العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 09:56 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة الإخلاص [ من الآية (1) إلى آخر السورة ]

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:29 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني عبد الله بن عياش، عن يزيد بن قوذر، عن كعب الأحبار، قال: «من ختم القرآن زوجها الله مائة ألف زوجة من الحور العين، لكل زوجة مائة ألف ألف وصيفة، ومائة ألف ألف وصيف؛ ومن قرأ شيئا منه فحساب ذلك؛ فإن ختمه مرابطا زاده الله على ذلك مائة ألف ألف ضعف، وبني له عدد ذلك مدائن، وقصورا، وغرفا من در وياقوت في الجنة، وكان ذلك على الله يسيرا»؛
قال كعب:
«وما من شيءٍ أحب إلى الله من قراءة القرآن، والذكر، ولولا ذلك ما أمر الناس بالصلاة والقتال، ألا ترون أنه أمر الناس بالذكر عند القتال أيضا»، فقال: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون}؛
قال: وسمع كعب رجلا يقرأ القرآن، فقال:
«خيار عباد الله من أطاب الكلام، وشرار عباد الله من أخبث الكلام»؛ وقال كعب:«من قرأها: {هو الله أحدٌ}، حرم الله لحمه على النار»). [الجامع في علوم القرآن: 3/ 31-32] (م)
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (يقال: لا ينوّن {أحدٌ}: أي واحدٌ ). [صحيح البخاري: 6 / 180]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: يُقَالُ: لاَ يُنَوَّنٌ أَحَدٌ أي: واحدٌ كذا اخْتَصَرَهُ، والذي قالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ:
«اللهُ أَحَدُ لا يُنَوَّنُ، كُفُوًا أَحَدٌ أي: واحدٌ. انتهى. وهَمْزَةُ أَحَدٍ بَدَلٌ مِن واوٍ؛ لأنَّه مِنَ الوَحْدَةِ وهذا بخِلافِ أَحَدٍ؛ المُرَادُ به العُمُومُ، فإنَّ هَمْزَتَهُ أَصْلِيَّةٌ وقَالَ الفَرَّاءُ: الذي قَرَأَ بِغَيْرِ تنوينٍ يَقُولُ: النونُ نُونُ إِعْرَابٍ إذا اسْتَقْبَلَتْهَا الألِفُ واللامُ حُذِفَتْ، وليسَ ذلك بلازمٍ. انْتَهَى. وقَرَأَهَا بِغَيْرِ تنوينٍ أيضًا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ، ويَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ورُوِيَتْ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أيضًا، وهُو كقَوْلِ الشَّاعِرِ:
عَمْرُو الْعُلَى هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ
الأبْيَاتِ
وقولِ الآخَرِ:
وَلاَ ذَاكِرَ اللهِ إلا قَلِيلاَ
وهذا مَعْنَى قولِ الفَرَّاءِ: إذا اسْتَقْبَلَتْهَا أي: إذا أَتَتْ بَعْدَهَا، وأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فقالَ: إنما حُذِفَ التنوينُ لالتقاءِ السَّاكِنَيْنِ وهي لُغَةٌ كذا قَالَ). [فتح الباري: 8 / 739]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (يُقَالُ لاَ يُنَوَّنُ أَحَدٌ أَيْ: وَاحِدٌ).
أَيْ: قَدْ يُحْذَفُ التَّنْوِينُ مِنْ أَحَدٍ فِي حَالِ الْوَصْلِ فَيُقَالُ هُوَ اللَّهُ أَحَدُ اللَّهُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
فَأَلْقَيْتَهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ ....... وَلاَ ذَاكِرَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاَ
قَوْلُهُ: أَيْ وَاحِدٌ، تَفْسِيرُ قَوْلِهِ: أَحَدٌ، أَرَادَ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَهَذَا قَوْلٌ قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَالصَّحِيحُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، فَقِيلَ: الْوَاحِدُ بِالصِّفَاتِ، وَالأَحَدُ بِالذَّاتِ، وَقِيلَ: الْوَاحِدُ يَدُلُّ عَلَى أَزَلِيَّتِهِ وَأَوَّلِيَّتِهِ؛ لأَنَّ الْوَاحِدَ فِي الأَعْدَادِ رُكْنُهَا وَأَصْلُهَا وَمَبْدَؤُهَا، وَالأَحَدُ يَدُلُّ عَلَى تَمَيُّزِهِ مِنْ خَلْقِهِ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ وَنَفْيِ أَبْوَابِ الشِّرْكِ عَنْهُ، فَالأَحَدُ لِنَفْيِ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنَ الْعَدَدِ، وَالْوَاحِدُ اسْمٌ لِمُفْتَتَحِ الْعَدَدِ، فَأَحَدٌ يَصْلُحُ فِي الْكَلاَمِ فِي مَوْضِعِ الْجُحُودِ، وَالْوَاحِدُ فِي مَوْضِعِ الإِثْبَاتِ، تَقُولُ: لَمْ يَأْتِنِي مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَجَاءَنِي مِنْهُمْ وَاحِدٌ. وَلاَ يُقَالُ: جَاءَنِي مِنْهُمْ أَحَدٌ. لأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ لَمْ يَأْتِنِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لاَ وَاحِدَ أَتَانِي وَلاَ اثْنَانِ، وَإِذَا قُلْتَ: جَاءَنِي مِنْهُمْ وَاحِدٌ، فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِنِي اثْنَانِ، وَقَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: أَحَدٌ فِي الأَصْلِ وَاحِدٌ). [عمدة القاري: 20 / 8-9]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( يُقَالُ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ: «لاَ يُنَوَّنُ أَحَدٌ فِي الْوَصْلِ
» فَيُقَالُ: أَحَدُ اللَّهُ بِحَذْفِ التَّنْوِينِ لالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ،، وَرُويِتَ قِرَاءَةً عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، وَالْحَسَنِ وَأَبِي عَمْرٍو في رِوَايَةٍ عَنْهُ كَقَوْلِهِ:
عَمْرُو الَّذِي هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ ....... وَرِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ
وَقَوْلِهِ:
فَأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ ....... وَلاَ ذَاكِرَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاَ
عَلَى إِرَادَةِ التَّنْوِينِ فَحُذِفَ لالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، فَبَقِيَ اللَّهُ مَنْصُوبًا، لاَ مَجْرُورًا لِلإِضَافَةِ (وَذَاكِرَ) جُرَّ عَطْفًا عَلَى مُسْتَعْتِبٍ أَيْ ذَكَّرْتُهُ مَا كَانَ بَيْنَنَا مِنَ الْمَوَدَّةِ فَوَجَدْتُهُ غَيْرَ رَاجِعٍ بِالْعِتَابِ مِنْ قُبْحِ مَا فَعَلَ، وَالْجَيِّدُ هُوَ التَّنْوِينُ وَكَسْرُهُ لالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ (أَيْ وَاحِدٌ) يُرِيدُ أَنَّ أَحَدًا وَوَاحِدًا بِمَعْنًى وَأَصْلُ أَحَدٌ وَحَدٌ بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ:
كَأَنَّ رَحْلِي وَقَدْ زَالَ النَّهاَرُ بِنَا ....... بِذِي الْجَلِيلِ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحَدِ
فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً، وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الْمَكْسُورَةِ وَالْمَضْمُومَةِ كَوُجُوهٍ وَوِسَادَةٍ، وقِيلَ: لَيْسَا مُتَرَادِفَيْنِ. قَالَ في شَرْحِ الْمِشْكَاةِ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ مِنْ وُجُوهٍ:
الأَوَّلُ: أَنَّ أَحَدًا لاَ يُسْتَعْمَلُ فِي الإِثْبَاتِ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ -تَعَالَى-، فَيُقَالُ: اللَّهُ أَحَدٌ وَلاَ يُقَالُ: زَيْدٌ أَحَدٌ كَمَا يُقَالُ: زَيْدٌ وَاحِدٌ وكَأَنَّه بُنِيَ لِنَفْيِ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنَ الْعَدَدِ.

الثَّانِي: أَنَّ نَفْيَهُ يَعُمُّ، وَنَفْيَ الْوَاحِدِ قَدْ لاَ يَعُمُّ، وَلِذَلِكَ صَحَّ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ فِي الدَّارِ وَاحِدٌ، بِلْ فِيهَا اثْنَانِ. وَلاَ يَصِّحُ ذَلِكَ فِي أَحَدٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ}، وَلَمْ يَقُلْ: كَوَاحِدَةٍ.
الثَّالِثُ: أَنَّ الْوَاحِدَ يُفْتَحُ بِهِ الْعَدَدُ، وَلاَ كَذَلِكَ الأَحَدُ.
الرَّابِعُ: أَنَّ الْوَاحِدَ تَلْحَقُهُ التَّاءُ بِخَلاَفِ الأَحَدِ، وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَيْضًا وُجُوهٌ:
الأَوَّلُ: أَنَّ أَحَدًا مِنْ حَيْثُ الثَّنَاءُ أَبْلَغُ مِنْ وَاحِدٍ كَأَنَّهَ مِنَ الصِّفَاتِ الْمُشَبَّهَةِ الَّتِي بُنِيَتْ لِمَعْنَى الثَّبَاتِ، وَيَشْهَدُ لَهُ الْفُرُوقُ اللَّفْظِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ.
الثَّانِي: أَنَّ الْوَحْدَةَ تُطْلَقُ، وَيُرَادُ بِهَا عَدَمُ التَّثَنِّي، وَالنَّظِيرُ كَوَحْدَةِ الشَّمْسِ، وَالْوَاحِدُ يَكْثُرُ إِطْلاَقُهُ بِالْمَعْنَى الأَوَّلِ، وَالأَحَدُ يَغْلُبُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الثَّانِي، وَلِذَلِكَ لاَ يُجْمَعُ. قَالَ الأَزْهَرِيُّ: سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الآحَادِ أَنَّهُ جَمْعُ أَحَدٍ، فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ لَيْسَ لِلأَحَدٍ جَمْعٌ، وَلاَ يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: جَمْعُ وَاحِدٍ كَالأَشْهَادِ فِي جَمْعِ شَاهِدٍ، وَلاَ يُفْتَحُ بِهِ الأَحَدُ.
الثَّالِثُ: مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً، وَهُوَ أَنَّ الْوَاحِدَ بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ، وَالأَحَدَ بِاعْتِبَارِ الصِّفَاتِ، وَحَظُّ الْعَبْدِ أَنْ يَغُوصَ لُجَّةَ التَّوْحِيدِ، وَيَسْتَغْرِقَ فِيهِ حَتَّى لاَ يَرَى مِنَ الأَزَلِ إِلَى الأَبَدِ غيرَ الْوَاحِدِ الصَّمَدِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فوركٍ: الْوَاحِدُ فِي وَصْفِهِ تَعَالَى لَهُ ثَلاَثُ مَعَانٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لاَ قَسَمَ لِذَاتِهِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَعِّضٍ وَلاَ مُتَحَيِّزٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لاَ شَبِيهَ لَهُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلاَنٌ وَاحِدٌ فِي عَصْرِهِ أَيْ: لاَ شَبِيهَ لَهُ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ وَاحِدٌ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ فِي أَفْعَالِهِ، يُقَالُ: فُلاَنٌ مُتَوَحِّدٌ فِي هَذَا الأَمْرِ أَيْ: لَيْسَ يَشْرُكُهُ فِيهِ أَحَدٌ اهـ. وَالضَّمِيرُ فِي هُوَ فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَعُودُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنَ السِّيَاقِ، فَإِنَّهُ جَاءَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ؛ فَنَزَلَتْ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرِيُّ. وَالأَوَّلُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُرْسَلاً، وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ. وَصَحَّحَ الْمَوْصُولَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَحِينَئِذٍّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ مُبَتَدَأً، وَأَحَدٌ خَبَرَهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الأَوَّلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ بَدَلاً وَأَحَدٌ الْخَبَرَ، وَأَنْ يَكُونَ اللَّهُ خَبَرًا أَوَّلَ وَأَحَدٌ خَبَرًا ثَانِيًا، وَأَنْ يَكُونَ أَحَدٌ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ أَحَدٌ، والثَّانِي أَنَّهُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ؛ لأَنَّهُ مَوْضِعُ تَعْظِيمٍ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ خَبَرُهُ مُفَسِّرَةٌ، وَلَمْ يَثْبُتْ لَفْظُ الأَحَدِ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَالدَّعَوَاتِ لِلْبَيْهَقِيِّ. نَعَمْ ثَبَتَ اللَّفْظَانِ فِي جِامِعِ الأُصُولِ). [إرشاد الساري: 7/ 438-439]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ذُكِرَ أن المُشْرِكِينَ سَأَلُوا رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن نَسَبِ رَبِّ العِزَّةِ، فأَنْزَلَ اللهُ هذا السورةَ؛ جواباً لَهم.
وقالَ بعضُهم: بل نَزَلَتْ مِن أجلِ أن اليهودَ سَأَلُوه، فقالُوا له: هذا اللهُ خَلَقَ الخَلْقَ، فمَن خلَقَ اللهَ؟ فأُنْزِلَتْ جواباً لهم.
ذِكْرُ مَن قالَ: أُنْزِلَتْ جَوَاباً لِلْمُشْرِكِينَ الذين سَأَلُوه أَنْ يَنْسِبَ لَهُمُ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
- حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ مَنيعٍ المَرْوَزِيُّ ومحمودُ بنُ خِداشٍ الطَّالَقَانِيُّ، قالاَ: ثَنَا أبو سعدٍ الصَّغَانِيُّ، قالَ: ثَنَا أبو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عن الرَّبِيعِ بنِ أنَسٍ، عن أبي العالِيَةِ، عن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، قالَ:
«قالَ المشركونَ للنبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: انْسُبْ لنا رَبَّكَ».
فأَنْزَلَ اللهُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1) اللهُ الصَّمَدُ}.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا يَحْيَى بنُ وَاضِحٍ، قالَ: ثَنَا الحسينُ، عن يَزِيدَ، عن عِكْرِمَةَ، قالَ:
«إن المشركين قالوا: يا محمد, أَخْبِرْنَا عن رَبِّكَ، صِفْ لَنَا رَبَّكَ ما هو، ومِن أيِّ شَيْءٍ هو؟» فأَنْزَلَ اللهُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} إلى آخِرِ السُّورَةِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن أبي جَعْفَرٍ، عن الرَّبِيعِ، عن أبي العَالِيَةِ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1) اللهُ الصَّمَدُ}، قالَ:
«قالَ ذلك قادَةُ الأحزابِ: انْسِبْ لَنَا رَبَّكَ. فأتاه جِبْرِيلُ بهذه».
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ عَوْفٍ، قالَ: ثَنَا سُرَيْجٌ، قالَ: ثَنَا إسماعيلُ بنُ مُجَالِدٍ، عن مُجَالِدٍ، عن الشَّعْبِيِّ، عن جَابِرٍ, قالَ:
«قالَ المُشْرِكون للنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْسِبْ لنا ربَّكَ».
فأَنْزَلَ اللهُ تبارك وتعالى: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}.
ذِكْرُ مَن قالَ: نَزَلَ ذلك مِن أجْلِ مسألةِ اليهودِ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، قالَ: ثَنِي ابنُ إسحاقَ، عن محمدٍ، عن سعيدٍ، قالَ:
«أتَى رَهْطٌ مِن اليهودِ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقالوا: يا محمدُ, هذا اللهُ خَلَقَ الخَلْقَ، فمَن خَلَقه؟ فغَضِبَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى انْتَقَعَ لَوْنُهُ, ثم سَاوَرَهُم غَضَباً لربِّه، فجاءَه جبريلُ عليه السلامُ فَسَكَّنَه، وقالَ: اخْفِضْ عليك جَناحَكَ يا محمدُ».
وجاءَه مِن اللهِ جوابُ ما سألوه عنه.
قالَ:
«يقولُ اللهُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ }، فَلَمَّا تلاَ عليهم النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالوا: صِفْ لنا ربَّك كيفَ خَلْقُهُ؟ وكيف عَضُدُهُ؟ وكيفَ ذِرَاعُه؟ فغَضِبَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشَدَّ مِن غَضَبِه الأوَّلِ، وساوَرَهم غَضَباً، فأَتَاه جِبْرِيلُ فقالَ له مِثلَ مقالَتِه، وأتاه بجوابِ ما سَأَلُوه عنه: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}».
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سعيدِ بنِ أبي عَرُوبَةَ، عن قَتَادَةَ، قالَ: جاءَ ناسٌ مِن اليهودِ إلى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقالوا: انْسِبْ لنا رَبَّكَ، فنَزَلَتْ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} حتَّى خَتَمَ السورَةَ.
فتأوِيلُ الكلامِ إذا كانَ الأمرُ على ما وَصَفْنَا: قلْ يا محمدُ لهؤلاءِ السائِلِيكَ عن نَسَبِ ربِّكَ وصِفَتِهِ، ومَن خَلَقَه: الربُّ الذي سَأَلْتُمُوني عنه، هو اللهُ الذي له عِبَادَةُ كلِّ شيءٍ، لا تَنْبَغِي العبادَةُ إلاَّ له، ولا تَصْلُحُ لشيءٍ سِوَاه). [جامع البيان: 24/ 727-729]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (واخْتَلَفَ أهلُ العربيَّةِ في الرافِعِ {أَحَدٌ} فقَالَ بَعْضُهُم: الرافِعُ له {اللهُ}، و {هُوَ} عِمَادٌ، بِمَنْزِلَةِ الهاءِ في قَوْلِهِ: {إِنَّهُ أَنَا اللهُ العَزِيزُ الحَكِيمُ}.
وقالَ آخرُ مِنهم: بل {هُوَ} مرفوعٌ، وإِنْ كانَ نَكِرَةً بالاسْتِئْنَافِ، كقولِهِ: هذا بَعْلِي شيخٌ..
وقالَ: {هُوَ اللهُ} جوابٌ لكلامِ قَوْمٍ قالوا له: ما الذي تَعْبُدُ؟ فقالَ: هو اللهُ.
ثم قِيلَ له: فما هو؟ قالَ: هو أحَدٌ.
وقالَ آخَرُونَ {أَحَدٌ} بمعنى: وَاحِدٍ، وأنْكَرَ أن يكونَ العمادُ مسْتَأْنَفاً به، حتى يكونَ قبلَه حرفٌ مِن حروفِ الشكِّ، كظَنَّ وأخواتِها، وكانَ وذَوَاتِها، أو إنَّ وما أشْبَهَها، وهذا القولُ الثاني هو أشبهُ بمذاهِبِ العربِيَّةِ.
واخْتَلَفَتِ القَرَأَةُ في قراءَةِ ذلك؛ فقَرَأَتْه عامَّةُ قرأةِ الأَمْصَارِ: {أَحَدٌ (1) اللهُ الصَّمَدُ} بتنوينِ " أَحَدٌ "، سِوَى نصرِ بنِ عاصِمٍ، وعبدِ اللهِ بنِ أبي إسحاقَ؛ فإنه رُوِيَ عنهما تركُ التنوينِ: (أَحَدُ اللهُ)؛ وكأنَّ مَن قرَأَ ذلك كذلك، قالَ: نونُ الإِعْرَابِ إذا اسْتَقْبَلَتْها الألِفُ واللامُ أو ساكِنٌ من الحروفِ حُذِفَتْ أحياناً، كما قالَ الشاعِرُ:
كَيْفَ نَوْمِي على الفِرَاشِ وَلَمَّا ....... تَشْمَلِ الشامَ غَارَةٌ شَعْوَاءُ

تُذْهِلُ الشيخَ عن بَنِيهِ وتُبْدِي ....... عن خِدَامِ العَقِيلَةُ العَذْراءُ

يُرِيدُ: عن خِدامٍ العَقِيلَةُ.
والصوابُ في ذلك عندَنا: التنوينُ؛ لمعنَيَيْنِ:
أحدُهما: أنه أفصحُ اللغتيْن، وأشهرُ الكلاميْنِ، وأجودُهما عندَ العرَبِ.
والثاني: إجماعُ الحُجَّةِ مِن قرأةِ الأمصارِ على اختيارِ التنوينِ فيه، ففي ذلك مكتفًى عن الاسْتِشْهادِ على صحَّتِه بغيرِه. وقد بَيَّنَّا معنى قوْلِه: {أَحَدٌ} فيما مضَى، بما أَغْنَى عن إِعَادَتِه في هذا الموْضِعِ). [جامع البيان: 24 / 729-730]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ فِي (الْعَظَمَةِ) وَأَبُو محمدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي فَضَائِلِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَتَتْ يَهُودُ خَيْبَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا:
«يَا أَبَا الْقَاسِمِ، خَلَقَ اللَّهُ الْمَلائِكَةَ مِنْ نُورِ الْحِجَابِ, وَآدَمَ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ, وَإِبْلِيسَ مِنْ لَهَبِ النَّارِ، والسَّمَاءَ مِنْ دُخَانٍ، وَالأَرْضَ مِنْ زَبَدِ الْمَاءِ، فَأَخْبِرْنَا عَنْ رَبِّكَ». فَلَمْ يُجِبْهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بهذهِ السُّورَةِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}: لَيْسَ لَهُ عُرُوقٌ تَتَشَعَّبُ). [الدر المنثور: 15 / 742-743] (م)

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ (2) }
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال الحسن في قول الله: {الصمد}،
«الذي يصمد إليه في الحوائج»، ثم تلا هذه الآية: {ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون}). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 49]
  1. قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن قال: «الصمد الدائم»). [تفسير عبد الرزاق: 2 /407]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال عكرمة : «هو الذي لا جوف له»). [تفسير عبد الرزاق: 2 /407]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا قيس بن الربيع عن منصور عن مجاهد قال:
«الصمد الذي لا جوف له»). [تفسير عبد الرزاق: 2 /407]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا قيس بن الربيع عن عاصم عن شقيق قال:
«الصمد السيد الذي قد انتهى في سؤدده»). [تفسير عبد الرزاق: 2 /407]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {اللّه الصّمد}
«والعرب تسمّي أشرافها الصّمد» قال أبو وائلٍ: «هو السّيّد الّذي انتهى سؤدده»). [صحيح البخاري: 6 / 180]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (بَابٌ قولُهُ: اللهُ الصَّمَدُ) ثَبَتَتْ هذه التَّرجَمَةُ لأبي ذَرٍّ.
قولُهُ: (والعَرَبُ تُسَمِّي أَشْرَافَهَا الصَّمَدَ)، وقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
«الصَّمَدُ السَّيِّدُ الذي يُصْمَدُ إليه لَيْسَ فَوْقَهُ أَحَدٌ»، فعلى هَذَا هُو فَعَلٌ بفَتْحَتَيْنِ بمَعْنَى مَفْعُولٍ ومِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشاعرِ:
أَلاَ بَكَّرَ النَّاعِي بِخَيْرِ بَنِي أَسَدْ = بِعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وَبِالسَّيِّدِ الصَّمَدْ.
قولُهُ: (قَالَ أَبُو وائلٍ: «هُو السيدُ الذي انْتَهَى سُؤْدُدُهُ») ثَبَتَ هَذَا للنَّسَفِيِّ هنا، وقد وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ من طَرِيقِ الأعْمَشِ عنه، وجاءَ أيضًا من طَرِيقِ عَاصِمِ بنِ أَبِي وَائِلٍ فوَصَلُه بذِكْرِ ابنِ مَسْعُودٍ فيه). [فتح الباري: 8 / 740]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال أبو وائل:
«هو السّيّد الّذي انتهى سؤدده
» وأخبرنا أبو هريرة بن الذّهبيّ إجازة أنا القاسم بن عساكر أنا أبو الحسن المقير عن أبي بكر بن الزاعوني أنا أبو القاسم البشري أنا أبو طاهر المخلص ثنا إبراهيم بن حمّاد ثنا شعيب بن أيّوب ثنا أبن نمير عن الأعمش عن شقيق بن سلمة هو أبو وائل قال: «الصّمد السّيّد الّذي قد انتهى سؤدده»
رواه الفريابيّ عن سفيان عن الأعمش
وهكذا رواه وكيع وعبد الله بن إدريس وأبو عوانة وغير واحد عن الأعمش
ورواه عاصم بن بهدلة عن شقيق عن عبد الله بن مسعود أنبأناه علّي بن محمّد الخطيب شفاها عن أحمد بن محمّد الدشتي أن يوسف بن خليل الحافظ أخبره أنا أبو جعفر الصيدلاني أنا محمود بن إسماعيل أنا أبو بكر بن شاذان أنا أبو بكر بن القباب أنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا محمّد بن علّي بن حسن بن شقيق ثنا أبي ثنا الحسين بن واقد ثنا عاصم به). [تغليق التعليق: 4 / 380]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بَابٌ قَوْلُهُ: اللَّهُ الصَّمَدُ)
أَيْ: هَذَا بَابٌ فِي قَوْلِهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {اللَّهُ الصَّمَدُ} وَلَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ إِلاَّ لأَبِي ذَرٍّ.
(والعَرُبُ تُسَمِّي أَشْرَافَهَا الصَّمَدَ، قَالَ أَبُو وَائِلٍ:
«هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي انْتَهَى سُودَدُهُ»).
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّ مَعْنَى الصَّمَدِ عِنْدَ الْعَرَبِ الشَّرَفُ وَلِهَذَا يُسَمُّونَ رُؤَسَاءَهُمُ الأَشْرَافَ بِالصَّمَدِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
«هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمَّلَ أَنْوَاعَ الشَّرَفِ وَالسُّودَدِ»، وَقِيلَ: هُوَ السَّيِّدُ الْمَقْصُودُ فِي الْحَوَائِجِ تَقُولُ الْعَرَبُ: صَمَدْتُ فُلاَنًا أَصْمُدُهُ صَمْدًا بِسُكُونِ الْمِيمِ إِذَا قَصَدْتَهُ، وَالْمَصْمُودُ صَمَدٌ، وَيُقَالُ: بَيْتٌ مَصْمُودٌ وَمُصْمَدٌ إِذَا قَصَدَهُ النَّاسُ فِي حَوَائِجِهِمْ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ) بِالْهَمْزَةِ بَعْدَ الأَلِفِ كُنْيَةُ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، وَهَذَا ثَبَتَ لِلنَّسَفِيِّ هُنَا، وَقَدْ ذَكَرَ فِي تَفْسِيرِ الصَّمَدِ مَعَانِيَ كَثِيرَةً). [عمدة القاري: 20/ 9]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قَوْلُهُ: اللَّهُ الصَّمَدُ)، ولأَبِي ذَرٍّ: بَابٌ بِالتَّنْوِينِ أَيْ فِي قَوْلِهِ -عَزَّ وَجَلَّ- : {اللَّهُ الصَّمَدُ} (وَالْعَرَبُ تُسَمِّي أَشْرَفَهَا الصَّمَدَ قَالَ أَبُو وَائِلٍ): بِالْهَمْزِ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ مِمَّا وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ
«هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي انْتَهَى سُؤْدَدُهُ» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «الَّذِي تَصْمِدُ إِلَيْهِ الْخَلاَئِقُ فِي حَوَائِجِهِمْ وَمَسَائِلِهِمْ، وهو مِن صَمَدَ إِذَا قَصَدَ وَهُوَ الْمَوْصُوفُ بِهِ عَلَى الإِطْلاَقِ، فَإِنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا وَكُلُّ مَا عَدَاهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ جِهَاتِهِ»، وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: «هُوَ الْبَاقِي بَعْدَ خَلْقِهِ». وَعَنِ الْحَسَنِ: «الصَّمَدُ: الْحَيُّ الْقَيُّومُ الَّذِي لاَ زَوَالَ لَهُ». وَعَنْ عِكْرِمَةَ: «الَّذِي لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلاَ يَطْعَمُ». وَعَنِ الضَّحَّاكِ وَالسُّدِّيُّ: «الَّذِي لاَ جَوْفَ لَهُ». وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ: «الصَّمَدُ نُورٌ يَتَلألأُ». وَكُلُّ هَذِهِ الأَوْصَافِ صَحِيحَةٌ فِي صِفَاتِهِ تَعَالَى عَلَى مَا لا يَخْفَى). [إرشاد الساري: 7 / 440]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا أحمد بن منيعٍ، قال: حدّثنا أبو سعدٍ هو الصّغانيّ، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ، أنّ المشركين قالوا لرسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم:
«انسب لنا ربّك»، فأنزل اللّه: {قل هو اللّه أحدٌ (1) اللّه الصّمد} فالصّمد: الّذي لم يلد ولم يولد، لأنّه ليس شيءٌ يولد إلاّ سيموت، وليس شيءٌ يموت إلاّ سيورث، وإنّ اللّه -عزّ وجلّ- لا يموت ولا يورث: {ولم يكن له كفوًا أحدٌ} قال: «لم يكن له شبيهٌ ولا عدلٌ وليس كمثله شيءٌ»). [سنن الترمذي: 5 / 308]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {اللهُ الصَّمَدُ} يَقُولُ -تَعَالَى ذِكْرُهُ- : المعبودُ الذي لا تَصْلُحُ العبادةُ إلاَّ له الصَّمَدُ.
واخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ في معنى الصمَدِ؛ فقَالَ بَعْضُهُم: هو الذي ليسَ بأَجْوَفَ، ولا يَأْكُلُ ولا يَشْرَبُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا عبدُ الرحمنِ بنُ الأسوَدِ، قالَ: ثَنَا محمدُ بنُ رَبِيعَةَ، عن سَلَمَةَ بنِ سَابُورٍ، عن عَطِيَّةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ:
«الصمدُ: الذي ليس بأجْوَفَ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ، قالَ: ثَنَا سُفيانُ، عن منصورٍ، عن مُجَاهِدٍ، قالَ:
«الصمدُ: المُصْمَتُ الذي لا جَوْفَ له».
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن سُفْيَانَ، عن منصورٍ، عن مُجَاهِدٍ،
«مثلَه سواءً».
- حَدَّثَنِي الحَارِثُ، قالَ: ثَنَا الحسنُ، قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، قالَ:
«الصمَدُ: المُصْمَتُ الذي ليسَ له جَوْفٌ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ ووكيعٌ، قالاَ: ثَنَا سُفيانُ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، قالَ:
«الصمدُ: الذي لا جوْفَ له».
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ؛ وحَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ, جميعاً عن سُفْيَانَ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ،
«مثلَه».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ، قالَ: ثَنَا الرَّبيعُ بنُ مُسْلِمٍ، عن الحَسَنِ، قالَ:
«الصَّمَدُ: الذي لا جَوْفَ لَه».
قالَ: ثَنَا الرَّبيعُ بنُ مُسْلِمٍ، عن إبراهيمَ بنِ مَيْسَرَةَ، قالَ: أَرْسَلَنِي مُجَاهِدٌ إلى سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ أسأَلُه عن الصمَدِ، فقال:
«الذي لا جوْفَ له».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا يَحيَى، قالَ: ثَنَا إسماعيلُ بنُ أبي خالِدٍ، عن الشَّعْبِيِّ، قالَ:
«الصمدُ الذي لا يَطْعَمُ الطعامَ».
- حَدَّثَنَا يعقوبُ، قالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، عن إسماعيلَ بنِ أبي خالِدٍ، عن الشَّعْبِيِّ, أنَّه قالَ:
«الصمدُ: الذي لا يَأْكُلُ الطعامَ، ولا يَشْرَبُ الشرابَ».
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ وابنُ بَشَّارٍ، قالاَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن سَلَمَةَ بنِ نُبَيْطٍ، عن الضحَّاكِ، قالَ:
«الصمدُ: الذي لا جَوْفَ له».
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا ابنُ أبي زَائِدَةَ، عن إسماعيلَ، عن عامِرٍ، قالَ:
«الصمدُ: الذي لا يَأْكُلُ الطعامَ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ وزيدُ بنُ أَخْزَمَ، قالاَ: ثَنَا ابنُ داودَ، عن المُسْتَقِيمِ بنِ عبدِ المَلِكِ، عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ قالَ:
«الصمَدُ: الذي لا حَشْوَةَ له».
- حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قالَ: سَمِعْتُ أبا مُعاذٍ يقولُ: ثَنَا عُبَيْدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ في قَوْلِهِ:
«الصَّمَدُ: الذي لا جَوْفَ لَه».
- حَدَّثَنِي العباسُ بنُ أبي طالِبٍ، قالَ: ثَنَا محمدُ بنُ عُمَرَ بنِ رُومِيٍّ، عن عُبَيْدِ اللهِ بنِ سَعِيدٍ قائِدِ الأعمشِ، قالَ: ثَنِي صالحُ بنُ حَيَّانَ، عن عبدِ اللهِ بنِ بُرَيْدَةَ، عن أبيه، قالَ:
«لا أَعْلَمُه إلا قَدْ رَفَعَه»، قالَ: «الصمدُ: الذي لا جَوْفَ لَه».
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، عن الرَّبيعِ بنِ مُسْلِمٍ، قالَ: سَمِعْتُ الحسنَ يقولُ:
«الصمَدُ: الذي لا جَوْفَ له».
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن عِكْرِمَةَ، قالَ:
«الصمدُ: الذي لا جَوْفَ له».
وقالَ آخَرُونَ: هو الذي لا يَخْرُجُ مِنه شَيْءٌ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قالَ: ثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ، عن أبي رَجَاءٍ, قالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، قالَ في قَوْلِهِ: {الصَّمَدُ}:
«الذي لم يَخْرُجْ مِنه شيءٌ، ولم يَلِدْ، ولم يُولَدْ».
حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا محمدُ بنُ جَعْفَرٍ، قالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عن أبي رَجَاءٍ محمدِ بنِ يُوسُفَ، عن عِكْرِمَةَ, قالَ:
«الصمدُ: الذي لا يَخْرُجُ مِنْهُ شيءٌ».
وقالَ آخَرُونَ: هو الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن أبي جَعْفَرٍ، عن الرَّبيعِ، عن أبي العالِيَةِ، قالَ:
«الصمدُ: الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ؛ لأنه ليسَ شيءٌ يَلِدُ إلاَّ سَيُورَثُ، ولا شَيءٌ يُولَدُ إلا سَيَمُوتُ، فأخْبَرَهم تَعَالَى ذِكْرُهُ أنَّه لا يُورَثُ ولا يَموتُ».
- حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ مَنيعٍ ومحمودُ بنُ خِدَاشٍ, قالاَ: ثَنَا أبو سعدٍ الصَّغَانِيُّ، قالَ: قالَ المُشْرِكون للنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«انْسِبْ لنا رَبَّكَ..»
فأنْزَلَ اللهُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1) اللهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}؛ لأنه ليسَ شيءٌ يُولَدُ إلا سيموتُ، وليس شيءٌ يموتُ إلا سيُورَثُ، وإنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لا يَمُوتُ ولا يُورَثُ, {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} ولم يَكُنْ له شَبِيهٌ ولا عِدْلٌ، وليسَ كمثلِه شيءٌ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن أبي مَعْشَرٍ، عن محمدِ بنِ كَعْبٍ:
«الصمدُ: الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ».
وقالَ آخَرُونَ: هو السيِّدُ الذي قد انْتَهَى سُؤْدَدُهُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي أبو السائِبِ، قالَ: ثَنِي أبو مُعَاوِيَةَ، عن الأَعْمَشِ، عن شَقِيقٍ، قالَ:
«الصمَدُ: هو السيِّدُ الذي قد انْتَهَى سُؤْدَدُهُ».
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ وابنُ بشَّارٍ وابنُ عبدِ الأعلَى، قالوا: ثَنَا وَكِيعٌ، عن الأَعْمَشِ، عن أبي وائِلٍ، قالَ:
«الصمَدُ: السيِّدُ الذي قد انْتَهَى سُؤْدَدُهُ», ولم يَقُلْ أَبُو كُرَيْبٍ وابنُ عبدِ الأعلى: «سُؤْدَدُه».
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن الأَعْمَشِ، عن أبي وائِلٍ مِثْلَه.
- حَدَّثَنَا عليٌّ، قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ، قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، في قَوْلِهِ: {الصَّمَدُ} يقولُ: السيِّدُ الذي قد كَمُلَ في سُؤْدَدِه، والشريفُ الذي قد كَمُلَ في شَرَفِهِ، والعظيمُ الذي قد كَمُلَ في عَظَمَتِهِ، والحليمُ الذي قد كَمُلَ في حِلْمِهِ، والغنِيُّ الذي قد كَمُلَ في غِناهُ، والجبَّارُ الذي قد كَمُلَ في جَبَرُوتِهِ، والعالِمُ الذي قد كَمُلَ في عِلْمِهِ، والحكيمُ الذي قد كَمُلَ في حِكْمَتِهِ، وهو الذي قد كَمُلَ في أنواعِ الشرَفِ والسُّؤْدَدِ، وهو اللهُ سبحانَه هذه صِفَتُه، لا تَنْبَغِي إِلاَّ له.
وقالَ آخَرُونَ: بل هو الباقي الذي لا يَفْنَى.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عن قَتَادَةَ، في قَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1) اللهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} قالَ: «كانَ الحسَنُ وقَتَادَةُ يقولانِ: الباقي بعدَ خَلْقِهِ
»، قالَ: «هذه سورةٌ خالِصَةٌ، ليسَ فيها ذِكْرُ شيءٍ مِن أمْرِ الدنيا والآخِرَةِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قَتَادَةَ، قالَ:
«الصمَدُ: الدائِمُ».
قالَ أبو جَعْفَرٍ:
«الصمَدُ عندَ العربِ: هو السيِّدُ الذي يُصْمَدُ إليه، الذي لا أحَدَ فَوْقَه، وكذلك تُسَمِّي أشرافَها؛ ومِنه قولُ الشاعِرِ»:
أَلاَ بَكَّرَ النَّاعِي بِخَيْرَيْ بَنِي أَسَدْ ....... بِعَمْرِو بنِ مَسْعُودٍ وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْ
وقالَ الزِّبْرِقَانُ:
ولا رَهِينَةً إلاَّ سَيِّدٌ صَمَدُ
فإِذَا كانَ ذلك كذلكَ، فالذي هو أَوْلَى بتأويلِ الكلمةِ، المعنى المعروفُ مِن كلامِ مَن نَزَلَ القرآنُ بلسانِه, ولو كانَ حديثُ ابنِ بُرَيْدَةَ، عن أبيه صحيحاً، كانَ أوْلى الأقوالِ بالصحَّةِ؛ لأن رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعْلَمُ بما عَنَى اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وبما أُنْزِلَ عليه). [جامع البيان: 24 / 731-737]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا حبان عن الأعمش عن شقيق بن سلمة قال:
«الصمد السيد الذي قد انتهى سؤدده»). [تفسير مجاهد: 2/ 794]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال:
«الصمد الذي لا جوف له»). [تفسير مجاهد: 2/ 794]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي قال:
«الصمد هو الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد»). [تفسير مجاهد: 2 /794-795]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الحافظ، وأبو جعفرٍ محمّد بن عليٍّ قالا: ثنا الحسين بن الفضل، ثنا محمّد بن سابقٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ رضي اللّه عنه،
«أنّ المشركين، قالوا: «يا محمّد، انسب لنا ربّك. فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {قل هو اللّه أحدٌ (1) اللّه الصّمد}» قال: «الصمد: الذي {لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوًا أحدٌ} لأنّه ليس شيءٌ يولد إلّا سيموت، وليس شيءٌ يموت إلّا سيورث، وإنّ اللّه لا يموت ولا يورث {ولم يكن له كفوًا أحدٌ} قال: لم يكن له شبيهٌ، ولا عدلٌ وليس كمثله شيءٌ» «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2 / 589] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) أبو وائل -رحمه الله -: قال:
«الصّمد: السّيّد الذي انتهى سؤدده». أخرجه البخاري). [جامع الأصول: 2 / 442]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : ( عن بُرَيْدَةَ رَفَعَهَ قالَ:
«{الصَّمَدُ}: الَّذِي لاَ جَوْفَ لَهُ».
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وفيه صالِحُ بنُ حِبَّانَ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7 / 144]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن الضَّحَّاكِ بنِ مُزَاحِمٍ:
«أن نافِعَ بنَ الأزرقِ سأَلَ ابنَ عَبَّاسٍ عن قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {الصَّمَدُ}: أما الأحدُ فقد عَرَفْنَاه، فما الصمَدُ؟ قالَ: «الذي يُصْمَدُ إليه في الأمورِ كلِّها». قال: «فهل كانَتِ العربُ تَعْرِفُ ذلك قبلَ أن يُنَزَّلَ الكتابُ على محمدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ؟» قالَ: «نعمْ، أما سَمِعْتَ بقولِ الأَسَدِيَّةِ»:
أَلاَ بَكَّرَ النَّاعِي بِخَبَرِ بَنِي أَسَدْ ....... بَعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وَبِالسَّيِّدِ الصَّمَدْ
قالَ: «صَدَقْتَ».
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في حديثٍ طويلٍ تَقَدَّمَ في بابِ كيفَ يُفَسَّرُ القرآنُ، وفي إسنادِه: جُوَيْبِرٌ وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7 / 144-145]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ فِي (الْعَظَمَةِ) وَأَبُو محمدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي فَضَائِلِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}, عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
«أَتَتْ يَهُودُ خَيْبَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: «يَا أَبَا الْقَاسِمِ، خَلَقَ اللَّهُ الْمَلائِكَةَ مِنْ نُورِ الْحِجَابِ, وَآدَمَ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ, وَإِبْلِيسَ مِنْ لَهَبِ النَّارِ، والسَّمَاءَ مِنْ دُخَانٍ، وَالأَرْضَ مِنْ زَبَدِ الْمَاءِ، فَأَخْبِرْنَا عَنْ رَبِّكَ». فَلَمْ يُجِبْهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بهذهِ السُّورَةِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}: لَيْسَ لَهُ عُرُوقٌ تَتَشَعَّبُ، {اللَّهُ الصَّمَدُ}: لَيْسَ بالأجوفِ، لا يَأْكُلُ وَلا يَشْرَبُ»). [الدر المنثور: 15 / 742-743] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي (السُّنَّةِ) عَن الضَّحَّاكِ قَالَ:
«قَالَتِ الْيَهُودُ: يَا مُحَمَّدُ، صِفْ لَنَا رَبَّكَ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ}. فَقَالُوا: «أَمَّا الأَحَدُ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الصَّمَدُ؟» قَالَ: «الَّذِي لا جَوْفَ لَهُ» »). [الدر المنثور: 15 / 744] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ الأَنْبَارِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَنَّهُ قَرَأَ: (اللهُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ) ). [الدر المنثور: 15 / 777]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أَبِي حَاتِمٍ، والمُحَامِلِيُّ في أَمَالِيهِ، والطَّبَرَانِيُّ وأَبُو الشَّيْخِ في العَظَمَةِ، عن بُرَيْدَةَ – لا أَعْلَمُهُ إلا رَفَعَهُ- قالَ:
«الصَّمَدُ الَّذِي لاَ جَوْفَ لَهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 777]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرجَ ابنُ أَبِي عَاصِمٍ وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ فِي الأسماءِ والصفاتِ، عن ابنِ عباسٍ قالَ:
«الصَّمَدُ الَّذِي لا جَوْفَ لَهُ»). [الدر المنثور: 15 / 777]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ وابنُ أَبِي حَاتِمٍ، عن ابنِ مَسْعُودٍ قالَ:
«الصَّمَدُ الذي لا جَوْفَ لَهُ. وفي لَفْظٍ: الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَحْشَاءٌ»). [الدر المنثور: 15 / 777]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أَبِي عَاصِمٍ، وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ قالَ:
«الصَّمَدُ المُصْمَتُ الَّذِي لاَ جَوْفَ لَهُ».
وأَخْرَجَ ابنُ أَبِي عَاصِمٍ، وابنُ جَرِيرٍ، عَنِ الحَسَنِ وسَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ والضَّحَّاكِ وعِكْرِمَةَ مِثْلَهُ). [الدر المنثور: 15 / 777-778]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ سَعِيدُ بنُ مَنْصُورٍ وابنُ أَبِي عَاصِمٍ، وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ، عنِ الشَّعْبِيِّ: {الصَّمَدُ} قالَ:
«أُخْبِرْتُ أَنَّهُ الَّذِي لا يَأْكُلُ الطَّعَامَ، ولا يَشْرَبُ الشَّرَابَ»). [الدر المنثور: 15 / 778]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرجَ ابنُ أبي عاصمٍ، وابنُ جريرٍ وأبو الشَّيْخِ عن سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ قالَ:
«الصَّمَدُ الذي لا حِشْوَةَ لَهُ»). [الدر المنثور: 15 / 778]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرجَ ابنُ أبي عاصمٍ، وابنُ جَرِيرٍ وأَبُو الشَّيْخِ عن عِكْرِمَةَ قالَ:
«الصَّمَدُ الذي لم يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ ولَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ»). [الدر المنثور: 15 / 778]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَسَنِ قالَ:
«الصَّمَدُ الَّذِي لا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ»). [الدر المنثور: 15 / 778]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ:
«الصَّمَدُ الَّذِي لا يَطْعَمُ وهُوَ المُصْمَتُ، أَوَمَا سَمِعْتَ نَائِحَةَ بَنِي أَسَدٍ وهِيَ تَقُولُ:
لَقَدْ بَكَّرَ النَّاعِي بِخَيْرَيْ بَنِي أَسَدْ ....... بِعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وَبِالسَّيِّدِ الصَّمَدْ
وكَانَ لا يَطْعَمُ عِنْدَ القِتَالِ»). [الدر المنثور: 15 / 778-779]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، أنَّ نَافِعَ بنَ الأَزْرَقِ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ: عَنْ قَوْلِ اللهِ: {الصَّمَدُ}،
«أَمَّا الأَحَدُ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الصَّمَدُ؟» قالَ: «الَّذِي يُصْمَدُ إِلَيْهِ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا». قالَ: «فَهَلْ كَانَتِ العَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنَزَّلَ الكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ؟» قالَ: «نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الأَسَدِيَّةِ:
أَلاَ بَكَّرَ النَّاعِي بِخَيْرَيْ بَنِي أَسَدْ ....... بِعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وَبِالسَّيِّدِ الصَّمَدْ
وأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مِثْلَهُ»). [الدر المنثور: 15 / 779]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ قالَ:
«الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ؛ لأنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُولَدُ إِلاَّ سَيَمُوتُ، ولَيْسَ شَيْءٌ يَمُوتُ إِلاَّ سَيُورَثُ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يَمُوتُ ولاَ يُورَثُ»، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} قالَ: «لَمْ يَكُنْ لَهُ شَبِيهًا ولا عِدْلاً، ولَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ»). [الدر المنثور: 15 / 779]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ في الأسماءِ والصِّفَاتِ عن مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ قالَ:
«الصَّمَدُ: الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ».
وأَخْرَجَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الرَّبِيعِ مِثْلَهُ.
وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ عَنِ السُّدِّيِّ مِثْلَهُ). [الدر المنثور: 15 / 779-780]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جريرٍ وابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ والبَيْهَقِيُّ فِي (الأسماءِ والصفاتِ) مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
«الصَّمَدُ: السيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي سُؤْدُدِهِ، والشريفُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي شَرَفِهِ، والعظيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عَظَمَتِهِ، والحليمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِلْمِهِ، والغَنِيُّ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي غِنَاهُ، والجَبَّارُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي جَبَرُوتِهِ، والعالِمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ في عِلْمِهِ، والحَكِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِكْمَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي أنواعِ الشرفِ والسُّؤْدُدِ، وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذِهِ صِفَتُهُ لا تَنْبَغِي إِلاَّ لَهُ، لَيْسَ لَهُ كُفُوٌ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ»). [الدر المنثور: 15 / 780]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أَبِي عَاصِمٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ عَنْ شَقِيقٍ أَبِي وَائِلٍ، عنِ ابنِ مَسْعُودٍ قالَ:
«الصَّمَدُ: هو السيدُ الذي قد انْتَهَى سُؤْدَدُهُ، فلا شَيْءَ أَسْوَدُ مِنْهُ».
وأخرجَ ابنُ المُنْذِرِ عن عِكْرِمَةَ مِثْلَهُ). [الدر المنثور: 15 / 780-781]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أَبِي عاصمٍ وابنُ الضُّرَيْسِ، وابنُ جَرِيرٍ، وأبو الشَّيْخِ في العَظَمَةِ والبَيْهَقِيُّ عَنِ الحَسَنِ وقَتَادَةَ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولانِ:
«الصَّمَدُ البَاقِي بَعْدَ خَلْقِهِ، هذه سُورَةٌ خَالِصَةٌ للهِ عَزَّ وجَلَّ، لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا والآخرةِ»). [الدر المنثور: 15 / 781]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ عن قَتَادَةَ قالَ:
«الصَّمَدُ: الدَّائِمُ».
وأَخْرَجَ ابنُ أَبِي عَاصِمٍ وابنُ المُنْذِرِ عَنِ الحَسَنِ مِثْلَهُ). [الدر المنثور: 15 / 781]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: {الصَّمَدُ} قالَ:
«الحَيُّ القَيُّومُ الَّذِي لا زَوَالَ لَهُ»). [الدر المنثور: 15 / 781]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ وأَبُو الشَّيْخِ في العَظَمَةِ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قالَ:
«الصَّمَدُ الَّذِي تَصْمُدُ إِلَيْهِ الأَشْيَاءُ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ كُرْبَةٌ أو بَلاءٌ»). [الدر المنثور: 15 / 781]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أَبِي عَاصِمٍ، وابنُ أَبِي حَاتِمٍ عن إِبْرَاهِيمَ قالَ:
«الصَّمَدُ الَّذِي تَصْمُدُ إِلَيْهِ العِبَادُ فِي حَوَائِجِهِمْ»). [الدر المنثور: 15 / 782]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قالَ:
«الصَّمَدُ: نُورٌ يَتَلأْلأُ»). [الدر المنثور: 15 / 782]

تفسير قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)}
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا أبو اليمان، حدّثنا شعيبٌ، حدّثنا أبو الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:
«قال اللّه: كذّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأمّا تكذيبه إيّاي فقوله: لن يعيدني، كما بدأني، وليس أوّل الخلق بأهون عليّ من إعادته، وأمّا شتمه إيّاي فقوله: اتّخذ اللّه ولدًا وأنا الأحد الصّمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفئًا أحدٌ »). [صحيح البخاري: 6 / 180]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ) لِشُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ فِيهِ إسنادٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ المُصَنِّفُ مِن حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ كما تَقَدَّمَ في تَفْسِيرِ سُورَةِ البَقَرَةِ.
قولُهُ: (عن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: قالَ اللهُ تَعَالَى) تَقَدَّمَ في بَدءِ الخَلقِ مِنْ روايةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عن أَبِي الزِّنَادِ بِلَفظِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ
«-أُرَاهُ يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ-. والشكُّ فِيهِ مِنَ المُصَنِّفِ فِيمَا أَحْسَبُ».
قولُهُ: (قَالَ اللهُ تَعَالَى:
«كَذَّبَنِي ابنُ آدَمَ») سأَذْكُرُ شَرْحَهُ في البابِ الذي بَعْدَهُ إن شاءَ اللهُ تَعَالَى). [فتح الباري: 8 / 739]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ:
«قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بأهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا وَأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفْئًا أَحَدٌ».
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، وَأَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، وَشُعَيْبُ ابْنُ حَمْزَةَ، وَأَبُو الزِّنَادِ -بِالزَّايِ وَالنُّونِ- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ، وَالأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزٍ وَالْحَدِيثُ قَدْ مَضَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي بَابِ {وقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ} عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَوْلُهُ: (وَشَتَمَنِي)، الشَّتْمُ تَوْصِيفُ الشَّخْصِ بِإِرْزَاءٍ وَنَقْصٍ فِيهِ لاَ سِيَّمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّسَبِ). [عمدة القاري: 20/ 9]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وَبِهِ قَالَ: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ) الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: (حَدَّثَنَا) ولأَبِي ذَرٍّ أَخَبَرَنَا (شُعَيْبٌ) هو ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: (حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ، (عَنِ الأَعْرَجِ) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ قَالَ:
«قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ» بِتَشْدِيدِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: بَعْضُ بَنِي آدَمَ، وَهُمْ مَنْ أَنْكَرَ الْبَعْثَ (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) التَّكْذِيبُ، (وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) الشَّتْمُ، (فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) وَإِنَّمَا كَانَ شَتْمًا لِمَا فِيهِ مِنَ التَّنْقِيصِ؛ لأَنَّ الْوَلَدَ إِنَّمَا يَكُونُ عَنْ وَالِدٍ يَحْمِلُهُ، ثُمَّ يَضَعُهُ وَيَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ سَبْقَ نِكَاحٍ، وَالنَّاكِحُ يَسْتَدْعِي بَاعِثًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ (وَأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ) فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَالْقَنَصِ وَالنَّقَصِ (لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ) لأَّنَهُ لَمَّا كَانَ تَعَالَى وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ قَدِيمًا مَوْجُودًا قَبْلَ وُجُودِ الأَشْيَاءِ، وَكَانَ كُلُّ مَوْلُودٍ مُحْدَثًا انْتَفَتْ عَنْهُ الْوَلَدِيَّةُ، وَلَمَّا كَانَ لاَ يُشْبِهُهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَلاَ يُجَانِسُهُ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ صَاحِبَةٌ، فَيَتَوَالَدَ انْتَفَتِ الْوَالِدِيَّةُ، وَلأَبِي ذَرٍّ (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ) أَيْ مُكَافِئًا وَمُمَاثِلاً فَلِي مُتَعَلِّقٌ بِكُفُوًا، وَقُدِّمَ عَلَيْهِ؛ لأَنَّهُ مَحَطُّ الْقَصْدِ بِالنَّفْيِ، وَأُخِّرَ أَحَدٌ وَهُوَ اسْمُ يَكُنْ عَنْ خَبَرِهَا رِعَايَةً لِلْفَاصِلَةِ. وَقَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِي، بَعْدَ قَوْلِهِ: لَم يَلِدْ –الْتِفَاتٌ، قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: السُّلُوبُ الْوَاجِبَةُ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: سَلْبُ نَقِيصَةٍ كَالسِّنَةِ والنَّوْمِ والْمَوْتِ.
والثَّانِي: لَيْسَ سَلْبًا لِلنَّقْصِ، بَلْ سَلْبًا لِلْمُشَارِكِ فِي الْكَمَالِ كَسَلْبِ الشَّرِيكِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} فَإِنَّهُ سَلْبٌ لِلنَّقْصِ، إِذِ الْوَلَدُ وَالْوَالِدُ لا يَكُونَانِ إِلاَّ مِنْ جِسْمَيْنِ، وهُمَا مِنَ الأَغْيَارِ، وَالأَغْيَارُ نَقْصٌ، وإِنْ كَانَا يَدُلاَّنِ بِالالْتِزَامِ عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ مِثْلُ الْوَالِدِ، فَيَعُودُ إِلَى سَلْبِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْكَمَالِ). [إرشاد الساري: 7 / 439-440]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا إسحاق بن منصورٍ، قال: وحدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمرٌ، عن همّامٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم:
«قال اللّه: كذّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، أمّا تكذيبه إيّاي أن يقول: إنّي لن أعيده كما بدأته، وأمّا شتمه إيّاي أن يقول: اتّخذ اللّه ولدًا، وأنا الصّمد الّذي لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفؤًا أحدٌ»). [صحيح البخاري: 6 / 180]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (حَدَّثَنَا إسحاقُ بنُ مَنصورٍ) كذا للجميعِ قَالَ المِزِّيُّ فِي الأطرافِ: في بعضِ النُّسَخِ: حَدَّثَنَا إسحاقُ بْنُ نَصْرٍ. قُلْتُ: وهي رِوَايَةُ النَّسَفِيِّ، وهما مَشْهُورَانِ مِنْ شُيُوخِ البُخارِيِّ مِمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
قولُهُ: (كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ ولَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) في رِوَايَةِ أَحْمَدَ عن عَبدِ الرَّزَّاقِ: كَذَّبَنِي عَبْدِي.
قولُهُ: (وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) ثَبَتَ هنا في رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وكذا هُو عِندَ أَحْمَدَ، وسَقَطَ بَقِيَّةُ الرُّوَاةِ عَنِ الفَرَبْرِيِّ، وكذا للنَّسَفِيِّ، والمرادُ به بَعْضُ بَنِي آدَمَ وهُمْ مَنْ أَنْكَرَ البَعْثَ مِنَ العَرَبِ وغَيْرِهِمْ مِنْ عُبَّادِ الأَوْثَانِ والدَّهْرِيَّةِ ومَنِ ادَّعَى أنَّ للهِ وَلَدًا مِنَ العَرَبِ أيضًا، ومنَ اليَهُودِ والنَّصَارَى.
قولُهُ: (أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ إِنِّي لَنْ أُعِيدَهُ كَمَا بَدَأْتُهُ) كذا لهم بِحَذْفِ الفاءِ في جوابِ أَمَّا، وقد وَقَعَ في رِوَايَةِ الأعرجِ فِي البابِ الذي قَبْلَهُ: فأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي، وفي روايةِ أَحْمَدَ: أَنْ يَقُولَ: فَلْيُعِيدُنَا كَمَا بَدَأَنَا، وهي مِن شَوَاهِدِ وُرُودِ صِيغَةِ أَفْعَلَ بمَعْنَى التَّكْذِيبِ، ومِثْلُهُ قولُهُ: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا} وَقَعَ في رِوَايَةِ الأَعْرَجِ فِي البابِ قَبْلَهُ: ولَيْسَ بأَوَّلِ الخَلْقِ بأَهْوَنَ مِنْ إِعَادَتِهِ. وقد تَقَدَّمَ الكلامُ على لفظِ أَهْوَنَ فِي بَدْءِ الخَلْقِ وقولِهِ: مَنْ قَالَ إنها بمَعْنَى هَيِّنٍ، وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأوجُهِ.
قولُهُ: (وأَنَا الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ) في رِوَايَةِ الأَعْرَجِ: وأنا الأحدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ.
قولُهُ: (وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ) كذا للأكثَرِ وهُو وِزَانُ مَا قَبْلَهُ، وَوَقَعَ للكُشْمِيهَنِيِّ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وهُو التفاتٌ، وكذا في رِوَايَةِ الأَعْرَجِ: ولم يكن لي بعد قولُهُ: (لَمْ يَلِدْ) وهُو التفاتٌ أيضًا، ولَمَّا كَانَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَاجِبَ الوُجُود لِذَاتِهِ قَدِيمًا مَوْجُودًا قَبْلَ وُجُودِ الأَشْيَاءِ، وكانَ كُلُّ مَوْلُودٍ مُحْدَثًا انْتَفَتْ عَنْهُ الوالِدِيَّةُ، ولَمَّا كَانَ لاَ يُشْبِهُهُ أَحدٌ مِنْ خَلْقِهِ ولا يُجَالِسُهُ حتَّى يَكُونَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ صَاحِبَةٌ فتَتَوَالَدُ انْتَفَتْ عَنْهُ الوَلَدِيَّةُ، ومِن هَذَا قولُهُ تَعَالَى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} وقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ البَقَرَةِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ بمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ هَذَا، لَكِنْ قَالَ في آخرِهِ: فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أو وَلَدًا بَدَلَ قولِهِ: وأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ. إلخ وهُو مَحْمُولٌ على أنَّ كُلاًّ مِنَ الصَّحَابِيَّيْنِ حَفِظَ في آخرِهِ مَا لم يَحْفَظِ الآخَرُ.
ويُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ نَسَبَ غَيْرَهُ إلى أَمْرٍ لا يَلِيقُ بِهِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَتَمَهُ، وسَبَقَ في كتابِ بَدْءِ الخَلْقِ تَقْرِيرُ ذَلِكَ). [فتح الباري: 8 / 740]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ:
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ: أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي لَنْ أُعِيدَهُ كَمَا بَدَأْتُهُ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا وَأَنَا الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُؤًا أَحَدٌ».
هَذَا طَرِيقٌ آخَرُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ أَخْرَجَهُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَوْلُهُ (كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ) أَيْ: بَعْضُ بَنِي آدَمَ، وَالْمُرَادُ بِهِمُ الْمُنْكِرُونَ لِلْبَعْثِ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُبَّادِ الأَوْثَانِ وَالنَّصَارَى.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) ثَبَتَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَمْ يَثْبُتْ لِبَقِيَّةِ الرُّوَاةِ، عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَكَذَا النَّسَفِيِّ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ). الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ: فَأَنْ يَقُولَ. بِالْفَاءِ وَهَذَا دَلِيلُ مَنْ جَوَّزَ حَذْفَ الْفَاءِ مِنْ جَوَابِ أَمَّا.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُؤًا أَحَدٌ). كَذَا فِي رِوَايَةِ الأَكْثَرِينَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ؛ بِطَرِيقِ الالْتِفَاتِ). [عمدة القاري: 20/ 9]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وَبِهِ قَالَ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ) الْمَرْوَزِيُّ قَالَ:
«حَدَّثَنَا وَلأَبِي ذَرٍّ: أَخْبَرَنَا (عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بْنُ هَمَّامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ هُوَ ابْنُ رَاشِدٍ عَنْ هَمَّامٍ هُوَ ابْنُ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ أَبُو ذَرٍّ وَالْوَقْتُ وَالأَصِيلِيُّ وابْنُ عَسَاكِرَ-: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى -كَمَا فِي الْفَرْعِ كَأَصْلِهِ-: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ الْمُنْكِرُ لِلْبَعْثِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ التَّكْذِيبُ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ الشَّتْمُ، -وَثَبَتَ ذَلِكَ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَمَّا وَلأَبِي ذَرٍّ-: فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي لَنْ أُعِيدَهُ كَمَا بَدَأْتُهُ -بِغَيْرِ فَاءٍ قَبْلَ هَمْزَةِ أَنْ، وَبِهِ اسْتَدَلَّ مَنْ جَوَّزَ حَذْفَ الْفَاءِ مِنْ جَوَابِ أَمَّا-، وَأَمَّا شَتْمُهُ إيِاَّيَ أَنْ يَقُولَ -بِغَيْرِ فَاءٍ أَيْضًا-: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ» ، ولأَبِي ذَرٍّ عَنِ الْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِيِّ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ؛ عَلَى طَرِيقِ الالْتِفَاتِ- لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ- قَدَّمَ لَمْ يَلِدْ، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ سَبْقَ الْمَوْلُودِ؛ لأَنَّهُ الأَهَمُّ لِقَوْلِهِمْ-: وَلَدَ اللَّهُ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُولَدْ -كَالْحُجَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَلِدْ-، وَقَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ: لَمْ يَلِدْ وَفِي الإِسْرَاءِ: {لَمْ يَتَخِذْ وَلَدًا} لأَنَّ مِنَ النَّصَارَى مَنْ يَقُولُ: عِيسَى وَلَدُ اللَّهِ حَقِيقَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَهُ وَلَدًا تَشْرِيفًا، فَنَفَى الأَمْرَيْنِ). [إرشاد الساري: 7 / 440]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {لَمْ يَلِدْ} يقولُ: ليسَ بفَانٍ؛ لأنه لا شَيْءَ يَلِدُ إلاَّ وهو فانٍ بائِدٌ, {وَلَمْ يُولَدْ} يقول: وليس بِمُحْدَثٍ, لَمْ يَكُنْ فَكَانَ؛ لأن كلَّ مولودٍ فإنما وُجِدَ بعدَ أن لم يَكُنْ، وحَدَثَ بعدَ أن كانَ غيرَ موجودٍ، ولكنَّه تَعَالَى ذِكْرُهُ قديمٌ لم يَزَلْ، ودائِمٌ لا يَبِيدُ، ولا يَزُولُ ولا يَفْنَى). [جامع البيان: 24 / 737]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ):
(أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الحافظ، وأبو جعفرٍ محمّد بن عليٍّ قالا: ثنا الحسين بن الفضل، ثنا محمّد بن سابقٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ رضي اللّه عنه،
«أنّ المشركين، قالوا: يا محمّد، انسب لنا ربّك. فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {قل هو اللّه أحدٌ (1) اللّه الصّمد} قال: الصمد: الذي {لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوًا أحدٌ} لأنّه ليس شيءٌ يولد إلّا سيموت، وليس شيءٌ يموت إلّا سيورث، وإنّ اللّه لا يموت ولا يورث {ولم يكن له كفوًا أحدٌ} قال: لم يكن له شبيهٌ، ولا عدلٌ وليس كمثله شيءٌ» «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2 / 589] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبي بن كعب - رضي الله عنه -: أنّ المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم:
«انسب لنا ربك»، فأنزل الله تبارك وتعالى: {قل هو اللّه أحدٌ (1) اللّه الصّمد (2) لم يلد ولم يولد} لأنه ليس شيءٌ يولد إلا سيموت، وليس شيءٌ يموت إلا سيورث، وإنّ الله لا يموت ولا يورث {ولم يكن له كفواً أحدٌ} قال: «لم يكن له شبيهٌ ولا عدل، وليس كمثله شيءٌ».
أخرجه الترمذي.
وأخرجه أيضاً، عن أبي العالية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر عن أبيّ، قال:
«وهذا أصحّ»). [جامع الأصول: 2 / 441-442] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله عز وجل: يشتمني ابن آدم، وما ينبغي له أن يشتمني، ويكذّبني وما ينبغي له، أمّا شتمه إيّاي، فقوله: إنّ لي ولداً، وأمّا تكذيبه، فقوله: ليس يعيدني كما بدأني».
وفي رواية قال: قال الله عز وجل: كذّبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك، وشتمني، ولم يكن له ذلك، فأمّا تكذيبه إياي، فقوله: لن يعيدني كما بدأني. وليس أوّل الخلق بأهون عليّ من إعادته، وأمّا شتمه إياي، فقوله: اتّخذ الله ولداً، وأنا الأحد الصّمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحدٌ. أخرجه البخاري، والنسائي). [جامع الأصول: 2 / 442-443]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى كذّبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك، وشتمني، ولم يكن له ذلك، فأمّا تكذيبه إياي، فزعم أنّي لا أقدر أن أعيده كما كان، وأمّا شتمه إيّاي، فقوله: لي ولدٌ، فسبحاني أن أتّخذ صاحبة أو ولداً».أخرجه البخاري). [جامع الأصول: 2 / 443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ فِي (الْعَظَمَةِ) وَأَبُو محمدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي فَضَائِلِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}, عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
«أَتَتْ يَهُودُ خَيْبَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: «يَا أَبَا الْقَاسِمِ، خَلَقَ اللَّهُ الْمَلائِكَةَ مِنْ نُورِ الْحِجَابِ, وَآدَمَ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ, وَإِبْلِيسَ مِنْ لَهَبِ النَّارِ، والسَّمَاءَ مِنْ دُخَانٍ، وَالأَرْضَ مِنْ زَبَدِ الْمَاءِ، فَأَخْبِرْنَا عَنْ رَبِّكَ». فَلَمْ يُجِبْهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بهذهِ السُّورَةِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}: لَيْسَ لَهُ عُرُوقٌ تَتَشَعَّبُ، {اللَّهُ الصَّمَدُ}: لَيْسَ بالأجوفِ، لا يَأْكُلُ وَلا يَشْرَبُ، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}: لَيْسَ لَهُ وَالِدٌ وَلا وَلَدٌ يُنْسَبُ إِلَيْهِ»). [الدر المنثور: 15 / 742-743] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ قالَ:
«الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ؛ لأنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُولَدُ إِلاَّ سَيَمُوتُ، ولَيْسَ شَيْءٌ يَمُوتُ إِلاَّ سَيُورَثُ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يَمُوتُ ولاَ يُورَثُ، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} قالَ:«لَمْ يَكُنْ لَهُ شَبِيهًا ولا عِدْلاً، ولَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ»). [الدر المنثور: 15 / 779] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفؤًا أحدٌ} كفؤًا وكفيئًا وكفاءً واحدٌ). [صحيح البخاري: 6 / 180]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (كُفُوًا وكَفِيئًا وكِفَاءً وَاحِدٌ) أي بِمَعنًى وَاحِدٍ وهُو قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، والأولُ بضَمَّتَيْنِ، والثاني بفَتْحِ الكافِ وكَسْرِ الفاءِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ ثُمَّ الهَمْزَةُ، والثالِثُ بكَسْرِ الكافِ ثُمَّ المَدُّ. وقَالَ الفَرَّاءُ: كُفُوًا يُثَقَّلُ ويُخَفَّفُ أي: يُضَمُّ ويُسَكَّنُ. قُلْتُ: وبالضَّمِّ قَرَأَ الجُمهورُ وفَتَحَ حَفْصٌ الوَاوَ بِغَيْرِ هَمْزٍ وبالسُّكُونِ قَرَأَ حَمْزَةُ وبِهَمْزٍ فِي الوَصْلِ ويُبْدِلُهَا وَاوًا فِي الوَقْفِ، ومُرَادُ أَبِي عُبَيْدَةَ أنها لُغَاتٌ لا قِرَاءَاتٌ نَعَمْ رُوِيَ في الشَّوَاذِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ العَبَّاسِيِّ أنه قَرَأَ بكَسْرِ ثم مَدٍّ، ورُوِيَ عَنْ نَافِعٍ مِثْلُهُ لَكِنْ بِغَيْرِ مَدٍّ، ومَعْنَى الآيةِ أنه لم يُمَاثِلْهُ أَحَدٌ ولَمْ يُشَاكِلْهُ أو المُرادُ نَفْيُ الكَفَاءَةِ في النِّكَاحِ نَفْيًا للمُصَاحَبَةِ، والأَوَّلُ أَوْلَى فَإِنَّ سِياقَ الكلامِ لِنَفْيِ المُكافَأةِ عن ذاتِه تَعَالَى). [فتح الباري: 8 / 740]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (كُفُؤًا وَكَفِيئًا وَكِفَاءً وَاحِدٌ).
أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنَّ كُفُوًا بِضَمَّتَيْنِ بِدُونِ الْهَمْزَةِ وَكَفِيئًا عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ وَكِفَاءً عَلَى وَزْنِ فِعَالٍ بِالْكَسْرِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْكُفُؤُ الْمِثْلُ وَالنَّظِيرُ، وَلَيْسَ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- كُفُؤٌ وَلاَ مَثِيلٌ وَلاَ شَبِيهٌ وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُؤًا أَحَدٌ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ أَيْ: لَيْسَ لَهُ أَحَدٌ كُفُؤًا، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَيَعْقُوبُ كُفْئًا سَاكِنَةَ الْفَاءِ مَهْمُوزَةً، وَمِثْلَهُ رَوَى الْعَبَّاسُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَإِسْمَاعِيلُ عَنْ نَافِعٍ، وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَمِّ الْفَاءِ، وَفَتَحَ حَفْصٌ الْوَاوَ بِغَيْر هَمْزَةٍ، وَرُوِيَ فِي الشَّوَاذِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَرَأَ كِفَاءً بِكَسْرٍ ثُمَّ مَدٍّ، وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ مِثْلُهُ لَكِنْ بِغَيْرِ مَدٍّ). [عمدة القاري: 20/ 9-10]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وَسَقَطَ قَوْلُهُ: (لَمْ يَلِدْ) إلخ لأَبِي ذَرٍّ(وَكُفُوًا) بِضَمَّتَيْنِ (وَكَفِيئًا) بِفَتْحِ الْكَافِ وَبَعْدَ الْفَاءِ الْمَكْسُورَةِ التَّحْتِيَّةُ فَهَمْزَةٌ بِوَزْنِ فَعِيلٍ (وَكِفَاءً) بِكَسْرِ الْكَافِ، وَفَتْحِ الْفَاءِ مَمْدُودًا (وَاحِدٌ) فِي الْمَعْنَى. وَنُقِلَ فِي فُتُوحِ الْغَيْبِ عَنِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْوَاحِدُ الَّذِي هُوَ مَدْفُوعُ الشَّرِكَةِ، وَالأَحَدُ الَّذِي لاَ تَرْكِيبَ فِيهِ، فَالْوَاحِدُ نَفْيٌ لِلشَّرِيكِ وَالْمِثْلِ، وَالأَحَدُ نَفْيٌ لِلْكَثْرَةِ فِي ذَاتِهِ، فَالصَّمَدُ الْغَنِىُّ الْمُحْتَاجُ إِلَيْهِ غَيْرُهُ وَهُوَ أُحَادِيُّ الذَّاتِ، وَوَاحِدِيُّ الصِّفَاتِ؛ لأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي مُلْكِهِ لَمَا كَانَ غَنِيًّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ غَيْرُهُ، بَلْ كَانَ مُحْتَاجًا فِي قِوَامِهِ وَوُجُودِهِ إِلَى أَجْزَاءٍ تَرْكِيبِيَّةٍ، فَالصَّمَدُ دَلِيلٌ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ وَالأَحَدِيَّةِ، وَلَمْ يَلِدْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وُجُودَهُ الْمُسْتَمِرَّ لَيْسَ مِثْلَ وُجُودِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَبْقَى نَوْعُهُ بِالتَّوَالُدِ وَالتَّنَاسِلِ، بَلْ هُوَ وُجُودٌ مُسْتَمِرٌّ أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ، (وَلَمْ يُولَدْ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وُجُودَهُ لَيْسَ مِثْلَ وُجُودِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَتَحَصَّلُ بَعْدَ الْعَدَمِ، وَيَبْقَى دَائِمًا إما فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ لاَ يَفْنَى، وَإِمَّا فِي هَاوِيَةٍ لاَ يَنْقَطِعُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوُجُودَ الْحَقِيقِيَّ الَّذِي لَهُ تَعَالَى هُوَ الْوُجُودُ الَّذِي يُفِيدُ وُجُودَ غَيْرِهِ، وَلاَ يَسْتَفِيدُ هُوَ الْوُجُود مِنْ غَيْرِهِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: (اللَّهُ أَحَدٌ) دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ ذَاتِهِ الْمُقَدَّسَةِ الْمُنَزَّهَةِ، وَالْصَمَدِيَّةُ تَقْتَضِي نَفْيَ الْحَاجَةِ عَنْهُ، وَاحْتَاجَ غَيْرُهُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَلِدْ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ سَلْبُ مَا يُوصَفُ بِهِ غَيْرُهُ، وَلاَ طَرِيقَ فِي مَعْرِفَتِهِ تَعَالَى أَوْضَحُ مِنْ سَلْبِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ عَنْهُ، وَلَمَّا اشْتَمَلَتْ هَذِه السُّورَةُ مَعَ قِصَرِهَا عَلَى جَمِيعِ الْمَعَارِفِ الإِلَهِيَّةِ، وَالرَّدِّ عَلَى مَنْ أَلْحَدَ فِيهَا جَاءَ أَنَّها تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَهَلْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الأَجْزَاءِ أَوْ عَلَى غَيْرِهَا؟ فَذَهَبَ الْفُقَهَاءُ وَالْمُفَسِّرُونَ إِلَى أَنَّ لِقَارِئِهَا مِنَ الثَّوَابِ ثُلُثَ مَا لِقَارِئِ جُمْلَتِهِ، وَلَيْسَ فِي الْجَوَابِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يَهَبُ مَا يَشَاءُ لِمَنْ يَشَاءُ، وَأَجَابَ الْمُتَكَلِّفُونَ بِجَوابٍ يُمْكِنُ إِرَادَتُهُ قَالُوا: الْقُرْآنُ ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ فِيمَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِهِ وَمَا لاَ يَجُوزُ، وَقِسْمٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وَقِسْمٌ مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ. وَلَمْ تَتَضَمَّنْ سُورَةُ الإِخْلاَصِ غَيْرَ الْقِسْمِ الْوَاحِدِ، فَصَارَتْ تَعْدِلُ ثُلُثَهُ، وَلِهَذَا سُمِّيَتْ سُورَةَ الإِخْلاَصِ؛ لأَنَّهَا خَلَصَتْ فِي صِفَاتِهِ خَاصَّةً، وَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَحَلِّهِ قَرِيبًا بِعَوْنِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ، وَسَقَطَ قَوْلُهُ كُفُوًا وَكَفِيئًا إلخ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ). [إرشاد الساري: 7 / 440-441]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا أحمد بن منيعٍ، قال: حدّثنا أبو سعدٍ هو الصّغانيّ، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ، أنّ المشركين قالوا لرسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-:
«انسب لنا ربّك»، فأنزل اللّه: {قل هو اللّه أحدٌ (1) اللّه الصّمد} فالصّمد: الّذي لم يلد ولم يولد، لأنّه ليس شيءٌ يولد إلاّ سيموت، وليس شيءٌ يموت إلاّ سيورث، وإنّ اللّه عزّ وجلّ لا يموت ولا يورث: {ولم يكن له كفوًا أحدٌ} قال: «لم يكن له شبيهٌ ولا عدلٌ وليس كمثله شيءٌ»). [سنن الترمذي: 5 / 308] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} اخْتَلَفَ أهلُ التأويلِ في معنى ذلك؛ فقَالَ بَعْضُهُم: معنى ذلك: ولم يَكُنْ له شبيهٌ ولا مِثْلٌ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن أبي جَعْفَرٍ، عن الرَّبِيعِ، عن أبي العَالِيَةِ قولَه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} لم يَكُنْ له شبيهٌ، ولا عِدْلٌ، وليسَ كمثلِه شيءٌ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عن قَتَادَةَ، عن عمرِو بنِ غَيْلاَنَ الثَّقَفِيِّ، وكانَ أميرَ البصرَةِ، عن كَعْبٍ، قالَ:
«إنَّ اللهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أسَّسَ السماواتِ السبْعَ، والأَرَضِينَ السبْعَ، على هذه السورةِ: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (4) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} وإنَّ اللهَ لم يُكَافِئْهُ أحَدٌ مِن خَلْقِهِ».
- حَدَّثَنِي عليٌّ، قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ، قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} قالَ:
«ليسَ كمثلِه شيءٌ، فسبحانَ اللهِ الواحِدِ القهَّارِ».
- حَدَّثَنِي الحَارِثُ، قالَ: ثَنَا الحسَنُ، قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عن ابنِ جُرَيْجٍ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً} مِثْلٌ.
وقالَ آخَرُونَ: معنى ذلك، أنَّه لم يَكُنْ له صاحِبَةٌ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ، قالَ: ثَنَا سُفيانُ، عن عبدِ المَلِكِ بنِ أَبْجَرَ، عن طَلْحَةَ، عن مُجَاهِدٍ، قولَه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} قالَ:
«صاحِبَةٌ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا يَحْيَى، عن سُفْيَانَ، عن ابنِ أَبْجَرَ، عن طلْحَةَ، عن مُجَاهِدٍ، مثلَه.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا ابنُ إدريسَ، عن عبدِ المَلِكِ، عن طَلْحَةَ، عن مُجَاهِدٍ، مثلَه.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن ابنِ أَبْجَرَ، عن رجلٍ, عن مُجَاهِدٍ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} قالَ:
«صاحِبَةٌ».
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن سُفْيَانَ، عن عبدِ الملِكِ بنِ أبْجَرَ، عن طلحةَ بنِ مُصَرِّفٍ، عن مُجَاهِدٍ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} قالَ:
«صاحبةٌ».
- حَدَّثَنَا أبو السَّائِبِ، قالَ: ثَنَا ابنُ إدريسَ، عن عبدِ المَلِكِ، عن طلحةَ، عن مُجَاهِدٍ مثلَه.
والكُفْؤُ والكَفِيءُ والكِفَاءُ في كلامِ العربِ واحدٌ، وهو المِثْلُ والشِّبْهُ؛ ومِنه قولُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ:
لاَ تَقْذِفْنِي بِرُكْنٍ لاَ كِفَاءَ لَهُ ....... وَلَوْ تَأَثَّفْكَ الأَعْدَاءُ بالرِّفَدِ
يعني: لا كِفاءَ له: لا مِثْلَ له.
واخْتَلَفَتِ القرأةُ في قراءَةِ قوْلِه: {كُفُواً}:
فقَرَأَ ذلك عامَّةُ قرأة ِ البَصْرَةِ: {كُفُواً} بضَمِّ الكافِ والفاءِ.
وقَرَأَهُ بَعْضُ قرأةِ الكُوفَةِ بتسكينِ الفاءِ وهَمْزِهَا (كُفْئاً).
والصَّوَابُ مِنَ القَوْلِ في ذلك: أن يقالَ: إنهما قِرَاءَتَانِ معروفتانِ، ولغتانِ مشهورتَانِ، فبأيَّتِهِما قَرَأَ القارِئُ فمُصِيبٌ). [جامع البيان: 24 / 738-740]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الحافظ، وأبو جعفرٍ محمّد بن عليٍّ قالا: ثنا الحسين بن الفضل، ثنا محمّد بن سابقٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ رضي اللّه عنه،
«أنّ المشركين، قالوا:«يا محمّد، انسب لنا ربّك». فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {قل هو اللّه أحدٌ (1) اللّه الصّمد} قال:«الصمد: الذي {لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوًا أحدٌ} لأنّه ليس شيءٌ يولد إلّا سيموت، وليس شيءٌ يموت إلّا سيورث، وإنّ اللّه لا يموت ولا يورث {ولم يكن له كفوًا أحدٌ} قال: «لم يكن له شبيهٌ، ولا عدلٌ وليس كمثله شيءٌ» «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2 / 589] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبي بن كعب - رضي الله عنه -:
«أنّ المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: «انسب لنا ربك»، فأنزل الله تبارك وتعالى: {قل هو اللّه أحدٌ (1) اللّه الصّمد (2) لم يلد ولم يولد} لأنه ليس شيءٌ يولد إلا سيموت، وليس شيءٌ يموت إلا سيورث، وإنّ الله لا يموت ولا يورث {ولم يكن له كفواً أحدٌ} قال: «لم يكن له شبيهٌ ولا عدل، وليس كمثله شيءٌ».
أخرجه الترمذي.
وأخرجه أيضاً، عن أبي العالية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر عن أبيّ، قال: وهذا أصحّ). [جامع الأصول: 2 / 441-442] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ فِي (الْعَظَمَةِ) وَأَبُو محمدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي فَضَائِلِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}, عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
«أَتَتْ يَهُودُ خَيْبَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: «يَا أَبَا الْقَاسِمِ، خَلَقَ اللَّهُ الْمَلائِكَةَ مِنْ نُورِ الْحِجَابِ, وَآدَمَ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ, وَإِبْلِيسَ مِنْ لَهَبِ النَّارِ، والسَّمَاءَ مِنْ دُخَانٍ، وَالأَرْضَ مِنْ زَبَدِ الْمَاءِ، فَأَخْبِرْنَا عَنْ رَبِّكَ». فَلَمْ يُجِبْهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بهذهِ السُّورَةِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}: لَيْسَ لَهُ عُرُوقٌ تَتَشَعَّبُ، {اللَّهُ الصَّمَدُ}: لَيْسَ بالأجوفِ، لا يَأْكُلُ وَلا يَشْرَبُ، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}: لَيْسَ لَهُ وَالِدٌ وَلا وَلَدٌ يُنْسَبُ إِلَيْهِ، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}: لَيْسَ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ يَعْدِلُ مَكَانَهُ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ زَالَتَا»). [الدر المنثور: 15 / 742-743] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ مِن طَرِيقِ عَلِيٍّ، عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}. قالَ:
«لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فَسُبْحَانَ اللهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ»). [الدر المنثور: 15 / 782]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}. قالَ:
«لَيْسَ لَهُ كُفُؤٌ ولا مِثْلٌ»). [الدر المنثور: 15 / 782]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ عن عَطَاءٍ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا}. بألِفٍ. قال:
«مِثْلاً»). [الدر المنثور: 15 / 782]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا}. قالَ:
«صَاحِبَةً»). [الدر المنثور: 15 / 782]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرجَ ابنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}. قالَ:
«لا يُكَافِئُهُ أَحَدٌ بِنِعْمَتِهِ»). [الدر المنثور: 15 / 782-783]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ كَعْبٍ قَالَ:
«إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَسَّسَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالأَرَضِينَ السَّبْعَ عَلَى هَذِهِ السُّورَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}, وَإنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَافِئْهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ»). [الدر المنثور: 15 / 783]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 08:00 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {قل هو اللّه أحدٌ...}. سألوا النبي صلى الله عليه وسلم: ما ربك؟ أيأكل أم يشرب؟ أم من ذهب أم من فضة؟ فأنزل الله جل وعز: {قل هو اللّه}. ثم قالوا: فما هو؟ فقال: {أحدٌ}. وهذا من صفاته: أنه واحد، وأحد وإن كان نكرة. قال أبو عبد الله: يعني في اللفظ، فإنه مرفوع بالاستئناف كقوله: {هذا بعلي شيخٌ}.
وقد قال الكسائي قولا لا أراه شيئا، قال: هو عماد. مثل قوله: {إنّه أنا الله}؛ فجعل "أحد" مرفوعا بالله، وجعل هو بمنزلة الهاء في (أنه)، ولا يكون العماد مستأنفا به حتى يكون قبله إن أو بعض أخواتها، أو كان أو الظن). [معاني القرآن: 3/ 299]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والذي قرأ "أحد الله الصمد" بحذف النون من (أحد) يقول: النون نون الإعراب إذا استقبلتها الألف واللام حذفت. وكذلك إذا استقبلها ساكن، فربما حذفت وليس بالوجه قد قرأت القراء: (وقالت اليهود عزير ابن الله)، و(عزيرٌ ابن الله). والتنوين أجود، وأنشدني بعضهم:
لتجدنّي بالأمير برّا ....... وبالقناة مدعسًا مكرّا

إذا غطيف السّلمي فرّا

وأنشدني آخر:
كيف نومي على الفراش ولمّا ....... تشمل الشّام غارةٌ شعواء
تذهل الشّيخ عن بنيه وتبدى ....... عن خدام العقيلة العذراء

أراد عن خدامٍ العقيلة العذراء، وليس قولهم عن خدامٍ (عقيلة) عذراء بشيء). [معاني القرآن: 3/ 300]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({قل هو الله أحدٌ} لا ينون). [مجاز القرآن: 2/ 316]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) ({قل هو اللّه أحدٌ} أما قوله: {قل هو اللّه أحدٌ} فإن قوله: {أحد} بدل من قوله: {الله} كأنه قال "هو أحدٌ" ومن العرب من لا ينون، يحذف لاجتماع الساكنين). [معاني القرآن: 4 /53-54]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل هو اللّه أحدٌ (1) اللّه الصّمد (2)} بتنوين أحد، وقرئت بترك التنوين (أحد اللّه الصّمد) وقرئت بإسكان الدال. وحذف التنوين.
أما حذف التنوين، فلالتقاء السّاكنين أيضا، إلا أنه سكون السّاكنين، فمن أسكن أراد الوقف ثم ابتدأ فقال: (اللّه الصّمد) وأما (هو)، فإنما هو كناية عن ذكر الله عزّ وجلّ. المعنى الذي سألتم تبيين نسبته (هو اللّه).
و(أحد) مرفوع على معنى هو أحد هو الله فهو مبتدأ ويجوز أن يكون "هو" للأمر كما تقول هو زيد قائم، أي الأمر زيد قائم. والمعنى الأمر اللّه أحد). [معاني القرآن: 5 /377]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({الله الصّمد} هو الذي يصمد إليه ليس فوقه أحدٌ والعرب كذلك تسمى أشرافها، قال الأسدي:
لقد بكّر الناعي بخير بني أسد ....... بعمرو بن مسعود وبالسّيّد الصّمد
وقال الزبرقان: «ولا رهينة إلاّ سيّدٌ صمد»). [مجاز القرآن: 2 /316]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الصمد}: السيد الذي ليس فوقه أحد). [غريب القرآن وتفسيره: 446]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({الصّمد}: السّيد الذي قد انتهى سودده، لأن الناس يصمدونه في حوائجهم. قال الشاعر: «خذها حذيف فأنت السّيد الصّمد» وقال عكرمة ومجاهد: «هو الذي لا جوف له». وهو -على هذا التفسير- كأن الدال فيه مبدلة من تار. و«المصمت» من هذا). [تفسير غريب القرآن: 542]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {اللّه الصّمد (2)} روي في التفسير أن المشركين قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم- : «انسب لنا ربك»، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ولم يكن له كفوا أحد (4)}.
وتفسير {الصّمد}: السيد الذي ينتهي إليه السّؤدد. قال الشاعر:
لقد بكّر الناعي بخير بني أسد ....... بعمرو بن مسعود وبالسّيّد الصّمد
وقيل: {الصمد} الذي لا جوف له، وقيل: {الصمد} الذي صمد له كل شيء والذي خلق الأشياء كلها، لا يستغنى عنه شيء.
وكلها تدل على وحدانيته، وهذه الصفات كلها يجوز أن تكون للّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 5 /377-378]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({قل هو الله أحد * الله الصمد} قال: {الصمد}: الذي يصمد إليه، أي: يقصد إليه للحوائج). [ياقوتة الصراط: 607]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الصَّمَدُ} السيّد. وقيل: هو الذي لا جوف له). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 308]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الصَّمَدُ}: السيد). [العمدة في غريب القرآن: 360]

تفسير قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)}


تفسير قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {كفواً أحدٌ...} يثقل ويخفف، وإذا كان فعل النكرة بعدها أتبعها في كان وأخواتها فتقول: لم يكن لعبد الله أحد نظير، فإذا قدمت النظير نصبوه، ولم يختلفوا فيه، فقالوا: لم يكن لعبد الله نظير أحد. وذلك أنه إذا كان بعدها فقد أتبع الاسم في رفعه، فإذا تقدم فلم يكن قبله شيء يتبعه رجع إلى فعل كان فنصب). [معاني القرآن: 3 /299-300]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ولم يكن لّه كفواً أحدٌ} كفوءاً وكفيئاً وكفاءً واحد، وقول الله: {أحد} أي واحد). [مجاز القرآن: 2 /316]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولم يكن لّه كفواً أحدٌ} وقوله: {ولم يكن لّه كفواً أحدٌ} {أحدٌ} هو الاسم و{كفوا} هو الخبر). [معاني القرآن: 4/ 54]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({كفؤا}: نظيرا). [غريب القرآن وتفسيره: 446]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({كفواً}: مثلا). [تفسير غريب القرآن: 542]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله {ولم يكن له كفوا أحد (4)} فيها أربعة أوجه في القراءة:
- (كفوا) بضم الكاف والفاء.
- وكفوا بضم الكاف وسكون الفاء.
- وكفوا بكسر الكاف وسكون الفاء. وقد قرئ بها.
- وكفاء بكسر الكاف.
والكفء - بفتح الكاف وسكون الفاء اسم. لم يقرأ بها.
وفيها وجه آخر لا يجوز في القراءة. ويقال فلان كفء فلان مثل كفيّ فلان.
جاء في الحديث أن (قل هو اللّه أحد) تعدل بثلث القرآن، و(قل يا أيّها الكافرون) تعدل ربع القرآن. و(إذا زلزلت) تعدل نصف القرآن). [معاني القرآن: 5/ 378]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {ولم يكن له كفوا أحد} الكفء: المثل والنظير). [ياقوتة الصراط: 607-608]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({كُفُواً} مثلاً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 309]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({كُفُوًا}: مثلاً). [العمدة في غريب القرآن: 361]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 08:02 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب تحرك أواخر الكلم الساكنة
إذا حذفت ألف الوصل لالتقاء الساكنين
وإنما حذفوا ألف الوصل هاهنا بعد الساكن لأن من كلامهم أن يحذف وهو بعد غير الساكن فلما كان ذلك من كلامهم حذفوها ههنا وجعلوا التحرك للساكنة الأولى حيث لم يكن ليلتقي ساكنان وجعلوا هذا سبيلها ليفرقوا بينها وبين الألف المقطوعة فجملة هذا الباب في التحرك أن يكون الساكن الأول مكسوراً وذلك قولك اضرب ابنك وأكرم الرجل واذهب اذهب و: {قل هو الله أحد الله} لأن التنوين ساكن وقع بعده حرف ساكن فصار بمنزلة باء اضرب ونحو ذلك.
ومن ذلك إن الله عافاني فعلت وعن الرجل وقط الرجل ولو استطعنا.
ونظير الكسر هاهنا قولهم حذار وبداد ونظار ألزموها الكسر في كلامهم فجعلوا سبيل هذا الكسر في كلامهم فاستقام هذا الضرب على هذا ما لم يكن اسماً نحو حذام لئلا يلتقي ساكنان ونحوه جير يا فتى وغاق غاق كسروا هذا إذ كان من كلامهم أن يكسروا إذا التقى الساكنان.
وقال الله تبارك وتعالى: {قل انظروا ماذا في السماوات والأرض}
فضموا الساكن حيث حركوه كما ضموا الألف في الابتداء وكرهوا الكسر ههنا كما كرهوه في الألف فخالفت سائر السواكن كما خالفت الألف سائر الألفات يعني ألفات الوصل.
وقد كسر قومٌ فقالوا: {قل انظروا} وأجروه على الباب الأول ولم يجعلوها كالألف ولكنهم جعلوها كآخر جير.
وأما الذين يضمون فإنهم يضمون في كل ساكن يكسر في غير الألف المضمومة فمن ذلك قوله عز وجل: {وقالت اخرج عليهن}: {وعذاب اركض برجلك} ومنه: {أو انقص منه قليلا} وهذا كله عربي قد قرئ به.
ومن قال قل انظروا كسر جميع هذا.
والفتح في حرفين أحدهما قوله عز وجل: {الم الله} لما كان من كلامهم أن يفتحوا لالتقاء الساكنين فتحوا هذا وفرقوا بينه وبين ما ليس بهجاءٍ.
ونظير ذلك قولهم من الله ومن الرسول ومن المؤمنين لما
كثرت في كلامهم ولم تكن فعلا وكان الفتح أخف عليهم فتحوا وشبهوها بأين وكيف.
وزعموا أن ناساً من العرب يقولون من الله فيكسرونه ويجرونه على القياس.
فأما: {الم} فلا يكسر لأنهم لم يجعلوه في ألف الوصل بمنزلة غيره ولكنهم جعلوه كبعض ما يتحرك لالتقاء الساكنين ونحو ذلك لم يلده واعلمن ذلك لأن للهجاء حالاً قد تبين). [الكتاب: 4/ 152-154]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (ويقال للقرح وللجدري إذا يبس وتقرف وللجرب في الإبل إذا قفل قد توسف جلده وتقشقش جلده قال الأصمعي: وكان يقال لـ: {قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد} المقشقشتان أي إنهما تبرئان من النفاق). [إصلاح المنطق: 415] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: هذا زيدٌ ابن أبي عمرو، وأبو عمرو غير كنية، ولكنك أردت أن أباه أبو آخر يقال له عمرو لم يكن في زيد إلا التنوين، إلا في قول من قرأ (قل هو الله أحدُ الله الصمد) وقد مضى تفسيره. ومن قال بالبدل قال: يا زيد ابن عبد الله؛ لأنه دعا زيداً، ثم أبدل منه. فهذا كقوله: يا زيد أخا عبد الله. فعلى هذا يجري هذا الباب.
فأما القراءة فعلى ضربين: قرأ قوم {وقالت اليهود عزيرٌ ابن الله}؛ لأنه ابتداء وخبر، فلا يكون في عزير إلا التنوين.
ومن قرأ (عزيرُ ابن الله) فإنما أراد خبر ابتداء كأنهم قالوا: هو عزير بن الله، ونحو هذا مما يضمر. ويكون حذف التنوين لالتقاء الساكنين وهو يريد الابتداء والخبر. فيصير كقولك: زيد الذي في الدار. فهذا وجه ضعيف جداً؛ لأن حق التنوين أن يحرك لالتقاء الساكنين إلا أن يضطر شاعر على ما ذكرت لك فيكون كقوله:
عمرو العلا هشم الثريد لقومه ....... ورجال مكة مسنتون عجاف ). [المقتضب: 2 /314-315]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "أو من بني خلف الخضر"، فإنه حذف التنوين لالتقاء الساكنين.
وليس بالوجه، وإنما يحذف من الحرف لالتقاء الساكنين حروف المد واللين، وهي الألف، والياء المكسور ما قبلها، والواو المضموم ما قبلها، نحو قولك: هذا قفا الرجل، وقاضي الرجل، ويغزو القوم، فأما التنوين فجاز هذا فيه. لأنه نون في اللفظ، والنون تدغم في الياء والواو، وتزاد كما تزاد حروف المد واللين، ويبدل بعضها من بعض، فتقول: رأيت زيداٌ فتبدل الألف من التنوين، وتقول في النسب إلى صنعاء وبهراء صنعاني وبهراني، فتبدل النون من ألف التأنيث، وهذه جملة وتفسيرها كثير، فلذلك حذف، ومثل هذا من الشعر:
عمرو الذي هشم الثريد لقومه ....... ورجال مكة مسنتون عجاف
وقال آخر:
حميد الذي أمجٌ داره ....... أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع
وقرأ بعض القراء: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ) وسمعت عمارة بن عقيل يقرأ: (وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارَ)، فقلت: ما تريد? فقال: "سابقٌ النهار"). [الكامل: 1 /327-328]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال : قال الكسائي وسيبويه {هُوَ} من: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} عماد. فقال الفراء: هذا خطأ. من قبل أن العماد لا يدخل إلا على الموضع الذي يلي الأفعال، ويكون وقاية للفعل مثل إنه قام زيد، ثم يستعمل بعد فيتقدم ويتأخر، والأصل " في " هذا إنما قام زيد. فالعماد كـ " ما " . وكل موضع فعلى هذا جاء يقي الفعل، وليس مع {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} شيء يقيه). [مجالس ثعلب: 354]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ (2) }

قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والصمد: الغليظ من الأرض المرتفع والجمع صماد والصمد: السيد الذي يصمد إليه في الحوائج قال الشاعر:
(ألا بكر الناعي بخير بني أسد ....... بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد) ). [إصلاح المنطق: 49]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (تفسير قوله تعالى: {الصّمد}
- وحدّثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: في قوله عز وجل: {الصّمد}ثلاثة أقوال، قال جماعة من اللغويين: الصّمد: السيّد الذي ليس فوقه أحد لأنه يصمد إليه الناس في أمورهم، قال: وأنشدنا:

سيروا جميعًا بنصف اللّيل واعتمدوا ....... ولا رهينة إلا سيدٌ صمد
وقال الآخر:
علوته بحسام ثم قلت له ....... خذها حذيف فأنت السيّد الصّمد
يعني حذيفة بن بدر، وقال الآخر:
ألا بكر النّاعي بخيري بني أسد ....... بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
وإن يلتق الحيّ الجميع تلاقني ....... إلى ذروة البيت الكريم المصمد
قوله يصمد أي يقصد قال طرفة:
وهذا القول الذي يصح في الاشتقاق واللغة قال: وحكى أبو بكرٍ، عن الأعمش أنه، قال: «الصّمد الذي لا يطعم»، وحكى عن السّدّي، أنه قال: «الصّمد: الذي لا جوف له».
قال: وحدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن القاسم، قال: حدّثنا محمّد بن يونس الكديميّ، قال: حدّثنا سعيد بن سفيان الجحدريّ، قال: حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «من توضّأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل» قال أبو بكرٍ: «تفسير فبها فبالرّخصة أخذ»، ويقال: بالسّنّة أخذ، ومعنى قوله ونعمت أي الخصلة الوضوء، ولا يجوز ونعمه بالهاء لأن مجرى التاء التي في نعمت مجرى التاء التي في قامت وقعدت). [الأمالي: 2 /288]

تفسير قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) }


تفسير قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) }
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال مرداس بن حصين من بني عبد الله بن كلاب، وهو جاهلي:
فإن نزرأهم فلقد تركنا ....... كفاءهم لدى الدبر المضاع
يقول: إن قتلوا فقد تركنا كفاءهم، أي أمثالهم، لدى دبر جيشهم إذا انهزموا فهم يحمونهم حتى يبلغوا مأمنهم، يقول: فإن مات هؤلاء وقتلوا، فثم أمثالهم، ومنه الكفء، وقوم أكفاء أي بعضهم مثل بعض). [النوادر في اللغة:149-151]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
«المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم، لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده».
- حدثناه يحيى بن سعيد القطان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن قيس بن عباد، عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما قوله: تتكافأ دماؤهم، فإنه يريد: تتساوى في القصاص والديات، فليس لشريف على رضيع فضل في ذلك.
ومن هذا قيل في العقيقة عن الغلام شاتان مكافئتان، قال: والمحدثون يقولون: شاتان مكافأتان يقول: متساويتان وكل شيء ساوى شيئا حتى يكون مثله فهو مكافئ له والمكافأة بين الناس من هذا.
يقال: كافأت الرجل أي فعلت به مثل ما فعل بي. ومنه الكفء من الرجال للمرأة، -كفء وكفيء- يقال: إنه مثلها في حسبها. قال الله تبارك وتعالى: {ولم يكن له كفوا أحد} ). [غريب الحديث: 4 /53-55]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن قلت: فقد تقول في النفي: ما كان أحد مثلك، وما كان أحد مجترئاً عليك، فقد خبرت عن النكرة.

فإنما جاز ذلك لأن أحداً في موضع الناس، فإنما أردت أن تعلمه أنه ليس في الناس واحد فما فوقه يجترئ عليه، فقد صار فيه معنىً بما دخله من هذا العموم.
ومن ذلك قول الله عز وجل: {ولم يكن له كفواً أحد} فلم يكن الخبر إلا نكرة كما وصفت لك). [المقتضب: 4/ 90]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدً على من سواهم، والمرء كثير بأخيه»
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ّ«تتكافأ دماؤهم»، من قولك: فلان كفء لفلان، أي عديله، وموضوع بحذائه، قال الله عز وجل: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} ويقال: فلان كفاء فلان، وكفيء فلان، وكفء فلان.
ويروى أن الفرزق بلغه أن رجلاً من الحبطات بن عمرو بن تميم خطب امرأة من بني دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، فقال الفرزدق:
بنو دارم أكفاؤهم آل مسمعٍ ....... وتنكح في أكفائها الحبطات
فآل مسمع بيت بكر بن وائل في الإسلام، وهم ممن بني قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، والحبطات هم بنو الحارث بن عمرو بن تميم فقوله: " أكفاؤهم" إنما هو جمع كفء يا فتى، فقال رجل من الحبطات يجيبه:
أما كان عباد كفيئًا لدارم ....... بلى ولأبيات بها الحجرات
يعني بني هاشم من قول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} ). [الكامل: 1 /88-89]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "لا في كفاء" يقال: هو كفؤك وكفؤك وكفيئك وكفاؤك، وإذا كان عديلك في شرف أو ما أشبه، كما قال الفرزدق:
وتنكح في أكفانها الحبطات
وقال الله عزّ وجل: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لأمنعنّ النساء إلا من الأكفاء»، وتحدّث أصحابنا عن الأصمعي عن إسحاق بن عيسى. قال: «قلت لأمير المؤمنين الرّشيد أو المهديّ: يا أمير المؤمنين، من أكفاؤنا?» قال: «أعداؤنا، يعني بنى أميّة، وزيادٌ الذي ذكر كان أخاها»). [الكامل: 2 /586-587]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ويقال فلان كفؤ فلانٍ وكفيؤه إذا كان نظيره. وأنشد: لكفيءٍ ولجارٍ وابن عم). [شرح المفضليات: 689]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:13 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:13 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:13 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:14 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {قل هو اللّه أحدٌ * اللّه الصّمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن لّه كفوًا أحدٌ}.
قرأ عمر بن الخطّاب وابن مسعودٍ والرّبيع بن خثيمٍ: (قل هو اللّه الواحد الصّمد). وروى أبيّ بن كعبٍ: أنّ المشركين سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن نسب ربّه - تعالى عمّا يقول الجاهلون - فنزلت هذه السورة.
وروى ابن عبّاسٍ: أنّ اليهود دخلوا على النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا له: يا محمّد، صف لنا ربّك وانسبه؛ فإنه وصف نفسه في التّوراة ونسبها. فارتعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتى خرّ مغشيًّا عليه، ونزل عليه جبريل عليهما السلام بهذه السورة.
وقال أبو العالية، وقال قتادة: قالت الأحزاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: انسب لنا ربّك. فأتاه الوحي بهذه السورة.
و{أحدٌ} معناه: واحدٌ فردٌ من جميع جهات الوحدانية، ليس كمثله شيءٌ.
و{هو} ابتداءٌ، و{اللّه} ابتداءٌ ثانٍ، و{أحدٌ} خبره، والجملة خبر الأول.
وقيل: {هو} ابتداءٌ، و{اللّه} خبره، و{أحدٌ} بدلٌ منه، وحذف أبو عمرٍو التنوين من {أحدٌ} لالتقاء الساكنين، فقرأ: (اللّه أحد اللّه)، وأثبته الباقون مكسورًا للالتقاء، وأما وقفهم كلّهم فبسكون الدال. وقد روي عن أبي عمرٍو الوصل بسكون الدال، وروي عنه أيضًا تنوينها). [المحرر الوجيز: 8/ 710-711]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الصّمد) في كلام العرب: السيّد الذي يصمد إليه في الأمور ويستقلّ بها، وأنشدوا:
ألا بكّر النّاعي بخيري بني أسد ....... بعمرو بن مسعودٍ وبالسّيّد الصّمد
وبهذا تتفسّر هذه الآية؛ لأن اللّه تعالى جلّت قدرته، هو موجد الموجودات، وإليه تصمد، وبه قوامها، ولا غنيّ بنفسه إلاّ هو سبحانه تبارك وتعالى، وقال كثيرٌ من المفسّرين: الصّمد: الذي لا جوف له. كأنه بمعنى المصمت.
وقال الشّعبيّ:
«هو الذي لا يأكل ولا يشرب».
وفي هذا التفسير كلّه نظرٌ؛ لأن الجسم في غاية البعد عن اللّه تعالى وعن صفاته، فما الذي يعطينا هذه العبارات؟
و{اللّه الصّمد} ابتداءٌ وخبرٌ، وقيل: {الصّمد} نعتٌ والخبر فيما بعد). [المحرر الوجيز: 8/ 711]

تفسير قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {لم يلد ولم يولد} ردٌّ على إشارة الكفّار في النّسب الذي سألوه.
وقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما:
«تفكّروا في كلّ شيءٍ، ولا تتفكّروا في ذات اللّه عزّ وجلّ».
قال القاضي أبو محمّدٍ رحمه اللّه:
«لأنّ الأفهام تقف دون ذلك حسيرةً، والمؤمنون يعرفون اللّه تعالى بواجب وجوده، وافتقار كلّ شيءٍ إليه واستغنائه عن كلّ شيءٍ، وينفي العقل عنه كلّ ما لا يليق به عزّ وجلّ، وأن ليس كمثله شيءٌ، وكلّ ما ذكرته فهو في ضمن هذه السورة الوجيزة البليغة»). [المحرر الوجيز: 8/ 711-712]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولم يكن له كفوًا أحدٌ} معناه: ليس له ضدٌّ ولا ندٌّ ولا شبيهٌ.
والكفء والكفؤ والكفاء: النظير، وقرأ: {كفوًا} - بضمّ الكاف وهمزٍ مسهّلٍ - نافعٌ، والأعرج، وأبو جعفرٍ، وشيبة، وقرأ بالهمز عاصمٌ، وأبو عمرٍو - بخلافٍ عنه - وأبو جعفرٍ، وأبو عمرٍو: (كفئًا) بالهمز وإسكان الفاء، وروي عن نافعٍ: (كفًا) بفتح الفاء وبغير همزٍ.
وقرأ سليمان بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاسٍ: (ولم يكن له كفاءً) بكسر الكاف وفتح الفاء والمدّ.
و{كفوًا} خبر (كان)، واسمها {أحدٌ}، والظرف ملغًى، وسيبويه رحمه اللّه تعالى يستحسن أن يكون الظرف إذا تقدّم خبرًا، ولكن قد يجيء ملغًى في أماكن يقتضيها المعنى كهذه الآية، وكما قال الشاعر - أنشده سيبويه -:
ما دام فيهنّ فصيلٌ حيّا
ويحتمل أن يكون {كفوًا} حالٌ؛ لما تقدّم من كونه وصفًا لنكرةٍ، كما قال:
لعزّة موحشًا طلل
قال سيبويه: «وهذا يقلّ في الكلام، وبابه الشعر».
وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«إنّ {قل هو اللّه أحدٌ} تعدل ثلث القرآن».
قال القاضي أبو محمّدٍ رحمه اللّه:
«لما فيها من التوحيد»). [المحرر الوجيز: 8/ 712-713]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:14 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:14 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (بسم اللّه الرّحمـن الرّحيم
{قل هو اللّه أحدٌ * اللّه الصّمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن لّه كفوًا أحدٌ}.
قد تقدّم ذكر سبب نزولها.
وقال عكرمة: لمّا قالت اليهود: «نحن نعبد عزيراً ابن اللّه». وقالت النّصارى: «نحن نعبد المسيح ابن اللّه». وقالت المجوس: «نحن نعبد الشّمس والقمر». وقالت المشركون: «نحن نعبد الأوثان»؛ أنزل اللّه على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل هو اللّه أحدٌ}.
يعني: هو الواحد الأحد، الذي لا نظير له، ولا وزير ولا نديد، ولا شبيه، ولا عديل، ولا يطلق هذا اللفظ على أحدٍ في الإثبات إلاّ على اللّه عزّ وجلّ؛ لأنّه الكامل في جميع صفاته وأفعاله). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 527-528]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {اللّه الصّمد}. قال عكرمة عن ابن عبّاسٍ:
«يعني: الذي يصمد الخلائق إليه في حوائجهم ومسائلهم».
قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ:
«هو السّيّد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشّرف والسّؤدد، وهو اللّه سبحانه، هذه صفته لا تنبغي إلاّ له، ليس له كفءٌ، وليس كمثله شيءٌ، سبحان اللّه الواحد القهّار».
وقال الأعمش عن شقيقٍ، عن أبي وائلٍ:
«{الصّمد}: السّيّد الذي قد انتهى سؤدده». ورواه عاصمٌ، عن أبي وائلٍ، عن ابن مسعودٍ، مثله.
وقال مالكٌ: عن زيد بن أسلم:
«{الصّمد}: السّيّد». وقال الحسن وقتادة: «هو الباقي بعد خلقه». وقال الحسن أيضاً: «{الصّمد}: الحيّ القيّوم، الذي لا زوال له». وقال عكرمة: «{الصّمد} الذي لم يخرج منه شيءٌ ولا يطعم».
وقال الربيع بن أنسٍ:
«هو الذي لم يلد ولم يولد». كأنّه جعل ما بعده تفسيراً له، وهو قوله: {لم يلد ولم يولد}. وهو تفسيرٌ جيّدٌ، وقد تقدّم الحديث من رواية ابن جريرٍ، عن أبيّ بن كعبٍ في ذلك، وهو صريحٌ فيه *.
وقال ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ وسعيد بن المسيّب ومجاهدٌ وعبد اللّه بن بريدة وعكرمة أيضاً وسعيد بن جبيرٍ وعطاء بن أبي رباحٍ وعطيّة العوفيّ والضّحّاك والسّدّيّ:
«{الصّمد}: الذي لا جوف له».
قال سفيان عن منصورٍ، عن مجاهدٍ:
«{الصّمد}: المصمت الذي لا جوف له». وقال الشّعبيّ: «هو الذي لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب».
وقال عبد اللّه بن بريدة أيضاً:
«{الصّمد}: نورٌ يتلألأ». روى ذلك كلّه وحكاه ابن أبي حاتمٍ والبيهقيّ والطّبرانيّ، وكذا أبو جعفر بن جريرٍ، ساق أكثر ذلك بأسانيده، وقال: حدّثني العبّاس بن أبي طالبٍ، حدّثنا محمد بن عمرو بن روميٍّ، عن عبيد اللّه بن سعيدٍ قائد الأعمش، حدّثنا صالح بن حيّان، عن عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه، قال: لا أعلم إلاّ قد رفعه. قال: (({الصّمد}: الذي لا جوف له)). وهذا غريبٌ جدًّا، والصحيح أنّه موقوفٌ على عبد اللّه بن بريدة.
وقد قال الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ في كتاب السّنّة له، بعد إيراده كثيراً من هذه الأقوال في تفسير الصّمد: وكلّ هذه صحيحةٌ، وهي صفات ربّنا عزّ وجلّ، هو الذي يصمد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصّمد الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه. وقال البيهقيّ نحو ذلك أيضاً). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 528-529]

تفسير قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحدٌ}. أي: ليس له ولدٌ ولا والدٌ ولا صاحبةٌ.
قال مجاهدٌ: {ولم يكن له كفواً أحدٌ}. يعني: لا صاحبة له، وهذا كما قال تعالى: {بديع السّماوات والأرض أنّى يكون له ولدٌ ولم تكن له صاحبةٌ وخلق كلّ شيءٍ}. أي: هو مالك كلّ شيءٍ وخالقه، فكيف يكون له من خلقه نظيرٌ يساميه أو قريبٌ يدانيه؟! تعالى وتقدّس وتنزّه.
قال اللّه تعالى: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولداً * لقد جئتم شيئاً إدًّا * تكاد السّماوات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا * أن دعوا للرّحمن ولداً * وما ينبغي للرّحمن أن يتّخذ ولداً * إن كلّ من في السّماوات والأرض إلاّ آتي الرّحمن عبداً * لقد أحصاهم وعدّهم عدًّا * وكلّهم آتيه يوم القيامة فرداً}.
وقال تعالى: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولداً سبحانه بل عبادٌ مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون}.
وقال تعالى: {وجعلوا بينه وبين الجنّة نسباً ولقد علمت الجنّة إنّهم لمحضرون سبحان اللّه عمّا يصفون}.
وفي الصحيح، صحيح البخاريّ: ((لا أحد أصبر على أذًى سمعه من اللّه، يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم!)).
وقال البخاريّ: حدّثنا أبو اليمان، حدّثنا شعيبٌ أبو الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((قال اللّه عزّ وجلّ: كذّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأمّا تكذيبه إيّاي فقوله: لن يعيدني كما بدأني. وليس أوّل الخلق بأهون عليّ من إعادته، وأمّا شتمه إيّاي فقوله: اتّخذ اللّه ولداً. وأنا الأحد الصّمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفواً أحدٌ)).
ورواه أيضاً من حديث عبد الرزّاق، عن معمرٍ، عن همّام بن منبّهٍ، عن أبي هريرة مرفوعاً بمثله، تفرّد بهما من هذين الوجهين). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 529]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة