قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("كذا" "كذا": ترد على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون كلمتين باقيتين على أصلهما، وهما "كاف" التّشبيه و"ذا" الإشارية، كقولك: رأيت زيدا فاضلا، ورأيت عمرا "كذا"، وقوله:
(وأسلمني الزّمان كذا ... فلا طرب ولا أنس)
وتدخل عليها "ها" التّنبيه، كقوله تعالى:{أهكذا عرشك}.
والثّاني: أن تكون كلمة واحدة مركبة من كلمتين مكنيا بها عن غير عدد، كقول أئمّة اللّغة قيل لبعضهم، أما بمكان "كذا" و"كذا" وجذ، فقال: بلى وجاذا، فنصب بإضمار أعرف، وكما جاء في الحديث: «أنه يقال للعبد يوم القيامة أتذكر يوم كذا وكذا فعلت فيه كذا وكذا».
الثّالث: أن تكون كلمة واحدة مركبة مكنيا بها عن العدد فتوافق "كأي" في أربعة أمور: التّركيب، والبناء، والإبهام، والافتقار إلى التّمييز،
وتخالفها في ثلاثة أمور:
أحدها: أنّها ليس لها الصّدر، تقول: قبضت "كذا" و"كذا" درهما.
الثّاني: أن تمييزها واجب النصب، فلا يجوز جرّه "بمن" اتّفاقًا، ولا بالإضافة، خلافًا للكوفيين أجازوا في غير تكرار ولا عطف، أن يقال "كذا" ثوب، و"كذا" أثواب، قياسا على العدد الصّريح، ولهذا قال فقهاؤهم: إنّه يلزم بقول القائل له عندي "كذا" درهم مئة، وبقوله "كذا" دراهم ثلاثة، وبقوله "كذا""كذا" درهما أحد عشر، وبقوله "كذا" درهما عشرون، وبقوله "كذا" و"كذا" درهما أحد وعشرون، حملا على المحقق من نظائرهن من العدد الصّريح، ووافقهم على هذه التفاصيل غير مسألتي الإضافة المبرد والأخفش وابن كيسان والسيرافي وابن عصفور، ووهم ابن السّيّد فنقل اتّفاق النّحويين على إجازة ما أجازه المبرد ومن ذكر معه.
الثّالث: أنّها لا تستعمل غالبا إلّا معطوفًا عليها، كقوله:
(عد النّفس نعمى بعد بؤساك ذاكرًا ... كذا وكذا لطفا به نسي الجهد)
وزعم ابن خروف أنهم لم يقولوا "كذا" درهما، ولا "كذا""كذا" درهما، وذكر ابن مالك أنه مسموع ولكنه قليل). [مغني اللبيب: 3 / 55 - 59]