العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:25 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة يس

التفسير اللغوي لسورة يس

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 ذو القعدة 1431هـ/21-10-2010م, 06:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 12]

{يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10) إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)}

تفسير قوله تعالى: {يس (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يس} [يس: 1]
حدّثنا عثمان، عن قتادة، قال: يا إنسان، والسّين حرفٌ من اسم الإنسان يقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا إنسان). [تفسير القرآن العظيم: 2/799]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يس...}...

- حدثني شيخ من أهل الكوفة عن الحسن نفسه , قال: يس: (يا رجل).
وهو في العربيّة بمنزلة حرف الهجاء؛ كقولك: {حم} , وأشباهها.
القراءة بوقف النون من يس.
وقد سمعت من العرب من ينصبها فيقول: {ياسين والقرآن الحكيم}كأنه يجعلها متحركة كتحريك الأدوات إذا سكن ما قبلها؛ مثل ليت ولعلّ ينصب منها ما سكن الذي يلي آخر حروفه, ولو خفض كما خفض جير لا أفعل ذلك خفضت لمكان الياء التي في جير.). [معاني القرآن: 2/371]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (قوله: {يس}: مجازه مجاز ابتداء أوائل السور.). [مجاز القرآن: 2/157]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({يس}
قال: {يس}, يقال: معناها يا إنسان , كأنه يعني النبي صلى الله عليه فلذلك قال: {إنّك لمن المرسلين}؛ لأنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم.). [معاني القرآن: 3/37]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (جاء في التفسير : {يس (1) والقرآن الحكيم (2)}
معناه يا إنسان، وجاء يا رجل , وجاء يا محمد , والذي عند أهل العربية أنه بمنزلة " الم " افتتاح السّورة، وجاء أن معناه : القسم.
وبعضهم أعنى بعض العرب تقول: ياسن والقرآن بفتح النون، وهذا جائز في العربية، والتسكين أجود لأنها حروف هجاء, وقد شرحنا أشباه ذلك.
فأمّا من فتح فعلى ضربين:
على أن{يس} اسم للسورة حكاية كأنّه قال: اتل يس، وهو على وزن هابيل وقابيل لا ينصرف، ويجوز أن يكون فتح لالتقاء السّاكنين.). [معاني القرآن: 4/277]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {يس والقرآن الحكيم}
وقرأ عيسى : ياسين بفتح النون.
روى سفيان , عن أبي بكر الهذلي , عن الحسين: يس , قال: (افتتاح القرآن) .
وروى هشيم , عن حصين , عن الحسن قال : يس , قال: (يا إنسان) , وكذلك قال الضحاك.
وقال مجاهد: (من فواتح كلام الله جل وعز) .
وقال قتادة : (هو اسم للسورة).
وقراءة عيسى: تحتمل أن تكون اسما للسورة , ونصب بإضمار فعل, ويجوز أن يكون الفتح لالتقاء الساكنين.
قال سيبويه : وقد قرأ بعضهم يسن والقرآن , وق والقرآن , يعني بنصبهما جميعاً.
قال: فمن قال هذا , فكأنه جعله اسما أعجميا , ثم قال:أذكر ياسين .
قال أبو جعفر: هذا يدل على أن مذهب سيبويه في يس أنه اسم السورة , كما قال قتادة.
قال سيبويه : ويجوز أن يكون يس وص اسمين غير متمكنين ؛ فيلزما الفتح كما ألزمت الأسماء غير المتمكنة الحركات نحو : كيف , وأين , وحيث, وأمس.). [معاني القرآن: 5/471-472-473]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يس}: معناه عند ابن عباس: (يا إنسان : يريد محمد صلى الله عليه وسلم).). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 201]

تفسير قوله تعالى:{وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({والقرءان الحكيم} [يس: 2] المحكم). [تفسير القرآن العظيم: 2/799]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يس...}...

- حدثني شيخ من أهل الكوفة , عن الحسن نفسه , قال: يس: (يا رجل).
وهو في العربيّة بمنزلة حرف الهجاء؛ كقولك: {حم}, وأشباهها.
القراءة بوقف النون من يس.
وقد سمعت من العرب من ينصبها , فيقول: {ياسين والقرآن الحكيم}, كأنه يجعلها متحركة كتحريك الأدوات إذا سكن ما قبلها؛ مثل ليت ولعلّ ينصب منها ما سكن الذي يلي آخر حروفه.
ولو خفض كما خفض جير لا أفعل ذلك خفضت لمكان الياء التي في جير.). [معاني القرآن: 2/371] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {والقرآن الحكيم (2)}
معناه : أن آياته أحكمت , وبيّن فيها الأمر , والنهي, والأمثال, وأقاصيص الأمم السالفة.). [معاني القرآن: 4/277]

تفسير قوله تعالى:{إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إنّك لمن المرسلين {3} على صراطٍ مستقيمٍ {4}} [يس: 3-4] أقسم للنّبيّ عليه السّلام {والقرءان الحكيم {2} إنّك لمن المرسلين {3} على صراطٍ مستقيمٍ {4}} [يس: 2-4] على دينٍ مستقيمٍ.
والصّراط الطّريق المستقيم إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/799]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({يس}

قال: {يس} , يقال معناها: يا إنسان, كأنه يعني : النبي صلى الله عليه , فلذلك قال: {إنّك لمن المرسلين}؛ لأنه يعني: النبي صلى الله عليه وسلم.). [معاني القرآن: 3/37] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إنّك لمن المرسلين (3)}
هذا خطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم , وهو جواب القسم : جواب: {والقرآن إنّك لمن المرسلين على صراط مستقيم}
أي: على طريق الأنبياء الذين تقدموك.
وأحسن ما في العربية أن يكون : {لمن المرسلين} خبر " إنّ " , ويكون {على صراط مستقيم} خبرا ثانيا.
فالمعنى: إنك لمن المرسلين الذين أرسلوا على طريقة مستقيمة.). [معاني القرآن: 4/277-278]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إنك لمن المرسلين (3) على صراط مستقيم}
خبر بعد خبر , ويجوز أن يكون {على صراط مستقيم} من صلة المرسلين , أي : لمن المرسلين على استقامة من الحق.). [معاني القرآن: 5/473-474]

تفسير قوله تعالى: {عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إنّك لمن المرسلين {3} على صراطٍ مستقيمٍ {4}} [يس: 3-4] أقسم للنّبيّ عليه السّلام {والقرءان الحكيم {2} إنّك لمن المرسلين {3} على صراطٍ مستقيمٍ {4}} [يس: 2-4] على دينٍ مستقيمٍ.
والصّراط الطّريق المستقيم إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/799] (م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {على صراطٍ مّستقيمٍ}

يكون خيراً بعد خبر: إنك لمن المرسلين، إنك على صراطٍ مستقيم. ويكون: إنك لمن الذين أرسلوا على صراطٍ مستقيم على الاستقامة.). [معاني القرآن: 2/372]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وأحسن ما في العربية أن يكون {لمن المرسلين}خبر " إنّ " , ويكون {على صراط مستقيم}خبرا ثانيا.
فالمعنى: إنك لمن المرسلين الذين أرسلوا على طريقة مستقيمة.). [معاني القرآن: 4/278] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إنك لمن المرسلين (3) على صراط مستقيم}
خبر بعد خبر , ويجوز أن يكون {على صراط مستقيم} من صلة المرسلين , أي: لمن المرسلين على استقامة من الحق.). [معاني القرآن: 5/473-474] (م)

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({تنزيل العزيز الرّحيم} [يس: 5]، يعني: القرآن، هو تنزيل العزيز الرّحيم، نزل مع جبريل على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 2/799]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {تنزيل العزيز الرّحيم}

القراءة بالنصب، على قولك: حقّاً إنك لمن المرسلين تنزيلاً حقّاً, وقرأ أهل الحجاز بالرفع، وعاصم والأعمش ينصبانها, ومن رفعها جعلها خبراً ثالثاً: إنك لتنزيل العزيز الرحيم, ويكون رفعه على الاستئناف؛ كقولك: ذلك تنزيل العزيز الرحيم؛ كما قال : {لم يلبثوا إلاّ ساعةً من نهارٍ بلاغٌ}: أي: ذلك بلاغ.). [معاني القرآن: 2/372]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ : {تنزيل العزيز الرّحيم (5)}
تقرأ (تنزيل) بالرفع والنصب , فمن نصب ,فعلى المصدر على معنى : نزّل اللّه ذلك تنزيلا.
ومن رفع فعلى معنى : الذي أنزل إليك تنزيل العزيز الرحيم.). [معاني القرآن: 4/278]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {تنزيل العزيز الرحيم}
أي: الذي أوحي إليك تنزيل العزيز الرحيم , والنصب لأنه مصدر.). [معاني القرآن: 5/474]

تفسير قوله تعالى: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {لتنذر قومًا} [يس: 6]، يعني: قريشًا.
{ما أنذر آباؤهم} [يس: 6] سعيدٌ، عن قتادة، قال: قال بعضهم: لتنذر قومًا لم ينذر آباؤهم، وقال بعضهم: بالّذي أنذر آباؤهم.
قال يحيى من قال: لم ينذر
[تفسير القرآن العظيم: 2/799]
آباؤهم، يعني: مثل قوله: {ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك} [القصص: 46]، يعني: قريشًا، ومن قال: مثل الّذي أنذر آباؤهم فيأخذها من هذه الآية: {أفلم يدّبّروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين} [المؤمنون: 68]، يعني: من كانوا قبل قريشٍ.
وتفسير السّدّيّ: {لتنذر قومًا} [يس: 6]، يعني: لتحذّر قومًا ما في القرآن من الوعيد {ما أنذر آباؤهم} [يس: 6] كما أنذر آباؤهم، يعني: كما حذّر آباؤهم.
قال: {فهم غافلون} [يس: 6] عمّا جاءهم به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في غفلةٍ من البعث). [تفسير القرآن العظيم: 2/800]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {لتنذر قوماً مّا أنذر آباؤهم...}

يقال: لتنذر قوماً لم ينذر آباؤهم , أي: لم تنذرهم ولا أتاهم رسول قبلك.
ويقال: لتنذرهم بما أنذر آباؤهم، ثم تلقى الباء، فيكون (ما) في موضع نصبٍ , كما قال: {أنذرتكم صاعقةً مثل صاعقة عادٍ وثمود}. ). [معاني القرآن: 2/372]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({لتنذر قوماً مّا أنذر آباؤهم فهم غافلون}
وقال: {لتنذر قوماً مّا أنذر آباؤهم فهم غافلون}: أي: قوم لم ينذر آباؤهم ؛ لأنهم كانوا في الفترة.
وقال بعضهم : {مّا أنذره آباؤهم فهم غافلون}, فدخول الفاء في هذا المعنى ؛ كأنه لا يجوز - والله أعلم - وهو على الأول أحسن.). [معاني القرآن: 3/37]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون (6)}
جاء في التفسير : لتنذر قوما مثل ما أنذر آباؤهم.
وجاء لتنذر قوما لم ينذر آباؤهم، فيكون (ما) جحدا وهذا - واللّه أعلم - الاختيار؛ لأن قوله " فهم غافلون " دليل على معنى : لم ينذر آباؤهم , وإذا كان قد أنذر آباؤهم , فهم غافلون ففيه بعد، ولكنه قد جاء في التفسير, ودليل النفي قوله: {وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير (44)}.
ولو كان آباؤهم منذرين , لكانوا منذرين دارسين لكتب, والله أعلم.). [معاني القرآن: 4/278]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون}
قال قتادة : (قال قوم لتنذر قوما ما أتى آباءهم قبلك من نذير , وقال قوم لتنذر قوما مثل ما أنذر آباؤهم).
قال أبو جعفر : المعنى على القول الثاني : لتنذر قوما بما أنذر آباؤهم , كما قال سبحانه: {فقل أنذرتكم صاعقة} ). [معاني القرآن: 5/474-475]

تفسير قوله تعالى:{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({لقد حقّ القول} [يس: 7] لقد سبق القول.
{على أكثرهم} [يس: 7]، يعني: من لا يؤمن.
قال: {فهم لا يؤمنون {7} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/800]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({لقد حقّ القول}: أي: وجب.).
[مجاز القرآن: 2/157]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لقد حقّ القول على أكثرهم}: أي: وجب.). [تفسير غريب القرآن: 363]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لقد حقّ القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون (7)}
القول ههنا - واللّه أعلم - مثل قوله: {ولكن حقّت كلمة العذاب على الكافرين}
المعنى : لقد حق القول على أكثرهم بكفرهم وعنادهم, أضلّهم اللّه , ومنعهم من الهدى.). [معاني القرآن: 4/278]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون}
أي : وجب القول عليهم بكفرهم , بأن لهم النار .
وقيل : عقوبة على كفرهم , ثم قال جل وعز: {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا}
في معنى هذا أقوال:
قال الضحاك : (منعناهم من النفقة في سبيل الله , كما قال تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك}).
وقيل : هذا في يوم القيامة إذا دخلوا النار , والماضي بمعنى المستقبل, أو لأن الله جل وعز أخبر به , أو على إضمار إذا كان.
وقيل : جعلنا بمعنى : وصفنا أنهم كذا .
وقد حكى سيبويه : أن (جعل ) تأتي في كلام العرب على هذا المعنى, وهو أحد أقواله في قولهم جعلت متاعك بعضه فوق بعض , وقوله جل وعز: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا}.). [معاني القرآن: 5/475-476]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({حَقَّ الْقَوْلُ}: أي : وجب.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 201]

تفسير قوله تعالى:{إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون {8}} [يس: 8] فهم فيما يدعوهم إليه من الهدى بمنزلة الّذي في عنقه الغلّ فهو لا يستطيع أن يبسط يده، لا يقبلون الهدى.
والتّقمّح فيما
- حدّثني نصر بن طريفٍ، عن أيّوب، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: {فهم مقمحون} [يس: 8] يداه إلى عنقه.
[تفسير القرآن العظيم: 2/800]
والأذقان فيما ذكره سعيدٌ، عن قتادة، الوجوه، أي: قد غلّت يده، فهي عند وجهه.
وتفسير الحسن: المقمّح الطّامح ببصره، الّذي لا يبصر موطئ قدمه، أي: حيث يطأ، أي: لا يبصر الهدى.
عثمان، عن عمرٍو، عن الحسن، قال: {فهي إلى الأذقان} [يس: 8] مغلولةٌ، عن الخير.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: رافعوا رءوسهم، وأيديهم موضوعةٌ على أفواههم). [تفسير القرآن العظيم: 2/801]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّا جعلنا في أعناقهم أغلالاً فهي إلى الأذقان...}

فكنى عن هي، وهي للأيمان ولم تذكر, وذلك أن الغلّ لا يكون إلاّ باليمين، والعنق: جامعاً لليمين، والعنق، فيكفي ذكر أحدهما من صاحبه، كما قال: {فمن خاف من موصٍ جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم} : فضمّ الورثة إلى الوصيّ , ولم يذكروا؛ لأن الصلح إنما يقع بين الوصيّ والورثة.
ومثله قول الشاعر:
وما أدري إذا يمّمت وجهاً = أريد الخير أيّهما يليني
أألخير الذي أنا أبتغيه = أم الشرّ الذي لا يأتليني
فكنى عن الشرّ , وإنما ذكر الخير وحده، وذلك أن الشرّ يذكر مع الخير.
وهي في قراءة عبد الله : {إنا جعنا في أيمانهم أغلالاً فهي إلى الأذقان} : فكفت الأيمان من ذكر الأعناق في حرف عبد الله، وكفت الأعناق من الأيمان في قراءة العامّة.
والذقن أسفل اللّحيين, والمقمح: الغاضّ بصره بعد رفع رأسه, ومعناه: إنا حبسناهم عن الإنفاق في سبيل الله.). [معاني القرآن: 2/373]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إلى الأذقان }: الذقن: مجتمع اللحيين.
{فهم مقمحون }: المقمح, والمقنع واحد، تفسيره : أي : يجذب الذقن حتى يصير في الصدر , ثم يرفع رأسه , قال بشر بن أبي خازم الأسدي:
ونحن على جوانبها قعودٌ= نغضّ الّطرف كالإبل القماح). [مجاز القرآن: 2/157]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الأذقان}: واحدها ذقن وهو مجتمع اللحيين.
{مقتحمون}: رافعوا رؤوسهم، والناقة المقامح الممتنعة من الشرب عند الحوض رافعة رأسها والمقنع مثله).[غريب القرآن وتفسيره: 311]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فهم مقمحون}: «المقمح»: الذي يرفع رأسه، ويغض بصره, يقال: بعير قامح، وإبل قماح، إذا رويت من الماء وقمحت.
قال الشاعر - وذكر سفينة وركبانها -:

ونحن على جوانبها قعود = نغض الطرف كالإبل القماح
يريد : إنا حبسناهم عن الإنفاق في سبيل اللّه بموانع كالأغلال.). [تفسير غريب القرآن: 363]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن هذا قوله: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا}، أي قبضنا أيديهم عن الإنفاق في سبيل الله بموانع كالأغلال). [تأويل مشكل القرآن: 149]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ :{إنّا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون (8)}


وقرأ ابن عباس , وابن مسعود رحمهما اللّه: (إنا جعلنا في أيمانهم), وقرأ بعضهم : (في أيديهم أغلالا) , وهاتان القراءتان لا يجب أن يقرأ بواحدة منهما؛ لأنهما بخلاف المصحف.

فالمعنى في قوله: (في أعناقهم).
ومن قرأ (في أيمانهم) , ومن قرأ (في أيديهم) , فمعنى واحد.
وذلك أنه لا يكون الغل في العنق دون اليد , ولا في اليد دون العنق، فالمعنى: إنا جعلنا في أعناقهم , وفي أيمانهم أغلالا.
{فهي إلى الأذقان}:كناية عن الأيدي , لا عن الأعناق؛ لأن الغل يجعل اليد تلي الذقن، والعنق هو مقارب للذقن، لا يجعل الغلّ العنق إلى الذقن.
وقوله: {فهم مقمحون}:المقمح " الرافع رأسه الغاضّ بصره، وقيل للكانونين شهرا قماح لأن الإبل إذا وردت الماء ترفع رءوسها لشدة برده، ولذا قيل شهرا قماح، وإنما ذكرت الأعناق , ولم تذكر الأيدي إيجازا واختصارا ؛ لأن الغل يتضمّن العنق واليد.
ومن قرأ (في أيمانهم), فهو أيضا يدل على العنق.
ومثل هذا قول المثقّب:
فما أدري إذا يمّمت أرضا= أريد الخير أيّهما يليني؟
أألخير الذي أنا أبتغيه= أم الشّر الذي هو يبتغيني
وإنما ذكر الخير وحده، ثم قال: أيّهما يليني؛ لأن قد علم أن الإنسان الخير والشر معرّضان له، لا يدري إذا أمّ أرضا أيلقاه هذا أم هذا، ومثله من كتاب اللّه:{سرابيل تقيكم الحر}, ولم يذكر البرد لأن ما وقى هذا وقى هذا.). [معاني القرآن: 4/279-280]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {فهي إلى الأذقان فهم مقمحون}
والمعنى : فأيديهم إلى الأذقان, ولم يجر للأيدي ذكر ؛ لأن المعنى قد عرف , كما قال:
فما أدري إذا يممت وجها = أريد الخير أيهما يليني
أألخير الذي أنا أبتغيه = أم الشر الذي لا يأتليني
وفي قراءة عبد الله بن مسعود :{إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا }.
ثم قال تعالى: {فهم مقمحون}
قال مجاهد : (أي: رافعوا رءوسهم , وأيديهم على أفواههم) .
وقال الفراء : هو الرافع رأسه , الغاض بصره.
وقال أبو عبيدة: هو الذي يجذب , وهو رافع رأسه.
قال أبو جعفر : المعروف في اللغة: أن المقمح : الرافع رأسه لمكروه , ومنه قيل لكانونين شهرا قماح لأن الإبل إذا وردت فيهما الماء , رفعت رؤوسها من البرد , ومنه قوله:
ونحن على جوانبها قعود = نغض الطرف كالإبل القماح). [معاني القرآن: 5/477-478]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُّقْمَحُونَ}: المقمح الذي يرفع رأسه , ويغض بصره.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 201]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الأَذْقَانِ}: جمع ذقن , {مُّقْمَحُونَ}: رفعوا رؤوسهم.). [العمدة في غريب القرآن: 250]


تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وجعلنا من بين أيديهم سدًّا ومن خلفهم سدًّا} [يس: 9] نصر بن طريفٍ، عن أيّوب، عن عكرمة قال: {من بين أيديهم سدًّا ومن خلفهم سدًّا} [يس: 9] قال: ما صنع اللّه فهو سدٌّ، وما صنع ابن آدم فهو سدٌّ.
وقد قالوا: {ومن بيننا وبينك حجابٌ} [فصلت: 5] فلا نبصر ما تقول.
قال: {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} [يس: 9] الهدى، وهذا كلّه كقوله: {وأضلّه اللّه على علمٍ وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوةً} [الجاثية: 23] وقوله: {وختم على سمعه} [الجاثية: 23] فلا يسمع الهدى، وعلى قلبه فلا يقبل الهدى، {وجعل على بصره غشاوةً} [الجاثية: 23] فلا يبصر الهدى {فمن يهديه من بعد اللّه} [الجاثية: 23]، أي: لا أحد.
وبعضهم يقول: {وجعلنا من بين أيديهم سدًّا} [يس: 9] ما كان عليه آباؤهم من أمر الجاهلية {ومن خلفهم} [يس: 9] من خلف آبائهم {سدًّا} [يس: 9] يعنيهم، وهو تكذيبهم بالبعث.
[تفسير القرآن العظيم: 2/801]
{فأغشيناهم} [يس: 9]، يعني: ظلمة الكفر.
{فهم لا يبصرون} [يس: 9] الهدى). [تفسير القرآن العظيم: 2/802]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {فأغشيناهم...}
أي : فألبسنا أبصارهم غشاوة, ونزلت هذه الآية في قوم أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم من بني مخزوم، فأتوه في مصلاّه ليلا، فأعمى الله أبصارهم عنه، فجعلوا يسمعون صوته بالقرآن ولا يرونه, فذلك قوله: {فأغشيناهم} .
وتقرأ : {فأعشيناهم}: بالعين, أعشيناهم عنه؛ لأن العشو بالليل، إذا أمسيت , وأنت لا ترى شيئا , فهو العشو.). [معاني القرآن: 2/373]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجعلنا من بين أيديهم سدًّا ومن خلفهم سدًّا} , والسد , والسّد: الجبل, وجمعها: أسداد.
{فأغشيناهم}: أي: أغشينا عيونهم، وأعميناهم عن الهدى.
وقال الأسود بن يعفر - وكان قد كف بصره -:
ومن الحوادث لا أبالك أنني = ضربت على الأرض بالأسداد
ما أهتدي فيها لمدفع تلعة = بين العذيب، وبين أرض مراد). [تفسير غريب القرآن: 363]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وجعلنا من بين أيديهم سدّا ومن خلفهم سدّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون (9)}
(سدّا) و (سدّا)- بالفتح والضم - , ومعناهما واحد.
وقد قيل: السد فعل الإنسان , والسّد خلقة المسدود.
وفيه وجهان:
أحدهما قد جاء في التفسير، وهو : أن قوما أرادوا بالنبي صلى الله عليه وسلم سوءا , فحال اللّه بينهم وبين ذلك فجعلوا بمنزلة من هذه حاله، فجعلوا بمنزلة من غلّت يمينه , وسدّ طريقه من بين يديه , ومن خلفه , وجعل على بصره غشاوة، وهو معنى : {فأغشيناهم}
ويقرأ : {فأعشيناهم } بالعين غير معجمة، فحال اللّه بينهم وبين رسوله , وكان في هؤلاء أبو جهل فيما يروى، ويجوز أن يكون وصف إضلالهم فقال:{إنّا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان}, أي: أضللناهم , فأمسكنا أيديهم عن النفقة في سبيل اللّه , والسعي فيما يقرب إلى اللّه .
{وجعلنا من بين أيديهم سدّا ومن خلفهم سدّا}, كما قال: {ختم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم}الآية, والدليل على هذا قوله:{وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون}
لأن من أضله الله هذا الإضلال , لم ينفعه الإنذار.). [معاني القرآن: 4/280]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا}
قال أبو جعفر : السد , والسد الجبل , والمعنى: أعميناهم , كما قال:
ومن الحوادث لا أبالك أنني = ضربت على الأرض بالأسداد
لا أهتدي فيها لموضع تلعة = بين العذيب وبين أرض مراد
قال عكرمة : (كل ما كان من صنعة الله عز وجل فهو سد, وما كان من صنعة المخلوقين , فهو سد).
وقال ابن أبي إسحاق : كل ما لا يرى فهو سد , وما رئي فهو سد.
ويروى : (أنهم أرادوا النبي صلى الله عليه وسلم بسوء , فأحال الله جل وعز بينهم وبينه , أي: فصاروا كأن بينهم وبينه سدا , وكأن في أعناقهم إغلالا) , كذا قال عكرمة , ونزلت في أبي جهل , ثم قال جل وعز: {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} آية
التغشية : التغطية .
وروي عن ابن عباس , وعمر بن عبد العزيز : (فأغشيناهم) بالعين غير معجمة , كما قال تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين} .). [معاني القرآن: 5/478-480]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((والسد) , و(السد): الجبل.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 201]


تفسير قوله تعالى: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وسواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} [يس: 10] قال السّدّيّ: يعني: إن أنذرت الكفّار أم لم تنذرهم فهو عليهم سواءٌ، يعني: الّذين لا يؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 2/802]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({سواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون }, لها ثلاثة مواضع، لفظها لفظ الاستفهام , وليس باستفهام قال زهير:
سواءٌ عليه أيّ حينٍ أتيته= أساعة نحسٍ تتّقى أم بأسعد
فخرج لفظها على لفظ الاستفهام , وإنما هو إخبار , وكذلك قال حسان بن ثابت:
ما أبالي أنبّ بالحزن تيسٌ= أم لحاني بظره غيبٍ لئيم
وكذلك قول زهير:
وما أدرى وسوف إخال = أدرى أقومٌ آل حصنٍ أم نساء). [مجاز القرآن: 2/157-158]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ويجوز أن يكون وصف إضلالهم فقال: {إنّا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان}
أي: أضللناهم , فأمسكنا أيديهم عن النفقة في سبيل اللّه , والسعي فيما يقرب إلى اللّه .
{وجعلنا من بين أيديهم سدّا ومن خلفهم سدّا}, كما قال:{ختم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم} الآية.
والدليل على هذا قوله: {وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون}؛ لأن من أضله الله هذا الإضلال لم ينفعه الإنذار). [معاني القرآن: 4/280] (م)
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (قوله جل وعز: {سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون}
قال ثعلب: هذا خاص لقوم معينين، أنهم في علم الله لا يؤمنون.).[ياقوتة الصراط: 421]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّما تنذر} [يس: 11] إنّما يقبل نذارتك فينتذر كقوله فيتّعظ.
{من اتّبع الذّكر} [يس: 11]، يعني: القرآن، كقوله: {إنّما تنذر الّذين يخشون ربّهم بالغيب} [فاطر: 18].
قال: {وخشي الرّحمن بالغيب} [يس: 11] في السّرّ، قلبه مخلصٌ بالإيمان.
قال: {فبشّره بمغفرةٍ} [يس: 11] لذنبه.
{وأجرٍ كريمٍ} [يس: 11]، أي: وثوابٍ كريمٍ، الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/802]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {إنّما تنذر من اتّبع الذّكر وخشي الرّحمن بالغيب فبشّره بمغفرة وأجر كريم (11)}
أي : من استمع القرآن, وأتبعه.
{وخشي الرّحمن بالغيب}: أي: خاف الله من حيث لا يراه أحد.
{فبشّره بمغفرة وأجر كريم}: المعنى : من إتبع الذكر , وخشي الرحمن ؛فبشره بمغفرة , وأجر كريم.
المغفرة : هي العفو عن ذنوبه، وأجر كريم بالجنة.). [معاني القرآن: 4/280-481]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّا نحن نحيي الموتى} [يس: 12]، يعني: البعث.
{ونكتب ما قدّموا وآثارهم} [يس: 12] كقوله: {علمت نفسٌ ما قدّمت وأخّرت} [الانفطار: 5].
{ما قدّموا} [يس: 12] ما عملوا من خيرٍ وشرٍّ، {وآثارهم} [يس: 12] ما أخّروا من سنّةٍ حسنةٍ، فعمل بها بعدهم فلهم مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيءٌ، أو سنّةٍ سيّئةٍ فعمل بها بعدهم فإنّ عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيءٌ.
- أبو الأشهب، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أيّما داعٍ دعا على هدًى، فاتّبع، فله مثل أجر من اتّبعه ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، وأيّما داعٍ دعا إلى ضلالةٍ، فاتّبع، فعليه مثل وزر من اتّبعه ولا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا».
[تفسير القرآن العظيم: 2/802]
سعيدٌ، عن قتادة، عن عمر بن عبد العزيز، قال: {وآثارهم} [يس: 12] خطوهم.
قال قتادة: لو كان اللّه مغفلا شيئًا، أي: تاركًا شيئًا من شأنك يابن آدم لا يحصيه لأغفل هذه الآثار الّتي تعفوها الرّياح.
سفيان بن سعيدٍ الثّوريّ، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ قال: ما خطا عبدٌ خطوةً إلا كتب له حسنةٌ أو سيّئةٌ.
قال: {وكلّ شيءٍ أحصيناه في إمامٍ مبينٍ} [يس: 12]، أي: في كتابٍ.
{مبينٍ} بيّنٍ، يعني: اللّوح المحفوظ، وهو تفسير السّدّيّ.
- نعيم بن يحيى، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ، قال: أوّل ما خلق اللّه القلم، فقال: اكتب فقال: ربّ ما أكتب؟ قال: ما هو كائنٌ، فجرى القلم بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة، فأعمال العباد تعرض في كلّ يوم اثنين وخميسٍ، فيجدونه على ما في الكتاب). [تفسير القرآن العظيم: 2/803]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ونكتب ما قدّموا...}
أمّا ما قدّموا , فما أسلفوا من أعمالهم, وآثارهم ما استنّ به من بعدهم, وهو مثل قوله: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر}.
وقوله: {وكلّ شيءٍ أحصيناه في إمامٍ مّبينٍ}, القراء مجتمعون على نصب (كلّ) لما وقع من الفعل على راجع ذكرها, والرفع وجه جيّد.
فد سمعت ذلك من العرب؛ لأن (كلّ) بمنزلة النكرة إذا صحبها الجحد؛ فالعرب تقول: هل أحد ضربته، وفي (كلّ) مثل هذا التأويل، ألا ترى أن معناه: ما من شيء إلاّ قد أحصيناه.). [معاني القرآن: 2/373]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وكلّ شيءٍ أحصيناه}: أي: جعلناه, {في إمام ٍمبينٍ}: أي: في كتاب مبين.). [مجاز القرآن: 2/158]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ونكتب ما قدّموا} من أعمالهم، {وآثارهم}: ما استن به بعدهم من سننهم.
وهو مثل قوله: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر} أي : بما قدم من عمله , وأخر من أثر باق بعده.). [تفسير غريب القرآن: 364]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الإمام: أصله ما ائتممت به. قال الله تعالى لإبراهيم: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}. أي: يؤتمّ بك، ويقتدى بسنّتك.
ثم يجعل الكتاب إماما يؤتم بما أحصاه. قال الله عز وجل: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} أي: بكتابهم الذي جمعت فيه أعمالهم في الدنيا.
وقال: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} يعني: كتابا، أو يعني: اللّوح المحفوظ). [تأويل مشكل القرآن: 459] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إنّا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدّموا وآثارهم وكلّ شيء أحصيناه في إمام مبين (12)}


ما أسلفوا من أعمالهم، ونكتب آثارهم , أي: من سنّ سنّة حسنة كتب له ثوابها، ومن سنّ سنّة سيّئة , كتب عليه عقابها.

وقد قيل: {وتكتب آثارهم}: أي : خطاهم، والأول أكثر , وأبين.). [معاني القرآن: 4/281]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم}
روى سماك , عن عكرمة , عن ابن عباس : (كانت الأنصار بعيدة من المسجد , فقالوا: نأخذ أمكنة تقرب من المسجد , فأنزل الله جل وعز: {ونكتب ما قدموا وآثارهم}, فقالوا : نثبت مكاننا).
وقال مسروق : ما من رجل يخطو خطوة إلا كتب الله له حسنة أو سيئة .
وقال مجاهد, وقتادة:{آثارهم }: (خطاهم) .
وقال سعيد بن جبير : (نكتب ما قدموا أعمالهم وآثارهم ما سنوا بعدهم).). [معاني القرآن: 5/480-481]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا}: أي: من أعمالهم, {وَآثَارَهُمْ}: أي: ما أستن به من عمل صالح يجري ثوابه عليهم.
وقيل: هو خطاهم إلى المساجد والطاعات، مثل قوله: {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر}. ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 201]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 ذو القعدة 1431هـ/21-10-2010م, 06:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 13 إلى 29]

{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19) وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) }

تفسير قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية} [يس: 13] وهي أنطاكية.
{إذ جاءها المرسلون {13}). [تفسير القرآن العظيم: 2/803]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون (13)}

(مثلا) مفعول منصوب به، معنى قول الناس: اضرب له مثلا , أي: أذكر له مثلا، ويقال: عندي من هذا الضرب شيء كثير، أي: من هذا المثال , وتقول: هذه الأشياء على ضرب واحد , أي : على مثال واحد.
فيعني : اضرب لهم مثلا: مثل لهم مثلا.
وقوله:{أصحاب القرية}: أي: خبر أصحاب القرية.). [معاني القرآن: 4/281]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون}
قال عكرمة : (هي أنطاكية) .
قال أبو جعفر : يقال عندي ضروب من هذا , أي: أمثال .
فالمعنى على هذا : ومثل لهم مثلاً, أي: أذكر لهم مثلاً: أصحاب القرية على البدل , أي: أذكر أصحاب القرية .
والمعنى : وأذكر خبر أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون.). [معاني القرآن: 5/482]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذّبوهما فعزّزنا بثالثٍ} [يس: 14] تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه: فشدّدنا بثالثٍ.
وتفسير السّدّيّ: يعني: فشدّدنا، يعني: فقوّيناهما بثالثٍ، أنّه أرسل إليهما نبيّان فقتلوهما، ثمّ أرسل اللّه إليهم الثّالث.
قال: فقالوا، يعني: الأوّلين قبل الثّالث والثّالث بعدهما.
{إنّا إليكم مرسلون {14} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/803]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إليهم اثنين فكذّبوهما فعزّزنا بثالثٍ...}

والثالث : قد كان أرسل قبل الاثنين فكذّب, وقد تراه في التنزيل كأنه بعدهما, وإنما معنى قوله: {فعزّزنا بثالثٍ}: بالثالث الذي قبلهما؛ كقولك: فعزّزنا بالأوّل.
والتعزيز يقول: شدّدنا أمرهما بما علّمهما الأوّل شمعون, وكانوا أرسلوا إلى أنطاكية.
وهي في قراءة عبد الله : (فعزّزنا بالثالث) لأنه قد ذكر في المرسلين، وإذا ذكرت النكرة في شيء , ثم أعيدت خرجت معرفةً , كقولك للرجل: قد أعطيتك درهمين، فيقول: فأين الدرهمان؟ , وقرأ عاصم :{فعززنا} خفيفة, وهو كقولك: شدّدنا وشددن.). [معاني القرآن: 2/373-374]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فعزّزنا بثالثٍ}: أي : قوينا , وشددنا , قال النمر بن تولب:
كأنّ جمرة أو عزّت لها شبهاً= بالجذع يوم تلاقينا بإرمام
أو عزتها: أو غلبتها، يقال في المثل: من عزّ بزّ: من قهر سلب , وتفسير " بزّ " انتزع.
قال علي بن أبي طالب:
فعففت عن أثوابه ولو أنني = كنت المقطّر بزّنى أثوابي). [مجاز القرآن: 2/158-159]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({فعززنا بثالث}: قوينا وقالوا " من عز بز "). [غريب القرآن وتفسيره: 311]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فعزّزنا بثالثٍ} :أي: قوينا , وشددنا.
يقال: عزز منه، أي : قوّ من قلبه, وتعزز لحم الناقة: إذ صلب.). [تفسير غريب القرآن: 364]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذّبوهما فعزّزنا بثالث فقالوا إنّا إليكم مرسلون (14)}
{إذ جاءها المرسلون}: جاء في التفسير : أنهم أهل إنطاكية، وجه إليهم عيسى اثنين , فكذبوهما قال: {فعززنا بثالث}
ويقرأ : فعززنا - بالتشديد والتخفيف - , ومعنى فعززنا , فقوينا , وشدّدنا الرسالة , بثالث , أي: برسول ثالث: {فقالوا إنّا إليكم مرسلون} إلى قوله {البلاغ المبين}
فأعلمهم الرسل , إنما عليهم البلاغ.). [معاني القرآن: 4/281-282]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث}
قال قتادة : (أرسل إليهم عيسى صلى الله عليه وسلم اثنين من الحواريين , فكذبوهما).
وقال كعب , ووهب : (أرسل الله جل وعز إلى أنطيخس الفرعون بأنطاكية , وكان يعبد الأصنام, اثنين , ثم عزز بثالث) .
قال الفراء الثالث : أرسل قبل الاثنين , وفي التلاوة كأنه أرسل بعدهما
قال : ومعنى : فعززنا بثالث : فعززنا بتعليم الثالث
قال : وفي قراءة ابن مسعود : (فعززنا بالثالث): وأهل التفسير على خلاف قوله , وقوله ليس بالبين , والله أعلم .
قال الحسن , ومجاهد : {فعززنا} : (فشددنا) .
قال الفراء , وقرأ عاصم , فعززنا خفيفة قال : وهو مثل : شددنا , وشددنا.
قال أبو جعفر : والمعروف في اللغة : أن معنى عززنا : غلبنا , وقهرنا , والمستقبل يفعل بالضم.).[معاني القرآن: 5/483-485]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَعَزَّزْنَا}: أي: قوينا.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 201]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَعَزَّزْنَا}: أي قوينا.). [العمدة في غريب القرآن: 250]


تفسير قوله تعالى: {قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا ما أنتم إلا بشرٌ مثلنا} [يس: 15] وجحدوا أنّهم
[تفسير القرآن العظيم: 2/803]
رسلٌ {وما أنزل الرّحمن من شيءٍ إن أنتم إلا تكذبون {15} قالوا ربّنا يعلم إنّا إليكم لمرسلون {16} وما علينا إلا البلاغ المبين {17}). [تفسير القرآن العظيم: 2/804]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قالوا إنّا تطيّرنا بكم} [يس: 18] تشاءمنا بكم.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: قالوا: إن أصابنا سوءٌ فهو من قبلكم.
{لئن لم تنتهوا لنرجمنّكم} [يس: 18] لنقتلكم في تفسير الحسن وغيره، غير أنّ الحسن قال: لنرجمنّكم بالحجارة حتّى نقتلكم بها.
وقال السّدّيّ: {لنرجمنّكم} [يس: 18]، يعني: لنقتلنّكم.
{وليمسّنّكم منّا عذابٌ أليمٌ} [يس: 18] موجعٌ قبل أن نقتلكم). [تفسير القرآن العظيم: 2/804]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {لنرجمنّكم...}
يريد: لنقتلنكم, وعامّة ما كان في القرآن من الرجم , فهو قتل، كقوله: {ولولا رهطك لرجمناك}. ). [معاني القرآن: 2/374]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({قالوا إنّا تطيّرنا بكم}
قال قتادة: (يقولون: إن أصابنا شر فهو بكم : {قالوا طائركم معكم}, ثم قال:{أإن ذكّرتم}: تطيرتم بنا؟).
وقال غيره: طائركم معكم أين ذكرتم.
و«الطائر» هاهنا: العمل , والرزق, يقول: هو في أعناقكم، ليس من شؤمنا, ومثله: {وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه}, وقد ذكرناه فيما تقدم.). [تفسير غريب القرآن: 364]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الرجم: أصله الرّمي، كقوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} أي مرامي.
ثم يستعار فيوضع موضع القتل؛ لأنهم كانوا يقتلون بالرّجم.
وروي أنّ ابن آدم قتل أخاه رجما بالحجارة، وقتل رجما بالحجارة، فلما كان أول القتل كذلك، سمّي رجما وإن لم يكن بالحجارة، ومنه قوله تعالى: {لَنَرْجُمَنَّكُمْ}، أي لنقتلنكم.
وقال: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ}، أي تقتلون. وقال: {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} أي قتلناك). [تأويل مشكل القرآن: 508] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ({قالوا إنّا تطيّرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنّكم وليمسّنّكم منّا عذاب أليم (18)}
{قالوا إنّا تطيّرنا بكم}:أي: تشاءمنا.

{لئن لم تنتهوا لنرجمنّكم}:أي: لنقتلنكم رجما.). [معاني القرآن: 4/282]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم}
قال قتادة : (أي : ما أصابنا من شر , فهو بكم).
ثم قال تعالى: {لئن لم تنتهوا لنرجمنكم} :أي: لنقتلنكم رجما.).[معاني القرآن: 5/484-485]


تفسير قوله تعالى: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا طائركم معكم} [يس: 19]، أي: عملكم معكم فيما حدّثني المبارك عن الحسن، وسعيدٍ عن قتادة.
{أئن ذكّرتم} [يس: 19]، يعني: وعظتم، تفسير السّدّيّ.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: قالت لهم الرّسل: {أئن ذكّرتم} [يس: 19]، أي: أئن ذكّرناكم باللّه تطيّرتم بنا، على الاستفهام.
ومقرأ قتادة فيها بالتّشديد: ذكّرتم.
{بل أنتم قومٌ مسرفون} [يس: 19] مشركون). [تفسير القرآن العظيم: 2/804]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {طائركم مّعكم...}
القراء مجتمعون على {طائركم} بالألف, والعرب تقول: طيركم معكم.
وقوله: {أئن ذكّرتم} : قراءة العامّة بالهمز , وكسر ألف (إن).
وقرأ أبو رزين - وكان من أصحاب عبد الله - : {أأن ذكّرتم} , ومن كسر قال: {أئن} : جعله جزاء أدخل عليه ألف استفهام, وقد ذكر عن بعض القرّاء :{طائركم معكم أين ذكّرتم}و{ذكرتم} يريد: طائركم معكم حيثما كنتم, والطائر ها هنا: الأعمال والرزق.
يقول: هو في أعناقكم, ومن جعلها {أين} , فينبغي له أن يخفّف {ذكرتم} , وقد خفّف أبو جعفر المدنيّ {ذكرتم} , ولا أحفظ عنه (أين) .). [معاني القرآن: 2/374]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ قالوا طائركم معكم}: أي: حظكم من الخير والشر.). [مجاز القرآن: 2/159]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قالوا طائركم مّعكم أئن ذكّرتم بل أنتم قومٌ مّسرفون}
وقال: {طائركم مّعكم أئن ذكّرتم}: أي: إن ذكّرتم , فمعكم طائركم.). [معاني القرآن: 3/37-38]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({قالوا إنّا تطيّرنا بكم}
قال قتادة: (يقولون: إن أصابنا شر فهو بكم : {قالوا طائركم معكم}, ثم قال: {أإن ذكّرتم}: تطيرتم بنا؟).
وقال غيره: طائركم معكم أين ذكرتم.
و«الطائر» هاهنا: العمل , والرزق, يقول: هو في أعناقكم، ليس من شؤمنا, ومثله: {وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه}, وقد ذكرناه فيما تقدم.). [تفسير غريب القرآن: 364](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({قالوا طائركم معكم أئن ذكّرتم بل أنتم قوم مسرفون (19)}
{قالوا طائركم معكم}: ويجوز طيركم معكم؛ لأنه يقال طائر وطير في معنى واحد، ولا أعلم أحدا قرأ ههنا طيركم بغير ألف.
والمعنى : قالوا : شؤمكم معكم.
{أئن ذكّرتم}: أي: أئن ذكّرتم : تطيّرتم، ويقرأ أأن ذكرتم، أي: لأن ذكرتم.). [معاني القرآن: 4/282]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون}
روي عن مجاهد , عن ابن عباس قال: (طائركم معكم , أي: الأرزاق , والأقدار تتبعكم).
قال أبو جعفر : ومن هذا قوله جل وعز: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه}, أي : ما يطير له من الخير والشر , فهو لازم له في عنقه على التمثيل.
ثم قال تعالى: {أئن ذكرتم}
قال قتادة : (أي : أإن ذكرتم , تطيرتم ؟!).
وقرأ أبو رزين : أأن ذكرتم
والمعنى على قراءته : ألآن ذكرتم بالله , أو بالعذاب , تطيرتم .
وقرأ عيسى : {قالوا طائركم معكم أين ذكرتم} .
وقرأ الحسن : {أين ذكرتم} , وفسره : (حيث ذكرتم , طائركم معكم).). [معاني القرآن: 5/485-486]


تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وجاء من أقصى المدينة} [يس: 20] أنطاكية.
{رجلٌ يسعى} [يس: 20]، يعني: يسرع، وهو حبيبٌ النّجّار.
{قال يا قوم اتّبعوا المرسلين {20} اتّبعوا من لا يسألكم أجرًا وهم مهتدون {21} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/804]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({قال يا قوم اتّبعوا المرسلين }.
بعض العرب يقول: يا قوم، يكسرها , ولا يطلق ياء الإضافة كما حذفوا التنوين من نداء المفرد , قالوا: يا زيد أقبل , وبعضهم ينشد بيت زهير:
تبيّن خليل هل ترى من ظعائن= تحمّلن بالعلياء من فوق جرثثم.). [مجاز القرآن: 2/159]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتّبعوا المرسلين (20)}
هذا رجل كان يعبد اللّه في غار في جبل، فلما سمع بالمرسلين جاء يسعى، أي: يعدو إليهم، فقال: أتريدون أجرا على ما جئتم به ؟.
فقال المرسلون: لا.
وكان يقال لهذا الرجل : فيما روي حبيب النجار , فأقبل على قومه فقال:{يا قوم اتّبعوا المرسلين (20) اتّبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون (21) }إلى قوله:{فاسمعون}, فأشهد الرسل على إيمانه.
قال قتادة: (هذا رجل دعا قومه إلى الله , ومخضهم النصيحة , فقتلوه على ذلك , وأقبلوا يرجمونه , وهو يقول: اللهم اهد قومي , اللهم اهد قومي، فأدخله الله الجنّة , فهو حيّ فيها يرزق).
والمعنى : فلما عذبه قومه، قيل :ادخل الجنّة.). [معاني القرآن: 4/282-283]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى}
قال مجاهد : (هو حبيب النجار) .
قال قتادة : (كان يعبد الله جل وعز في غار , فلما سمع بخبر المرسلين , جاء يسعى فقال للمرسلين : أتطلبون على ما جئتم به أجرا ؟).
قالوا : لا, ما أجرنا إلا على الله .
فقال: يا قوم اتبعوا المرسلين , إلى قوله: {إني آمنت بربكم فاسمعون} , يقول هذا للمرسلين .
وقال كعب , ووهب : (قال هذا لقومه).
قال قتادة : (فرجمه قومه , فقال : اللهم اهد قومي, أحسبه قال : فإنهم لا يعلمون , فلم يزالوا يرجمونه حتى أقعصوه , فأدخله الله جل وعز الجنة , ولم ينظر الله قومه حتى أهلكهم) .
قال كعب ووهب: (وثبوا عليه وثبة رجل واحد ؛ فقتلوه , فإذا هم خامدون).).[معاني القرآن: 5/486-488]

تفسير قوله تعالى:{اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ اتّبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون }: " من " : في موضع جميع.). [مجاز القرآن: 2/159]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتّبعوا المرسلين (20)}
هذا رجل كان يعبد اللّه في غار في جبل، فلما سمع بالمرسلين جاء يسعى، أي: يعدو إليهم، فقال: أتريدون أجرا على ما جئتم به ؟.
فقال المرسلون: لا.
وكان يقال لهذا الرجل : فيما روي حبيب النجار , فأقبل على قومه فقال: {يا قوم اتّبعوا المرسلين (20) اتّبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون (21) }إلى قوله:{فاسمعون}, فأشهد الرسل على إيمانه.
قال قتادة: (هذا رجل دعا قومه إلى الله , ومخضهم النصيحة , فقتلوه على ذلك , وأقبلوا يرجمونه , وهو يقول: اللهم اهد قومي , اللهم اهد قومي، فأدخله الله الجنّة , فهو حيّ فيها يرزق).
والمعنى : فلما عذبه قومه، قيل :ادخل الجنّة.). [معاني القرآن: 4/282-283] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى}
قال مجاهد : (هو حبيب النجار) .
قال قتادة : (كان يعبد الله جل وعز في غار , فلما سمع بخبر المرسلين , جاء يسعى فقال للمرسلين : أتطلبون على ما جئتم به أجرا ؟).
قالوا : لا, ما أجرنا إلا على الله .
فقال: يا قوم اتبعوا المرسلين , إلى قوله: {إني آمنت بربكم فاسمعون} , يقول هذا للمرسلين .
وقال كعب , ووهب : (قال هذا لقومه).
قال قتادة : (فرجمه قومه , فقال : اللهم اهد قومي, أحسبه قال : فإنهم لا يعلمون , فلم يزالوا يرجمونه حتى أقعصوه , فأدخله الله جل وعز الجنة , ولم ينظر الله قومه حتى أهلكهم) .
قال كعب ووهب: (وثبوا عليه وثبة رجل واحد ؛ فقتلوه , فإذا هم خامدون).).[معاني القرآن: 5/486-488] (م)


تفسير قوله تعالى: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وما لي لا أعبد الّذي فطرني} [يس: 22] خلقني.
[تفسير القرآن العظيم: 2/804]
{وإليه ترجعون} [يس: 22] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/805]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتّبعوا المرسلين (20)}
هذا رجل كان يعبد اللّه في غار في جبل، فلما سمع بالمرسلين جاء يسعى، أي: يعدو إليهم، فقال: أتريدون أجرا على ما جئتم به ؟.
فقال المرسلون: لا.
وكان يقال لهذا الرجل : فيما روي حبيب النجار , فأقبل على قومه فقال:{يا قوم اتّبعوا المرسلين (20) اتّبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون (21) }إلى قوله:{فاسمعون}, فأشهد الرسل على إيمانه.
قال قتادة: (هذا رجل دعا قومه إلى الله , ومخضهم النصيحة , فقتلوه على ذلك , وأقبلوا يرجمونه , وهو يقول: اللهم اهد قومي , اللهم اهد قومي، فأدخله الله الجنّة , فهو حيّ فيها يرزق).
والمعنى : فلما عذبه قومه، قيل :ادخل الجنّة.).[معاني القرآن: 4/282-283] (م)


تفسير قوله تعالى: {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أأتّخذ من دونه آلهةً} [يس: 23] على الاستفهام.
{إن يردن الرّحمن بضرٍّ لا تغن عنّي شفاعتهم} [يس: 23]، يعني: الآلهة.
{شيئًا ولا ينقذون} [يس: 23] من ضرّي). [تفسير القرآن العظيم: 2/805]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ( {ولا ينقذون }: تكف هذه الياء - كما تكف ياء الاضافة - هاهنا , وفي آية أخرى { ربّى أكرمن وأمّا إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربّي أهانن }.
قال الأعشى:
ومن كاشحٍ ظاهر غمره= إذا ما انتسبت له أنكرن
والعرب تكف الياءات المكسورات , والمفتوحات من الأرداف , قال لبيد ابن ربيعة:
وقبيلٌ من لكيزٍ شاهدٌ= رهط مرجومٍ ورهط ابن المعلّ
مرجوم العصري من بني عصرٍ من عبد القيس , وابن المعلى: جد الجارود الجذمي.). [مجاز القرآن: 2/160]


تفسير قوله تعالى: (إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّي إذًا لفي ضلالٍ مبينٍ} [يس: 24]، يعني: في خسرانٍ بيّنٍ في تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/805]

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّي آمنت بربّكم فاسمعون} [يس: 25] المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: كان رجلا من قوم يونس، وكان به جذامٌ، وكان يطيف بآلهتهم يدعوها، إذ مرّ على قومٍ مجتمعين، فأتاهم فإذا هم قد قتلوا نبيّين، فبعث اللّه إليهم الثّالث، فلمّا سمع قوله: قال: يا عبد اللّه إنّ معي ذهبًا فهل أنت آخذه منّي وأتّبعك وتدعو اللّه لي؟ قال: لا أريد ذهبك، ولكن اتّبعني، فلمّا رأى الّذي به دعا اللّه له فبرأ، فلمّا رأى ما صنع به {قال يا قوم اتّبعوا المرسلين {20} اتّبعوا من لا يسألكم أجرًا} [يس: 20-21] لما كان عرض عليه من الذّهب فلم يقبله منه {وهم مهتدون {21} وما لي لا أعبد الّذي فطرني} [يس: 21-22] خلقني {وإليه ترجعون {22} أأتّخذ من دونه آلهةً إن يردن الرّحمن بضرٍّ لا تغن عنّي شفاعتهم شيئًا} [يس: 22-23] لما كان يدعو آلهتهم لما به من الجذام فلم يغن عنه شيئًا {ولا ينقذون} [يس: 23] من ضرّي، يعني: الجذام الّذي كان به.
{إنّي إذًا لفي ضلالٍ مبينٍ {24}.
{إنّي آمنت بربّكم فاسمعون {25}} [يس: 25]، أي: فاستمعوا قولي، فاقبلوه فدعاهم إلى الإيمان، وليس هذا الحرف من تفسير مجاهدٍ، قال مجاهدٌ: فلمّا سمعوه قتلوه). [تفسير القرآن العظيم: 2/805]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّي آمنت بربّكم فاسمعون}
أي : فاشهدوا لي بذلك, يقوله: حبيب للرسل الثلاثة.). [معاني القرآن: 2/374]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ إنّي آمنت بربّكم فاسمعون}: مثل ومجازها: اسمعوني ,اسمعوا مني.). [مجاز القرآن: 2/160]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّي آمنت بربّكم فاسمعون}: أي , فاشهدوا.). [تفسير غريب القرآن: 364]


تفسير قوله تعالى:{قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (فـ {قيل} له.
{ادخل الجنّة} [يس: 26] عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: وجبت لك الجنّة.
فـ {قال يا ليت قومي يعلمون {26}). [تفسير القرآن العظيم: 2/806]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتّبعوا المرسلين (20)}
هذا رجل كان يعبد اللّه في غار في جبل، فلما سمع بالمرسلين جاء يسعى، أي: يعدو إليهم، فقال: أتريدون أجرا على ما جئتم به؟.
فقال المرسلون: لا.
وكان يقال لهذا الرجل فيما روي حبيب النجار , فأقبل على قومه فقال: {يا قوم اتّبعوا المرسلين (20) اتّبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون (21)}, إلى قوله: {فاسمعون}, فأشهد الرسل على إيمانه .
قال قتادة: (هذا رجل دعا قومه إلى الله , ومخضهم النصيحة , فقتلوه على ذلك , وأقبلوا يرجمونه , وهو يقول: اللهم اهد قومي , اللهم اهد قومي، فأدخله الله الجنّة , فهو حيّ فيها يرزق).
والمعنى : فلما عذبه قومه، قيل : ادخل الجنّة.
فلما شاهدها , قال:{يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين (27)}
أي : بمغفرة ربي لي.
{من المكرمين}: أي : من المدخلين الجنة.
وقيل أيضا بما غفر لي ربي , أي: ليتهم يعلمون بالعمل والإيمان الذي غفر لي به ربّي، ويجوز " بم غفر لي ربّي "على معني : بأي شيء غفر لي ربي، ويجوز أن يكون " بما " في هذا المعنى بإثبات الألف، تقول: قد علمت بما صنعت هذا، وقد علمت بم صنعت هذا، أي : قد علمت بأي شيء صنعت هذا، وحذف الألف في هذا المعنى أجود.). [معاني القرآن: 4/282-283]


تفسير قوله تعالى: {بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين {27}} [يس: 27] فنصحهم حيًّا وميّتًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/806]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {بما غفر لي ربّي...}
و(بما) تكون في موضع (الذي) , وتكون (ما) , و(غفر) في موضع مصدر.
ولو جعلت (ما) في معنى (أيّ) كان صواباً.
يكون المعنى: ليتهم يعلمون بأيّ شيء غفر لي ربّي, ولو كان كذلك لجاز له فيه: (بم غفر لي ربّي) بنقصان الألف. كما تقول:
سل عمّ شئت، وكما قال : {فناظرةٌ بم يرجع المرسلون} , وقد أتمّها الشاعر , وهي استفهام فقال:
إنا قتلنا بقتلانا سراتكم = أهل اللواء ففيما يكثر القيل). [معاني القرآن: 2/374-375]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتّبعوا المرسلين (20)}
هذا رجل كان يعبد اللّه في غار في جبل، فلما سمع بالمرسلين جاء يسعى، أي: يعدو إليهم، فقال: أتريدون أجرا على ما جئتم به؟.
فقال المرسلون: لا.
وكان يقال لهذا الرجل فيما روي حبيب النجار , فأقبل على قومه فقال: {يا قوم اتّبعوا المرسلين (20) اتّبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون (21)}, إلى قوله: {فاسمعون}, فأشهد الرسل على إيمانه .
قال قتادة: (هذا رجل دعا قومه إلى الله , ومخضهم النصيحة , فقتلوه على ذلك , وأقبلوا يرجمونه , وهو يقول: اللهم اهد قومي , اللهم اهد قومي، فأدخله الله الجنّة , فهو حيّ فيها يرزق).
والمعنى : فلما عذبه قومه، قيل : ادخل الجنّة.
فلما شاهدها , قال:{يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين (27)}
أي : بمغفرة ربي لي.
{من المكرمين}: أي : من المدخلين الجنة.
وقيل أيضا بما غفر لي ربي , أي: ليتهم يعلمون بالعمل والإيمان الذي غفر لي به ربّي، ويجوز " بم غفر لي ربّي "على معني : بأي شيء غفر لي ربي، ويجوز أن يكون " بما " في هذا المعنى بإثبات الألف، تقول: قد علمت بما صنعت هذا، وقد علمت بم صنعت هذا، أي : قد علمت بأي شيء صنعت هذا، وحذف الألف في هذا المعنى أجود.). [معاني القرآن: 4/282-283]


تفسير قوله تعالى:{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {وما أنزلنا على قومه من بعده من جندٍ من السّماء} [يس: 28] رسالةٍ، في تفسير مجاهدٍ.
{وما كنّا منزلين} [يس: 28] والجند في تفسير الحسن الملائكة الّذين يجيئون بالوحي إلى الأنبياء، فانقطع عنهم الوحي واستوجبوا العذاب، فجاءهم العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 2/806]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السّماء وما كنّا منزلين (28)}
المعنى : لم ننزل عليهم جندا، لم ننتصر للرسول الذي كذبوه بجند.). [معاني القرآن: 4/283]


تفسير قوله تعالى:{إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {إن كانت إلا صيحةً واحدةً} [يس: 29] الصّيحة عند الحسن العذاب.
وقال السّدّيّ: صيحة إسرافيل.
{فإذا هم خامدون} [يس: 29] قد هلكوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/806]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إن كانت إلاّ صيحةً واحدةً...}
نصبتها القراء إلا أبا جعفر، فإنه رفعها، على ألاّ يضمر في (كانت) اسماً.
والنصب إذا أضمرت فيها؛ كما تقول: اذهب , فليس إلاّ الله الواحد القهّار , والواحد القهّار، على هذا التفسير.
وسمعت بعض العرب يقول لرجل يصفه بالخبّ: لو لم يكن إلاّ ظلّه لخابّ ظلّه.
والرفع والنصب جائزان, وقد قرأت القراء :{إلاّ أن تكون تجارةً حاضرة}بالرفع والنصب, وهذا من ذاك.
وقوله: {إن كانت إلاّ صيحةً واحدةً} .
وفي قراءة عبد الله : (إن كانت إلاّ زقيةً), والزقية , والزقوة لغتان.
يقال: زقيت وزقوت, وأنشدني بعضهم , وهو يذكر امرأة:
تلد غلاماً عارماً يؤذيك = ولو زقوت كزقاء الدّيك.). [معاني القرآن: 2/375]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (إن الخفيفة: تكون بمعنى (ما)، كقوله تعالى: {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ}، و{إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} ، و{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} ). [تأويل مشكل القرآن: 552] (م)


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (ومعنى :{إن كانت إلّا صيحة واحدة فإذا هم خامدون (29)}
ما كانت إلا صيحة واحدة، إلا أن صيح بهم صيحة واحدة , فماتوا معذبين بها، ويقرأ :{إلّا صيحة واحدة}, قرأ بها أبو جعفر المدني وحده, وهي جيدة في العربية، فمن نصب , فالمعنى ما وقعت عليهم عقوبة إلا صيحة واحدة.

{فإذا هم خامدون}: أي: ساكنون قد ماتوا , وصاروا بمنزلة الرماد الخامد الهامد.). [معاني القرآن: 4/283-284]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون}
قال مجاهد في قوله تعالى: {قيل ادخل الجنة}, قال : (قيل له : وجبت لك الجنة) .
وقوله جل وعز: {إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون}
وقرأ أبو جعفر : {إن كانت إلا صيحة واحدة }
والمعنى على قراءته: إن وقعت عقوبتهم إلا صيحة واحدة , فإذا هم خامدون , أي: ساكنون , بمنزلة الرماد الخامد.). [معاني القرآن: 5/488-489]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 ذو القعدة 1431هـ/21-10-2010م, 06:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 30 إلى 59]

{ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32) وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35) سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36) وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45) وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53) فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (54) إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59).}.

تفسير قوله تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا حسرةً على العباد...}
المعنى: يا لها حسرةً على العباد.
وقرأ بعضهم: {يا حسرة العباد} , والمعنى في العربيّة واحد, والله أعلم.
والعرب : إذا دعت نكرة موصولة بشيء , آثرت النصب، يقولون: يا رجلا كريماً أقبل، ويا راكباً على البعير أقبل.
فإذا أفردوا , رفعوا أكثر ممّا ينصبون, أنشدني بعضهم:
يا سيّدا ما أنت من سيّدٍ = موطّأ الأعقاب رحب الذراع
قوّال معروف وفعّاله = نحّار أمّات الرّباع الرّتاع
أنشدنيه بعض بني سليم (موطّأ) بالرفع، وأنشدنيه الكسائيّ (موطأ) بالخفض, وأنشدني آخر:
ألا يا قتيلاً ما قتيل بني حلس = إذا ابتلّ أطراف الرماح من الدّعس
ولو رفعت النكرة الموصولة بالصّفة , كان صواباً, قد قالت العرب:
= يا دار غيّرها البلى تغييرا
تريد: يأيّتها الدار غيّرها. وسمعت أبا الجراح يقول لرجلٍ: أيا مجنون مجنون، إتباع. وسمعت من العرب: يا مهتمّ بأمرنا لا تهتمّ، يريدون: يأيّها المهتمّ.). [معاني القرآن: 2/375-376]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلّا كانوا به يستهزءون (30)}
وقرئت : يا حسرة العباد بغير على، ولكني : لا أحب القراءة بشيء خالف المصحف ألبتة, وهذه من أصعب مسألة في القرآن.
إذا قال القائل: ما الفائدة في مناداة الحسرة، والحسرة مما لا يجيب؟
فالفائدة في مناداتها كالفائدة في مناداة ما لا يعقل؛ لأن النداء باب تنبيه.
إذا قلت يا زيد , فإن لم تكن دعوته لتخاطبه لغير النداء , فلا معنى للكلام، إنما تقول: يا زيد , فتنبهه بالنداء , ثم تقول له: فعلت كذا , وافعل كذا.
وما أحببت مما له فيه فائدة، ألا ترى أنك تقول لمن هو مقبل عليك: يا زيد ما أحسن ما صنعت، ولو قلت له: ما أحسن ما صنعت كنت قد بلغت في الفائدة ما أفهمت به، غير أن قولك : يا زيد أوكد في الكلام, وأبلغ في الإفهام.
وكذا إذا قلت للمخاطب : أنا أعجب مما فعلت، فقد أفدته أنك متعجب، ولو قلت: واعجباه مما فعلت، ويا عجباه: أتفعل كذا وكذا، كان دعاؤك العجب أبلغ في الفائدة.
والمعنى : يا عجب أقبل، فإنه من أوقاتك، و إنما نداء العجب تنبيه , لتمكن علم المخاطب بالتعجب من فعله.
وكذلك إذا قلت: ويل لزيد , أو ويل زيد, لم فعل كذا وكذا كان أبلغ.
وكذلك في كتاب اللّه عزّ وجلّ : {يا ويلتى أألد وأنا عجوز}, وكذلك :{يا حسرتى على ما فرّطت في جنب اللّه}
وكذلك : {يا حسرة على العباد}: والمعنى: في التفسير أن استهزاءهم بالرسل حسرة عليهم.
والحسرة : أن يركب الإنسان من شدة الندم ما لا نهاية له بعده حتى يبقى قلبه حسيرا.). [معاني القرآن: 4/284-285]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون}
وفي حرف أبي : يا حسرة العباد , أي : هذا موضع حضور الحسرة .
قال أبو جعفر : وحقيقة الحسرة في اللغة أن يلحق الإنسان من الندم ما يصير به حسيرا.). [معاني القرآن: 5/489]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({يا حسرة على العباد}
قال ثعلب: معناه : يا حسرة عليهم , لا علينا , ولا على رسلنا.). [ياقوتة الصراط: 421]

تفسير قوله تعالى:{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ألم يروا كم أهلكنا...}
(كم) في موضع نصب من مكانين: أحدهما أن توقع {يروا} على {كم} .
وهي في قراءة عبد الله : {ألم يروا من أهلكنا} , فهذا وجه.
والآخر أن توقع {أهلكنا} على (كم), وتجعله استفهاماً, كما تقول: علمت كم ضربت غلامك.
وإذا كان قبل من , وأيّ , وكم رأيت , وما اشتقّ منها، أو العلم , وما اشتقّ منه, وما أشبه معناهما، جاز أن توقع ما بعدكم , وأيّ : ومن وأشباهها عليها، كما قال الله: {لنعلم أي الحزبين أحصى}: ألا ترى أنك قد أبطلت العلم عن وقوعه على أيّ، ورفعت أيّا بأحصى, فكذلك تنصبها بفعل لو وقع عليها.
وقوله: {أنّهم إليهم} : فتحت ألفها؛ لأن المعنى: ألم يروا أنهم إليهم لا يرجعون. وقد كسرها الحسن البصري، كأنه لم يوقع الرؤية على (كم) فلم يوقعها على (أنّ) , وإن شئت كسرتها على الاستئناف , وجعلت كم منصوبةً بوقوع يروا عليها.).[معاني القرآن: 2/376]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أنّهم إليهم لا يرجعون }: عمل الفعل الذي قبلها فيها :{ ألم يروا}: إذا كانت معلقة بما قبلها , فهي مفتوحة.).[مجاز القرآن: 2/160]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنّهم إليهم لا يرجعون (31)}
أي: فيخافون أن يعجّل لهم في الدنيا مثل الذي عجّل لغيرهم ممن أهلك، وأنهم مع ذلك لا يعودون إلى الدنيا أبدا.
وموضع " كم ": نصب بـ (أهلكنا) لأن " كم " لا يعمل فيها ما قبلها، خبرا كانت , أو استفهاما.
تقول في الخبر: كم سرت؟, تريد سرت فراسخ كثيرة، ولا يجوز سرت كم فرسخا، وذلك أن كم في بابها بمنزلة ربّ، وأن أصلها الاستفهام والإبهام، فكما أنك إذا استفهمت , فقلت للمخاطب: كم فرسخا سرت ؟, لم يجز سرت كم فرسخا؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، فكذلك إذا جعلت كم خبرا , فالإبهام قائم فيها.
و(أنّهم) بدل من معنى : {ألم يروا كم أهلكنا}
والمعنى : ألم يروا أن القرون التي أهلكنا أنهم لا يرجعون.
ويجوز{إنهم لا يرجعون}: بكسر " إنّ " , ومعنى ذلك الاستئناف.
المعنى : هم إليهم لا يرجعون.). [معاني القرآن: 4/285]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون}
قال سيبويه : هو بدل من كم, أي: ألم يروا أن القرون التي أهلكناهم , أنهم لا يرجعون.
قال محمد بن يزيد : هذا لا يصح , ولا يجوز , ومعنى: ألم يروا : ألم يعلموا ؛ لأنهم إنما أخبروا بهذا.
وكم نصب بـ «أهلكنا» , والمعنى : ألم يعلموا : كم أهلكنا قبلهم من القرون , أي: بأنهم إليهم لا يرجعون , أي: بالاستئصال .
قال: والدليل على هذا: أنها في قراءة عبد الله بن مسعود : {من أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون}
وقرأ الحسن : (إنهم إليهم لا يرجعون).). [معاني القرآن: 5/489-490]

تفسير قوله تعالى:{وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن كلٌّ لّمّا جميعٌ...}
شدّدها الأعمش , وعاصم, وقد خفّفها قوم كثير منهم من قرّاء أهل المدينة , وبلغني أن عليّاً خففها, وهو الوجه؛ لأنها (ما) أدخلت عليها لام تكون جواباً لإن؛ كأنك: قلت: وإن كلّ لجمع لدينا محضرون, ولم يثقّلها من ثقّلها إلاّ عن صواب.
فإن شئت أردت: وإن كل لمن ما جميع، ثم حذفت إحدى الميمات لكثرتهنّ؛ كما قال.
غداة طفت علماء بكر بن وائل = وعجنا صدور الخيل نحو تميم
والوجه الآخر من التثقيل: أن يجعلوا (لمّا) بمنزلة (إلاّ) مع (إن) خاصة، فتكون في مذهبها بمنزلة إنما إذا وضعت في معنى إلاّ، كأنها لم ضمّت إليها ما , فصارا جميعاً استثناء , وخرجتا من حدّ الجحد.
ونرى أن قول العرب (إلاّ) : إنما جمعوا بين إن التي تكون جحداً , وضمّوا إليها (لا) , فصارا جميعاً حرفاً واحداً , وخرجا من حد الجحد إذ جمعتا فصارا حرفا واحداً.
وكذلك لمّا, ومثل ذلك قوله: {لولا}، إنما هي لو ضمت إليها (لا), فصارتا حرفا واحدا, وكان الكسائي ينفي هذا القول, ويقول: لا أعرف جهة لمّا في التشديد في القراءة.). [معاني القرآن: 2/376-377]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وإن كلٌّ }: إذا خففت إن رفعت بها , وإن ثقّلتها نصبت {لمّا جميعٌ }: تفسيرها :{وإن كلٌّ لجميع }, و " ما " : مجازها مجاز " مثلاً مّا بعوضةً " , و " عمّا قليل ".). [مجاز القرآن: 2/160]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وإن كلّ لمّا جميع لدينا محضرون (32)}
من قرأ بالتخفيف (لما) فما زائدة مؤكدة، والمعنى إن كل لجميع لدينا محضرون، ومعناه : وما كلّ إلا جميع لدينا محضرون.
ويقرأ (لمّا) بالتشديد , ومعنى (لمّا) ههنا (ألّا)، تقول : سألتك لمّا فعلت.
وتفسير الآية : أنّهم يحضرون يوم القيامة , فيقفون على ما عملوا.). [معاني القرآن: 4/286]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإن كل لما جميع لدينا محضرون}
إن بمعنى ما , ولما بمعنى إلا, وحكى النحويون : بالله لما قمت بمعنى إلا .
وفي حرف أبي بن كعب : (وإن منهم إلا جميع لدينا محضرون).). [معاني القرآن: 5/491-490]

تفسير قوله تعالى:{وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({الأرض الميتة }: مخففةٌ الميت والميت قال قوم: إذا كات قد مات فهو خفيف, وإذا لم يكن مات , فهو مثقل , وقوم يجعلونه واحداً.
الأصل الثقيل , وهذا تخفيفها، مجازهن مجاز " هيّن "، " ليّن " , ثم يخففون فيقولون: هين، لين، كما قال ابن الرعلاء الغساني:
ليس من مات فاستراح بميتٍ= إنما الميت ميّت الأحياء
فجعله خفيفاً جميعاً موضعٌ: قد مات , وموضع: لم يمت , ثم ثقل الخفيف.). [مجاز القرآن: 2/160-161]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبّا فمنه يأكلون (33)}
{الميتة}: ويقرأ بالتشديد, وأصل الميتة الميّتة، والأصل التشديد، والتخفيف أكثر، وكلاهما جائز.
(وآية) مرفوعة بالابتداء، وخبرها (لهم) : أي : وعلامة تدلهم على التوحيد , وأن اللّه يبعث الموتى إحياء الأرض الميتة.
ويجوز أن يكون آية مرفوعة بالابتداء، وخبرها : الأرض الميتة.). [معاني القرآن: 4/286]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وآية لهم الأرض الميتة أحييناها}
أي : وعلامة تدل على قدرة الله عز وجل , وإحيائه الموتى : الأرض الميتة أحييناها.). [معاني القرآن: 5/491]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وجعلنا فيها جنّاتٍ من نخيلٍ وأعنابٍ وفجّرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره }
مجاز هذا : مجاز قول العرب , يذكرون الاثنين ثم يقتصرون على خبر أحدهما , وقد أشركوا ذاك فيه وفي القرآن: {والذّين يكنزون الذّهب والفضّة ولا ينفقونها في سبيل الله }
وقال الأزرق بن طرفة ابن العمرد الفراصي من بني فراص من باهلة:
رماني بأمرٍ كنت منه ووالدي= برئاً ومن دون الطّوىّ رماني
اقتصر على خبر واحد , وقد أدخل الآخر معه , وقال حسان بن ثابت:
(إن شرخ الشباب والشّعر الأسود = ما لم يعاص كان جنوناً)
ولم يقل: يعاصيا , وكانا.). [مجاز القرآن: 2/161]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وجعلنا فيها جنّاتٍ من نخيلٍ وأعنابٍ وفجّرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم}: أي : وليأكلوا مما عملته أيديهم.
ويجوز أن يكون: إنا جعلنا لهم جنات من نخيل وأعناب , ولم تعمله أيديهم.
ويقرأ: وما عملت أيديهم بلا هاء.). [تفسير غريب القرآن: 364-365]

تفسير قوله تعالى: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ليأكلوا من ثمره وما عملت أيديهم...}
وفي قراءة عبد الله : {وما عملته أيديهم}, وكلّ صواب.
والعرب تضمر الهاء في: الذي, ومن , وما، وتظهرها, وكلّ ذلك صواب .
{وما عملت}: (ما) إن شئت في موضع خفضٍ: ليأكلوا من ثمره , وممّا عملت أيديهم.
وإن شئت جعلتها جحداً فلم تجعل لها موضعا, ويكون المعنى: أنا جعلنا لهم الجنات , والنخيل والأعناب, ولم تعمله أيديهم {أفلا يشكرون}.). [معاني القرآن: 2/377]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجعلنا فيها جنّاتٍ من نخيلٍ وأعنابٍ وفجّرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم} : أي: وليأكلوا مما عملته أيديهم.
ويجوز أن يكون: إنا جعلنا لهم جنات من نخيل , وأعناب , ولم تعمله أيديهم.
ويقرأ: وما عملت أيديهم بلا هاء.). [تفسير غريب القرآن: 364-365] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوّله: {وفجّرنا فيها من العيون (34) ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون (35)}
ويجوز ثمره بإسكان الميم , وضم الثاء.
{وما عملته أيديهم}: ويقرأ (وما عملت) بغير هاء، وموضع " ما " خفض.
المعنى : ليأكلوا من ثمره , ومما عملته أيديهم.
ويجوز أن تكون (ما) نفيا، على معنى : ليأكلوا من ثمره , ولم تعمله أيديهم, هذا على إثبات الهاء.
وإذا حذفت الهاء ؛ فالاختيار أن يكون " ما " في موضع خفض، ويكون (ما) في معنى : الذي، فيحسن حذف الهاء، ويكون هذا على قوله:
{أفرأيتم ما تحرثون (63) أأنتم تزرعونه أم نحن الزّارعون (64) }.). [معاني القرآن: 4/286-287]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم}
روي عن ابن عباس : (أي : ولم تعمله أيديهم) .
وتقرأ: وما عملت أيديهم بمعنى : والذي عملت أيديهم.). [معاني القرآن: 5/491-492]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} : يجوز أن يكون نفياً , وخبرا , ولا يجوز حذف الهاء إن كان نفياً.).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 201]

تفسير قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {سبحان الّذي خلق الأزواج كلّها}: أي: الأجناس كلها.). [تفسير غريب القرآن: 365]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الزوج: اثنان، وواحد، قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} فجعل كل واحد منهما زوجا.
وهو بمعنى: الصّنف، قال: {خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ} يعني: الأصناف.
وقال: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ} أي ثمانية أصناف). [تأويل مشكل القرآن: 498] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {سبحان الّذي خلق الأزواج كلّها ممّا تنبت الأرض ومن أنفسهم وممّا لا يعلمون (36)}
{سبحان}: تبرئة اللّه من السوء وتنزيهه.
ومعنى الأزواج: الأجناس كلها من النبات , والحيوان , وغيرها.
{ومن أنفسهم وممّا لا يعلمون}: مما خلق اللّه من جميع الأنواع والأشباه.). [معاني القرآن: 4/287]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها}
أي : الأصناف من الثمرات , والحيوان , وغيرها.). [معاني القرآن: 5/492]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا}: أي:الأجناس.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 201]

تفسير قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {نسلخ منه النّهار...}
فإن قال قائل: ما قوله: {نسلخ منه النّهار}, فإنما معناه: نسلخ عنه النهار: نرمي بالنهار عنه , فتأتي الظلمة.
وكذلك النهار يسلخ منه الليل , فيأتي الضوء, وهو عربيّ معروف، ألا ترى قوله: {آتيناه آياتنا فانسلخ منها} : أي: خرج منها وتركها, وكذلك الليل والنهار.). [معاني القرآن: 2/377]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {نسلخ منه النّهار} : نميزه منه , فنجئ بالظلمة: { فإذ هم مّظلمون }: أي: يقال للرجل: سلخه الله من دينه.).[مجاز القرآن: 2/161]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فإذا هم مظلمون}: أي: داخلون في الظلام.). [تفسير غريب القرآن: 365]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وآية لهم اللّيل نسلخ منه النّهار فإذا هم مظلمون (37)}
ومعنى نسلخ , نخرج منه النهار إخراجا لا يبقى معه شيء من ضوء النهار، وذلك من العلامات الدالة على توحيد اللّه وقدرته.). [معاني القرآن: 4/287]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون}
يقال: سلخت الشيء من الشيء , أي: أزلته منه , وخلصته حتى لم يبق منه شيء , فإذا هم مظلمون .
فإذا هم مظلمون : أي: داخلون في الإظلام.). [معاني القرآن: 5/492]

تفسير قوله تعالى:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لّها...}
إلى مقدار مجاريها: المقدار المستقر.
من قال: {لا مستقرّ لها} , أو {لا مستقرٌّ لها} , فهما وجهان حسنان، جعلها أبداً جاريةً, وأمّا أن يخفض المستقرّ , فلا أدري ما هو.). [معاني القرآن: 2/377]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها}: أي: موضع تنتهي إليه، فلا تجاوزه، ثم ترجع.). [تفسير غريب القرآن: 365]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.
قوله: {تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} أي: إلى مستقر لها، كما تقول: هو يجري لغايته وإلى غايته.
ومستقرّها: أقصى منازلها في الغروب، وذلك لأنها لا تزال تتقدم في كل ليلة حتى تنتهي إلى أبعد مغاربها ثم ترجع، فذلك مستقرها لأنها لا تجاوزه.
وقرأ بعض السلف: والشمس تجري لا مستقر لها والمعنى أنها لا تقف، ولا تستقر، ولكنها جارية أبدا). [تأويل مشكل القرآن: 318]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {والشّمس تجري لمستقرّ لها ذلك تقدير العزيز العليم (38)}
المعنى : وآية لهم الشمس تجري لمستقر لها, أي: لأجل قد أجّل لها , وقدّر لها.
ومن قرأ :{لا مستقر لها}: فمعناه أنها جارية أبدا , لا تثبت في مكان.). [معاني القرآن: 4/287]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم}
قيل : المعنى : إلى موضع قرارها , كما جاء في الحديث : ((تذهب فتسجد بين يدي ربها جل وعز , ثم تستأذن بالرجوع , فيؤذن لها)).
آي: وآية لهم الشمس تجري لمستقر لها .
ويجوز أن تكون مبتدأة , ولمستقر لها الخبر , أي: لأجل لها.
وروي عن ابن عباس : أنه قرأ : {لا مستقر لها}: (أي : جارية لا تثبت في موضع واحد).
وروى الأعمش , عن إبراهيم التيمي , عن أبيه , عن أبي ذر رضي الله عنه قال : (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله جل وعز:
{والشمس تجري لمستقر لها}, قال : ((مستقرها تحت العرش))).
وقيل : إلى أبعد منازلها في الغروب , ثم ترجع , ولا تجاوزه.). [معاني القرآن: 5/493-494]

تفسير قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والقمر قدّرناه منازل...}
الرفع فيه أعجب إليّ من النصب؛ لأنه قال: {وآيةٌ لهم اللّيل}, ثم جعل الشمس والقمر متبعين لليل , وهما في مذهبه آيات مثله.
ومن نصب أراد: وقدّرنا القمر منازل، كما فعلنا بالشمس, فردّه على الهاء من الشمس في المعنى، لا أنه أوقع عليه ما أوقع على الشمس.
ومثله في الكلام: عبد الله يقوم, وجاريته يضربها، فالجارية مردودة على الفعل لا على الاسم , لذلك نصبناها؛ لأنّ الواو التي فيها للفعل المتأخّر.
وقوله: {كالعرجون} : والعرجون : ما بين الشماريخ إلى النابت في النخلة.
والقديم في هذا الموضع: الذي قد أتى عليه حول.). [معاني القرآن: 2/378]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({حتّى عاد كالعرجون القديم }: هو الإهان : إهان العذق الذي في أعلاه العثا كيل , وهي الشّماريخ , والعذق بفتح العين: النخلة.).[مجاز القرآن: 2/161]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ((العرجون القديم): العذق الذي في أعلاه الشماريخ). [غريب القرآن وتفسيره: 311]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (وكالعرجون: عود الكباسة, وهو: الإهان أيضا.
والقديم: الذي قد أتي عليه حول، فاستقوس ودق, وشبه القمر آخر ليلة يطلع به.).[تفسير غريب القرآن: 365]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( وقوله: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} يريد: أنه ينزل كل ليلة منزلا، ومنازله ثمانية وعشرون منزلا عندهم، من أول الشهر إلى ثمان وعشرين ليلة منه ثم يستسرّ.
وهذه المنازل هي النجوم التي كانت العرب تنسب إليها الأنواء.
وأسماؤها عندهم الشّرطان والبطين، والثّريّا، والدّبران، والهقعة، والهنعة، والذّراع، والنّثرة، والطّرف، والجبهة، والزّبرة، والصّرفة، والعوّاء، والسّماك، والغفر، والزّباني، والإكليل، والقلب، والشّولة، والنّعائم، والبلدة، وسعد الذّابح، وسعد بلع، وسعد السّعود، وسعد الأخبية، وفرغ الدّلو المقدّم، وفرغ الدّلو المؤخّر، والرّشا وهو الحوت.
وإذا صار القمر في آخر منازله دقّ حتى يعود كالعرجون القديم وهو العذق اليابس. والعرجون إذا يبس دقّ واستقوس حتى صار كالقوس انحناء، فشبّه القمر به ليلة ثمانية وعشرين). [تأويل مشكل القرآن: 316-318]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {والقمر قدّرناه منازل حتّى عاد كالعرجون القديم (39)}
يقرأ بالرفع والنصب، فمن نصب فعلى : " وقدّرنا القمر منازل قدّرناه منازل " , والرفع على معنى : وآية لهم القمر قدّرناه.
ويجوز أن يكون على الابتداء , و (قدّرناه) : الخبر.
{حتّى عاد كالعرجون القديم}: العرجون : عود العذق الذي يسمى الكباسة.
وحقيقة العرجون ك أنه العود الذي عليه العذق، والعرجون عود العذق الذي تركبه الشماريخ من العذق، فإذا جفّ وقدم دق وصغر , فحينئذ يشبه الهلال في آخر الشهر، وفي أول مطلعه.
وتقدير (عرجون) : فعلول, من الانعراج.). [معاني القرآن: 4/287-288]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم}
أي : وآية لهم القمر, ويجوز أن يكون مبتدأ , والخبر : قدرناه منازل والتقدير : قدرناه ذا منازل , كما قال سبحانه: {وإذا كالوهم}: أي: كالوا لهم.
ثم قال جل وعز: {حتى عاد كالعرجون القديم}
قال قتادة : (أي: كالعذق اليابس المنحني من النخلة) .
قال أبو جعفر: الذي قاله قتادة هو الذي حكاه أهل اللغة , والعذق بكسر العين هو: الكباسة والقنو .
وأهل مصر يسمونه الإسباطة, وإذا جف شبه به القمر في آخر الشهر , وأوله .
والعذق بفتح العين : النخلة.). [معاني القرآن: 5/494-496]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {حتى عاد كالعرجون القديم}
قال: العرجون الذي يبقى من الكباسة في النخلة إذا قطعت، والقديم البالي.). [ياقوتة الصراط: 422]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْعُرْجُونِ}: العذق). [العمدة في غريب القرآن: 250]

تفسير قوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر...}
يقول: تطلع ليلا، ولا أن يسبق الليل النهار، يقول: ولا القمر له أن يطلع نهاراً، أي : لا يكون له ضوء.
ويقال: لا ينبغي للشمس أن تدرك القمر فتذهب ضوءه، ولا أن يسبق الليل النهار فيظلمه.
وموضع {أن تدرك} رفع.). [معاني القرآن: 2/378]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر }: مجازها: لا يكون أن تفوت.).[مجاز القرآن: 2/162]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وكلٌّ في فلكٍ يسبحون}: مجاز هذا : مجاز الموات الذي أجرى مجرى الناس في القرآن {رأيتهم لي ساجدين }, وفي آية أخرى :{لقد علمت ما هؤلاء ينطقون }.). [مجاز القرآن: 2/162]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكلٌّ في فلكٍ يسبحون}
وقال: {لا الشّمس}, فادخل "لا" لمعنى النفي , ولكن لا ينصب ما بعدها أن تكون نكرة فهذا مثل قوله: {ولا أنتم عابدون} .). [معاني القرآن: 3/38]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر}: فيجتمعا.
{ولا اللّيل سابق النّهار}: أي: لا يفوت الليل النهار، فيذهب قبل مجيئه.
{وكلٌّ في فلكٍ يسبحون}: يعني: الشمس والقمر والنجوم يسبحون، أي: يجرون.). [تفسير غريب القرآن: 365]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( ثم قال سبحانه: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} يريد: أنهما يسيران الدّهر دائبين ولا يجتمعان، فسلطان القمر بالليل، وسلطان الشمس بالنهار، ولو أدركت الشمس القمر لذهب ضوءه، وبطل سلطانه، ودخل النهار على الليل.
يقول الله جل وعز حين ذكر يوم القيامة: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} وذلك عند إبطال هذا التدبير، ونقض هذا التأليف.
{وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} يقول: هما يتعاقبان، ولا يسبق أحدهما الآخر: فيفوته ويذهب قبل مجيء صاحبه.
{وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} أي: يجرون، يعني الشمس والقمر والنجوم). [تأويل مشكل القرآن: 317-318]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكلّ في فلك يسبحون (40)}
المعنى : لا يذهب أحدهما بمعنى الآخر.
{وكلّ في فلك يسبحون}: لكل واحد منهما فلك، ومعنى يسبحون : يسيرون فيه بانبساط.
وكل من انبسط في شيء , فقد سبح فيه، ومن ذلك: السباحة في الماء.). [معاني القرآن: 4/288]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار}
قال الضحاك : (أي: لا تجئ الشمس , فيغلب ضوءها ضوء القمر , ولا يطلع القمر فيخالط ضوءه ضوء الشمس) .
{ولا الليل سابق النهار}, قال : أي: لا يزول من قبل أن يجئ النهار.
ثم قال جل وعز: {وكل في فلك يسبحون}: كل من سار سيرا فيه انبساط , فهو سابح.). [معاني القرآن: 5/496-497]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لا الشمس ينبغي لها}: أي: لا يصلح لها.). [ياقوتة الصراط: 422]

تفسير قوله تعالى:{وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذرّيّتهم...}
إنما يخاطب أهل مكّة، فجعل الذرّية التي كانت مع نوح لأهل مكّة؛ لأنها أصل لهم، فقال: {ذرّيّتهم}: هم أبناء الذرّية.). [معاني القرآن: 2/379]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ في الفلك المشحون }: المملوء يقال: شحنها عليه خيلاً , ورجالاً , أي: ملأها، والفلك: القطب الذي تدور عليه السماء، والفلك : السفينة، الواحد , والجميع من السفن.). [مجاز القرآن: 2/162]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وآية لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون (41)}
خوطب بهذا أهل مكة، وقيل : حملنا ذريتهم لأن من حمل مع نوح عليه السلام في الفلك , فهم آباؤهم، وذرياتهم.
والمشحون في اللغة : المملوء، شحنت السفينة إذا ملأتها.
وشحنت المدينة , وأشحنتها إذا ملأتها.). [معاني القرآن: 4/288]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون}
قال أبو جعفر : أحسن ما قيل في هذا , أن المعنى: وآية لأهل مكة : أنا حملنا ذريات القرون الماضية في الفلك المشحون.). [معاني القرآن: 5/497-498]

تفسير قوله تعالى: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وخلقنا لهم مّن مّثله...}
من مثل فلك نوح : {ما يركبون}.
يقول: جعلنا لهم السّفن مثّلت على ذلك المثال, وهي الزواريق وأشباهها ممّا يركب فيه الناس.
ولو قرأ قارئ: من مثله كان وجهاً , يريد من مثاله: أسمع أحداً قرأ به.). [معاني القرآن: 2/378]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون (42)}
الأكثر في التفسير : أن من مثله من مثل سفينة نوح، وقيل من مثله :يعني به الإبل، وأن الإبل في البريّة بمنزلة السّفن في البحر.). [معاني القرآن: 4/288]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون}
قال ابن عباس , وأبو مالك , وأبو صالح , والحسن : (يعني : السفن) .
وقال عبد الله بن شداد بن الهاد , وعكرمة , ومجاهد وقتادة : (يعني : الإبل) .
قال أبو جعفر : والإبل , والدواب في البر بمنزلة السفن في البحر إلا أن الأول أشبه بتأويل ذلك لدلالة قوله: {وإن نشأ نغرقهم}, وإنما الغرق في الماء.). [معاني القرآن: 5/499]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {من مثله ما يركبون}: أي: من الحيوان : من الخيل , والجمال , والبغال .والحمير.). [ياقوتة الصراط: 422]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَا صَرِيخَ}: لا مغيث.). [العمدة في غريب القرآن: 250]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلا صريخ لهم...}
الصريخ: الإغاثة.). [معاني القرآن: 2/379]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لا صريخ لهم}: لا مغيث لهم.
{ولا هم ينقذون إلاّ رحمةً مّنّا }: مجازها مجاز المصدر الذي فعله بغير لفظه , قال رؤبة:
إنّ نزاراً أصبحت نزارا= دعوة أبرارٍ دعوا أبرارا
وقال الأحوص:
إنّي لأمنحك الصّدود وإنني= قسماً إليك مع الصدود لأميل.). [مجاز القرآن: 2/162]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لا صريخ لهم}: لا مغيث لهم). [غريب القرآن وتفسيره: 312]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فلا صريخ لهم}: أي: لا مغيث لهم، ولا مجير، {ولا هم ينقذون}. ). [تفسير غريب القرآن: 365-366]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون (43)}: أي: فلا مغيث لهم.). [معاني القرآن: 4/288]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإن نشأ تغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون}
قال قتادة : (أي : فلا مغيث لهم).).[معاني القرآن: 5/499]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ}: أي : لا مغيث , ولا مجير.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 201]

تفسير قوله تعالى:{إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ رحمةً مّنّا...}
يقول: إلاّ أن نفعل ذلك رحمة.
وقوله: {ومتاعاً إلى حينٍ} : يقول: بقاء إلى أجلٍ، أي: نرحمهم , فنمتّعهم إلى حين.). [معاني القرآن: 2/379]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إلّا رحمةً منّا ومتاعاً إلى حينٍ}: أي: إلا أن نرحمهم، ونمتعهم إلى أجل.). [تفسير غريب القرآن: 366]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({إلّا رحمة منّا ومتاعا إلى حين (44)}
منصوبة: مفعول لها، المعنى: ولا ينقذون إلّا لرحمة منّا , ولمتاع إلى حين, إلى انقضاء الأجل.). [معاني القرآن: 4/289]

تفسير قوله تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {اتّقوا ما بين أيديكم...}
من عذاب الآخرة :{وما خلفكم} : من عذاب الدنيا ممّا لا تأمنون من عذاب ثمود , ومن مضى.). [معاني القرآن: 2/379]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ كانوا عنها معرضين...}: جواب للآية، وجواب لقوله: {وإذا قيل لهم اتّقوا} , فلمّا أن كانوا معرضين عن كلّ آية كفى جواب واحدةٍ من ثنتين؛ لأن المعنى: وإذا قيل لهم: اتقوا , أعرضوا، وإذا أتتهم آية, أعرضوا.). [معاني القرآن: 2/379] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإذا قيل لهم اتّقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلّكم ترحمون (45)}
ما أسلفتم من ذنوبكم، وما تعملونه فيما تستقبلون.
وقيل : ما بين أيديكم , وما خلفكم، على معنى : اتقوا أن ينزل بكم من العذاب مثل الذي نزل بالأمم قبلكم، وما خلفكم، أي: اتقوا عذاب الآخرة.
ومثله :{فإن أعرضوا فقد أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود}. ). [معاني القرآن: 4/289]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم}
قال قتادة : أي : (ما بين أيديكم من الوقائع فيمن كان قبلكم , {وما خلفكم}), قال: (من الآخرة) .
والمعنى على قول الحكم بن عتيبة : (ما بين أيديكم من الدنيا , أي : مثل ما أصاب عادا وثمودا , وما خلفكم الآخرة) .
وعلى قول مجاهد: (ما بين أيديكم من ذنوبكم , وما لم تعملوه) .
وعلى قول ابن عباس , وسعيد بن جبير : (ما بين أيديكم الآخرة , وما خلفكم الدنيا , وكذلك قالا في قول الله جل وعز: {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم})
والتقدير في العربية , وإذا قيل لهم : اتقوا ما بين أيديكم , وما خلفكم , أعرضوا.
ودل على هذا الحذف قوله تعالى: {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين}. ). [معاني القرآن: 5/499-501]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ كانوا عنها معرضين...}: جواب للآية، وجواب لقوله: {وإذا قيل لهم اتّقوا} .
فلمّا أن كانوا معرضين عن كلّ آية , كفى جواب واحدةٍ من اثنتين؛ لأن المعنى: وإذا قيل لهم: اتقوا , أعرضوا، وإذا أتتهم آية , أعرضوا.). [معاني القرآن: 2/379]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }(47)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإذا قيل لهم أنفقوا ممّا رزقكم اللّه قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أنطعم من لو يشاء اللّه أطعمه إن أنتم إلّا في ضلال مبين (47)}
أي : أطعموا , وتصدّقوا.
{قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أنطعم من لو يشاء اللّه أطعم}: كأنهم يقولون هذا على حد الاستهزاء.
وجاء في التفسير : أنها نزلت في الزنادقة، وقيل : في قوم من اليهود.). [معاني القرآن: 4/289]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله}
قال الحسن: (هم اليهود , ثم قال جل وعز: {قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه}
يقولون : هذا على التهزؤ).). [معاني القرآن: 5/501]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (48)}: متى إنجاز هذا الوعد، أردنا ذلك.). [معاني القرآن: 4/289]

تفسير قوله تعالى:{مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وهم يخصّمون...}
قرأها يحيى بن وثّابٍ : {يخصمون} , وقرأها عاصم : {يخصّمون} ينصب الياء , ويكسر الخاء.
ويجوز نصب الخاء؛ لأن التاء كانت تكون منصوبة فنقل إعرابها إلى الخاء,والكسر أكثر وأجود.
وقرأها أهل الحجاز {يخصّمون} يشدّدون, ويجمعون بين ساكنين.
وهي في قراءة أبيّ بن كعب: {يختصمون}, فهذه حجّة لمن يشدد.
وأما معنى يحيى بن وثّابٍ , فيكون على معنى : يفعلون من الخصومة , كأنه قال: وهم يتكلّمون .
ويكون على وجهٍ آخر: {وهم يخصمون}: وهم في أنفسهم يخصمون من وعدهم الساعة.وهو وجه حسن .
أي: تأخذهم السّاعة لأن المعنى: وهم عند أنفسهم يغلبون من قال لهم: أن الساعة آتية.).[معاني القرآن: 2/379]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يخصّمون}: أي : يختصمون, فأدغم التاء في الصاد.). [تفسير غريب القرآن: 366]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ما ينظرون إلّا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصّمون (49)}
في {يخصّمون} أربعة أوجه:
سكون الخاء , والصاد مع تشديد الصاد على جمع بين ساكنين، وهو أشد الأربعة وأردؤها، وكان بعض من يروي قراءة أهل المدينة , يذهب إلى أن هذا .
لم يضبط عن أهل المدينة , كما لم يضبط عن أبي عمرو :{إلى بارئكم}
وإنّما زعم أن هذا تختلس فيه الحركة اختلاسا , وهي فتحة الخاء، والقول كما قال.
والقراءة الجيّدة {يخصّمون} بفتح الخاء، والأصل : يختصمون.
فطرحت فتحة التاء على الخاء، وأدغمت في الصاد، وكسر الخاء جيّد أيضا - تكسر الخاء لسكونها وسكون - الصاد.
وقرئت : يختصمون، وهي جيدة أيضا , ومعناها: يأخذهم , وبعضهم يخصم بعضاً.
ويجوز أن يكون تأخذهم , وهم عند أنفسهم يخصمون في الحجة في أنهم لا يبعثون، فتقوم الساعة , وهم متشاغلون في متصرفاتهم.). [معاني القرآن: 4/289-290]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون}
وفي حرف أبي : {وهم يختصمون}, والمعنى واحد.
ويقرأ :{يخصمون}: أي: يخصم بعضهم بعضًا .
ويجوز أن يكون معناه : وهم يخصمون عند أنفسهم بالحجة من آمن بالساعة.). [معاني القرآن: 5/502]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلا يستطيعون توصيةً...}
يقول: لا يستطيع بعضهم أن يوصي إلى بعضٍ.
{ولا إلى أهلهم يرجعون}: أي: لا يرجعون إلى أهلهم قولاً.
ويقال: لا يرجعون: لا يستطيعون الرجوع إلى أهليهم من الأسواق.). [معاني القرآن: 2/380]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون (50)}: لا يستطيع أحد أن يوصي في شيء من أمره.
{ولا إلى أهلهم يرجعون}:لا يلبث إلى أن يصير إلى أهله ومنزله, يموت في مكانه.). [معاني القرآن: 4/290]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون}
أي : لا يمهلون حتى يوصوا , ولا إلى أهلهم يرجعون, أي: يموتون مكانهم .
ويجوز أن يكون المعنى : ولا يرجعون إلى أهلهم قولاً.). [معاني القرآن: 5/500-503]

تفسير قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ونفخ في الصّور }: جميع صورةٍ, فخرجت مخرج بسرة وبسر , ولم تحمل على ظلمة وظلم , ولو كانت كذلك لقلت: " صورٌ " , فخرجت الواو بالفتحة , ومجازها كسورة المدينة , والجميع سور .
قال جرير:
لما أتى خبر الزّبير تواضعت= سور المدينة والجبال الخشّع
ومنها سور المجد , أي : أعاليه , وقال العجاج:
فرب ذي سرداقٍ محجور= سرت إليه في أعالي السور
{من الأجداث}: واحدها : جدثٌ , وهي لغة أهل العالية، وأهل نجد يقولون " جذفٌ ".
{ينسلون}: يسرعون، والذئب يعسل , وينسل.). [مجاز القرآن: 2/163]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الأجداث}: واحدها جدث، وبعضهم يقول جدف وهي القبور.
{ينسلون}: يسرعون والذئب يعسل وينسل). [غريب القرآن وتفسيره: 312]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و{الأجداث}: القبور, واحدها: جدث.
{ينسلون}: قد ذكرناه في سورة الأنبياء.). [تفسير غريب القرآن: 366]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ونفخ في الصّور فإذا هم من الأجداث إلى ربّهم ينسلون (51)}
الصور كما جاء في التفسير :القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل.
وقد قال أبو عبيدة: إنّ الصور : جمع صورة، وصورة : جمعها صور.
كما قال الله عزّ وجلّ: {وصوّركم فأحسن صوركم}
وما قرأ أحد: أحسن صوركم , ولا قرأ أحد: ونفخ في الصّور, من وجه يثبت.
والأجداث : القبور، واحدها: جدث، وينسلون: يخرجون بسرعة.). [معاني القرآن: 4/290]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ونفخ في الصور}
قال أبو عبيدة : هو جمع صورة .
يذهب إلى أن المعنى : ونفخ في الأجسام , واحتج بقول الشاعر:
لما أتى خبر الزبير تواضعت = سور المدينة والجبال الخشع
قال أبو جعفر: الذي قاله أبو عبيدة لا يعرفه أهل التفسير , ولا أهل اللغة .
والحديث على أنه الصور الذي ينفخ فيه إسرافيل .
وأهل اللغة على أن جمع صورة :صور , وسيبويه , وغيره يذهب إلى أن : سور المدينة ليس بجمع سورة.
ثم قال جل وعز: {فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون}
أي: القبور , يقال للقبر : جدث , وجدف .
{إلى ربهم ينسلون }, قال أبو عبيدة : أي: يسرعون.). [معاني القرآن: 5/504]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْأَجْدَاثِ}: القبور , {ينسلون}: يسرعون.). [العمدة في غريب القرآن: 251]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {من بعثنا من مّرقدنا...}
يقال: إن الكلام انقطع عند المرقد.
ثم قالت الملائكة لهم: {هذا ما وعد الرّحمن وصدق المرسلون} .
فـ (هذا) , و(ما) في موضع رفعٍ كأنك قلت: هذا وعد الرحمن, ويكون {من بعثنا من مّرقدنا هذا}, فيكون (هذا) من نعت المرقد خفضاً , و(ما) في موضع رفعٍ, بعثكم وعد الرحمن.
وفي قراءة عبد الله بن مسعود : (من أهبّنا من مرقدنا هذا) , والبعث في هذا الموضع كالاستيقاظ؛ تقول: بعثت ناقتي , فانبعثت إذا أثارها.). [معاني القرآن: 2/380]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا }: أي: من منامنا , ثم جاء : {هذا ما وعد الرّحمن وصدق المرسلون}: استئناف.). [مجاز القرآن: 2/163]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يتصل الكلام بما قبله حتى يكون كأنه قول واحد، وهو قولان:
نحو قوله: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً}، ثم قال: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}، وليس هذا من قولها، وانقطع الكلام عند قوله: {أَذِلَّةً}، ثم قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}.
وقوله: {الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}، هذا قول المرأة، ثم قال يوسف: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}، أي ليعلم الملك أني لم أخن العزيز بالغيب.
وقوله: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}، وانقطع الكلام، ثم قالت الملائكة: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}.
وقوله حكاية عن ملأ فرعون: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ}
هذا قول الملأ، ثم قال فرعون: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}). [تأويل مشكل القرآن: 294-295] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرّحمن وصدق المرسلون (52)}
{قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}: هذا وقف التمام، وهذا قول المشركين.
وقوله: {هذا ما وعد الرّحمن وصدق المرسلون}
{هذا}: رفع بالابتداء، والخبر : {ما وعد الرّحمن}, وهذا قول المشركين، أعني: هذا ما وعد الرحمن.
ويجوز أن يكون " هذا " من نعت : مرقدنا , على معنى : من بعثنا من مرقدنا هذا الذي كنا راقدين فيه.
ويكون ما وعد الرحمن , وصدق المرسلون , على ضربين:
أحدهما : على إضمار هذا.
والثاني : على إضمار حق، فيكون المعنى : حق ما وعد الرحمن.
والقول الأول : أعني ابتداء هذا , عليه التفسير، وهو قول أهل اللغة.). [معاني القرآن: 4/290-291]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}
وفي قراءة عبد الله: (من أهبنا من مرقدنا)
قال أبي بن كعب : (ينامون نومة قبل البعث , فيجدون لذلك راحة , فيقولون : يا ويلنا , من بعثنا من مرقدنا ؟!).
قال الأعمش : بلغني أنه يكف عنهم العذاب بين النفختين , فإذا نفخ في الصور , قالوا : من بعثنا من مرقدنا ؟!.
قال مجاهد , وقتادة: (هذا قول الكفار , فقال لهم المؤمنون : {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}).
وقيل : هذا من قول الملائكة لهم , وقيل التمام عند قوله: {هذا}
والمعنى : الذي وعد الرحمن حق.).[معاني القرآن: 5/504-506]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {من مرقدنا}
قال ثعلب: يروى عن ابن عباس أنه قال: (للعالم رقدة في القبور قبل الساعة، فمنها قالوا: من مرقدنا, قال: فأجيبوا: {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}).). [ياقوتة الصراط: 422]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ محضرون }:مشهدون.
{في شغلٍ فكهون }: الفكه الذي يتفكه .
تقول العرب للرجل إذ كان يتفكه بالطعام, أو بالفاكهة , أو بأعراض الناس: إن فلاناً لفكهٌ بأعراض , قالت خنساء , أو عمرة ابنتها:
فكهٌ على حين العشاء إذا = حضر الشتاء وعزّت الجزر
ومن قرأها : فاكهون , جعله كثير الفواكه , صاحب فاكهة , قال الحطيئة:
ودعوتني وزعمت أن= ك لابنٌ بالصيف تامر
أي : ذو لبن وتمرٍ , أي: عنده لبن كثير وتمر كثير , وكذلك عاسل , ولاحم , وشاحم.). [مجاز القرآن: 2/163-164]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({محضرون}: مشهدون). [تفسير غريب القرآن: 366]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إن كانت إلّا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون (53)}
و{إلّا صيحة واحدة}, وقد مضى إعرابهما.
{فإذا هم جميع لدينا محضرون}: فالمعنى : إن إهلاكهم كان بصيحة , وبعثهم , وإحياءهم بصيحة.). [معاني القرآن: 4/291]

تفسير قوله تعالى:{فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (54) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ويكون الظلم: النّقصان، قال الله تعالى: {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} أي ما نقصونا.
وقال: {آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} أي لم تنقص منه شيئا. ومنه يقال: ظلمتك حقّك، أي: نقصتك. ومنه قوله تعالى: {وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} و{لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا}). [تأويل مشكل القرآن: 467-468] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلّا ما كنتم تعملون (54)}
المعنى : من جوزي , فإنما يجازى بعمله.). [معاني القرآن: 4/291]

تفسير قوله تعالى:{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فاكهون...}
بالألف. وتقرأ : {فكهون}, وهي بمنزلة حذرون وحاذرون .
وهي في قراء عبد الله :{فاكهين} بالألف). [معاني القرآن: 2/380]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ((فكهون): متفكهون، ومنه فلان فكه بأعراض الناس.
{والفاكهون}: الذين تكثر عندهم الفواكه. وكذلك التامر واللابن الذي كثر عنده اللبن والتمر). [غريب القرآن وتفسيره: 312]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {في شغلٍ فاكهون} : أي: يتفكهون.
قال أبو عبيد: تقول العرب للرجل إذا كان يتفكه بالطعام, أو بالفاكهة , أو بأعراض الناس : إن فلانا لفكه بكذا , قال الشاعر:
فكه إلى جنب الخوان إذا غدت = نكباء تقطع ثابت الأطناب
ومنه يقال للمزاح: فاكهة, ومن قرأ: {فاكهون }, أراد : ذوي فاكهة، كما يقال: فلان : لابن تامر.
وقال الفراء: هما جميعا سواء: فكة وفاكه، كما يقال حذر وحاذر.
وروي في التفسير: {فاكهون}: ناعمون, و{تفكّهون}: معجبون). [تفسير غريب القرآن: 366]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إنّ أصحاب الجنّة اليوم في شغل فاكهون (55)}
و{فاكهون}: تفسيره فرحون.
وجاء في التفسير : أنّ شغلهم افتضاض الأبكار، وقيل في شغل عما فيه أهل النار، ويقرأ : في شغل , وشغل , وشغل , وشغل, يجوز في العربية). [معاني القرآن: 4/291]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون}
يقال: فلان فاكه , أي: ذو فاكهة, وتامر , أي: ذو تمر , كما قال الشاعر:
أغررتني وزعمت أنك = لابن بالصيف تامر
روى ابن أبي طلحة , عن ابن عباس : {فاكهين }: (فرحين, وفي بعض التفاسير : ناعمين) .
فأما : فكهون , فقال الفراء : معناه كمعنى فاكهين , كما يقال: حذر وحاذر , وهذا أولاها .
وقال أبو زيد : يقال رجل فكه , إذا كان طيب النفس , ضحوكا .
وقال أبو عبيدة : يقال هو فكه بالطعام, أو بالفاكهة , أو بأعراض الناس .
وقال قتادة : (فكهون: معجبون).). [معاني القرآن: 5/507-508]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فكِهُونَ}: أي: يتفكهون , ومن قرأ : {فَاكِهُونَ} , فمعناه: ذوو فاكهة.
كما يقال: فلان لابن تامر.
وقال الفراء: هما سواء مثل حاذر , وحذر.

وقيل :{فاكهون} : أي: ناعمون , و{فكهون}: معجبون.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 201]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَكِهُونَ}: متفكهون, {فَاكِهُونَ}: كثرت فاكهتهم). [العمدة في غريب القرآن: 251]

تفسير قوله تعالى: {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {على الأرائك متّكئون...}
و{على الأرائك متكئين}: منصوباً على القطع, وفي قراءتنا رفع, لأنها منتهى الخبر.
وقوله: {في ظللٍٍ}: أراد جمع ظلة , وظلل.
ويكون أيضاً : {ظلالاً} , وهي جمع لظلّة , كما تقول: خلّة , وحلل , فإذا كثرت فهي الحلال, والجلال , والقلال.
ومن قال: {في ظلالٍ}: فهي جمع ظلّ.). [معاني القرآن: 2/380]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({في ظلالٍ}: واحدها ظلةٍ , وجميع الظل : أظلال , وهو الكن , أي: لا يضحون.
{على الأرائك}: واحدتها أريكة , وهي الفرش في الحجال , قال ذو الرمة , وجعلها فراشاً:
خدوداً جفت في السّير حتى كأنما= يباشرن بالمعزاء مسّ الأرائك). [مجاز القرآن: 2/164]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الأرائك}: السرر التي عليها الحجال). [غريب القرآن وتفسيره: 312]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {في ظلالٍ}: جمع ظل و{في ظلل} : جمع ظلة.
{الأرائك}: السرر في الحجال, واحدها: أريكة.).[تفسير غريب القرآن: 366]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متّكئون (56)}
وظلل، ويجوز ظلل.
{على الأرائك متّكئون}: وهي الفرش في الحجال، وقيل : إنها الفرش.
وقيل: الأسرة, وهي على الحقيقة الفرش : كانت في حجال , أو غير حجال.). [معاني القرآن: 4/291-292]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون}
في ظلال : جمع ظل.
ويجوز أن يكون جمع ظلة, فأما ظلل: فهو جمع ظلة , لا غير.
قال ابن عباس , وقتادة : {الأرائك}: (السرر في الحجال) .
وقيل : الفرش في الحجال .
وقيل: هي الفرش أين كانت , وهذا معروف في كلام العرب , قال ذو الرمة:
خدودا جفت في السير حتى كأنما = يباشرن بالمعزاء مس الأرائك). [معاني القرآن: 5/508-509]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْأَرَائِكِ}: هي السرر في الحجال , الواحدة : أريكة.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 202]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْأَرَائِكِ}: الأسرة في الحجال.). [العمدة في غريب القرآن: 251]

تفسير قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ما يدّعون }: أي : ما يتمنون.
تقول العرب: أدع على ما شئت , أي: تمنى على ما شئت.). [مجاز القرآن: 2/164]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({لهم فيها فاكهةٌ ولهم مّا يدّعون}, قوله: {ولهم فيها مّا يدّعون} ). [معاني القرآن: 3/38]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ما يدعون}: ما يتمنون. يقال: ادع ما شئت أي تمن). [غريب القرآن وتفسيره: 313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولهم ما يدّعون} : أي : ما يتمنون, ومنه يقول الناس: هو في خير ما ادعي، أي: ما تمنى.
والعرب تقول: أدع علي ما شئت، أي: تمن عليّ ما شئت). [تفسير غريب القرآن: 367]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لهم فيها فاكهة ولهم ما يدّعون (57)}
أي : ما يتمنون، يقال: فلان في خير ما ادّعى، أي : ما تمنى، وهو مأخوذ من الدعاء.
المعنى : كل مما يدعو أهل الجنة يأتيهم.). [معاني القرآن: 4/292]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون}
قال أبو عبيدة : أي : ما يتمنون , يقال: ادع علي ما شئت , أي: تمن .
قال أبو جعفر : هو مأخوذ من الدعاء بالشيء , أي : كلما دعوا بشيء, أعطوه.). [معاني القرآن: 5/509]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَدَّعُونَ}: يتمنون.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 203]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَدَّعُونَ}: يتمنون.). [العمدة في غريب القرآن: 251]

تفسير قوله تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {سلامٌ قولاً...}
وفي قراءة عبد الله : {سلاماً قولاً}, فمن رفع قال: ذلك لهم سلام قولا، أي : لهم ما يدّعون مسلّم خالص، أي : هو لهم خالص، يجعله خبراً لقوله: {لهم ما يدّعون} : خالص.
ورفع على الاستئناف يريد ذلك لهم سلام. ونصب القول إن شئت على أن يخرج من السّلام , كأنك قلت: قاله قولاً.
وإن شئت جعلته نصباً من وقوله: {لهم ما يدعون} قولاً, كقولك: عدة من الله.). [معاني القرآن: 2/381]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({سلامٌ قولاً من ربٍّ رحيمٍ }: " سلام " رفع على " لهم " عملت فيها, " وقولاً " خرجت مخرج المصدر الذي يخرج من غير لفظ فعله.).[مجاز القرآن: 2/164]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({سلامٌ قولاً مّن رّبٍّ رّحيمٍ}
وقال: {سلامٌ قولاً}, فانتصب {قولاً} على البدل من اللفظ بالفعل كأنه قال "أقول قولاً" .
وقرأه ابن مسعود :{سلاماً}, وعيسى , وابن أبي إسحاق كذلك نصبوها على خبر المعرفة (على).). [معاني القرآن: 3/38]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {سلامٌ قولًا من ربٍّ رحيمٍ} أي: سلام , يقال لهم (فيها), كأنهم يتلقون من رب رحيم.). [تفسير غريب القرآن: 367]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({سلام قولا من ربّ رحيم (58)}
(سلام) بدل من (ما) , المعنى : لهم ما يتمنون به سلام، أي : وهذا منى أهل الجنة أن يسلّم اللّه - عزّ وجلّ - عليهم.
و{قولا} منصوب على معنى : لهم سلام يقوله اللّه عزّ وجلّ قولا.). [معاني القرآن: 4/292]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {سلام قولا من رب رحيم}
قال الفراء : أي: لهم ذلك سلام , أي: مسلم .
قال أبو إسحاق: سلام بدل من ما , أي : ولهم أن يسلم الله جل وعز عليهم , وذلك غاية أمنيتهم .
وفي قراءة عبد الله : {سلاماً}
قال أبو إسحاق : قولاً, أي : يقول الله ذلك السلام قولاً
قال الفراء : ويجوز أن يكون المعنى : ولهم ما يدعون قولا , كما تقول عدة.). [معاني القرآن: 5/509-510]

تفسير قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وامتازوا }: أي: تميزوا.). [مجاز القرآن: 2/164]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({وامتازوا}: تميزوا). [غريب القرآن وتفسيره: 313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وامتازوا اليوم أيّها المجرمون} : أي: انقطعوا عن المؤمنين، وتميزوا منهم. يقال: مزت الشيء من الشيء - إذا عزلته عنه - فأنماز , وامتاز , وميزته , فتميز.). [تفسير غريب القرآن: 367]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وامتازوا اليوم أيّها المجرمون (59)}
أي : انفردوا عن المؤمنين.).[معاني القرآن: 4/292]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وامتازوا اليوم أيها المجرمون}
أي: انفرزوا عن المؤمنين , يقال: مزته , فانماز , وامتاز , وميزته , فتميز.).[معاني القرآن: 5/511]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وامْتَازُوا}: تميزوا.). [العمدة في غريب القرآن: 251]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 ذو القعدة 1431هـ/21-10-2010م, 07:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 60 إلى آخر السورة]

{َلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67) وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68) وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76) أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) }

تفسير قوله تعالى:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان} [يس: 60]، يعني: ألا تطيعوا الشّيطان في الشّرك، تفسير السّدّيّ.
قال: {إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ} [يس: 60] أنّهم عبدوا الأوثان بما وسوس إليهم الشّيطان، فأمرهم بعبادتهم، فإنّما عبدوا الشّيطان). [تفسير القرآن العظيم: 2/816]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {ألم أعهد إليكم}: ألم آمركم، ألم أوصيكم؟!.).
[تفسير غريب القرآن: 367]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والوصية: عهد، قال الله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ}). [تأويل مشكل القرآن: 447]


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوّ مبين (60)}
وتقرأ أعهد بالكسر، والفتح أكثر، على قولك عهد , يعهد.
والكسر يجوز على ضربين:
على: عهد , يعهد، وعلى : عهد , يعهد , مثل : حسب , يحسب، ومعناه : ألم أتقدم إليكم بعهد الإيمان وترك عبادة الشيطان.). [معاني القرآن: 4/292]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان} أي: ألم أتقدم إليكم , وأوصيكم ؟!.
وقوله جل وعز: {ولقد أضل منكم جبلا كثيرا}
قال مجاهد : (أي: خلقاً).
قال أبو جعفر : فيه سبعة أوجه , قرئ منها بخمسة .
فأما الخمسة التي قرئ بها فهي: (ولقد أضل منكم جبلا), و(جبلا) , و(جبلا) , و(جبلا) , و(جبلا).
وأما الإثنان اللذان لم يقرأ بهما فـ جبلا , وجبلا.). [معاني القرآن: 5/512]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وأن اعبدوني} [يس: 61] لا تشركوا بي شيئًا.
{هذا صراطٌ مستقيمٌ} [يس: 61] دينٌ مستقيمٌ، والصّراط الطّريق، مستقيمٌ على الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/816]

تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولقد أضلّ منكم جبلا كثيرًا} [يس: 62] خلقًا كثيرًا أضلّ من كلّ ألف تسع مائةٍ وتسعةً وتسعين.
وتفسير السّدّيّ: {ولقد أضلّ منكم جبلا كثيرًا} [يس: 62]، يعني: قد أغوى إبليس منكم جبلا، يعني: خلقًا كثيرًا، فكفروا فلم يكونوا يعقلون، وأخبر عنهم قال: فقال: {وقالوا لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في أصحاب السّعير} [الملك: 10]، أي: لو كنّا نسمع أو نعقل لآمنّا في الدّنيا، فلم نكن من أصحاب السّعير.
قال اللّه: {فاعترفوا بذنبهم فسحقًا} [الملك: 11] فبعدًا {لأصحاب السّعير} [الملك: 11] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/816]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ أضلّ منكم جبلّاً}: مثقل, وبعضهم لا يثقل , ويضم الحرف الأول , ويثقل اللام ومعناهن : الخلق والجماعة.). [مجاز القرآن: 2/164]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولقد أضلّ منكم جبلًّا كثيراً}: أي: خلقا, وجبلا بالضم والتخفيف.
مثله: والجبل أيضاً: الخلق. قال الشاعر:
=جهاراًويستمتعن بالأنس الجبل.). [تفسير غريب القرآن: 367]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ولقد أضلّ منكم جبلّا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون (62)}
{جبلاً}


: ويقرأ (جبلّا) بكسر الجيم والباء، ويقرأ : جبلاً: بضم الجيم والباء
وتقرأ : جبلا على إسكان الباء وضم الجيم، ويجوز جبلاً بفتح الجيم , وجبلا ًبكسر الجيم، ويجوز أيضا جبلاً بكسر الجيم وفتح الباء بغير تشديد اللام، على جمع جبلة, وجبل، والجبلة في جميع ذلك معناه : خليقة كثيرة , وخلق كثير.). [معاني القرآن: 4/292-393]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({جِبِلًّا} , و{جبلاً}: كلاهما الخلق.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 203]

تفسير قوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {هذه جهنّم الّتي كنتم توعدون} [يس: 63] في الدّنيا إن لم تؤمنوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/817]

تفسير قوله تعالى: {اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) }

تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({اليوم}، يعني: في الآخرة، تفسير السّدّيّ.
قال: {نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون} [يس: 65]، أي: يعملون.
- الحسن بن دينارٍ، عن حميد بن هلالٍ، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعريّ، عن أبيه، قال: لمّا قالوا: {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين} [الأنعام: 23] فختم اللّه على أفواههم ثمّ قال للجوارح: انطقي، ثمّ قرأ: يوم يشهد أبصارهم وجلودهم، قال: فأوّل ما يتكلّم من أحدهم فخذه، قال ابن دينارٍ: نسيت اليسرى قال أم اليمنى.
وتفسير الحسن: أنّ هذا آخر مواطن يوم القيامة، فإذا ختمت أفواههم لم يكن بعد ذلك إلا دخول النّار). [تفسير القرآن العظيم: 2/817]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {اليوم نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم...}

وفي قراءة عبد الله:{ولتكلّمنا}, كأنه قال: نختم على أفواههم لتكلمنا, والواو في هذا الموضع بمنزلة قوله: {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون}.). [معاني القرآن: 2/381]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم}
وفي قراءة عبد الله بن مسعود :{اليوم نختم على أفواههم , ولتكلمنا أيديهم}
في الكلام حذف على هذه القراءة , كما قال تعالى: {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين} .). [معاني القرآن: 5/512]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} [يس: 66]، يعني: المشركين.
{فاستبقوا الصّراط فأنّى يبصرون} [يس: 66] سعيدٌ، عن قتادة، قال: {ولو نشاء لأعميناهم فاستبقوا الصّراط}، أي: الطّريق {فأنّى يبصرون} [يس: 66] فكيف يبصرون إذا أغشيناهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/817]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ولو نشاء لطمسنا على أعينهم}, يقال: أعمى طمسٌ , ومطموسٌ , وهو أن لا يكون بين جفنى العين غر , وهو الشق بين الجفنين , والريح تطمس الأثر , فلا يرى الرجل يطمس الكتاب.).
[مجاز القرآن: 2/165]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} : والمطموس : هو الأعمى الذي لا يكون بين جفنيه شق.
{فاستبقوا الصّراط}: ليجوزوا.
{فأنّى يبصرون} : أي :فكيف يبصرون؟!.). [تفسير غريب القرآن: 367]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصّراط فأنّى يبصرون (66)}
المطموس : الأعمى الذي لا يتبين له جفن, لا يرى شفر عينه، أي : لو نشاء لأعميناهم , فعدلوا عن الطريق , فمن أين يبصرون , لو فعلنا ذلك بهم؟!.). [معاني القرآن: 4/293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط}
قال الحسن: (أي: لتركناهم عميا يترددون) .
قال أبو جعفر : المطموس , والطميس عند أهل اللغة : الأعمى , الذي ليس في عينيه شق .
{فاستبقوا الصراط}: أي: ليجوزوا .
قال مجاهد: (الصراط : الطريق , ثم قال تعالى: {فأنى يبصرون}: أي : فمن أين يبصرون).). [معاني القرآن: 5/513]

تفسير قوله تعالى:{َلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيًّا ولا يرجعون} [يس: 67] قال: ولو نشاء لأقعدناهم على أرجلهم فما استطاعوا إذا فعلنا ذلك بهم أن يتقدّموا أو يتأخّروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/817]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({على مكانتهم }:المكان , والمكانة واحد.

{ ركوبهم }: ما ركبوا , والحلوبة ما حلبوا , و {ركوبهم} : فعلهم إذا ضم الأول.). [مجاز القرآن: 2/165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({على مكانتهم}: ومكانهم. المكان والمكانة واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)


: ({على مكانتهم} : هو مثل مكانهم, يقال: مكان ومكانة، ومنزل ومنزلة). [تفسير غريب القرآن: 368]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيّا ولا يرجعون (67)}
{مكانتهم}
و{مكاناتهم}: والمكانة , والمكان في معنى واحد.
{فما استطاعوا مضيّا ولا يرجعون}: أي: لم يقدروا على ذهاب , ولا مجيء.). [معاني القرآن: 4/293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم}
قال الحسن : (أي: لأقعدناهم) .
وعن ابن عباس قال: (أي, لو نشاء لأهلكناهم في مساكنهم).
قال أبو جعفر: المكان , والمكانة واحد.). [معاني القرآن: 5/514]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَكَانَتِهِمْ}: على الحال التي هم فيها.). [العمدة في غريب القرآن: 252]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ومن نعمّره} [يس: 68]، أي: إلى أرذل العمر.
{ننكّسه في الخلق} [يس: 68] فيكون بمنزلة الصّبيّ الّذي لا يعقل، كقوله:
[تفسير القرآن العظيم: 2/817]
{ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئًا} [الحج: 5].
قال: {أفلا يعقلون} [يس: 68]، يعني به المشركين، أي: فالّذي خلقكم، ثمّ جعلكم شبابًا ثمّ جعلكم شيوخًا، ثمّ نكّسكم في الخلق، فردّكم بمنزلة الطّفل الّذي لا يعقل شيئًا قادرٌ على أن يبعثكم يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/818]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ننكّسه في الخلق...}

قرأ عاصم , والأعمش , وحمزة: {ننكّسه} بالتشديد , وقرأ الحسن , وأهل المدينة :{ننكسه} بالتخفيف وفتح النون). [معاني القرآن: 2/381]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ومن نعمّره ننكّسه} في الخلق , أي : نرده إلى أرذل العمر.). [تفسير غريب القرآن: 368]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ومن نعمّره ننكّسه في الخلق أفلا يعقلون (68)}
{ننكس}, و{ننكّسه}, و{ننكسه}, يقال : نكسته , أنكسه , وأنكسه جميعا، ومعناه : من أطلنا عمره , نكّسنا خلقه، فصار بدل القوة : ضعفا , وبدل الشباب هرما.). [معاني القرآن: 4/293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون}
قال قتادة: (هو الهرم يتغير سمعه , وبصره , وقوته كما رأيت).). [معاني القرآن: 5/514]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما علّمناه الشّعر} [يس: 69]، يعني: النّبيّ عليه السّلام.
{وما ينبغي له} [يس: 69] أن يكون شاعرًا ولا يروي الشّعر....
أنّ عائشة قالت: لم يتكلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ببيت شعرٍ قطّ غير أنّه أراد مرّةً أن يتمثّل ببيت شاعر بني فلانٍ فلم يقمه.
قال يحيى: أظنّه الأعشى، وبعضهم يقول: طرفة.
أبانٌ العطّار أو غيره أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " قاتل اللّه طرفة حيث يقول: ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا ويأتيك من لم تزوّد بالأخبار فقيل له: إنّه قال: ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد.
فقال: سواءٌ ".
قال: {إن هو} [يس: 69]، يعني: ما هو.
{إلا ذكرٌ وقرءانٌ مبينٌ} [يس: 69]، يعني: ما هو إلا تفكّرٌ للعالمين لمن آمن من الجنّ والإنس.
وقال الحسن: {إن هو إلا ذكرٌ} [يس: 69] يذكرون به الجنّة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/818]
وقال بعضهم: {إن هو إلا ذكرٌ} [يس: 69] تذكّرٌ في ذات اللّه {وقرءانٌ مبينٌ} [يس: 69] بيّنٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/819]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {وما علّمناه الشّعر وما ينبغي له إن هو إلّا ذكر وقرآن مبين (69)}

أي : ما علمنا محمدا صلى الله عليه وسلم قول الشعر.
{وما ينبغي له}: أي: ما يتسهل له ذلك.
{إن هو إلّا ذكر وقرآن مبين}: أي: الذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم , وزعم الكفار أنه شعر ما هو بشعر.
وليس يوجب هذا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يتمثل ببيت شعر قط.
إنما يوجب هذا أن يكون النبي عليه السلام ليس بشاعر، وأن يكون القرآن الذي أتى به من عند اللّه؛ لأنه مباين لكلام المخلوقين, وأوزان أشعار العرب.
والقرآن آية معجزة تدل على أن نبوة النبي صلى الله عليه وسلم , وآياته ثابتة أبدا.). [معاني القرآن: 4/293-294]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما علمناه الشعر وما ينبغي له}
أي : ما ينبغي أن يقوله.
قال أبو إسحاق : ليس هذا يوجب أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يتمثل بيت شعر , ولكنه يوجب أنه صلى الله عليه وسلم ليس بشاعر , وأن القرآن لا يشبه الشعر .
قال قتادة: (بلغني أن عائشة قالت: لم يتمثل النبي صلى الله عليه وسلم بيت شعر إلا بيت طرفة:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا = ويأتيك بالأخبار من لم تزود
فقال : ((ويأتيك من لم تزود بالأخبار)) .
فقال أبو بكر : ليس هو كذلك , يا رسول الله .
فقال: ((إني لا أحسن الشعر , ولا ينبغي لي)).). [معاني القرآن: 5/515]

تفسير قوله تعالى:{لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({لينذر} [يس: 70] من النّار، من قرأها بالياء يقول لينذر القرآن، ومن قرأها بالتّاء يقول: لتنذر يا محمّد.
{من كان حيًّا} [يس: 70] مؤمنًا.
وقال السّدّيّ: يعني: مهتديًا، مؤمنًا في علم اللّه، هو الّذي يقبل نذارتك.
{ويحقّ القول} [يس: 70] الغضب.
{على الكافرين} [يس: 70] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/819]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {لينذر من كان حيًّا}: أي : مؤمنا., ويقال: عاقلا.).
[تفسير غريب القرآن: 368]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لينذر من كان حيّا ويحقّ القول على الكافرين (70)}
يجوز أن يكون المضمر في قوله :{لينذر} :النبي عليه السلام.
وجائز أن يكون القرآن , ومعنى: {من كان حيّا}
أي : من كان يعقل ما يخاطب به، فإن الكافر كالميّت في أنه لم يتدبّر , فيعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم , وما جاء به حق.
{ويحقّ القول على الكافرين}:
ويجوز {ويحقّ القول}: أي: يوجب الحجة عليهم.
ويجوز لتنذر من كان حيّا بالتاء : خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.
ويجوز : لينذر أي: ليعلم، يقال : نذرت بكذا وكذا، أنذر مثل : علمت , أعلم.). [معاني القرآن: 4/294]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَن كَانَ حَيًّا}: أي: مؤمناً , وقيل: عاقلاً.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 203]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {أولم يروا أنّا خلقنا لهم ممّا عملت أيدينا أنعامًا} [يس: 71]، أي: بقوّتنا في تفسير الحسن، كقوله: {والسّماء بنيناها بأيدٍ} [الذاريات: 47] وقال السّدّيّ: {ممّا عملت أيدينا} [يس: 71]، يعني: من فعله.
{أنعامًا فهم لها مالكون} [يس: 71] ضابطون، في تفسير سعيدٍ، عن قتادة). [تفسير القرآن العظيم: 2/819]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {خلقنا لهم ممّا عملت أيدينا}: يجوز أن يكون مما عملناه : بقدرتنا , وقوتنا, وفي اليد : القوة , والقدرة على العمل، فتستعار اليد، فتوضع موضعها, على ما بيناه في كتاب «المشكل».

هذا مجاز للعرب يحتمله هذا الحرف , واللّه اعلم بما أراد.). [تفسير غريب القرآن: 368]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{أولم يروا أنّا خلقنا لهم ممّا عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون (71)}
معنى {مالكون}: ضابطون؛ لأن القصد ههنا إلى أنها ذليلة لهم , ألا ترى إلى قوله {وذلّلناها لهم}, ومثله من الشعر:
أصبحت لا أحمل السلاح ولا= أملك رأس البعير إن نفرا
أي : لا أضبط رأس البعير.). [معاني القرآن: 4/294-295]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين}
حيا : قيل : عاقلا , وقيل : مؤمنًا
وقال قتادة: (حي القلب) .
وقوله جل وعز: {أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما}
العرب : تستعمل اليد في موضع القوة , والله أعلم بما أراد.
وقوله جل وعز: {فهم لها مالكون}
أي : ضابطون لأن المقصود ههنا التذليل , وأنشد سيبويه:
أصبحت لا أملك السلاح ولا = أملك رأس البعير إن نفراً.). [معاني القرآن: 5/516-517]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}: أي: بقوتنا , وقدرتنا.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 203]

تفسير قوله تعالى: {وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وذلّلناها لهم} [يس: 72]، يعني: الإبل، والبقر، والغنم، والدّوابّ أيضًا ذلّلها لكم: الخيل، والبغال، والحمير.
{فمنها ركوبهم} [يس: 72] الإبل، والبقر من الأنعام، والدّوابّ: الخيل والبغال والحمير.
{ومنها يأكلون} [يس: 72] من الإبل، والبقر، والغنم، وقد يرخّص في الخيل.
- حمّادٌ، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه أنّهم ذبحوا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير، قال: فنهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الحمير والبغال، ولم ينه عن الخيل.
- الفرات بن سلمان، عن عبد الكريم، عن عطاءٍ، عن جابر بن عبد اللّه أنّهم كانوا يأكلون لحوم الخيل على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 2/819]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {فمنها ركوبهم...}

اجتمع القراء على فتح الرّاء لأن المعنى: فمنها ما يركبون, ويقوّي ذلك أن عائشة قرأت: {فمنها ركوبتهم}.
ولو قرأ قارئ:{فمنها ركوبهم} كما تقول: منها أكلهم ,وشربهم , وركوبهم , كان وجهاً.). [معاني القرآن: 2/381]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وذلّلناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون}
وقال: {فمنها ركوبهم}: أي:"منها ما يركبون" , لأنك تقول: "هذه دابّةٌ ركوبٌ", و"الركوب": هو فعلهم.). [معاني القرآن: 3/38]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ركوبهم}: الركوب ما يركب من بعير أو غير ذلك والركوب الفعل، يقال: ركب ركوبا حسنا والحلوبة. ما حلبوا). [غريب القرآن وتفسيره: 313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)


: ( {فمنها ركوبهم}: أي: ما يركبون, والحلوب: ما يحلبون , والجلوبة: ما يجلبون.
ويقرأ: (ركوبتهم) أيضاً, هي: قراءة عائشة رضي اللّه عنها.). [تفسير غريب القرآن: 368]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فمنها ركوبهم ومنها يأكلون (72)}
معناه : ما يركبون، والدليل قراءة من قرأ :{فمنها ركوبتهم}.
ويجوز ركوبهم بضم الراء , ولا أعلم أحدا قرأ بها، على معنى : فمنها ركوبهم , وأكلهم , وشربهم.). [معاني القرآن: 4/295]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رَكُوبُهُمْ}: أي: ما يركبون.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 203]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الرَكُوبُ): ما يركب , (الحلوبة): ما تحلب). [العمدة في غريب القرآن: 252]

تفسير قوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولهم فيها} [يس: 73] في الأنعام.
{منافع} [يس: 73] في أصوافها، وأوبارها، وأشعارها، ولحومها.
[تفسير القرآن العظيم: 2/819]
{ومشارب} [يس: 73] يشربون من ألبانها.
{أفلا يشكرون} [يس: 73]، أي: فليشكروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/820]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {واتّخذوا من دون اللّه آلهةً لعلّهم ينصرون} [يس: 74] يمنعون.
كقوله: {واتّخذوا من دون اللّه آلهةً ليكونوا لهم عزًّا} [مريم: 81] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/820]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {لا يستطيعون نصرهم} [يس: 75] لا تستطيع آلهتهم الّتي يعبدون نصرهم.
{وهم لهم جندٌ محضرون} [يس: 75] معهم في النّار). [تفسير القرآن العظيم: 2/820]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون (75)}

أي : هم للأصنام ينتصرون، والأصنام , لا تستطيع نصرهم.). [معاني القرآن: 4/295]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون}
أي : أنهم يعبدونهم , ويقومون بنصرتهم , فهم لهم بمنزلة الجند.
قال قتادة : (يغضبون لهم في الدنيا , وهذا بين حسن) .
وقيل تفسير هذا: ما روي في الحديث : ((أنه يمثل لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله جل وعز , فيتبعونه إلى النار, فهم لهم جند , محضرون إلى النار)).). [معاني القرآن: 5/518]

تفسير قوله تعالى: (فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76) )

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال يحيى: في ما أخبرنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: {فلا يحزنك قولهم} [يس: 76] إنّك ساحرٌ وإنّك شاعرٌ، وإنّك كاهنٌ، وإنّك مجنونٌ، وإنّك كاذبٌ.
{إنّا نعلم ما يسرّون} [يس: 76] من عداوتهم لك.
{وما يعلنون} [يس: 76] كفرهم بما جئتهم به، فسنعصمك منهم ونذلّهم لك.
ففعل اللّه ذلك به). [تفسير القرآن العظيم: 2/820]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( ولو أن قارئا قرأ: {فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} وترك طريق الابتداء بإنّا، وأعمل القول فيها بالنصب على مذهب من ينصب (أنّ) بالقول كما ينصبها بالظن- لقلب المعنى عن جهته، وأزاله عن طريقته، وجعل النبيّ، عليه السلام، محزونا لقولهم: إنّ الله يعلم ما يسرّون وما يعلنون. وهذا كفر ممن تعمّده، وضرب من اللحن لا تجوز الصلاة به، ولا يجوز للمأمومين أن يتجوّزوا فيه). [تأويل مشكل القرآن: 13-14]

تفسير قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) }

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين}
روى هشيم , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير قال: (أخذ العاص بن وائل عظما حائلا , ففته , فقال : يا محمد , أيحيي الله هذا بعد ذا ؟!.
فقال : ((نعم, يميتك الله, ثم يبعثك, ثم يدخلك نار جهنم)) , فأنزل الله عز وجل: {أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم} إلى آخر السورة).
قال مجاهد , وقتادة: (نزلت في أبي بن خلف) .
قال أبو جعفر يقال : رم العظم , فهو رميم , ورمام.). [معاني القرآن: 5/518-519]

تفسير قوله تعالى:{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميمٌ {78}} [يس: 78] رفاتٌ.
- المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: أتى أبيّ بن خلفٍ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعظمٍ بالٍ، فقال: أيحيي اللّه هذا وهو رميمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/820]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ونسي خلقه} [يس: 78] وقد علم أنّا خلقناه، أي: فكما خلقناه فكذلك نعيده.
- عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " قال اللّه: شتمني عبدي ولم يكن له ليشتمني، وكذّبني ولم يكن له أن يكذّبني، أمّا شتمه إيّاي فقوله إنّ لي ولدًا، وأمّا تكذيبه إيّاي فقوله إنّي لن أعيده كما خلقته "). [تفسير القرآن العظيم: 2/820]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({وهي رميمٌ }: الرفات.).
[مجاز القرآن: 2/165]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وهي رميمٌ}: أي: بالية, يقال: رم العظم - إذا بلى - , فهو رميم ورمام, كما يقال: رفات , وفتات.). [تفسير غريب القرآن: 368]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله :{وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم (78)}
جاء في التفسير : أن أبيّ بن خلف جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم بال, ففركه , ثم ذرّاه، وقال: من يحيي هذا؟!.
فكان جوابه: {قل يحييها الّذي أنشأها أوّل مرّة}
فابتداء القدرة فيه أبين منها في الإعادة.
ويقال: إن عبد اللّه بن أبي كان : صاحب القصة؛ ويقال: العاص بن وائل.). [معاني القرآن: 4/295]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين}
روى هشيم , عن أبي بشر ,عن سعيد بن جبير قال: أخذ لعاص بن وائل عظما حائلا ففته , فقال: يا محمد أيحيي الله هذا بعد ذا ؟!.
فقال: ((نعم , يميتك الله , ثم يبعثك , ثم يدخلك نار جهنم)) , فأنزل الله عز وجل: {أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه }, قال : {من يحيي العظام وهي رميم} إلى آخر السورة
قال مجاهد , وقتادة: (نزلت في أبي بن خلف).
قال أبو جعفر : يقال: رم العظم , فهو رميم ورمام.). [معاني القرآن: 5/518-519] (م)

تفسير قوله تعالى:{قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال يحيى: فبلغني أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال له: «يحييك اللّه بعد موتك ثمّ يدخلك النّار» فأنزل اللّه: {قل يحييها الّذي أنشأها أوّل مرّةٍ وهو بكلّ خلقٍ عليمٌ} [يس: 79] كقوله: {ألا يعلم من خلق} [الملك: 14]، أي: بلى). [تفسير القرآن العظيم: 2/820]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله :{وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم (78)}

جاء في التفسير : أن أبيّ بن خلف جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم بال , ففركه, ثم ذرّاه، وقال: من يحيي هذا؟.
فكان جوابه: {قل يحييها الّذي أنشأها أوّل مرّة}
فابتداء القدرة فيه أبين منها في الإعادة.
ويقال : إن عبد اللّه بن أبي : كان صاحب القصة؛ ويقال: العاص بن وائل.). [معاني القرآن: 4/295] (م)

تفسير قوله تعالى:{الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الّذي جعل لكم من الشّجر الأخضر نارًا فإذا أنتم منه توقدون} [يس: 80] كلّ عودٍ يزند منه النّار فهو من شجرةٍ خضراء). [تفسير القرآن العظيم: 2/822]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {مّن الشّجر الأخضر...}

ولم يقل: الخضر, وقد قال الله : {متّكئين على رفرفٍ خضرٍ} , ولم يقل: أخضر.
والرفرف ذكر مثل الشجر, والشجر أشدّ اجتماعاً , وأشبه بالواحد من الرفرف؛ ألا ترى اجتماعه كاجتماع العشب , والحصى , والتمر، وأنت تقول: هذا حصىً أبيض , وحصىً أسود؛ لأنّ جمعه أكثر في الكلام من انفراد واحده, ومثله الحنطة السمراء، وهي واحدة في لفظ جمع.
ولو قيل: حنظة سمر كان صواباً
ولو قيل: الشجر الخضر كان صوابا , كما قيل الحنطة السمراء , وقد قال الآخر:
=بهر جاب ما دام الأراك به خضراً
فقال: خضراً , ولم يقل: أخضر, وكلّ صواب, والشجر يؤنّث , ويذكر.
قال الله : {لآكلون من شجرٍ من زقّومٍ فمالئون منها البطون} , فأنّث, وقال : {ومنه شجرٌ فيه تسيمون} , فذكّر , ولم يقل: فيها, وقال: {فإذا أنتم مّنه توقدون} , فذكّر.). [معاني القرآن: 2/382]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({الّذي جعل لكم من الشّجر الأخضر ناراً}: أراد الزنود التي توري بها الأعراب، من شجر المرخ , والعفار.). [تفسير غريب القرآن: 368]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون}
هو المرخ , والعفار , تستعمل الأعراب منه الزنود.). [معاني القرآن: 5/519-520]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا}: أراد شجر المرخ الذي يخرج منه الأعراب النار , وهو زنادهم , وكذلك شجر العفار.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 203]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أوليس الّذي خلق السّموات والأرض بقادرٍ على أن يخلق مثلهم} [يس: 81] في الآخرة تفسير السّدّيّ.
{بلى وهو الخلاق العليم {81} إنّما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون {82}). [تفسير القرآن العظيم: 2/822]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وأعلمهم أن خلق السّماوات والأرض أبلغ في القدرة، وعلى إحياء الموتى فقال:{أوليس الّذي خلق السّماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلّاق العليم (81)}

وقال في موضع آخر: {لخلق السّماوات والأرض أكبر من خلق النّاس} ). [معاني القرآن: 4/295]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى}
كما قال سبحانه: {لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس}
و بلى تأتي بعد النفي , ولا يجوز أن يؤتى بنعم , لو قال لك قائل: أما قام زيد , فقلت : نعم , انقلب المعنى , فصار نعم ما قام , فإذا قلت: بلى , صح المعنى .
وهي عند الكوفيين : بل زيدت عليها الياء لأن بل عندهم إيجاب بعد نفي فاختيرت لهذا , وزيدت عليها الياء , لتدل على هذا المعنى, وتخرج من النسق.). [معاني القرآن: 5/520-521]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) }

تفسير قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فسبحان} [يس: 83] ينزّه نفسه عمّا قال المشركون.
{الّذي بيده ملكوت كلّ شيءٍ وإليه ترجعون} [يس: 83] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/821]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ملكوت كلّ شيءٍ}: والملك واحد.).
[مجاز القرآن: 2/165]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقال: ({فسبحان الّذي بيده ملكوت كلّ شيء وإليه ترجعون (83)}
معناه : تنزيه اللّه من السوء, ومن أن يوصف بغير القدرة.
{الذي بيده ملكوت كل شيء}: أي: القدرة على كل شيء.
{وإليه ترجعون}:وترجعون, أي: هو يبعثكم بعد موتكم.). [معاني القرآن: 4/296]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون}
أي : تنزيها للذي بيده ملك كل شيء ,وخزائنه , فهو يقدر على إحياء الموتى , وما يريد .
{وإليه ترجعون}: أي: تردون , وتصيرون بعد مماتكم.). [معاني القرآن: 5/521]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْء}: أي: ملك كل شيء.). [ياقوتة الصراط: 423]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 شعبان 1433هـ/7-07-2012م, 07:37 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي تابع [الآيات من 30 إلى 59] لم أتمكن من التعديل على المشاركة الأصلية

تفسير قوله تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا حسرةً على العباد ما يأتيهم من رسولٍ إلا كانوا به يستهزءون} [يس: 30] سعيدٌ، عن قتادة، قال: {يا حسرةً على العباد} [يس: 30] في أنفسهم.
{ما يأتيهم من رسولٍ إلا كانوا به يستهزءون} [يس: 30] فيا لك حسرةٌ عليهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/806]
قال يحيى مثل قوله: {أن تقول نفسٌ يا حسرتى على ما فرّطت في جنب اللّه} [الزمر: 56] إذا كان القول من العباد قال العبد يا حسرتا، وقال القوم: يا حسرتنا....
نما أخبر اللّه أنّ تكذيبهم الرّسل حسرةٌ عليهم، وهذا من الصّراخ بالنّكرة الموصوفة). [تفسير القرآن العظيم: 2/807]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنّهم إليهم لا يرجعون} [يس: 31]، أي: لا يرجعون إلى الدّنيا، يعني: من أهلك من الأمم السّالفة حين كذّبوا رسلهم يقول هذا لمشركي العرب يقول: {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون} [يس: 31] يحذّرهم أن ينزل بهم ما نزل بهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/807]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإن كلٌّ لمّا جميعٌ لدينا} [يس: 32] عندنا.
{محضرون} [يس: 32] يوم القيامة، يعني: الماضين والباقين.
وقال السّدّيّ: {وإن كلٌّ لمّا جميعٌ} [يس: 32]، يعني: إلا جميعٌ {لدينا محضرون} [يس: 32].
ومن خفّفها جعل اللّام توكيدًا للفعل). [تفسير القرآن العظيم: 2/807]

تفسير قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وآيةٌ لهم الأرض الميتة} [يس: 33]، يعني: المجدبة , تفسير السّدّيّ.
{أحييناها} [يس: 33] بالنّبات.
وقال يحيى: يعني بالميّتة: الأرض الّتي ليس فيها نباتٌ.
وقال السّدّيّ: المجدبة، أي: الّذي أحياها بعد موتها قادرٌ على أن يحيي الموتى.
قال: {وأخرجنا منها حبًّا فمنه يأكلون {33} وجعلنا فيها جنّاتٍ من نخيلٍ وأعنابٍ وفجّرنا فيها من العيون {34}). [تفسير القرآن العظيم: 2/807]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34) }

تفسير قوله تعالى: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم} [يس: 35]، أي: لم تكن تعمله أيديهم ونحن أنبتنا ما فيها.
وقال السّدّيّ: {وما عملته أيديهم} [يس: 35] لم يكن ذلك من فعلهم، وهو نحوه.
قال: {وفجّرنا فيها من العيون {34} ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون {35}} [يس: 34-35]، أي: فليشكروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/807]

تفسير قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {سبحان الّذي خلق الأزواج كلّها} [يس: 36]، أي: الألوان كلّها.
[تفسير القرآن العظيم: 2/807]
وقال السّدّيّ: الأصناف كلّها.
{ممّا تنبت الأرض ومن أنفسهم} [يس: 36] الذّكر والأنثى، وممّا خلق في البرّ والبحر من صغيرٍ وكبيرٍ.
{وممّا لا يعلمون} [يس: 36] وهو كقوله: {ويخلق ما لا تعلمون} [النحل: 8] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/808]

تفسير قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وآيةٌ لهم اللّيل نسلخ منه النّهار} [يس: 37] نذهب منه النّهار.
{فإذا هم مظلمون {37}). [تفسير القرآن العظيم: 2/808]

تفسير قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({والشّمس تجري لمستقرٍّ لها} [يس: 38] لا تجاوزه.
وهذا أبعد مسيرها، ثمّ ترجع إلى أدنى منازلها في تفسير الحسن إلى يوم القيامة حيث تكوّر فيذهب ضوءها.
وقال السّدّيّ: {تجري لمستقرٍّ لها} [يس: 38]، يعني: لمنتهاها، وهو نحوه.
- أشعث، عن مالك بن دينارٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرؤها: والشّمس تجري لا مستقرّ لها.
قال يحيى: هذا مثل قوله: {وسخّر لكم الشّمس والقمر} [إبراهيم: 33]..... قال: {ذلك تقدير العزيز العليم {38}). [تفسير القرآن العظيم: 2/808]

تفسير قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({والقمر قدّرناه منازل} [يس: 39] يزيد وينقص في تفسير الكلبيّ، يجري على منازله.
وقال الحسن: لا يطلع ولا يغيب إلا في زيادةٍ أو نقصان.
{حتّى عاد كالعرجون القديم} [يس: 39] المعلّى، عن ابن يحيى، عن مجاهدٍ، قال: كعنق النّخلة اليابس، يعني: إذا كان هلالا). [تفسير القرآن العظيم: 2/808]

تفسير قوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} [يس: 40] لا يجتمع ضوءهما ضوء الشّمس بالنّهار، وضوء القمر باللّيل، لا ينبغي لهما أن يجتمع ضوءهما.
لا ينبغي للشّمس أن تطلع باللّيل فتكون مع القمر في سلطانه، في تفسير الكلبيّ.
وقال مجاهدٌ: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} [يس: 40] لا يشبه ضوء الآخر، لا ينبغي ذلك لهما.
وقال: شمسٌ ينبغي لها أن تدرك القمر، ليلة الهلال خاصّةً لا يجتمعان في السّماء، وقد يريان جميعًا ويجتمعان في غير ليلة الهلال، وهو كقوله: {والقمر إذا تلاها} [الشمس: 2] إذا تبعها ليلة الهلال.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: {والقمر إذا تلاها} [الشمس: 2] يتلوها صبيحة الهلال.
وبعضهم يقول: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} [يس: 40] صبيحة ليلة البدر، يبادر فيغيب قبل طلوعها.
قال: {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} [يس: 40] والشّمس والقمر باللّيل والنّهار يسبّحون يدورون في تفسير مجاهدٍ كما يدور فلك المغزل.
وقال الحسن: الفلك طاحونةٌ مستديرةٌ كفلكة المغزل بين السّماء والأرض، وتجري فيها الشّمس والقمر والنّجوم، وليست بملتصقةٍ بالسّماء، ولو كانت ملتصقةً ما جرت.
وقال الكلبيّ: {يسبحون} [يس: 40] يجرون.
الصّلت بن دينارٍ، عن أبي صالحٍ، عن نوفٍ البكاليّ قال: إنّ السّماء خلقت مثل القبّة، وإنّ الشّمس والقمر والنّجوم ليس منها شيءٌ لاصقٌ بالسّماء، وإنّها تجري
[تفسير القرآن العظيم: 2/809]
في فلكٍ دون السّماء.
قال: {ولا اللّيل سابق النّهار} [يس: 40] يأتي عليه النّهار فيذهبه كقوله: {يغشي اللّيل النّهار يطلبه حثيثًا} [الأعراف: 54].
- عبد الوهّاب، عن مجاهدٍ أنّ أناسًا من اليهود قالوا لعمر بن الخطّاب: تقولون: جنّةً عرضها السّموات والأرض فأين تكون النّار؟ قال: أرأيت إذا جاء النّهار أين يكون اللّيل وإذا جاء اللّيل أين يكون النّهار؟ يفعل اللّه ما يشاء.
قوله عزّ وجلّ: {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} [يس: 40] قد فسّرناه في أوّل الآية.
{وآيةٌ لهم} [يس: 33]، يعني: وعلامةٌ لهم، تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/810]

تفسير قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون} [يس: 41]، يعني: نوحًا وبنيه الثّلاثة سامٌ، وحامٌ ويافثٌ منهم ذرّي الخلق بعد ما غرق قوم نوحٍ.
و{المشحون} [يس: 41] في حديث الحسن بن دينارٍ، عن الحسن: الموقّر بحمله، يقول: ممّا حمل نوحٌ معه في السّفينة). [تفسير القرآن العظيم: 2/810]

تفسير قوله تعالى: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وخلقنا لهم من مثله} [يس: 42] من مثل الفلك.
{ما يركبون} [يس: 42]، يعني: الإبل، ويقال هي سفن البرّ، وقال في آيةٍ أخرى: {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون} [الزخرف: 12] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/810]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} [يس: 43] فلا مغيث لهم.
{ولا هم ينقذون} [يس: 43] من العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 2/810]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إلا رحمةً منّا ومتاعًا إلى حينٍ} [يس: 44] فبرحمته يمتّعهم إلى يوم القيامة ولم
[تفسير القرآن العظيم: 2/810]
يهلكهم بعذاب الاستئصال، وسيهلك كفّار آخر هذه الأمّة بالنّفخة الأولى). [تفسير القرآن العظيم: 2/811]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا قيل لهم اتّقوا ما بين أيديكم وما خلفكم} [يس: 45]، {ما بين أيديكم} [يس: 45] من وقائع اللّه بالكفّار، أي: لا ينزل بكم ما نزل بهم، {وما خلفكم} [يس: 45] عذاب الآخرة بعد عذاب الدّنيا يقوله النّبيّ عليه السّلام للمشركين، وهذا تفسير الحسن.
وقال الكلبيّ: {ما بين أيديكم} [يس: 45] من أمر الآخرة، اتّقوها واعملوا لها، {وما خلفكم} [يس: 45] الدّنيا إذا كنتم في الآخرة، فلا تغترّوا بالدّنيا، فإنّكم تأتون الآخرة.
وقال مجاهدٌ: {اتّقوا ما بين أيديكم وما خلفكم} [يس: 45] من الذّنوب.
وقال السّدّيّ: {اتّقوا ما بين أيديكم وما خلفكم} [يس: 45] عذاب الدّنيا وعذاب الآخرة، {لعلّكم ترحمون} [يس: 45] لكي ترحموا). [تفسير القرآن العظيم: 2/811]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما تأتيهم من آيةٍ من آيات ربّهم إلا كانوا عنها معرضين} [يس: 46] تفسير الحسن: ما يأتيهم من رسولٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/811]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا قيل لهم أنفقوا ممّا رزقكم اللّه} [يس: 47] وهذا تطوّعٌ.
{قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أنطعم من لو يشاء اللّه أطعمه} [يس: 47] فإذا لم يشإ اللّه أن يطعمه لم تطعمه.
{إن أنتم إلا في ضلالٍ مبينٍ} [يس: 47] يقوله المشركون للمؤمنين). [تفسير القرآن العظيم: 2/811]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ويقولون متى هذا الوعد} [يس: 48]، أي: هذا العذاب.
{إن كنتم صادقين} يكذّبون به). [تفسير القرآن العظيم: 2/811]

تفسير قوله تعالى: {مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {ما ينظرون} [يس: 49] ما ينظر كفّار آخر هذه الأمّة الدّائنين بدين أبي جهلٍ وأصحابه.
{إلا صيحةً واحدةً} [يس: 29]، يعني: النّفخة الأولى من إسرافيل، وهو تفسير السّدّيّ بها يكون هلاكهم.
{تأخذهم وهم يخصّمون} [يس: 49] في أسواقهم، يتبايعون، يذرعون الثّياب ويخفض أحدهم ميزانه ويرفعه، ويحلبون اللّقاح وغير ذلك من حوائجهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/811]
- عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «تقوم السّاعة والرّجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعان به، فما يطويانه حتّى تقوم السّاعة، وتقوم السّاعة والرّجل يخفض ميزانه، وتقوم السّاعة والرّجل قد رفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتّى تقوم السّاعة، وتقوم السّاعة والرّجل يليط حوضه ليسقي ماشيته فما يسقيها حتّى تقوم السّاعة»). [تفسير القرآن العظيم: 2/812]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (خداشٌ، عن عوفٍ، عن أبي المغيرة، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: لينفخنّ في الصّور وإنّ النّاس لفي طرقهم وأسواقهم ومجالسهم، وحتّى إنّ الرّجل ليساوم الرّجل بالثّوب والثّوب بينهما في يد هذا وهذا فلا يدعانه حتّى يصعق بهما، وحتّى إنّ الرّجل ليغدو من بيته وما يرجع حتّى يصعق به، وتلا هذه الآية: {فلا يستطيعون توصيةً ولا إلى أهلهم يرجعون} [يس: 50].
رجلٌ، عن الأعمش، عن رجلٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو نحوه، وزاد فيه: يذرعون الثّياب، ويحلبون اللّقاح.
- حمّادٌ، عن أبي المهزّم، عن أبي هريرة، قال: تقوم السّاعة والرّجلان في السّوق وميزانهما في أيديهما.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: قضى اللّه ألا تأتيكم السّاعة إلا بغتةً، يعني قوله: {لا تأتيكم إلا بغتةً} [الأعراف: 187].
قوله عزّ وجلّ: {فلا يستطيعون توصيةً} [يس: 50] أن يوصوا.
{ولا إلى أهلهم يرجعون} [يس: 50] من أسواقهم وحيث كانوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/812]

تفسير قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ونفخ في الصّور} [يس: 51] وهذه النّفخة الآخرة، والصّور قرنٌ.
- عاصم بن حكيمٍ، عن سليمان التّيميّ، عن أسلم العجليّ، عن بشر بن شغافٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: جاء أعرابيٌّ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فسأله عن الصّور فقال: «قرنٌ ينفخ فيه».
[تفسير القرآن العظيم: 2/812]
سعيدٌ، عن قتادة، قال: {ونفخ في الصّور} [يس: 51] في الخلق.
- قال يحيى: وبلغني عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة، قال: تجعل الأرواح في الصّور ثمّ ينفخ فيه صاحب الصّور، فيذهب كلّ روحٍ إلى جسده مثل النّحل، فتدخل الأرواح في أجسادها.
قال: {فإذا هم من الأجداث إلى ربّهم ينسلون} [يس: 51] سعيدٌ، عن قتادة، قال: فإذا هم من القبور إلى ربّهم يخرجون، يعني: جميع الخلق). [تفسير القرآن العظيم: 2/813]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} [يس: 52] سعيدٌ، عن قتادة، قال: تكلّم بأوّل هذه الآية أهل الضّلالة وبآخرها أهل الإيمان.
قال أهل الضّلالة: {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} [يس: 52] قال المؤمنون: {هذا ما وعد الرّحمن وصدق المرسلون} [يس: 52] أخبرني صاحبٌ لي، عن الأعمش، عن خيثمة بن عبد الرّحمن، عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ مثل ذلك.
عثمان، عن زيد بن أسلم قال: قال الكفّار: {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} [يس: 52] قالت الملائكة: {هذا ما وعد الرّحمن وصدق المرسلون} [يس: 52].
وبعضهم يقول: هم الملائكة الّذين كانوا يكتبون أعمالهم، وقولهم: {من بعثنا من مرقدنا} [يس: 52] وهو ما بين النّفختين، لا يعذّبون في قبورهم بين النّفختين، ويقال إنّها أربعون سنةً، فلذلك قالوا: {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} [يس: 52] وذلك أنّه إذا نفخ النّفخة الأولى قيل له: اخمد، فيخمد إلى النّفخة الآخرة.
- المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «بين النّفختين أربعون، الأولى يميت اللّه بها كلّ حيٍّ، والآخرة يحيي بها كلّ ميّتٍ».
أبو سهلٍ، عن الحسن بن دينارٍ، عن الجريريّ، عن عكرمة قال: النّفخة الأولى من الدّنيا، والنّفخة الثّانية من الآخرة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/813]
وقال الحسن: القيامة اسمٌ جامعٌ يجمع النّفختين جميعًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/814]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إن كانت} [يس: 53]، يعني: ما كانت.
{إلا صيحةً واحدةً} [يس: 53] تفسير السّدّيّ قال: وكذلك كلّ إن خفيفةٍ تستقبلها إلا.
وقوله: {إن كانت إلا صيحةً واحدةً} [يس: 29] من إسرافيل، يعني: النّفخة الثّانية، يعني: القيامة.
{فإذا هم جميعٌ لدينا محضرون} [يس: 53] المؤمنون والكافرون {لدينا} [يس: 53] عندنا {محضرون} [يس: 53] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/814]

تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (54) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فاليوم} [يس: 54]، يعني: في الآخرة، وهو تفسير السّدّيّ، يقوله يومئذٍ.
{لا تظلم نفسٌ شيئًا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون} [يس: 54] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/814]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (فأخبر بمصير أهل الإيمان وأهل الكفر فقال: {إنّ أصحاب الجنّة اليوم} [يس: 55]، يعني: في الآخرة.
{في شغلٍ فاكهون} [يس: 55] سعيدٌ، عن قتادة، قال: في افتضاض العذارى). [تفسير القرآن العظيم: 2/814]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقوله: {فاكهون} [يس: 55] مسرورون في تفسير الحسن.
وبعضهم يقول: معجبون.
قال يحيى: بلغني أنّ أحدهم يعطى قوّة مائة شابٍّ في الشّهوة والجماع، وأنّه يفتضّ في مقدار ليلةٍ من ليالي الدّنيا مائة عذراء بذكرٍ لا يملّ ولا ينثني وفرجٍ لا يحفى ولا يمنى في شهوة أربعين عامًا.
- أبو أميّة، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
[تفسير القرآن العظيم: 2/814]
قال: «يعطى المؤمن ثلاثين زوجةً»، قالوا: يا رسول اللّه ويطيق ذلك؟ قال: «يعطى قوّة مائةٍ».
خالدٌ، عن ليث بن أبي سليمٍ، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ قال: إنّ الرّجل من أهل الجنّة ليتزوّج خمس مائة حوراء، وأربعة آلاف بكرٍ، وثمانية آلاف ثيّبٍ، ما منهنّ واحدةٌ إلا يعانقها مثل عمر الدّنيا كلّه لا يملّها ولا تملّه، وتوضع مائدةٌ بين يديه قدر عمر الدّنيا كلّه، ويسقى الشّراب فيستلذّه قدر عمر الدّنيا كلّه، ويأتيه الملك بالتّحيّة من اللّه وفي أصبعيه مائة
حلّةٍ، فيفرح بها فرحًا شديدًا، فيقول: أفرحت بهذا؟ فيقول: نعم، فيقول الملك للشّجر حوله: أنا رسول اللّه إليكنّ فتلون له بما شاء ما شاء.
- خالدٌ، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ أهل الجنّة يدخلونها كلّهم، نساؤهم ورجالهم من عند آخرهم أبناء ثلاثٍ وثلاثين سنةً على صورة آدم، طوله ستّون ذراعًا، اللّه أعلم بأيّ ذراعٍ هو، جردًا، مردًا، مكحّلين، يأكلون، ويشربون، ولا يبولون، ولا يتغوّطون، ولا يمتخطون، والنّساء عربًا أترابًا، لا يحضن، ولا يلدن، ولا يمتخطن، ولا يبلن، ولا
يقضين حاجة لبس؟ به قذرٌ»). [تفسير القرآن العظيم: 2/815]

تفسير قوله تعالى: {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {هم وأزواجهم في ظلالٍ} [يس: 56] في حجالٍ.
{على الأرائك} [يس: 56] على السّرر في الحجال.
{متّكئون} [يس: 56] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/814]

تفسير قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {لهم فيها فاكهةٌ ولهم ما يدّعون} [يس: 57] ما يشتهون، يكون في في أحدهم الطّعام فيخطر على باله طعامٌ آخر فيتحوّل ذلك الطّعام في فيه ويأكل من ناحيةٍ من البسرة بسرًا ثمّ يأكل من ناحيةٍ أخرى عنبًا إلى عشرة ألوانٍ أو ما شاء اللّه من ذلك، ويصفّ الطّير بين يديه، فإذا اشتهى الطّير منها اضطرب ثمّ صار بين يديه نضيجًا، نصفه شواءٌ ونصفه قديرٌ، وكلّ ما اشتهت
أنفسهم وجدوه كقوله: {وفيها ما تشتهيه الأنفس} [الزخرف: 71] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/815]

تفسير قوله تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {سلامٌ قولا من ربٍّ رحيمٍ} [يس: 58] قال يحيى: يأتي الملك من عند اللّه إلى أحدهم فلا يدخل عليه حتّى يستأذن
[تفسير القرآن العظيم: 2/815]
عليه يطلب الإذن من البوّاب الأوّل، فيذكره للبوّاب الثّاني، ثمّ كذلك حتّى ينتهي إلى البوّاب الّذي يليه، فيقول البوّاب له: ملكٌ على الباب يستأذن فيقول: ائذن له، فيدخل بثلاثة أشياء، بالسّلام من اللّه، والتّحفة، والهديّة، وبأنّ اللّه عنه
راضٍ، وهو قوله: {وإذا رأيت ثمّ رأيت نعيمًا وملكًا كبيرًا} [الإنسان: 20] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/816]

تفسير قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وامتازوا اليوم أيّها المجرمون} [يس: 59] المشركون، أي: ليمتازوا عن الجنّة إلى النّار.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: عزلوا عن كلّ خيرٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/816]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة