العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأعراف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 ربيع الثاني 1434هـ/27-02-2013م, 10:56 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأعراف [ من الآية (203) إلى الآية (206) ]

{ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 11:48 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى: {لولا اجتبيتها}؛ قال هلا تلقيتها من ربك). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 246-247]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {لولا اجتبيتها}؛ قال: يقول قتادة: لولا جئت بها من نفسك). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 247]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها}.
يقول تعالى ذكره: وإذا لم تأت يا محمّد هؤلاء المشركين بآيةٍ من اللّه: {قالوا لولا اجتبيتها} يقول: قالوا: هلاّ اخترتها واصطفيتها، من قول اللّه تعالى: {ولكنّ اللّه يجتبي من رسله من يشاء} يعني: يختار ويصطفي. وقد بيّنّا ذلك في مواضعه بشواهده.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: هلاّ افتعلتها من قبل نفسك واختلقتها، بمعنى: هلاّ اجتبيتها اختلافًا كما تقول العرب: لقد اختار فلانٌ هذا الأمر وتخيّره اختلافًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها} أي: لولا أتيتنا بها من قبل نفسك، هذا قول كفّار قريشٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها}؛ قالوا: لولا اقتضبتها قالوا: تخرجها من نفسك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها}؛ قالوا: لولا تقوّلتها، جئت بها من عندك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثني عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لولا اجتبيتها} يقول: لولا تلقّيتها. وقال مرّةً أخرى: لولا أحدثتها فأنشأتها.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {قالوا لولا اجتبيتها} يقول: لولا أحدثتها.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قوله: {لولا اجتبيتها} قال: لولا جئت بها من نفسك.
وقال آخرون: معنى ذلك: هلاّ أخذتها من ربّك وتقبّلتها منه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لولا اجتبيتها} يقول: لولا تقبّلتها من اللّه.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {لولا اجتبيتها} يقول: لولا تلقّيتها من ربّك.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {لولا اجتبيتها} يقول: لولا أخذتها أنت فجئت بها من السّماء.
قال أبو جعفرٍ: وأولى التّأويلين بالصّواب في ذلك، تأويل من قال تأويله: هلاّ أحدثتها من نفسك، لدلالة قول اللّه: {قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي هذا بصائر من ربّكم}؛ يبيّن ذلك أنّ اللّه إنّما أمر نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم بأن يجيبهم بالخبر عن نفسه أنّه إنّما يتّبع ما ينزّل عليه ربّه ويوحيه إليه، لا أنّه يحدّث من قبل نفسه قولاً وينشئه فيدعو النّاس إليه.
- وحكي عن الفرّاء أنّه كان يقول: اجتبيت الكلام واختلقته وارتجلته: إذا افتعلته من قبل نفسك حدّثني بذلك الحارث، قال: حدّثنا القاسم، عنه.
قال أبو عبيدٍ: وكان أبو زيدٍ يقول: إنّما تقول العرب ذلك للكلام يبديه الرّجل لم يكن أعدّه قبل ذلك في نفسه.
قال أبو عبيدٍ: واخترعه مثل ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى: {قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من رّبّي هذا بصائر من رّبّكم وهدًى ورحمةٌ لقومٍ يؤمنون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد للقائلين لك إذا لم تأتهم بآيةٍ هلاّ أحدثتها من قبل نفسك: إنّ ذلك ليس لي ولا يجوز لي فعله لأنّ اللّه إنّما أمرني باتّباع ما يوحى إليّ من عنده، فإنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي لأنّي عبده وإلى أمره أنتهي وإيّاه أطيع. {هذا بصائر من ربّكم} يقول: هذا القرآن والوحي الّذي أتلوه عليكم بصائر من ربّكم، يقول: حججٌ عليكم، وبيانٌ لكم من ربّكم، واحدتها: بصيرةٌ، كما قال جلّ ثناؤه: {هذا بصائر للنّاس وهدًى ورحمةٌ لقومٍ يؤمنون}؛ وإنّما ذكر هذا ووحّد في قوله: {هذا بصائر من ربّكم} لما وصفت من أنّه مرادٌ به القرآن والوحي.
وقوله: {وهدًى} يقول: وبيانٌ يهدي المؤمنين إلى الطّريق المستقيم، ورحمةٌ رحم اللّه به عباده المؤمنين، فأنقذهم به من الضّلالة والهلكة. {لقومٍ يؤمنون} يقول: هو بصائر من اللّه وهدًى ورحمةٌ لمن آمن، يقول: لمن صدّق بالقرآن أنّه تنزيل اللّه ووحيه، وعمل بما فيه دون من كذّب به وجحده وكفر به، بل هو على الّذين لا يؤمنون به غمٌّ وخزي). [جامع البيان: 10/ 654-657]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي هذا بصائر من ربّكم وهدًى ورحمةٌ لقومٍ يؤمنون (203)}
قوله تعالى: {وإذا لم تأتهم بآية... الآية}؛
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: {لولا اجتبيتها}؛ يقولون: هلا افتعلتها من تلقاء نفسك.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {لولا اجتبيتها}؛ يقول: لولا أحدثتها يقول: لولا تلقّيتها فأنسأتها.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ النّحويّ، ثنا عبيد بن سليمان عن الضّحّاك قوله: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها}؛ يقول: لولا أخّرتها أنت فجيئت بها من السّماء.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ: قوله: {قالوا لولا اجتبيتها}؛ يقولون: لولا تقبّلتها من اللّه
- أخبرنا أحمد بن عثمان فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباط، عن السّدّيّ قوله: {لولا اجتبيتها}؛ يقول: لولا أحدثتها.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها}؛ أي لولا أتيتنا بها من قبل نفسك، هذا قول كفّار قريشٍ.
قوله تعالى: {قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ، من ربّي}؛
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله:{لولا اجتبيتها}؛ ابتدعتها من عندك قال تعالى: {قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي}.
قوله تعالى: {هذا بصائر من ربّكم}؛
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: {بصائر من ربّكم}؛ أي بيّنةٌ من ربّكم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: {بصائر من ربّكم}؛ قال: البصائر الهدى بصائر ما في قلوبهم لدينهم، وليست ببصائر الرّؤوس وقرأ فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور وقال: إنّما الدّين بصره وسمعه في هذا القلب.
قوله تعالى: {وهدى}؛
الوجه الأول:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ الثّوريّ عن بيانٍ عن الشّعبيّ {هدًى}؛ قال: من الضّلالة.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ {هدى}؛ يعني تبيان.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: {هدى}؛ قال: نور.
قوله تعالى: {ورحمةٌ لقومٍ يؤمنون}؛
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع عن أبي العالية في قوله: {ورحمةٌ}؛ قال: رحمته القرآن.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو معاوية عن حجّاجٍ عن عطيّة عن أبي سعيدٍ قوله: {ورحمةٌ}؛ قال: رحمته أن جعلكم من أهل القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1643-1645]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال حدثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد {لولا اجتبيتها}؛ يقول لولا ابتدعتها من قبل نفسك). [تفسير مجاهد: 254]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة: {قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي} قال: هذا القرآن، {هذا بصائر من ربكم}؛ أي بينات فاعقلوه، {وهدى ورحمة} لمن آمن به وعمل به ثم مات عليه). [الدر المنثور: 6/ 718]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني عبد الرّحمن بن زيدٍ، عن أبيه أنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- نهى أن يقرأ خلف الإمام في الصّلاة؛ قال: وذلك حين أنزل اللّه: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}، وقال: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين}، قال: لا تكن قائمًا في الصّلاة ساهيًا؛ قال: وكان أبي ينهى عن القراءة خلف الإمام أشدّ النّهي، وفيما يسرّ، وفيما يجهر.
وحدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنّ عمر بن الخطّاب كان ينهى عن ذلك، وأنّ عليّ بن أبي طالبٍ كان ينهى عن ذلك ويقول: من قرأ خلف الإمام فلا صلاة له، وقد خرج من السنة.
وحدثني ابن زيد أن سعد بن أبي وقاص كان يقول: وددت أن في فيه جذلا من النار.
حدثني أسامة ابن زيد الليثي قال: سألت القاسم بن محمد عن القراءة خلف الإمام، فقال لي: إن قرأت فقد قرأ قومٌ بهم أسوة، وأخذت بالسنة، وإن تركت فقد ترك قومٌ بهم أسوة، وأخذت بسنة، وإن كان عبد الله بن عمر لا يقرأ.
إذا خاف الوسوسة فليقرأ فيما يسر فيه الإمام فليقرأ ما فيه من القرآن دعاء: {ربنا لا تزغ قلوبنا}، الآية أو نحوه.
وحدثني أن عبد الله بن مسعود كان يقول: وددت أن فاه حشي فيه التراب.
وحدثني ابن زيد أن أبي بن كعب أو زيد بن ثابت كان يقول: وددت أنه مكعومٌ على حجرٍ؛ وإنهم كلهم كانوا لا يقرؤون مع الإمام فيما جهر ولا فيما أسر، وينهون عن ذلك أشد النهي). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 66-68]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني سعيد بن أبي أيوب قال: كان ابن شهاب والحسن والنخعي يقول في قول الله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}، قال: إنما ذلك في الصلاة). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 124]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني الحارث بن نبهان عن محمد بن عبيد الله عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ أنّ النّبيّ كان يصلّي الصّبح فقرأ فتًى من الأنصار ودعا فجهر بالدعاء، فأنزل الله: {إذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا (204) واذكر ربك في نفسك}، أيها الداعي، ادعوا سراً). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 9-10]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدّثنا أبو صخرٍ أنّ محمّد بن كعبٍ القرظيّ حدّثه قال: كان رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- إذا قرأ في الصّلاة أجابه من وراءه، وإذا قال: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، قالوا: مثل ما يقول حتّى يقضي فاتحة القرآن والسّورة؛ فلبث ما شاء اللّه أن يلبث، ثم نزل: {إذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}، فقرأ ونصتوا، ثم نزل: {حافظوا عل الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}، قال القرظيّ: كلّ شيءٍ ذكر من القنوت في القرآن فهي الطّاعة إلا واحدةً وهي تصير إلى الطّاعة، قول اللّه: {والصّلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}، وهي، يا هذا، ساكتين). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 59]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ قال: كان الرجل يأتي وهم في الصلاة، فيسألهم كم صليتم؟ كم بقي؟ فأنزل الله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 247]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معم، وقال الكلبي: كانوا يرفعون أصواتهم في الصلاة حين يسمعون ذكر الجنة والنار فأنزل الله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
عن الثوري عن جابر بن عبد الله قال وجب الإنصات في اثنتين في الصلاة ويوم الجمعة). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 247]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن أبي هشام عن مجاهد قال هذا في الصلاة في قوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له}.
عن الثوري، عن ليث، عن مجاهد، قال: لا بأس إذا قرأ الرجل في غير صلاة أن يتكلم.
عن الثوري، عن ليث، عن مجاهد: أنه كره إذا مر الإمام بآية خوف أو آية رحمة أن يقول أحد ممن خلفه شيئا، قال: السكوت). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 247-248]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): (قوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا العوّام، عن مجاهدٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} - قال: في الخطبة يوم الجمعة.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عبد الرّحمن بن زيادٍ، عن شعبة، عن منصورٍ، عن إبراهيم (بن) أبي حرّة، عن مجاهدٍ، (قال) : في الصّلاة والخطبة.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معشر، عن محمّد بن كعبٍ، قال: كانوا يتلقّفون من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، إذا قرأ شيئًا قرؤوا معه، حتّى نزلت هذه الآية الّتي في الأعراف: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عون بن موسى، قال: سمعت معاوية بن قرّة، يقول: إنّ اللّه عزّ وجلّ أنزل هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} في الصّلاة؛ إنّ النّاس كانوا يتكلّمون في الصّلاة، وأنزلها القصّاص في القصص.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عون بن موسى، عن معاوية بن قرّة، قال: سألت الحسن، أقرأ في مصحفٍ أحبّ إليك أم أجلس إلى قاصٍّ؟ قال: اقرأ في مصحفك، قلت: أعود مريضًا أحبّ إليك أم أجلس إلى قاصٍّ؟ قال: عد مريضك. قلت: أشيّع جنازةً أحبّ إليك أم أجلس إلى قاصٍّ؟ قال: شيّع جنازتك. قلت: استعان بي رجلٌ على حاجةٍ أحبّ إليك أن أذهب معه أو أجلس إلى قاصٍّ؟ قال: اذهب إلى حاجة أخيك، حتّى جعله خير مجالس الفراغ.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عون بن موسى، قال: سمعت معاوية بن قرّة يقول: لتاجر يجلب إلينا الطّعام أحبّ إليّ من قاصّ بين اثنين. قال: وسمعت معاوية بن قرّة يقول: قال اللّه عزّ وجلّ للنساء: {وقرن في بيوتكنّ} والقصّاص يأمرونهن بالخروج). [سنن سعيد بن منصور: 5/ 179-184]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا قرئ القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون}.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به المصدّقين بكتابه الّذين القرآن لهم هدًى ورحمةٌ: {إذا قرئ} عليكم أيّها المؤمنون، {القرآن فاستمعوا له}، يقول: أصغوا له سمعكم لتتفهّموا آياته وتعتبروا بمواعظه وأنصتوا إليه لتعقلوه وتتدبّروه، ولا تلغوا فيه فلا تعقلوه. {لعلّكم ترحمون}، يقول: ليرحمكم ربّكم باتّعاظكم بمواعظه، واعتباركم بعبره، واستعمالكم ما بيّنه لكم ربّكم من فرائضه في آيه.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في الحال الّتي أمر اللّه بالاستماع لقارئ القرآن إذا قرأ والإنصات له، فقال بعضهم: ذلك حال كون المصلّي في الصّلاة خلف إمامٍ يأتمّ به، وهو يسمع قراءة الإمام عليه أن يسمع لقراءته. وقالوا: في ذلك أنزلت هذه الآية.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن عاصمٍ، عن المسيّب بن رافعٍ، قال: كان عبد اللّه يقول: كنّا يسلّم بعضنا على بعضٍ في الصّلاة، سلامٌ على فلانٍ، وسلامٌ على فلانٍ، قال: فجاء القرآن: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
- قال: حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن إبراهيم الهجريّ، عن أبي عياضٍ، عن أبي هريرة، قال: كانوا يتكلّمون في الصّلاة، فلمّا نزلت هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن} والآية الأخرى، أمروا بالإنصات.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن الزّهريّ، قال: نزلت هذه الآية في فتًى من الأنصار كان رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- كلّما قرأ شيئًا قرأه، فنزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن داود بن أبي هندٍ، عن بشير بن جابرٍ، قال: صلّى ابن مسعودٍ، فسمع ناسًا، يقرءون مع الإمام، فلمّا انصرف، قال: أما آن لكم أن تفقّهوا؟ أما آن لكم أن تعقلوا؟ {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} كما أمركم اللّه.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، قال: حدّثنا الجريريّ، عن طلحة بن عبيد اللّه بن كريزٍ، قال: رأيت عبيد بن عميرٍ وعطاء بن أبي رباحٍ يتحدّثان والقاصّ يقصّ، فقلت: ألا تستمعان إلى الذّكر وتستوجبان الموعود؟ قال: فنظرا إليّ ثمّ أقبلا على حديثهما. قال: فأعدت فنظرا إليّ، ثمّ أقبلا على حديثهما، قال: فأعدت الثّالثة، قال: فنظرا إليّ فقالا: إنّما ذلك في الصّلاة: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
- حدّثني العبّاس بن الوليد، قال: أخبرني أبي، قال، سمعت الأوزاعيّ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن عامرٍ، قال: حدّثني زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: نزلت في رفع الأصوات وهم خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الصّلاة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي هاشمٍ إسماعيل بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: في الصّلاة.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن رجلٍ، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: في الصّلاة.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: حدّثنا ليثٌ، عن مجاهدٍ: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: في الصّلاة.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، قال: سمعت حميدًا الأعرج، قال: سمعت مجاهدًا يقول في هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: في الصّلاة.
- قال: حدّثني عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثنا حميدٌ، عن مجاهدٍ بمثله.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ وابن إدريس، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: في الصّلاة المكتوبة.
- قال: حدّثنا المحاربيّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، وعن حجّاجٍ، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، وعن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن سعيد بن جبيرٍ: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: في الصّلاة المكتوبة.
- قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي هاشمٍ، عن مجاهدٍ: في الصّلاة المكتوبة.
- قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- قال: حدّثنا المحاربيّ، وأبو خالدٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، قال: في الصّلاة المكتوبة.
- قال: حدّثنا جريرٌ، وابن فضيلٍ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: في الصّلاة المكتوبة.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: كانوا يتكلّمون في صلاتهم بحوائجهم أوّل ما فرضت عليهم، فأنزل اللّه ما تسمعون: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: كان الرّجل يأتي وهم في الصّلاة فيسألهم: كم صلّيتم؟ كم بقي؟ فأنزل اللّه: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} وقال غيره: كانوا يرفعون أصواتهم في الصّلاة حين يسمعون ذكر الجنّة والنّار، فأنزل اللّه: {وإذا قرئ القرآن}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو خالد، والمحاربيّ، عن أشعث، عن الزّهريّ، قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقرأ ورجلٌ يقرأ، فنزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
- قال: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن الهجريّ، عن أبي عياضٍ، عن أبي هريرة، قال: كانوا يتكلّمون في الصّلاة، فلمّا نزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ قال: هذا في الصّلاة.
- قال: حدّثنا أبي، عن حريثٍ، عن عامرٍ، قال: في الصّلاة المكتوبة.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ قال: إذا قرئ في الصّلاة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له}؛ يعني: في الصّلاة المفروضة.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن أبي هاشمٍ، عن مجاهدٍ قال: هذا في الصّلاة في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له}.
- قال: أخبرنا الثّوريّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: أنّه كره إذا مرّ الإمام بآية خوفٍ أو بآية رحمةٍ أن يقول أحدٌ ممّن خلفه شيئًا، قال: السّكوت.
- قال: أخبرنا الثّوريّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: لا بأس إذا قرأ الرّجل في غير الصّلاة أن يتكلّم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون} قال: هذا إذا قام الإمام للصّلاة فاستمعوا له وأنصتوا.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن يونس، عن الزّهريّ، قال: لا يقرأ من وراء الإمام فيما يجهر به من القراءة، تكفيهم قراءة الإمام وإن لم يسمعهم صوته، ولكنّهم يقرءون فيما لم يجهر به سرًّا في أنفسهم، ولا يصلح لأحدٍ خلفه أن يقرأ معه فيما يجهر به سرًّا ولا علانيةً، قال اللّه: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقول في هذه: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً} هذا في المكتوبة. وأمّا ما كان من قصصٍ أو قراءةٍ بعد ذلك، فإنّما هي نافلةٌ. إنّ نبيّ اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قرأ في صلاةٍ مكتوبةٍ، وقرأ وراءه أصحابه، فخلّطوا عليه، قال: فنزل القرآن: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون}؛ فهذا في المكتوبة.
وقال آخرون: بل عني بهذه الآية الأمر بالإنصات للإمام في الخطبة إذا قرئ القرآن في خطبةٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا تميم بن المنتصر، قال: حدّثنا إسحاق الأزرق، عن شريكٍ، عن سعيد بن مسروقٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ قال: الإنصات للإمام يوم الجمعة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو خالدٍ وابن أبي عتبة، عن العوّام، عن مجاهدٍ، قال: في خطبة يوم الجمعة.
وقال آخرون: عني بذلك الإنصات في الصّلاة وفي الخطبة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن منصورٍ، قال: سمعت إبراهيم بن أبي حمزة، يحدّث أنّه سمع مجاهدًا، يقول في هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ قال: في الصّلاة، والخطبة يوم الجمعة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا هارون، عن عنبسة، عن جابرٍ، عن عطاءٍ، قال: وجب الصّموت في اثنتين: عند الرّجل يقرأ القرآن وهو يصلّي، وعند الإمام وهو يخطب.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ: {وإذا قرئ القرآن}؛ وجب الإنصات، قال: وجب في اثنتين: في الصّلاة والإمام يقرأ، والجمعة والإمام يخطب.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال هشيمٌ، أخبرنا من، سمع الحسن، يقول: في الصّلاة المكتوبة، وعند الذّكر.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، قال: وجب الإنصات في اثنتين: في الصّلاة، ويوم الجمعة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن بقيّة بن الوليد، قال: سمعت ثابت بن عجلان، يقول: سمعت سعيد بن جبيرٍ، يقول في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: الإنصات: يوم الأضحى، ويوم الفطر، ويوم الجمعة، وفيما يجهر به الإمام من الصّلاة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن الرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن، قال: في الصّلاة، وعند الذّكر.
- حدّثنا ابن البرقيّ، قال: حدّثنا ابن أبي مريم، قال: حدّثنا يحيى بن أيّوب، قال: حدّثني ابن جريجٍ، عن عطاء بن أبي رباحٍ، قال: أوجب الإنصات يوم الجمعة قول اللّه تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون} وفي الصّلاة مثل ذلك.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: أمروا باستماع القرآن في الصّلاة إذا قرأ الإمام وكان من خلفه ممّن يأتمّ به يسمعه، وفي الخطبة.
وإنّما قلنا ذلك أولى بالصّواب، لصحّة الخبر عن رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، أنّه قال: «إذا قرأ الإمام فأنصتوا
» وإجماع الجميع على أنّ من سمع خطبة الإمام ممّن عليه الجمعة، الاستماع والإنصات لها، مع تتابع الأخبار بالأمر بذلك، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأنّه لا وقت يجب على أحدٍ استماع القرآن والإنصات لسامعه من قارئه إلاّ في هاتين الحالتين على اختلافٍ في إحداهما، وهي حالة أن يكون خلف إمامٍ مؤتمٍّ به. وقد صحّ الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بما ذكرنا من قوله: إذا قرأ الإمام فأنصتوا فالإنصات خلفه لقراءته واجبٌ على من كان به مؤتمًّا سامعًا قراءته بعموم ظاهر القرآن والخبر عن رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 10/ 658-667]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون (204)}
قوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛
الوجه الأول:

- حدّثنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ، أخبرني أبي قال: سمعت الأوزاعيّ حدّثني عبد اللّه بن عامرٍ حدّثني زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ قال: نزلت في رفع الأصوات وهم خلف رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- في الصّلاة.
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى أنبأ ابن وهبٍ، ثنا أبو صخرٍ عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ: قال: كان رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- إذا قرأ في الصّلاة أجابه من وراءه إذا قال: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم قالوا مثل ما يقول حتّى تنقضي الفاتحة والسّورة فلبث ما شاء اللّه أن يلبث ثمّ نزلت: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون فقرأ وأنصتوا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ عن الهجريّ عن أبي عياضٍ عن أبي هريرة قال: كانوا يتكلّمون في الصّلاة فنزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون}؛ فهذا في الصّلاة.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن يحيى القطعيّ ثنا محمّد بن بكرٍ عن عمران أبي العوّام عن عاصمٍ. عن أبي وائلٍ أنّ ابن مسعودٍ سلّم على رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فلم يرد عليه، فلمّا فرغ قال:
إنّ اللّه يفعل ما يشاء، وكان قبل ذلك يتكلّم في صلاته ويأمر بحاجته فلمّا فرغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ردّ عليه وقال: «إنّها نزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون}».
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن فضيلٍ وأبو خالدٍ عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أسير بن جابرٍ المحاربيّ عن عبد اللّه قال: لعلّكم تقرّون؟ قلنا: نعم قال: ألا تفقهون؟ مالكم لا تعقلون؟ {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون}.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ عن حجاج ابن جريجٍ عن مجاهدٍ قال: قرأ رجلٌ خلف رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فأنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون}.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن أبي المقدام عن معاوية بن قرّة المزنيّ قال: أحسبه عن عبد اللّه بن مفضّلٍ قال: إنّما نزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون} في قراءة الإمام إذا قرأ فاستمع له وأنصت.
- حدّثنا أبي، ثنا النّفيليّ، ثنا مسكين بن بكيرٍ ثنا ثابت بن عجلان عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قال: إنّ المؤمن في سعةٍ من الاستماع إلى يوم جمعة، أو في صلاةٍ مكتوبةٍ أو يوم أضحى أو يوم فطرٍ في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ الثّوريّ عن جابرٍ عن مجاهدٍ قال: وجب الإنصات في اثنتين من الصّلاة والإمام يقرأ وفي الجمعة والإمام يخطب.
- قرى على يونس بن عبد الأعلى أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني ابن زيدٍ، عن أبيه قال: حين أنزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ قال: يكون قائمًا في الصّلاة.
الوجه الثّالث:
- ذكر محمّد بن مسلمٍ حدّثني محمّد بن موسى بن أعين ثنا خطّابٌ ثنا خصيفٌ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون}؛ قال: في الصّلاة وحين ينزل الوحي عن الله عز وجل.
قوله تعالى: {وأنصتوا لعلّكم ترحمون}؛
- حدّثنا أبي، ثنا أبو عمر الخوصي، ثنا مباركٌ، عن الحسن {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ قال: إذا جلست إلى القرآن فأنصت له). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1645-1647]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة فسمع قراءة فتى من الأنصار فنزل: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ فكان لا يروى بالذكر بأسا). [تفسير مجاهد: 254]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه، وابن عساكر عن أبي هريرة في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: نزلت في رفع الأصوات وهم خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} يعني في الصلاة المفروضة.
- وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: صلى النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقرأ خلفه قوم فنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
- وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قرأ في الصلاة أجابه من وراءه إذا قال: بسم الله الرحمن قالوا مثل ما يقول حتى تنقضي فاتحة الكتاب والسورة فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم نزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} الآية، فقرأ وأنصتوا.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن مجاهد قال: قرأرجل من الأنصار خلف النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة فأنزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} الآية.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عبد الله بن مغفل أنه سئل أكل من سمع القرآن يقرأ وجب عليه الاستماع والإنصات قال: لا، قال: إنما نزلت هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} في قراءة الإمام إذا قرأ الإمام فاستمع له وأنصت.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في القراءة عن ابن مسعود، أنه صلى بأصحابه فسمع ناسا يقرؤون خلفه فلما انصرف قال: أما آن لكم أن تفهموا أما آن لكم أن تعقلوا {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} كما أمركم الله.
- وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن أبي وائل عن ابن مسعود أنه قال في القراءة خلف الإمام: أنصت للقرآن كما أمرت فإن في الصلاة شغلا وسيكفيك ذاك الإمام.
- وأخرج ابن أبي شيبة، عن علي، قال: من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة.
- وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت قال: لا قراءة خلف الإمام.
- وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
«إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا».
- وأخرج ابن أبي شيبة، عن جابر أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
«من كان له إمام فقراءته له قراءة».
- وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: أول ما أحدثوا القراءة خلف الإمام وكانوا لا يقرأون.
- وأخرج ابن جرير عن الزهري قال: نزلت هذه الآية في فتى من الأنصار كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلما قرأ شيئا قرأه فنزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
- وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي العالية أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى بأصحابه فقرأ قرأ أصحابه خلفه فنزلت هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} فسكت القوم وقرأ النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
- وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر قال: كانت بنو إسرائيل إذا قرأت أئمتهم جاوبوهم فكره الله ذلك لهذه الأمة قال: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
- وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن إبراهيم قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ ورجل يقرأ فنزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
- وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن طلحة بن مصرف في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: ليس هؤلاء بالأئمة الذين أمرنا بالإنصات لهم.
- وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" من طريق أبي هريرة قال: كانوا يتكلمون في الصلاة فنزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
- وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن مسعود أنه سلم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي فلم يرد عليه - وكان الرجل قبل ذلك يتكلم في صلاته ويأمر بحاجته - فلما فرغ رد عليه وقال: غن الله يفعل ما يشاء وإنها نزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.
- وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: كنا يسلم بعضنا على بعض في الصلاة فجاء القرآن: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
- وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن عبد الله بن مغفل قال: كان الناس يتكلمون في الصلاة فأنزل الله هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} فنهانا النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الكلام في الصلاة.
- وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عطاء قال: بلغني أن المسلمين كانوا يتكلمون في الصلاة كما يتكلم اليهود والنصارى حتى نزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة قال: كانوا يتكلمون في الصلاة أول ما أمروا بها كان الرجل يجيء وهم في الصلاة فيقول لصاحبه: كم صليتم فيقول: كذا وكذا فأنزل الله هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} فأمروا بالاستماع والإنصات علم أن الإنصات هو أحرى أن يستمع العبد ويعيه ويحفظه علم أن لن يفقهوا حتى ينصتوا والإنصات باللسان والاستماع بالأذنين.
- وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال: كانوا يتكلمون في الصلاة فأنزل الله: {وإذا قرئ القرآن} الآية.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له} قال: نزلت في صلاة الجمعة وفي صلاة العيدين وفيما جهر به من القراءة في الصلاة.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: المؤمن في سعة من الاستماع إليه إلا في صلاة الجمعة وفي صلاة العيدين وفيما جهر به من القراءة في الصلاة
- وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: نزلت في رفع الأصوات خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة وفي الخطبة لأنها صلاة وقال: من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فلا صلاة له.
- وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ قال: هذا في الصلاة والخطبة يوم الجمعة.
- وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد قال: وجب الإنصات في اثنتين في الصلاة والإمام يقرأ ويوم الجمعة والإمام يخطب.
- وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: ما أوجب الإنصات يوم الجمعة قال: قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: ذاك زعموا في الصلاة وفي الجمعة قلت: والإنصات يوم الجمعة كالإنصات في القراءة سواء، قال: نعم
- وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: عند الصلاة المكتوبة وعند الذكر.
- وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن الكلبي قال: كانوا يرفعون أصواتهم في الصلاة حين يسمعون ذكر الجنة والنار فأنزل الله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له} الآية.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له} الآية، قال: في الصلاة وحين ينزل الوحي عن الله عز وجل.
- وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد، أنه كره إذا مر الإمام بآية خوف أو آية رحمة أن يقول أحد من خلفه شيئا قال: السكوت
- وأخرج أبو الشيخ عن عثمان بن زائدة، أنه كان إذا قرئ عليه القرآن غطى وجهه بثوبه ويتأول من ذلك قول الله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} فيكره أن يشغل بصره وشيئا من جواره بغير استماع.
- وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان بسند حسن عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
«من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة»). [الدر المنثور: 6/ 718-726]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني عبد الرّحمن بن زيدٍ، عن أبيه أنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- نهى أن يقرأ خلف الإمام في الصّلاة؛ قال: وذلك حين أنزل اللّه: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}، وقال: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين}، قال: لا تكن قائمًا في الصّلاة ساهيًا؛ قال: وكان أبي ينهى عن القراءة خلف الإمام أشدّ النّهي، وفيما يسرّ، وفيما يجهر.
وحدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنّ عمر بن الخطّاب كان ينهى عن ذلك، وأنّ عليّ بن أبي طالبٍ كان ينهى عن ذلك ويقول: من قرأ خلف الإمام فلا صلاة له، وقد خرج من السنة.
وحدثني ابن زيد أن سعد بن أبي وقاص كان يقول: وددت أن في فيه جذلا من النار.
حدثني أسامة ابن زيد الليثي قال: سألت القاسم بن محمد عن القراءة خلف الإمام، فقال لي: إن قرأت فقد قرأ قومٌ بهم أسوة، وأخذت بالسنة، وإن تركت فقد ترك قومٌ بهم أسوة، وأخذت بسنة، وإن كان عبد الله بن عمر لا يقرأ.
إذا خاف الوسوسة فليقرأ فيما يسر فيه الإمام فليقرأ ما فيه من القرآن دعاء: {ربنا لا تزغ قلوبنا}، الآية أو نحوه.
وحدثني أن عبد الله بن مسعود كان يقول: وددت أن فاه حشي فيه التراب.
وحدثني ابن زيد أن أبي بن كعب أو زيد بن ثابت كان يقول: وددت أنه مكعومٌ على حجرٍ؛ وإنهم كلهم كانوا لا يقرؤون مع الإمام فيما جهر ولا فيما أسر، وينهون عن ذلك أشد النهي). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 66-68] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني الحارث بن نبهان عن محمد بن عبيد الله عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ أنّ النّبيّ كان يصلّي الصّبح فقرأ فتًى من الأنصار ودعا فجهر بالدعاء، فأنزل الله: {إذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا (204) واذكر ربك في نفسك}، أيها الداعي، ادعوا سراً). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 9-10] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسألت الليث عن قول الله: {بالغدو والآصال}، فقال: الآصال العشي). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 165]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في سورة بني إسرائيل: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً}؛
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا جهر بصلاته آذى ذلك المشركين بمكة، أخفى صلاته هو وأصحابه؛ فلذلك قال الله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً}؛
وقال في سورة الأعراف: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين}). [الجامع في علوم القرآن: 3/ 77] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {بالغدو والآصال}؛ قال: الآصال العشي). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 246]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن التيمي، عن أبيه، عن حيان بن عمير، عن عبيد بن عمير، في قوله تعالى: {واذكر ربك في نفسك}، قال يقول الله تعالى: إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي وإذا ذكرني عبدي وحده ذكرته وحدي وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في أحسن منهم وأكرم). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 248]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرني سماك بن الفضل عن بعض أهل المدينة في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك}؛ قال هو منسوخة نسخها قوله تعالى: {واذكر ربك في نفسك}). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 392] (م)
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: ... {وخيفةً} : «خوفًا، وخفيةً من الإخفاء». {والآصال} : «واحدها أصيلٌ، وهو ما بين العصر إلى المغرب» ، كقوله: {بكرةً وأصيلًا} [الفرقان: 5]). [صحيح البخاري: 6/ 59]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {وخفيةً}؛ خوفًا وخيفةً من الإخفاء.
قال أبو عبيدة في قوله: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفة}؛ أي خوفًا وذهبت الواو لكسرة الخاء.
وقال بن جريجٍ في قوله: {ادعوا ربّكم تضرّعًا وخفيةً}؛ أي سرا أخرجه بن المنذر وقوله من الإخفاء فيه تجوّزٌ والمعروف في عرف أهل الصّرف من الخفاء لأنّ المزيد مشتقٌّ من الثّلاثيّ ويوجّه الّذي هنا بأنّه أراد انتظام الصّفتين من معنًى واحدٍ.

قوله: {والآصال}؛ واحدها أصيلٌ وهو ما بين العصر إلى المغرب كقولك: بكرةً وأصيلًا هو قول أبي عبيدة أيضا بلفظه.
قال بن التّين: ضبط في نسخةٍ أصلٌ بضمّتين وفي بعضها أصيلٌ بوزن عظيمٍ وليس ببيّنٍ إلّا أن يريد أنّ الآصال جمع أصيلٍ فيصحّ قلت وهو واضحٌ في كلام المصنّف.
وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ، عن قتادة، الآصال: العشي، وقال بن فارسٍ: الأصيل: واحد الأصل وجمع الأصل آصالٌ فهو جمع الجمع والأصائل جمع أصيلةٍ ومنه قوله: {بكرة وأصيلا}). [فتح الباري: 8/ 301]

- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({وخيفةً}: خوفاً وخفيةً من الإخفاء
أشار بقوله خيفة إلى قوله تعالى: {واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة} وفسّر قوله: {خيفة} ، بقوله: (خوفًا) ، وكذا فسره أبو عبيدة، ويقال: {اذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة} أي: رغبة ورهبة وأشار بقوله وخيفة إلى قوله: (واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة) وأي: سرا. قوله: (من الإخفاء) أراد به أن الخفية مأخوذة من الإخفاء وفيه تأمل، لأن القاعدة أن المزيد فيه يكون مشتقاً من الثلاثي دون العكس، ولكن يمكن أن يوجه كلامه باعتبار انتظام اشتقاق الصيغتين في معنى واحد). [عمدة القاري: 18/ 237]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (والآصال: واحدها أصيلٌ ما بين العصر إلى المغرب كقولك: بكرةً وأصيلاً
أشار به إلى قوله تعالى: {ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال} وذكر أن واحد الآصال أصيل، كذا قاله أبو عبيدة، وقال ابن فارس الأصيل: بعد العشاء وجمعه أصل وجمع أصل وجمع أصل آصال فيكون الأصائل جمع الجمع، وقال الأصال لعلّه أن يكون جمع أصيلة. قوله: (كقولك بكرة وأصيلا) أشار به إلى أن الأصيل واحد الآصال). [عمدة القاري: 18/ 238]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: {واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفة}أي خوفًا. قال أبو عبيدة وقال ابن جريج في قوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعًا وخفية}) أي سرًّا من الإخفاء المشهور أن المزيد فيه مأخوذ من الثلاثي وهو الخفاء دون العكس وإنما قال من الإخفاء نظرًا إلى أن الاشتقاق أن تنتظم الصيغتان معنًى واحدًا.
وقوله: {والآصال} في قوله تعالى: {بالغدو والآصال}؛ قال أبو عبيدة: (واحدها أصيل وهو ما بين العصر إلى المغرب كقولك) وفي نسخة وهي التي في اليونينية كقوله: (بكرة وأصيلا) والتقييد بالوقتين لأن بالغداة ينقلب من الموت إلى الحياة ومن الظلمة التي تشاء كل العدم إلى النور المناسب للوجود وفي الآخر بالعكس وثبت قوله وهو للأبوين). [إرشاد الساري: 7/ 126]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن مّن الغافلين}.
يقول تعالى ذكره: واذكر أيّها المستمع المنصت للقرآن إذا قرئ في صلاةٍ أو خطبةٍ، {ربّك في نفسك} يقول: اتّعظ بما في آي القرآن، واعتبر به، وتذكّر معادك إليه عند سماعكه. {تضرّعًا} يقول: افعل ذلك تخشّعًا للّه وتواضعًا له.
{وخيفةً} يقول: وخوفًا من اللّه أن يعاقبك على تقصيرٍ يكون منك في الاتّعاظ به والاعتبار، وغفلةٍ عمّا بيّن اللّه فيه من حدوده. {ودون الجهر من القول}؛ يقول: ودعاءٌ باللّسان للّه في خفاءٍ لا جهارٍ، يقول: ليكن ذكر اللّه عند استماعك القرآن في دعاءٍ إن دعوت غير جهارٍ، ولكن في خفاءٍ من القول.
- كما: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً ودون الجهر من القول} لا يجهر بذلك.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، قال: سمعت مجاهدًا، يقول في قوله: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً ودون الجهر من القول} الآية، قال: أمروا أن يذكروه في الصّدور تضرّعًا وخيفةً.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن التّيميّ، عن أبيه، عن حيّان بن عميرٍ، عن عبيد بن عميرٍ، في قوله: {واذكر ربّك في نفسك} قال: يقول اللّه إذا ذكرني عبدي في نفسه، ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني عبدي وحده ذكرته وحدي، وإذا ذكرني في ملإٍ ذكرته في أحسن منهم وأكرم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً} قال: يؤمر بالتّضرّع في الدّعاء والاستكانة، ويكره رفع الصّوت والنّداء والصّياح بالدّعاء.
وأمّا قوله: {بالغدوّ والآصال} فإنّه يعني بالبكر والعشيّات. وأمّا الآصال فجمعٌ.
واختلف أهل العربيّة فيها فقال بعضهم: هي جمع أصيلٍ، كما الأيمان جمع يمينٍ، والأسرار جمع سريرٍ.
وقال آخرون منهم: هي جمع أصلٍ، والأصل جمع أصيلٍ. وقال آخرون منهم: هي جمع أصلٍ وأصيلٍ. قال: وإن شئت جعلت الأصل جمعًا للأصيل، وإن شئت جعلته واحدًا. قال: والعرب تقول: قد دنا الأصل فيجعلونه واحدًا.
وهذا القول أولى بالصّواب في ذلك، وهو أنّه جائزٌ أن يكون جمع أصيلٍ وأصلٍ لأنّهما قد يجمعان على أفعالٍ.
وأمّا الآصال فهي فيما يقال في كلام العرب ما بين العصر إلى المغرب.
وأمّا قوله: {ولا تكن من الغافلين}؛ فإنّه يقول: ولا تكن من اللاّهين إذا قرئ القرآن عن عظاته وعبره، وما فيه من عجائبه، ولكن تدبّر ذلك وتفهّمه، وأشعره قلبك بذكر اللّه وخضوعٍ له وخوفٍ من قدرة اللّه عليك، إن أنت غفلت عن ذلك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {بالغدوّ والآصال}؛ قال: بالبكر والعشيّ. {ولا تكن من الغافلين}.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا معرّف بن واصلٍ السّعديّ، قال: سمعت أبا وائلٍ، يقول لغلامه عند مغيب الشّمس: آصلنا بعد؟.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قال مجاهدٌ، قوله: {بالغدوّ والآصال} قال: الغدوّ: آخر الفجر صلاة الصّبح، والآصال: آخر العشيّ صلاة العصر. قال: وكلّ ذلك لها وقتٌ أوّل الفجر وآخره، وذلك مثل قوله في سورة آل عمران: {واذكر ربّك كثيرًا وسبّح بالعشيّ والإبكار} وقيل: العشيّ: ميل الشّمس إلى أن تغيب، والإبكار: أوّل الفجر.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن محمّد بن شريكٍ، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ، سئل عن صلاة الفجر، فقال: إنّها لفي كتاب اللّه، ولا يقوم عليها، ثمّ قرأ: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} الآية.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً} إلى قوله: {بالغدوّ والآصال} أمر اللّه بذكره، ونهى عن الغفلة. أمّا بالغدوّ: فصلاة الصّبح، والآصال: بالعشيّ). [جامع البيان: 10/ 667-670]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين (205)}؛
قوله تعالى: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفة}؛
الوجه الأول:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ ابن التّميميّ، عن أبيه عن حيّان ابن عميرٍ، عن عبيد بن عميرٍ في قول اللّه: {واذكر ربّك في نفسك} قال: يقول اللّه: إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني عبدي وحده ذكرته وحدي، وإذا ذكرني في ملإ ذكرته في أحسن منهم وأكرم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس ثنا يزيد بن زريعٍ ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً} أمر اللّه بذكره ونهى عن الغفلة.
الوجه الثّاني:
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، ثنا ابن وهبٍ، حدّثني ابن زيدٍ عبد الرّحمن، عن أبيه زيد بن أسلم واذكر ربّك في نفسك قال: الذّكر أن تذكر اللّه وتسبّحه وتهلّله وتحمده.
- ذكره أبي، ثنا عبدان بن عثمان المروزيّ، عن أبي حمزة، يعني السّكّريّ عن مطرّفٍ عن الحكم ابن عتيبة في قوله: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً}؛ قال: إذا أسمعك الإمام القراءة فلا تنطقنّ بشيءٍ.
قوله تعالى: {ودون الجهر من القول}؛
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت ابن زيدٍ في قوله: {ودون الجهر من القول}؛ لا تجهر بذلك.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ ابن وهبٍ، حدّثني ابن زيدٍ عبد الرّحمن، عن أبيه زيد بن أسلم {دون الجهر من القول}؛ قلا: لا تجهر بالغدوّ والآصال.
- وبإسناده قال: {ودون الجهر من القول بالغدو}؛ يجهر فيها.
قوله تعالى: {بالغدوّ}؛
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس ثنا يزيد ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: {بالغدوّ}؛ قال: أمّا بالغدوّ فصلاة الصّبح.
قوله تعالى: {والآصال}؛
- وبه عن قتادة {والآصال}؛ قال: بالعشيّ.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأ مفضّل بن فضالة، عن أبي صخرٍ في قوله: {بالغدوّ والآصال }؛ والآصال ما بين الظّهر والعصر.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ، حدّثني عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: {دون الجهر من القول بالغدوّ والآصال} قال: فالآصال لا يجهر فيها.
قوله تعالى: {ولا تكن من الغافلين}؛
- وبه عن ابن زيدٍ، عن أبيه أسلم قال: {ولا تكن من الغافلين}؛ قال: مع الغافلين.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا يحيى بن الضّريس عن أبي سنانٍ، عن عمرو بن مرّة، عن بكير بن الأخنس قال: ما أتى يوم الجمعة على أحدٍ وهو لا يعلم أنّه يوم جمعة إلا كتب من الغافلين). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1647-1648]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: أمره الله أن يذكره ونهاه عن الغفلة أما بالغدو: فصلاة الصبح والآصال: بالعشي.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر قال: {الآصال}: ما بين الظهر والعصر.
- وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: هذا إذا أقام الإمام الصلاة {فاستمعوا له وأنصتوا} واذكر ربك أيها المنصت {في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول} قال: لا تجهر بذاك {بالغدو والآصال} بالبكر والعشي {ولا تكن من الغافلين}.
- وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عبيد بن عمير في قوله: {واذكر ربك في نفسك}؛ قال: يقول الله إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي وإذا ذكرني عبدي وحده ذكرته وحدي وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ أحسن منهم وأكرم.
- وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد {بالغدو} قال: آخر الفجر صلاة الصبح {والآصال} آخر العشي صلاة العصر وكل ذلك لها وقت أول الفجر وآخره وذلك مثل قوله في سورة آل عمران {بالعشي والإبكار} [آل عمران: 41] ميل الشمس إلى أن تغيب والإبكار أول الفجر.
- وأخرج عبد بن حميد عن معرف بن واصل قال: سمعت أبا وائل يقول لغلامه عند مغيب الشمس: آصلنا.
- أخرج البزار والطبراني عن ابن مسعود عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {ولا تكن من الغافلين} قال: ٍٍ«ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل عن الفارقين
».
- وأخرج ابن أبي حاتم عن بكير بن الأخنس قال: ما أتى يوم الجمعة على أحد وهو لا يعلم أنه يوم الجمعة إلا كتب من الغافلين.
- وأخرج الطبراني، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«الغفلة في ثلاث، عن ذكر الله ومن حين يصلي الصبح إلى طلوع الشمس وأن يغفل الرجل عن نفسه في الدين حتى يركبه»). [الدر المنثور: 6/ 726-728]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته ويسبّحونه وله يسجدون}.
يقول تعالى ذكره: لا تستكبر أيّها المستمع المنصت للقرآن عن عبادة ربّك، واذكره إذا قرئ القرآن تضرّعًا وخيفةً ودون الجهر من القول، فإنّ الّذين عند ربّك من ملائكته لا يستكبرون عن التّواضع له والتّخشّع، وذلك هو العبادة.
{ويسبّحونه} يقول: ويعظمون ربهم بتواضعهم له وعبادتهم، {وله يسجدون} يقول: ولله يصلون، وهو سجودهم، فصلوا أنتم أيضا له، وعظموا بالعبادة كما يفعله من عنده ملائكته). [جامع البيان: 10/ 671]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({إنّ الّذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته ويسبّحونه وله يسجدون (206)}
قوله تعالى: {إنّ الّذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته ويسبّحونه وله يسجدون}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ يسبّح، قال: يصلّي). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1648]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي شيبة من طريق أبي العريان المجاشعي عن ابن عباس، أنه ذكر سجود القرآن فقال: الأعراف والرعد والنحل وبنو إسرائيل ومريم والحج سجدة واحدة والنمل والفرقان والم تنزيل وحم تنزيل وص وليس في المفصل سجود
- وأخرج أبو الشيخ عن عطاء قال: عد علي بن العباس عشر سجدات في القرآن، الأعراف والرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والحج الأولى منها والفرقان والنمل وتنزيل السجدة وحم السجدة.
- وأخرج ابن ماجة والبيهقي في "سننه" عن أبي الدرداء قال سجدت مع النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- إحدى عشرة سجدة ليس فيها من المفصل شيء، الأعراف والرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والحج سجدة والفرقان وسليمان سورة النمل والسجدة وص وسجدة الحواميم.
- وأخرج أبو داود، وابن ماجة والدارقطني والحاكم، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن عمرو بن العاص أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن منها ثلاث من المفصل وفي سورة الحج سجدتين.
- وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والبيهقي عن ابن عمرو قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ علينا القرآن فيقرأ السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه حتى لا يجد أحدنا مكانا لوضع جبهته.
- وأخرج مسلم، وابن ماجة والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار».
- وأخرج البيهقي عن ابن سيرين قال: سئلت عائشة عن سجود القرآن فقالت:
«حق الله يؤديه أو تطوع تطوعه وما من مسلم سجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة أو حط عنه بها خطيئة أو جمعها له كلتيهما».
- وأخرج البيهقي عن مسلم بن يسار قال: إذا قرأ الرجل السجدة فلا يسجد حتى يأتي على الآية كلها فإذا أتى عليه رفع يديه وكبر وسجد.
- وأخرج أبو داود والبيهقي عن ابن عمر قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه.
- وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي والدارقطني والبيهقي عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«في سجود القرآن بالليل يقول في السجدة مرارا سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين».
- وأخرج ابن أبي شيبة عن قيس بن السكن قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره» قال: وبلغني أن داود عليه السلام كان يقول: سجد وجهي متعفرا في التراب لخالقي وحق له ثم قال: سبحان الله ما أشبه كلام الأنبياء بعضهم ببعض.
- وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول في سجوده:
«اللهم لك سجد سوادي وبك آمن فؤادي اللهم ارزقني علما ينفعني وعلما يرفعني».
- وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة أنه كان يقول إذا قرأ السجدة: سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا سبحان الله وبحمده ثلاثا.
- وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال: لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر.
- وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال: كانوا يكرهون إذا أتوا على السجدة أن يجاوزوها حتى يسجدوا.
- وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يدع قراءة آخر سورة الأعراف في كل جمعة على المنبر). [الدر المنثور: 6/ 728-731]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 10:15 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها...}
يقول: هلا افتعلتها. وهو من كلام العرب؛ جائز أن يقال: اختار الشيء، وهذا اختياره). [معاني القرآن: 1/ 402]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {هذا بصائر من ربّكم}؛ هذا القرآن ما يتلى عليكم، فلذلك ذكّره، والعرب تفعل ذلك، قال:
قبائلنا سبعٌ وأنتم ثلاثة ....... وللسبع أركى من ثلاث وأكثر
ذكرّ ثلاثة ذهب به إلى بطن ثم أنثه لأنه ذهب به إلى قبيلة ومجاز بصائر أي حجج وبيان وبرهان.
واحدتها بصيرة وقال الجعفيّ:
حملوا بصائرهم على أكتفاهم ....... وبصيرتي يعدو بها عتدٌ وأمي
البصيرة الترس، والبصيرة الحلقة من حلق الدرع، فيجوز أن يقال للدرع كلها بصيرة والبصيرة من الدم الذي بمنزلة الورق الرشاس منه والجدية أوسع من البصيرة والبصيرة مثل فرسن البعير فهو بصيرة والجدية أعظم من ذلك، والإسبأة والأسابي في طول، قال:
والعاديات أسابيّ الدّماء بها ....... كأنّ أعناقها أنصاب ترجيب).
[مجاز القرآن: 1/ 237-238]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {لولا اجتبيتها} فهي افتعلت من جبيت، يقول: لولا استقصيت علمها اجتباءً، {واجتبيناهم} أيضًا المعنى: اصطفيناهم؛ وكأن المعنى: قريب بعضه من بعض؛ لأنه الاعتقاد للشيء والاصطفاء له). [معاني القرآن لقطرب: 603]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (203 - {وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها} أي هلا اخترت لنا آية من عندك. قال اللّه: {قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي}). [تفسير غريب القرآن: 176]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي هذا بصائر من ربّكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (203)}
أي هلا اختلقتها، أي هلا أتيت بها من نفسك، فأعلمهم - صلى الله عليه وسلم - أن الآيات من قبل اللّه جل ثناؤه.
وقوله: {إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي هذا بصائر من ربّكم}؛
أي هذا القرآن الذي أتيت به بصائر من ربكم، واحدة البصائر بصيرة.
والبصيرة والبصائر طرائق الدّم، قال الأشعر الجعفي.
راحوا بصائرهم على أكتافهم ....... وبصيرتي يعدو بها عتد وأيّ
والبصيرة التّرس، وجمعها بصائر.
وجميع هذا أيضا معناه ظهور الشيء وبيانه). [معاني القرآن: 2/ 397]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (187 - وقوله جل وعز: {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها}
قال قتادة: أي جئت بها من عند نفسك.
وكذلك هو في اللغة يقال اجتبيت الشيء وارتجلته واخترعته واختلقته إذا جئت به من عند نفسك). [معاني القرآن: 3/ 121]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (203- {لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا} أي هلاَ اخترت لنا آية من عندك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 89]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا...}
قال: كان الناس يتكلمون في الصلاة المكتوبة، فيأتي الرجل القوم فيقول: كم صليتم؟ فيقول: كذا وكذا. فنهوا عن ذلك، فحرم الكلام في الصلاة لما أنزلت هذه الآية). [معاني القرآن: 1/ 402]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون (204)}؛
يروى أن الكلام في الصلاة كان جائزا، فكان يدخل الرجل فيقول: كم صلّيتم فيقال: صلينا كذا. فلما نزلت فاستمعوا له وأنصتوا حرم الكلام في الصلاة إلا ما كان مما يتقرب به إلى اللّه جل ثناؤه. ومما ذكرته الفقهاء نحو التسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار وما أشبه ذلك. من ذكر الله جلّ وعز ومسألته العفو.
ويجوز أن يكون فاستمعوا له وأنصتوا، اعملوا بما فيه ولا تجاوزوا لأن معنى قول القائل: سمع اللّه دعاءك. تأويله: أجاب الله دعاءك، لأن اللّه جلّ ثناؤه سميع عليم). [معاني القرآن: 2/ 398]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (189 - وقوله جل وعز: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}
هذا عام يراد به الخاص.
وقال إبراهيم النخعي وابن شهاب والحسن: هذا في الصلاة.
وقال عطاء: هذا في الصلاة والخطبة.
قال أبو جعفر القول الأولى أول لأن الخطبة يجب السكوت فيها إذا قرئ القرآن وإذا لم يقرأ.
والدليل على صحة ما رواه إبراهيم الهجري عن أبي عياض عن أبي هريرة قال: كانوا يتكلمون في الصلاة فأنزل الله جل وعز: {وإذا قرئ القرآن} إلى آخرها
قال أبو جعفر ولم يختلف في معنى قوله تعالى: {واذكر ربك في نفسك} أنه في الدعاء
وقال بعضهم في قوله جل وعز: {فاستمعوا له وأنصتوا} كان هذا لرسول الله خاصة ليعيه عنه أصحابه). [معاني القرآن: 3/ 122-123]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تضرّعاً وخيفةً}؛ أي خوفاً وذهبت الواو بكسرة الخاء.
{والآصال}؛ واحدتها أصل وواحد الأصل أصيل ومجازه: ما بين العصر إلى المغرب، وقال أبو ذؤيب:
لعمري لأنت البيت أكرم أهله ....... وأقصد في أفيائه بالأصائل
يقال: آخر النهار). [مجاز القرآن: 1/ 238-239]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({واذكر رّبّك في نفسك تضرّعاً وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن مّن الغافلين}
وقال: {بالغدوّ والآصال} وتفسيرها "بالغدوات" كما تقول: "آتيك طلوع الشمس" أي: في وقت طلوع الشمس كما قال: {بالعشيّ والإبكار} وهو مثل "آتيك في الصّباح وبالمساء" وأما {الآصال} فواحدها: "أصيلٌ" مثل: "الأشرار" واحدها: "الشرير" و"الأيمان" واحدتها: "اليمين"). [معاني القرآن: 2/ 23]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {بالغدو والآصال} الواحد أصل، أتيتك مؤصلاً وأصلاً: أي عشيًا؛ وقالوا: آصلنا وأعشينا؛ وأتيتك أيضًا أصيلالاً وأصيلانًا: أي عشيًا). [معاني القرآن لقطرب: 603]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (205- {الآصال}: واحدها أصيل وهو ما بين العصر والمغرب).[غريب القرآن وتفسيره: 156]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (205 - {والآصال} آخر النهار. وهي العشي أيضا). [تفسير غريب القرآن: 176]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين (205)}
{بالغدوّ والآصال}؛
الآصال جمع. أصل، والأصل جمع أصيل، فالآصال جمع الجمع.
والآصال العشيات). [معاني القرآن: 2/ 398]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (188 - وقوله جل وعز: {ودون الجهر من القول بالغدو والآصال}؛
الآصال العشايا الواحد أصل وواحد أصل أصيل). [معاني القرآن: 3/ 121]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {والآصال}: العشيات). [ياقوتة الصراط: 234]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (205- {الآصَالِ}: مابين العصر إلى المغرب). [العمدة في غريب القرآن: 141]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (206 - {إنّ الّذين عند ربّك} يعني الملائكة). [تفسير غريب القرآن: 176]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 17].
قال قتادة والحسن: اللهو: المرأة.
وقال ابن عباس: هو الولد.
والتفسيران متقاربان، لأن امرأة الرجل لَهْوُهُ، وولده لَهْوُهُ ولذلك يقال: امرأة الرجل وولده ريحانتاه.
وأصل اللهو: الجماع، فكنّي عنه باللهو، كما كني عنه بالسِّرِّ، ثم قيلَ للمرأة: لَهْوٌ؛ لأنها تُجَامع.
قال امرؤ القيس:
ألا زَعَمَتْ بَسباسَةُ اليوم أنّني ....... كَبَرْتُ وألا يُحْسِنَ اللهوَ أمثالي
أي النكاح.
ويروى أيضا: (وألا يحسن السرَّ أمثالي): أي النكاح.
وتأويل الآية: أن النّصارى لما قالت في المسيح وأمّه ما قالت، قال الله جل وعز: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا}، أي صاحبة وولدا، كما يقولون، لاتخذنا ذلك من لدنا، أي من عندنا، ولم نتّخذه من عندكم لو كنّا فاعلين ذلك، لأنكم تعلمون أن ولد الرجل وزوجه يكونان عنده وبحضرته لا عند غيره.
وقال الله في مثل هذا المعنى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ}، يعني الملائكة). [تأويل مشكل القرآن: 163] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ الّذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته ويسبّحونه وله يسجدون (206)}
يعنى به الملائكة.
{ويسبّحونه}؛ ينزهونه عن السوء.
فإن قال قائل: الله جل ثناؤه في كل مكان، قال الله تعالى: {وهو اللّه في السّماوات وفي الأرض}
فمن أين قيل للملائكة: (عند ربّك)، فتأويله إنه من قرب من رحمة الله ومن تفضله وإحسانه). [معاني القرآن: 2/ 398]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 09:48 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قوله عز وجل: {لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا} أي جئت بها من نفسك). [مجالس ثعلب: 377]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الأفعال التي تدخلها ألف الوصل
والأفعال الممتنعة من ذلك
أما ما تدخله ألف الوصل فهو كل فعلٍ كانت الياء وسائر حروف المضارعة تنفتح فيه إذا قلت يفعل، قلت حروفه أو كثرت، إلا أن يتحرك ما بعد الفاء فيستغنى عن الألف كما ذكرت لك.
فمن تلك الأفعال: ضرب وعلم وكرم، وتقول إذا أمرت: اضرب زيداً، اعلم ذاك، اكرم يا زيد؛ لأنك تقول: يضرب ويعلم ويكرم، فالياء من جميع هذا مفتوحة.
وتقول: يا زيد اضرب عمراً فتسقط الألف؛ كما قال عز وجل: {قل ادعوا الله}، وكما قال: {واعلموا أنما غنمتم من شيءٍ} لأن الواو لحقت فسقطت الألف.
وكذلك تقول: انطلق يا زيد، وقد انطلقت يا زيد؛ لأن الألف موصولة؛ لأنك تقول في المضارع: ينطلق فتنفتح الياء، وكذلك إذا قال: استخرجت مالاً، واستخرج إذا أمرت؛ لأنك تقول: يستخرج. وكل فعلٍ لم نذكره تلحقه هذه العلة فهذا مجراه.
فأما تفاعل يتفاعل، وتفعل يتفعل: نحو: تقاعس الرجل، وتقدم الرجل فإن ألف الوصل لا تلحقه وإن كانت الياء مفتوحة في يتقدم، وفي يتقاعس؛ لأن الحرف الذي بعدها متحرك وإنما تلحق الألف لسكون ما بعدها.
فإن كان يفعل مضموم الياء لك تكن الألف إلا مقطوعة، لأنها تثبت كثبات الأصل إذ كان ضم الياء من يفعل إنما يكون لما وليه حرفٌ من الأصل؛ وذلك ما كان على أفعل؛ نحو: أكرم، وأحسن، وأعطى؛ لأنك تقول: يكرم، ويحسن، ويعطي، فتنضم الياء؛ كما تنضم في يدحرج ويهملج. فإنما تثبت الألف من أكرم؛ كما تثبت الدال من دحرج.
تقول: يا زيد أكرم عمراً، كما تقول: دحرج. قال الله عز وجل: {فاستمعوا له وأنصتوا} وقال: {وأحسن كما أحسن الله إليك} بالقطع.
وكان حق هذا أن يقال في المضارع: يؤكرم مثل يدحرج ويؤحسن. ولكن اطرحت الهمزة لما أذكره لك في موضعه إن شاء الله). [المقتضب: 2/ 86-87] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (والآصالُ: العَشِيَّاتُ, واحدُها أَصيلٌ). [شرح لامية العرب: --]

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (فإذا زالت الشمس قيل: هجّرنا تهجيراً.
فإذا أبردت، وذلك بين الصلاتين، فهو الرّواح. ويقال: رحت أروح روحاً.
ثمّ الأصيل بعد الرّواح. يقال: آصلنا إيصالاً. إلى أن تغيب الشمس. قال الله جلّ ثناؤه: {بالغدوّ والآصال} والواحد أصل). [الأزمنة: 57-58]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ({الآصال}: من نصف النهار إلى العصر). [مجالس ثعلب: 398]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب رؤية الأنبياءما أقرب ما بين الملائكة والأنبياء في التأويل، إلا في الشهادة وحدها فإنها في رؤية الملائكة دون الأنبياء؛ لأن الملائكة عند الله، والشهداء عنده. قال الله تعالى: {إن الذين عند ربك}. وقال في الشهداء: {عند ربهم يرزقون}.
ولذلك سمي شهيدا، لأنه يشهد ملكوت السماء. فهو فعيل في معنى فاعل، كما يقال: قدير، في معنى قادر؛ وحفيظ في معنى حافظ). [تعبير الرؤيا: 105]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:33 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:33 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:33 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:34 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ}؛ سببها فيما روي أن الوحي كان يتأخر على النبي -صلى الله عليه وسلم- أحيانا، فكان الكفار يقولون هلا اجتبيتها، ومعنى اللفظة في كلام العرب تخيرتها واصطفيتها، وقال ابن عباس وقتادة ومجاهد وابن زيد وغيرهم: المراد بهذه اللفظة هلا اخترتها واختلقتها من قبلك ومن عند نفسك. والمعنى إذ كلامك كله كذلك على ما كانت قريش تزعمه، وقال ابن عباس أيضا والضحاك: المراد هلا تلقيتها من الله وتخيرتها عليه، إذ تزعم أنك نبي وأن منزلتك عنده منزلة الرسالة، فأمره الله عز وجل أن يجيب بالتسليم لله تعالى وأن الأمر في الوحي إليه ينزله متى شاء لا معقب لحكمه في ذلك فقال قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي ثم أشار بقوله هذا إلى القرآن، ثم وصفه بأنه بصائر أي علامات هدى وأنوار تضيء القلوب، وقالت فرقة: المعنى هذا ذو بصائر، ويصح الكلام دون أن يقدر حذف مضاف لأن المشار إليه بهذا إنما هو سور وآيات وحكم، وجازت الإشارة إليه بهذا من حيث اسمه مذكر، وجاز وصفه ب بصائر من حيث هو سور وآيات، وهدىً ورحمةٌ لقومٍ يؤمنون أي لهؤلاء خاصة، قال الطبري: وأما من لا يؤمن فهو عليه عمى عقوبة من الله تعالى). [المحرر الوجيز: 4/ 122-123]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون (204) واذكر ربّك في نفسك تضرّعاً وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين (205) إنّ الّذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته ويسبّحونه وله يسجدون (206)}
ذكر الطبري وغيره أن سبب هذه الآية هو أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا بمكة يتكلمون في المكتوبة بحوائجهم ويصيحون عند آيات الرحمة والعذاب ويقول أحدهم إذا أتاهم صليتم؟
وكم بقي؟ فيخبرونه ونحو هذا، فنزلت الآية أمرا لهم بالاستماع والإنصات في الصلاة، وأما قول من قال إنها في الخطبة فضعيف، لأن الآية مكية، والخطبة لم تكن إلا بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، وكذلك ما ذكر الزهراوي من أنها نزلت بسبب فتى من الأنصار كان يقرأ في الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يقرأ، فأما الاستماع والإنصات عن الكلام في الصلاة فإجماع، وأما الإمساك والإنصات عن القراءة فقالت فرقة: يمسك المأموم عن القراءة جملة قرأ الإمام جهرا أو سرا، وقالت فرقة: يقرأ المأموم إذا أسر الإمام ويمسك إذا جهر، وقالت فرقة: يسمك المأموم في جهر الإمام عن قراءة السورة ويقرأ فاتحة الكتاب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ومع هذا القول أحاديث صحاح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهذه الآية واجبة الحكم في الصلاة أن ينصت عن الحديث وما عدا القراءة واجبة الحكم أيضا في الخطبة من السنة، لا من هذه الآية، ويجب من الآية الإنصات إذا قرأ الخطيب القرآن أثناء الخطبة وحكم هذه الآية في غير الصلاة على الندب أعني في نفس الإنصات والاستماع إذا سمع الإنسان قراءة كتاب الله عز وجل، وأما ما تتضمنه الألفاظ وتعطيه من توقير القرآن وتعظيمه فواجب في كل حالة، والإنصات السكوت، ولعلّكم على ترجي البشر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ولم نستوعب اختلاف العلماء في القراءة خلف الإمام، إذ ألفاظ الآية لا تعرض لذلك، لكن لما عن ذلك في ذكر السبب ذكرنا منه نبذة، وذكر الطبري عن سعيد بن جبير أنه قال في قوله عز وجل: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ قال الإنصات يوم الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة وفيما يجهر به الإمام من الصلاة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا قول جمع فيه ما أوجبته هذه الآية وغيرها من السنة في الإنصات، قال الزجّاج: ويجوز أن يكون فاستمعوا له وأنصتوا اعملوا بما فيه ولا تجاوزوه). [المحرر الوجيز: 4/ 123-124]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {واذكر ربّك في نفسك ... الآية}، مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم تعم جميع أمته وهو أمر من الله عز وجل بذكره وتسبيحه وتقديسه والثناء عليه بمحامده، والجمهور على أن الذكر لا يكون في النفس ولا يراعى إلا بحركة اللسان، ويدل على ذلك من هذه الآية قوله: ودون الجهر من القول.
فهذه مرتبة السر والمخافتة باللفظ، وتضرّعاً معناه تذللا وخضوعا، وخيفةً أصلها خوفة بدلت الواو ياء لأجل الكسرة التي تقدمتها، وقوله بالغدوّ والآصال معناه دأبا وفي كل يوم وفي أطراف النهار، وقالت فرقة هذه الآية كانت في صلاة المسلمين قبل فرض الصلوات الخمس، وقال قتادة: «الغدو» صلاة الصبح والآصال صلاة العصر، والآصال جمع أصل والأصل جمع أصيل وهو العشيّ وقيل الآصال جمع أصيل دون توسط كإيمان جمع يمين و «آصال» أيضا جمع أصاييل فهو جمع جمع الجمع، وقرأ أبو مجلز «والإيصال» مصدر كالإصباح والإمساء، ومعناه إذا دخلت في الأصيل وفي الطبري قال أبو وائل لغلامه هل آصلنا بعد؟ ولا تكن من الغافلين تنبيه.
ولما قال الله عز وجل ولا تكن من الغافلين جعل بعد ذلك مثالا من اجتهاد الملائكة ليبعث على الجد في طاعة الله عز وجل، وقوله الّذين يريد الملائكة، وقوله: عند إنما يريد في المنزلة والتشريف والقرب في المكانة لا في المكان، فهم بذلك عنده، ثم وصف تعالى حالهم من تواضعهم وإدمانهم للعبادة والتسبيح والسجود، وفي الحديث: أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع شبر إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد وهذا موضع سجدة، قال النخعي في كتاب النقاش: إن شئت ركعت وإن شئت سجدت). [المحرر الوجيز: 4/ 124-125]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:34 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:34 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي هذا بصائر من ربّكم وهدًى ورحمةٌ لقومٍ يؤمنون (203)}
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: {قالوا لولا اجتبيتها} يقول: لولا تلقّيتها. وقال مرّةً أخرى: لولا أحدثتها فأنشأتها.
وقال ابن جريرٍ عن عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ في قوله [تعالى]: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها} قال: لولا اقتضيتها، قالوا: تخرجها عن نفسك. وكذا قال قتادة، والسّدّيّ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، واختاره ابن جريرٍ.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ [رضي اللّه عنه] {لولا اجتبيتها} يقول: تلقّيتها من اللّه، عزّ وجلّ
وقال الضّحّاك: {لولا اجتبيتها} يقول: لولا أخذتها أنت فجئت بها من السّماء.
ومعنى قوله تعالى: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ} أي: معجزةٍ، وخارقٍ، كما قال تعالى: {إن نشأ ننزل عليهم من السّماء آيةً فظلّت أعناقهم لها خاضعين} [الشّعراء: 4] يقولون للرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم: ألا تجهد نفسك في طلب الآيات من اللّه حتّى نراها ونؤمن بها، قال اللّه تعالى له: {قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي} أي: أنا لا أتقدّم إليه تعالى في شيءٍ، وإنّما أتّبع ما أمرني به فأمتثل ما يوحيه إليّ، فإن بعث آيةً قبلتها، وإنّ منعها لم أسأله ابتداء إيّاها؛ إلّا أن يأذن لي في ذلك، فإنّه حكيمٌ عليمٌ.
ثمّ أرشدهم إلى أنّ هذا القرآن هو أعظم المعجزات، وأبين الدّلالات، وأصدق الحجج والبيّنات، فقال: {هذا بصائر من ربّكم وهدًى ورحمةٌ لقومٍ يؤمنون}). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 535]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون (204)}
لمّا ذكر تعالى أنّ القرآن بصائر للنّاس وهدًى ورحمةٌ، أمر تعالى بالإنصات عند تلاوته إعظامًا له واحترامًا، لا كما كان يعتمده كفّار قريشٍ المشركون في قولهم: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون} [فصّلت: 26] ولكن يتأكّد ذلك في الصّلاة المكتوبة إذا جهر الإمام بالقراءة كما ورد الحديث الذي رواه مسلمٌ في صحيحه، من حديث أبي موسى الأشعريّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به، فإذا كبّر فكبّروا، وإذا قرأ فأنصتوا» وكذلك رواه أهل السّنن من حديث أبي هريرة وصحّحه مسلم بن الحجّاج أيضًا، ولم يخرجه في كتابه وقال إبراهيم بن مسلمٍ الهجريّ، عن أبي عياضٍ، عن أبي هريرة قال: كانوا يتكلّمون في الصّلاة، فلمّا نزلت هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} والآية الأخرى، أمروا بالإنصات
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصمٍ، عن المسيّب بن رافعٍ، قال ابن مسعودٍ: كنّا يسلّم بعضنا على بعضٍ في الصّلاة: سلامٌ على فلانٍ، وسلامٌ على فلانٍ، فجاء القرآن {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون}
وقال أيضًا: حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا المحاربيّ، عن داود بن أبي هندٍ، عن بشير بن جابرٍ قال: صلّى ابن مسعودٍ، فسمع ناسًا يقرءون مع الإمام، فلمّا انصرف قال: أما آن لكم أن تفهموا؟ أما آن لكم أن تعقلوا؟ {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} كما أمركم اللّه
قال: وحدّثني أبو السّائب، حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن الزّهريّ قال: نزلت هذه الآية في فتًى من الأنصار، كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كلّما قرأ شيئًا قرأه، فنزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}
وقد روى الإمام أحمد وأهل السنن، من حديث الزهري، عن أبي أكيمضة اللّيثيّ، عن أبي هريرة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم انصرف من صلاةٍ جهر فيها بالقراءة، فقال:
«هل قرأ أحدٌ منكم معي آنفًا؟ » قال رجلٌ: نعم يا رسول اللّه. قال:«إنّي أقول: ما لي أنازع القرآن؟» قال: فانتهى النّاس عن القراءة مع رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فيما جهر فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالقراءة من الصّلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال التّرمذيّ: "هذا حديثٌ حسنٌ". وصحّحه أبو حاتمٍ الرّازيّ.
وقال عبد اللّه بن المبارك، عن يونس عن الزّهريّ قال: لا يقرأ من وراء الإمام فيما يجهر به الإمام، تكفيهم قراءة الإمام وإن لم يسمعهم صوته، ولكنّهم يقرءون فيما لا يجهر به سرًّا في أنفسهم، ولا يصلح لأحدٍ خلفه أن يقرأ معه فيما يجهر به سرًّا ولا علانيةً، فإنّ اللّه تعالى قال: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون}
قلت: هذا مذهب طائفةٍ من العلماء: أنّ المأموم لا يجب عليه في الصّلاة الجهريّة قراءةٌ فيما جهر فيه الإمام لا الفاتحة ولا غيرها، وهو أحد قولي الشّافعيّ، وهو القديم كمذهب مالكٍ، وروايةٌ عن أحمد بن حنبلٍ، لما ذكرناه من الأدلّة المتقدّمة. وقال في الجديد: يقرأ الفاتحة فقط في سكتات الإمام، وهو قول طائفةٍ من الصّحابة والتّابعين فمن بعدهم. وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبلٍ: لا يجب على المأموم قراءةٌ أصلًا في السّرّيّة ولا الجهريّة، لما ورد في الحديث: "من كان له إمامٌ فقراءته له قراءةٌ". وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده عن جابرٍ مرفوعًا، وهو في موطّأ مالكٌ عن وهب بن كيسان، عن جابرٍ موقوفًا، وهذا أصحّ. وهذه المسألة مبسوطةٌ في غير هذا الموضع وقد أفرد لها الإمام أبو عبد اللّه البخاريّ مصنّفًا على حدةٍ واختار وجوب القراءة خلف الإمام في السّريّة والجهريّة أيضًا، واللّه أعلم.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} يعني: في الصّلاة المفروضة. وكذا روي عن عبد اللّه بن المغفّل.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا حميد بن مسعدة، حدّثنا بشر بن المفضّل، حدّثنا الجريريّ، عن طلحة بن عبيد اللّه بن كريز قال: رأيت عبيد بن عميرٍ وعطاء بن أبي رباحٍ يتحدّثان، والقاصّ يقصّ، فقلت: ألا تستمعان إلى الذّكر وتستوجبان الموعود؟ قال: فنظرا إليّ، ثمّ أقبلا على حديثهما. قال: فأعدت فنظرا إليّ، وأقبلا على حديثهما. قال: فأعدت الثّالثة، قال: فنظرا إليّ فقالا إنّما ذلك في الصّلاة: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}
وقال سفيان الثّوريّ، عن أبي هاشمٍ إسماعيل بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: في الصّلاة. وكذا رواه غير واحدٍ عن مجاهدٍ.
وقال عبد الرّزّاق، عن الثّوريّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ قال: لا بأس إذا قرأ الرجل في غير الصلاة أن يتكلم.
وكذا قال سعيد بن جبيرٍ، والضّحّاك، وإبراهيم النخعي، وقتادة، والشعبي، والسدي، وعبد الرحمن ابن زيد بن أسلم: أنّ المراد بذلك في الصّلاة.
وقال شعبة، عن منصورٍ، سمعت إبراهيم بن أبي حرّة يحدّث أنّه سمع مجاهدًا يقول في هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: في الصّلاة والخطبة يوم الجمعة.
وكذا روى ابن جريجٍ عن عطاءٍ، مثله.
وقال هشيم، عن الرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن قال: في الصّلاة وعند الذّكر.
وقال ابن المبارك، عن بقيّة: سمعت ثابت بن عجلان يقول: سمعت سعيد بن جبيرٍ يقول في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ قال: الإنصات يوم الأضحى، ويوم الفطر، ويوم الجمعة، وفيما يجهر به الإمام من الصّلاة.
وهذا اختيار ابن جريرٍ أنّ المراد بذلك الإنصات في الصّلاة وفي الخطبة؛ لما جاء في الأحاديث من الأمر بالإنصات خلف الإمام وحال الخطبة.
وقال عبد الرّزّاق، عن الثّوريّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ أنّه كره إذا مرّ الإمام بآية خوفٍ أو بآية رحمةٍ أن يقول أحدٌ من خلفه شيئًا، قال: السّكوت.
وقال مبارك بن فضالة، عن الحسن: إذا جلست إلى القرآن، فأنصت له.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو سعيدٍ مولى بني هاشمٍ، حدّثنا عبّاد بن ميسرة، عن الحسن، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
«من استمع إلى آيةٍ من كتاب اللّه، كتبت له حسنةٌ مضاعفةٌ، ومن تلاها كانت له نورًا يوم القيامة». تفرّد به أحمد رحمه اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 536-538]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين (205) إنّ الّذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته ويسبّحونه وله يسجدون (206)}
يأمر تعالى بذكره أوّل النّهار وآخره، كما أمر بعبادته في هذين الوقتين في قوله: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل الغروب} [ق: 39] وقد كان هذا قبل أن تفرض الصّلوات الخمس ليلة الإسراء، وهذه الآية مكّيّةٌ.
وقال هاهنا بالغدوّ -وهو أوائل النّهار: {والآصال} جمع أصيلٍ، كما أنّ الأيمان جمع يمينٍ.
وأمّا قوله: {تضرّعًا وخيفةً} أي: اذكر ربّك في نفسك رهبة ورغبة، وبالقول لا جهرًا؛ ولهذا قال: {ودون الجهر من القول} وهكذا يستحبّ أن يكون الذّكر لا يكون نداءً و [لا] جهرًا بليغًا؛ ولهذا لمّا سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: أقريبٌ ربّنا فنناجيه أم بعيدٌ فنناديه؟ فأنزل اللّه: {وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أجيب دعوة الدّاع إذا دعان} [البقرة: 186]
وفي الصّحيحين عن أبي موسى الأشعريّ قال: رفع النّاس أصواتهم بالدّعاء في بعض الأسفار، فقال لهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:
«أيّها النّاس، اربعوا على أنفسكم، فإنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبًا؛ إنّ الّذي تدعونه سميعٌ قريبٌ»
وقد يكون المراد من هذه الآية كما في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا}[الإسراء: 110] فإنّ المشركين كانوا إذا سمعوا القرآن سبّوه، وسبّوا من أنزله، و [سبّوا] من جاء به؛ فأمره اللّه تعالى ألّا يجهر به، لئلّا ينال منه المشركون، ولا يخافت به عن أصحابه فلا يسمعهم، وليتّخذ سبيلًا بين الجهر والإسرار. وكذا قال في هذه الآية الكريمة: {ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين}
وقد زعم ابن جريرٍ وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم قبله: أنّ المراد بهذه الآية: أمر السّامع للقرآن في حال استماعه بالذّكر على هذه الصّفة. وهذا بعيدٌ منافٍ للإنصات المأمور به، ثمّ المراد بذلك في الصّلاة، كما تقدّم، أو الصّلاة والخطبة، ومعلومٌ أنّ الإنصات إذ ذاك أفضل من الذّكر باللّسان، سواءً كان سرًّا أو جهرًا، فهذا الّذي قالاه لم يتابعا عليه، بل المراد الحضّ على كثرة الذّكر من العباد بالغدوّ والآصال، لئلّا يكونوا من الغافلين؛ ولهذا مدح الملائكة الّذين يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون، فقال: {إنّ الّذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته ويسبّحونه وله يسجدون} وإنّما ذكّرهم بهذا ليتشبّه بهم في كثرة طاعتهم وعبادتهم؛ ولهذا شرع لنا السّجود هاهنا لمّا ذكر سجودهم للّه، عزّ وجلّ، كما جاء في الحديث:
«ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربّها، يتمّون الصّفوف الأول، ويتراصّون في الصّفّ»
وهذه أوّل سجدةٍ في القرآن، ممّا يشرع لتاليها ومستمعها السّجود بالإجماع. وقد ورد في حديثٍ رواه ابن ماجه، عن أبي الدّرداء، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه عدّها في سجدات القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 538-539]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:55 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة