العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 03:37 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post تفسير سورة الحاقة[ من الآية (19) إلى الآية (37) ]

{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا ‎لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 03:38 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا الحكم، أو أبو الحكم - شك نعيم - عن إسماعيل بن عبد الرحمن، عن رجل من بني أسد، قال: قال عمر لكعب: ويحك يا كعب، حدثنا حديثًا من حديث الآخرة؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، إذا كان يوم القيامة رفع اللوح المحفوظ، فلم يبق أحد من الخلائق إلا وهو ينظر إلى عمله فيه، قال: ثم يؤتى بالصحف التي فيها أعمال العباد، قال: فتنشر حول العرش، فذلك قوله: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} [سورة الكهف: 49]، قال الأسدي: الصغيرة: ما دون الشرك، والكبيرة: الشرك إلا أحصاها، قال كعب: ثم يدعى المؤمن فيعطى كتابه بيمينه، فينظر فيه فحسناته باديات للناس، وهو يقرأ سيئاته، لكي لا يقول: كانت لي حسنات فلم تذكر، فأحب الله أن يريه عمله كله، حتى إذا استنقص ما في الكتاب وجد في آخر ذلك أنه مغفور، وإنك من أهل الجنة، فعند ذلك يقبل إلى أصحابه، ثم يقول: {هاؤم اقرأوا كتابيه * إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه} [سورة الحاقة: 19-25].
ثم يدعى الكافر فيعطى كتابه بشماله، ثم يلف فيجعل من وراء ظهره، ويلوى عنقه، فذلك قوله: {وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه}، فينظر في كتابه، فسيئاته باديات للناس، وينظر في حسناته، لكي لا يقول: أفأثاب على السيئات؟ ). [الزهد لابن المبارك: 2/ 756-757]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني عبد الرحمن بن شريح أنه سمع أشياخاً يقولون: إن العبد يعطي يوم القيامة كتابه فينظر في بطنه فإذا فيه مكتوب سيئاته وفي ظهره حسناته، فهو يقرأ السيئات فيتغير لها وجهه ويشتد منها خوفه، ومن قرأ ما في ظهر كتابه غبطه على ما فيه من حسناته، فيقول: يا رب، قد عملت حسنات لم أجدها في هذا الكتاب، فيقال: اقلب أو حول، فإذا بالحسنات وبدلت تلك السيئات حسناتٍ، فلما قرأها أسفر وجهه، ومن قرأ ما يحول إليهم من كتابه قرؤوها حسنات فيغبطون عليها، ثم أمر أن يقلب أيضا، فإذا تلك السيئات قد حولت حسناتٍ، فعند ذلك يقول الذي قال الله في كتابه: {هاؤم اقرؤوا كتابيه (19) إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه}). [الجامع في علوم القرآن: 1/132]

قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله: {فأمّا من أوتي كتابه بيمينه}
- أخبرنا سويد بن نصرٍ، أخبرنا عبد الله، عن عثمان بن الأسود، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: وأخبرنا يوسف بن عيسى، أخبرنا الفضل بن موسى، أخبرنا عثمان بن الأسود، عن ابن أبي مليكة، قال: قالت عائشة: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من نوقش الحساب هلك» قلت: يا رسول الله، فإنّ الله يقول: من، وقال يوسف: {فأمّا من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابًا يسيرًا} [الانشقاق: 8]، قال: «ذلك العرض»
[السنن الكبرى للنسائي: 10/311]
- أخبرنا العبّاس بن محمّدٍ، حدّثنا يونس، حدّثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من حوسب يومئذٍ عذّب»، قالت: يا رسول الله، حسابًا يسيرًا؟، قال: «ذلك العرض، ومن نوقش الحساب يهلك»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/312]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأمّا من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه (19) إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه}.
يقول تعالى ذكره: فأمّا من أعطي كتاب أعماله بيمينه، فيقول تعالوا اقرءوا كتابيه.
- كما: حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {هاؤم اقرءوا كتابيه}. قال: تعالوا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان بعض أهل العلم يقول: وجدت أكيس النّاس من قال: {هاؤم اقرءوا كتابيه}). [جامع البيان: 23/231]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن حميد بن هلال العدوي عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبي موسى الأشعري قال ينشر الله كنفه يوم القيامة على المؤمنين هكذا قال بيده فوقه فيقول أي ابن آدم هذه حسنة عملتها في مكان كذا وكذا ساعة كذا وكذا وقبلتها منك ثم يسجد المؤمن ثم يقول يا ابن آدم هذه سيئة عملتها يوم كذا وكذا فقد غفرتها لك فيسجد المؤمن فيقول الخلق طوبى لهذا العبد الذي لا يرى في كتابه إلا الحسنات من كثرة ما يسجد فإذا فرغ قال هاؤم اقرؤوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه أي أيقنت). [تفسير مجاهد: 2/692]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: إن الله يقف عبده يوم القيامة فيبدي سيئاته في ظهر صحيفته فيقول له: أنت عملت هذا فيقول: نعم أي رب فيقول له: إني لم أفضحك به وإني غفرت لك فيقول عند ذلك: {هاؤم اقرؤوا كتابيه (19) إني ظننت أني ملاق حسابيه} حين نجا من فضيحته يوم القيامة.
وأخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر والخطيب عن أبي عثمان النهدي قال: إن المؤمن ليعطى كتابه في ستر من الله فيقرأ سيئاته فيتغير لونه ثم يقرأ حسناته فيرجع إليه لونه ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات فعند ذلك يقول: {هاؤم اقرؤوا كتابيه}.
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول من يؤذن له في السجود يوم القيامة وأنا أول من يؤذن له أن يرفع رأسه فأنظر إلى بين يدي فأعرف أمتي من بين الأمم ومن خلفي مثل ذلك وعن يميني مثل ذلك وعن شمالي مثل ذلك فقال رجل: يا رسول الله كيف تعرف أمتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمتك قال: هم غر محجلون من أثر الوضوء ليس أحد كذلك غيرهم وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم وأعرفهم يسعى نورهم بين أيديهم ذريتهم). [الدر المنثور: 14/673-674]

تفسير قوله تعالى: (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى إني ظننت أني ملاق حسابية قال يقول إني قد علمت). [تفسير عبد الرزاق: 2/315]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه}. يقول: إنّي علمت أنّي ملاقٍ حسابيه إذا وردت يوم القيامة على ربّي.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل قوله: {إنّي ظننت} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه}. يقول: أيقنت.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه} ظنّ ظنًّا يقينًا، فنفعه اللّه بظنّه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه}. قال: إنّ الظّنّ من المؤمن يقينٌ، وإنّ عسى من اللّه واجبٌ {فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين}، {فعسى أن يكون من المفلحين}.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال؛ حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه} قال: ما كان من ظنّ الآخرة فهو علمٌ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، قال: كلّ ظنٍّ في القرآن إنّي ظننت يقول: إنّي علمت). [جامع البيان: 23/232]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن حميد بن هلال العدوي عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبي موسى الأشعري قال ينشر الله كنفه يوم القيامة على المؤمنين هكذا قال بيده فوقه فيقول أي ابن آدم هذه حسنة عملتها في مكان كذا وكذا ساعة كذا وكذا وقبلتها منك ثم يسجد المؤمن ثم يقول يا ابن آدم هذه سيئة عملتها يوم كذا وكذا فقد غفرتها لك فيسجد المؤمن فيقول الخلق طوبى لهذا العبد الذي لا يرى في كتابه إلا الحسنات من كثرة ما يسجد فإذا فرغ قال هاؤم اقرؤوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه أي أيقنت). [تفسير مجاهد: 692] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية} قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: تعرض الناس ثلاث عرضات يوم القيامة فأما عرضتان ففيهما خصومات ومعاذير وجدال وأما العرضة الثالثة فتطير الصحف في الأيدي اللهم اجعلنا ممن تؤتيه كتابه بيمينه، قال: وكان بعض أهل العلم يقول: إني وجدت أكيس الناس من قال: {هاؤم اقرؤوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه} قال: ظن ظنا يقينا فنفعه الله بظنه، قال: وذكر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: من استطاع أن يموت وهو يحسن الظن بالله فليفعل). [الدر المنثور: 14/672-673] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج جرير عن ابن عباس في قوله: {إني ظننت} قال: أيقنت). [الدر المنثور: 14/674]

تفسير قوله تعالى: (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن جبيرٍ: {عيشةٍ راضيةٍ} [الحاقة: 21]: «يريد فيها الرّضا»). [صحيح البخاري: 6/159]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن جبيرٍ عيشةٍ راضيةٍ يريد فيها الرّضا وقال أبو عبيدة معناه مرضيّةٌ قال وهو مثل ليل نائم). [فتح الباري: 8/664]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال ابن جبيرٍ: {عيشةٍ راضيةٍ} (الحاقة: 12) يريد فيها الرّضا
أي: قال سعيد بن جبير في قوله تعالى: {فهو في عيشة راضية} (الحاقة: 12) يريد فيها الرّضا أي: ذات الرّضا أراد به أنه من باب ذي كذا كتامر ولابن، وعند علماء البيان هذا استعارة بالكناية، وهذا لم يثبت إلاّ لأبي ذر والنسفي). [عمدة القاري: 19/258]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({عيشة راضية}: يريد فيها الرضا).
ولأبي ذر والنسفيّ وقال سعيد بن جبير عيشة الخ). [إرشاد الساري: 7/400]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فهو في عيشةٍ راضيةٍ (21) في جنّةٍ عاليةٍ (22) قطوفها دانيةٌ (23) كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيّام الخالية}.
يقول تعالى ذكره: فالّذي وصفت أمره، وهو الّذي أوتي كتابه بيمينه، في عيشةٍ مرضيّةٍ، أو عيشةٍ فيها الرّضا، فوصفت العيشة بالرّضا وهي مرضيّةٌ، لأنّ ذلك مدحٌ للعيشة، والعرب تفعل ذلك في المدح والذّمّ فتقول: هذا ليلٌ نائمٌ، وسرٌّ كاتمٌ، وماءٌ دافقٌ، فيوجّهون الفعل إليه، وهو في الأصل مفعولٌ لما يراد من المدح أو الذّمّ، ومن قال ذلك لم يجز له أن يقول للضّارب مضروبٌ، ولا للمضروب ضاربٌ، لأنّه لا مدح فيه ولا ذمٌّ). [جامع البيان: 23/233]

تفسير قوله تعالى: (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {في جنّةٍ عاليةٍ}. يقول: في بستانٍ عالٍ رفيعٍ، و{في} من قوله: {في جنّةٍ} من صلة {عيشةٍ}). [جامع البيان: 23/233]

تفسير قوله تعالى: (قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة [ .... ـه] أنه سمع خثيما يقول: سمعت تبيعا وسئل عن: {قطوفها دانيةٌ}، فيقول: تدنوا إليه وهو قائمٌ فيأخذ من فاكهتها ما أحب، ثم تدنوا إليه وهو قاعدٌ فيأخذ من فاكهتها ما أحب، ثم ترجع كما كانت). [الجامع في علوم القرآن: 2/143-144]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قطوفها دانيةٌ}. يقول: ما يقطف من الجنّة من ثمارها دانٍ قريبٌ من قاطفه.
وذكر أنّ الّذي يريد ثمرها يتناوله كيف شاء قائمًا وقاعدًا، لا يمنعه منه بعدٌ، ولا يحول بينه وبينه شوكٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء، يقول في هذه الآية {قطوفها دانيةٌ}. قال: يتناول الرّجل من فواكهها وهو قائمٌ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {قطوفها دانيةٌ} دنت فلا يردّ أيديهم عنها بعدٌ ولا شوكٌ). [جامع البيان: 23/233-234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب في قوله: {قطوفها دانية} قال: قريبة.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {قطوفها دانية} قال: دنت فلا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن البراء في قوله: {قطوفها دانية} قال: يتناول الرجل منها من فواكهها وهو قائم.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله: {قطوفها} قال: ثمرها.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر والطبراني، وابن مردويه عن سلمان الفارسي: لا يدخل الجنة أحد إلا بجوار بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله لفلان بن فلان أدخلوه جنة عالية {قطوفها دانية}). [الدر المنثور: 14/674-675]

تفسير قوله تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيّام الخالية}. يقول لهم ربّهم جلّ ثناؤه: كلوا معشر من رضيت عنه، فأدخلته جنّتي من ثمارها، وطيب ما فيها من الأطعمة، واشربوا من أشربتها، هنيئًا لكم لا تتأذّون بما تأكلون، ولا بما تشربون، ولا تحتاجون من أكل ذلك إلى غائطٍ ولا بولٍ {بما أسلفتم في الأيّام الخالية}. يقول: كلوا واشربوا هنيئًا جزاءً من اللّه لكم، وثوابًا {بما أسلفتم} أو على ما أسلفتم: أي على ما قدّمتم في دنياكم لآخرتكم من العمل بطاعة اللّه {في الأيّام الخالية} يقول: في أيّام الدّنيا الّتي خلت فمضت.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال اللّه {كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيّام الخالية} إنّ أيّامكم هذه أيّامٌ خاليةٌ: هي أيّامٌ فانيةٌ، تؤدّي إلى أيّامٍ باقيةٍ، فاعملوا في هذه الأيّام، وقدّموا فيها خيرًا إن استطعتم، ولا قوّة إلاّ باللّه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {بما أسلفتم في الأيّام الخالية}. قال: أيّام الدّنيا بما عملوا فيها). [جامع البيان: 23/234-235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية} قال: أيامكم هذه أيام خالية فانية تؤدي إلى أيام باقية فاعملوا في هذه الأيام وقدموا خيرا إن استطعتم ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن المنذر عن يوسف بن يعقوب الحنفي قال: بلغني أنه إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى: يا أوليائي طال ما نظرت إليكم في الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن الأشربة وغارت أعينكم وجفت بطونكم كونوا اليوم في نعيمكم وكلوا واشربوا {هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية}.
وأخرج ابن المنذر، وابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن رفيع في قوله: {بما أسلفتم في الأيام الخالية} قال: الصوم.
وأخرج البيهقي عن نافع قال: خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له ووضعوا سفرة لهم فمر بهم راعي غنم فسلم فقال ابن عمر: هلم يا راعي هلم فأصب من هذه السفرة فقال له: إني صائم فقال ابن عمر: أتصوم في مثل هذا اليوم الحار الشديد سمومه وأنت في هذه الجبال ترعى هذه الغنم فقال له: إني والله أبادر أيامي الخالية فقال له ابن عمر وهو يريد أن يختبر ورعه: فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها فتفطر عليه فقال: إنها ليست لي بغنم إنها غنم سيدي، فقال له ابن عمر: فما عسى سيدك فاعلا إذافقدها فقلت أكلها الذئب فولى الراعي عنه وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول: فأين الله قال: فجعل ابن عمر يردد قول الراعي وهو يقول: قال الراعي: فأين الله فلما قدم المدينة بعث إلى مولاه فاشترى منه الغنم والراعي فأعتق الراعي ووهب منه الغنم). [الدر المنثور: 14/675-677]

تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) )

قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا الحكم، أو أبو الحكم - شك نعيم - عن إسماعيل بن عبد الرحمن، عن رجل من بني أسد، قال: قال عمر لكعب: ويحك يا كعب، حدثنا حديثًا من حديث الآخرة؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، إذا كان يوم القيامة رفع اللوح المحفوظ، فلم يبق أحد من الخلائق إلا وهو ينظر إلى عمله فيه، قال: ثم يؤتى بالصحف التي فيها أعمال العباد، قال: فتنشر حول العرش، فذلك قوله: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} [سورة الكهف: 49]، قال الأسدي: الصغيرة: ما دون الشرك، والكبيرة: الشرك إلا أحصاها، قال كعب: ثم يدعى المؤمن فيعطى كتابه بيمينه، فينظر فيه فحسناته باديات للناس، وهو يقرأ سيئاته، لكي لا يقول: كانت لي حسنات فلم تذكر، فأحب الله أن يريه عمله كله، حتى إذا استنقص ما في الكتاب وجد في آخر ذلك أنه مغفور، وإنك من أهل الجنة، فعند ذلك يقبل إلى أصحابه، ثم يقول: {هاؤم اقرأوا كتابيه * إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه} [سورة الحاقة: 19-25].
ثم يدعى الكافر فيعطى كتابه بشماله، ثم يلف فيجعل من وراء ظهره، ويلوى عنقه، فذلك قوله: {وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه}، فينظر في كتابه، فسيئاته باديات للناس، وينظر في حسناته، لكي لا يقول: أفأثاب على السيئات؟ ). [الزهد لابن المبارك: 2/ 756-757](م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأمّا من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه (25) ولم أدر ما حسابيه (26) يا ليتها كانت القاضية}.

يقول تعالى ذكره: وأمّا من أعطي يومئذٍ كتاب أعماله بشماله، فيقول: يا ليتني لم أعط كتابيه). [جامع البيان: 23/235]

تفسير قوله تعالى: (وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({ولم أدر ما حسابيه}. يقول: ولم أدر أيّ شيءٍ حسابيه). [جامع البيان: 23/235]

تفسير قوله تعالى: (يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({القاضية} [الحاقة: 27] : «الموتة الأولى الّتي متّها لم أحي بعدها»). [صحيح البخاري: 6/159]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله والقاضية الموتة الأولى الّتي متّها لم أحي بعدها كذا لأبي ذر ولغيره ثمّ أحيي بعدها والأوّل أصحّ وهو قول الفرّاء قال في قوله يا ليتها كانت القاضية يقول ليت الموتة الأولى الّتي متّها لم أحي بعدها). [فتح الباري: 8/664]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (القاضية الموتة الأولى الّتي متّها ثمّ أحيا بعدها
أشار به إلى قوله تعالى: {يا ليتها كانت القاضية (27) ما أغنى عني ماليه} (الحاقة: 27، 28) أي: ليت الموتة الأولى كانت القاطعة لأمري لن أحيا بعدها ولا يكون بعث ولا جزاء، وقال قتادة: تمنى الموت ولم يكن عنده في الدّنيا شيء أكره من الموت. قوله: (ثمّ أحيا) ، بعدها: وفي رواية أبي ذر: لم أحي بعدها، وهذه هي الأصح، والظّاهر أن النّاسخ صحف لم بثم). [عمدة القاري: 19/258]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({القاضية}) ولأبي ذر القاضية (الموتة الأولى التي متّها ثم أحيا) ولأبي ذر لم أحي (بعدها) قاله: الفراء ورواية أبي ذر أوجه إذ مراده أنها تكون القاطعة لحياته فلا يبعث بعدها). [إرشاد الساري: 7/400]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يا ليتها كانت القاضية}. يقول: يا ليت الموتة الّتي متّها في الدّنيا كانت هي الفراغ من كلّ ما بعدها، ولم يكن بعدها حياةٌ ولا بعثٌ؛ والقضاء: هو الفراغ. وقيل: إنّه تمنّى الموت الّذي يقضي عليه، فتخرج منه نفسه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يا ليتها كانت القاضية}. تمنّى الموت، ولم يكن في الدّنيا شيءٌ أكره عنده من الموت.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يا ليتها كانت القاضية}: الموت). [جامع البيان: 23/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 27 - 34.
أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {يا ليتها كانت القاضية} قال: تمنوا الموت ولم يكن شيء في الدنيا أكره عندهم من الموت وفي قوله: {هلك عني سلطانيه} قال: أما والله ما كل من دخل النار كان أمير قرية ولكن الله خلقهم وسلطهم على أبدانهم وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته.
وأخرج هناد عن الضحاك في قوله: {يا ليتها كانت القاضية} قال: يا ليتها كانت موتة لا حياة بعدها). [الدر المنثور: 14/677]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب في قوله: {يا ليتها كانت القاضية} قال: حجتي). [الدر المنثور: 14/677] (م)

تفسير قوله تعالى: (مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما أغنى عنّي ماليه (28) هلك عنّي سلطانيه (29) خذوه فغلّوه (30) ثمّ الجحيم صلّوه (31) ثمّ في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه (32) إنّه كان لا يؤمن باللّه العظيم}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل الّذي أوتي كتابه بشماله: {ما أغنى عنّي ماليه} يعني أنّه لم يدفع عنه ماله الّذي كان يملكه في الدّنيا من عذاب اللّه شيئًا). [جامع البيان: 23/235-236]

تفسير قوله تعالى: (هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({هلك عنّي سلطانيه} يقول: ذهبت عنّي حججي، وضلّت، فلا حجّة لي أحتجّ بها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، مقال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {هلك عنّي سلطانيه} يقول: ضلّت عنّي كلّ بيّنةٍ فلم تغن عنّي شيئًا.
- حدّثني عبد الرّحمن بن الأسود الطّفاويّ، قال: حدّثنا محمّد بن ربيعة، عن النّضر بن عربيٍّ، قال: سمعت عكرمة، يقول: {هلك عنّي سلطانيه}. قال: حجّتي.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {هلك عنّي سلطانيه}. قال: حجّتي.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {هلك عنّي سلطانيه} أما واللّه ما كلّ من دخل النّار كان أمير قريةٍ يجبيها، ولكنّ اللّه خلقهم، وسلّطهم على أقرانهم، وأمرهم بطاعة اللّه، ونهاهم عن معصية اللّه.
- حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {هلك عنّي سلطانيه}. يقول: بيّنتي ضلّت عنّي.
وقال آخرون: عني بالسّلطان في هذا الموضع: الملك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {هلك عنّي سلطانيه}. قال: سلطان الدّنيا). [جامع البيان: 23/236-237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 27 - 34.
أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {يا ليتها كانت القاضية} قال: تمنوا الموت ولم يكن شيء في الدنيا أكره عندهم من الموت وفي قوله: {هلك عني سلطانيه} قال: أما والله ما كل من دخل النار كان أمير قرية ولكن الله خلقهم وسلطهم على أبدانهم وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته). [الدر المنثور: 14/677] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {هلك عني سلطانيه} قال: حجتي.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة {هلك عني سلطانيه} قال: يعني حجته.
وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب في قوله: {يا ليتها كانت القاضية} قال: حجتي.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {هلك عني سلطانيه} قال: ضلت عني كل بينة فلم تغن عني شيئا). [الدر المنثور: 14/677]

تفسير قوله تعالى: (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {خذوه فغلّوه}. يقول تعالى ذكره لملائكته من خزّان جهنّم: {خذوه فغلّوه}). [جامع البيان: 23/237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {خذوه فغلوه} قال: أخبرت أنه أبو جهل). [الدر المنثور: 14/678]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({ثمّ الجحيم صلّوه} يقول: ثمّ في جهنّم أوردوه ليصلّي فيها). [جامع البيان: 23/237]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان، عن نسير بن ذعلوق، أنه سمع نوقًا، يقول في قوله: {في سلسلة ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه} [سورة الحاقة: 32]، قال: كل ذراع سبعون ذراعًا، وكل باعٍ سبعون باعًا، وكل باعٍ ما بينك وبين مكة، وهو يومئذ في مسجد الكوفة). [الزهد لابن المبارك: 2/ 576-577]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا بكار بن عبد الله، أنه سمع ابن أبي مليكة يحدث، أن كعبًا، قال: إن حلقة من السلسلة التي قال الله: {ذرعها سبعون ذراعًا} أن حلقة منها مثل جميع حديد الدنيا). [الزهد لابن المبارك: 2/577]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (سمعت سفيان في قوله: {فاسلكوه} [سورة الحاقة: 32] قال: بلغني أنها تدخل في دبره حتى تخرج من فيه). [الزهد لابن المبارك: 2/578]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (..... بن عبد الله عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن حنظلة عن كعب في قوله تعالى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا قال لو جمع حديد الدنيا من أولها إلى آخرها ما وزن حلقة منها). [تفسير عبد الرزاق: 2/312]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن بسير بن ذعلوق قال سمعت نوفا يقول في قوله تعالى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا كل ذراع سبعون باعا كل باع أبعد مما بينك وبين مكة وهو يومئذ برحبة الكوفة.
قال الثوري بلغني أنها تدخل في دبره حتى تخرج من فيه ومن رأسه). [تفسير عبد الرزاق: 2/315]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({ثمّ في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه} يقول: ثمّ اسلكوه في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا، بذراعٍ اللّه أعلم بقدر طولها، وقيل: إنّها تدخل في دبره، ثمّ تخرج من منخريه.
وقال بعضهم: تدخل في فيه، وتخرج من دبره.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن نسير بن دعلوقٍ، قال: سمعت نوفًا، يقول: {في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا}. قال: كلّ ذراعٍ سبعون باعًا، الباع: أبعد ما بينك وبين مكّة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثني نسيرٌ، قال: سمعت نوفًا يقول في رحبة الكوفة في إمارة مصعب بن الزّبير في قوله: {في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا}. قال: الذّراع: سبعون باعًا، الباع: أبعد ما بينك وبين مكّة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن نسير بن دعلوقٍ أبي طعمة، عن نوفٍ البكاليّ {في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا} قال: كلّ ذراعٍ سبعون باعًا، كلّ باعٍ أبعد ممّا بينك وبين مكّة وهو يومئذٍ في مسجد الكوفة.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه} قال: بذراع الملك {فاسلكوه} قال: تسلك في دبره حتّى تخرج من منخريه، حتّى لا يقوم على رجليه.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا يعمر بن بشرٍ المنقريّ، قال: حدّثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي السّمح، عن عيسى بن هلالٍ الصّدفيّ، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لو أنّ رصاصةً مثل هذه، وأشار إلى جمجمةٍ، أرسلت من السّماء إلى الأرض، وهي مسيرة خمس مائة سنةٍ، لبلغت الأرض قبل اللّيل، ولو أنّها أرسلت من رأس السّلسلة لسارت أربعين خريفًا اللّيل والنّهار قبل أن تبلغ قعرها أو أصلها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {فاسلكوه} قال: السّلك: أن تدخل السّلسلة في فيه، وتخرج من دبره.
وقيل: {ثمّ في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه}. وإنّما تسلك السّلسلة في فيه، كما قالت العرب: أدخلت رأسي في القلنسوة، وإنّما تدخل القلنسوة في الرّأس، وكما قال الأعشى:
إذا ما السّراب ارتدى بالأكم.
وإنّما يرتدي الأكم بالسّراب وما أشبه ذلك، وإنّما قيل ذلك كذلك لمعرفة السّامعين معناه، وإنّه لا يشكل على سامعه ما أراد قائله). [جامع البيان: 23/237-239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك وهناد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن نوف الشامي في قوله: {ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا} قال: الذراع سبعون باعا والباع ما بينك وبين مكة وهو يومئذ بالكوفة.
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن كعب قال: إن حلقه من السلسلة التي ذكر الله في كتابه مثل جميع حديد الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله: {فاسلكوه} قال: تسلك في دبره حتى تخرج من منخريه حتى لا يقوم على رجليه.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله: {فاسلكوه} قال: قال ابن عباس: السلسلة تدخل في أسته ثم تخرج من فيه ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود ثم يشوى.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن مجاهد قال: بلغني أن السلسلة تدخل من مقعده حتى تخرج من فيه يوثق بها بعد أو من فيه حتى تخرج من معدته.
وأخرج أبو عبيد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن أبي الدرداء قال: إن لله سلسلة لم تزل تغلي فيها مراجل النار منذ خلق الله جهنم إلى يوم القيامة تلقى في أعناق الناس وقد نجانا الله من نصفها بإيماننا بالله العظيم فحضي على طعام المسكين يا أم الدرداء). [الدر المنثور: 14/678-679]

تفسير قوله تعالى: (إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّه كان لا يؤمن باللّه العظيم} يقول: افعلوا ذلك به جزاءً له على كفره باللّه في الدّنيا، إنّه كان لا يصدّق بوحدانيّة اللّه العظيم). [جامع البيان: 23/239]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا يحضّ على طعام المسكين (34) فليس له اليوم هاهنا حميمٌ (35) ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ (36) لا يأكله إلاّ الخاطئون}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن هذا الشّقيّ الّذي أوتي كتابه بشماله: إنّه كان في الدّنيا لا يحضّ النّاس على إطعام أهل المسكنة والحاجة). [جامع البيان: 23/239]

تفسير قوله تعالى: (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فليس له اليوم هاهنا حميمٌ}. يقول جلّ ثناؤه: {فليس له اليوم} وذلك يوم القيامة {هاهنا} يعني في الدّار الآخرة {حميمٌ} يعني قريبٌ يدفع عنه، ويغيثه ممّا هو فيه من البلاء.
- كما: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فليس له اليوم هاهنا حميمٌ}: القريب في كلام العرب). [جامع البيان: 23/239-240]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني يحيى بن أيّوب، عن عبيد اللّه بن زحرٍ، عن سليمان، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لو أنّ قطرةً {من غسلينٍ}، وقعت في الأرض أفسدت على النّاس معايشهم، ولو أنّ النّار أبرزت في صعيدٍ لم يمر بها شيء إلا مات). [الجامع في علوم القرآن: 1/46]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس كل القرآن أعلمه إلا أربعا غسلين وحنانا والأواه والرقيم). [تفسير عبد الرزاق: 1/397] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ}. يقول جلّ ثناؤه: ولا له طعامٌ كما كان لا يحضّ في الدّنيا على طعام المسكين، إلاّ طعامٌ من غسلينٍ، وذلك ما يسيل من صديد أهل النّار.
وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يقول: كلّ جرحٍ غسلته فخرج منه شيءٌ فهو غسلينٌ، فعلينٌ من الغسل من الجراح والدّبر.
وزيد فيه الياء والنّون بمنزلة (عفرينٍ).
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ} صديد أهل النّار.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ}. قال: ما يخرج من لحومهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ}: شرّ الطّعام وأخبثه وأبشعه.
وكان ابن زيدٍ يقول في ذلك ما:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ} قال: الغسلين والزّقّوم لا يعلم أحدٌ ما هو). [جامع البيان: 23/240-241]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني عبد اللّه بن عمر الجوهريّ بمرو، ثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، ثنا أبي، ثنا هارون بن معروفٍ، ثنا عبد اللّه بن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي السّمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم {بماءٍ كالمهل} [الكهف: 29] قال: «كعكر الزّيت، فإذا قرّب إليه سقطت فروة وجهه، ولو أنّ دلوًا من غسلين يهراق في الدّنيا لأنتن بأهل الدّنيا» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/544]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وغسلين ما يسيل من صديد أهل النّار كذا ثبت للنّسفيّ وحده عقب قوله القاضية وهو عند أبي نعيمٍ أيضًا وهو كلام الفرّاء قال في قوله ولا طعام إلّا من غسلين يقال إنّه ما يسيل من صديد أهل النّار قوله وقال غيره من غسلينٍ كلّ شيءٍ غسلته فخرج منه شيءٌ فهو غسلينٌ فعلينٌ من الغسل مثل الجرح والدّبر كذا للنّسفيّ وحده هنا وقد تقدّم في بدء الخلق أعجاز نخلٍ أصولها كذا للنّسفيّ وحده هنا وهو عند أبي نعيمٍ أيضًا وقد تقدّم أيضًا في أحاديث الأنبياء). [فتح الباري: 8/665]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وغسلينٍ: ما يسيل من صديد أهل النّار
أشار به إلى قوله تعالى: {ولا طعام إلاّ من غسلين} (الحاقة: 63) وفسره بقوله: (يسيل من صديد أهل النّار) وهو قول الفراء. قال الثّعلبيّ: كأنّه غسالة جروحهم وقروحهم، وعن الضّحّاك والربيع، هو شجر يأكله أهل النّار، وهذا ثبت للنسفي وحده.
وقال غيره: من غسلينٍ: كلّ شيءٍ غسلته فخرج منه شيءٌ فهو غسلينٌ فعلينٌ من الغسل من الجرح والدّبر
هذا أيضا للنسفي وحده. قوله: (وقال غيره) ، يدل على أن قبل قوله: وغسلين. وقال الفراء وغيره، وقد سقط من النّاسخ، ويكون معنى قوله: (وقال غيره) أي: غير الفراء وإن لم يقدر شيء هناك لا يستقيم الكلام. فافهم). [عمدة القاري: 19/259-260]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 35 - 52
أخرج ابن أبي حاتم وأبو القاسم الزجاجي النحوي في أماليه من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: ما أدري ما الغسلين ولكني أظنه الزقوم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: الغسلين الدم والماء الذي يسيل من لحومهم.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الغسلين صديد أهل النار.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لو أن دلوا من غسلين يراق في الدنيا لأنتن بأهل الدنيا.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال: الغسلين اسم طعام من أطعمة النار.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال: غسلين شجرة في النار). [الدر المنثور: 14/679-680]

تفسير قوله تعالى: (لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لا يأكله إلاّ الخاطئون}. يقول: لا يأكل الطّعام الّذي من غسلينٍ إلاّ الخاطئون، وهم المذنبون الّذين ذنوبهم كفرٌ باللّه). [جامع البيان: 23/241]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيّوب، ثنا عليّ بن عبد العزيز، أنبأ أبو عبيدٍ، ثنا ابن عديٍّ، عن حسينٍ المعلّم، عن ابن بريدة، عن أبي الأسود الدّيليّ، ويحيى بن يعمر، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: «ما الخاطون؟ إنّما هو الخاطئون، ما الصّابون؟ إنّما هو الصّابئون» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/544]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن صعصعة بن صوحان قال: جاء أعرابي إلى علي بن أبي طالب فقال: كيف هذا الحرف لا يأكله ألا الخاطون كل والله يخطو فتبسم علي وقال: يا أعرابي {لا يأكله إلا الخاطئون} صدقت والله يا أمير المؤمنين ما كان الله ليسلم عبده ثم التفت علي إلى أبي الأسود فقال: إن الأعاجم قد دخلت في الدين كافة فضع للناس شيئا يستدلون به على صلاح ألسنتهم فرسم له الرفع والنصب والخفض.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه من طريق أبي الدهقان عن عبد الله أنه قرأ {لا يأكله إلا الخاطئون} مهموزة.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد أنه كان يقرأ لا يأكله إلا الخاطون لا يهمز.
وأخرج الحاكم وصححه من طريق أبي الأسود الدؤلي ويحيى بن يعمر عن ابن عباس قال: ما الخاطون إنما هو الخاطئون ما الصابون إنما هو الصائبون). [الدر المنثور: 14/680-681]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 03:42 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فأمّا من أوتي كتابه بيمينه...}.نزلت في أبي سلمة بن عبد الأسد، كان مؤمنا، وكان أخوه الأسود كافرا، فنزل فيه: {وأمّا من أوتي كتابه بشماله...} ). [معاني القرآن: 3/182]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه}. يقال: «بمعنى هاكم اقرؤوا كتابيه»، أبدلت الهمزة من الكاف). [تفسير غريب القرآن: 484]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( (ها): بمنزلة خذ وتناول، تقول: ها يا رجل. وتأمر بها، ولا تنهى.
ومنها قول الله تعالى: {هاؤم اقرؤا كتابيه}، ويقال للاثنين: هاؤما اقرءا.
وفيها لغات، والأصل: هاكم اقرؤوا، فحذفوا الكاف، وأبدلوا الهمزة، وألقوا حركة الكاف عليها). [تأويل مشكل القرآن: 554]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
({فأمّا من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه} يروى إذا كان يوم القيامة عرض الخلق ثلاث عرضات في الاثنين منها الاحتجاج والاعتذار والتوبيخ، وفي الثالثة تنثر الكتب فيأخذ الفائز كتابه بيمينه والهالك كتابه بشماله.
و(هاؤم) أمر للجماعة بمنزلة هاكم، تقول للواحد هاء يا رجل وللاثنين)، وها يا رجلان، وللثلاثة هاؤم يا رجال، وللمرأة هاء يا امرأة - بكسر الهمزة - وللاثنين هاؤما وللجماعة النساء هاؤنّ.وفي هذه ثلاث لغات قد ذكرتها في غير كتاب القرآن). [معاني القرآن: 5/217]

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه...} أي: علمت، وهو من علم ما لا يعاين، وقد فسّر ذلك في غير موضع). [معاني القرآن: 3/182]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({إني ظننت أني ملاق حسابيه}: علمت). [غريب القرآن وتفسيره: 387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}، قال ابن عباس: في رواية أبي صالح عنه: الحطب: النّميمة وكانت تنم وتؤرّش بين الناس.

ومن هذا قيل: (فلان يحطب عليّ) إذا أغرى به، شبّهوا النّميمة بالحطب، والعداوة والشحناء بالنار، لأنهما يقعان بالنميمة، كما تلتهب النار بالحطب.
ويقال: نار الحقد لا تخبو؛ فاستعاروا الحطب في موضع النميمة.
وقال الشاعر وذكر امرأة:
من البيض لم تصطد على حبلِ سَوْأَةٍ = ولم تمش بين الحيّ بالحظَرِ الرَّطْبِ
أي لم توجد على أمر قبيح، ولم تمش بالنمائم والكذب.
والحظر: الشّجر ذو الشّوك يُحْظَرُ به.
وقال آخر:
فلسنا كمن تُزْجِى المقالةُ شطرَه = بقَرْفِ العِضَاهِ الرَّطْبِ والعَبَلِ اليَبْسِ
وقال بعض المتقدمين: كانت تعيّر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالفقر كثيرا، وهي تحتطب على ظهرها بحبل من ليف في عنقها.
ولست أدري كيف هذا لأنّ الله عز وجل وصفه بالمال والولد، فقال: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}.
وأما المسَد، فهو عند كثير من الناس: اللّيف دون غيره.
وليس كذلك، إنما المسد: كلّ ما ضفر وفتل من اللّيف وغيره، يقال: مَسَدْتُ الحبلَ مَسْدًا إذا فَتَلْتَهُ، فهو مَسَدٌ؛ كما تقول: نفضت الشّجرة نَفْضًا وخبطتها خَبْطًا، واسْمُ ما يَسْقُطُ من ثمرها وورقها: نَفَضٌ وَخَبَطٌ، ومنه قيل: رجل ممسُود الخلق، إذا كان مجدولاً مفتولاً.
ويدلّك على أن المسد قد يكون من غير الليف، قول الرّاجز:
يا مسد الخوص تعوّذ منّي
إن تك لَدْنًا ليّناً فإنّي
ما شئت من أشمط مُقْسَئِنِّ
فجعله هذا من خوص.
وقال آخر:
وَمَسَدٍ أُمِرَّ من أَيَانِقِ
لَسْنَ بأَنْيَابٍ ولا حقائقِ
فجعله هذا من جلود الإبل.
وأراد الله، تبارك وتعالى، بهذا الحبل السلسلة التي ذكرها، فقال: {فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ}. كذلك قال ابن عباس.
فيجوز أن يكون سمّاها مَسَدًا، وإن كانت حديدا أو نارا أو ما شاء الله أن تكون، بالضَّفْرِ وَالفَتْلِ). [تأويل مشكل القرآن: 159-162](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن ذلك أن يسمّى المتضادّان باسم واحد، والأصل واحد؛ فيقال للصبح: صريم، ولليل: صريم...
ولليقين: ظنّ، لأنّ في الظن طرفا من اليقين. قال الله عز وجل: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ}، أي يستيقنون. وكذلك: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ}، {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا}، و{إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}، هذا كلّه في معنى (اليقين).
قال دريد بن الصّمة:
فقلتُ لهم: ظُنّوا بألفَي مُدجَّح = سراتهم في الفارسيِّ المسرَّد
أي تيقنوا بإتيانهم إيّاكم). [تأويل مشكل القرآن: 187-188](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {إنّي ظننت أنّي ملاق حسابيه} معناه إني أيقنت بأني أحاسب وأبعث.
فأمّا " كتابيه " و " حسابيه " فالوجه أن يوقف على هذه الهائات ولا توصل.لأنها أدخلت للوقف، وقد حذفها قوم في الوصل ولا أحب مخالفة المصحف، ولا أن أقرأ بإثبات الهاء في الوصل.وهذه رؤوس آيات فالوجه أن يوقف عندها.
وكذلك قوله: {وما أدراك ما هيه} ). [معاني القرآن: 5/217]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ) : ({ظننت} أي: تيقنت). [ياقوتة الصراط: 528]

تفسير قوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {في عيشةٍ رّاضيةٍ...}فيها الرضاء، والعرب تقول: هذا ليل نائم، وسر كاتم، وماء دافق، فيجعلونه فاعلا، وهو مفعول في الأصل، وذلك: أنهم يريدون وجه المدح أو الذم، فيقولون ذلك لا على بناء الفعل، ولو كان فعلا مصرحا لم يقل ذلك فيه، لأنه لا يجوز أن تقول للضارب: مضروب، ولا للمضروب: ضارب؛ لأنه لا مدح فيه ولا ذم). [معاني القرآن: 3/182]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({في عيشةٍ راضيةٍ} مجاز مرضية فخرج مخرج لفظ صفتها، والعرب تفعل ذلك إذا كان من السبب في شيء يقال: نام ليله وإنما ينام هو فيه). [مجاز القرآن: 2/268]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({عيشة راضية}: مرضية). [غريب القرآن وتفسيره: 387]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يجيء المفعول به على لفظ الفاعل:
كقوله سبحانه: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ}، أي لا معصوم من أمره.
وقوله: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}، أي مدفوق.
وقوله: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}، أي مرضيّ بها). [تأويل مشكل القرآن: 296](م)

تفسير قوله تعالى: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22)}

تفسير قوله تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({قطوفها دانيةٌ}: ثمرها. واحدها: «قطف»). [تفسير غريب القرآن: 484]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قطوفها دانية} معناه تدنو من مريدها لا يمنعه من تناولها بعد ولا شوك). [معاني القرآن: 5/217]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({قُطُوفُهَا} أي ثمرها، واحدها قِطْف). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 278]

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: (في الأيّام الخالية). ومعناه في الأيام التي مضت لهم). [معاني القرآن: 5/217]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26)}

تفسير قوله تعالى: {يَا ‎لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا ليتها كانت القاضية...} يقول: ليت الموتة الأولى التي منها لم أحي بعدها). [معاني القرآن: 3/182]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {يا ليتها كانت القاضية} أي المنية). [تفسير غريب القرآن: 484]

تفسير قوله تعالى:{مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) }

تفسير قوله تعالى:{هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {هلك عنّي سلطانيه} معناه ذهبت عني حجتيه، والسلطان الحجّة، وكذلك قيل للأمراء سلاطين لأنهم الذين تقام بهم الحجة والحقوق). [معاني القرآن: 5/217]

تفسير قوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30)}

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {ثمّ الجحيم صلّوه} المعنى: اجعلوه يصلى النّار). [معاني القرآن: 5/218]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ثمّ في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه...} ذكر أنها تدخل في دبر الكافر، فتخرج من رأسه، فذلك سلكه فيها. والمعنى: ثم اسلكوا فيه سلسلة، ولكن العرب تقول: أدخلت رأسي في القلنسوة، وأدخلتها في رأسي، والخاتم يقال: الخاتم لا يدخل في يدي، واليد هي التي فيه تدخل من قول الفراء). [معاني القرآن: 3/182]
قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ): (قال أبو عبد الله [محمد بن الجهم]: والخف مثل ذلك، فاستجازوا ذلك؛ لأن معناه لا يشكل على أحد، فاستخفوا من ذلك ما جرى على ألسنتهم). [معاني القرآن للفراء: 3/182]

تفسير قوله تعالى: {إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) }
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({حَمِيمٌ}: قريب). [العمدة في غريب القرآن: 313]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ...} يقال: إنه ما يسيل من صديد أهل النار). [معاني القرآن: 3/183]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({من غسلينٍ} كل جرح غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين، فعلين من الغسل من الجراح والوبر). [مجاز القرآن: 2/268]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ} وقال: {إلاّ من غسلينٍ} جعله - والله أعلم - من "الغسل" وزاد الياء والنون بمنزلة "عفرين" و"كفرين"). [معاني القرآن: 4/34]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({غسلين}: كل شيء غسلته من جرح أو غيره فخرج منه شيء فهو غسلين). [غريب القرآن وتفسيره: 388]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
( {إلّا من غسلينٍ} وهو «فعلين» من غسلت، كأنه غسالة.
ويقال: «هو: ما يسيل من صديد أجسام المعذّبين»). [تفسير غريب القرآن: 484]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله {ولا طعام إلّا من غسلين} معناه من صديد أهل النار، واشتقاقه مما ينغسل من أبدانهم). [معاني القرآن: 5/218]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({غِسْلِينٍ} هو (فِعْلين) من غسلت، وهو ما يسيل من صديد المعذبين في النار، أعاذنا الله منها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 278]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({غِسْلِينٍ}: غسالة أهل النار). [العمدة في غريب القرآن: 313]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37) }
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْخَاطِؤُونَ}: من الخطأ). [العمدة في غريب القرآن: 313]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 03:47 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وتقول هاء يا رجل وهأوما يا رجلان وهأوم يا رجال قال الله عز وجل: {هأوم اقرءوا
كتابيه} وهاء يا امرأة مكسورة بلا ياء وهاؤما يا امرأتان وهاؤن يانسوة ولغة أخرى هأ يا رجل مثل خف وللاثنين هاءا مثل خافا وللجميع هاؤوا مثل خافوا وللمرأة هائي مثل هاعي وللاثنتين هاءا وللجميع هأن يا نسوة بمنزلة هعن ولغة أخرى هاء يا رجل بهمزة مكسور وللاثنين هائيا وللجميع هاؤوا وللمرأة هائي وللثنتين هائيا وللجميع هائين ولغة أخرى هأ يا رجل وللاثنين هآ مثال هعا وللجميع هؤوا مثال هعوا وللمرأة هئي مثال هعي وها مثال هعا للثنتين وهأن مثال هعن وإذا قال هاء قلت ما أهاء أي ما آخذ وما أهاء أي وما أعطى). [إصلاح المنطق: 290-291]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال الشاعر:
هذا طريق يأزم المآزما = وعضوات تقطع اللهازما
ونظير عضة، سنة؛ على أن الساقط الهاء في قول بعض العرب، والواو في قول بعضهم، تقول في جمعها سنوات. وسانيت الرجل. وبعضهم يقول: سهات. وأكريته مسانهة.
وهذا الحرف في القرآن يقرأ على ضروب. فمن قرأ: {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} فوصل بالهاء - هو مأخوذ من: سانهت، التي هي سنيهة. ومن جعله من الواو قال في الوصل: لم يتسن وانظر. فإذا وقف قال: {لَمْ يَتَسَنَّه} فكانت الهاء زائدة لبيان الحركة. بمنزلة الهاء في قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}. و{كِتَابِيَهْ}. و{حِسَابِيَهْ}. والمعنى واحد. وتأويله: لم تغيره السنون. ومن لم يقصد إلى السنة، قال: لم يتأسن. والآسن: المتغير، قال الله جل وعز: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ}، ويقال: أسن في هذا المعنى، كما يقال: رجل حاذر وحذر). [الكامل: 2/967-968] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقال ابن مقبل:
ظني بهم كسعى وهم بتنوفة = يتنازعون جوائز الأمثال
قوله: ظني بهم أي: يقيني بهم، فذلك ضد أيضا، يكون «الظن» شكا أو يقينا. قال أبو محمد، وقال الأصمعي: «وعسى» في بيت ابن مقبل ليست واجبة. وقال أبو عبيدة: هي واجبة. وقال جل ثناؤه: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}. وقال في آية أخرى: {ظننت أني ملاقي حسابيه} فهذا يقين. ولو كان ذلك شكا، لم يجز في ذلك المعنى، وكان كفرا. ولكنه يقين. وقال دريد بن الصمة:

فظنوا بألفي فارس متلبب = سراتهم بالفارسي المسرد
وقال أبو محمد: أنشدنا أبو عبيدة:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج = سراتهم في الفارسي المسرد
أي: تيقنوا. وقال عمرة بن طارق الحنظلي:
بأن تغتزوا قومي وأقعد فيكم = وأجعل مني الظن غيبا مرجما
يريد اليقين، ولو كان شكا، لكان المعنى ضعيفا لأن الظن إذا كان شكا كان غيبا مرجما وإنما يريد، وأجعل يقيني غيبا مرجما، أي: لا أفعل، وهو قول ابن عباس، قال: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}، أي: الذين يعلمون.
قال عدي بن زيد:
أرفع ظني إلى المليك ومن = يلجأ إليه لا ينله الضر
كأنه يريد يقينه وإيمانه عنده. قال أبو دؤاد:
رب هم فرجته بعزيم = وغيوب كشفتها بظنون
كأنه يريد كشفتها بيقين، وإلا ضعف المعنى. قال أوس:
فأرسله مستيقن الظن أنه = مخالط ما بين الشراسيف جائف
وكأن المعنى، مستيقن العلم. لأن الظن الذي هو شك لا يكون يقينا. قال أبو محمد: قرأت على الأصمعي بيت أبي دؤاد فقال: هو لخلف الأحمر). [الأضداد: 71-73] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

فغبرت بعدهم بعيش ناصب = وإخال أني لاحق مستتبع
...
«وإخال» أظن، وهي هاهنا يقين، وقد جاء الظن في موضع شك ويقين في كتاب الله عز وجل: {إني ظننت أني ملاق حسابيه}، أي أيقنت). [شرح أشعار الهذليين: 1/8]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال الشاعر:
هذا طريق يأزم المآزما = وعضوات تقطع اللهازما
ونظير عضة، سنة؛ على أن الساقط الهاء في قول بعض العرب، والواو في قول بعضهم، تقول في جمعها سنوات. وسانيت الرجل. وبعضهم يقول: سهات. وأكريته مسانهة.
وهذا الحرف في القرآن يقرأ على ضروب. فمن قرأ: {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} فوصل بالهاء - هو مأخوذ من: سانهت، التي هي سنيهة. ومن جعله من الواو قال في الوصل: لم يتسن وانظر. فإذا وقف قال: {لَمْ يَتَسَنَّه} فكانت الهاء زائدة لبيان الحركة. بمنزلة الهاء في قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}. و{كِتَابِيَهْ}. و{حِسَابِيَهْ}. والمعنى واحد. وتأويله: لم تغيره السنون. ومن لم يقصد إلى السنة، قال: لم يتأسن. والآسن: المتغير، قال الله جل وعز: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ}، ويقال: أسن في هذا المعنى، كما يقال: رجل حاذر وحذر). [الكامل: 2/967-968] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وتقول مكانٌ آهلٌ أي ذو أهلٍ وقال ذو الرمة:
إلى عطنٍ رحب المباءة آهل
وقالوا لصاحب الفرس: فارسٌ.
وقال الخليل: إنما قالوا: عيشةٌ راضيةٌ وطاعمٌ وكاسٍ على ذا أي ذات رضاً وذو كسوة وطعامٍ وقالوا ناعلٌ لذي النعل). [الكتاب: 3/382]
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقد جاؤوا بفاعل في معنى مفعول ضدا، قالوا: سر كاتم، أي: مكتوم وأمر عارف، أي: معروف، وما أنت بحازم عقل، أي: محزوم عقل،
وهذه تطليقة بائنة، أي: مبانة فيها. أخبرنا الثقة، ومثله قول الله جل وعلا: {لا عاصم اليوم من أمر الله} كأنه يريد، لا معصوم. وهو في: {عيشة راضية} من ذلك، أي: مرضية، وقد يجوز أن يكون المعنى، في عيشة راضية لأهلها). [الأضداد: 85-86]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (قال أبو زبيد:


أي ساع سعى ليقطع شربي = حين لاحت للصابح الجوزاء
فالصابح بمعنى المصبح الذي قد أصبح: كقولهم موت مائت أي مميت ولمح باصر أي مبصر وهم ناصب أي منصب وقال النابغة: كليني لهم ياأميمة ناصب، أي منصب: ومنه قول الله عز وجل: {في عيشة راضية} أي: ذات رضى ويقال هي في معنى مَرضيَّة ومُرضيَة: و{ماء دافق} أي: مدفوق). [شرح المفضليات: 855]

تفسير قوله تعالى: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) }

تفسير قوله تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) }

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
ألا انعم صباحًا أيها الطلل البالي = وهل ينعمن من كان في العصر الخالي
تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) تفسير قوله تعالى: (وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والياء المكسور ما قبلها لا يدخلها خفض ولا رفع لثقل ذلك، نحو ياء القاضي، ويدخلها الفتح في قولك: رأيت القاضي؛ فلذلك بنيت هذه الياء على الفتح.
وإنما جاز إسكانها في قولك: هذا غلامي، وزيد ضربني؛ لأن ما قبلها معها بمنزلة شيء واحد، فكان عوضاً مما يحذف منها، والحركات مستثقلة في حروف المد واللين؛ فلذلك أسكنت استخفافاً.
فمما حركت فيه على الأصل قول الله عز وجل: {يا ليتني لم أوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه} حركت الياء على الأصل، وألحقت الهاء لبيان الحركة في الوقف.
فإن وصلت حذفتها؛ لأن حركة الياء تظهر في ماليه وسلطانيه، وما كان مثل هذا إنما هو بمنزلة قولك {فبهداهم اقتده} فإن وصلت حذفت. وكذلك يقرأ: {لكم دينكم ولي دين} على الإسكان والحركة.
فإن كان ما قبل هذه الياء ساكناً فالحركة فيها لا غير لئلا يلتقي ساكنان، وذلك قولك: هذه عشري يا فتى، وهذه رحاي فاعلم. و{يا بني لا تدخلوا من باب واحد} حذفت النون للإضافة، وأدغمت الياء التي كانت في ياء الإضافة. فحركت ياء الإضافة لئلا يلتقي ساكنان على أصلها، وكذلك قولك: {هي عصاي أتوكأ عليها} لا يكون إلا ذلك لما ذكرت لك من سكون ما قبلها.
وأما قوله: {يا بني إنها إن تك} فإنما أضاف قوله بني فاعلم، الياء ثقيلة فتصرف في الكلام؛ لأن الواو والياء إذا سكن ما قبل كل واحد منهما جريا مجرى غير المعتل. نحو: دلو، وظبي، ومغزو، ومرمي. لا يكون ذلك إلا معرباً). [المقتضب: 4/248-249]

تفسير قوله تعالى: {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) }

تفسير قوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) }

تفسير قوله تعالى: {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) }

تفسير قوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ثبات الياء والواو في الهاء التي هي علامة الإضمار وحذفهما
فأما الثبات فقولك ضربهو زيدٌ وعليها مالٌ ولديهو رجلٌ جاءت الهاء مع ما بعدها ههنا في المذكر كما جاءت وبعدها الألف في المؤنث وذلك قولك ضربها زيدٌ وعليها مالٌ. فإذا كان قبل الهاء حرف لينٍ فإن حذف الياء والواو في الوصل أحسن لأن الهاء من مخرج الألف والألف تشبه الياء والواو تشبههما في المد وهي أختهما فلما اجتمعت حروفٌ متشابهةٌ حذفوا وهو أحسن وأكثر وذلك قولك عليه يا فتى ولديه فلان ورأيت أباه قبل وهذا أبوه كما ترى وأحسن القراءتين: {ونزلناه تنزيلا} و: {إن تحمل عليه يلهث} و: {شروه بثمن بخس} و: {خذوه فغلوه} والإتمام عربيٌ). [الكتاب: 4/189] (م)

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) }

تفسير قوله تعالى: {إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما كان من جمع المؤنث بالألف والتاء
فهذا الجمع في المؤنث نظير ما كان بالواو والنون في المذكر؛ لأنك فيه تسلم بناء الواحد كتسليمك إياه في التثنية. والتاء دليل التأنيث، والضمة علم الرفع، واستوى خفضه ونصبه، كما استوى ذلك في مسلمين. والتنوين في مسلماتٍ عوضٌ من النون في قولك: مسلمين. فإن سميت بمسلمات رجلاً أو امرأة لحقه التنوين؛ لأنه عوض فلذلك كان لازماً. وعلى ذلك قوله عز وجل: {فإذا أفضتم من عرفات} وعرفات معرفة؛ لأنه اسم موضع بعينه. هذا في قول من قال: هؤلاء مسلمون، ومررت بمسلمين يا فتى، وكل ما كان على وزن المسلمين فالوجه فيه أن يجري هذا المجرى وإن لم يكن في الأصل جمعاً؛ كما أن كرسياً وبختياً كالمنسوب وإن لم يكن فيه معنى نسب إلى حيٍّ، ولا إلى أرضٍ، ولا غير ذلك. فمن ذلك عشرون، وثلاثون. قال الله عز وجل: {كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين}. وما أدراك ما عليون. وتقول على هذا: قنسرون، ومررت بقنسرين، وهذه يبرون، ومررت بيبرين. ومن لم يقل هذا، وقال: قنسرين كما ترى، وجعل الإعراب في النون، وقال: هذه سنونٌ فاعلم، فإنه يفعل مثل هذا بالمؤنث إذا كان واحداً، ويجيزه في الجمع؛ كما تقول: هؤلاء مسلمينٌ فاعلم، كما قال الشاعر:
وماذا يدري الشعراء مني = وقد جاوزت حد الأربعين
وقال الآخر:
إني أبيَّ أبي ذو محافظةٍ = وابن أبيٍّ أبي من أبيين
وقال الله عز وجل فيما كان واحدا: {ولا طعامٌ إلا من غسلينٍ} فمن رأى هذا قال: هذه عرفات مباركاً فيها، وعلى هذا ينشد هذا البيت:
تنورتها من أذرعات وأهلهـا = بيثرب أدنى دارها نظرٌ عالي
وقال الآخر:
تخيرها أخو عانات دهرا
والوجه المختار في الجمع ما بدأت به. وأما الواحد؛ نحو: غسلين، وعليين، فالوجهان مقولان معتدلان). [المقتضب: 3/331-334] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومن قال: هذا مسلمين كما ترى قال في مسلمات إذا سمي به رجلاً: هذا مسلمات فاعلم، أجراها مجرى الواحد، فلم يصرف، لأن فيها علامة التأنيث، وتقول: مررت بمسلمات يا فتى فلا تنون لأنها لا تصرف، ولا يجوز فتحها؛ لأن الكسرة ها هنا كالياء في مسلمين. وعلى هذا ينشدون بيت امرئ القيس:
تنورتها من أذرعات وأهلهـا = بيثرب أدنى دارها نظر عالى
لأن أذرعات اسم موضع بعينه، والأجود ما بدأنا به من إثبات التنوين في أذرعات ونحوها؛ لأنها بمنزلة النون في مسلمين إذا قلت: هؤلاء مسلمون، ومررت بمسلمين. ومن ذلك قول الله عز وجل: {فإذا أفضتم من عرفات} بالتنوين. ونظير هذا قولهم: هذه قنسرون، ويبرون.
فمن ذهب إلى أنها جمع في الأصل، أو شبهها به، فيصيرها جمعاً. وقد تقدم باب الحكاية، والتسمية بالجمع يعتدل فيه الأمران. قد جاء القرآن بهما جميعاً. قال الله عز وجل: {ولا طعام إلا من غسلين} وقال: {كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون}.
فالقياس في جميع هذا ما ذكرت لك). [المقتضب: 4/37-38] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (أما قوله: "إلا الخلائف من بعد النّبيين"، فخفض هذه النون، وهي نون الجمع، وإنما فعل ذلك لأنه جعل الإعراب فيها لا فيما قبلها، وجعل هذا الجمع كسائر الجمع، نحو أفلس، ومساجد. وكلاب، فإن إعراب هذا كإعراب الواحد، وإنما جاز ذلك لأن الجمع يكون على أبنية شتّى، وإنما يلحق منه بمنهاج التثنية ما لاختلاف معانيه، ما كان على حد التثنية لا يكسّر الواحد عن بنائه، وإلاّ فلا، فإنّ الجمع كالواحد، لاختلاف معانيه، كما تختلف معاني الواحد، والتثنية ليست كذلك، لأنه ضربٌ واحدٌ، ولا يكون اثنان أكثر مت اثنين عددًا، كما يكون الجمع أكثر من الجمع، فمما جاء على هذا المذهب قولهم: هذه سنينٌ، فاعلم، وهذه عشرينٌ فاعلم، قال العدوانيّ:

إنّي أبيٌّ ذو محافظةٍ = وابن أبي من أبيّين
وأنتم معشرٌ زيدٌ على مائةٍ = فأجمعوا كيدهم طرًّا فكيدوني
وقال سحيم بن وثيل:

وماذا يدّري الشعراء منّي = أخو خمسين مجتمعٌ أشدّي
وقد جاوزت حدّ الأربعين = ونجّذني مداورة الشّؤون
وفي كتاب الله عز وجل: {وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ}.
فإن قال قائل: فإن "غسلينا" واحدٌ، فإنه كلّ ما كان على بناء الجمع من الواحد فإعرابه كإعراب الجمع، ألا ترى أنّ "عشرين" ليس لها واحد من لفظها، وإعرابها كإعراب "مسلمين" واحدهم "مسلمٌ"! وكذلك جميع الإعراب. وتقول: "هذه فلسطون" يا فتى، و"رأيت فلسطين" يا فتى، هذا القول الأجود وكذلك "يبرين" وفي الرفع "يبرون" يا فتى، وكلّ ما أشبه هذا فهو بمنزلته، تقول: "قنّسرون"، و"رأيت قنسرين"، والأجود في هذا البيت:
وشاهدنا الجلّ والياسمو = ن والمسمعات بقضّابها
وفي القرآن ما يصدق ذلك قول الله عزّ وجل: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ}، فمن قال: "هذه قنّسرون ويبرون". فنسب إلى واحد منهما رجلاً أو شيئًا قال: "هذا رجل قنّسريّ ويبريّ"، بحذف النون والواو، لمجيء حرفي النّسب، ولو أثبتهما لكان في الاسم رفعان ونصبان وجرّان، لأن الياء مرفوعةٌ، والواو علامة الرفع. ومن قال: "قنّسرين" كما ترى قال في النّسب: "قنّسرينّي" لأن الإعراب في حرف النّسب، وانكسرت النون كما ينكسر كلّ ما لحقه النّسب.
وأما قوله: "ونجّذني مداورة الشّؤون"، فمعناه: فهّمني وعرّفني، كما يقال: حنّكته التّجارب، والناجذ: آخر الأضراس، ذلك قولهم: ضحك حتى بدت نواجذه. والشؤون: جمع "شأن" مهموز، وهو الأمر.
وقال المفسرون من أهل الفقه وأهل اللغة في قول الله تبارك وتعالى: {وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ} هو غسالة أهل النار. وقال النحويّون: هو "فعلينٌ" من الغسالة). [الكامل: 2/633-635]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 09:58 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 09:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 09:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 09:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والذين يعطون كتبهم بأيمانهم هم المخلدون في الجنة أهل الإيمان. واختلف العلماء في الفرقة التي ينفذ فيها الوعيد من أهل المعاصي متى تأخذ كتبها، فقال بعضهم الأظهر أنها تأخذها مع الناس، وذلك يؤنسها مدة العذاب، قال الحسن: فإذا أعطى كتابه بيمينه لم يقرأه حتى يأذن الله تعالى له، فإذا أذن له قال: هاؤم اقرؤا كتابيه، وقال آخرون: الأظهر أنه إذا أخرجوا من النار والإيمان يؤنسهم وقت العذاب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ظاهر هذه الآية، لأن من يسير إلى النار فكيف يقول هاؤم اقرؤا كتابيه؟ وأما قوله هاؤم، فقال قوم: أصله هاوموا، ثم نقله التخفيف والاستعمال، وقرأ آخرون هذه الميم ضمير الجماعة، وفي هذا كله نظر. والمعنى على كل تعالوا، فهو استدعاء إلى الفعل المأمور به، وقوله تعالى: اقرؤا كتابيه هو استبشار وسرور). [المحرر الوجيز: 8/ 392]

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: ظننت الآية، عبارة عن إيمانه بالبعث وغيره، قال قتادة: ظن هذا ظنا يقينا فنفعه، وقوم ظنوا ظن الشك فشقوا به، وظننت هنا واقعة موقع تيقنت وهي في متيقن لم يقع بعد ولا خرج إلى الحس، وهذا هو باب الظن الذي يقع موقع اليقين،
وقرأ بعض القراء: «كتابيه» و «حسابيه» و «ماليه» و «سلطانيه» بالهاء في الوصل والوقف اقتداء بخط المصحف، وهي في الوصل بينة الوقوف لأنها هاء السكت، فلا معنى لها في الوصل، وطرح الهاءات في الوصل لا في الوقف الأعمش وابن أبي إسحاق، قال أبو حاتم: قراءتنا إثبات في الوقف وطرح في الوصل، وبذلك قرأ ابن محيصن وسلام، وقال الزهراوي في إثبات الهاء في الوصل لحن لا يجوز عنه أحد علمته). [المحرر الوجيز: 8/ 392-393]

تفسير قوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وراضيةٍ معناه: ذات رضى فهو بمعنى مرضية، وليست بناء اسم فاعل). [المحرر الوجيز: 8/ 393]

تفسير قوله تعالى: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وعاليةٍ معناه في المكان والقدر وجميع وجوه العلو). [المحرر الوجيز: 8/ 393]

تفسير قوله تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و «القطوف»: جمع قطف وهو يجتنى من الثمار ويقطف، ودنوها: هو أنها تأتي طوع المتمنى فيأكلها القائم والقاعد والمضطجع بفيه من شجرتها). [المحرر الوجيز: 8/ 393]

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وأسلفتم معناه: قدمتم: و «الأيام»: هي أيام الدنيا لأنها في الآخرة قد خلت وذهبت. وقال وكيع وابن جبير وعبد العزيز بن رفيع: المراد بما أسلفتم من الصوم وعمومها في كل الأعمال أولى وأحسن). [المحرر الوجيز: 8/ 393]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والذين يؤتون كتابهم بشمائلهم: هم المخلدون في النار أهل الكفر فيتمنون أن لو كانوا معدومين لا يجري عليهم شيء). [المحرر الوجيز: 8/ 393]

تفسير قوله تعالى: {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: يا ليتها كانت القاضية إشارة إلى موتة الدنيا، أي ليتها لم يكن بعدها رجوع ولا حياة). [المحرر الوجيز: 8/ 393]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: ما أغنى يحتمل أن يريد الاستفهام على معنى التقرير لنفسه والتوبيخ، ويحتمل أن يريد النفي المحض). [المحرر الوجيز: 8/ 393]

تفسير قوله تعالى: {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و «السلطان» في الآية:الحجة على قول عكرمة ومجاهد، قال بعضهم ونحا إليه ابن زيد ينطق بذلك ملوك الدنيا الكفرة، والظاهرة عندي أن سلطان كل أحد حاله في الدنيا من عدد وعدد، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه»). [المحرر الوجيز: 8/ 393]

تفسير قوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: خذوه فغلّوه (30) ثمّ الجحيم صلّوه (31) ثمّ في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه (32) إنّه كان لا يؤمن باللّه العظيم (33) ولا يحضّ على طعام المسكين (34) فليس له اليوم هاهنا حميمٌ (35) ولا طعامٌ إلاّ من غسلينٍ (36) لا يأكله إلاّ الخاطؤن (37) فلا أقسم بما تبصرون (38) وما لا تبصرون (39) إنّه لقول رسولٍ كريمٍ (40)
المعنى يقول الله تعالى: أو الملك بأمره للزبانية، خذوه واجعلوا على عنقه غلا، قال ابن جرير: نزلت في أبي جهل). [المحرر الوجيز: 8/ 394]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31)}

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وذرعها معناه مبلغ أذرع كيلها، وقد جعل الله تعالى السبعمائة والسبعين والسبعة مواقف ونهايات لأشياء عظام، فذلك مشي البشر: العرب وغيرهم على أن يجعلوها نهايات، وهذه السلسلة من الأشياء التي جعل فيها السبعين نهاية. وقرأ السدي: «ذرعها سبعين» بالياء، وهذا على حذف خبر الابتداء، واختلف الناس في قدر هذا الذرع، فقال محمد بن المنكدر وابن جرير وابن عباس: هو بذراع الملك، وقال نوف البكالي وغيره: الذراع سبعون باعا في كل باع كما بين الكوفة ومكة، وهذا يحتاج إلى سند، وقال حذاق من المفسرين: هي بالذراع المعروفة هنا، وإنما خوطبنا بما نعرفه ونحصله، وقال الحسن: الله أعلم بأي ذراع هي: وقال السويد بن نجيح في كتاب الثعلبي: إن جميع أهل النار في تلك السلسلة، وقال ابن عباس: لو وضع حلقة منها على جبل لذاب كالرصاص، وقوله تعالى: فاسلكوه معناه: أدخلوه، ومنه قول أبي وجزة السعدي يصف حمر وحش: [البسيط]
حتى سلكن الشوى منهن في مسك = من نسل جوابة الآفاق مهداج
وروي أن هذه السلسلة تدخل في فم الكافر وتخرج من دبره فهي في الحقيقة التي سلك فيها لكن الكلام جرى مجرى قولهم: أدخلت فمي في الحجر والقلنسوة في رأسي، وروي أن هذه السلسلة تلوى حول الكافر حتى تغمه وتضغطه، فالكلام على هذا على وجهه وهو المسلوك). [المحرر الوجيز: 8/ 394-395]

تفسير قوله تعالى: {إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: ولا يحضّ على طعام المسكين المراد به: ولا يحضّ على إطعام طعام المسكين، وأضاف «الطعام» إلى المسكين من حيث له إليه نسبة ما وخصت هذه الخلة من خلال الكافر بالذكر لأنها من أضر الخلال في البشر إذا كثرت في قوم هلك مساكنهم). [المحرر الوجيز: 8/ 395]

تفسير قوله تعالى: {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف المتأولون في قوله: حميمٌ، فقال جمهور من المفسرين: هو الصديق اللطيف المودة، فنفى الله تعالى أن يكون للكافر هنالك من يواليه، ونفى أن يكون له طعام إلّا من غسلينٍ، وقال محمد بن المستنير: «الحميم» الماء السخن، فكأنه تعالى أخبر أن الكافر ليس له ماء ولا شيء مائع ولا طعامٌ إلّا من غسلينٍ، و «الغسلين» فيما قال اللغويون: ما يجري من الجراح إذا غسلت، وقال ابن عباس: هو صديد أهل النار. وقال قتادة وابن زيد: الغسلين والزقوم أخبث شيء وأبشعه، وقال الضحاك والربيع: هو شجر يأكله أهل النار، وقال بعض المفسرين: هو شيء من ضريع النار، لأن الله تعالى قد أخبر أنهم ليس لهم طعام إلّا من غسلينٍ، وقال في أخرى: من ضريعٍ [الغاشية: 6] فهما شيء واحد أو اثنان متداخلان، ويحتمل أن يكون الإخبار هنا عن طائفة وهناك عن طائفة، ويكون الغسلين والضريع متباينين على ما يفهم منهما في لسان العرب وخبر ليس في به، قال المهدوي: ولا يصح أن يكون هاهنا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وقد يصح ذلك إن شاء الله). [المحرر الوجيز: 8/ 395]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والخاطئ: الذي يفعل ضد الصواب متعمدا والمخطئ الذي يفعله غير متعمد، وقرأ الحسن والزهري «الخاطيون» بالياء دون همز، وقرأ طلحة وأبو جعفر وشيبة ونافع بخلاف عنه: «الخاطون» بضم الطاء دون همز). [المحرر الوجيز: 8/ 396]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 09:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:00 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فأمّا من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه (19) إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه (20) فهو في عيشةٍ راضيةٍ (21) في جنّةٍ عاليةٍ (22) قطوفها دانيةٌ (23) كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيّام الخالية (24)}
يخبر تعالى عن سعادة من أوتي كتابه يوم القيامة بيمينه، وفرحه بذلك، وأنّه من شدّة فرحه يقول لكلّ من لقيه: {هاؤم اقرءوا كتابيه} أي: خذوا اقرؤوا كتابيه؛ لأنّه يعلم أنّ الّذي فيه خيرٌ وحسناتٌ محضةٌ؛ لأنّه ممّن بدل اللّه سيّئاته حسناتٍ.
قال عبد الرّحمن بن زيدٍ: معنى: {هاؤم اقرءوا كتابيه} أي: ها اقرؤوا كتابيه، و "ؤم" زائدةٌ. كذا قال، والظّاهر أنّها بمعنى: هاكم.
وقد قال ابن أبى حاتمٍ حدّثنا: بشر بن مطرٍ الواسطيّ، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عاصمٌ الأحول، عن أبي عثمان قال: المؤمن يعطى كتابه [بيمينه] في سترٍ من اللّه، فيقرأ سيّئاته، فكلّما قرأ سيّئةً تغيّر لونه حتّى يمرّ بحسناته فيقرؤها، فيرجع إليه لونه. ثمّ ينظر فإذا سيّئاته قد بدّلت حسناتٍ، قال: فعند ذلك يقول: {هاؤم اقرءوا كتابيه}
وحدّثنا أبي، حدّثنا إبراهيم بن الوليد بن سلمة، حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا موسى بن عبيدة أخبرني عبد اللّه بن عبد اللّه بن حنظلة -غسيل الملائكة-قال: إنّ اللّه يقف عبده يوم القيامة فيبدي سيّئاته في ظهر صحيفته، فيقول له: أنت عملت هذا؟ فيقول: نعم أي ربّ. فيقول له إنّي لم أفضحك به، وإنّي قد غفرت لك. فيقول عند ذلك: {هاؤم اقرءوا كتابيه إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه} حين نجا من فضحه يوم القيامة.
وقد تقدّم في الصّحيح حديث ابن عمر حين سئل عن النجوى، فقال: سمعت النبي الله صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "يدني الله العبد يوم القيامة، فيقرّره بذنوبه كلّها، حتّى إذا رأى أنّه قد هلك قال اللّه: إنّي سترتها عليك في الدّنيا، وأنا أغفرها لك اليوم. ثمّ يعطى كتاب حسناته بيمينه، وأمّا الكافر والمنافق فيقول الأشهاد: {هؤلاء الّذين كذبوا على ربّهم ألا لعنة اللّه على الظّالمين} [هود: 18]). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 213-214]

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه} أي: قد كنت موقنًا في الدّنيا أنّ هذا اليوم كائنٌ لا محالة، كما قال: {الّذين يظنّون أنّهم ملاقو ربّهم} [البقرة: 46]). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 214]

تفسير قوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه: {فهو في عيشةٍ راضيةٍ} أي: مرضيّةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 214]

تفسير قوله تعالى: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({في جنّةٍ عاليةٍ} أي: رفيعةٌ قصورها، حسانٌ حورها، نعيمةٌ دورها، دائمٌ حبورها.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو عتبة الحسن بن عليّ بن مسلمٍ السّكوني، حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن سعيد بن يوسف، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلّامٍ الأسود قال: سمعت أبا أمامة قال: سأل رجلٌ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: هل يتزاور أهل الجنّة؟ قال: "نعم، إنّه ليهبط أهل الدّرجة العليا إلى أهل الدّرجة السّفلى، فيحيّونهم ويسلّمون عليهم، ولا يستطيع أهل الدّرجة السّفلى يصعدون إلى الأعلين، تقصر بهم أعمالهم"
وقد ثبت في الصّحيح: "إنّ الجنّة مائة درجةٍ، ما بين كلّ درجتين كما بين السّماء والأرض"). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 214]

تفسير قوله تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {قطوفها دانيةٌ} قال البراء بن عازبٍ: أي قريبةٌ، يتناولها أحدهم، وهو نائمٌ على سريره. وكذا قال غير واحدٍ.
قال الطّبرانيّ: [حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الدّبريّ] عن عبد الرّزّاق، عن سفيان الثوري، عن عبد الرّحمن بن زياد بن أنعمٍ، عن عطاء بن يسارٍ، عن سلمان الفارسيّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا يدخل أحدٌ الجنّة إلّا بجوازٍ: (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم) هذا كتابٌ من اللّه لفلان بن فلانٍ، أدخلوه جنّةً عاليةً، قطوفها دانيةٌ".
وكذا رواه الضّياء في صفة الجنة من طريق سعدان بن سعيد، بن سليمان التّيميّ، عن أبي عثمان النّهديّ، عن سلمان، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: يعطى المؤمن جوازا على الصّراط: (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم)، هذا كتابٌ من اللّه العزيز الحكيم لفلانٍ، أدخلوه جنّةً عاليةً، قطوفها دانيةٌ"). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 214-215]

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيّام الخالية} أي: يقال لهم ذلك؛ تفضّلًا عليهم، وامتنانًا وإنعامًا وإحسانًا. وإلّا فقد ثبت في الصّحيح، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "اعملوا وسدّدوا وقاربوا واعلموا أنّ أحدًا منكم لن يدخله عمله الجنة". قالوا: ولا أنت يا رسول اللّه؟ قال: "ولا أنا، إلّا أن يتغمّدني اللّه برحمةٍ منه وفضلٍ"). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأمّا من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه (25) ولم أدر ما حسابيه (26) يا ليتها كانت القاضية (27) ما أغنى عنّي ماليه (28) هلك عنّي سلطانيه (29) خذوه فغلّوه (30) ثمّ الجحيم صلّوه (31) ثمّ في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه (32) إنّه كان لا يؤمن باللّه العظيم (33) ولا يحضّ على طعام المسكين (34) فليس له اليوم ها هنا حميمٌ (35) ولا طعامٌ إلا من غسلينٍ (36) لا يأكله إلا الخاطئون (37)}
وهذا إخبارٌ عن حال الأشقياء إذا أعطي أحدهم كتابه في العرصات بشماله، فحينئذٍ يندم غاية النّدم، فيقول: {فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه * يا ليتها كانت القاضية}
قال الضّحّاك: يعني موتةً لا حياة بعدها. وكذا قال محمّد بن كعبٍ، والرّبيع، والسّدّيّ.
وقال قتادة: تمنّى الموت، ولم يكن شيءٌ في الدّنيا أكره إليه منه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ما أغنى عنّي ماليه * هلك عنّي سلطانيه} أي: لم يدفع عنّي مالي ولا جاهي عذاب اللّه وبأسه، بل خلص الأمر إليّ وحدي، فلا معين لي ولا مجير). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فعندها يقول اللّه، عزّ وجلّ: {خذوه فغلّوه * ثمّ الجحيم صلّوه} أي: يأمر الزّبانية أن تأخذه عنفًا من المحشر، فتغله، أي: تضع الأغلال في عنقه، ثمّ تورده إلى جهنّم فتصليه إيّاها، أي: تغمره فيها.
قال ابن أبي حاتمٍ حدّثنا: أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو خالدٍ، عن عمرو بن قيسٍ، عن المنهال بن عمرٍو قال: إذا قال اللّه، عزّ وجلّ {خذوه} ابتدره سبعون ألف ملكٍ، إنّ الملك منهم ليقول هكذا، فيلقي سبعين ألفًا في النّار.
وروى ابن أبي الدّنيا في "الأهوال": أنّه يبتدره أربعمائة ألفٍ، ولا يبقى شيءٌ إلّا دقه، فيقول: ما لي ولك؟ فيقول: إنّ الرّبّ عليك غضبان، فكلّ شيءٍ غضبانٌ عليك.
وقال الفضيل -هو ابن عياضٍ-: إذا قال الرّبّ، عزّ وجلّ: {خذوه فغلّوه} ابتدره سبعون ألفا ملكٍ، أيّهم يجعل الغلّ في عنقه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 215-216]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ الجحيم صلّوه} أي: اغمروه فيها). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 216]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه} قال كعب الأحبار: كلّ حلقةٍ منها قدر حديد الدّنيا.
وقال العوفي عن ابن عبّاسٍ، وابن جريرٍ: بذراع الملك. وقال ابن جريجٍ، قال ابن عبّاسٍ: {فاسلكوه} تدخل في استه ثمّ تخرج من فيه، ثمّ ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود حين يشوى.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: يسلك في دبره حتّى يخرج من منخريه، حتّى لا يقوم على رجليه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عليّ بن إسحاق، أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي السّمح، عن عيسى بن هلالٍ الصّدفي، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو أنّ رصاصة مثل هذه -وأشار إلى [مثل] جمجمة-أرسلت من السّماء إلى الأرض، وهي مسيرة خمسمائة سنةٍ، لبلغت الأرض قبل اللّيل، ولو أنّها أرسلت من رأس السّلسلة، لسارت أربعين خريفًا الليل والنهار، قبل أن تبلغ قعرها أو أصلها".
وأخرجه التّرمذيّ، عن سويد بن نصرٍ عن عبد اللّه بن المبارك، به قال: هذا حديثٌ حسنٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 216]

تفسير قوله تعالى: {إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّه كان لا يؤمن باللّه العظيم * ولا يحضّ على طعام المسكين} أي: لا يقوم بحقّ اللّه عليه من طاعته وعبادته، ولا ينفع خلقه ويؤدّي حقّهم؛ فإنّ للّه على العباد أن يوحّدوه ولا يشركوا به شيئًا، وللعباد بعضهم على بعضٍ حقّ الإحسان والمعاونة على البرّ والتّقوى؛ ولهذا أمر اللّه بإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة، وقبض النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يقول: "الصّلاة، وما ملكت أيمانكم"). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 216]

تفسير قوله تعالى: {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فليس له اليوم هاهنا حميمٌ * ولا طعامٌ إلا من غسلينٍ * لا يأكله إلا الخاطئون} أي: ليس له اليوم من ينقذه من عذاب اللّه، لا حميمٌ -وهو القريب- ولا شفيعٌ يطاع، ولا طعامٌ له هاهنا إلّا من غسلينٍ.
قال قتادة: هو شرّ طعام أهل النّار. وقال الرّبيع، والضّحّاك: هو شجرةٌ في جهنّم.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا منصور بن مزاحمٍ، حدّثنا أبو سعيدٍ المؤدّب، عن خصيف، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: ما أدري ما الغسلين، ولكنّي أظنّه الزّقّوم.
وقال شبيب بن بشرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: الغسلين: الدّم والماء يسيل من لحومهم. وقال عليّ بن أبي طلحة عنه: الغسلين: صديد أهل النّار). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 217]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:44 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة