعالى: فأسر بأهلك
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ فأسر بأهلك يقول: مرّ بهم واتّبع أدبار أهلك.
قوله تعالى: بقطعٍ من اللّيل
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: بقطعٍ من اللّيل: سوّادٌ من اللّيل.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قوله: بقطعٍ من اللّيل أي: بطائفةٍ من اللّيل أي سوّادٍ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا المفضل ابن فضالة، عن أبي صخرٍ في قوله: فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل قال: السّحر الأوّل
قوله تعالى: ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتك
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: ولا يلتفت منكم أحدٌ قال: ولا يتخلّف منكم أحدٌ.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ولا يلتفت منكم أحدٌ قال لا ينظر وراءه أحدٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا ابن أبي عروبة، عن قتادة قوله: ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم ذكر لنا أنها كانت مع لوطٍ لمّا خرج من القرية فسمعت الصّوت فالتفتت فأرسل عليها حجرًا فأهلكها فهي معلومٌ مكانها شاذّةٌ، عن القوم.
قوله تعالى: إنّه مصيبها ما أصابهم
- حدّثنا يحيى بن عبدك القزوينيّ، ثنا المقرئ وسليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلالٍ، عن جندب بن عبد اللّه، عن حذيفة بن اليمان قال: واستأذن جبريل في هلاكهم فأذن له فاحتمل الأرض الّتي كانوا عليها وأهوى بها حتّى سمع أهل سماء الدّنيا ضغا كلابهم وأوقد تحتهم نارًا ثمّ قلبها بهم فسمعت امرأته الوجبة وهي معهم فالتفتت فأصابها العذاب وتبعت سفاهم بالحجارة.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا زنيجٌ، ثنا جريرٌ، عن يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ بن جبيرٍ، فلمّا أتوا قوم لوطٍ ذكروا ما أرادوا قال قومه جاءوا قومًا لم تروا مثلهم قطّ قال: فذهب بعضهم يتناولهم فقال بعض الملائكة بيده أو بجناحه فطمس أعينهم فقالوا: سحرنا فقالوا جئنا في هلكة قوم لوطٍ قالوا للوطٍ: سر فسار بأهله فلمّا أصبحوا سمعوا الوجبة فقالت امرأته: وا قومي فأصابها حجرٌ فقتلها.
قوله تعالى: الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حمّاد بن سلمة، عن عطاء بن السّائب، عن عبد الرّحمن بن بشير الأنصاريّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ النّاس كانوا قد أنذروا قوم لوطٍ فجاءتهم الملائكة عشيّةً فقالت إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك قال: رسل ربّي قالوا: نعم فقال لوطٌ: فالآن إذًا فقال جبريل إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ.
- حدّثنا يحيى بن عبدك القزوينيّ، ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، ثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن الأسود بن قيسٍ، عن جندب بن سفيان قال: فخرج ملكٌ من الملائكة فقال كونوا عميًا حتّى إذا أصبحوا حمل أرضهم على جناحه فمضى بها ثمّ قلبها.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال وقال لوطٌ أهلكوهم السّاعة قالوا إنّا لم نؤمر إلا بالصّبح أليس الصّبح بقريبٍ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا يوسف بن واقدٍ، عن يعقوب بن عبد اللّه، عن جعفر بن أبي المغيربة، عن سعيد بن جبيرٍ، قال لهم لوطٌ أهلكوهم السّاعة قال له جبريل إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ. فأنزلت على لوطٍ أليس الصّبح بقريبٍ.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ أي إنّما ينزل بهم العذاب من صبح ليلتك هذه فامض لما تؤمر). [تفسير القرآن العظيم: 6/2064-2067]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 70 - 73
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن كعب رضي الله عنه قال: بلغنا أن إبراهيم عليه السلام كان يشرف على سدوم فيقول: ويلك يا سدوم يوم مالك ثم قال {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} نضيج وهو يحسبهم أضيافا {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: ولد الولد {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقال لها جبريل {أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوط إذ كان فيهم إبراهيم قالوا: (يا إبراهيم أعرض عن هذا) (سورة هود الآية 76) إلى قوله (ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم) (سورة هود الآية 77) قال: ساءه مكانهم لما رأى منه من الجمال {وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب} قال: يوم سوء من قومي فذهب بهم إلى منزله فذهبت امرأته لقومه (فجاءه قومه يهزعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال: يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) (سورة هود الآية 78) تزوجوهن (أليس منكم رجل رشيد قالوا: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) (سورة هود الآية 79) وجعل الأضياف في بيته وقعد على باب البيت (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) (سورة هود الآية 80) قال: إلى عشيرة تمنع فبلغني أنه لم يبعث بعد لوط عليه السلام رسول إلا في عز من قومه فلما رأت الرسل ما قد لقي لوط في سيئتهم {قالوا يا لوط إنا رسل ربك} إنا ملائكة {لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} إلى قوله (أليس الصبح بقريب) (سورة هود الآية 81)، فخرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب وجوههم بجناحه ضربة فطمس أعينهم والطمس ذهاب الأعين ثم احتمل جبريل وجه أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها عليهم {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} قال: على أهل بواديهم وعلى رعاثهم وعلى مسافرهم فلم يبق منهم أحد). [الدر المنثور: 8/90-92] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن بشر الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الناس كانوا أنذروا قوم لوط فجاءتهم الملائكة عشية فمروا بناديهم فقال قوم لوط بعضهم لبعض: لا تنفروهم ولم يروا قوما قط أحسن من الملائكة فلما دخلوا على لوط عليه السلام راودوه عن ضيفه فلم يزل بهم حتى عرض عليهم بناته فأبوا فقالت الملائكة {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} قال: رسل ربي قالوا: نعم، قال لوط: فالآن كذا). [الدر المنثور: 8/114]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: لما أرسلت الرسل إلى قوم لوط ليهلوكهم قيل لهم: لا تهلكوا قوم لوط حتى يشهد عليهم لوط ثلاث مرات وكان طريقهم على إبراهيم خليل الرحمن {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط} وكانت مجادلته إياهم قال: أرأيتم إن كان فيها خمسون من المؤمنين أتهلكونهم قالوا: لا، قال: فأربعون قالوا: لا، حتى انتهى إلى عشرة أو خمسة قال: فأتوا لوطا وهو في أرض له يعمل فيها فحسبهم ضيفانا فأقبل حتى أمسى إلى أهله فمشوا معه فالتفت إليهم فقال: ما ترون ما يصنع هؤلاء قالوا: وما يصنعون قال: ما من الناس أحد شر منهم، فمشوا معه حتى قال ذلك ثلاث مرات فانتهى بهم إلى أهله فانطلقت عجوز السوء امرأته فأتت قومه فقالت: لقد تضيف لوط الليلة قوما ما رأيت قط أحسن ولا أطيب ريحا منهم فأقبلوا إليه يهرعون فدافعوه بالباب حتى كادوا يغلبون عليه، فقال ملك بجناحه فسفقه دونهم وعلا وعلوا معه فجعل يقول {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله} إلى قوله {أو آوي إلى ركن شديد} فقالوا {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} فذلك حين علم أنهم رسل الله وقال ملك بجناحه فما عشى تلك الليلة أحد بجناحه إلا عمي فباتوا بشر ليلة عميا ينتظرون العذاب فاستأذن جبريل عليه السلام في هلاكهم فأذن له فاحتمل الأرض التي كانوا عليها وأهوى بها حتى سمع أهل سماء الدنيا صغاء كلابهم وأوقد تحتهم نارا ثم قلبها بهم فسمعت امرأة لوط الوجبة وهي معهم فالتفت فأصابها العذاب وتبعت سفارهم الحجارة). [الدر المنثور: 8/114-116] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما جاءت رسل الله لوطا عليه السلام ظن أنهم ضيفان لقومه فأدناهم حتى أقعدهم قريبا وجاء ببناته وهن ثلاثة فأقعدهن بين ضيفانه وبين قومه فجاءه قومه يهرعون إليه فلما رآهم قال {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي} قالوا {ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} فالتفت إليه جبريل عليه السلام فقال {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} فلما دنو طمس أعينهم فانطلقوا عميا يركب بعضهم بعضا حتى إذا خرجوا إلى الذين بالباب قالوا: جئناكم من عند أسحر الناس ثم رفعت في جوف الليل حتى إنهم يسمعون صوت الطير في جو السماء ثم قلبت عليهم فمن أصابته الائتفاكة أهلكته ومن خرج منها اتبعته حيث كان حجرا فقتلته فارتحل ببناته حتى بلغ مكان كذا من الشام ماتت ابنته الكبرى فخرجت عندها عين ثم انطلق حيث شاء الله أن يبلغ فماتت الصغرى فخرجت عندها عين فما بقي منهن إلا الوسطى). [الدر المنثور: 8/116-117] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أغلق لوط على ضيفه الباب فجاؤا فكسروا الباب فدخلوا فطمس جبريل أعينهم فذهبت أبصارهم قالوا: يا لوط جئتنا بسحرة فتوعدوه فأوجس في نفسه خيفة إذا قد ذهب هؤلاء يؤذونني، قال جبريل {يا لوط إنا رسل ربك} إن موعدهم الصبح قال لوط: الساعة، قال جبريل {أليس الصبح بقريب} قال: الساعة، فرفعت حتى سمع أهل سماء الدنيا نبيح الكلاب ثم أقبلت ورموا بالحجارة). [الدر المنثور: 8/117]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فأسر بأهلك} يقول: سر بهم). [الدر المنثور: 8/117]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {بقطع من الليل} قال: جوف الليل). [الدر المنثور: 8/117]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {بقطع} قال سواد من الليل). [الدر المنثور: 8/117]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله {بقطع من الليل} قال: بطائفة من الليل). [الدر المنثور: 8/118]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن نافع بن الأزرق رضي الله عنه قال له: أخبرني عن قول الله {فأسر بأهلك بقطع من الليل} ما القطع قال: آخر الليل سحر، قال مالك بن كنانة:
ونائحة تقوم بقطع ليل * على رجل أهانته شعوب). [الدر المنثور: 8/118]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولا يلتفت منكم أحد} قال: لا يتخلف). [الدر المنثور: 8/118]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولا يلتفت منكم أحد} قال: لا ينظر وراءه أحد {إلا امرأتك}). [الدر المنثور: 8/118]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابو عبيد، وابن جرير عن هرون رضي الله عنه قال: في حرف ابن مسعود رضي الله عنه فاسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك). [الدر المنثور: 8/118]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال: ذكر لنا أنها كانت مع لوط لما خرج من الطرية فسمعت الصوت فالتفت فأرسل الله عليها حجرا فأهلكها، فهي معلوم مكانها شاذة عن القوم وهي في مصحف عبد الله ولقد وفينا إليه أهله كلهم إلا عجوزا في الغبر قال: ولما قيل له إن موعدهم الصبح، قال: إني أريد أعجل من ذلك، قال {أليس الصبح بقريب}). [الدر المنثور: 8/118-119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال: قال لوط: أهلكوهم الساعة، قالوا: إنا لن نؤمر إلا بالصبح {أليس الصبح بقريب}). [الدر المنثور: 8/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: قال له لوط: أهلكوهم الساعة، قال له جبريل عليه السلام {إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب} فأنزلت على لوط {أليس الصبح بقريب} قال: فأمره أن يسري بأهله بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأته فسار فلما كانت الساعة التي أهلكوا فيها أدخل جبريل عليه السلام جناحه فرفعها حتى سمع أهل السماء صياح الديكة ونباح الكلاب فجعل عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل وسمعت امرأة لوط الهدة فقالت: واقوماه، فأدركها حجر فقتلها). [الدر المنثور: 8/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عدي، وابن عساكر عن أبي الحلة قال: رأيت امرأة لوط قد مسخت حجر تحيض عند كل رأس شهر). [الدر المنثور: 8/120]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة وعكرمة في قوله تعالى من سجيل قالا من طين مسومة قالا مطوقة بها نضح من حمرة منضود يقول مصفوفة قال وما هي من الظالمين ببعيد يقول لم يبرأ منها ظالم بعدهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/309]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة قال من عمل عمل قوم لوط رجم إن كان محصنا فإن كان بكرا جلد مائة). [تفسير عبد الرزاق: 1/309]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري مثله قال يرجم إن كان محصنا ويجلد إن كان بكرا ويغلظ عليه في الحبس والنفي). [تفسير عبد الرزاق: 1/309]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت أول ما اتهم بالأمر القبيح يعني عمل قوم لوط على عهد عمر اتهم به رجل فأمر عمر بعض شباب قريش ألا يجالسوه). [تفسير عبد الرزاق: 1/310]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري في الذي يأتي البهيمة قل يجلد مائة أحصن أو لم يحصن). [تفسير عبد الرزاق: 1/310]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري قال من قذف رجلا ببهيمة جلد حد الفرية). [تفسير عبد الرزاق: 1/310]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {من سجيل} قال: فيها طين [الآية: 82]). [تفسير الثوري: 132]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({سجّيلٌ} [هود: 82] : " الشّديد الكبير، سجّيلٌ وسجّينٌ، واللّام والنّون أختان، وقال تميم بن مقبلٍ:
[البحر البسيط]
ورجلةٍ يضربون البيض ضاحيةً ... ضربًا تواصى به الأبطال سجّينا "). [صحيح البخاري: 6/73]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله سجّيلٌ الشّديد الكبير سجّيلٌ وسجّينٌ واحدٌ واللّام والنّون أختان وقال تميم بن مقبلٍ ورجلة يضربون البيض ضاحيةً ضربًا تواصى به الأبطال سجّينا هو كلام أبي عبيدة بمعناه قال في قوله تعالى حجارةً من سجّيلٍ هو الشّديد من الحجارة الصّلب ومن الضّرب أيضا قال بن مقبلٍ فذكره قال وقوله سجّيلًا أي شديدًا وبعضهم يحوّل اللّام نونًا وقال في موضعٍ آخر السجيل الشّديد الكثير وقد تعقبه بن قتيبةٍ بأنّه لو كان معنى السّجّيل الشّديد لما دخلت عليه من وكان يقول حجارةً سجّيلًا لأنّه لا يقال حجارةٌ من شديدٍ ويمكن أن يكون الموصوف حذف وأنشد غير أبي عبيدة البيت المذكور فأبدل قوله ضاحيةً بقوله عن عرضٍ وهو بضمّتين وضادٍ معجمةٍ وسيأتي قول بن عبّاسٍ ومن تبعه أنّ الكلمة فارسيّةٌ في تفسير سورة الفيل وقد قال الأزهريّ إن ثبت أنّها فارسيّةٌ فقد تكلّمت بها العرب فصارت وقيل هو اسمٌ لسماء الدّنيا وقيل بحرٌ معلّقٌ بين السّماء والأرض نزلت منه الحجارة وقيل هي جبالٌ في السّماء تنبيهٌ تميم بن مقبل هو بن خبيب بن عوف بن قتيبة بن العجلان بن كعب بن عامر بن صعصعة العامريّ ثمّ العجلانيّ شاعرٌ مخضرمٌ أدرك في الجاهليّة والإسلام وكان أعرابيًّا جافيًا وله قصّةٌ مع عمر ذكره المرزبانيّ ورجلة بفتح الرّاء ويجوز كسرها على تقدير ذوي رجلةٍ والجيم ساكنةٌ وحكى بن التّين في هذا الحاء المهملة والبيض بفتح الموحّدة جمع بيضةٍ وهي الخوذة أو بكسرها جمع أبيض وهو السّيف فعلى الأوّل المراد مواضع البيض وهي الرّءوس وعلى الثّاني المراد يضربون بالبيض على نزع الخافض والأوّل أوجه وضاحيةٌ أي ظاهرةٌ أو المراد في وقت الضّحوة وتواصى أصله تتواصى فحذفت إحدى التّاءين وروي تواصت بمثنّاة بدل التّحتانيّة في آخره وقوله سجّينًا بكسر المهملة وتشديد الجيم قال الحسن بن المظفّر هو فعيلٌ من السّجن كأنّه يثبّت من وقع فيه فلا يبرح مكانه وعن بن الأعرابيّ أنّه رواه بالخاء المعجمة بدل الجيم أي ضربا حارا). [فتح الباري: 8/351]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (سجيل الشّديد الكبير: سجيل وسجين واللّام والنّون أختان وقال تميم بن مقبل
(ورجلة يضربون البيض ضاحية ... ضربا تواصى به الأبطال سجينا)
أشار به إلى قوله تعالى {وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود} وفسره بقوله الشّديد الكبير بالباء وبالثاء المثلّثة أيضا وقال أبو عبيدة هو الشّديد من الحجارة الصلب واعترض ابن التّين بأنّه لو كان معنى السجيل الشّديد الكبير لما دخلت عليه من وكان يقول حجارة سجيلا لأنّه لا يقال حجارة من شديد (قلت) يمكن أن يكون فيه حذف تقديره وأرسلنا عليهم حجارة كائنة من شديد كبير يعني من حجر قوي شديد صلب قوله " سجيل وسجين " أراد به أنّهما لغتان باللّام والنّون بمعنى واحد قوله " واللّام والنّون أختان " إشارة إلى أنّهما من حروف الزّوائد وأن كلا منهما يقلب عن الآخر واستشهد على ذلك بقول تميم بن مقبل بن حبيب بن عوف بن قتيبة بن العجلان بن كعب بن عامر بن صعصعة العامري العجلاني شاعر مخضرم أدرك الجاهليّة والإسلام وكان أعرابيًا جافيا أحد الغور من الشّعراء المجيدين والبيت المذكور من جملة قصيدته الّتي ذكر فيها ليلى زوج أبيه وكان خلف عليها فلا فرق الإسلام بينهما قال
(طاف الخيال بنا ركبا يمانيا ... ودون ليلى عواد لو تعدينا)
(منهنّ معروف آيات الكتاب وإن ... نعتل تكذب ليلى بما تمنينا)
إلى أن قال
(وعاقد التّاج أوسام له شرف ... من سوقة النّاس عادته عوادينا)
(فإن فينا صبوحًا إن أريت به ... ركبا بهيا وآلاف تمانينا)
(ورجلة يضربون البيض ضاحية ... ضربا تواصى به الأبطال سجينا)
وهي من البسيط والاستشهاد في قوله سجينا لأنّه بمعنى شديدا كثيرا قوله " ورجلة " قال الكرماني الرجلة بمعنى الرجالة ضد الفرسان (قلت) هو بفتح الرّاء وسكون الجيم وليس بمعنى الرجالة بل بمعنى الرجل بدون التّاء وفي الأصل الرجل جمع راجل خلاف الفارس مثل صحب جمع صاحب والظّاهر أنه بضم الرّاء والتّقدير وذوي رجلة أي رجولية ويقال راجل جيد الرجلة بالضّمّ يعني كامل في الرجولية وقال الكرماني وهو بالجرّ وقيل بالنّصب معطوفًا على ما قبله وهو قوله فإن فينا صبوحًا (قلت) ولم يبين وجه الجرّ والظّاهر أن الواو فيه واو رب أي رب ذوي رجلة وحكى ابن التّين بالحاء المهملة ولم يبين وجهه فإن صحّ ذلك فوجهه أن يقال تقديره وذوي رحلة بالضّمّ أي قوّة وشدّة يقال ناقة ذات رحلة أي ذات شدّة وقوّة على السّير وحكى هذا عن أبي عمرو قوله " البيض " بكسر الباء جمع أبيض وهو السّيف ويجوز بفتح الباء جمع بيضة الحديد قوله " ضاحية " أي في وقت الضحوة أو ظاهرة قوله " تواصى " أصله تتواصى فحذفت إحدى التّاءين ويروى تواصت بالتّاء في آخره قوله " الأبطال " جمع بطل وهو الشجاع قوله " سجينا " بكسر السّين المهملة وتشديد الجيم وقال الحسن بن المظفر النّيسابوري كأنّه هو فعيل من السجن يثبت من وقع فيه فلا يبرح مكانه وقال المؤرخ سجيل وسجين أي دائم ورواه ابن الأعرابي سخينا بالخاء المعجمة أي سخينا حارا يعني الضّرب وقال ابن قتيبة السجيل بالفارسيّة سنك كل أي حجارة وطين (قلت) سنك بفتح السّين المهملة وسكون النّون وبالكاف الصماء وهو الحجر بالفارسيّة وكل بكسر الكاف الصماء وسكون اللّام الطين فلمّا عرب كسرت السّين لأن العرب إذا استعملت لفظا أعجميا يتصرفون فيه بتغيير الحركات وقلب بعض الحروف ببعض وذكروا أقوالا في لفظ سجيل المذكور في الآية الكريمة وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل ففي التّلويح واختلف في لفظ سجيل فقيل هو دخيل وقيل هو عربيّ وقيل هو الحجارة كالمدر وقيل حجارة من سجيل طبخت بنار جهنّم مكتوب عليها أسماء القوم وقال الحسن أصله طين شوى وقال الضّحّاك يعني الآجر وقال ابن زيد طبخ حتّى صار كالآجر وقيل اسم للسماء الدّنيا وقال عكرمة سجيل بحر معلّق في الهواء بين السّماء والأرض منه نزلت الحجارة وقيل هي جبال في السّماء وهي الّتي أشار الله عز وجل إليها بقوله {وينزل من السّماء من جبال فيها من برد} وقال الثّعلبيّ قيل هو فعيل من قول العرب أسجلته إذا أرسلته فكأنّها مرسلة عليهم وقيل هو من سجلت له سجلا إذا أعطيته كأنّهم أعطوا ذلك البلاء والعذاب وقال القزاز سجيل عال). [عمدة القاري: 18/290-291]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({سجيل}) يريد قوله تعالى: {وأمطرنا عليها حجارة من سجيل} [هود: 82] قال أبو عبيدة هو (الشديد الكبير) بالموحدة من الحجارة الصلبة. واستشكله السفاقسي كابن قتيبة بأنه لو كان معنى السجيل الشديد لما دخلت عليه من وكان يقال حجارة سجيلاً لأنه لا يقال حجارة من شديد. وأجيب: باحتمال حذف الموصوف أي وأرسلنا عليهم حجارة كائنة من شديد كبير أي من حجر قوي شديد صلب (سجيل) باللام (وسجين) بالنون بمعنى واحد (واللام والنون أختان) من حيث إنهما من حروف الزوائد وكل منهما يقلب عن الآخر.
(وقال تميم بن مقبل): العامري العجلاني الشاعر المخضرم مما يشهد لذلك:
(ورجلة) بفتح الراء وسكون الجيم والجر أي ورب رجلة جمع راجل خلاف الفارس (يضربون البيض) بفتح الموحدة في الفرع جمع بيضة وهي الخوذة أي يضربون مواضع البيض وهي الرؤوس، وفي نسخة البيض بكسر الموحدة جمع أبيض وهو السيف أي يضربون بالبيض على نزع الخافض (ضاحية) بالضاد المعجمة أي في وقت الضحوة أو ظاهرة (ضربًا تواصى) بحذف إحدى التاءين إذ أصله تتواصى (به الأبطال) أي الشجعان (سجينًا) بكسر السين وتشديد الجيم وبالنون أي شديدًا). [إرشاد الساري: 7/170]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارةً من سجّيلٍ منضودٍ (82) مسوّمةً عند ربّك وما هي من الظّالمين ببعيدٍ}.
يقول تعالى ذكره: ولمّا جاء أمرنا بالعذاب وقضاؤنا فيهم بالهلاك، {جعلنا عاليها} يعني عالي قريتهم {سافلها وأمطرنا عليها} يقول: وأرسلنا عليها {حجارةً من سجّيلٍ}.
واختلف أهل التّأويل في معنى سجّيلٍ، فقال بعضهم: هو بالفارسيّة سنك وكل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {من سجّيلٍ} بالفارسيّة، أوّلها حجرٌ، وآخرها طينٌ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ بنحوه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، نحوه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {حجارةً من سجّيلٍ} قال: فارسيّةٌ أعربت سنك وكل.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: السّجيل: الطّين.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، وعكرمة: {من سجّيلٍ} قالا: من طينٍ.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: ثني عبد الصّمد، عن وهبٍ، قال: سجّيلٌ بالفارسيّة: سنّك وكل.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {حجارةً من سجّيلٍ} أما السّجّيل فقال ابن عبّاسٍ: هو بالفارسيّة: سنك وجلّ، سنّك: هو الحجر، وجلّ هو الطّين، يقول: أرسلنا عليهم حجارةً من طينٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن السّدّيّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {حجارةً من سجّيلٍ} قال: طينٌ في حجارةٍ.
وقال ابن زيدٍ في قوله ما:
- حدّثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {حجارةً من سجّيلٍ} قال: السّماء الدّنيا، قال: والسّماء الدّنيا اسمها سجّيلٌ، وهي الّتي أنزل اللّه على قوم لوطٍ.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من البصريّين يقول: السّجّيل: هو من الحجارة الصّلب الشّديد ومن الضّرب، ويستشهد على ذلك بقول الشّاعر:
ضربًا تواصى به الأبطال سجّيلاً
وقال بعضهم: تحوّل اللاّم نونًا.
وقال آخر منهم: هو فعيلٌ من قول القائل: أسجلته: أرسلته، فكأنّه من ذلك؛ أي مرسلةً عليهم.
وقال آخر منهم: بل هو من سجّلت له سجلاً من العطاء، فكأنّه قيل: منحوا ذلك البلاء فأعطوه، وقالوا أسجله: أهمله.
وقال بعضهم: هو من السّجّيل، لأنّه كان فيها علمٌ كالكتاب.
وقال آخر منهم: بل هو طينٌ يطبخ كما يطبخ الآجرّ، وينشد بيت الفضل بن عبّاسٍ:
من يساجلني يساجل ماجدًا = يملأ الدّلو إلى عقد الكرب
فهذا من سجلت له سجلاً: أعطيته.
والصّواب من القول في ذلك عندنا ما قاله المفسّرون، وهو أنّها من طينٍ، وبذلك وصفها اللّه في كتابه في موضعٍ، وذلك قوله: {لنرسل عليهم حجارةً من طينٍ مسوّمةً عند ربّك للمسرفين}.
وقد روي عن سعيد بن جبيرٍ أنّه كان يقول: هي فارسيّةٌ ونبطيّةٌ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: فارسيّةٌ ونبطيّةٌ سج إيل فذهب سعيد بن جبيرٍ في ذلك إلى أنّ اسم الطّين بالفارسيّة جلّ لا إيل، وأنّ ذلك لو كان بالفارسيّة لكان سجلًّا لا سجّيلاً، لأنّ الحجر بالفارسيّة يدعى سج، والطّين جلّ، فلا وجه لكون الياء فيها، وهي فارسيّةٌ.
وقد بيّنّا الصّواب من القول عندنا في أوّل الكتاب بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقد ذكر عن الحسن البصريّ أنّه قال: كان أصل الحجارة طينًا فشدّدت.
وأمّا قوله: {منضودٍ} فإنّ قتادة، وعكرمة يقولان فيه ما:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، وعكرمة {منضودٍ} يقول: مصفوفةٍ.
- وقال الرّبيع بن أنسٍ فيه، ما:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، في قوله {منضودٍ} قال: نضد بعضه على بعضٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن أبي بكرٍ الهذليّ بن عبد اللّه، أما قوله: {منضودٍ} فإنّها في السّماء منضودةٌ: معدّةٌ، وهي من عدّة اللّه الّتي أعدّ للظلمة.
وقال بعضهم: منضودٌ: يتبع بعضه بعضًا عليهم، قال: فذلك نضده.
والصّواب من القول في ذلك ما قاله الرّبيع بن أنسٍ، وذلك أنّ قوله: {منضودٍ} من نعت سجّيلٍ، لا من نعت الحجارة، وإنّما أمطر القوم حجارةً من طينٍ، صفة ذلك الطّين أنّه نضد بعضه إلى بعضٍ، فيصير حجارةً، ولم يمطروا الطّين، فيكون موصوفًا بأنّه تتابع على القوم بمجيئه.
وإنّما كان جائزًا أن يكون على ما تأوّله هذا المتأوّل لو كان التّنزيل بالنّصب منضودةً، فيكون من نعت الحجارة حينئذٍ). [جامع البيان: 12/525-530]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فلمّا جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارةً من سجّيلٍ منضودٍ (82)
قوله تعالى: فلمّا جاء أمرنا
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا مسدّدٌ، ثنا خالدٌ، ثنا حسينٌ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: فلمّا كان في جوف اللّيل أدخل جناحيه تحت القرية فرفعها حتّى إذا كانت في جوّ السّماء حتّى إنّهم ليسمعون أصوات الطّير قلبها ثمّ تتبّع الشّذاذ من خرج منهم بالحجارة.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن موسى بن أبي نعيمٍ النّحويّ الواسطيّ، ثنا محمّد بن يزيد، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ قال: حدّثني أنّ اللّه تبارك وتعالى بعث جبريل إلى المؤتفكة مؤتفكة- قوم لوطٍ فيهم فاحتملها بجناحه ثمّ صعد بها حتّى أنّ أهل السّماء ليسمعون نباح كلابهم وأصوات دجاجهم ثمّ اتبعها اللّه بالحجارة يقول اللّه: جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارةً من سجّيلٍ منضودٍ فأهلكها اللّه ومن حولها من المؤتفكات وكنّ خمسًا: صيغة وصغّرة وغمرة ودوما وسدوم وهي القرية العظمى.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا إسحاق بن منصورٍ، عن الحكم بن عبد الملك، عن قتادة قال: قرية لوطٍ حيث رفعها جبريل وفيها أربعمائة ألفٍ فسمع أهل السّماء نباح الكلاب وأصوات الدّيك ثمّ قلب أسفلها أعلاها.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا ابن أبي عروبة، عن قتادة قوله: فلمّا جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها ذكر لنا أنّها ثلث قرى فيها من العدد ما شاء اللّه أن يكون من الكثرة. ذكر لنا أنّه كان فيها أربعة آلاف ألفٍ وهي سدومٌ قريةٌ بين المدينة والشّام.
قوله تعالى: وأمطرنا عليها
- حدّثنا أبي، ثنا الحسين بن عمر بن شقيقٍ الجرميّ، ثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجونيّ، عن عبد اللّه بن رباحٍ، عن كعبٍ وأمطرنا عليها حجارةً من سجّيلٍ قال: هي على أهل نواديهم وعلى دعاتهم وعلى مسافريهم فلم ينفلت منهم أحدٌ.
قوله تعالى: من سجيل
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا حفص المكتب، عن إدريس، عن عطيّة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ حجارةً من سجّيلٍ قال: سنك وكل.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: وأمطرنا عليها حجارةً من سجّيلٍ قال: بالفارسية أولها حجرٌ وآخرها طينٌ وروي عن سعيد بن جبيرٍ، والسّدّيّ ومطر الورّاق نحو ذلك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا سهل بن عثمان، ثنا يحيى بن أبي زايدة، عن إسرائيل، عن عطاء بن الساءب، عن عكرمة، في قوله: حجارةً من سجّيلٍ قال: لها اسمٌ بالنّبطيّة واسمٌ بالفارسيّة.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: حجارةً من سجّيلٍ يقول: من طينٍ.
وروي، عن عكرمة، وابن سابطٍ مثل ذلك.
قوله تعالى: منضودٍ
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قوله: منضودٍ.
- حدّثني أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن يعني الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ قوله: منضودٍ: قد نضد بعضه على بعضٍ). [تفسير القرآن العظيم: 6/2067-2069]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد حجارة من سجيل قال هي بالفارسية أولها حجر وآخرها طين). [تفسير مجاهد: 2/306-307]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني إبراهيم بن عصمة بن إبراهيم العدل، ثنا السّريّ بن خزيمة، ثنا سعيد بن سليمان الواسطيّ، ثنا خالد بن عبد اللّه الواسطيّ، عن حصين بن عبد الرّحمن، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: لمّا جاءت رسل اللّه لوطًا ظنّ أنّهم ضيفانٌ لقوه فأدناهم حتّى أقعدهم قريبًا، وجاء ببناته وهنّ ثلاثٌ، فأقعدهنّ بين ضيفانه وبين قومه، فجاء قومه يهرعون إليه، فلمّا رآهم قال: " {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فاتّقوا اللّه ولا تخزون في ضيفي} [هود: 78] قالوا {ما لنا في بناتك من حقٍّ وإنّك لتعلم ما نريد} [هود: 79] {قال لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} [هود: 80] فالتفت إليه جبريل عليه السّلام فقال {إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك} [هود: 81] قال: فطمس أعينهم فرجعوا وراءهم يركب بعضهم بعضًا حتّى خرجوا إلى الّذين بالباب فقالوا: جئناكم من عند أسحر النّاس، قد طمس أبصارنا، فانطلقوا يركب بعضهم بعضًا، حتّى دخلوا القرية فرفعت في بعض اللّيل، حتّى كانت بين السّماء والأرض، حتّى إنّهم ليسمعون أصوات الطّير في جوّ السّماء، ثمّ قلبت فخرجت الإفكة عليهم، فمن أدركته الإفكة، قتلته ومن خرج أتبعته، حيث كان حجرًا فقتلته، قال: فارتحل ببناته وهنّ ثلاثٌ حتّى إذا بلغ مكان كذا وكذا من الشّام، فماتت ابنته الكبرى، فخرجت عندها عينٌ، يقال لها الوريّة، ثمّ انطلق حيث شاء اللّه أن يبلغ فماتت الصّغرى، فخرجت عندها عينٌ، يقال لها الرّعونة، فما بقي منهنّ إلّا الوسطى «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه» ولعلّ متوهّمًا يتوهّم أنّ هذا وأمثاله في الموقوفات وليس كذلك فإنّ الصّحابيّ إذا فسّر التّلاوة فهو مسندٌ عند الشّيخين "). [المستدرك: 2/374] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 70 - 73
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن كعب رضي الله عنه قال: بلغنا أن إبراهيم عليه السلام كان يشرف على سدوم فيقول: ويلك يا سدوم يوم مالك ثم قال {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} نضيج وهو يحسبهم أضيافا {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: ولد الولد {قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقال لها جبريل {أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوط إذ كان فيهم إبراهيم قالوا: (يا إبراهيم أعرض عن هذا) (سورة هود الآية 76) إلى قوله (ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم) (سورة هود الآية 77) قال: ساءه مكانهم لما رأى منه من الجمال {وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب} قال: يوم سوء من قومي فذهب بهم إلى منزله فذهبت امرأته لقومه (فجاءه قومه يهزعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال: يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) (سورة هود الآية 78) تزوجوهن (أليس منكم رجل رشيد قالوا: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) (سورة هود الآية 79) وجعل الأضياف في بيته وقعد على باب البيت (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) (سورة هود الآية 80) قال: إلى عشيرة تمنع فبلغني أنه لم يبعث بعد لوط عليه السلام رسول إلا في عز من قومه فلما رأت الرسل ما قد لقي لوط في سيئتهم {قالوا يا لوط إنا رسل ربك} إنا ملائكة {لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} إلى قوله (أليس الصبح بقريب) (سورة هود الآية 81)، فخرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب وجوههم بجناحه ضربة فطمس أعينهم والطمس ذهاب الأعين ثم احتمل جبريل وجه أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها عليهم {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} قال: على أهل بواديهم وعلى رعاثهم وعلى مسافرهم فلم يبق منهم أحد). [الدر المنثور: 8/90-92] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها} قال: لما أصبحوا عدا جبريل على قريتهم فنقلها من أركانها ثم أدخل جناحه ثم حملها على خوافي جناحيه بما فيها ثم صعد بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم ثم قلبها فكان أول ما سقط منها سرادقها فلم يصب قوما ما أصابهم إن الله طمس على أعينهم ثم قلب قريتهم وأمطر عليهم حجارة من سجيل). [الدر المنثور: 8/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه قال: لما أصبحوا نزل جبريل عليه السلام فاقتلع الأرض من سبع أرضين فحملها حتى بلغ السماء الدنيا ثم أهوى بها جبريل إلى الأرض). [الدر المنثور: 8/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح، أن جبريل عليه السلام أتى قرية لوط فأدخل يده تحت القرية ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح الكلاب وأصوات ديوكها ثم قلبها). [الدر المنثور: 8/120-121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن وهب بن وهب بن منبه أن جبريل قلع الأرض يوم قوم لوط حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وأصوات الدياك وأمطر الله عليهم الكبريت والنار). [الدر المنثور: 8/121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه، أن جبريل عليه السلام اجتث مدينة قوم لوط من الأرض ثم رفعها بجناحه حتى بلغ بها حيث شاء الله ثم جعل عاليها سافلها). [الدر المنثور: 8/121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: حدثت أن الله تعالى بعث جبريل عليه السلام إلى المؤتفكة مؤتفكة قوم لوط فاحتملها بجناحه ثم صعد بها حتى إن أهل السماء ليسمعون نباح كلابهم وأصوات دجاجهم ثم أتبعها الله بالحجارة يقول الله تعالى {جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل} فأهلكها الله ومن حولها من المؤتفكات فكن خمسا صنعة وصغرة وعصرة ودوما وسدوم وهي القرية العظمى). [الدر المنثور: 8/121-122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا أنها ثلاث قرى فيها من العدد ما شاء الله أن يكون من الكثرة ذكر لنا أنه كان منها أربعة آلاف ألف وهي سدوم قرية بين المدينة والشام). [الدر المنثور: 8/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حجارة من سجيل} قال: من طين، وفي قوله {مسومة} قال: السوم بياض في حمرة). [الدر المنثور: 8/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حجارة من سجيل} قال: هي بالفارسية سنك وكل حجر وطين، وفي قوله {مسومة} قال: معلمة). [الدر المنثور: 8/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {حجارة من سجيل} قال: بالفارسية أولها حجارة وآخرها طين، وفي قوله {مسومة} قال: معلمة). [الدر المنثور: 8/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه {حجارة من سجيل} قال: هي كلمة أعجمية عربت سنك وكل). [الدر المنثور: 8/122-123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما {حجارة من سجيل} قال: حجارة فيها طين). [الدر المنثور: 8/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {حجارة من سجيل} قال: من طين {منضود} مصفوفة {مسومة} مطوقة بها نصح من حمرة {وما هي من الظالمين ببعيد} لم يدرأ منها ظالم بعدهم). [الدر المنثور: 8/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع رضي الله عنه في قوله {منضود} قال: قد نضد بعضه على بعض، وفي قوله {مسومة} قال: عليها سيما خطوط صفر). [الدر المنثور: 8/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه قال: حجارة مسومة لا تشاكل حجارة الأرض). [الدر المنثور: 8/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {حجارة من سجيل} قال: السماء الدنيا والسماء الدنيا اسمها سجيل). [الدر المنثور: 8/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن شيبة عن ابن سابط رضي الله عنه في قوله {حجارة من سجيل} قال: هي بالفارسية). [الدر المنثور: 8/124]

تفسير قوله تعالى: (مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأمّا قوله: {مسوّمةً عند ربّك} فإنّه يقول: معلّمةً عند اللّه، أعلمها اللّه، والمسوّمة من نعت الحجارة، ولذلك نصبت ونعت بها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {مسوّمةً} قال: معلّمةً.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله. قال ابن جريجٍ مسوّمةً لا تشاكل حجارة الأرض.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، وعكرمة، {مسوّمةً} قالا: مطوّقةً بها نضحٌ من حمرة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {مسوّمةً} عليها سيمًا معلومةٌ حدّث بعض من رآها أنّها حجارةٌ مطوّقةٌ عليها، أو بها نضحٌ من حمرةٍ ليست كحجارتكم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {مسوّمةً} قال: عليها سيمًا خطوطٌ.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {مسوّمةً} قال: المسوّمة: المختّمة.
وأمّا قوله: {وما هي من الظّالمين ببعيدٍ} فإنّه يقول تعالى ذكره متهدّدًا مشركي قريشٍ: وما هذه الحجارة الّتي أمطرتها على قوم لوطٍ من مشركي قومك يا محمّد ببعيدٍ أن يمطروها إن لم يتوبوا من شركهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا أبو عتّابٍ الدّلاّل سهل بن حمّادٍ، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثنا أبان بن تغلب، عن مجاهدٍ، في قوله: {وما هي من الظّالمين ببعيدٍ} قال: أن يصيبهم ما أصاب القوم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وما هي من الظّالمين ببعيدٍ} قال: يرهب بها من يشاء.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وما هي من الظّالمين ببعيدٍ} يقول: ما أجار اللّه منها ظالمًا بعد قوم لوطٍ.
- حدّثني محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، وعكرمة، {وما هي من الظّالمين ببعيدٍ} يقول: لم يبرأ منها ظالمٌ بعدهم.
- حدّثنا عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذبٍ، عن قتادة، في قوله: {وما هي من الظّالمين ببعيدٍ} قال: يعني ظالمي هذه الأمّة، قال: واللّه ما أجار منها ظالمًا بعد.
- حدّثنا موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وما هي من الظّالمين ببعيدٍ} يقول: من ظلمة العرب إن لم يتوبوا فيعذّبوا بها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن أبي بكرٍ الهذليّ بن عبد اللّه، قال يقول: {وما هي من الظّالمين ببعيدٍ} من ظلمة أمّتك ببعيدٍ، فلا يأمنها منهم ظالمٌ.
وكان قلب الملائكة عالي أرض سدوم سافلها:
- كما حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، قال: حدّثنا الأعمش، عن مجاهدٍ، قال: أخذ جبرئيل عليه السّلام قوم لوطٍ من سرحهم، ودورهم، حملهم بمواشيهم، وأمتعتهم حتّى سمع أهل السّماء نباح كلابهم ثمّ أكفأهم.
- وحدّثنا به أبو كريبٍ مرّةً أخرى عن مجاهدٍ، قال: أدخل جبرائيل جناحه تحت الأرض السّفلى من قوم لوطٍ، ثمّ أخذهم بالجناح الأيمن، فأخذهم من سرحهم، ومواشيهم ثمّ رفعها.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، كان يقول: {فلمّا جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها} قال: لمّا أصبحوا غدا جبرئيل على قريتهم، ففتقها من أركانها، ثمّ أدخل جناحه، ثمّ حملها على خوافي جناحه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، قال: فحدّثني هذا ابن أبي نجيحٍ، عن إبراهيم بن أبي بكرٍ قال: ولم يسمعه ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، قال: فحملها على خوافي جناحه بما فيها، ثمّ صعد بها إلى السّماء حتّى سمع أهل السّماء نباح كلابهم ثمّ قلبها، فكان أوّل ما سقط منها شرفها، فذلك قول اللّه: {جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارةً من سجّيلٍ} قال مجاهدٌ: فلم يصب قومًا ما أصابهم؛ إنّ اللّه طمس على أعينهم، ثمّ قلب قريتهم، وأمطر عليهم حجارةً من سجّيلٍ.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: بلغنا أنّ جبرئيل عليه السّلام أخذ بعروة القرية الوسطى، ثمّ ألوى بها إلى السّماء، حتّى سمع أهل السّماء ضواغي كلابهم، ثمّ دمّر بعضها على بعضٍ فجعل عاليها سافلها ثمّ أتبعهم الحجارة. قال قتادة: وبلغنا أنّهم كانوا أربعة آلاف ألفٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ جبرئيل عليه السّلام أخذ بعروتها الوسطى، ثمّ ألوى بها إلى جوّ السّماء حتّى سمعت الملائكة ضواغي كلابهم، ثمّ دمّر بعضها على بعضٍ، ثمّ أتبع شذّان القوم صخرًا، قال: وهي ثلاث قرى يقال لها سدومٌ، وهي بين المدينة والشّام. قال: وذكر لنا أنّه كان فيها أربعة آلاف ألفٍ. وذكر لنا أنّ إبراهيم عليه السّلام كان يشرف يقول: سدومٌ يومٌ ما لك.
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: لمّا أصبحوا يعني قوم لوطٍ نزل جبرئيل، فاقتلع الأرض من سبع أرضين، فحملها حتّى بلغ السّماء الدّنيا حتّى سمع أهل السّماء نباح كلابهم وأصوات ديوكهم، ثمّ قلبها فقتلهم فذلك حين يقول: {والمؤتفكة أهوى} المنقلبة حين أهوى بها جبرئيل الأرض فاقتلعها بجناحه، فمن لم يمت حين أسقط الأرض أمطر اللّه عليه، وهو تحت الأرض الحجارة، ومن كان منهم شاذًّا في الأرض وهو قول اللّه: {فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارةً من سجّيلٍ} ثمّ تتبّعهم في القرى، فكان الرّجل يأتيه الحجر فيقتله، وذلك قول اللّه تعالى: {وأمطرنا عليها حجارةً من سجّيلٍ}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن أبي بكرٍ وأبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: بلغنا أنّ جبرئيل عليه السّلام لمّا أصبح نشر جناحه، فانتسف به أرضهم بما فيها من قصورها، ودوابها، وحجارتها، وشجرها وجميع ما فيها، فضمّها في جناحه، فحواها وطواها في جوف جناحه، ثمّ صعد بها إلى السّماء الدّنيا، حتّى سمع سكّان السّماء أصوات النّاس والكلاب، وكانوا أربعة آلاف ألفٍ، ثمّ قلبها فأرسلها إلى الأرض منكوسةً، دمدم بعضها على بعضٍ، فجعل عاليها سافلها، ثمّ أتبعها حجارةً من سجّيلٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، قال: ثني محمّد بن كعبٍ القرظيّ، قال: حدّثت أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: بعث اللّه جبرئيل عليه السّلام إلى المؤتفكة قرية لوطٍ عليه السّلام الّتي كان لوطٌ فيها، فاحتملها بجناحه، ثمّ صعد بها حتّى إنّ أهل السّماء الدّنيا ليسمعون نباح كلابها وأصوات دجاجها، ثمّ كفأها على وجهها، ثمّ أتبعها اللّه بالحجارة، يقول اللّه: {جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارةً من سجّيلٍ} فأهلكها اللّه وما حولها من المؤتفكات، وكنّ خمس قرياتٍ: صنعة، وصعوة، وعثرة، ودوما، وسدوم؛ وسدوم هي القرية العظمى، ونجّى اللّه لوطًا، ومن معه من أهله، إلاّ امرأته كانت فيمن هلك). [جامع البيان: 12/530-537]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (مسوّمةً عند ربّك وما هي من الظّالمين ببعيدٍ (83)
قوله تعالى: مسوّمةً عند ربّك
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: مسوّمةً يقول معلّمةٌ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: مسوّمةً قال: التّسويم: بياضٌ في حمرةٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: مسوّمةً حدّثني من رآها أنّها حجارةٌ مطوّقةٌ عليها نصح من حمرة ليست كحجارتكم هذه.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن قيسٍ، عن قتادة قوله: مسوّمةً أي مطوّقةٌ بسوادٍ وحمرةٍ عند ربّك.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن السّعديّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع المسوّمة عليها سيما خطوطٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو عمير بن النّحّاس، ثنا ضمرة، عن ابن شوذبٍ، عن مطرٍ في قوله: مسوّمةً عند ربّك منطقة بحمرةٍ.
قوله تعالى: وما هي من الظّالمين ببعيدٍ
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: وما هي من الظّالمين ببعيدٍ قال: يرهب بها قريش.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى الصّنعانيّ، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة وعكرمة، وما هي من الظّالمين ببعيد قال: لم يبرأ منها ظالمٌ بعدهم.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمر بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله وما هي من الظالمين ببعيد قال: لم يبرأ منها ظالمٌ بعدهم.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: وما هي من الظّالمين ببعيدٍ يقول: من ظلمة العرب إن لم يؤمنوا فيعذّبوا بها.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع قوله: وما هي من الظّالمين ببعيدٍ قال: كلّ ظالمٍ فيما سمعنا قد جعل بحذائه حجر ينتظره متى يؤمتر أن يقع به فخوّف الظّلمة فقال وما هي من الظّالمين ببعيدٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسين بن واقعٍ الرّمليّ، ثنا ضمرة، عن ابن شوذبٍ، عن قتادة في قوله وما هي من الظّالمين ببعيدٍ قال: من ظالمي هذه الأمّة، ثمّ يقول والله ما أجز اللّه منها ظالمًا بعده). [تفسير القرآن العظيم: 6/2069-2070]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله مسومة قال معلمة). [تفسير مجاهد: 2/307]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وما هي من الظالمين ببعيد يرهب بها قريشا). [تفسير مجاهد: 2/307]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {حجارة من سجيل} قال: من طين {منضود} مصفوفة {مسومة} مطوقة بها نصح من حمرة {وما هي من الظالمين ببعيد} لم يدرأ منها ظالم بعدهم). [الدر المنثور: 8/123] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه، أنه سأل هل بقي من قوم لوط أحد قال: لا إلا رجل بقي أربعين يوما كان تاجرا بمكة فجاءه حجر ليصيبه في الحرم فقامت إليه ملائكة الحرم فقالوا للحجر ارجع من حيث جئت فإن الرجل في حرم الله، فرجع الحجر فوقف خارجا من الحرم أربعين يوما بين السماء والأرض حتى قضى الرجل تجارته فلما خرج أصابه الحجر خارجا من الحرم، يقول الله {وما هي من الظالمين ببعيد} يعني من ظالمي هذه الأمة ببعيد). [الدر المنثور: 8/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وما هي من الظالمين ببعيد} قال: يرهب بها قريشا أن يصيبهم ما أصاب القوم). [الدر المنثور: 8/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وما هي من الظالمين ببعيد} يقول: من ظلمة العرب إن لم يؤمنوا أن يعذبوا بها). [الدر المنثور: 8/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع في الآية قال: كل ظالم فيما سمعنا قد جعل بحذائه حجر ينتظر متى يؤمر أن يقع به فخوف الظلمة فقال: وما هي من الظالمين ببعيد). [الدر المنثور: 8/124-125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {وما هي من الظالمين ببعيد} قال: من ظالمي هذه الأمة ثم يقول: والله ما أجار الله منها ظالما بعد). [الدر المنثور: 8/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي، وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن محمد بن المنكدر ويزيد بن حفصة وصفوان بن سليم، أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قد وجد رجلا في بعض نواحي العرب ينكح كما كانت تنكح المرأة وقامت عليه بذلك البينة فاستشار أبو بكر رضي الله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن هذا ذنب لم يعص الله به أمة من الأمم إلا أمة واحدة فصنع الله بها ما قد علمتمأرى أن تحرقه بالنار فاجتمع أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم على أن يحرقوه بالنار فكتب أبو بكر رضي الله عنه إلى خالد رضي الله عنه أن أحرقه بالنار ثم حرقهم ابن الزبير رضي الله عنه في إمارته ثم حرقهم هشام بن عبد الملك). [الدر المنثور: 8/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي قال: عذب الله قوم لوط فرماهم بحجارة من سجيل فلا ترفع تلك العقوبة عمن عمل عمل قوم لوط). [الدر المنثور: 8/125]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 06:47 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {هؤلاء بناتي...}
قال بعضهم: بنات نفسه. ويقال: بنات قومه. وذلك جائز في العربيّة؛ لأن الله عزّ وجل قال {النّبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم} وهو في بعض القراءة (وهو أب لهم) فهذا من ذلك). [معاني القرآن: 2/24]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يهرعون إليه} أي يستحثون إليه، قال:
بمعجلات نحوه مهارع). [مجاز القرآن: 1/294]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السّيّئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فاتّقوا اللًّه ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجلٌ رّشيدٌ}
وقال: {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} رفع، وكان عيسى يقول {هنّ أطهر لكم} وهذا لا يكون إنما ينصب خبر الفعل الذي لا يستغني عن خبر إذا كان بين الاسم وخبره هذه الأسماء المضمرة التي تسمى الفصل يعني: "هي" و"هو" و"هنّ" وزعموا أن النصب قراءة الحسن أيضا.
وقال: {فاتّقوا اللًّه ولا تخزون في ضيفي} لأنّ "الضيف": يكون واحدا ويكون جماعة. تقول: "هؤلاء ضيفي" هذا ضيفي كما تقول: "هؤلاء جنبٌ" و"هذا جنبٌ"، و"هؤلاء عدوٌّ" و"هذا عدوٌّ"). [معاني القرآن: 2/45-44]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة العامة {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم} بالرفع على الابتداء لأن الكلام الأول مستغن عنه.
وقراءة البصري عيسى بن عمر "أطهر لكم" ينصب، وقد فسرنا ما في بابها، وهي مرغوب عنها). [معاني القرآن لقطرب: 676]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (فأما قوله {يهرعون إليه} فكان ابن عباس يقول: يشتدون إليه؛ وقال ابن عباس: مشي بين المشيين.
والعرب تقول: أهرع الرجل، وهو مهرع: وهو الذي يرعد من برد أو حمى أو غضب؛ والمهرع أيضًا: المعجل؛ أهرع فلان: أعجل؛ والمهرع: الحريص أيضًا؛ وكلها معان جائزة في قوم لوط.
وقال مهلهل في ذلك:
فجاؤوا يهرعون وهم أسارى = تقودهم على رغم الأنوف
وقال الآخر:
فجاءت إليه مرعث هبهبية = هي الموت مدشاء الذراعين تهرع
وقوله {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم} فكان ابن عباس يقول: هن أحل لكم). [معاني القرآن لقطرب: 693]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقال الحسن في قوله {هؤلاء}: يعني بناته؛ وقد كان المشركون يتزوجون المسلمات؛ قال وقد كان ذلك في صدر الإسلام؛ وقال مجاهد: كل نبي مرسل أبو الذين يرسل إليهم، إنما عنى ببناته بناتهم، يقول: تزوجوا نساءكم؛ وهذا القول حسن). [معاني القرآن لقطرب: 694]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يهرعون}: يسرعون إسراعا في رعدة، والإهراع الإسراع في رعدة). [غريب القرآن وتفسيره: 177]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجاءه قومه يهرعون إليه} أي يسرعون إليه. يقال: أهرع الرجل: إذا أسرع على لفظ ما لم يُسَمّ فاعله،
كما يقال: أرعد.
ويقال: جاء القوم: يهرعون، وهي رعدة تحلّ بهم حتى تذهب عندها عقولهم من الفزع والخوف إذا أسرعوا.
{هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} أي تزوجوهن فهنّ أطهر لكم.
{في ضيفي} أي في أضيافي. والواحد يدل على الجمع. كما يقال: هؤلاء رسولي ووكيلي قبل، فنستحقّهن.
«قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق» أي: لم تتزوجهن قبل فنستحقّهن). [تفسير غريب القرآن: 207-206]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السّيّئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فاتّقوا اللّه ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد} أي يسرعون في المجيء، فراودوه عن ضيفه، وحاولوا فتح بابه.
فأعلمته الملائكة أنهم رسل اللّه وأن قومه الفسقة لن يصلوا إليهم.
فقال لهم لوط حين راودوه: {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فاتّقوا اللّه ولا تخزون في ضيفي}.
فقيل إنهم عرض عليهم التزويج، وكأنه عرضه عليهم إن أسلموا وقيل: {هؤلاء بناتي}: نساء أمّتي، فكأنّه قال لهم التزويج أطهر لكم.
فلما حاولوا فتح الباب طمس اللّه أعينهم.
قال اللّه - عزّ وجلّ -: {ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم}.
ولما استعجلوه بالعذاب، قالت لهم الرسل: {إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريب}.
{هنّ أطهر لكم}
القراءة بالرفع في أطهر، وقد رويت عن الحسن هن أطهر لكم، وعن عيسى بن عمر.
وذكر سيبويه إن ابن مروان لحن في هذه في نصبها.
وليس يجيز أحد من البصريين وأصحابهم نصب أطهر، ويجيزها غيرهم.
والذين يجيزونها يجعلون " هنّ " في هذا بمنزلتها في " كان " فإذا قالوا: هؤلاء بناتي أطهر لكم، أجازوا هنّ أطهر لكم، كما يجيزون كان زيد هو أطهر من عمرو.
وهذا ليس بمنزلة كان. إنما يجوز أن يقع " هو " وتثنيتها وجمعها " عمادا " فيما لا يتم الكلام إلا به، نحو كان زيد أخاك.
لأنهم إنما أدخلوا " هم " ليعلموا أن الخبر لا بد منه، وأنه ليس بصفة للأول. وباب " هذا " يتم الكلام بخبره، إذا قلت: هذا زيد فهو كلام تام.
ولو جاز هذا لجاز جاء زيد هو أنبل من عمرو.
وإجماع النحويين الكوفيين والبصريين أنه لا يجوز قدم زيد هو أنبل منك حتى يرفعوا فيقولوا هو أنبل منك.
وبعد فالذين قرأوا بالرفع هم قراء الأمصار، وهم الأكثر.
والحسن قد قرأ " الشياطون " والشياطون ممتنع في العربية.
وقد قال بعضهم: إن المشركين في ذلك الدهر قد كان لهم أن يتزوجوا من المسلمين). [معاني القرآن: 3/68-67]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وجاءه قومه يهرعون إليه}
قال ابن عباس أي يسرعون
وقال مجاهد يهرولون في المشي
وقال أهل اللغة يقال أهرع إذا جاء مسرعا وكان مع ذلك يرعد
وقوله جل وعز: {قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم}
فيه أقوال
أحسنها قول مجاهد قال يريد نساء أمته ويقويه قول الله جل وعز: {وأزواجه أمهاتهم}
ويروى أن أبي بن كعب وابن مسعود قرءا وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم
وقيل المعنى هؤلاء بناتي إن أسلمتم
وقيل كان في ملتهم جائز أن يتزوج الكافر المسلمة
وقال عكرمة لم يعرض عليهم بناته ولا بنات أمته وإنما قال لهم هذا لينصرفوا). [معاني القرآن: 3/368-367]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {يُهْرَعُونَ} أي: يسرعون في فزع). [ياقوتة الصراط: 269]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُهْرَعُونَ} يسرعون.
{فِي ضَيْفِي} يريد أضيافي. والواحد يدل على الجميع.
{هَؤُلاء بَنَاتِي} أي تتزوجهن، وعنى ببناته النساء من أمته، لأن النبي أب لأمته). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 107]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُهْرَعُونَ}: يسرعون). [العمدة في غريب القرآن: 156]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79)}
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقال ابن عباس في قوله {ما لنا في بناتك من حق} أي من حاجة). [معاني القرآن لقطرب: 694]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ما لنا في بناتك من حق} إذ لم نتزوجهن من قبل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 107]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ...}
يقول: إلى عشيرة). [معاني القرآن: 2/24]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أو آوى إلى ركنٍ شديدٍ} من قولهم: آويت إليك وأنا آوي إليك أويّاً والمعني: صرت إليك وانضممت، ومجاز الركن ها هنا عشيرة، عزيزة، كثيرة، منيعة، قال:
يأوى إلى ركنٍ من الأركان= في عددٍ طيسٍ ومجدٍ بان
الطيس: الكثير، يقال: أتانا بلبنٍ طيسٍ وشراب طيس أي كثير). [مجاز القرآن: 1/294]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ}
وقال: {لو أنّ لي بكم قوّةً} وأضمر "لكان"). [معاني القرآن: 2/45]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {أو آوي إلى ركن شديد} فقال: أوى إليه، يأوي أويا وإويا، مثل: عتيا وعتيا؛ وتكون: "أيا" في القياس حسنة؛ وآويته أنا إيواء؛ وهو قول الله عز وجل {وتؤوى إليك}؛ وأويت له مما أصابه مأوية، وأية شديدة، ووأيت له بالوعد وأيا.
وأما الركن والقوة، فكان ابن عباس يقول: {لو أن لي بكم قوة} قال: عشيرة.
ويقال: للرجل الكثير العشيرة العزيز: إنه ليأوي إلى ركن شديد). [معاني القرآن لقطرب: 694]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ} أي عشيرة). [تفسير غريب القرآن: 207]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد}
قال مجاهد يعني العشيرة). [معاني القرآن: 3/369]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إلى ركن شديد} أي عشيرة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 107]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فأسر بأهلك...}
قراءتنا من أسريت بنصب الألف وهمزها. وقراءة أهل المدينة {فاسر بأهلك} من سريت. وقوله: (بقطعٍ) يقول: بظلمة من آخر الليل. وقوله: {إلاّ امرأتك} منصوبة بالاستثناء: فأسر بأهلك إلا امرأتك. وقد كان الحسن يرفعها يعطفها على {أحد} أي لا يلتفت منكم أحد إلاّ امرأتك وليس في قراءة عبد الله {ولا يلتفت منكم أحد}
وقوله: {إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ}.
لمّا أتوا لوطاً أخبروه أن قومهم هالكون من غدٍ في الصبح، فقال لهم لوط: الآن الآن. فقالت الملائكة: أليس الصبح بقريب). [معاني القرآن: 2/24]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فأسرٍ بأهلك} يقال: سريت وأسريت به، قال النابغة الذّبيانيّ:
سرت عليه من الجوزاء ساريةٌ=تزجي الشّمال عليه جامد البرد
ولا يكون إلاّ بالليل.
{فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل ولا يلتفت منكم أحدً إلاّ أمرأتك} منصوبة لأنها في موضع مستثنى واحدٍ من جميع فيخرجونه منهم، يقال: مررت بقومك إلا زيداً وكان أبو عمرو بن العلاء يجعل مجازها على مجاز قوله: لا يلتفت من أهلك إلا امرأتك فإنها تلتفت فيرفعها على هذا المجاز والسرى بالليل، قال لبيد:
فبات وأسرى القوم آخر ليلهم=وما كان وقّافاً بغير معصّر).
[مجاز القرآن: 1/295]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا يا لوط إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطعٍ مّن اللّيل ولا يلتفت منكم أحدٌ إلاّ امرأتك إنّه مصيبها ما أصابهم إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ}
وقال: {إلاّ امرأتك} يقول {فأسر بأهلك} {إلاّ امرأتك} نصب. وقال بعضهم (إلاّ امرأتك) رفع وحمله على الالتفات. أي لا يلتفت منكم إلا امرأتك). [معاني القرآن: 2/45]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة أهل المدينة وابن محيصن {فاسر بأهلك} موصولة من سريت.
أبو عمرو وأهل الكوفة {فأسر} من أسريت.
قال الشاعر:
سريت بهم والديك يدعو صباحه = إذا ما بنو نعش دنوا فتصوبوا
الأعرج {ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} كأنه قال: فأسر بأهلك إلا امرأتك، ولا يلتفت منكم أحد ولم يستثنها من أحد.
وقراءة أخرى وهي قراءة أبي عمرو {إلا امرأتك} بالرفع؛ يصير ذلك استثناء من {لا يلتفت منكم أحد}؛ وقالوا: {لا يلتفت} لا يتخلف منكم أحد؛ من لفته عن وجهه، يلفته لفتًا؛ ريثه وثناه). [معاني القرآن لقطرب: 676]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فأسر بأهلك}: يقال سريت وأسريت إذا سرت بالليل). [غريب القرآن وتفسيره: 177]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فأسر بأهلك} أي سر بهم ليلا.
{بقطعٍ من اللّيل} أي ببقية تبقى من آخره. والقطع والقطعة: شيء واحد). [تفسير غريب القرآن: 207]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قالوا يا لوط إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من اللّيل ولا يلتفت منكم أحد إلّا امرأتك إنّه مصيبها ما أصابهم إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريب}
{فأسر بأهلك بقطع من اللّيل} أي بظلمة من الليل.
يقال: معنى قطع من الليل أي قطعة صالحة، وكذلك مضى عنك من الليل، وسعوا من الليل.
ويقرأ: (فأسر) بإثبات الهمزة في " اللفظ، ويقرأ: فاسر يقال أسريت وسريت إذا سرت ليلا.
قال الشاعر:
سريت بهم حتى تكلّ مطيّهم= وحتى الجياد ما يقدن بأرسان
وقال النابغة
أسرت عليهم من الجوزاء سارية= تزجي الشمال عليها جامد البرد
وقد رووا في هذا البيت سرت.
وقال اللّه - جل وعز -.: {سبحان الّذي أسرى بعبده}.
وقوله: {إلّا امرأتك}يجوز فيه النصب والرفع فمن قرأ: {إلّا امرأتك} بالنصب فعلى معنى فأسر بأهلك {إلّا امرأتك}، ومن قرأ بالرفع، حمله على معنى: {ولا يلتفت منكم أحد إلّا امرأتك} ). [معاني القرآن: 3/70-68]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فأسر بأهلك بقطع من الليل}
قال قتادة أي بطائفة من الليل يقال سرى وأسرى إذا سار بالليل
فإن قيل السرى لا يكون إلا بالليل فما معنى بقطع من الليل
فالجواب أنه لو لم يقل بقطع من الليل جاز أن يكون أوله
وقوله جل وعز: {ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك}
المعنى فاسر بأهلك إلا امرأتك
ويروى أنها في بعض القراءات كذا وقرأ أبو عمرو إلا امرأتك بالرفع). [معاني القرآن: 3/369]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بِقِطْعٍ مِنَ الَّليْلِ} أي: بساعة من الليل). [ياقوتة الصراط: 269]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا امْرَأَتَكَ} خرج من النهي إلى الإخبار، ومعناه: إلا امرأتك: فإنها تلتفت، والنصب ليس فيه عمل).
[ياقوتة الصراط: 269]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بقطع من الليل} ببقية تبقى من آخره. والقطع والقطعة واحد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 107]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَأَسْرِ}: سر ليلاً). [العمدة في غريب القرآن: 156]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّن سجّيلٍ...}
يقال: من طين قد طبخ حتى صار بمنزلة الأرحاء {منضودٍ} يقول: يتلو بعضه بعضاً عليهم. فذلك نضده). [معاني القرآن: 2/24]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {حجارةً من سجّيلٍ} وهو الشديد من الحجارة الصّلب ومن الضرب، قال:
ضرباً تواصى به الأبطال سجّيلا
وبعضهم يحوّل اللام نوناً كقول النّابغة:
بكل مدجّجٍ كاللّيث يسمو= على أوصال ذيّالٍ رفنّ
يريد رفلّ.
منضوضٍ: بعضه على بعض). [مجاز القرآن: 1/297-296]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فلمّا جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارةً مّن سجّيلٍ مّنضودٍ * مّسوّمةً عند ربّك وما هي من الظّالمين ببعيدٍ}
وقال: {وأمطرنا عليها حجارةً مّن سجّيلٍ مّنضودٍ * مّسوّمةً} نصب بالتنوين. فـ"المنضود" من صفة "السّجّيل"، و"المسوّمة" من صفة "الحجارة" فلذلك انتصب).
[معاني القرآن: 2/45]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قوله عز وجل {حجارة من سجيل منضود} فقالوا في السجيل بغير قول:
فمنه: أنهم يقولون: أسجله إسجالاً: أرسله؛ فكأنه من ذلك، أي مرسلة عليهم.
[معاني القرآن لقطرب: 694]
وقالوا أيضًا: أسجله: أمهله.
وقالوا أيضًا: سجلت.
وحكى لنا بعض المفسرين: أن السجيل من قوله {كطي السجل} لأنه كان فيها علم كالكتاب؛ فشبه بالسجل.
وحكي لنا أيضًا في التفسير: أنه مأخوذ من سنج وجل؛ يريد حجارة وطينًا، بالفارسية؛ وذلك غير مستحسن؛ لأن القرآن بلسان عربي مبين.
وكن ابن عباس يقول {من سجيل} من طين يطبخ، كما يطبخ الآجر.
وقال الفضل بن العباس في معنى العطاء:
من يساجلني يساجل ماجدا يملأ الدلو إلى عقد الكرب). [معاني القرآن لقطرب: 695]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {حجارة من سجيل}: طين نخلطه حجارة. يقال السجيل: الشديد الكثير.
{منضود}: بعضه على بعض). [غريب القرآن وتفسيره: 177]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {حجارةً من سجّيلٍ} يذهب بعض المفسرين إلى أنها «سنك وكل» بالفارسية ويعتبره بقوله عز وجل: {حجارةً من طينٍ} يعني الآجرّ. كذلك قال ابن عباس.
وقال أبو عبيدة: السجيل: الشديد.
وأنشد لابن مقبل:
ضربا تواصى به الأبطال سجّينا
وقال: يريد ضربا شديدا.
ولست أدري ما سجيل من سجين. وذاك باللام وهذا بالنون. وإنما سجين في بيت ابن مقبل «فعّيل» من سجنت. أي حبست.
كأنه قال: ضرب يثبت صاحبه بمكانه. أي يحبسه مقتولا أو مقاربا للقتل. و«فغّيل» لما دام منه العمل. كقولك: رجل فسّيق وسكّير وسكّيت: إذا أدام منه الفسق والسكر والسكوت.
وكذلك «سجّين». هو ضرب يدوم منه الإثبات والحبس.
وبعض الرواة يرويه «سخّين» - من السّخونة - أي ضربا سخنا.
{منضودٍ} بعضه على بعض كما تنضد الثياب، وكما نضد اللبن). [تفسير غريب القرآن: 208-207]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فلمّا جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجّيل منضود}
{جعلنا عاليها سافلها}.
يقال إن جبريل جعل جناحه في أسفلها ثم رفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصياح الدجاج، ثم قلبها عليهم). [معاني القرآن: 3/70]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وأمطرنا عليها حجارة من سجّيل منضود * مسوّمة عند ربّك وما هي من الظّالمين ببعيد}
وقد قال الناس في سجيل أقوالا، ففي التفسير أنها من جلّ وحجارة. وقال أهل اللغة: هو فارسي معرّب، والعرب لا تعرف هذا. والذي عندي أنه إذا كان هذا التفسير صحيحا فهو فارسي أعرب لأن اللّه - جلّ وعزّ - قد ذكر هذه الحجارة في قصة قوم لوط، فقال:
{لنرسل عليهم حجارة من طين} فقد تبين للعرب ما عني بـ سجيل.
ومن كلام الفرس ما لا يحصى مما قد أعربته العرب.
نحو جاموس وديباج. فلا أنكر أن هذا مما أعرب.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنّى: تأويله كسيرة شديدة،
وقال إن مثل ذلك قول الشاعر:
ورجلة يضربون البيض عن عرض= ضربا تواصت به الأبطال سجّينا
والبيت لابن مقبل، وسجين وسجيل بمعنى واحد.
وقال بعضهم:
سجيل من أسجلته أي أرسلته فكأنّها مرسلة عليهم.
وقال بعضهم من سجيل، من أسجلت إذا أعطيت، فجعله من السّجل وهو الدلو.
قال الفضل بن عباس:
من يساجلني يساجل ماجدا=يملأ الدلو إلى عقد الكرب
وقيل من سجيل كقولك مما سجّل أي مما كتب لهم، وهذا القول إذا فسّر فهو أثبتها. لأن في كتاب اللّه تعالى دليلا عليه.
قال - جلّ وعزّ -: {كلّا إنّ كتاب الفجّار لفي سجّين * وما أدراك ما سجّين * كتاب مرقوم}.
سجيل في معنى سجين.
فالمعنى إنها حجارة مما كتب اللّه - جل ثناؤه - أنه يعذبهم بها.
وهذا أحسن ما مرّ فيها عندي.
فأما قوله: {منضود * مسوّمة عند ربّك}.
فمعناه أن بعضها يأتي مع بعض كالمطر). [معاني القرآن: 3/72-70]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل}
فيه أقوال :
قال مجاهد هو بالفارسية أي أولها حجارة وآخرها طين
وقال قتادة أي من طين
وقال أبو جعفر وهذان القولان حسنان
وإنما ذهب مجاهد إلى أن أصله بالفارسية ثم أعرب
قال أبو جعفر وإنما استحسناه لأنه قال في موضع آخر حجارة من طين
قال أبو عبيدة السجيل الشديد وأنشد:
ضربا تواصى به الأبطال سجينا
ورد عليه هذا القول عبد الله بن مسلم وقال هذا سجين وذاك سجيل وكيف يستشهد به
قال أبو جعفر وهذا الرد لا يلزم لأن أبا عبيدة ذهب إلى أن اللام بدل من النون لقرب إحداهما من الأخرى
وقول أبي عبيدة يرد من جهة أخرى وهي أنه لو كان على قوله لكان حجارة سجيلا لأنه لا يقال حجارة من شديد لأن شديدا نعت
وقوله جل وعز: {منضود} أي بعضه يعلو بعضا يقال نضدت المتاع واللبن إذا جعلت بعضه على بعض فهو منضود ونضيد قال الشاعر:
خلت سبيل أتي كان يحبسه = ورفعته إلى السجفين فالنضد
ويقال سجيل من قولهم أسجلت إذا أعطيت ويقال هو من السجل كأنه مما كتب عليهم وقدر أن يصيبهم
قال أبو جعفر وأبو إسحاق يستحسن هذا القول قال ويدل عليه قوله تعالى: {إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم} وسجين وسجيل واحد).
[معاني القرآن: 3/372-370]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سجيل} طين مختلط به حجارة، وقيل: هو الشديد الكثير.
{منضود} بعضه إلى بعض). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 108]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَّنضُودٍ}: بعضه على بعض). [العمدة في غريب القرآن: 156]

تفسير قوله تعالى: {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّسوّمةً...}
زعموا أنها كانت مخطّطة محمرة وسواد في بياض، فذلك تسويمها أي علامتها.
ثم قال {من الظّالمين ببعيدٍ} يقول: من ظالمي أمّتك يا محمد. ويقال: ما هي من الظالمين يعني قوم لوط الذي يكن تخطئهم). [معاني القرآن: 2/25-24]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (مسوّمةً) أي معلمة بالسيماء وكانت عليها أمثال الخواتيم). [مجاز القرآن: 1/297]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (فأما {مسومة} فكان الحسن يقول: فيها خطوط حمر وبيض؛ وقد فسرنا المسومة في آل عمران.
[معاني القرآن لقطرب: 695]
وقال الحسن في المسومة في والذاريات: عليها سيما يعرف أنها ليست من حجارة الدنيا.
وكان الحسن يقول في قوله {حجارة من طين}: قال كان أصل الحجارة طينًا فشدت فصيرت حجارة مسومة). [معاني القرآن لقطرب: 696]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مسومة}: معلمة. زعموا أنه كان عليها مثل الخواتيم). [غريب القرآن وتفسيره: 177]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {مسوّمةً} معلمة بمثل الخواتيم. والسّومة: العلامة). [تفسير غريب القرآن: 208]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وأما {مسوّمة عند ربّك} فروي عن الحسن أنها معلّمة ببياض وحمرة.
وقال غيره: مسوّمة بعلامة يعلم بها أنها ليست من حجارة أهل الدنيا، وتعلم بسيماها أنها مما عذب اللّه بها.
{وما هي من الظّالمين ببعيد}
قيل إنها ما هي من ظالمي هذه الأمة ببعيد). [معاني القرآن: 3/72]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل ذكره: {مسومة عند ربك}
قال مجاهد أي معلمة
قال أبو جعفر ويقال سومت الشيء إذا علمته ويروى أنه كان عليها أمثال الخواتيم
وقال الحسن معلمة وفيها دليل أنها ليست من حجارة الدنيا وأنها مما عذب به
ويقال سومت الشيء إذا أرسلته إرسالا إلا أنه لم يقل هذا في هذا الحرف
ثم قال جل وعز: {وما هي من الظالمين ببعيد}
قال مجاهد يرهب بهذا قريشا
وقال غيره المعنى من ظالمي هذه الأمة
قال أبو جعفر والقولان يرجعان إلى معنى واحد
وقيل وما هي ممن عمل قوم لوط ببعيد). [معاني القرآن: 3/372]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مسومة} معلمة، قيل: كانت مثل الخواتيم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 108]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُّسَوَّمَةً}: معلمة). [العمدة في غريب القرآن: 157]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 06:51 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإنما يكون هو، وهما، وهم، وما أشبه ذلك زوائد بين المعرفتين، أو بين المعرفة وما قاربها من النكرات؛ نحو: خير منه، وما أشبهه مما لا تدخله الألف واللام.
وإنما زيدت في هذا الموضع؛ لأنها معرفة، فلا يجوز أن تؤكد إلا المعرفة.
ولا تكون زائدة إلا بين اسمين لا يستغني أحدهما عن الآخر؛ نحو اسم كان وخبرها، أو مفعول ظننت وعلمت وما أشبه ذلك، والابتداء والخبر، وباب إن.
فمما جاء من توكيدها في القرآن قوله: {وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين} وقال: {إن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين} وقال: {تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً} وقد يجوز أن تكون هذه التي بعد تجدوه صفة للهاء المضمرة، وسنذكرها في موضع صفات المضمر مشروحاً إن شاء الله.
وقرأ بعضهم: (ولكن كانوا هم الظالمون) جعل هم ابتداء والظالمون خبره.
وينشد هذا البيت لقيس بن ذريح:
تبكي على ليلى وأنت تركتها = وكنت عليها بالملا أنت أقدر
والقوافي مرفوعة.
ولو قلت: كان زيد أنت خير منه، أو: كان زيد أنت صاحبه لم يجز إلا الرفع، لأن أنت لو حذفته فسد الكلام. وفي المسائل الأول يصلح الكلام بحذف هؤلاء الزوائد.
أما قراءة أهل المدينة (هؤلاء بناتي هن أطهَرَ لكم) فهو لحن فاحش، وإنما هي قراءة ابن مروان، ولم يكن له علم بالعربية). [المقتضب: 4/103-105] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس: قال سيبويه: احتبى ابن جوبة في اللحن في قوله: {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}؛ لأنه يذهب إلى أنه حال قال: والحال في لا يدخل عليه العماد. وذهب أهل الكوفة، الكسائي والفراء، إلى أن العماد لا يدخل مع هذا لأنه تقريب، وهم يسمون هذا زيد القائم، تقريبًا أي قرب الفعل به وحكى: كيف أخاف الظلم وهذا الخليفة قادمًا، أي الخليفة قادم. فكلما رأيت " هذا " يدخل ويخرج والمعنى واحد، فهو تقريب. من كان من الناس مرزوقًا فهذا الصياد محرومًا، والصياد محرومٌ بإسقاط هذا بمعنى. فقد دخلت لتقرب الفعل مثل كاد. والتقريب على هذا كله. " فـ " كان " جواب لتقريب الفعل، والعماد جواب للمعهود " وكان " مخالف لـ " هذا " ، فلم يجتمع هو وهو. وقال: هذا توكيد لهذا، وهذا توكيد لهذا). [مجالس ثعلب: 359-360]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وقالوا: مضى هيتاءٌ من الليل. وقالوا: قطعٌ من الليل. وقالوا: {بقطعٍ من الليل}: بسوادٍ من الليل، أي بغلسٍ. وقالوا القطع من الليل: الطرف. وقال الشاعر:
سرت تحت أقطاعٍ من الليل طلّتي = بخمان بيتي فهي لا شكّ ناشز).
[الأزمنة: 50]
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ويقال: مضى ثني من الليل، ومضى تهواء من الليل، وسعواء من الليل، ومضى قِطْع من الليل.
وقيل للفزاري: ما قِطْع من الليل؟ فقال: حُزمة من الليل تهورها ولا تدري كم هي). [الأيام والليالي: 84]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والقطع مصدر قطعت الشيء قطعا والقطع الطائفة من الليل من قول الله

تعالى (فأسر بأهلك بقطع من الليل) والقطع الطنفسة تكون تحت الرحل على كتفي البعير والجمع قطوع قال الشاعر

(أتتك العير تنفخ في براها = تكشف عن مناكبها القطوع)
والقطع أيضا نصل قصير صغير وجمعه أقطاع). [إصلاح المنطق: 8-9]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب المستثنى من المنفي
تقول: ما جاءني أحد إلا زيد، وإلا زيداً. أما النصب فعلى ما فسرت لك، وأما الرفع فهو الوجه لما أذكره لك إن شاء الله.
تقول: ما جاءني أحد إلا زيد. فتجعل زيد بدلاً من أحد، فيصير التقدير ما جاءني إلا زيد؛ لأن البدل يحل محل البدل منه.
ألا ترى أن قولك: مررت بأخيك زيد إنما هو بمنزلة قولك: مررت بزيد؛ لأنك لما رفعت الأخ قام زيد مقامه. فعلى هذا قلت: ما جاءني أحد إلا زيد.
فإن قال قائل: فما بال زيد موجباً، وأحد كان منفياً، ألا حل محله? قيل: قد حل محله في العامل، وإلا لها معناها.
ولو قلت: جاءني إخوتك إلا زيداً لم يجز إلا النصب؛ لأنك لو حذفت الإخوة بطل الكلام، وذلك أنه كان يكون: جاءني إلا زيد. فلا يقع الاستثناء على شيء، فمن ثم بطل لفظ إلا من النصب لفساد البدل.
فمن ذلك قول الله عز وجل: {ما فعلوه إلا قليل منهم} لأنك لو قدرته على حذف الضمير، وهو الواو في فعلوه لكان: ما فعله إلا قليل منهم.
وقال في الإيجاب: {فشربوا منه إلا قليلاً منهم} وقال: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس}. وأما قوله عز وجل: {ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} وامرأتك فالوجهان جائزان جيدان.
فمن قال: إلا امرأتك فهو مستثنى من يلتفت، وكأنه قال: ولا يلتفت إلا امرأتك. ويجوز هذا النصب على غير هذا الوجه، وليس بالجيد، على ما أعطيتك في أول الباب. جودة النصب على قوله: {فأسر بأهلك} إلا امرأتك. فلا يجوز إلا النصب على هذا القول لفساد البدل لو قيل: أسر إلا بامرأتك لم يجز. فإنما باب الاستثناء إذا استغنى الفعل بفاعله، أو الابتداء بخبره النصب، إلا أن يصلح البدل، فيكون أجود، والنصب على حاله في الجواز. وإنما كان البدل أجود؛ لأنه في اللفظ والمعنى، والنصب بالاستثناء إنما هو للمعنى لا للفظ). [المقتضب: 4/394-396] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
فقد يرى الله حال المدلج الساري
فالمدلج: الذي يسير من أول الليل، يقال: أدلجت، أي سرت من أول الليل، وأدلجت: أي سرت في السحر، قال زهير:
بكرن بكورًا وادلجن بسحرةٍ = ... ... ... ...
والسرى لا يكون إلا سير الليل، قال الله عز وجل: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} من قولك أسريت، وهي اللغة القرشية، وغيرهم من العرب يقول سريت، وقد جاء هذه اللغة في القرآن، قال الله عز وجل: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} فهذا من سرى، ولو كان من" أسرى" لكان" يسري"، كما قال لبيد:
فبات وأسرى القوم آخر ليلهم = وما كان وقافًا بغير معصر
والمعصر الملجأ، والسري إنما هو من قولك سرى، كقولك: قضى فهو قاض، ومن أسرى يقال للفاعل: مسرٍ كما تقول: أعطى فهو معطٍ، كما قال الأخطل:
نازعتهم طيب الراح الشمول وقد = صاح الدجاج وحانت وقعه الساري).
[الكامل: 1/137-138]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (المطر العام: غياث ورحمة وبركة؛ والخاص في دار أو محلة: أوجاع وبلايا، لقول الله عز وجل: {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} ). [تعبير الرؤيا: 133]

تفسير قوله تعالى: {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ):
(اه سما برجال تغلب من بعيد = يقودون المسومة العرابا
المسومة المعلمة). [نقائض جرير والفرزدق: 475] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال أبو العباس: قوله: "سيما الخسف"، قال: هكذا حدثوناه، وأظنه"سيم الخسف" يا هذا، من قول الله عز وجل: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} ومعنى قوله: سيما الخسف تأويله علامة، هذا أصل ذا، قال الله عز وجل: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}، وقال عز وجل: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ}

وقال أبو عبيدة في قوله عز وجل: {مُسَوِّمِينَ} " قال: معلمين واشتقاقه من السيما التي ذكرنا. ومن قال: (مُسَوَّمِينَ)، فإنما أراد مرسلين: من الإبل السائمة: أي المرسلة في مراعيها، وإنما أخذ هذا من التفسير. قال المفسرون في قوله تعالى: " {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ}، القولين جميعًا، مع العلامة والإرسال، وأما في قوله عز وجل: {حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ} فلم يقولوا فيه إلا قولاً واحدًا، قالوا: "معلمة"، وكان عليها أمثال الخواتيم، ومن قال: "سيما" قصر. ويقال في هذا المعنى: سيمياء، ممدود، قال الشاعر:
غلام رماه الله بالحسن يافعًا... له سيمياء لا تشق على البصر). [الكامل: 1/31-33] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 06:51 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 06:52 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:48 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:49 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: وجاءه قومه الآية، روي أن امرأة لوط الكافرة لما رأت، الأضياف ورأت جمالهم وهيئتهم خرجت حتى أتت مجالس قومها فقالت لهم: إن لوطا أضاف الليلة فتية ما ريء مثلهم جمالا وكذا وكذا، فحينئذ جاءوا يهرعون إليه، ومعناه يسرعون، والإهراع هو أن يسرع أمر بالإنسان حتى يسير بين الخبب والخمر، فهي مشية الأسير الذي يسرع به، والطامع المبادر إلى أمر يخاف فوته، ونحو هذا يقال هرع الرجل وأهرعه طمع أو عدو أو خوف ونحوه.
والقراءة المشهورة: «يهرعون» بضم الياء أي يهرعون الطمع، وقرأت فرقة: «يهرعون» بفتح الياء، من هرع، ومن هذه اللفظة قول مهلهل: [الوافر]
فجاءوا يهرعون وهم أسارى = تقودهم على رغم الأنوف
وقوله: ومن قبل كانوا يعملون السّيّئات، أي كانت عادتهم إتيان الفاحشة في الرجال، فجاءوا إلى الأضياف لذلك فقام إليهم لوط مدافعا، وقال: هؤلاء بناتي فقالت فرقة أشار إلى بنات نفسه وندبهم في هذه المقالة إلى النكاح، وذلك على أن كانت سنتهم جواز نكاح الكافر المؤمنة، أو على أن في ضمن كلامه أن يؤمنوا. وقالت فرقة: إنما كان الكلام مدافعة لم يرد إمضاؤه، روي هذا القول عن أبي عبيدة، وهو ضعيف، وهذا كما يقال لمن ينهى عن مال الغير: الخنزير أحل لك من هذا وهذا التنطع ليس من كلام الأنبياء صلى الله عليه وسلم، وقالت فرقة: أشار بقوله: بناتي إلى النساء جملة إذ نبي القوم أب لهم، ويقوي هذا أن في قراءة ابن مسعود النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم [الأحزاب: 6] وهو أب لهم وأشار أيضا لوط- في هذا التأويل- إلى النكاح.
وقرأت فرقة- هي الجمهور- «هن أطهر» برفع الراء على خبر الابتداء، وقرأ الحسن وعيسى بن عمر ومحمد بن مروان وسعيد بن جبير: «أطهر» بالنصب قال سيبويه: هو لحن، قال أبو عمرو بن العلاء: احتبى فيه ابن مروان في لحنه، ووجهه عند من قرأ به النصب على الحال بأن يكون بناتي ابتداء وهنّ خبره، والجملة خبر هؤلاء.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهو إعراب مروي عن المبرد، وذكره أبو الفتح وهو خطأ في معنى الآية، وإنما قوم اللفظ فقط والمعنى إنما هو في قوله: أطهر وذلك قصد أن يخبر به فهي حال لا يستغنى عنها- كما تقدم في قوله: وهذا بعلي شيخاً [هود: 72]، والوجه أن يقال: هؤلاء بناتي ابتداء وخبر، وهنّ فصل وأطهر حال وإن كان شرط الفصل أن يكون بين معرفتين ليفصل الكلام من النعت إلى الخبر، فمن حيث كان الخبر هنا في أطهر ساغ القول بالفصل، ولما لم يستسغ ذلك أبو عمرو ولا سيبويه لحنا ابن مروان، وما كانا ليذهب عليهما ما ذكر أبو الفتح، و «الضيف»: مصدر يوصف به الواحد والجماعة والمذكر والمؤنث ثم وبخهم بقوله: أليس منكم رجلٌ رشيدٌ أي يزعكم ويردكم).[المحرر الوجيز: 4/ 618-620]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: قالوا: لقد علمت ما لنا في بناتك من حقٍّ الآية، روي أن قوم لوط كانوا قد خطبوا بنات لوط فردهم، وكانت سنتهم أن من رد في خطبة امرأة لم تحل له أبدا، فلذلك قالوا: لقد علمت ما لنا في بناتك من حقٍّ.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وبعد أن تكون هذه المخاطبة، فوجه الكلام: إنا ليس لنا إلى بناتك تعلق، ولا هم قصدنا ولا لنا عادة نطلبها في ذلك وقولهم: وإنّك لتعلم ما نريد، إشارة إلى الأضياف). [المحرر الوجيز: 4/ 620]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (فلما رأى استمرارهم في غيهم وغلبتهم وضعفه عنهم قال- على جهة التفجع والاستكانة- لو أنّ لي بكم قوّةً وأنّ في موضع رفع بفعل مضمر تقديره: لو اتفق أو وقع ونحو هذا، - وهذا مطرد في «أن» التابعة ل «لو» - وجواب لو محذوف وحذف مثل هذا أبلغ، لأنه يدع السامعين ينتهي إلى أبعد تخيلاته، والمعنى لفعلت كذا وكذا.
وقرأ جمهور: «أو آوي» بسكون الياء، وقرأ شيبة وأبو جعفر: «أو آوي» بالنصب، التقدير أو أن آوي، فتكون «أن» مع «آوي» بتأويل المصدر، كما قالت ميسون بنت بحدل:
للبس عباءة وتقر عيني...
ويكون ترتيب الكلام لو أن لي بكم قوة أو أويا، و «أوى» معناه: لجأ وانضوى، ومراد لوط عليه السّلام بال ركنٍ العشيرة والمنعة بالكثرة، وبلغ به قبيح فعلهم إلى هذا- مع علمه بما عند الله تعالى-، فيروى أن الملائكة وجدت عليه حين قال هذه الكلمات، وقالوا: إن ركنك لشديد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ، فالعجب منه لما استكان.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا نقد لأن لفظ بهذه الألفاظ، وإلا فحالة النبي صلى الله عليه وسلم وقت طرح عليه سلى الجزور ومع أهل الطائف وفي غير ما موطن تقتضي مقالة لوط لكن محمدا صلى الله عليه وسلم لم ينطق بشيء من ذلك عزامة منه ونجدة، وإنما خشي لوط أن يمهل الله أولئك العصابة حتى يعصوه في الأضياف كما أمهلهم فيما قبل ذلك من معاصيهم، فتمنى ركنا من البشر يعاجلهم به، وهو يعلم أن الله تعالى من وراء عقابهم، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لم يبعث الله تعالى بعد لوط نبيا إلا في ثروة من قومه» أي في منعة وعزة).[المحرر الوجيز: 4/ 620-622]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: قالوا يا لوط إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل ولا يلتفت منكم أحدٌ إلاّ امرأتك إنّه مصيبها ما أصابهم إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ (81)
الضمير في قالوا ضمير الملائكة، ويروى أن لوطا لما غلبوه وهموا بكسر الباب وهو يمسكه قالت له الرسل: تنح عن الباب، فتنحى وانفتح الباب فضربهم جبريل عليه السّلام بجناحه فطمس أعينهم وعموا، وانصرفوا على أعقابهم يقولون: النجاء النجاء، فعند لوط قوم سحرة، وتوعدوا لوطا، ففزع حينئذ من وعيدهم، فحينئذ قالوا له: إنّا رسل ربّك فأمن، ذكر هذا النقاش وفي تفسير غيره ما يقتضي أن قولهم: إنّا رسل ربّك كان قبل طمس العيون، ثم أمروه بالسرى وأعلموه أن العذاب نازل بالقوم، فقال لهم لوط: فعذبوهم الساعة، قالوا له: إنّ موعدهم الصّبح أي بهذا أمر الله، ثم أنسوه في قلقه بقولهم:
أليس الصّبح بقريبٍ.
وقرأ نافع وابن كثير «فأسر» من سرى إذا سار في أثناء الليل، وقرأ الباقون «فاسر» إذا سار في أول الليل و «القطع» القطعة من الليل، ويحتمل أن لوطا أسرى بأهله من أول الليل حتى جاوز البلد المقتلع، ووقعت نجاته بسحر فتجتمع هذه الآية مع قوله: إلّا آل لوطٍ نجّيناهم بسحرٍ [القمر: 34] وبيت النابغة جمع بين الفعلين في قوله: [البسيط]
أسرت عليه من الجوزاء سارية = تزجي الشمال عليه جامد البرد
فذهب قوم إلى أن سري وأسرى بمعنى واحد واحتجوا بهذا البيت.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وأقول إن البيت يحتمل المعنيين، وذلك أظهر عندي لأنه قصد وصف هذه الديمة، وأنها ابتدأت من أول الليل وقت طلوع الجوزاء في الشتاء.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «إلا امرأتك» بالرفع على البدل من أحدٌ وهذا هو الأوجه إذا استثني من منفي، كقولك: ما جاءني أحد إلا زيد، وهذا هو استثناء الملتفتين، وقرأ الباقون «إلا أمرأتك» بالنصب، ورأت ذلك فرقة من النحاة الوجه في الاستثناء من منفي، إذ الكلام المنفي في هذا مستقل بنفسه كالموجب، فإذ هو مثله في الاستقلال، فحكمه كحكمه في نصب المستثنى وتأولت فرقة ممن قرأ: «إلا امرأتك» بالنصب أن الاستثناء وقع من الأهل كأنه قال: «فأسر بأهلك إلا امرأتك». وعلى هذا التأويل لا يكون إلا النصب، وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: لو كان الكلام: «ولا يلتفت» - بالرفع- لصح الرفع في قوله: «إلا أمرأتك» ولكنه نهي، فإذا استثنيت «المرأة» من أحدٌ وجب أن تكون «المرأة» أبيح لها الالتفات فيفسد معنى الآية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا الاعتراض حسن، يلزم الاستثناء من أحدٌ رفعت التاء أو نصبت والانفصال عنه يترتب بكلام حكي عن المبرد، وهو أن النهي إنما قصد به لوط وحده، و «الالتفات» منفي عنهم بالمعنى، أي لا تدع أحدا منهم يلتفت، وهذا كما تقول لرجل: لا يقم من هؤلاء أحد إلا زيد، وأولئك لم يسمعوك، فالمعنى: لا تدع أحدا من هؤلاء يقوم والقيام بالمعنى منفي عن المشار إليهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وجملة هذا أن لفظ الآية هو لفظ قولنا: لا يقم أحد إلا زيد، ونحن نحتاج أن يكون معناها معنى قولنا: لا يقم أحد إلا زيد وذلك اللفظ لا يرجع إلى هذا المعنى إلا بتقدير ما حكيناه عن المبرد، فتدبره. ويظهر من مذهب أبي عبيد أن الاستثناء، إنما هو من الأهل. وفي مصحف ابن مسعود: «فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك» وسقط قوله: ولا يلتفت منكم أحدٌ.
والظاهر في يلتفت أنها من التفات البصر، وقالت فرقة: هي من لفت الشيء يلفته إذا ثناه ولواه، فمعناه: ولا يتثبط. وهذا شاذ مع صحته وفي كتاب الزهراوي: أن المعنى: ولا يلتفت أحد إلى ما خلف، بل يخرج مسرعا مع لوط عليه السّلام: وروي أن امرأة لوط لما سمعت الهدة ردت بصرها وقالت:
وا قوماه، فأصابها حجر فقتلها.
وقرأت فرقة: «الصبح» بضم الباء).[المحرر الوجيز: 4/ 622-625]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: فلمّا جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارةً من سجّيلٍ منضودٍ (82) مسوّمةً عند ربّك وما هي من الظّالمين ببعيدٍ (83)
روي أن جبريل عليه السّلام أدخل جناحه تحت مدائن قوم لوط واقتلعها ورفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا صراخ الديكة ونباح الكلاب، ثم أرسلها معكوسة، وأتبعهم الحجارة من السماء، وروي أن جبريل عليه السّلام أخذهم بخوافي جناحه: ويروى أن مدينة منها نجيت كانت مختصة بلوط عليه السّلام يقال لها: زغر.
وأمرنا في هذه الآية يحتمل أن يكون مصدرا من أمر ويكون في الكلام حذف مضاف تقديره مقتضى أمرنا، ويحتمل أن يكون واحد الأمور، والضمير في قوله: عاليها سافلها للمدن، وأجري أمطرنا عليها كذلك، والمراد على أهلها، وروي أنها الحجارة استوفت منهم من كانوا خارج مدنهم حتى قتلتهم أجمعين. وروي أنه كان منهم في الحرم رجل فبقي حجره معلقا في الهواء حتى خرج من الحرم فقتله الحجر، و «أمطر» أبدا إنما يستعمل في المكروه، ومطر يستعمل في المحبوب، هذا قول أبي عبيدة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وليس كذلك وقوله تعالى: هذا عارضٌ ممطرنا [الأحقاف: 24] يرد هذا القول لأنهم إنما ظنوه معتاد الرحمة، وقوله من سجّيلٍ اختلف فيه: فقال ابن زيد: سجّيلٍ: اسم السماء الدنيا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ضعيف، ويرده وصفه ب منضودٍ. وقالت فرقة هو مأخوذ من لفظ السجل، أي هي من أمر كتب عليهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا بعيد، وقالت فرقة: هو مأخوذ من السجل إذا أرسل الشيء كما يرسل السجل وكما تقول: قالها مسجلة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ضعيف، وقالت فرقة: من سجّيلٍ معناه: من جهنم لأنه يقال:
سجيل وسجين حفظ فيها بدل النون لاما، كما قالوا: أصيلال وأصيلان. وقالت فرقة: سجّيلٍ معناه:
شديد وأنشد الطبري في ذلك [ابن مقبل]:
ضربا تواصى به الأبطال سجيلا
والبيت في قصيدة نونية: سجينا، وقالت فرقة: سجّيلٍ لفظة أصلها غير عربت أصلها سنج وكل. وقيل غير هذا في أصل اللفظة. ومعنى هذا اللفظ ماء وطين. هذا قول ابن عباس ومجاهد وابن جبير وعكرمة والسدي وغيرهم، وذهبت هذه الفرقة إلى أن الحجارة التي رموا بها كانت كالآجر المطبوخ كانت من طين قد تحجر- نص عليه الحسن-.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا قول يشبه. وهو الصواب الذي عليه الجمهور. وقالت فرقة: معنى سجّيلٍ حجر مخلوط بطين أي حجر وطين. قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويمكن أن يرد هذا إلى الذي قبله، لأن الآجر وما جرى مجراه يمكن أن يقال فيه حجر وطين لأنه قد أخذ من كل واحد منهما بحظه. وهي من طين من حيث هو أصلها. وحجر من حيث صلبت.
ومنضودٍ معناه بعضه فوق بعض. أي تتابع وهي صفة ل سجّيلٍ وقال الربيع بن أنس:
«نضده»: إنه في السماء منضود معد بعضه فوق بعض).[المحرر الوجيز: 4/ 625-628]

تفسير قوله تعالى: {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ومسوّمةً معناه معلمة بعلامة، فقال عكرمة وقتادة: إنه كان فيها بياض وحمرة: ويحكى أنه كان في كل حجر اسم صاحبه، وهذه اللفظة هي من سوم إذا أعلم، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر: «سوموا فقد سومت الملائكة». ويحتمل أن تكون مسوّمةً هاهنا بمعنى: مرسلة، وسومها من الهبوط.
وقوله وما هي إشارة إلى الحجارة. والظّالمين قيل: يعني قريشا. وقيل: يريد عموم كل من اتصف بالظلم، وهذا هو الأصح لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سيكون في أمتي خسف ومسخ وقذف بالحجارة»، وقد ورد أيضا حديث: «إن هذه الأمة بمنجاة من ذلك». وقيل يعني ب هي: المدن، ويكون المعنى: الإعلام بأن هذه البلاد قريبة من مكة- والأول أبين- وروي أن هذه البلاد كانت بين المدينة والشام، وحكى الطبري في تسمية هذه المدن: صيعة، وصعدة وعمزة، ودوما وسدوم وهي القرية العظمى).[المحرر الوجيز: 4/ 628]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:49 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:49 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولمّا جاءت رسلنا لوطًا سيء بهم وضاق بهم ذرعًا وقال هذا يومٌ عصيبٌ (77) وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السّيّئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فاتّقوا اللّه ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجلٌ رشيدٌ (78) قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حقٍّ وإنّك لتعلم ما نريد (79)}
يخبر تعالى عن قدوم رسله من الملائكة بعد ما أعلموا إبراهيم بهلاكهم، وفارقوه وأخبروه بإهلاك اللّه قوم لوطٍ هذه اللّيلة. فانطلقوا من عنده، فأتوا لوطًا عليه السّلام، وهو -على ما قيل -في أرضٍ له [يعمرها] وقيل: [بل كان] في منزله، ووردوا عليه وهم في أجمل صورةٍ تكون، على هيئة شبّانٍ حسان الوجوهٍ، ابتلاءً من اللّه [واختبارًا] وله الحكمة والحجّة البالغة، [فنزلوا عليه] فساءه شأنهم وضاقت نفسه بسببهم، وخشي إن لم يضفهم أن يضيفهم أحدٌ من قومه، فينالهم بسوءٍ، {وقال هذا يومٌ عصيبٌ}.
قال ابن عبّاسٍ [ومجاهدٌ وقتادة ومحمّد بن إسحاق] وغير واحدٍ [من الأئمّة] شديدٌ بلاؤه وذلك أنّه علم أنّه سيدافع [قومه] عنهم، ويشقّ عليه ذلك.
وذكر قتادة أنّهم أتوه وهو في أرضٍ له [يعمل فيها] فتضيّفوه فاستحيا منهم، فانطلق أمامهم وقال لهم في أثناء الطّريق، كالمعرّض لهم بأن ينصرفوا عنه: إنّه واللّه يا هؤلاء ما أعلم على وجه الأرض أهل بلدٍ أخبث من هؤلاء. ثمّ مشى قليلًا ثمّ أعاد ذلك عليهم، حتّى كرّره أربع مرّاتٍ قال قتادة: وقد كانوا أمروا ألّا يهلكوهم حتّى يشهد عليهم نبيّهم بذلك.
وقال السّدّيّ: خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط فبلغوا نهر سدون نصف النّهار، ولقوا بنت لوطٍ تستقي [من الماء لأهلها وكانت له ابنتان اسم الكبرى رثيا والصّغرى زغرتا] فقالوا [لها] يا جارية، هل من منزلٍ؟ فقالت [لهم] مكانكم حتّى آتيكم، وفرقت عليهم من قومها، فأتت أباها فقالت: يا أبتاه، أدرك فتيانًا على باب المدينة، ما رأيت وجوه قومٍ [هي] أحسن منهم، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم، و [قد] كان قومه نهوه أن يضيف رجلًا فقالوا: خلّ عنّا فلنضف الرّجال. فجاء بهم، فلم يعلم بهم أحدٌ إلّا أهل بيته فخرجت امرأته فأخبرت قومها [فقالت: إن في بيت لوطٍ رجالًا ما رأيت مثل وجوههم قطّ]، فجاءوا يهرعون إليه.
وقوله: {يهرعون إليه} أي: يسرعون ويهرولون [في مشيتهم ويجمرون] من فرحهم بذلك [وروي في هذا عن ابن عبّاسٍ ومجاهدٍ والضّحّاك والسّدّيّ وقتادة وشمر بن عطيّة وسفيان بن عيينة].
وقوله: {ومن قبل كانوا يعملون السّيّئات} أي: لم يزل هذا من سجيّتهم [إلى وقتٍ آخر] حتّى أخذوا وهم على ذلك الحال.
وقوله: {قال يا قوم هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} يرشدهم إلى نسائهم، فإنّ النّبيّ للأمّة بمنزلة الوالد [للرّجال والنّساء]، فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم في الدّنيا والآخرة، كما قال لهم في الآية الأخرى: {أتأتون الذّكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربّكم من أزواجكم بل أنتم قومٌ عادون} [الشّعراء: 165، 166]، وقوله في الآية الأخرى: {قالوا أولم ننهك عن العالمين} [الحجر:70] أي: ألم ننهك عن ضيافة الرّجال {قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين. لعمرك إنّهم لفي سكرتهم يعمهون} [الحجر:71، 72]، وقال في هذه الآية الكريمة: {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} قال مجاهدٌ: لم يكنّ بناته، ولكن كنّ من أمّته، وكلّ نبيٍّ أبو أمّته.
وكذا روي عن قتادة، وغير واحدٍ.
وقال ابن جريج: أمرهم أن يتزوّجوا النّساء، ولم يعرض عليهم سفاحًا.
وقال سعيد بن جبيرٍ: يعني نساءهم، هنّ بناته، وهو أبٌ لهم ويقال في بعض القراءات النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم وهو أبٌ لهم.
وكذا روي عن الرّبيع بن أنسٍ، وقتادة، والسّدّيّ، ومحمّد بن إسحاق، وغيرهم.
وقوله: {فاتّقوا اللّه ولا تخزون في ضيفي} أي: اقبلوا ما آمركم به من الاقتصار على نسائكم، {أليس منكم رجلٌ رشيدٌ} أي: [ليس منكم رجلٌ] فيه خيرٌ، يقبل ما آمره به، ويترك ما أنهاه عنه؟).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 336-338]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حقٍّ} أي: إنّك تعلم أنّ نساءنا لا أرب لنا فيهنّ ولا نشتهيهنّ، {وإنّك لتعلم ما نريد} أي: ليس لنا غرضٌ إلّا في الذّكور، وأنت تعلم ذلك، فأيّ حاجةٍ في تكرار القول علينا في ذلك؟
قال السّدّيّ: {وإنّك لتعلم ما نريد} إنّما نريد الرّجال). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 338]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال لو أنّ لي بكم قوّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ (80) قالوا يا لوط إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتك إنّه مصيبها ما أصابهم إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ (81)}
يقول تعالى مخبرًا عن نبيّه لوطٍ، عليه السّلام: إنّ لوطًا توعّدهم بقوله: {لو أنّ لي بكم قوّةً [أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ]} أي: لكنت نكّلت بكم وفعلت بكم الأفاعيل [من العذاب والنّقمة وإحلال البأس بكم] بنفسي وعشيرتي، ولهذا ورد في الحديث، من طريق محمّد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال: "رحمة اللّه على لوطٍ، لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ -يعني: اللّه عزّ وجلّ -فما بعث اللّه بعده من نبيٍّ إلّا في ثروةٍ من قومه".
[وروي من حديث الزّهريّ عن أبي سلمة وسعيد بن المسيّب عن أبي هريرة مرفوعًا ومن حديث أبي الزّناد عن الأعرج عن أبي هريرة به، ومن حديث ابن لهيعة عن أبي يونس سمع أبا هريرة به وأرسله الحسن وقتادة].
فعند ذلك أخبرته الملائكة أنّهم رسل اللّه إليه، و [وبشّروه] أنّهم لا وصول لهم إليه [ولا خلوص] {قالوا يا لوط إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك} وأمروه أن يسري بأهله من آخر اللّيل، وأن يتّبع أدبارهم، أي: يكون ساقةً لأهله، {ولا يلتفت منكم أحدٌ} أي: إذا سمعت ما نزل بهم، ولا تهولنّكم تلك الأصوات المزعجة، ولكن استمرّوا ذاهبين [كما أنتم].
{إلا امرأتك} قال الأكثرون: هو استثناءٌ من المثبت وهو قوله: {فأسر بأهلك} تقديره {إلا امرأتك} وكذلك قرأها ابن مسعودٍ ونصب هؤلاء امرأتك؛ لأنه من مثبت، فوجب نصبه عندهم.
وقال آخرون من القرّاء والنّحاة: هو استثناءٌ من قوله: {ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتك} فجّوزوا الرّفع والنّصب، وذكر هؤلاء [وغيرهم من الإسرائيليّات] أنّها خرجت معهم، وأنّها لمّا سمعت الوجبة التفتت وقالت واقوماه. فجاءها حجرٌ من السّماء فقتلها.
ثمّ قرّبوا له هلاك قومه تبشيرًا له؛ لأنّه قال لهم: "أهلكوهم السّاعة"، فقالوا: {إنّ موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريبٍ} هذا وقوم لوط وقوف على الباب وعكوف قد جاءوا يهرعون إليه من كلّ جانبٍ، ولوطٌ واقفٌ على الباب يدافعهم ويردعهم وينهاهم عمّا هم فيه، وهم لا يقبلون منه، بل يتوعّدونه، فعند ذلك خرج عليهم جبريل، عليه السّلام، فضرب وجوههم بجناحه، فطمس أعينهم، فرجعوا وهم لا يهتدون الطّريق، كما قال تعالى: {ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر [ولقد صبّحهم بكرةً عذابٌ مستقرٌّ فذوقوا عذابي ونذر]} [القمر:37 -39].
وقال معمر، عن قتادة، عن حذيفة بن اليمان قال: كان إبراهيم، عليه السّلام، يأتي قوم لوطٍ، فيقول: أنهاكم اللّه أن تعرّضوا لعقوبته؟ فلم يطيعوه، حتّى إذا بلغ الكتاب أجله [لمحل عذابهم وسطوات الرّبّ بهم قال] انتهت الملائكة إلى لوطٍ وهو يعمل في أرضٍ له، فدعاهم إلى الضّيافة فقالوا: إنّا ضيوفك اللّيلة، وكان اللّه قد عهد إلى جبريل ألّا يعذبهم حتّى يشهد عليهم لوطٌ ثلاث شهادات فلمّا توجّه بهم لوطٌ إلى الضّيافة، ذكر ما يعمل قومه من الشّرّ [والدّواهي العظام]، فمشى معهم ساعةً، ثمّ التفت إليهم فقال: أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرض شرًّا منهم. أين أذهب بكم؟ إلى قومي وهم [من] أشرّ خلق اللّه، فالتفت جبريل إلى الملائكة فقال: احفظوها هذه واحدةٌ. ثمّ مشى معهم ساعةً، فلمّا توسّط القرية وأشفق عليهم واستحيا منهم قال: أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرض أشرّ منهم، إنّ قومي أشرّ خلق اللّه. فالتفت جبريل إلى الملائكة فقال: احفظوا، هاتان اثنتان، فلمّا انتهى إلى باب الدّار بكى حياءً منهم وشفقةً عليهم فقال إنّ قومي أشرّ من خلق اللّه؟ أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرض أهل قريةٍ شرًّا منهم. فقال جبريل للملائكة: احفظوا، هذه ثلاثٌ، قد حقّ العذاب. فلمّا دخلوا ذهبت عجوز السّوء فصعدت فلوّحت بثوبها، فأتاها الفسّاق يهرعون سراعًا، قالوا: ما عندك؟ قالت: ضيّف لوطًا قوم ما رأيت قطّ أحسن وجوهًا منهم، ولا أطيب ريحًا منهم. فهرعوا يسارعون إلى الباب، فعالجهم لوطٌ على الباب، فدافعوه طويلًا هو داخل وهم خارج، يناشدهم اللّه ويقول: {هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم} فقام الملك فلزّ بالباب -يقول فسدّه -واستأذن جبريل في عقوبتهم، فأذن اللّه له، فقام في الصّورة الّتي يكون فيها في السّماء، فنشر جناحه. ولجبريل جناحان، وعليه وشاحٌ من درٍّ منظومٍ، وهو برّاق الثّنايا، أجلى الجبين، ورأسه حبكٌ حبك مثل المرجان وهو اللّؤلؤ، كأنّه الثّلج، ورجلاه إلى الخضرة. فقال يا لوط: {إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك} امض يا لوط عن الباب ودعني وإيّاهم، فتنحّى لوطٌ عن الباب، فخرج إليهم، فنشر جناحه، فضرب به وجوههم ضربةً شدخ أعينهم، فصاروا عميًا لا يعرفون الطّريق [ولا يهتدون بيوتهم] ثمّ أمر لوطٌ فاحتمل بأهله في ليلته قال: {فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل}.
وروي عن محمّد بن كعبٍ [القرظيّ] وقتادة، والسّدّيّ نحو هذا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 338-340]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فلمّا جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارةً من سجّيلٍ منضودٍ (82) مسوّمةً عند ربّك وما هي من الظّالمين ببعيدٍ (83)}
يقول تعالى: {فلمّا جاء أمرنا} وكان ذلك عند طلوع الشّمس، {جعلنا عاليها} وهي [قريتهم العظيمة وهي] سدوم [ومعاملتها] {سافلها} كقوله {[والمؤتفكة أهوى] فغشّاها ما غشّى} [النّجم:53، 54] أي: أمطرنا عليها حجارةً من "سجّيلٍ" وهي بالفارسيّة: حجارةٌ من طينٍ، قاله ابن عبّاسٍ وغيره.
وقال بعضهم: أي من "سنكٍ" وهو الحجر، و"كل" وهو الطّين، وقد قال في الآية الأخرى: {حجارةً من طينٍ} [الذّاريات:33] أي: مستحجرةً قويّةً شديدةً. وقال بعضهم: مشويّةٌ، [وقال بعضهم: مطبوخةٌ قويّةٌ صلبةٌ] وقال البخاريّ. "سجيل": الشّديد الكبير. سجّيلٌ وسجّينٌ واحدٌ، اللّام والنّون أختان، وقال تميم بن مقبل:
ورجلةٍ يضربون البيض ضاحيةٌ = ضربًا تواصت به الأبطال سجّينا
وقوله: {منضودٍ} قال بعضهم: منضودةٌ في السّماء، أي: معدّةٌ لذلك.
وقال آخرون: {منضودٍ} أي: يتبع بعضها بعضًا في نزولها عليهم).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 340]

تفسير قوله تعالى: {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {مسوّمةً} أي معلمة مختومةً، عليها أسماء أصحابها، كلّ حجرٍ مكتوب عليه اسم الذي ينزل عليه.
وقال قتادة وعكرمة: {مسوّمةً} [أي] مطوّقة، بها نضحٌ من حمّرٍة.
وذكروا أنّها نزلت على أهل البلد، وعلى المتفرّقين في القرى ممّا حولها، فبينا أحدهم يكون عند النّاس يتحدّث، إذ جاءه حجرٌ من السّماء فسقط عليه من بين النّاس، فدمّره، فتتبعهم الحجارة من سائر البلاد، حتّى أهلكتهم عن آخرهم فلم يبق منهم أحدٌ.
وقال مجاهدٌ: أخذ جبريل قوم لوطٍ من سرحهم ودورهم، حملهم بمواشيهم وأمتعتهم، ورفعهم حتّى سمع أهل السّماء نباح كلابهم ثمّ أكفأهم [وقال] وكان حملهم على خوافي جناحه الأيمن. قال: ولمّا قلبها كان أوّل ما سقط منها شذانها.
وقال قتادة: بلغنا أنّ جبريل أخذ بعروة القرية الوسطى، ثمّ ألوى بها إلى جوّ السّماء، حتّى سمع أهل السّماء ضواغي كلابهم، ثمّ دمّر بعضها على بعضٍ، ثمّ أتبع شذّاذ القوم سخرًا -قال: وذكر لنا أنّهم كانوا أربع قرى، في كلّ قريةٍ مائة ألفٍ -وفي روايةٍ: [كانوا] ثلاث قرى، الكبرى منها سدوم. قال: وبلغنا أنّ إبراهيم، عليه السّلام، كان يشرف على سدوم، ويقول: سدوم، يومٌ، ما لك؟.
وفي روايةٍ عن قتادة وغيره: بلغنا أنّ جبريل عليه السّلام، لمّا أصبح نشر جناحه، فانتسف به أرضهم بما فيها من قصورها ودوابّها وحجارتها وشجرها، وجميع ما فيها، فضمّها في جناحه، فحواها وطواها في جوف جناحه، ثمّ صعد بها إلى السّماء الدّنيا، حتّى سمع سكّان السّماء أصوات النّاس والكلاب، وكانوا أربعة آلاف ألفٍ، ثمّ قلبها، فأرسلها إلى الأرض منكوسةً، ودمدم بعضها على بعضٍ، فجعل عاليها سافلها، ثمّ أتبعها حجارةً من سجّيلٍ.
وقال محمّد بن كعبٍ القرظي: كانت قرى قوم لوط خمس قرياتٍ: "سدوم"، وهي العظمى، و"صعبة" و"صعوة" و"عثرة" و"دوما"، احتملها جبريل بجناحه، ثمّ صعد بها، حتّى إنّ أهل السّماء الدّنيا ليسمعون نابحة كلابها، وأصوات دجاجها، ثمّ كفأها على وجهها، ثمّ أتبعها اللّه بالحجارة، يقول اللّه تعالى: {جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارةً من سجّيلٍ} فأهلكها اللّه وما حولها من المؤتفكات.
وقال السّدّيّ: لمّا أصبح قوم لوطٍ، نزل جبريل فاقتلع الأرض من سبع أرضين، فحملها حتّى بلّغ بها السّماء، حتّى سمع أهل السّماء الدّنيا نباح كلابهم، وأصوات ديوكهم، ثم قلبها فقتلهم، فذلك قوله {والمؤتفكة أهوى} [النّجم: 53]، ومن لم يمت حين سقط للأرض، أمطر اللّه عليه وهو تحت الأرض الحجارة، ومن كان منهم شاذًّا في الأرض يتبعهم في القرى، فكان الرّجل يتحدّث فيأتيه الحجر فيقتله، فذلك قوله عزّ وجلّ: {وأمطرنا عليهم} أي: في القرى حجارةً من سجّيلٍ. هكذا قال السّدّيّ.
وقوله: {وما هي من الظّالمين ببعيدٍ} أي: وما هذه النّقمة ممّن تشبّه بهم في ظلمهم، ببعيدٍ عنه.
وقد ورد في الحديث المرويّ في السّنن عن ابن عبّاسٍ مرفوعًا " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوطٍ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به".
وذهب الإمام الشّافعيّ في قولٍ عنه وجماعةٌ من العلماء إلى أنّ اللّائط يقتل، سواءٌ كان محصنًا أو غير محصنٍ، عملًا بهذا الحديث.
وذهب الإمام أبو حنيفة [رحمه اللّه إلى] أنّه يلقى من شاهقٍ، ويتبع بالحجارة، كما فعل اللّه بقوم لوطٍ، واللّه سبحانه وتعالى أعلم بالصّواب). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 340-342]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة