تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلاّ ساعةً من النّهار يتعارفون بينهم قد خسر الّذين كذّبوا بلقاء اللّه وما كانوا مهتدين}.
يقول تعالى ذكره: ويوم نحشر هؤلاء المشركين فنجمعهم في موقف الحساب، كأنّهم كانوا قبل ذلك لم يلبثوا إلاّ ساعةً من نهارٍ يتعارفون فيما بينهم، ثمّ انقطعت المعرفة وانقضت تلك السّاعة. يقول اللّه: {قد خسر الّذين كذّبوا بلقاء اللّه وما كانوا مهتدين} قد غبن الّذين جحدوا ثواب اللّه وعقابه وحظوظهم من الخير وهلكوا. {وما كانوا مهتدين} يقول: وما كانوا موفّقين لإصابة الرّشد ممّا فعلوا من تكذيبهم بلقاء اللّه لأنّه أكسبهم ذلك ما لا قبل لهم به من عذاب اللّه). [جامع البيان: 12/187]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلّا ساعةً من النّهار يتعارفون بينهم قد خسر الّذين كذّبوا بلقاء اللّه وما كانوا مهتدين (45)
قوله تعالى: ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعةً من النهار
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا إبراهيم، ثنا سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال حشرها الموت.
قوله تعالى: يتعارفون بينهم
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن المثنّى، ثنا عبد اللّه الحنفيّ، ثنا عمر، عن الحسن يتعارفون بينهم قال: يعرف الرّجل صاحبه إلى جنبه لا يكلّمه يعني: يوم القيامة.
قوله تعالى: قد خسر الّذين كذّبوا بلقاء اللّه
- حدّثنا أبي، ثنا أبو بكر بن بشّارٍ العبديّ ثنا يحيى بن سعيدٍ، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي رزينٍ في قوله: قد خسر الّذين كذّبوا بلقاء اللّه قال: قد ضلّوا قبل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 6/1954-1955]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 45
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {يتعارفون بينهم} قال: يعرف الرجل صاحبه إلى جنبه فلا يستطيع أن يكلمه). [الدر المنثور: 7/663]
تفسير قوله تعالى: (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإمّا نرينّك بعض الّذي نعدهم أو نتوفّينّك فإلينا مرجعهم ثمّ اللّه شهيدٌ على ما يفعلون}.
يقول تعالى ذكره: وإمّا نرينّك يا محمّد في حياتك بعض الّذي نعدّ هؤلاء المشركين من قومك من العذاب، أو نتوفّينّك قبل أن نريك ذلك فيهم. {فإلينا مرجعهم} يقول: فمصيرهم بكلّ حالٍ إلينا ومنقلبهم. {ثمّ الله شهيدٌ على ما يفعلون} يقول جلّ ثناؤه ثمّ أنا شاهدٌ على أفعالهم الّتي كانوا يفعلونها في الدّنيا، وأنا عالمٌ بها لا يخفى عليّ شيءٌ منها، وأنا مجازيهم بها عند مصيرهم إليّ ومرجعهم جزاءهم الّذي يستحقّونه.
- كما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وإمّا نرينّك بعض الّذي نعدهم} من العذاب في حياتك، {أو نتوفّينّك} قبل، {فإلينا مرجعهم}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، نحوه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله). [جامع البيان: 12/188]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإمّا نرينّك بعض الّذي نعدهم أو نتوفّينّك فإلينا مرجعهم ثمّ اللّه شهيدٌ على ما يفعلون (46)
قوله تعالى: وإمّا نرينّك بعض الّذي نعدهم
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وإمّا نرينّك بعض الّذي نعدهم: من العذاب في حياتك.
قوله تعالى: أو نتوفينك
- وبه عن مجاهدٍ ولكلّ أمّةٌ رسولٌ فإذا جاء رسولهم: يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 6/1955]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وإما نرينك بعض الذي نعدهم يعني من العذاب في حياتك يا محمد أو نتوفينك فإلينا مرجعهم). [تفسير مجاهد: 294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 46 - 56.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإما نرينك بعض الذي نعدهم} قال: سوء العذاب في حياتك {أو نتوفينك} قبل {فإلينا مرجعهم} وفي قوله {ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم} قال: يوم القيامة (لم يتناول المؤلف تفسير بقية الآيات هكذا في الأصل) ). [الدر المنثور: 7/663-664]
تفسير قوله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (47) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولكلّ أمّةٍ رسولٌ فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون}.
يقول تعالى ذكره: ولكلّ أمّةٍ خلت قبلكم أيّها النّاس رسولٌ أرسلته إليهم، كما أرسلت محمّدًا إليكم يدعون من أرسلتهم إليهم إلى دين اللّه وطاعته. {فإذا جاء رسولهم} يعني في الآخرة.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {ولكلّ أمّةٍ رسولٌ فإذا جاء رسولهم} قال: يوم القيامة.
وقوله: {قضي بينهم بالقسط} يقول قضي حينئذٍ بينهم بالعدل {وهم لا يظلمون} من جزاء أعمالهم شيئًا، ولكن يجازى المحسن بإحسانه والمسيء من أهل الإيمان إمّا أن يعاقبه اللّه، وإمّا أن يعفو عنه، والكافر يخلّد في النّار؛ فذلك قضاء اللّه بينهم بالعدل، وذلك لا شكّ عدلٌ لا ظلمٌ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {قضي بينهم بالقسط} قال: بالعدل). [جامع البيان: 12/188-189]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولكلّ أمّةٍ رسولٌ فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون (47)
قوله تعالى: قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عمرو بن عليٍّ ثنا أبو عاصمٍ عن عيسى عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ القسط: العدل وروي عن السّدّيّ نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 6/1955]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فإذا جاء رسولهم يعني يوم القيامة قضي بينهم بالقسط يعني بالعدل). [تفسير مجاهد: 294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 46 - 56.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإما نرينك بعض الذي نعدهم} قال: سوء العذاب في حياتك {أو نتوفينك} قبل {فإلينا مرجعهم} وفي قوله {ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم} قال: يوم القيامة). [الدر المنثور: 7/663-664] (م)
تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ويقول هؤلاء المشركون من قومك يا محمّد {متى هذا الوعد} الّذي تعدنا أنّه يأتينا من عند اللّه؟ وذلك قيام السّاعة؛ {إن كنتم صادقين} أنت ومن تبعك فيما تعدوننا به من ذلك). [جامع البيان: 12/189]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (48)
قوله تعالى: ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله: ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قال أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ لنا يومًا يوشك أن نستريح فيه وننعم فيه فقال المشركون: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين أي تكذيبًا). [تفسير القرآن العظيم: 6/1955]
تفسير قوله تعالى: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (49) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل لا أملك لنفسي ضرًّا ولا نفعًا إلاّ ما شاء اللّه لكلّ أمّةٍ أجلٌ إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون}.
يقول تعالى ذكره: قل يا محمّد لمستعجليك وعيد اللّه، القائلين لك: متى يأتينا الوعد الّذي تعدنا إن كنتم صادقين: {لا أملك لنفسي} أيّها القوم؛ أي لا أقدر لها على ضرٍّ ولا نفعٍ في دنيا ولا دينٍ إلاّ ما شاء اللّه أن أملكه فأجلبه إليها بإذنه.
يقول تعالى ذكره لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهم: فإذا كنت لا أقدر على ذلك إلاّ بإذنه، فأنا عن القدرة على الوصول إلى علم الغيب ومعرفة قيام السّاعة أعجز وأعجز، إلاّ بمشيئته وإذنه لي في ذلك. {لكلّ أمّةٍ أجلٌ} يقول: لكلّ قومٍ ميقاتٌ لانقضاء مدّتهم وأجلهم، فإذا جاء وقت انقضاء أجلهم وفناء أعمارهم، لا يستأخرون عنه ساعةً فيمهلون ويؤخّرون، ولا يستقدمون قبل ذلك؛ لأنّ اللّه قضى أن لا يتقدّم ذلك قبل الحين الّذي قدّره وقضاه). [جامع البيان: 12/189-190]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل لا أملك لنفسي ضرًّا ولا نفعًا إلّا ما شاء اللّه لكلّ أمّةٍ أجلٌ إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون (49)
قوله تعالى: قل لا أملك لنفسي ضرًّا ولا نفعًا الآية.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: لا أملك لنفسي ضرًّا ولا نفعًا ضلالةً إلا ما شاء اللّه.
قوله تعالى: لكلّ أمّةٍ أجلٌ إذا جاء أجلهم الآية
- حدّثنا عبد اللّه بن إسماعيل البغداديّ، ثنا عثمان، ثنا وهيب، ثنا سعيد بن أبي عروبة قال: كان الحسن يقول: ما حقّ هؤلاء القوم يقولون: اللّهمّ أطل عمره واللّه يقول: إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون). [تفسير القرآن العظيم: 6/1955-1956]