{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}
تفسير قوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {إذا زلزلت الأرض زلزالها...} الزّلزال مصدر، ... وحدثني محمد بن مروان قال: قلت: للكلبي: أرأيت قوله: {إذا زلزلت الأرض زلزالها} فقال: هذا بمنزلة قوله: {ويخرجكم إخراجاً}...
فأضيف المصدر إلى صاحبه وأنت قائل في الكلام: لأعطينّك عطيتك، وأنت تريد عطية، ولكن قرّبه من الجواز موافقة رءوس الآيات التي جاءت بعدها.
والزّلزال بالكسر: المصدر، والزّلزال بالفتح: الاسم. كذلك القَعقاع الذي يقعقع؛ الاسم، والقِعقاع المصدر. والوَسواس: الشيطان وما وسوس إليك أو حدثك، فهو اسم والوِسواس المصدر). [معاني القرآن: 3/283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إذا زلزلت الأرض زلزالها (1)} إذا حركت حركة شديدة، والقراءة (زلزالها) بكسر الزاي، ويجوز في الكلام زَلْزَالَها، وقرئت (زَلْزَالَها)، وليس في الكلام فعلال بفتح الفاء إلا في المضاعف نحو الزلزال والصلصال. والاختيار كسر الزاي، والفتح جائز). [معاني القرآن: 5/351]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): (قال الإمامان: الزلزال - هاهنا: المصدر، والزلزال الاسم، مثل: القعقاع والقعقاع وهو صوت، والقلقال، فهذا النوع المكسور منه: مصدر، والمفتوح منه: اسم. فإذا جئت إلى تفعال وتفعال، - فالمكسور منة: الاسم، إلا حرفين، وهما: تبيان، وتلقاء، والمفتوح منة: المصدر، فهذا متلئب، والاسم مثل: تعصار وتمثال وما أشبههما، والمصدر مثل: تسيار وترحال وما أشبههما). [ياقوتة الصراط: 589-590]
تفسير قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وأخرجت الأرض أثقالها...} لفظت ما فيها من ذهب أو فضة أو ميّت). [معاني القرآن: 3/283]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وأخرجت الأرض أثقالها} إذا كان الميت في بطنها فهو ثقل لها وإذا كان فوقها فهو ثقل عليها). [مجاز القرآن: 2/306]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وأخرجت الأرض أثقالها} أي موتاها). [تفسير غريب القرآن: 535]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وأخرجت الأرض أثقالها (2)} أخرجت كنوزها وموتاها). [معاني القرآن: 5/351]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَثْقَالَهَا} أي موتاها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 305]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَثْقَالَهَا}: موتاها). [العمدة في غريب القرآن: 352]
تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله جل وعز: {وقال الإنسان ما لها...} الإنسان، يعني به ها هنا: الكافر). [معاني القرآن: 3/283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وقال الإنسان ما لها (3)} هذا قول الكافر لأنه لم يكن يؤمن بالبعث، فقال: ما لها، أي لأي شيء زلزالها). [معاني القرآن: 5/351]
تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قال الله تبارك وتعالى: {يومئذٍ تحدّث أخبارها...} تخبر بما عمل عليها من حسن أو سيئ). [معاني القرآن: 3/283]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وفي قراءة عبد الله مكان (تحدّث)، (تنبّئ)، وكتابها (تنبّأ) بالألف). [معاني القرآن: 3/284]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يومئذٍ تحدّث أخبارها}: فتخبر بما عمل عليها). [تفسير غريب القرآن: 535]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({يومئذ تحدّث أخبارها (4)} (يومئذ) منصوب بقوله: (إذا زلزلت)، و(أخرجت) في ذلك اليوم.
ومعنى (تحدّث أخبارها): [تخبر] بما عمل عليها). [معاني القرآن: 5/351]
تفسير قوله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {بأنّ ربّك أوحى لها...} يقول: تحدّث أخبارها بوحي الله تبارك وتعالى، وإذنه لها). [معاني القرآن: 3/283]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({بأنّ ربك أوحى لها} قال العجاج: أوحى لها القرار فاستقرّت). [مجاز القرآن: 2/306]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({بأنّ ربّك أوحى لها} قال: {بأنّ ربّك أوحى لها} أي: أوحى إليها). [معاني القرآن: 4/51]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({بأنّ ربّك أوحى لها} أي بأنه أذن لها في الإخبار بذلك). [تفسير غريب القرآن: 535]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والوحي: أمر، قال الله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 5]، أي أمرها.
وقال الراجز:
وحى لها القرار فاستقرّت
أي أمرها بالقرار: فقرّت، يعني الأرض. ويقال: سخّرها). [تأويل مشكل القرآن: 490]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («اللام» مكان «إلى» قال الله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 5]، أي أوحى إليها، قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: 43]، أي إلى هذا.. يدلك على ذلك قوله في موضع آخر: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: 68] وقوله: {وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 121]). [تأويل مشكل القرآن: 572](م)
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَوْحَى لَهَا} أي أذن لها أن تخبر بما يحمل عليها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 305]
تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال: {لّيروا أعمالهم...} فهي -جاء به التفسير- متأخرة، وهذا موضعها. اعترض بينهما {يومئذٍ يصدر النّاس أشتاتاً...}، مقدم معناه التأخير. اجتمع القراء على (لِيُرَوْا)، ولو قرئت: (ليَرَوا) كان صوابا). [معاني القرآن: 3/283-284]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يومئذٍ يصدر النّاس} أي يرجعون {أشتاتاً} أي فرقا). [تفسير غريب القرآن: 535]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({يومئذ يصدر النّاس أشتاتا ليروا أعمالهم (6)} أي يصدرون متفرقين منهم من عمل صالحا ومنهم من عمل شرّا والقراءة (لِيُرَوْا أعمالهم) ويروى (لِيَرَوْا أعمالهم)، ولا أعلم أحدا قرأ بها، ولا يجوز أن يقرأ بما يجوز في العربية إذا لم يقرأ به من أخذت عنه القراءة). [معاني القرآن: 5/351-352]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَصْدُرُ}: يرجع {أَشْتَاتًا}: متفرقين). [العمدة في غريب القرآن: 352]
تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ({يره...} تجزم الهاء وترفع). [معاني القرآن: 3/284]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({مثقال ذرّةٍ} أي زنة ذرة). [مجاز القرآن: 2/306]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({مثقال ذرّةٍ}: وزن نملة صغيرة). [تفسير غريب القرآن: 535]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ومعنى: {فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره (7)} تأويله أن اللّه جلّ وعزّ قد أحصى أعمال العباد من خير، وكل يرى عمله، فمن أحبّ اللّه أن يغفر له غفر له، ومن أحب أن يجازيه جازاه.
وقيل: من يعمل مثقال ذرّة خيرا يره في الدنيا، وكذلك شرّا يره في الدنيا. واللّه أعلم). [معاني القرآن: 5/352]