العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنعام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1434هـ/26-02-2013م, 12:39 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأنعام [ من الآية (27) إلى الآية (30) ]

{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 ربيع الثاني 1434هـ/2-03-2013م, 11:56 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف


تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولو ترى} يا محمّد هؤلاء العادلين بربّهم الأصنام والأوثان الجاحدين نبوّتك الّذين وصفت لك صفتهم، {إذ وقفوا} يقول: إذ حبسوا، {على النّار} يعني: في النّار، فوضعت (على) موضع (في) كما قال: {واتّبعوا ما تتلوا الشّياطين على ملك سليمان} بمعنى في ملك سليمان.
وقيل: {ولو ترى إذ وقفوا} ومعناه: إذا وقفوا، لما وصفنا قبل فيما مضى أنّ العرب قد تضع (إذ) مكان (إذا)، و(إذا) مكان (إذ)، وإن كان حظّ (إذ) أن تصاحب من الأخبار ما قد وجد فقضي، وحظّ (إذا) أن تصاحب من الأخبار ما لم يوجد، ولكنّ ذلك كما قال الرّاجز وهو أبو النّجم:
مدّ لنا في عمره ربّ طها ....... ثمّ جزاه اللّه عنّا إذ جزى
جنّات عدنٍ في العلاليّ العلا
فقال: (ثمّ جزاه اللّه عنّا إذ جزى)، فوضع (إذ) مكان (إذا).
وقيل: {وقفوا} ولم يقل: (أوقفوا)، لأنّ ذلك هو الفصيح من كلام العرب، يقال: وقفت الدّابّة وغيرها بغير ألفٍ إذا حبستها، وكذلك وقفت الأرض إذا جعلتها صدقةً حبيسًا، بغير ألفٍ.
- وقد حدّثني الحارث، عن أبي عبيدٍ، قال: أخبرني اليزيديّ، والأصمعيّ، كلاهما عن أبي عمرٍو، قال: ما سمعت أحدًا من العرب يقول: (أوقفت الشّيء) بالألف قال: إلاّ أنّي لو رأيت رجلاً بمكانٍ، فقلت: ما أوقفك ها هنا؟ بالألف، لرأيته حسنًا.
{فقالوا يا ليتنا نردّ} يقول: فقال هؤلاء المشركون بربّهم إذ حبسوا في النّار: يا ليتنا نردّ إلى الدّنيا حتّى نتوب ونراجع طاعة اللّه، {ولا نكذّب بآيات ربّنا} يقول: ولا نكذّب بحجج ربّنا ولا نجحدها، {ونكون من المؤمنين} يقول: ونكون من المصدّقين باللّه وحججه ورسله، متّبعي أمره ونهيه.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الحجاز والمدينة والعراقيّين: (يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين) بمعنى: يا ليتنا نردّ، ولسنا نكذّب بآيات ربّنا ولكن نكون من المؤمنين.
وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفة: {يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين} بمعنى: يا ليتنا نردّ، وأن لا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين وتأوّلوا في ذلك شيئًا.
- حدّثنيه أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا القاسم بن سلاّمٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون، قال: في حرف ابن مسعودٍ: يا ليتنا نردّ فلا نكذّب بالفاء.
وذكر عن بعض قرّاء أهل الشّام أنّه قرأ ذلك: ({يا ليتنا نردّ ولا نكذّب}) بالرّفع {ونكون} بالنّصب. كأنّه وجّه تأويله إلى أنّهم تمنّوا الرّدّ وأن يكونوا من المؤمنين، وأخبروا أنّهم لا يكذّبون بآيات ربّهم إن ردّوا إلى الدّنيا.
واختلف أهل العربيّة في معنى ذلك منصوبًا ومرفوعًا، فقال بعض نحويّي البصرة: {ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين} نصب لأنّه جوابٌ للتّمنّي، وما بعد الواو كما بعد الفاء. قال: وإن شئت رفعت وجعلته على غير التّمنّي، كأنّهم قالوا: ولا نكذّب واللّه بآيات ربّنا، ونكون واللّه من المؤمنين، هذا إذا كان على ذا الوجه كان منقطعًا من الأوّل. قال: والرّفع وجه الكلام، لأنّه إذا نصب جعلها واو عطفٍ، فإذا جعلها واو عطفٍ فكأنّهم قد تمنّوا أن لا يكذّبوا وأن يكونوا من المؤمنين. قال: وهذا واللّه أعلم لا يكون، لأنّهم لم يتمنّوا هذا، إنّما تمنّوا الرّدّ، وأخبروا أنّهم لا يكذّبون ويكونون من المؤمنين.
وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: لو نصب (نكذّب) و(نكون) على الجواب بالواو لكان صوابًا، قال: والعرب تجيب بالواو (وثمّ)، كما تجيب بالفاء، يقولون: ليت لي مالاً فأعطيك، ولّيت لي مالاً وأعطيك وثمّ أعطيك. قال: وقد تكون نصبًا على الصّرف، كقولك: لا يسعني شيءٌ ويعجز عنك.
وقال آخر منهم: لا أحبّ النّصب في هذا، لأنّه ليس بتمنٍّ منهم، إنّما هو خبرٌ أخبروا به عن أنفسهم، ألا ترى أنّ اللّه تعالى قد كذّبهم فقال: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه} وإنّما يكون التّكذيب للخبر لا للتّمنّي.
وكان بعضهم ينكر أن يكون الجواب بالواو، وبحرفٍ غير الفاء، وكان يقول: إنّما الواو موضع حالٍ، لا يسعني شيءٌ ويضيّق عنك: أي وهو يضيّق عنك. قال: وكذلك الصّرف في جميع العربيّة. قال: وأمّا الفاء فجواب جزاءٍ، ما قمت فآتيك: أي لو قمت لأتيناك. قال: فهذا حكم الصّرف والفاء. قال: وأمّا قوله: {ولا نكذّب} {ونكون} فإنّما جاز، لأنّهم قالوا: يا ليتنا نردّ في غير الحال الّتي وقفنا فيها على النّار، فكان وقفهم في تلك، فتمنّوا أن لا يكونوا وقفوا في تلك الحال.
وكأنّ معنى صاحب هذه المقالة في قوله هذا: ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا: قد وقفنا عليها مكذّبين بآيات ربّنا كفّارًا، فيا ليتنا نردّ إليها فنوقف عليها غير مكذّبين بآيات ربّنا ولا كفّارًا.
وهذا تأويلٌ يدفعه ظاهر التّنزيل، وذلك قول اللّه تعالى: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون}، فأخبر اللّه تعالى أنّهم في قيلهم ذلك كذبةٌ، والتّكذيب لا يقع في التّمنّي، ولكنّ صاحب هذه المقالة أظنّ به أنّه لم يتدبّر التّأويل ولزم سنن العربيّة.
والقراءة الّتي لا أختار غيرها في ذلك: {يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين} بالرّفع في كليهما، بمعنى: يا ليتنا نردّ، ولسنا نكذّب بآيات ربّنا إن رددنا، ولكنّا نكون من المؤمنين، على وجه الخبر منهم عمّا يفعلون إن هم ردّوا إلى الدّنيا، لا على التّمنّي منهم أن لا يكذّبوا بآيات ربّهم ويكونوا من المؤمنين لأنّ اللّه تعالى ذكره قد أخبر عنهم أنّهم لو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه، وأنّهم كذبةٌ في قيلهم ذلك. ولو كان قيلهم ذلك على وجه التّمنّي لاستحال تكذيبهم فيه، لأنّ التّمنّي لا يكذّب، وإنّما يكون التّصديق والتّكذيب في الأخبار.
وأمّا النّصب في ذلك، فإنّي أظنّ بقارئه أنّه برجاء تأويل قراءة عبد اللّه الّتي ذكرناها عنه، وذلك قراءته ذلك: يا ليتنا نردّ فلا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين على وجه جواب التّمنّي بالفاء. وهو إذا قرئ بالفاء كذلك لا شكّ في صحّة إعرابه، ومعناه في ذلك أنّ تأويله إذا قرئ كذلك: لو أنّا رددنا إلى الدّنيا ما كذّبنا بآيات ربّنا، ولكنّا من المؤمنين.
فإن يكن الّذي حكى من حكى عن العرب من السّماع منهم الجواب بالواو و(ثمّ) كهيئة الجواب بالفاء صحيحًا، فلا شكّ في صحّة قراءة من قرأ ذلك: {يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون} نصبًا على جواب التّمنّي بالواو، على تأويل قراءة عبد اللّه ذلك بالفاء، وإلاّ فإنّ القراءة بذلك بعيدة المعنى من تأويل التّنزيل. ولست أعلم سماع ذلك من العرب صحيحًا، بل المعروف من كلامها الجواب بالفاء والصّرف بالواو). [جامع البيان: 9/ 206-211]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين (27)}
قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نرد ... الآية}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ،، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولو ردّوا إلى الدّنيا لحيل بينهم وبين الهدى، كما حلنا بينهم وبينه أوّل مرّةٍ وهم في الدّنيا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه يعني ابن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، حدّثني مرّة الهمدانيّ،، عن ابن مسعودٍ أنّه حدثهم قال: يردون النار ويصدون منها بأعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1278]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( أخرج أبو عبيد، وابن جرير عن هرون قال: في حرف ابن مسعود {يا ليتنا نرد ولا نكذب} بالفاء).[الدر المنثور: 6/ 36-37]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن قتادة، في قوله تعالى: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل}، قال: من أعمالهم
قال وقال في قوله تعالى: {ساء ما يزرون} قال: ساء ما يعملون). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 207]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون}.
يقول تعالى ذكره: ما قصد هؤلاء العادلين بربّهم الجاحدين نبوّتك يا محمّد في قيلهم إذ وقفوا على النّار: يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين، الأسى والنّدم على ترك الإيمان باللّه والتّصديق بك لكن بهم الإشفاق ممّا هو نازلٌ بهم من عقاب اللّه وأليم عذابه على معاصيهم الّتي كانوا يخفونها عن أعين النّاس ويسترونها منهم، فأبداها اللّه منهم يوم القيامة وأظهرها على رءوس الأشهاد، ففضحهم بها ثمّ جازاهم بها جزاءهم.
يقول: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون} من أعمالهم السّيّئة الّتي كانوا يخفونها، {من قبل} ذلك في الدّنيا، فظهرت. {ولو ردّوا} يقول: ولو ردّوا إلى الدّنيا فأمهلوا {لعادوا لما نهوا عنه} يقول: لرجعوا إلى مثل العمل الّذي كانوا يعملونه في الدّنيا قبل ذلك من جحود آيات اللّه والكفر به والعمل بما يسخط عليهم ربّهم. {وإنّهم لكاذبون} في قيلهم: لو رددنا لم نكذّب بآيات ربّنا وكنّا من المؤمنين، لأنّهم قالوه حين قالوه خشية العذاب لا إيمانًا باللّه.
وبالّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} يقول: بدت لهم أعمالهم في الآخرة الّتي أخفوها في الدّنيا.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} قال: من أعمالهم.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه} يقول: ولو وصل اللّه لهم دنيا كدنياهم، لعادوا إلى أعمالهم أعمال السّوء).[جامع البيان: 9/ 211-212]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون (28)}
قوله: {بل بدا لهم}
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنا عبد الرّزّاق، أنا معمرٌ،، عن قتادة في قوله: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل}، قال: من أعمالهم.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: {بل بدا لهم} يقول: بدت لهم أعمالهم في الآخرة.
قوله: {ما كانوا يخفون من قبل}.
- وبه، عن السّدّيّ قوله: ما كانوا يخفون من قبل يقول: بدت أعمالهم في الآخرة الّتي أخفوها في الدّنيا.
قوله: {ولو}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قال: كلّ شيءٍ في القرآن ولو فإنّه لا يكون أبداً.
قوله تعالى: {ولو ردّوا}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قال: فأخبر اللّه سبحانه أنّهم لو ردّوا لم يقدروا على الهدى، وقال: ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس أنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه يقول: ولو وصل اللّه لهم دنيا كدنياهم.
قوله:{ لعادوا لما نهوا عنه}.
- وبه، عن قتادة قوله: لعادوا لما نهوا عنه، لعادوا إلى أعمالهم، أعمال السّوء).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 1279]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} قال: من أعمالهم {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} يقول: ولو وصل الله لهم دنيا كدنياهم التي كانوا فيها لعادوا إلى أعمالهم أعمال السوء التي كانوا نهوا عنها.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} يقول: بدت لهم أعمالهم في الآخرة التي افتروا في الدنيا.
- وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال: فأخبر الله سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى فقال {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} أي ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} قال: وقالوا حين يردون {إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين}).[الدر المنثور: 6/ 37-38]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين}.
وهذا خبرٌ من اللّه تعالى ذكره عن هؤلاء المشركين العادلين به الأوثان والأصنام الّذين ابتدأ هذه السّورة بالخبر عنهم.
يقول تعالى ذكره: {وقالوا إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا} يخبر عنهم أنّهم ينكرون أنّ اللّه يحيي خلقه بعد أن يميتهم، ويقولون: لا حياة بعد الممات، ولا بعث ولا نشور بعد الفناء. فهم بجحودهم ذلك وإنكارهم ثواب اللّه وعقابه في الدّار الآخرة، لا يبالون ما أتوا وما ركبوا من إثمٍ ومعصيةٍ لأنّهم لا يرجون ثوابًا على إيمانٍ باللّه وتصديقٍ برسوله وعملٍ صالحٍ بعد موتٍ، ولا يخافون عقابًا على كفرهم باللّه ورسوله وسيّئٍ من عملٍ يعملونه.
وكان ابن زيدٍ يقول: هذا خبرٌ من اللّه تعالى عن هؤلاء الكفرة الّذين وقفوا على النّار، أنّهم لو ردّوا إلى الدّنيا لقالوا: {إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين}.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه} وقالوا حين يردّون: {إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين}).[جامع البيان: 9/ 212-213]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وقالوا إن هي إلّا حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين (29)}
قوله: {وقالوا إن هي إلا حياتنا الدّنيا}
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه} قال: وقالوا- حين يردّون-: إن هي إلّا حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1279-1280]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} قال: وقالوا حين يردون {إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين}). [الدر المنثور: 6/ 37-38] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على ربّهم قال أليس هذا بالحقّ قالوا بلى وربّنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}.
يقول تعالى ذكره: {لو ترى} يا محمّد هؤلاء القائلين: ما هي إلاّ حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين {إذ وقفوا} يوم القيامة: أي حبسوا، {على ربّهم} يعني: على حكم اللّه وقضائه فيهم. {قال أليس هذا بالحقّ} يقول: فقيل لهم: أليس هذا البعث والنّشر بعد الممات الّذي كنتم تنكرونه في الدّنيا حقًّا؟ فأجابوا فـ {قالوا بلى} واللّه إنّه لحقٌّ. {قال فذوقوا العذاب} يقول: فقال اللّه تعالى ذكره لهم: فذوقوا العذاب الّذي كنتم به في الدّنيا تكذّبون، {بما كنتم تكفرون} يقول: بتكذيبكم به وجحودكموه الّذي كان منكم في الدّنيا).[جامع البيان: 9/ 213-214]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ولو ترى إذ وقفوا على ربّهم قال أليس هذا بالحقّ قالوا بلى وربّنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (30)}
قوله: {ولو ترى إذ وقفوا على ربّهم ... الآية}
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محلّمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن، عن قوله: تكفرون قال: تجحدون).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 1280]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 10:53 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)}


تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)}

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين}
وقال: {ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين} نصب لأنه جواب للتمني وما بعد الواو كما بعد الفاء، وإن شئت رفعت وجعلته على مثل اليمين، كأنهم قالوا "ولا نكذّب والله بآيات ربّنا ونكون والله من المؤمنين".
هذا إذا كان ذا الوجه منقطعاً من الأول. والرفع وجه الكلام وبه نقرأ الآية [و] إذا نصب جعلها واو عطف، فكأنهم قد تمنوا ألا يكذبوا وأن يكونوا. وهذا - والله أعلم - لا يكون، لأنهم لم يتمنوا الإيمان إنما تمنوا الرد وأخبروا أنهم لا يكذبون ويكونون من المؤمنين). [معاني القرآن:1/ 237]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أهل المدينة وأبو عمرو {يا ليتنا نرد ولا نكذب ... ونكون من المؤمنين}؛ كأنه قال ونحن لا نكذب.
ابن أبي إسحاق {ولا نكذب ... ونكون} وقد فسرناه مع جواب الفاء). [معاني القرآن لقطرب: 511]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {ولو ترى إذ وقفوا} {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت} فقال: "إذ" لما لم يقع، وإنما "إذ" لما وقع؛ فصيرت لما لم يقع؛ ويكون إذا في اللغة لما قد وقع؛ قال ذلك بعض العرب لما لم يقع؛ والأكثر أن تكون "إذا" لما لم يقع، و"إذ" لما وقع.
والمذهب الآخر موجود في القرآن والشعر؛ فمن ذلك أيضًا في القرآن: {ولو ترى إذ فزعوا} و{إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم} {ولو ترى إذ وقفوا} {يومئذ تحدث أخبارها}.
وقال بعض أهل اليمن وهو برج بن مسهر الطائي:
وندمان يزيد الكأس طيبا = سقيت إذا تغورت النجوم
فقال "إذا" والمعنى "إذ".
وقال أبو النجم:
مد لنا في عمره رب طها
ثم جزاه الله عنا إذ جزى
جنات عدن في العلالي العلى
فقال "جزاه إذ" لما لم يقع، كالآي التي ذكرنا.
[معاني القرآن لقطرب: 538]
وقال الأسود:
أفالآن إذ هازلتهن فإنما = يقلن ألا لم يذهب المرء مذهبا
فقال "إذ".
وقال أوس بن حجر فجاء بهما جميعًا في معنى:
الحافظ الناس في الزمان إذا = لم يرسلوا تحت عائذ ربعا
وهبت الشمأل الرياح وإذ = بات كميع الفتاة ملتفعا
فقال: إذا وإذ جميعًا.
وقال أيضًا:
أبا دليجة من يكفي العشيرة إذ = أمسوا من الأمر في رؤد وبلبال
أم من يكون خطيب القوم إذ = حفلوا لدى الملوك ذوي أيد وأقوال
وقال عنترة:
وقد علمت إذا هبت شآمية = تزجي جهامًا قبيل الصبح صلالا
أنا نعف ونقري الشحم نازلنا = إذ لم نجد في بيوت القوم أنفالا
فقال: إذ وإذا في شيء واحد). [معاني القرآن لقطرب: 539]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين}
القراءة - أكثر ها بالفتح والتفخيم، والإمالة حسنة جيدة، وهي مذهب أبي عمرو، أعني كسر الألف من " النّار "،
وإنما حسنت الإمالة في قوله {كمثل الحمار يحمل أسفارا}، وأصحاب النّار، لأن الراء بعد الألف مكسورة، وهي حرف كأنّه مكرر في اللسان، فصارت الكسرة فيه كالكسرتين.
ومعنى {وقفوا على النّار} يحتمل ثلاثة أوجه :
- جائز أن: يكونوا عاينوها.
- وجائز أن يكونوا عليها وهي تحتهم، والأجود أن يكون معنى {وقفوا على النار} أدخلوها فعرفوا مقدار عذابها، كما تقول في الكلام: قد وقفت على ما عند فلان، تريد قد فهمته وتبينته.
{فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين}:
أكثر القراء بالرفع في قوله: {ولا نكذّب بآيات ربّنا}، ويكون المعنى: أنّهم تمنوا الرد، وضمنوا أنهم لا يكذّبون.
المعنى: يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب، بآيات ربنا رددنا أم لم نرد.
{ونكون من المؤمنين}: أي قد عاينا وشاهدنا ما لا نكذب معه أبدا.
- قال سيبويه: مثله دعني ولا أعود، أي وأنا لا أعود تركتني أو لم تتركني.
ويجوز الرفع على وجه آخر، على معنى يا ليتنا نرد، ويا ليتنا لا نكذّب بآيات ربّنا، كأنّهم تمنّوا الرد والتوفيق للتصديق، ونكون من المؤمنين الرفع والنصب أيضا فيه جائزان، فأمّا النصب فعلى يا ليتنا نرد وتكون يا ليتنا نرد ولا نكذب على الجواب بالواو في التمني كما تقول ليتك تصير إلينا ونكرمك، المعنى ليت مصيرك يقع، وإكرامنا، ويكون المعنى: ليت ردّنا وقع وأن لا نكذّب.
أي إن رددنا لم نكذب). [معاني القرآن: 2/ 239-240]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولو ترى إذ وقفوا على النار} في معناه ثلاثة أقوال:
1- منها أن معنى وقفوا على النار أدخلوها كما يقال وقفت على ما عند فلان أي عرفت حقيقته.
2- وقيل معناه رأوها.
3- وقيل جازوا عليها وهي من تحتهم). [معاني القرآن: 2/ 412]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال جل وعز:{فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين}
المعنى: ونحن لا نكذب بآيات ربنا رددنا أو لم نرد
قال سيبوبه: ومثله دعني ولا أعود أي ولا أعود تركتني أو لم تتركني ومن قرأ {ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين}،فمعناه: عنده يا ليتنا وقع لنا الرد وأن لا نكذب.
قال أبو إسحاق: وفيه معنى إن رددنا لم نكذب.
وقرأ ابن عامر: {يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين} بالنصب.
وقرأ عبد الله بن مسعود:{ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين}.
وقرأ أبي بن كعب:{ولا نكذب بآيات ربنا أبدا}). [معاني القرآن: 2/ 413-414]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَلَوْ تَرَىَ}: لو تعلم). [العمدة في غريب القرآن: 126]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28)}

قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (العامة {ولو ردوا لعادوا}.
يحيى بن وثاب "ولو ردوا لعادوا" وكذلك قراءة يحيى في الرعد "وصدوا عن السبيل" وعلى "هذه بضاعتنا ردت إلينا"؛ و"ردت" لغة لبني ضبة؛ كأنهم توهموا رددت، ثم ألقوا حركة الدال على الراء لما أدغموا؛ وحكى
[معاني القرآن لقطرب: 511]
لنا بعض أهل العلم: قد ضرب زيد، وقتل عمرو؛ كأنه توهم إلقاء كسرة الراء من ضرب وقتل على الحرف الأول.
وقال ذو الرمة، سمعناه ينشد على هذه القراءة:
دنا البين من مي فردت جمالها = وهاج الهوى تقويضها واحتمالها). [معاني القرآن لقطرب: 512]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون}
أي: بل ظهر للذين اتبعوا الغواة ما كان الغواة يخفون عنهم من أمر البعث والنشور لأن المتصل بهذا قوله عزّ وجلّ: {وقالوا إن هي إلّا حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين}، فأنكروا البعث ليجرّئوا على المعاصي.
{ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه}
قال بعضهم: لو ردوا ولم يعاينوا العذاب لعادوا، كأنّه يذهب إلى أنهم لم يشاهدوا ما يضطرهم إلى الارتداع، وهذا - علّه - بيّن.
لأن هذا القول منهم بعد أن بعثوا وعلموا أمر القيامة وعاينوا النّار،
فالمعنى: أن أكثر من عاين من اليهود والمشركين قد علم أن أمر اللّه حق فركن إلى الرفاهية، وأن الشيء متأخر عنه إلى أمد كما فعل إبليس الذي قد شاهد من براهين الله ما لا غاية بعده، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أنهم لو ردّوا لعادوا لأنهم قد كفروا بعد وجوب الحجة عليهم.
وقال بعض المفسرين: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل فقيل له: ما بال أهل النار عملوا في عمر قصير بعمل أهل النار فخلّدوا في النار وأهل الجنة عملوا في عمر قصير بعمل أهل الجنّة فخلدوا في الجنّة، فقال: «إن الفريقين كان كل واحد منهما على أنه لو عاش أبدا عمل بذلك العمل».) [معاني القرآن: 2/ 240]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقال جل وعز: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل}المعنى: بل ظهر للذين اتبعوا الغواة ما كان الغواة يخفون عنهم من أمر البعث والقيامة لأن بعده وقالوا {إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين}
وقال بعض أهل اللغة: ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه فيه شيء محذوف.
والمعنى: ولو ردوا قبل أن يعاينوا العذاب لأنهم لا يكفرون بعدما عاينوا وهذا القول مردود لأن الله جل ثناؤه أخبر عنهم أنهم يقولون هذا يوم القيامة وقد خبّر جلّ وعز عن إبليس أنه كفر بعدما رأى، وعنهم أنهم كفروا عنادا وإيثارا للرئاسة). [معاني القرآن: 2/ 414-415]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({بل بدا لهم} أي: ظهر لهم، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الأياتِ} أي: ظهر لهم من الرأي أن يسجنوه). [ياقوتة الصراط: 219-220]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)}
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {نَمُوتُ وَنَحْيَا}
قال ثعلب اختلف الناس:
1- فقالت طائفة: هو مقدم ومؤخر، ومعناه: نحيا ونموت ولا نحيا بعد ذلك.
2- وقالت طائفة معناه: نحيا ونموت ولا نحيا أبدا، وتحيا أولادنا بعدنا، فجعلوا حياة أولادهم بعدهم كحياتهم، ثم قالوا: ويموت أولادنا بعدنا، فلا نحيا نحن ولا هم). [ياقوتة الصراط: 220-221]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)}
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({فذوقوا العذاب} قال: الذوق كون بالفم وبغير الفم). [ياقوتة الصراط: 221]

قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {إذ وقفوا} فإنهم يقولون: وقفت الدابة، ووقفت الرجل - بغير ألف - أقفه، هذه الجيدة؛ وقال بعضهم: أوقفت الرجل إيقافًا؛ وقال الله عز وجل {وقفوهم إنهم مسئولون} على وقفت). [معاني القرآن لقطرب: 539]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 10:54 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وتقول لا يسعني شيءٌ ويعجز عنك فانتصاب الفعل هاهنا من الوجه الذي انتصب به في الفاء إلا أن الواو لا يكون موضعها في الكلام موضع الفاء
وتقول ائتني وآتيك إذا أردت ليكن إتيان منك وأن آتيك تعني إتيانٌ منك وإتيانٌ مني وإن أردت الأمر أدخلت اللام كما فعلت ذلك في الفاء حيث قلت ائتني فلأحدثك فتقول ائتني ولآتك.
ومن النصب في هذا الباب قوله عز وجل: {ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} وقد قرأها بعضهم: {ويعلم الصابرين}.
وقال تعالى: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون} إن شئت جعلت وتكتموا على النهي وإن شئت جعلته على الواو.
وقال تعالى: {يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين} فالرفع على وجهين فأحدهما أن يشرك الآخر الأول والآخر على قولك دعني ولا أعود أي فإني ممن لا يعود فإنما يسأل الترك وقد أوجب على نفسه أن لا عودة له البتة ترك أو لم يترك ولم يرد أن يسأل أن يجتمع له الترك وأن لا يعود وأما عبد الله بن أبي إسحاق فكان ينصب هذه الآية). [الكتاب: 3/ 43-44] (م)
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وسألت الخليل عن قوله جل ذكره: {حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} أين جوابها؟ وعن قوله جل وعلا: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب}، {ولو ترى إذ وقفوا على النار} فقال: إن العرب قد تترك في مثل هذا الخبر الجواب في كلامهم لعلم المخبر لأي شيءٍ وضع هذا الكلام). [الكتاب: 3/ 103] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ} قال: من نصب فالواو حرف جواب، ومن رفع أدخله في التمني). [مجالس ثعلب: 582-583]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28)}
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
بز به أحمي المضاف إذا دعا ....... وبدا لهم يوم ذنوب أحمس
(بدا لهم) ظهر لهم). [شرح أشعار الهذليين: 2/ 717]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 12:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 12:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 12:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 12:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: ولو ترى إذ وقفوا على النّار الآية المخاطبة فيه لمحمد -صلى الله عليه وسلم- وجواب لو محذوف، تقديره في آخر هذه الآية لرأيت هولا أو مشقات أو نحو هذا، وحذف جوابها في مثل هذا أبلغ لأن المخاطب يترك مع غاية تخيله، ووقعت إذ في موضع إذا التي هي لما يستقبل وجاز ذلك لأن الأمر المتيقن وقوعه يعبر عنه كما يعبر عن الماضي الوقوع، ووقفوا معناه: حبسوا، ولفظ هذا الفعل متعديا وغير متعد سواء، تقول: وقفت أنا ووقفت غيري، وقال الزهراوي: وقد فرق بينهما بالمصدر ففي المتعدي وقفته وقفا وفي غير المتعدي وقفت وقوفا، قال أبو عمرو بن العلاء: لم أسمع في شيء من كلام العرب أوقفت فلانا إلا أني لو لقيت رجلا واقفا فقلت له ما أوقفك هاهنا لكان عندي حسنا، ويحتمل قوله: وقفوا على النّار أن يكون دخلوها، فكان وقوفهم عليها أي فيها، قاله الطبري، ويحتمل أن يكون أشرفوا عليها وعاينوها، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر: «ولا نكذب» و «نكون» بالرفع في كلها، وذلك على نية الاستئناف والقطع في قوله «ولا نكذب ونكون» أي يا ليتنا نرد ونحن على كل حال لا نكذب ونكون، فأخبروا أنفسهم بهذا ولهذا الإخبار صح تكذيبهم بعد هذا، ورجح هذا سيبويه ومثله بقولك دعني ولا أعود أي وأنا لا أعود على كل حال، ويخرج ذلك على قول آخر وهو أن يكون «ولا نكذب ونكون» داخلا في التمني على حد ما دخلت فيه نرد، كأنهم قالوا: يا ليتنا نرد وليتنا لا نكذب وليتنا نكون، ويعترض هذا التأويل بأن من تمنى شيئا لا يقال إنه كاذب وإنما يكذب من أخبر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وينفصل عن هذا الاعتراض بأن يكون قوله: {وإنّهم لكاذبون}حكاية عن حالهم في الدنيا كلاما مقطوعا مما قبله وبوجه آخر وهو أن المتمني إذا كانت سجيته وطريقته مخالفة لما تمنى بعيدة منه يصح أن يقال له كذبت على تجوز، وذلك أن من تمنى شيئا فتمنيه يتضمن إخبارا أن تلك الأمنية تصلح له ويصلح لها فيقع التكذيب في ذلك الإخبار الذي يتضمنه التمني، ومثال ذلك أن يقول رجل شرير ليتني أحج وأجاهد وأقوم الليل فجائز أن يقال لهذا على تجوز كذبت أي أنت لا تصلح لهذا ولا يصلح لك، وروي عن أبي عمرو: أنه أدغم باء «نكذب في الباء التي بعدها، وقرأ ابن عامر وحمزة وعاصم في رواية حفص «ولا نكذب ونكون» بنصب الفعلين، وذلك كما تنصب الفاء في جواب التمني، فالواو في ذلك والفاء بمنزلة، وهذا تقدير ذكر مصدر الفعل الأول كأنهم قالوا يا ليتنا كان لنا رد وعدم تكذيب وكون من المؤمنين، وقرأ ابن عامر في رواية هشام بن عمار عن أصحابه عن ابن عامر «ولا نكذب» بالرفع «ونكون» بالنصب، ويتوجه ذلك على ما تقدم في مصحف عبد الله بن مسعود «يا ليتنا نرد فلا نكذب بآيات ربنا ونكون» بالفاء، وفي قراءة أبي بن كعب «يا ليتنا نرد فلا نكذب بآيات ربنا أبدا ونكون»، وحكى أبو عمرو أن في قراءة أبي «بآيات ربنا ونحن نكون»، وقوله نردّ في هذه الأقوال كلها معناه: إلى الدنيا، وحكى الطبري تأويلا آخر وهو يا ليتنا نرد إلى الآخرة أي نبعث ونوقف على النار التي وقفنا عليها مكذبين ليت ذلك ونحن في حالة لا نكذب ونكون، فالمعنى يا ليتنا نوقف هذا الوقوف غير مكذبين بآيات ربنا كائنين من المؤمنين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا التأويل يضعف من غير وجه ويبطله قوله تعالى: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه} ولا يصح أيضا التكذيب في هذا التمني لأنه تمني ما قد مضى. وإنما يصح التكذيب الذي ذكرناه قبل هذا على تجوز في تمني المستقبلات). [المحرر الوجيز: 3/ 341-343]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون (28) وقالوا إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين (29) ولو ترى إذ وقفوا على ربّهم قال أليس هذا بالحقّ قالوا بلى وربّنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (30)}
الضمير في لهم عائد على من ذكر في قوله: {وقفوا} وفقالوا وهذا الكلام يتضمن أنهم كانوا يخفون شيئا ما في الدنيا فظهر لهم يوم القيامة أو ظهر لهم وباله وعاقبته، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وحكى الزهراوي عن فرقة أنها قالت: الآية في المنافقين لأنهم كانوا «يخفون» الكفر فبدا لهم وباله يوم القيامة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وتقلق العبارة على هذا التأويل لأنه قال وقفوا يريد جماعة كفار ثم قال بدا لهم يريد المنافقين من أولئك الكفار، والكلام لا يعطي هذا إلا على تحامل، قال الزهراوي: وقيل إن الكفار كانوا إذا وعظهم النبي صلى الله عليه وسلم خافوا وأخفوا ذلك الخوف لئلا يشعر به أتباعهم فظهر لهم ذلك يوم القيامة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويصح أن يكون مقصد الآية الإخبار عن هول ما لقوه والتعظيم لما شقوا به، فعبر عن ذلك بأنهم ظهرت لهم مستوراتهم في الدنيا من معاص وغير ذلك، فكيف الظن على هذا بما كانوا يعلنون من كفر ونحوه، وينظر إلى هذا التأويل قوله تعالى في تعظيم شأن يوم القيامة: {يوم تبلى السّرائر} [الطارق: 9] ويصح أن يقدر الشيء الذي كانوا يخفونه في الدنيا نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- وأقواله، وذلك أنهم كانوا «يخفون» ذلك في الدنيا بأن يحقروه عند من يرد عليهم ويصفوه بغير صفته ويتلقوا الناس على الطرق فيقولون لهم: هو ساحر هو يفرق بين الأقارب، يريدون بذلك إخفاء أمره وإبطاله، فمعنى هذه الآية على هذا، بل بدا لهم يوم القيامة أمرك وصدقك وتحذيرك وإخبارك بعقاب من كفر الذي كانوا يخفونه في الدنيا، ويكون الإخفاء على ما وصفناه، وقال الزجاج المعنى ظهر للذين اتبعوا الغواة ما كان الغواة «يخفون» من البعث.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فالضميران على هذا ليسا لشيء واحد، وحكى المهدوي عن الحسن نحو هذا، وقرأ يحيى بن وثاب والنخعي والأعمش «ولو ردوا» بكسر الراء على نقل حركة الدال من رددوا إليها، وقوله: ولو ردّوا لعادوا إخبار عن أمر لا يكون كيف كان يوجد، وهذا النوع مما استأثر الله بعلمه، فإن أعلم بشيء منه علم وإلا لم يتكلم فيه، وقوله تعالى: وإنّهم لكاذبون إما أن يكون متصلا بالكلام ويكون التكذيب في إخبارهم على معنى أن الأمر في نفسه بخلاف ما قصدوا لأنهم قصدوا الكذب، أو يكون التكذيب في التمني على التجوز الذي ذكرناه، وإما أن يكون منقطعا إخبارا مستأنفا عما هم عليه في وقت مخاطبة النبي عليه السلام، والأول أصوب). [المحرر الوجيز: 3/ 343-344]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وقالوا إن هي إلّا حياتنا ... الآية}، هذا على تأويل الجمهور ابتداء كلام وإخبار عنهم بهذه المقالة، ويحسن مع هذا أن يكون قوله قبل وإنّهم لكاذبون مستأنفا مقطوعا خبرا عن حالهم في الدنيا التي من قولهم فيها إن هي إلّا حياتنا الدّنيا وغير ذلك، وإن نافية، ومعنى الآية التكذيب بالحشر والعودة إلى الله، وقال ابن زيد قوله وقالوا معطوف على قوله لعادوا أي لعادوا لما نهوا عنه من الكفر وقالوا إن هي إلّا حياتنا الدّنيا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وتوقيف الله لهم في الآية بعدها على البعث والإشارة إليه في قوله: أليس هذا بالحقّ يرد على هذا التأويل). [المحرر الوجيز: 3/ 344-345]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا ... الآية}، بمعنى ولو ترى إذ وقفوا كما تقدم آنفا من حذف جواب لو وقوله: على ربّهم معناه على حكمه وأمره، ففي الكلام ولا بد حذف مضاف، وقوله: هذا إشارة إلى البعث الذي كذبوا به في الدنيا، وبلى هي التي تقتضي الإقرار بما استفهم عنه منفيا ولا تقتضي نفيه وجحده ونعم تصلح للإقرار به، كما ورد ذلك في قول الأنصار للنبي عليه السلام حين عاتبهم في الحظيرة عقب غزوة حنين وتصلح أيضا نعم لجحده، فلذلك لا تستعمل وأما قول الزجاج وغيره: إنها إنما تقتضي جحده وأنهم لو قالوا نعم عند قوله: ألست بربّكم لكفروا فقول خطأ والله المستعان، وقولهم: بلى وربك إيمان، ولكنه حين لا ينفع، وقوله: فذوقوا استعارة بليغة، والمعنى باشروه مباشرة الذائق إذ هي من أشد المباشرات). [المحرر الوجيز: 3/ 345-346]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 12:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 12:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين (27) بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون (28) وقالوا إن هي إلا حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين (29) ولو ترى إذ وقفوا على ربّهم قال أليس هذا بالحقّ قالوا بلى وربّنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (30)}
يذكر تعالى حال الكفّار إذا وقفوا يوم القيامة على النّار، وشاهدوا ما فيها من السّلاسل والأغلال، ورأوا بأعينهم تلك الأمور العظام والأهوال، فعند ذلك قالوا: {يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين} يتمنّون أن يردّوا إلى الدّار الدّنيا، ليعملوا عملًا صالحًا، ولا يكذّبوا بآيات ربّهم ويكونوا من المؤمنين). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 248]


تفسير قوله تعالى: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال تعالى: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} أي: بل ظهر لهم حينئذٍ ما كانوا يخفون في أنفسهم من الكفر والتّكذيب والمعاندة، وإن أنكروها، في الدّنيا أو في الآخرة، كما قال قبل هذا بيسيرٍ {ثمّ لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا واللّه ربّنا ما كنّا مشركين انظر كيف كذبوا على أنفسهم}
ويحتمل أنّهم ظهر لهم ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءت به الرّسل في الدّنيا، وإن كانوا يظهرون لأتباعهم خلافه، كما قال تعالى مخبرًا عن موسى أنّه قال لفرعون: {لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا ربّ السّماوات والأرض بصائر ... الآية} [الإسراء: 102]. قال تعالى مخبرًا عن فرعون وقومه: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًّا} [النّمل: 14].
ويحتمل أن يكون المراد بهؤلاء المنافقين الّذين كانوا يظهرون للنّاس الإيمان ويبطنون الكفر، ويكون هذا إخبارًا عمّا يكون يوم القيامة من كلام طائفةٍ من الكفّار، ولا ينافي هذا كون هذه السّورة مكّيّةً، والنّفاق إنّما كان من بعض أهل المدينة ومن حولها من الأعراب، فقد ذكر اللّه وقوع النّفاق في سورةٍ مكّيّةٍ وهي العنكبوت، فقال: {وليعلمنّ اللّه الّذين آمنوا وليعلمنّ المنافقين} [العنكبوت: 11]؛ وعلى هذا فيكون إخبارًا عن حال المنافقين في الدّار الآخرة، حين يعاينون العذاب يظهر لهم حينئذ غبّ ما كانوا يبطنون من الكفر والشّقاق والنّفاق، واللّه أعلم.
وأمّا معنى الإضراب في قوله: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} فهم ما طلبوا العود إلى الدّنيا رغبةً ومحبّةً في الإيمان، بل خوفًا من العذاب الّذي عاينوه جزاء ما كانوا عليه من الكفر، فسألوا الرّجعة إلى الدّنيا ليتخلّصوا ممّا شاهدوا من النّار؛ ولهذا قال: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون} أي: في تمنّيهم الرّجعة رغبةً ومحبّةً في الإيمان.
ثمّ قال مخبرًا عنهم: إنّهم لو ردّوا إلى الدّار الدّنيا، لعادوا لما نهوا عنه من الكفر والمخالفة {وإنّهم لكاذبون} أي: في قولهم: {يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 248-249]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
({وقالوا إن هي إلا حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين} أي: لعادوا لما نهوا عنه، إنّهم لكاذبون ولقالوا: {إن هي إلا حياتنا} أي: ما هي إلّا هذه الحياة الدّنيا، ثمّ لا معاد بعدها؛ ولهذا قال: {وما نحن بمبعوثين} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 249]


تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال {ولو ترى إذ وقفوا على ربّهم} أي: أوقفوا بين يديه قال: {أليس هذا بالحقّ} أي: أليس هذا المعاد بحقٍّ وليس بباطلٍ كما كنتم تظنّون؟ {قالوا بلى وربّنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} أي: بما كنتم تكذّبون به، فذوقوا اليوم مسّه {أفسحرٌ هذا أم أنتم لا تبصرون} [الطّور: 15] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 249]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة