جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: {الْقَارِعَةُ (1) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تعالَى ذِكْرُهُ: {الْقَارِعَةُ}: الساعةُ التي يَقْرَعُ قلوبَ الناسِ هولُها، وعظيمُ ما ينزلُ بهم من البلاءِ عندَها، وذلك صبيحةٌ لا ليلَ بعدَها.
وبنحْوِ الذي قُلْنا فِي ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك.
- حدَّثني عليٌّ قالَ: ثنا أبو صالحٍ قالَ: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، فِي قولِهِ: {الْقَارِعَةُ} من أسماءِ يومِ القيامةِ، عظَّمَهُ اللَّهُ وحذَّرَهُ عبادَهُ.
-حدَّثني محمَّدُ بنُ سعدٍ قالَ: ثني أبي قالَ: ثني عمِّي قالَ: ثني أبي، عن أبيهِ، عن ابنِ عبَّاسٍ، في قولِهِ: {الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ} قالَ: هي الساعةُ.
- حَدَّثنا بشرٌ قالَ: ثنا يزيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قولَهُ: {الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ} قالَ: هي الساعةُ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ قالَ: ثنا وكيعٌ قالَ: سمِعْتُ أنَّ القارعةَ والواقعةَ والحاقَّةَ: القيامةُ). [جامع البيان: 24 / 592-593]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وَالْقَارِعَةُ: الْقِيَامَةُ؛ لأَنَّهَا تَقْرَعُ الْقُلُوبَ). [عمدة القاري: 19 / 312]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ مَرْدُويَهْ، مِن طُرُقٍ عن ابنِ عبَّاسٍ ، قالَ: القارِعَةُ مِن أسماءِ يومِ القيامةِ). [الدر المنثور: 15 / 609]
تفسير قوله تعالى:{مَا الْقَارِعَةُ (2) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {مَا الْقَارِعَةُ} يقولُ تعالَى ذِكْرُهُ معظِّماً شأنَ القيامةِ والساعةِ التي يقرعُ العبادَ هوْلُها: أيُّ شيءٍ القارعةُ؟! يعني بذلك: أيُّ شيءٍ الساعةُ التي يقرَعُ الخلقَ هوْلُها؛ ما أعظَمَها وأفْظَعَها وأَهْوَلَها). [جامع البيان: 24 / 593]
تفسير قوله تعالى:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} يقولُ تعالَى ذِكْرُهُ لنبيِّهِ محمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وما أشْعَرَكَ يا محمَّدُ أيُّ شيءٍ القارعةُ؟ ). [جامع البيان: 24 / 593]
تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) }
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({كالفراش المبثوث} [القارعة: 4] : «كغوغاء الجراد، يركب بعضه بعضًا، كذلك النّاس يجول بعضهم في بعضٍ»). [صحيح البخاري: 6 / 176]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ كَغَوْغَاءِ الجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، كذلك النَّاسُ يَجُولُ بَعْضُهُمْ في بَعْضٍ) هُو كلامُ الفَرَّاءِ قَالَ في قَولِهِ: {كَالْفَرَاشِ}: يُرِيدُ كَغَوْغَاءِ الجَرَادِ إلخ. وقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الفَرَاشُ طَيْرٌ لا ذُبَابٌ ولا بَعُوضٌ، والمَبْثُوثُ: المُتَفَرِّقُ، وحَمْلُ الفَرَاشِ على حَقِيقَتِهِ أَوْلَى، والعَرَبُ تُشَبِّهُ بِالفَرَاشِ كَثِيرًا كقَوْلِ جَرِيرٍ:
إِنَّ الْفَرَزْدَقَ مَا عَلِمْتَ وَقَوْمُهُ.......مِثْلُ الْفَرَاشِ غَشِينَ نَارَ الْمُصْطَلِي
وَصَفَهُمْ بِالْحِرْصِ والتَّهَافُتِ، وفي تَشْبِيهِ النَّاسِ يَوْمَ البَعْثِ بالفَرَاشِ مُنَاسَبَاتٌ كَثِيرَةٌ بَلِيغَةٌ؛ كالطَّيْشِ، والانتِشارِ، والكَثْرَةِ، والضَّعْفِ، والذِّلَّةِ، والمَجِيءِ بِغَيْرِ رُجُوعٍ، والقَصْدِ إلى الدَّاعِي، والإسراعِ، ورُكُوبِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، والتَّطَايُرِ إلى النارِ). [فتح الباري: 8 / 728]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ: كَغَوْغَاءِ الْجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، كَذَلِكَ النَّاسُ يَجُولُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ. {كَالْعِهْنِ}: كَأَلْوَانِ الْعِهْنِ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: كَالصُّوفِ).
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} وَفَسَّرَ الْفَرَاشَ الْمَبْثُوثَ بِقَوْلِهِ: كَغَوْغَاءِ الْجَرَادِ إِلَى آخِرِهِ، وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: الْفَرَاشُ طَيْرٌ +ذيابٌ وَلاَ بَعُوضٌ. وَالْمَبْثُوثُ الْمُتَفَرِّقُ، وَقِيلَ: الْفَرَاشُ: الطَّيْرُ الَّتِي تَتَسَاقَطُ فِي النَّارِ، وَالْغَوْغَاءُ الصَّوْتُ وَالْجَلَبَةُ، وَفِي الأَصْلِ الْغَوْغَاءُ الْجَرَادُ حِينَ يَخِفُّ لِلطَّيَرَانِ). [عمدة القاري: 19 / 312] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {كَالْفِرَاشِ الْمَبْثُوثِ} أي: كَغَوْغَاءِ الْجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا كَذَلِكَ النَّاسُ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ (يَجُولُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ) وَإِنَّمَا شَبَّهَ النَّاسَ بِذَلِكَ عِنْدَ الْبَعْثِ؛ لأنَّ الْفِرَاشَ إِذَا ثَارَ لَمْ يَتَّجِهْ لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ كُلُّ وَاحِدَةٍ تَذْهَبُ إلى غَيْرِ جِهَةِ الأُخْرَى، فَدَلَّ بِهَذَا التَّشْبِيهِ على أنَّ النَّاسَ في الْبَعْثِ يَفْزَعُونَ، فَيَذْهَبُ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى غَيْرِ جِهَةِ الآخَرِ، وَقَالَ في الدُّرِّ: وفِي تَشْبِيهِ النَّاسِ بِالْفَرَاشِ مُبَالَغَاتٌ شَتَّى؛ مِنْهَا الطَّيْشُ الَّذِي يَلْحَقُهُمْ، وَانْتِشَارُهُمْ في الأرْضِ، وَرُكُوبُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَالْكَثْرَةُ وَالضَّعْفُ والذِّلَّةُ، وَالْمَجِيءُ مِنْ غَيْرِ ذَهَابٍ، والْقَصْدُ إِلَى الدَّاعِي من كُلِّ جِهَةٍ، والتَّطَايُرُ إِلَى النَّارِ). [إرشاد الساري: 7 / 432-433]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: {كالفراش} هو الطير الذي يتساقط في النار، وقيل: هو الهمج من البعوض، والجراد وغيرهم. وقوله: {المبثوث} أي المتفرق. قوله: (كغوغاء الجراد الخ) تفسير للفراش المبثوث، وإنما شبه الناس بذلك عند البعث لأن الفراش إذا ثار لم يتجه لجهة واحدة بل كل واحدة تذهب إلى غير جهة الأخرى، وغوغاء الجراد جولانه، وظاهر كلام "القاموس"، وغيره أن الغوغاء نفس الجراد، حيث قال: الغوغاء الجراد بعد أن ينبت جناحه وبه سمى الغوغاء من الناس، وعليه فالإضافة فيه للبيان). [حاشية السندي على البخاري: 3 / 80]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} يقولُ تعالَى ذِكْرُهُ: القارعةُ يومَ يكونُ الناسُ كالفراشِ، وهو الذي يتساقطُ فِي النارِ والسِّراجِ، ليسَ ببعوضٍ ولا ذبابٍ، ويعني بالمبثوثِ: المفرَّقَ. وكالذي قُلْنا فِي ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثنا بشرٌ قالَ: ثنا يزيدُ قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} هذا الفَرَاشُ الذي رأيتُم يتهافتُ فِي النارِ.
- حدَّثني يونسُ قالَ: أخبرنا ابنُ وهبٍ قالَ: قالَ ابنُ زيدٍ، فِي قولِهِ: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} قالَ: هذا شبَهٌ شبَّهَهُ اللَّهُ.
وكانَ بعضُ أهلِ العربيَّةِ يقولُ: معنى ذلك: كغوغاءِ الجرادِ، يركبُ بعضُهُ بعضاً، كذلك الناسُ يومئذٍ، يجولُ بعضُهم فِي بعضٍ). [جامع البيان: 24 / 593-594]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِه: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} قالَ: هذا هو الفَرَاشُ الذي رَأَيْتُمْ، يَتَهَافَتُ في النار). [الدر المنثور: 15 / 609] (م)
تفسير قوله تعالى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة في قوله: {كالعهن} قال: هو الصوف). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 392]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({كالعهن} [القارعة: 5] : «كألوان العهن» وقرأ عبد اللّه: «كالصّوف»). [صحيح البخاري: 6 / 176]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (كَالْعِهْنِ: كَأَلْوَانِ الْعِهْنِ) سَقَطَ هَذَا لأبِي ذَرٍّ وهُو قَوْلُ الفَرَّاءِ قَالَ: {كَالْعِهْنِ}؛ لأنَّ أَلْوَانَهَا مُخْتَلِفَةٌ كَالْعِهْنِ وهُو الصوفُ. وأَخرَجَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ من طَرِيقِ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَالْعِهْنِ كالصُّوفِ.
قولُهُ: (وقَرَأَ عَبْدُ اللهِ كَالصُّوفِ) سَقَطَ هَذَا لأبِي ذَرٍّ وهُو بَقِيَّةُ كَلامِ الفَرَّاءِ، قَالَ: في قِرَاءَةِ عبدِ اللهِ- يَعْنِي- ابنَ مَسْعُودٍ: كَالصُّوفِ الْمَنْفُوشِ). [فتح الباري: 8 / 728]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقرأ عبد الله كالصوف
قد تقدم إسناد القراءات إلى ابن مسعود في سورة الزخرف). [تغليق التعليق: 4 / 376]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ: كَغَوْغَاءِ الْجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، كَذَلِكَ النَّاسُ يَجُولُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ. {كَالْعِهْنِ}: كَأَلْوَانِ الْعِهْنِ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: كَالصُّوفِ).
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} وَفَسَّرَ الْفَرَاشَ الْمَبْثُوثَ بِقَوْلِهِ: كَغَوْغَاءِ الْجَرَادِ إِلَى آخِرِهِ، وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: الْفَرَاشُ طَيْرٌ ذيابٌ وَلاَ بَعُوضٌ. وَالْمَبْثُوثُ الْمُتَفَرِّقُ، وَقِيلَ: الْفَرَاشُ: الطَّيْرُ الَّتِي تَتَسَاقَطُ فِي النَّارِ، وَالْغَوْغَاءُ الصَّوْتُ وَالْجَلَبَةُ، وَفِي الأَصْلِ الْغَوْغَاءُ الْجَرَادُ حِينَ يَخِفُّ لِلطَّيَرَانِ.
قَوْلُهُ: (كَأَلْوَانِ الْعِهْنِ) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ} وَهُوَ الصُّوفُ وَكَذَلِكَ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بَدَلَ الْعِهْنِ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ، وَالْمَنْفُوشُ: الْمَنْدُوفُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ). [عمدة القاري: 19 / 312]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ({كَالْعِهْنِ} أي (كَأَلْوَانِ الْعِهْنِ) أي: الْمُخْتَلِفَةِ قَالَهُ الْفَرَّاءُ (وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ) بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (كَالصُّوفِ) يَعْنِي أنَّ الْجِبَالَ تَتَفَرَّقُ أَجْزَاؤُهَا فِي ذلك الْيَوْمِ حَتَّى تَصِيرَ كَالصُّوفِ الْمُتَطَايِرِ عِنْدَ النَّدْفِ، وإِذَا كَانَ هَذَا تَأْثِيرَ الْقَارِعَةِ في الجبالِ الْعَظِيمَةِ الصَّلْدَةِ فَكَيْفَ حالُ الإِنْسَانِ الضَّعِيفِ عند سماعِ صوْتِ القارعَةِ؟ وَسَقَطَ لأَبِي ذَرٍّ: كَالْعِهْنِ إلخ). [إرشاد الساري: 7 / 433]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ} يقولُ تعالَى ذِكْرُهُ: ويومَ تكونُ الجبالُ كالصوفِ المنفوشِ؛ والعِهْنُ: هو الألوانُ من الصوفِ.
وبنحْوِ الذي قُلْنا فِي ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثنا بشرٌ قالَ: ثنا يزيدُ قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، فِي قولِهِ: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ} قالَ: الصوفُ المنفوشُ.
- حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ قالَ: هو الصوفُ.
وذُكِرَ أنَّ الجبالَ تسيرُ على الأرضِ وهي فِي صورةِ الجبالِ كالهَباءِ). [جامع البيان: 24 / 594]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِه: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} قالَ: هذا هو الفَرَاشُ الذي رَأَيْتُمْ، يَتَهَافَتُ في النارِ.
وفي قَوْلِه: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} قالَ: كالصُّوفِ). [الدر المنثور: 15 / 609] (م)
تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} يقولُ: فأمَّا مَن ثقُلَتْ موازينُ حسناتِهِ، يعني بالموازينِ: الوزنَ، والعربُ تقولُ: لك عندي درهمٌ بميزانِ درهمِكَ، ووزنِ درهمِكَ، ويقولونَ: داري بميزانِ دارِكَ ووزنِ دارِكَ، يُرادُ: حِذاءَ دارِكَ. قالَ الشاعرُ:
قد كنْتُ قبْلَ لقائِكُم ذا مرةٍ.......عندي لكلِّ مخاصِمٍ ميزانُهُ
يعني بقولِهِ: " لكلِّ مخاصِمٍ ميزانُهُ " كلامُهُ، وما ينقُضُ عليهِ حُجَّتَهُ. وكانَ مجاهدٌ يقولُ: ليسَ ميزانٌ، إنَّما هو مَثَلٌ ضُرِبَ). [جامع البيان: 24 / 594-595]
تفسير قوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (حدَّثنا بذلك أبو كريبٍ قالَ: ثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} يقولُ: فِي عيشةٍ قد رَضِيَها فِي الجنَّةِ.
كما حدَّثنا بشرٌ قالَ: ثنا يزيدُ قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} يعني: فِي الجنةِ). [جامع البيان: 24 / 595]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِه: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} قالَ: هذا هو الفَرَاشُ الذي رَأَيْتُمْ، يَتَهَافَتُ في النارِ.
وفي قَوْلِه: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} قالَ: كالصُّوفِ.
وفي قَوْلِه: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} قالَ: هي الجنَّةُ). [الدر المنثور: 15 / 609] (م)
تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير، في قوله: {وأما من خفت موازينه} قال: يؤتى بالرجل العظيم الطويل الأكول الشروب يوم القيامة فيوضع الميزان فما يزن عند الله جناح بعوضة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 392]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} يقولُ: وأمَّا مَن خفَّ وزنُ حسناتِهِ، فمأوَاهُ ومسكنُهُ الهاويةُ، التي يهوِي فيها على رأسِهِ فِي جهنَّمَ). [جامع البيان: 24 / 595](م)
تفسير قوله تعالى: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله: {فأمه هاوية} قال: مصيره إلى النار). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 392]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر وقال قتادة هي كلمة عربية وكان الرجل إذا وقع في أمر شديد قالوا هوت به أمه). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 392]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن أشعث بن عبد الله الأعمى، قال: إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين فيقولون روحوا أخاكم مرتين فإنه كان في غم الدنيا قال ويسألونه ما فعل فلان فيخبرهم فيقول صالح حتى يسألوه فيقولون ما فعل فلان فيقول مات أما جاءكم فيقولون لا ذهب به إلى أمه الهاوية). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 392]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} يقولُ: وأمَّا مَن خفَّ وزنُ حسناتِهِ، فمأوَاهُ ومسكنُهُ الهاويةُ، التي يهوِي فيها على رأسِهِ فِي جهنَّمَ.
وبنحْوِ الذي قُلْنا فِي ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثنا بشرٌ قالَ: ثنا يزيدُ قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} وهي النارُ، هي مأواهم.
- حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} قالَ: مصيرُهُ إلى النارِ هي الهاويةُ.
قالَ قتادةُ: هي كلمةٌ عربيَّةٌ، كانَ الرجلُ إذا وقعَ فِي أمْرٍ شديدٍ قالَ: هَوَتْ أمُّهُ.
- حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن الأشعثِ بنِ عبدِ اللَّهِ الأعمى قالَ: إذا ماتَ المؤمنُ ذُهِبَ بروحِهِ إلى أرواحِ المؤمنينَ، فيقولونَ: روِّحوا أخاكُم، فإنَّه كانَ فِي غمِّ الدنيا؛ قالَ: ويسألونَهُ: ما فعَلَ فلانٌ؟ فيقولُ: ماتَ، أو ما جاءَكم؟ فيقولونَ: ذهبُوا به إلى أمِّهِ الهاويةِ.
- حدَّثني إسماعيلُ بنُ سيفٍ العجليُّ قالَ: ثنا عليُّ بنُ مُسْهِرٍ قالَ: ثنا إسماعيلُ، عن أبي صالحٍ، فِي قولِهِ: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} قالَ: يَهْوُونَ فِي النارِ على رءوسِهِم.
- حدَّثنا ابنُ سيفٍ قالَ: ثنا محمَّدُ بنُ سوَّارٍ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} قالَ: يهوي فِي النارِ على رأسِهِ.
- حدَّثني يونسُ قالَ: أخبرنا ابنُ وهبٍ قالَ: قالَ ابنُ زيدٍ، فِي قولِهِ: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} قالَ: الهاويةُ: النارُ هي أمُّهُ ومأواهُ التي يرجعُ إليها، ويأوِي إليها، وقرأَ: {وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ}.
- حدَّثني محمَّدُ بنُ سعدٍ قالَ: ثني أبي قالَ: ثني عمِّي قالَ: ثني أبي، عن أبيهِ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} وهو مثلُها، وإنَّما جعلَ النارَ أمَّهُ؛ لأنَّها صارتْ مأواهُ، كما تُؤوي المرأةُ ابنَها، فجعلَها إذْ لم يكنْ لهُ مأوًى غيرُها بمنزلةِ أمٍّ لهُ). [جامع البيان: 24 / 595-596]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: نا المبارك بن فضالة، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إذا مات العبد تلقى روحه أرواح المؤمنين فيقولون له ما فعل فلان فإذا قال مات قبلي قالوا ذهب به إلى أمه الهاوية وبئست الأم وبئست المربية»). [تفسير مجاهد: 2/ 778]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن الحسن القاضي بهمدان، ثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إذا مات العبد المؤمن تلقى روحه أرواح المؤمنين فيقولوا له: ما فعل فلانٌ؟ فإذا قال: مات، قالوا: ذهب به إلى أمّه الهاوية، فبئست الأمّ وبئست المربيّة». «هذا حديثٌ مرسلٌ صحيح الإسناد، فإنّي لم أجد لهذه السّورة تفسيرًا على شرط الكتاب فأخرجته إذ لم أستجز إخلاءه من حديثٍ»). [المستدرك: 2 / 581]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِه: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} قالَ: هذا هو الفَرَاشُ الذي رَأَيْتُمْ، يَتَهَافَتُ في النارِ.
وفي قَوْلِه: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} قالَ: كالصُّوفِ.
وفي قَوْلِه: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} قالَ: هي الجنَّةُ.
{وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} قالَ: هي النارُ مَأْوَاهُم وأُمُّهم ومَصِيرُهم ومَوْلاَهُم). [الدر المنثور: 15 / 609]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِه: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} قالَ: مَصِيرُهُ إلى النارِ، وهي الهاوِيَةُ). [الدر المنثور: 15 / 609]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ عن ابنِ عبَّاسٍ: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} كقولِك: هَوَتْ أُمُّه). [الدر المنثور: 15 / 609]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ، قالَ: هي كلمةٌ عربيةٌ، إذا وَقَعَ رجلٌ في أمرٍ شديدٍ قالوا: هَوَتْ أُمُّه). [الدر المنثور: 15 / 610]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حاتمٍ عن أبي خالِدٍ الوَالِبِيِّ: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} قالَ: أُمُّ رأسِه). [الدر المنثور: 15 / 610]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حاتمٍ عن عكرمةَ، قالَ: أمُّ رأسِه هاوِيَةٌ في جهنَّمَ). [الدر المنثور: 15 / 610]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن أبي صالحٍ، قالَ: يَهْوُونَ في النارِ على رُؤُوسِهم). [الدر المنثور: 15 / 610]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ زيدٍ، قالَ: الهاويةُ: النارُ، هي أُمُّه ومأواه التي يَرْجِعُ إليها ويَأْوِي إليها). [الدر المنثور: 15 / 610]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرزَّاقِ وابنُ جَرِيرٍ، عن الأَشْعَثِ بنِ عبدِ اللهِ الأَعمى، قالَ: إذا مات المؤمِنُ ذُهِبَ برُوحِه إلى أَرْوَاحِِ المؤمنينَ، فتقولُ: رَوِّحُوا أخاكم؛ فإنه كانَ في غَمِّ الدنيا، ويسألونه ما فَعَلَ فلانٌ؟ ما فَعَلَتْ فُلانةُُ؟ فيُخْبِرُهم فيقولُ: صالحٌ. حتى يسأَلُوه: ما فعَلَ فلانٌ، فيقولُ: ماتَ، أمَا جاءَكُم؟ فيقولونَ: لا، ذُهِبَ به إلى أُمِّه الهاويةِ). [الدر المنثور: 15 / 610]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الحاكِمُ، عن الحَسَنِ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ تَلْقَى رُوحَهُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَقُولُونَ لَهُ: مَا فَعَلَ فُلانٌ؟ فَإِذَا قَالَ: مَاتَ. قَالُوا: ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ، فَبِئْسَتِ الأُمُّ وَبِئْسَتِ الْمُرَبِّيَةُ» ). [الدر المنثور: 15 / 611]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن أَنَسِ بنِ مالِكٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ تَلَقَّتْهُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ يَسْأَلُونَهُ مَا فَعَلَ فُلاَنٌ؟ مَا فَعَلَتْ فُلاَنَةُ؟ فَإِنْ كَانَ مَاتَ وَلَمْ يَأْتِهِمْ قَالُوا: خُولِفَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ، فَبِئْسَتِ الأُمُّ وَبِئْسَتِ الْمُرَبِّيَةُ. حَتَّى يَقُولُونَ: مَا فَعَلَ فُلانٌ؟ هَلْ تَزَوَّجَ؟ مَا فَعَلَتْ فُلاَنَةُ؟ هَلْ تَزَوَّجَتْ؟ فَيَقُولُونَ: دَعُوهُ فَيَسْتَرِيحَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ كَرْبٍ عَظيمٍ» ). [الدر المنثور: 15 / 611]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي أَيُّوبَ الأنصاريِّ، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «إِنَّ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ إِذَا قُبِضَتْ تَلَقَّاهَا أَهْلُ الرَّحْمَةِ مِنْ عِبَادِ اللهِ كَمَا يَلْقَوْنَ الْبَشِيرَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُونَ: أنْظِرُوا صَاحِبَكُمْ يَسْتَرِيحُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ فِي كَرْبٍ شَدِيدٍ. ثُمَّ يَسْأَلُونَهُ: مَا فَعَلَ فُلاَنٌ وَفُلاَنَةُ؟ هَلْ تَزَوَّجَتْ؟ فَإِذَا سَأَلُوهُ عَنِ الرَّجُلِ قَدْ مَاتَ قَبْلَهُ فَيَقُولُ: هَيْهَاتَ قَدْ مَاتَ ذَاكَ قَبْلِي. فَيَقُولُونَ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ، فَبِئْسَتِ الأُمُّ وَبِئْسَتِ الْمُرَبِّيَةُ» ). [الدر المنثور: 15 / 611]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُبَارَكِ، عن أبي أيوبَ الأنصاريِّ، قالَ: إذا قُبِضَتْ نفسُ العبدِ تَلَقَّاها أهلُ الرحمةِ مِن عبادِ اللهِ كما يَلْقَوْنَ البشيرَ في الدنيا، فيُقْبِلُون عليه لِيَسْأَلُوه فيقولُ بعضُهم لبعضٍ: أنْظِرُوا أخاكم حتى يَسْتَرِيحَ؛ فإنه كانَ في كَرْبٍ.
فيُقْبِلُونَ عليه يَسْأَلُونه: ما فَعَلَ فلانٌ؟ ما فَعَلَتْ فلانةُ؟ هَلْ تَزَوَّجَتْ؟ فَإِذَا سَأَلُوه عن الرجلِ ماتَ قبلَه قالَ لهم: إنه قد هَلَكَ. فيقولون: إنَّا للهِ وإنا إليه راجِعُون، ذُهِبَ به إلى أُمِّه الهاوِيَةِ، فبِئْسَتِ الأمُّ وبِئْسَتِ المُرَبِّيَةُ.
فيَعْرِضُ عليهم أعمالَهم، فإِذَا رَأَوْا حُسْناً فَرِحُوا واسْتَبْشَرُوا وقالوا: هذه نِعْمَتُكَ على عبدِك فأَتِمَّها، وإنْ رَأَوْا سُوءاً قالوا: اللَّهُمَّ رَاجِعْ عَبْدَكَ. قالَ ابنُ المُبَارَكِ: ورَوَاه سَلاَّمٌ الطويلُ عن ثورٍ فرَفَعَه). [الدر المنثور: 15 / 612]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المباركِ عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، أنه قِيلَ له: هل يأتي الأمواتَ أخبارُ الأحياءِ؟ قالَ: نعمْ، ما مِن أحدٍ له حميمٌ إلا يأتيه أخبارُ أقارِبِه، فإن كانَ خيراً سُرَّ به وفَرِحَ به، وإن كانَ شرًّا ابْتَأَسَ لذلك وحَزِنَ، حتى إنهم ليَسْأَلُون عن الرجلِ قد ماتَ فيُقالُ: ألم يَأْتِكم؟ فيقولونَ: لقد خُولِفَ به إلى أمِّه الهاويةِ). [الدر المنثور: 15 / 612]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ}؟ يقولُ جلَّ ثناؤُه لنبيِّهِ محمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وما أشْعَرَكَ يا محمَّدُ: ما الهاويةُ). [جامع البيان: 24 / 597]
تفسير قوله تعالى: {نَارٌ حَامِيَةٌ (11) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ثمَّ بَيَّنَ ما هي، فقالَ: (هِيَ نَارٌ حَامِيةٌ) يعني بالحاميةِ: التي قد حَمِيتْ من الوقودِ عليها).
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أبو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ، عن وَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قالَ: مَرَّ عيسى عليه السلامُ بقريةٍ قد ماتَ أهلُها؛ إنسُها وجِنُّها، وهوامُّها وأنعامُها وطيورُها، فقامَ يَنْظُرُ إليها ساعةً.
ثم أقْبَلَ على أصحابِه فقالَ: ماتَ هؤلاء بعذابِ اللهِ، ولو ماتُوا بغيرِ ذلك ماتُوا مُتَفَرِّقِينَ. ثم ناداهُمْ: يا أهلَ القريةِ. فأجابَه مُجيبٌ: لَبَّيْكَ يا رُوحَ اللهِ.
قالَ: ما كانَ جِنَايَتَكُمْ؟ قالوا: عِبَادَةُ الطاغوتِ وحبُّ الدنيا.
قالَ: وما كانَتْ عِبَادَتُكُمُ الطاغوتَ؟ قالَ: الطاعةُ لأهلِ معاصي اللهِ تعالى.
قالَ: فما كانَ حُبُّكُم الدنيا؟ قالوا: كحُبِّ الصبيِّ لأمِّه، كنَّا إذا أَقْبَلَتْ فَرِحْنا، وإذا أدْبَرَتْ حَزِنَّا معَ أملٍ بعيدٍ وإدبارٍ عن طاعةِ اللهِ وإقبالٍ في سَخَطِ اللهِ.
قالَ: وكيفَ كانَ شَأْنُكم؟ قالوا: بِتْنَا ليلةً في عافيةٍ وأصبحنا في الهاوِيَةِ. فقالَ عيسى: وما الهاويةُ؟ قالَ: سِجِّينٌ.
قالَ: وما سِجِّينٌ؟ قالَ: جَمْرَةٌ مِن نارٍ مثلُ أطباقِ الدنيا كلِّها، دُفِنَتْ أرواحُنا فيها.
قالَ: فما بالُ أصحابِك لا يَتَكَلَّمُون؟ قالَ: لا يَسْتَطِيعون أن يَتَكَلَّمُوا؛ مُلْجَمُونَ بِلِجَامٍ مِن نارٍ.
قالَ: فكيفَ كَلَّمْتَنِي أنتَ مِن بَيْنِهم؟ قالَ: إني كنتُ فيهم ولم أكُنْ على حالِهم، فلمَّا جاءَ البلاءُ عَمَّنِي معَهم، فأنا مُعَلَّقٌ بشَعْرةٍ في الهاويةِ، لا أدري أُكَرْدَسُ في النارِ أم أَنْجُو. فقالَ عيسى: بحقٍّ أقولُ لَكُمْ: لأَكْلُ خُبْزِ الشَّعِيرِ وشُرْبُ ماءِ القَرَاحِ والنومُ على المَزَابِلِ معَ الكِلابِ كثيرٌ معَ عافِيَةِ الدنيا والآخِرَةِ). [الدر المنثور: 15 / 612-613]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أبو يَعْلَى، قالَ: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا فَقَدَ الرجلَ من إخوانِه ثلاثةَ أيامٍ سأَلَ عنه، فإن كانَ غائِباً دَعا له، وإنْ كانَ شاهِداً زَارَه، وإنْ كانَ مَريضاً عادَه، فَفَقَدَ رجلاً مِن الأنصارِ في اليومِ الثالِثِ فسَأَلَ عنه فقالوا: تَرَكْنَاه مثلَ الفَرْخِ لا يَدْخُلُ في رأسِه شيءٌ إلا خَرَجَ مِن دُبُرِه. قالَ: «عُودُوا أَخَاكُمْ».
فخَرَجْنا معَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعُودُه، فلمَّا دَخَلْنَا عليه قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ تَجِدُكَ؟» قالَ: لا يَدْخُلُ في رأسي شيءٌ إلاَّ خَرَجَ مِن دُبُري.
قالَ: «وَمِمَّ ذَاكَ؟» قالَ: يا رسولَ اللهِ، مَرَرْتُ بِكَ وأنتَ تُصَلِّي المغربَ فصَلَّيْتُ معَكَ، وأنتَ تَقْرَأُ هذه السورةَ: {الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ} إلى آخِرِها، {نَارٌ حَامِيَةٌ} فقلتُ: اللهمَّ ما كانَ من ذنْبٍ أنتَ مُعَذِّبِي عليه في الآخرةِ فعَجِّلْ لي عقوبَتَه في الدنيا، فنَزَل بي ما تَرَى.
قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِئْسَ مَا قُلْتَ، أَلاَ سَأَلْتَ اللهَ أَنْ يُؤْتِيَكَ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَيَقِيَكَ عَذَابَ النَّارِ». فأَمَرَه النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدَعا بذلك ودعا له النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَامَ كَأَنَّما نَشِطَ مِن عِقَالٍ). [الدر المنثور: 15 / 614]