"عدا": مثل "خلا" فيما ذكر من القسمين أي: كونها جارة للمستثنى نحو: جاء القوم "عدا" زيد، بالخفض، وكونها فعلًا متعديًا ناصبًا له نحو: جاؤوا "عدا" عمرًا، وكذا في حكمها مع "ما" ولم يحفظ سيبويه فيها إلا الفعلية.
"عز": في القاموس، ويقولون: أتحبني، فيقول "لعز" "ما"، أي: لشد "ما"، ومن "عز" بز أي: من غلب سلب، و"عز" علي أن تفعل كذا، و"عز" علي ذاك أي: صعب واشتد.
وفي الكليات: "عز" من قائل في موضع التمييز عن النسبة، أي: "عز" قائليه، ويقال "عز" قائلًا بدون "من".
"عسى": فعل مطلقًا سواء اتصل به الضمير أو لم يتصل، ومعناه الترجي في الأمر المحبوب والإشفاق في الأمر المكروه، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {وعسى أن تكروها شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم}، ويستعمل على أوجه:
أحدها: أن يقال: "عسى" زيد أن يقوم.
والثاني: أن يقال: "عسى" زيد يقوم، و"عسى" زيد سيقوم، و"عسى" زيد قائمًا، والأول قليل، ومنه قول الشاعر:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه ..... يكون وراءه فرج قريب.
والثالث أقل، ومنه قوله: لا تكثرن إني "عسيت" صائمًا. وقولهم في المثل: "عسى" الغوير أبؤسًا كذا قالوا، والصواب أنهما مما حذف فيه الخبر، أي: يكون أبؤسًا، وأكون صائمًا، وأما الثاني فنادر جدًا.
والثالث: من وجوه استعمالها أن تقترن بالضمير، فيقال: "عساي" و"عساك" و"عساه"، وهو أيضًا قليل.
والرابع: أن يقال: "عسى" زيد قائم، حكاه ثعلب.
"عَلَّ": "بلام" مشددة مفتوحة أو مكسورة لغة في "لعل" وعند بعض أنها أصل "لعل" وهما بمنزلة "عسى" في المعنى، وبمنزلة "أن" في العمل، وعقيل تخفض بهما وتجيز في لامها الفتح تخفيفًا، والكسر على التقاء الساكنين، وعند الكوفيين يصح النصب في جوابهما تمسكًا بقراءة حفص: {لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع} بالنصب، وذكر ابن مالك أن الفعل قد يجزم بعد "لعل" عند سقوط "الفاء" وأنشد:
لعل التفاتًا منك نحوي مقدر ..... يمل بك من بعد القساوة للرحم
وهو غريب، وسيأتي مزيد بيان "لعل" في حرف "اللام".
"على": على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرفًا، وخالف في ذلك جماعة فزعموا أنها لا تكون إلا اسمًا، ونسبوه لسيبويه ولها تسعة معان:
أحدهما: الاستعلاء نحو: {وعليها وعلى الفلك تحملون}، وقد يكون الاستعلاء معنويًا نحو: {وفضلنا بعضهم على بعض}، ومنه: له "على" ألف درهم.
الثاني: مرادفة "مع" نحو: {وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم}.
الثالث: مرادفة "عن"، كقوله:
إذا رضيت على بني قشير ..... لعمر الله أعجبني رضاها
قال الكسائي: حمل "على" نقيضه وهو سخط.
الرابع: التعليل "كاللام" نحو: {ولتكبروا الله على ما هداكم}، أي: لهدايته إياكم، وكقوله: "علام" تقول الرمح يثقل عاتقي.
الخامس: مرادفة "في" نحو: {ودخل المدينة على حين غفلة}.
السادس: موافقة "من" نحو: {إذا اكتالوا على الناس يستوفون}.
السابع: موافقة "الباء" نحو: {حقيق على أن لا أقول}، وقد قرأه أبي بالباب، ونحو: قالوا: أركب "على" اسم الله.
الثامن: أن تكون زائدة للتعويض، كقوله:
إن الكريم وأبيك يعتمل ..... إن لم يجد يومًا على من يتكل
الأصل: إن لم يجد من يتكل عليه.
التاسع: أن تكون للاستدراك والإضراب، كقولك: فلان لا يدخل الجنة لسوء صنيعه "على" أنه لا ييأس من رحمة الله، وكقوله:
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا ..... على أن قرب الدار خير من البعد
قال أبو البقاء: وتستعمل "على" في معنى يفهم منه كون ما بعدها شرطها لما قبلها، نحو قوله تعالى: {على أن تأجرني ثماني حجج}، وقوله: {يبايعنك على أن لا يشركن بالله}.
والثاني: من وجهي "على" أن تكون اسمًا بمعنى "فوق"، وذلك إذا دخلت عليها "من"، كقوله: غدت "من عليه" بعدما تم ضمؤها، قوله: غدت الضمير للقطاة بمعنى ذهبت، والضمير في "عليه" راجع إلى فرخها، وقد تقدم عليك زيدًا في أسماء الأفعال.
"عند": اسم يدل على الحضور الحسي نحو: {فلما رآه مستقرًا عنده}، والمعنوي نحو: {قال الذي عنده علم}، وكسر "فائها" أكثر من ضمها وفتحها، ولا تقع إلا ظرفًا أو مجرورة "بمن"، وقول العامة: ذهبت إلى "عنده" لحن، وقول بعض المولدين:
كل عند لك عندي ..... لا يساوي نصف عندي
أي: أن الشيء الذي "عندك" قليل بالنسبة لما "عندي"، قال الحريري: إنه لحن وليس كذلك، بل كل كلمة ذكرت مرادًا بها لفظها فسائغ أن تتصرف تصرف الأسماء وأن تعرب، فتقول مثلًا: "من" حرف جر، فتوقع "من" مبتدأ، والمراد لفظة "من". قلت: قال الإمام الواحدي في قول المتنبي:
ويمنعني ممن سوى ابن محمد ..... أياد له عندي يضيق بها عند
"عند": اسم مبهم لا يستعمل إلا ظرفًا، فجعله المتنبي اسمًا، وقال الطائي:
وما زال منشورًا على نواله ..... وعندي حتى قد بقيت بلا عند
وقال في القاموس: و"عند" مثلثة الأول ظرف في المكان والزمان غير متمكن، وتدخله "من" حرف الجر "من"، ويقال: "عندي" كذا، فيقال: ولك "عند" استعمل غير ظرف ويراد به القلب والمعقول، وقد يغري بك "عندك" زيدًا، أي: خذه، ولا تقل مضى إلى "عنده"، ولا إلى لدنه، و"العند" مثلثة الناحية.
قلت: قوله "عند" مثلثة الأول تقدم أن كسر "فائها" أفصح وقوله: ولك "عند" المشهور ولك "عند"، وقوله: لا تقل مضى إلى "عنده" كان ينبغي إيراده بعد قوله، وتدخله "من" حروف الجر "من"، وقوله: "العند" مثلثة الناحية كان ينبغي إيراده قبل ذكر عند؛ إذ الأولى أصل للثانية، وعليه فيقال: مضى إلى "عنده"، أي: ناحيته.
وقد تأتي "عند" "أيا" ظرفًا للزمان نحو: الصبر "عند" الصدمة الأولى، وجئتك "عند" طلوع الشمس، ويعاقبها كلمتان لدى نحو: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم}، ونحو: {لدى الباب}، و"لدن"، ويشترط في هذه أن يكون المحل محل ابتداء غاية بأن وقعت قبلها "من" التي هي لابتداء الغاية نحو: جئت "من" "لدنه"، وقد اجتمعتا في قوله تعالى: {آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علمًا}، ولو جيء "بعند" فيهما أو "بلدن" لصح، ولكن ترك دفعًا للتكرار، والفرق بين "لدن" و"عند": أن "عند" أمكن من "لدن"، فتستعمل ظرفًا للأعيان والمعاني، تقول: "عند" زيد مال، و"عندي" علم، وهذا القول "عندي" صواب، ويمتنع استعمال المعاني في لدى ذكره ابن الشجري في أماليه، ومبرمان في حواشيه، والفرق الثاني أنك تقول: "عندي" مال وإن كان غائبًا، ولا تقول: "لدي" مال إلا إذا كان حاضرًا، قاله أبو هلال العسكري والحريري وابن الشجري، وزعم المعري أنه لا فرق بين "لدي" و"عند"، وقول غيره أولى.
"عن": على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون حرفًا جارًا ولها عشرة معان:
الأول: المجاوزة ولم يذكر البصريون سواه نحو: سافرت "عن" البلد، ورغبت "عن" كذا، ورميت "عن" القوس.
الثاني: البدل نحو: {واتقوا يومًا لا تجزي نفس عن نفسٍ شيئًا}، وفي الحديث: «صومي عن أمك».
الثالث: الاستعلاء أي: بمعنى "على"، نحو: {فإنما يبخل عن نفسه}، وقول ذي الأصبع:
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ..... عني ولا أنت دياني فتخزوني
أي: لله در ابن عمك لا أفضلت في حسب "عليَّ" ولا أنت مالكي فتسوسني؛ لأن المعروف أن يقال: أفضلت "عليه".
الرابع: التعليل نحو: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة}، أي: لأجل موعدة، ويحتمل أن المعنى: إلا صادرًا "عن" موعدة.
الخامس: مرادفة "بعد"، نحو: {عما قليل ليصبحن نادمين}، ونحو: {لتركبن طبقًا عن طبق}، أي: حالة "بعد" حالة.
السادس: مرادفة "في" كقوله: ولا تك "عن" حمل الرباعة وانيًا. أي: حمل الدية؛ لأنه يقال: و"نى" "في" الشيء كقوله تعالى: {ولا تنيا في ذكري} "أن" و"نى" عن كذا جاوزه، ولم يدخل "فيه"، و"ونى" "فيه" دخل "فيه" وفتر، ونظيره في الاستعمالين قصر "عنه" وقصر "فيه".
السابع: مرادفة "من"، نحو: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده}.
الثامن: مرادفة "الباء" نحو: {وما ينطق عن الهوى}، والظاهر: أنها على حقيقتها، وأن المعنى: وما يصدر قوله "عن" الهوى، وقولهم: اتفقوا "عن" آخرهم، تقديره: اتفاقًا صادرًا "عن" آخرهم.
التاسع: الاستعانة، قاله ابن مالك: ومثل له برميت "عن" القوس؛ لأنهم يقولون أيضًا رميت بالقوس، حكاها الفراء، وفيه رد على الحريري في إنكاره إن ذلك لا يقال إلا إذا كانت القوس هي المرمية، وحكى أيضًا رميت على القوس.
العاشر: أن تكون زائدة للتعويض من أخرى محذوفة، كقولها.
أتجزع أن نفس أتاها حمامها ..... فهلا التي عن بين جنبيك تدفع
قال ابن جني أراد فهلا تدفع "عن" التي بين جنبيك فحذفت "عن" من أول الموصول وزيدت بعده، وحاصل المعنى أنه لا ينبغي لك أن تجزع من موت غيرك مع كونك لا قدرة لك على دفع الموت "عن" نفسك التي بين جنبيك، وقوله: تدفع، روي تجزع، وبعضهم يرى زيادة "عن" من دون تعويض.
الوجه الثاني: أن تكون حرفًا مصدريًا، وذلك أن بني تميم يقولون في نحو: أعجبني أن تفعل "عن" تفعل ذو الرمة:
أعن توسمت من خرقاء منزلة ..... ماء الصبابة من عينيك مسجوم
يقال: توسمت الدار أي: تأملتها، وفي بعض النسخ ترسمت "بالراء"، وخرقاء اسم محبوبته، وسجم يتعدى، ولا يتعدّى، يقال: سجمت "العين" الدمع، أي: أسالته، فسجم هو، وكذا يفعلونه في أن المشددة، فيقولون: أشهد أن محمدًا رسول الله، وتسمى عنعنة تميم.
الوجه الثالث: أن تكون اسمًا بمعنى جانب، وذلك متعين في موضعين:
أحدهما: أن تدخل عليها "من" وهو كثير، كقوله:
فلقد أراني للرماح رديئة ..... من عن يميني مرة وأمامي
لأن حرف الجر لا يدخل على مثله.
والثاني: أن يدخل عليها "على"، وذلك نادر والمحفوظ منه قوله "على" "عن" يميني مرت الطير سنحًا.
"عوض": ظرف لاستغراق المستقبل، مثل: أبدًا، إلا أنه مختص بالنفي وهو معرف إن أضيف، كقولهم: لا أفعله "عوض" العائضين، ومبني إن لم يضف، وبناؤه إما على الضم كقبل، أو على الكسر كأمس، أو على الفتح كأين، وسمي الزمان عوضًا؛ لأنه كلما مضى منه جزء
"عوضه" جزء آخر، وقيل: بل لأن الدهر في زعمهم يسلب ويعوض.
وفي القاموس: "عوض" مثلثة الآخر مبنية ظرف لاستغراق المستقبل نحو: لا أفارقك "عوض"، أو الماضي أيضًا، أي: أبدًا، يقال: ما رأيت مثله "عوض" مختص بالنفي، ويقال: افعل ذلك من ذوي "عوض"، كما تقول: من ذوي أنف، أي: فيما يستأنف). [غنية الطالب: 191 - 197]