قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (قال أبو بكر: قال بعض المفسرين: جواب (إذا السماء انشقت) (أذنت لربها وحقت) [2] وزعم أن الواو مقحمة. وهذا غلط لأن العرب لا تقحم الواو إلا مع «حتى إذا» كقوله: {حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها} [الزمر: 73] ومع «لما» كقوله: {فلما أسلما وتله للجبين. وناديناه} [الصافات: 103، 104] معناه «ناديناه» والواو لا تقحم مع غير هذين. وقال قوم: جواب (إذا) محذوف لعلم المخاطبين به، ويجوز أن يكون الجواب فاء مضمرة، كأنه قال: (إذا السماء انشقت) فـ (يا أيها الإنسان إنك كادح). ) [إيضاح الوقف والابتداء: 2/971]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): (قيل جواب {إذا}: {وأذنت لربها وحقت} والواو مقحمة. وقيل: الجواب محذوف كما تقدم. {وحقت} الثانية تام.) [المكتفى: 614]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): (لا وقف مطلقًا إلى قوله: [{وحقت} الثانية- 5- ط}]؛ لأن عامل {إذا} يقدر بعدها، أي: إذا كانت هذه الكوائن يظهر أمر عظيم.) [علل الوقوف: 3/1110]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (في إذا احتمالان أحدهما أنها شرطية والثاني أنها ظرفية فقيل شرطية وجوابها وأدنت والواو صلة وقيل الجواب فملاقيه أوانه ياأيها الإنسان أوانه مقدر تقديره بعثتم وقيل نقديره لاقى كل انسان كدحه وقيل فأما من أوتي كتابه بيمينه وعليه فالوقف سعيرًا وقيل مقدر بعدها أي إذا كانت هذه الكوائن يظهر أمر عظيم وقيل هو ما صرَّح به في سورتي التكوير والانفطار من قوله علمت نفس قاله الزمخشري وهو حسن وعلى الاحتمال الثاني فهي منصوبة مفعولاً بها بإضمار اذكر وقيل مبتدأ وخبرها إذا الثانية والواو زائدة والتقدير وقت انشقاق السماء وقت مدَّ الأرض أي يقع الأمران معافى وقت واحد قاله الأخفش والعامل في إذا كانت ظرفًا عند الجمهور جوابها إمَّا ملفوظًا به أو مقدرًا ورفعت السماء بفعل مقدر على الاشتغال وإضمار الفعل واجب عند البصريين لأنهم لايجيزون أن يلي إذا غير الفعل ويتأوّلون ما أوهم خلاف ذلك اهـ سمين مع زيادة للإيضاح وقوله وجوابها وأذنت والواو زائدة زيادتها مردودة لأن العرب لا تقحم الواو إلا مع حتى إذا كقوله حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها ومع لما كقوله فلما أسلما وتله للجبين وناديناه معناه ناديناه فلا تقحم الواو إلا مع هذين فقط كما نبهنا عليه في سورة الزمر ومعنى وأذنت أس استمعت وانقادت وفي الحديث ماأذن الله لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن قوله ماأذن بكسر الذال المعجمة وقوله كاذنه بفتح الذال قاله الهروي معناه ما استمع والله لايشغله سمع عن سمع قال الشاعر
صم إذا سمعوا خيرًا ذكرت به = وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا
وقال:
وان يروا سبة طاروا بها فرحًا = منى وما سمعوا من صالح دفنوا
وحقت الأولى (تام) على أن جواب إذا وحقت والواو زائدة
وتخلت (حسن) إن كانت الواو في وألقت زائدة والتقدير وإذا الأرض مدت ألقت ما فيها وتخلت وليس بوقف إن لم تجعل زائدة ولا يوقف على مدت لأن الجواب بعد
وحقت الثانية (تام) إن لم يجعل الجواب فملاقيه) [منار الهدى: 422 - 423]
- تفسير