العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النمل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 09:28 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة النمل [ من الآية (45) إلى الآية (53) ]

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 10:16 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحًا أن اعبدوا اللّه فإذا هم فريقان يختصمون (45) قال يا قوم لم تستعجلون بالسّيّئة قبل الحسنة لولا تستغفرون اللّه لعلّكم ترحمون}.
يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحًا بأن اعبدوا اللّه وحده لا شريك له، ولا تجعلوا معه إلهًا غيره. {فإذا هم فريقان يختصمون} يقول: فلمّا أتاهم صالحٌ داعيًا لهم إلى اللّه صار قومه من ثمود فيما دعاهم إليه فريقين يختصمون، ففريقٌ مصدّقٌ صالحًا مؤمنٌ به، وفريقٌ مكذّبٌ به كافرٌ بما جاء به.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {فريقان يختصمون} قال: مؤمنٌ وكافرٌ، قولهم صالحٌ مرسلٌ، وقولهم صالحٌ ليس بمرسلٍ، ويعني بقوله {يختصمون} يختلفون.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: مؤمنٌ، وكافرٌ). [جامع البيان: 18/85-86]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحًا أن اعبدوا اللّه فإذا هم فريقان يختصمون (45)
قوله تعالى: ولقد أرسلنا
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّيّ عن أبي صالحٍ أرسل: بعث.
قوله: إلى ثمود أخاهم صالحًا
قد تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: أن اعبدوا اللّه
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمّد بن إسحاق قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: قوله: اعبدوا اللّه أي: وحّدوا ربّكم.
قوله تعالى: فإذا هم فريقان يختصمون
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: فريقان يختصمون: مؤمن، وكافر، قوله: صالحا مرسلٌ من ربّه، وقوله ليس بمرسلٍ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: فإذا هم فريقان يختصمون فإذا القوم بين مصدّقٍ ومكذّبٍ: مصدّقٌ بالحقّ ونازلٌ عنده ومكذّبٌ بالحقّ وتاركه، في ذلك كانت خصومة القوم). [تفسير القرآن العظيم: 9/2898]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فريقان يختصمون قال يقول مؤمن وكافر قال بعضهم صالح مرسل من ربه وقال بعضهم ليس بمرسل). [تفسير مجاهد: 474]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: مؤمن وكافر قولهم صالح مرسل من ربه، وقولهم ليس بمرسل، وفي قوله {لم تستعجلون بالسيئة} قال: العذاب {قبل الحسنة} قال: الرحمة، وفي قوله {قالوا اطيرنا بك} قال: تشاءمنا، وفي قوله {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: من قوم صالح، وفي قوله {تقاسموا بالله} قال: تحالفوا على هلاكه فلم يصلوا إليه حتى أهلكوا وقومهم أجمعين). [الدر المنثور: 11/386]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: إن القوم بين مصدق ومكذب، مصدق بالحق ونازل عنده ومكذب بالحق تاركه، في ذلك كانت خصومة القوم {قالوا اطيرنا بك} قال: قالوا: ما أصبنا من شر فإنما هو من قبلك ومن قبل من معك {قال طائركم عند الله} يقول: علم أعمالكم عند الله {بل أنتم قوم تفتنون} قال: تبتلون بطاعة الله ومعصيته: {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: من قوم صالح {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله} قال: توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه قال: ذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح - يعني مسرعين - ليقتلوه بعث الله عليهم صخرة فأخمدتهم {ثم لنقولن لوليه} يعنون رهط صالح {ومكروا مكرا} قال: مكرهم الذي مكروا بصالح {ومكرنا مكرا} قال: مكر الله الذي مكر بهم: رماهم بصخرة فأهمدتهم {فانظر كيف كان} مكرهم قال: شر والله {كان عاقبة مكرهم} أن دمرهم الله وقومهم أجمعين ثم صيرهم إلى النار). [الدر المنثور: 11/386-387]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال يا قوم لم تستعجلون بالسّيّئة قبل الحسنة} يقول تعالى ذكره: قال صالحٌ لقومه: يا قوم لأيّ شيءٍ تستعجلون بعذاب اللّه قبل الرّحمة.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لم تستعجلون بالسّيّئة قبل الحسنة} قال: السّيّئة: العذاب، قبل الحسنة: قبل الرّحمة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {قال يا قوم لم تستعجلون بالسّيّئة} قال بالعذاب {قبل الحسنة}، قال: العافية.
وقوله: {لولا تستغفرون اللّه لعلّكم ترحمون} يقول: هلاّ تتوبون إلى اللّه من كفركم، فيغفر لكم ربّكم عظيم جرمكم، يصفح لكم عن عقوبته إيّاكم على ما قد أتيتم من عظيم الخطيئة.
وقوله: {لعلّكم ترحمون} يقول: ليرحمكم ربّكم باستغفاركم إيّاه من كفركم). [جامع البيان: 18/86-87]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: تستعجلون بالسّيّئة السيئة: العذاب، وقوله: قبل الحسنة: قبل الرّحمة.
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ، أنبأ حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهد الحسنة قال: العافية.
قوله: لولا تستغفرون اللّه
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا القاسم بن خليفة، عن عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ لولا تستغفرون اللّه قال: فهلا تستغفرون اللّه؟.
قوله تعالى: لعلّكم ترحمون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عبد اللّه ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: لعلّكم ترحمون: كي ترحموا ولا تعذّبوا). [تفسير القرآن العظيم: 9/2898-2899]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم ثنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة قال السيئة العذاب والحسنة الرحمة). [تفسير مجاهد: 474]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: مؤمن وكافر قولهم صالح مرسل من ربه، وقولهم ليس بمرسل، وفي قوله {لم تستعجلون بالسيئة} قال: العذاب {قبل الحسنة} قال: الرحمة، وفي قوله {قالوا اطيرنا بك} قال: تشاءمنا، وفي قوله {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: من قوم صالح، وفي قوله {تقاسموا بالله} قال: تحالفوا على هلاكه فلم يصلوا إليه حتى أهلكوا وقومهم أجمعين). [الدر المنثور: 11/386] (م)

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى طائركم عند الله قال علم عملكم عند الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/82-83]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا اطّيّرنا بك وبمن معك، قال طائركم عند اللّه، بل أنتم قومٌ تفتنون}.
يقول تعالى ذكره: قالت ثمود لرسولها صالحٍ {اطّيّرنا بك وبمن معك} أي تشاءمنا بك وبمن معك من أتباعنا، وزجرنا الطّير بأنّا سيصيبنا بك وبهم المكاره والمصائب. فأجابهم صالحٌ فقال لهم {طائركم عند اللّه} أي ما زجرتم من الطّير لما يصيبكم من المكاره عند اللّه علمه، لا يدري أيّ ذلك كائنٌ، أما تظنّون من المصائب أو المكاره، أم ما لا ترجونه من العافية والرّجاء والمحابّ؟.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {قال طائركم عند اللّه} يقول: مصائبكم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله: {طائركم عند اللّه} علمكم عند اللّه.
وقوله: {بل أنتم قومٌ تفتنون} يقول: بل أنتم قومٌ تختبرون، يختبركم ربّكم إذ أرسلني إليكم، أتطيعونه فتعملون بما أمركم به، فيجزيكم الجزيل من ثوابه، أم تعصونه فتعملون بخلافه، فيحلّ بكم عقابه). [جامع البيان: 18/87-88]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالوا اطّيّرنا بك وبمن معك قال طائركم عند اللّه بل أنتم قومٌ تفتنون (47)
قوله تعالى: قالوا اطّيرنا بك وبمن معك
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: اطّيرنا بك وبمن معك قالوا: ما أصابنا من شرٍّ فإنّما هو من قبلك ومن قبل من معك.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: يطّيّروا قال: يتشاءموا.
قوله تعالى: قال طائركم عند اللّه
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: طائركم عند اللّه مصائبكم عند اللّه.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة طائركم أي: عملكم عند اللّه.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ، فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن قتادة في قوله: طائركم عند اللّه أي: علم عملكم، عن اللّه.
قوله تعالى: بل أنتم قومٌ تفتنون
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: بل أنتم قومٌ تفتنون أي: تبتلون بطاعة اللّه ومعصيته). [تفسير القرآن العظيم: 9/2899]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: مؤمن وكافر قولهم صالح مرسل من ربه، وقولهم ليس بمرسل، وفي قوله {لم تستعجلون بالسيئة} قال: العذاب {قبل الحسنة} قال: الرحمة، وفي قوله {قالوا اطيرنا بك} قال: تشاءمنا، وفي قوله {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: من قوم صالح، وفي قوله {تقاسموا بالله} قال: تحالفوا على هلاكه فلم يصلوا إليه حتى أهلكوا وقومهم أجمعين). [الدر المنثور: 11/386] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: إن القوم بين مصدق ومكذب، مصدق بالحق ونازل عنده ومكذب بالحق تاركه، في ذلك كانت خصومة القوم {قالوا اطيرنا بك} قال: قالوا: ما أصبنا من شر فإنما هو من قبلك ومن قبل من معك {قال طائركم عند الله} يقول: علم أعمالكم عند الله {بل أنتم قوم تفتنون} قال: تبتلون بطاعة الله ومعصيته: {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: من قوم صالح {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله} قال: توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه قال: ذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح - يعني مسرعين - ليقتلوه بعث الله عليهم صخرة فأخمدتهم {ثم لنقولن لوليه} يعنون رهط صالح {ومكروا مكرا} قال: مكرهم الذي مكروا بصالح {ومكرنا مكرا} قال: مكر الله الذي مكر بهم: رماهم بصخرة فأهمدتهم {فانظر كيف كان} مكرهم قال: شر والله {كان عاقبة مكرهم} أن دمرهم الله وقومهم أجمعين ثم صيرهم إلى النار). [الدر المنثور: 11/386-387] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {طائركم} قال: مصائبكم). [الدر المنثور: 11/387]

تفسير قوله تعالى: (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون قالوا تقاسموا قال تقاسموا بالله أن يبيتوا صالحا ثم يفتكوا به ثم ليقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ومكروا مكرا فذلك مكرهم فبينا هم معانيق إلى صالح يعني يسرعون سلط الله عليهم صخرة فقتلتهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/83]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا يحيى بن ربيعة الصنعاني قال سمعت عطاء بن أبي رباح يقول في قوله تعالى وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون قال كانوا يقرضون الدراهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/83]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون (48) قالوا تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله ثمّ لنقولنّ لوليّه ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون}.
يقول تعالى ذكره: وكان في مدينة قوم صالحٍ، وهي حجر ثمود تسعة أنفسٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وكان إفسادهم في الأرض كفرهم باللّه ومعصيتهم إيّاه، وإنّما خصّ اللّه جلّ ثناؤه هؤلاء التّسعة الرّهط بالخبر عنهم أنّهم كانوا يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وإن كان أهل الكفر كلّهم في الأرض مفسدين؛ لأنّ هؤلاء التّسعة هم الّذين سعوا - فيما بلغنا - في عقر النّاقة، وتعاونوا عليه، وتحالفوا على قتل صالحٍ من بين قومم ثمود. وقد ذكرنا قصصهم وأخبارهم فيما مضى من كتابنا هذا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {تسعة رهطٍ} قال: من قوم صالحٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون} هم الّذين عقروا النّاقة، وقالوا حين عقروها: نبيّت صالحًا وأهله فنقتلهم، ثمّ نقول لأولياء صالحٍ: ما شهدنا من هذا شيئًا، وما لنا به علمٌ، فدمّرهم اللّه أجمعين). [جامع البيان: 18/88-89]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون (48)
قوله تعالى: وكان في المدينة تسعة رهطٍ
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: تسعة رهطٍ: من قوم صالحٍ.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: وكان في المدينة تسعة رهطٍ: وهم الّذين عقروا النّاقة.
- ذكر، عن يوسف بن هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ: وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون قال: كان أساميهم رعميٌّ ورعيمٌ وهريمٌ وداد وصواب ورئاب ومسطعٌ وقدّار بن سالفٍ عاقر النّاقة.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن أبي بكرٍ بن مقدّمٍ، ثنا جعفر بن سليمان الضّبعيّ قال: سمعت مالك بن دينارٍ يقول: وتلا هذه الآية: وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون قال: فكم اليوم في كلّ قبيلةٍ من الّذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، عن محمّد بن إسحاق قال: فلمّا قال: لهم صالحٌ ذلك، قال: التّسعة الّذين عقروا النّاقة: هلمّ فلنقتل صالحًا فإن كان صادقًا عجّلناه قبلنا، وإن كان كاذبًا كنّا قد ألحقناه بناقته. فأتوه ليلا ليبيّتوه في أهله، فدمغتهم الملائكة بالحجارة، فلمّا أبطئوا على أصحابهم أتوا منزل صالحٍ فوجدوهم متشدّخين قد رضخوا، بالحجارة فقالوا لصالحٍ: أنت قتلتهم، ثمّ همّوا به، فقامت عشيرته دونه ولبسوا السّلاح، وقالوا لهم: واللّه لا تقتلونه أبدًا وقد وعدكم أنّ العذاب نازلٌ بكم في ثلاثٍ، فإن كان صادقًا لم تزيدوا ربّكم غضبًا، وإن كان كاذبًا فأنتم من وراء ما تريدون انصرفوا عنهم ليلتهم تلك والنّفر الّذين رضختهم الملائكة بالحجارة التّسعة الّذين ذكر اللّه عزّ وجلّ في القرآن، يقول اللّه وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
قوله تعالى: يفسدون في الأرض ولا يصلحون
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ يحيى بن ربيعة الصّنعانيّ قال: سمعت عطاءً: وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون قال: كانوا يقرضون الدّراهم.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ ابن وهبٍ أخبرني مالكٌ، عن يحيى بن سعيدٍ أنّه سمع سعيد بن المسيّب: يقول الذّهب والورق من الفساد في الأرض.
- حدّثنا أبي، ثنا شهاب بن عبّادٍ، ثنا عطّافٌ، عن ابن حرملة أو أبي حرملة، عن سعيد بن المسيّب قال: قطع الدّنانير والدّراهم يعني المثاقيل الّتي أجازها المسلمون بينهم وعرفوها من الفساد). [تفسير القرآن العظيم: 9/2900-2901]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: مؤمن وكافر قولهم صالح مرسل من ربه، وقولهم ليس بمرسل، وفي قوله {لم تستعجلون بالسيئة} قال: العذاب {قبل الحسنة} قال: الرحمة، وفي قوله {قالوا اطيرنا بك} قال: تشاءمنا، وفي قوله {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: من قوم صالح، وفي قوله {تقاسموا بالله} قال: تحالفوا على هلاكه فلم يصلوا إليه حتى أهلكوا وقومهم أجمعين). [الدر المنثور: 11/386] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: إن القوم بين مصدق ومكذب، مصدق بالحق ونازل عنده ومكذب بالحق تاركه، في ذلك كانت خصومة القوم {قالوا اطيرنا بك} قال: قالوا: ما أصبنا من شر فإنما هو من قبلك ومن قبل من معك {قال طائركم عند الله} يقول: علم أعمالكم عند الله {بل أنتم قوم تفتنون} قال: تبتلون بطاعة الله ومعصيته: {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: من قوم صالح {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله} قال: توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه قال: ذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح - يعني مسرعين - ليقتلوه بعث الله عليهم صخرة فأخمدتهم {ثم لنقولن لوليه} يعنون رهط صالح {ومكروا مكرا} قال: مكرهم الذي مكروا بصالح {ومكرنا مكرا} قال: مكر الله الذي مكر بهم: رماهم بصخرة فأهمدتهم {فانظر كيف كان} مكرهم قال: شر والله {كان عاقبة مكرهم} أن دمرهم الله وقومهم أجمعين ثم صيرهم إلى النار). [الدر المنثور: 11/386-387] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: كان أسماؤهم زعمي وزعيم وهرميوهريم وداب وهواب ورياب وسيطع وقدار بن سالف عاقر الناقة). [الدر المنثور: 11/387-388]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: وهم الذين عقروا الناقة وقالوا حين عقروها تبيتن صالحا وأهله فنقتلهم ثم نقول لاولياء صالح ما شهدنا من هذا شيئا ومالنا به علم فدمرهم الله أجمعين). [الدر المنثور: 11/388]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن عطاء بن أبي رياح {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون} قال: كانوا يقرضون الدراهم، والله أعلم). [الدر المنثور: 11/388]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قالوا تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله} يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء التّسعة الرّهط الّذين يفسدون في أرض حجر ثمود، ولا يصلحون، تقاسموا باللّه: تحالفوا باللّه أيّها القوم، ليحلف بعضكم لبعضٍ: لنبيّتنّ صالحًا وأهله، فلنقتلنّه، ثمّ لنقولنّ لوليّه: ما شهدنا مهلك أهله.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {تقاسموا باللّه} قال: تحالفوا على إهلاكه، فلم يصلوا إليه حتّى هلكوا وقومهم أجمعون.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
ويتوجّه قوله {تقاسموا باللّه} إلى وجهين: أحدهما النّصب على وجه الخبر، كأنّه قيل: قالوا متقاسمين. وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه: ولا يصلحون تقاسموا باللّه، وليس فيها قالوا، فذلك من قراءته يدلّ على وجه النّصب في تقاسموا على ما وصفت.
والوجه الآخر: الجزم، كأنّهم قال بعضهم لبعضٍ: اقسموا باللّه، فعلى هذا الوجه الثّاني تصلح قراءة {لنبيّتنّه} بالياء والنّون، لأنّ القائل لهم تقاسموا وإن كان هو الآمر فهو فيمن أقسم، كما يقال في الكلام: انهضوا بنا نمض إلى فلانٍ، وانهضوا تمضوا إليه. وعلى الوجه الأوّل الّذي هو وجه النّصب القراءة فيه بالنّون أفصح، لأنّ معناه: قالوا متقاسمين لنبيّتنّه، وقد تجوز الياء على هذا الوجه كما يقال في الكلام: قالوا لنكرمنّ أباك، وليكرمنّ أباك، وبالنّون قرأ ذلك قرّاء المدينة، وعامّة قرّاء البصرة وبعض الكوفيّين. وأمّا الأغلب على قرّاء أهل الكوفة، فقراءته بالياء، وضمّ التّاء جميعًا. وأمّا بعض المكّيّين، فقرأه بالياء.
وأعجب القراءات في ذلك إليّ النّون، لأنّ ذلك أفصح الكلام على الوجهين اللّذين بيّنت من النّصب والجزم، وإن كان كلّ ذلك صحيحًا غير فاسدٍ لما وصفت، وأكرهها إليّ القراءة بها الياء، لقلّة قارئ ذلك كذلك.
وقوله: {لنبيّتنّه} قال: ليبيّتنّ صالحًا ثمّ يفتكوا به.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قال التّسعة الّذين عقروا النّاقة: هلمّ فلنقتل صالحًا، فإن كان صادقًا، يعني فيما وعدهم من العذاب بعد الثّلاث، عجّلناه قبله، وإن كان كاذبًا نكون قد ألحقناه بناقته. فأتوه ليلاً ليبيّتوه في أهله، فدمغتهم الملائكة بالحجارة؛ فلمّا أبطئوا على أصحابهم أتوا منزل صالحٍ، فوجدوهم مشدًّخين قد رضخوا بالحجارة.
وقوله: {وإنّا لصادقون} نقول لوليّه: وإنّا لصادقون، أنّا ما شهدنا مهلك أهله). [جامع البيان: 18/90-92]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالوا تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله ثمّ لنقولنّ لوليّه ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون (49)
قوله تعالى: قالوا
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: قالوا قال: تسعةٌ من قوم صالحٍ.
قوله تعالى: تقاسموا باللّه
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: تقاسموا باللّه: تحالفوا على هلاكه، فلم يصلّوا إليه حتّى هلكوا وقومهم أجمعين.
قوله تعالى: لنبيّتنّه وأهله
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق ثتل معمرٌ، عن قتادة في قوله: تقاسموا باللّه: أن يبيّتوا صالحًا ثمّ يفتكوا به ثمّ لنقولنّ لوليّه ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله قال: وافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه وذكر لنا أنّهم بينما هم معانيق إلى صالحٍ ليفتكوا به إذ بعث اللّه عليهم صخرة فأهمدتهم.
قوله تعالى: لنقولنّ لوليّه
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ثمّ لنقولنّ لوليّه يعني رهط صالحٍ ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون
قوله تعالى: ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ: حدّثني أبي، حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون هم الّذين عقروا النّاقة، وقالوا حين عقروها نبيّت صالحًا وأهله فنقتلهم ثمّ نقول لأولياء صالحٍ ما شهدنا من هذا شيئًا وما لنا به علمٌ، فدمّرهم اللّه أجمعين). [تفسير القرآن العظيم: 9/2901-2902]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تقاسموا بالله قال تحالفوا على هلاكهم فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعون). [تفسير مجاهد: 474]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: مؤمن وكافر قولهم صالح مرسل من ربه، وقولهم ليس بمرسل، وفي قوله {لم تستعجلون بالسيئة} قال: العذاب {قبل الحسنة} قال: الرحمة، وفي قوله {قالوا اطيرنا بك} قال: تشاءمنا، وفي قوله {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: من قوم صالح، وفي قوله {تقاسموا بالله} قال: تحالفوا على هلاكه فلم يصلوا إليه حتى أهلكوا وقومهم أجمعين). [الدر المنثور: 11/386] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: إن القوم بين مصدق ومكذب، مصدق بالحق ونازل عنده ومكذب بالحق تاركه، في ذلك كانت خصومة القوم {قالوا اطيرنا بك} قال: قالوا: ما أصبنا من شر فإنما هو من قبلك ومن قبل من معك {قال طائركم عند الله} يقول: علم أعمالكم عند الله {بل أنتم قوم تفتنون} قال: تبتلون بطاعة الله ومعصيته: {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: من قوم صالح {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله} قال: توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه قال: ذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح - يعني مسرعين - ليقتلوه بعث الله عليهم صخرة فأخمدتهم {ثم لنقولن لوليه} يعنون رهط صالح {ومكروا مكرا} قال: مكرهم الذي مكروا بصالح {ومكرنا مكرا} قال: مكر الله الذي مكر بهم: رماهم بصخرة فأهمدتهم {فانظر كيف كان} مكرهم قال: شر والله {كان عاقبة مكرهم} أن دمرهم الله وقومهم أجمعين ثم صيرهم إلى النار). [الدر المنثور: 11/386-387] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا وهم لا يشعرون (50) فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمّرناهم وقومهم أجمعين}.
يقول تعالى ذكره: وغدر هؤلاء التّسعة الرّهط الّذين يفسدون في الأرض بصالحٍ بمسيرهم إليه ليلاً ليقتلوه وأهله، وصالحٌ لا يشعر بذلك، {ومكرنا مكرًا} يقول: فأخذناهم بعقوبتنا إيّاهم، وتعجيلنا العذاب لهم {وهم لا يشعرون} بمكرنا.
وقد بيّنّا فيما مضى معنى: مكر اللّه بمن مكر به، وما وجه ذلك، وأنّه أخذه من أخذه منهم على غرّةٍ، أو استدراجه منهم من استدرج على كفره به ومعصيته إيّاه، ثمّ إحلاله العقوبة به على غرّةٍ وغفلةٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن شمر بن عطيّة، عن رجلٍ، عن عليٍّ، قال: المكر غدرٌ، والغدر كفرٌ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا} قال: احتالوا لأمرهم، واحتال اللّه لهم، مكروا بصالحٍ مكرًا، ومكرنا بهم مكرًا {وهم لا يشعرون} بمكرنا، وشعرنا بمكرهم، قالوا: زعم صالحٌ أنّه يفرغ منّا إلى ثلاثٍ فنحن نفرغ منه وأهله قبل ذلك، وكان له مسجدٌ في الحجر في شعبٍ يصلّي فيه، فخرجوا إلى كهفٍ وقالوا: إذا جاء يصلّي قتلناه، ثمّ رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله، ففرغنا منهم، وقرأ قول اللّه تبارك وتعالى: {قالوا تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله ثمّ لنقولنّ لوليّه ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون} فبعث اللّه صخرةً من الهضب حيالهم، فخشوا أن تشدخهم، فبادروا الغار، فطبقت الصّخرة عليهم فم ذلك الغار، فلا يدري قومهم أين هم؟ ولا يدرون ما فعل بقومهم؟ فعذّب اللّه تبارك وتعالى هؤلاء ها هنا، وهؤلاء هنا، وأنجى اللّه صالحًا ومن معه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة: {ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا} قال: فسلّط اللّه عليهم صخرةً فقتلتهم). [جامع البيان: 18/92-94]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا وهم لا يشعرون (50)
قوله تعالى: ومكروا مكرًا
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن قتادة في قول الله: ومكروا مكرًا فبينما هم معانيق إلى صالحٍ، يعني يسرعون إليه سلّط اللّه عزّ وجلّ صخرةً فقتلتهم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قال: اللّه: ومكروا مكرًا: قال: مكرهم الّذي أرادوا بصالحٍ وقوله: ومكرنا مكرًا قال: مكر اللّه الّذي مكر بهم أن رماهم بصخرةٍ فأهمدتهم.
قوله تعالى: وهم لا يشعرون
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا وهم لا يشعرون فمكرنا وشعرنا بمكرهم). [تفسير القرآن العظيم: 9/2902]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: إن القوم بين مصدق ومكذب، مصدق بالحق ونازل عنده ومكذب بالحق تاركه، في ذلك كانت خصومة القوم {قالوا اطيرنا بك} قال: قالوا: ما أصبنا من شر فإنما هو من قبلك ومن قبل من معك {قال طائركم عند الله} يقول: علم أعمالكم عند الله {بل أنتم قوم تفتنون} قال: تبتلون بطاعة الله ومعصيته: {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: من قوم صالح {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله} قال: توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه قال: ذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح - يعني مسرعين - ليقتلوه بعث الله عليهم صخرة فأخمدتهم {ثم لنقولن لوليه} يعنون رهط صالح {ومكروا مكرا} قال: مكرهم الذي مكروا بصالح {ومكرنا مكرا} قال: مكر الله الذي مكر بهم: رماهم بصخرة فأهمدتهم {فانظر كيف كان} مكرهم قال: شر والله {كان عاقبة مكرهم} أن دمرهم الله وقومهم أجمعين ثم صيرهم إلى النار). [الدر المنثور: 11/386-387] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فانظر كيف كان عاقبة مكرهم} يقول تعالى ذكره: فانظر يا محمّد بعين قلبك إلى عاقبة غدر ثمود بنبيّهم صالحٍ، كيف كانت؟ وما الّذي أورثها اعتداؤهم وطغيانهم وتكذيبهم؟ فإنّ ذلك سنّتنا فيمن كذّب رسلنا، وطغى علينا من سائر الخلق، فحذّر قومك من قريشٍ أن ينالهم بتكذيبهم إيّاك ما نال ثمود بتكذيبهم صالحًا من المثلات.
وقوله: {أنّا دمّرناهم وقومهم أجمعين} يقول: إنّا دمّرنا التّسعة الرّهط الّذين يفسدون في الأرض من قوم صالحٍ وقومهم من ثمود أجمعين، فلم نبق منهم أحدًا.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله (إنّا)، فقرأ بكسرها عامّة قرّاء الحجاز والبصرة على الابتداء، وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة: {أنّا دمّرناهم}، بفتح الألف. وإذا فتحت كان في {أنّا} وجهان من الإعراب: أحدهما الرّفع على ردّها على العاقبة على الإتباع لها، والآخر النّصب على الرّدّ على موضع {كيف}، لأنّها في موضع نصبٍ إن شئت، وإنّ شئت على تكرير {كان} عليها على وجهٍ، فانظر كيف كان عاقبة مكرهم؟ كان عاقبة مكرهم تدميرنا إيّاهم.
قال أبو جعفرٍ: والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ). [جامع البيان: 18/94-95]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم قال: شرٌّ واللّه، عاقبة مكرهم أن دمّرهم اللّه وقومهم أجمعين، ثمّ صيّرهم إلى النّار). [تفسير القرآن العظيم: 9/2902]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: إن القوم بين مصدق ومكذب، مصدق بالحق ونازل عنده ومكذب بالحق تاركه، في ذلك كانت خصومة القوم {قالوا اطيرنا بك} قال: قالوا: ما أصبنا من شر فإنما هو من قبلك ومن قبل من معك {قال طائركم عند الله} يقول: علم أعمالكم عند الله {بل أنتم قوم تفتنون} قال: تبتلون بطاعة الله ومعصيته: {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: من قوم صالح {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله} قال: توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه قال: ذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح - يعني مسرعين - ليقتلوه بعث الله عليهم صخرة فأخمدتهم {ثم لنقولن لوليه} يعنون رهط صالح {ومكروا مكرا} قال: مكرهم الذي مكروا بصالح {ومكرنا مكرا} قال: مكر الله الذي مكر بهم: رماهم بصخرة فأهمدتهم {فانظر كيف كان} مكرهم قال: شر والله {كان عاقبة مكرهم} أن دمرهم الله وقومهم أجمعين ثم صيرهم إلى النار). [الدر المنثور: 11/386-387] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فتلك بيوتهم خاويةً بما ظلموا إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعلمون (52) وأنجينا الّذين آمنوا وكانوا يتّقون}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {فتلك بيوتهم خاويةً} فتلك مساكنهم خاويةٌ خاليةٌ منهم، ليس فيها منهم أحدٌ، قد أهلكهم اللّه فأبادهم. {بما ظلموا} يقول تعالى ذكره: بظلمهم أنفسهم بشركهم باللّه، وتكذيبهم رسولهم. {إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعلمون} يقول تعالى ذكره: إنّ في فعلنا بثمود ما قصصنا عليك يا محمّد من القصّة لعظةً لمن يعلم فعلنا بهم ما فعلنا من قومك الّذين يكذّبونك فيما جئتهم به من عند ربّك وعبرةً). [جامع البيان: 18/95]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فتلك بيوتهم خاويةً بما ظلموا إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعلمون (52)
قوله تعالى: فتلك بيوتهم خاويةً
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: فتلك بيوتهم قال: فتلك منازلهم.
قوله تعالى: خاويةٌ
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا أبو خالدٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك خاويةً قال: خواؤها خرابها.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: خاويةً قال: والخاوية سقوط أعلاها على أسافلها، وبه في قوله: بما ظلموا يقول بما كفروا.
قوله تعالى: إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعلمون
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا أبو أسامة، حدّثني سفيان، عن سماكٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: إنّ في ذلك لآيةً قال: علامةً). [تفسير القرآن العظيم: 9/2903]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وأنجينا الّذين آمنوا} يقول: وأنجينا من نقمتنا وعذابنا الّذي أحللناه بثمود رسولنا صالحًا والمؤمنين به. {وكانوا يتّقون} يقول: وكانوا يتّقون بإيمانهم، وبتصديقهم صالحًا الّذي حلّ بقومهم من ثمود ما حلّ بهم من عذاب اللّه، فكذلك ننجّيك يا محمّد تبّاعك، عند إحلالنا عقوبتنا بمشركي قومك من بين أظهرهم.
وذكر أنّ صالحًا لمّا أحلّ اللّه بقومه ما أحلّ، خرج هو والمؤمنون به إلى الشّام، فنزل رملة فلسطين). [جامع البيان: 18/95]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وأنجينا الّذين آمنوا وكانوا يتّقون
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ، قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه وأنجينا الّذين آمنوا وكانوا يتّقون قالوا: زعم صالحٌ أنّه يفرغ منّا إلى ثلاثٍ، فنحن نفرغ منه وأهله قبل ثلاثٍ. وكان مسجدٌ له في الحجر في شعبٍ ثمّ يصلّي فيه، فخرجوا إلى كهفٍ فقالوا: إذا جاء يصلّي قتلناه ثمّ رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله، ففرغنا منهم، فقرأ قول اللّه عزّ وجلّ تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله ثمّ لنقولنّ لوليّه ما شهدنا الآية كلّها قال: فبعث اللّه صخرًا من الهضب حيالهم تلك فخشوا أن يشتدخهم، فبادروا الغار، فطفقت الصّخرة عليهم في ذلك الغار، فلا يدري قومهم أين هم، ولا يدرون ما فعل بقومهم. فعذّب اللّه هؤلاء هاهنا وهؤلاء هاهنا، وأنجى اللّه صالحًا ومن معه وقرأ: فتلك بيوتهم خاويةً بما ظلموا وقرأ: وأنجينا الّذين آمنوا وكانوا يتّقون.
قوله تعالى: وكانوا يتقون
- حدّثنا موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، ثنا الحفريّ أبو داود، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: يتقون قال:... ). [تفسير القرآن العظيم: 9/2903-2904]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 رجب 1434هـ/2-06-2013م, 11:26 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحًا} [النمل: 45] كان أخاهم في النّسب وليس بأخيهم في الدّين.
{أن اعبدوا اللّه} [النمل: 45]، يعني: وحّدوا اللّه، تفسير السّدّيّ.
{فإذا هم فريقان يختصمون} [النمل: 45] قال قتادة: والقوم بين مصدّقٍ ومكذّبٍ، مصدّقٌ بالحقّ ونازلٌ عنده، ومكذّبٌ بالحقّ وتاركه، في ذلك كانت خصومة القوم، في تفسير سعيدٍ عن قتادة). [تفسير القرآن العظيم: 2/550]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فريقان يختصمون...}

ومعنى {يختصمون}: مختلفون: مؤمن , ومكذّب). [معاني القرآن: 2/295]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا اللّه فإذا هم فريقان يختصمون}
أي : فإذا قوم صالح فريقان: مؤمن , وكافر يختصمون , فيقول كل فريق منهم الحق معي، وطلبت الفرقة الكافرة على تصديق صالح العذاب، فقال: {قال يا قوم لم تستعجلون بالسّيّئة قبل الحسنة لولا تستغفرون اللّه لعلّكم ترحمون } ). [معاني القرآن: 4/122-123]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فإذا هم فريقان يختصمون}
قال مجاهد : أي: مؤمن , وكافر , قال: والخصومة قولهم: {قالوا أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه}، فهذه الخصومة , وقيل : تقول كل فرقة نحن على الحق.).[معاني القرآن: 5/139-140]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال يا قوم لم تستعجلون بالسّيّئة قبل الحسنة} [النمل: 46] والسّيّئة العذاب لقولهم: {ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين} [الأعراف: 77] والحسنة الرّحمة.
وقال مجاهدٌ: العذاب قبل العافية.
وقال السّدّيّ: {بالسّيّئة} [النمل: 46]، يعني: العذاب في الدّنيا {قبل الحسنة} [النمل: 46]، يعني: قبل العافية، وهو نحوٌ واحدٌ.
قال: {لولا} [النمل: 46] هلا.
{تستغفرون اللّه} [النمل: 46] من شرككم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/550]
{لعلّكم ترحمون {46}). [تفسير القرآن العظيم: 2/551]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {قال يا قوم لم تستعجلون بالسّيّئة قبل الحسنة لولا تستغفرون اللّه لعلّكم ترحمون}

أي: لم قلتم إن كان ما أتيت به حقاً, فأتنا بالعذاب.
{لولا تستغفرون اللّه لعلّكم ترحمون}: أي : هلّا تستغفرون اللّه). [معاني القرآن: 4/123]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة}
قال مجاهد : أي : بالعذاب قبل الرحمة .
قال أبو جعفر : وفي الكلام حذف, والمعنى : والله أعلم فاستعجلت الفرقة الكافرة بالعذاب , فقال لهم صالح: {لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله}:
أي : هلا تستغفرون الله.). [معاني القرآن: 5/140]

تفسير قوله تعالى:{قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا اطّيّرنا بك وبمن معك} [النمل: 47] قالوا: ما أصابنا من سوءٍ فهو من قبلك ومن قبل من معك، في تفسير قتادة.
وقال الحسن: كان قد أصابهم جوعٌ، فقالوا: بشؤمك وبشؤم الّذين معك أصابنا هذا، وهي الطّيرة.
{قال طائركم عند اللّه} [النمل: 47] قال قتادة: عملكم عند اللّه.
{بل أنتم قومٌ تفتنون} [النمل: 47]، أي: تبتلون، تختبرون بطاعة اللّه ومعصيته في تفسير قتادة.
وقال الحسن: {بل أنتم قومٌ تفتنون} [النمل: 47] عن دينكم، أي: تصرفون عن دينكم الّذي أمركم اللّه به، يعني: الإسلام). [تفسير القرآن العظيم: 2/551]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قال طائركم عند اللّه...}

يقول: في اللوح المحفوظ عند الله، تشاءمون بي، وتطيّرون بي، وذلك كلّه من عند الله، وهو بمنزلة قوله: {قالوا طائركم معكم}أي: لازم لكم ما كان من خيرٍ أو شرٍّ، فهو في رقابكم لازم,وقد بيّنه في قوله: {وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه} ). [معاني القرآن: 2/295]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا اطّيّرنا بك وبمن مّعك قال طائركم عند اللّه بل أنتم قومٌ تفتنون}
وقال: {قالوا اطّيّرنا بك}، فادغم التاء في الطاء، لأنها من مخرجها، وإذا استأنفت قلت: "اطّيّرنا".). [معاني القرآن: 3/21]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (قالوا: {اطّيّرنا بك وبمن معك}: أي: تطيّرنا، وتشاءمنا بك، فأدغم التاء في الطاء، وأثبت الألف: ليسلم السكون لما بعدها.
قال: {طائركم عند اللّه}: أي : ليس ذلك مني، وإنّما هو من اللّه.
{بل أنتم قومٌ تفتنون}: أي: تبتلون.). [تفسير غريب القرآن: 325-326]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {قالوا اطّيّرنا بك وبمن معك قال طائركم عند اللّه بل أنتم قوم تفتنون}
الأصل : تطيرنا، فأدغمت التاء في الطاء، واجتلبت الألف لسكون الطاء، فإذا ابتدأت، قلت: اطيرنا بك، وإذا وصلت لم تذكر الألف, وتسقط لأنها ألف وصل.
{قال طائركم عند اللّه}:أي: ما أصابكم من خير أو شرّ فمن اللّه.
{بل أنتم قوم تفتنون}:أي: تختبرون، ويجوز تفتنون من الفتنة، أي: تطيركم فتنة.). [معاني القرآن: 4/123]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالوا اطيرنا بك وبمن معك}
قال مجاهد : اطيرنا : أي : تشاءمنا , وقوله جل وعز: {قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون}
قال الضحاك: أي : الأمر الذي أصابكم عند الله , أي : الأمر لله أصابكم به بما قدمت أيديكم .
وقيل : ما تطيرتم به : عقوبته عند الله تلحقكم .
وقيل: طائركم : ما يطير لكم , بل أنتم قوم تفتنون , أي: تختبرون.). [معاني القرآن: 5/140-141]

تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون}
وقال: {تسعة رهطٍ}, فجمع,وليس لهم واحد من لفظهم مثل "ذودٍ".). [معاني القرآن: 3/21]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون }: هؤلاء عتاة قوم صالح). [معاني القرآن: 4/123]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون}
قال جعفر بن سليمان : تلا مالك بن دينار هذه الآية , فقال : كم في كل حي وقبيلة ممن يفسد !.
وقال عطاء بن أبي رباح : بلغني أنهم كانوا يقرضون الدراهم.). [معاني القرآن: 5/141]

تفسير قوله تعالى:{قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا تقاسموا باللّه} [النمل: 49] تحالفوا باللّه، تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه، يقوله بعضهم لبعضٍ.
{لنبيّتنّه وأهله} [النمل: 49] عن أبيه، عن سعيدٍ، عن قتادة، قال: تسعة رهطٍ من قوم صالحٍ تقاسموا باللّه لنبيّتنّ صالحًا وأهله.
قال الحسن: أهله، أمّته الّذين على دينه.
[تفسير القرآن العظيم: 2/551]
قال قتادة: تواثقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه.
قال قتادة: ذكر لنا أنّهم بينما هم معاينون إلى صالحٍ ليفتكوا به، إذ بعث اللّه عليهم صخرةً فأهمدتهم.
قوله عزّ وجلّ: {ثمّ لنقولنّ لوليّه} [النمل: 49] قال قتادة: أي: لرهطه.
{ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون} [النمل: 49] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/552]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قالوا تقاسموا باللّه...}

وهي في قراءة عبد الله:{تقاسموا بالله} ليس فيها {قالوا}، وقوله: {لنبيّتنّه} التاء , والنون , والياء كلّ قد قرئ به، فمن قال: {تقاسموا}، فجعل {تقاسموا} خبراً فكأنه قال: متقاسمين {لنبيّتنّه} بالنون، ثم يجوز الياء على هذا المعنى فتقول: قالوا {ليبيتنّه} بالياء، كما تقول: لنقومنّ وليقومنّ وليقومن, ومن قال: تقاسموا، فجعلها في موضع جزمٍ، فكأنه قال: تحالفوا، وأقسموا لتبيّتنه بالتاء، والنون، تجوز من هذا الوجه ؛ لأن الذي قال لهم تقاسموا معهم في الفعل داخل، وإن كان قد أمرهم؛ ألا ترى أنك تقول: قوموا نذهب إلى فلان، لأنه أمرهم، وهو معهم في الفعل، فالنون أعجب الوجوه إليّ، وإنّ الكسائيّ يقرأ بالتاء، والعوامّ على النون، وهي في قراءة عبد الله: {تقاسموا} ثم {لنقسمن ما شهدنا مهلك أهله}، وقد قال الله : {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} لأنهم دعوهم ليفعلوا جميعاً ما دعوا إليه, وقرأها أهل المدينة,وعاصم,والحسن بالنون، وأصحاب عبد الله بالتّاء.
...حدثني سفيان ابن عيينة,عن حميد الأعرج, عن مجاهد أنه قرأ {ليبيّتنّه}بالياء). [معاني القرآن: 2/296]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( { قالوا تقاسموا بالله}:أي تحالفوا ,هو من القسم.). [مجاز القرآن: 2/95]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({تقاسموا باللّه} : أي تحالفوا باللّه: {لنبيّتنّه وأهله} أي: لنهلكنهم ليلا، {ثمّ لنقولنّ لوليّه ما شهدنا مهلك أهله}: مهلكهم،{وإنّا لصادقون}أي: لنقولن له ذلك، وإنا لصادقون.).[تفسير غريب القرآن: 326]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({قالوا تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله ثمّ لنقولنّ لوليّه ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون}
وتجوز لتبيّتنّه، ويجوز ليبيّتنّه وأهله بالياء، فيها ثلاثة أوجه:فمن قرأ بالنون قرأ {ثم لنقولنّ} لوليّه، ممن قرأ (لتبيّتنّه) بالتاء قرأ " ثمّ لتقولن " ومن قرأ " ليبيّتنّه " بالياء قرأ " ثم ليقولنّ " لوليّه.
من قرأ بالنون فكأنهم قالوا: احلفوا لنبيتنه وأهله، ومن قرأ بالتاء فكأنّهم قالوا احلفوا لتبيتنه، فكأنه أخرج نفسه في اللفظ.
والنون أجود في القراءة، ويجوز أن يكون قد أدخل نفسه في التاء لأنه إذا قال تقاسموا، فقد قال تحالفوا ولا يخرج نفسه من التحالف، ومن قرأ :قالوا تقاسموا باللّه ليبيتنّه، فالمعنى :قالوا
ليبيتنه متقاسمين، فكان هؤلاء النفر تحالفوا أن يبيتوا صالحا ويقتلوه وأهله في بياتهم، ثم ينكرون عند أولياء صالح أنهم شهدوا مهلكه ومهلك أهله، ويحلفون أنهم لصادقون, فهذا مكر عزموا عليه). [معاني القرآن: 4/123-124]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله}
قال قتادة : تحالفوا على أن يفتكوا بصالح ليلاً, فمروا يتعانقون , أي: يسرعون , فأرسل الله عليهم صخرة , فأهلكتهم .
قال مجاهد: تقاسموا على أن يأتوا صالحاً ليلاً, فأهلكوا وهلك قومهم أجمعون.). [معاني القرآن: 5/141-142]

تفسير قوله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه عزّ وجلّ: {ومكروا مكرًا} [النمل: 50] قال قتادة: الّذي أرادوا بصالحٍ.
{ومكرنا مكرًا} [النمل: 50]، أي: أن رماهم بالصّخرة فأهمدتهم.
قال: {وهم لا يشعرون} [النمل: 50] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/552]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قال اللّه - عزّ وجلّ: {ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون}

فمضوا لبغيتهم , فأرسل اللّه عليهم صخرة فدمغتهم، وأرسل على باقي قومهم ما قتلهم به.). [معاني القرآن: 4/124]

تفسير قوله تعالى:{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمّرناهم} [النمل: 51] بالصّخرة.
{وقومهم أجمعين} [النمل: 51] بعد ذلك بالصّيحة). [تفسير القرآن العظيم: 2/552]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمّرناهم...}

تقرأ بالكسر على الاستئناف مثل قوله: {فلينظر الإنسان إلى طعامه أنّا صببنا الماء} يستأنف , وهو يفسّر به ما قبله , وإن ردّه على إعراب ما قبله , قال: (أنّا) بالفتح , فتكون (أنّا) في موضع رفع، تجعلها تابعة للعاقبة, وإن شئت جعلتها نصباً من جهتين: إحداهما أن تردّها في موضع (كيف) , والأخرى أن تكرّ (كان) كأنّك قلت: كان عاقبة مكرهم تدميرنا إيّاهم, وإن شئت جعلتها كلمةً واحدةً , فجعلت (أنّا) في موضع نصبٍ , كأنك قلت: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم , تدميرنا إياهم.). [معاني القرآن: 2/296]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمّرناهم وقومهم أجمعين}
يقرأ : {إنّا دمّرناهم}- بكسر إن وبفتحها - , فمن قرأ بالكسر رفع العاقبة لا غير، المعنى: فانظر , أي شيء كان عاقبة مكرهم، ثم فسّرها فقال: إنّا دمّرناهم، فدل على أن العاقبة الدمار.
ومن قرأ : {أنّا دمّرناهم}- بالفتح - رفع العاقبة وإن شاء نصبها، والرفع أجود على معنى : فانظر كيف كان عاقبة أمرهم، وأضمر العاقبة,
{أنا دمرناهم}: فيكون (أنّا) في موضع رفع على هذا التفسير، ويجوز أن تكون أنا في موضع نصب، على معنى : فانظر كيف كان عاقبة مكرهم لأنّا دمّرناهم، ويجوز أن تكون
{أنّا دمّرناهم} خبر , كان المعنى: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم الدّمار، ويجوز أن يكون اسم كان , {أنّا دمّرناهم} و{عاقبة أمرهم} منصوبة.
المعنى : فانظر كيف كان الدمار عاقبة مكرهم، وكيف في موضع نصب في جميع هذه الأقوال - ونصبها - إذا جعلت العاقبة اسم كان. وكيف الخبر لأنها في موضع خبر كان، فإذا جعلت اسم كان , وخبرها ما بعدها , فهي منصوبة على الظرف، وعمل فيها جملة الكلام كما تقول: كيف كان زيد، وكيف كان زيد قائماً.). [معاني القرآن: 4/124-125]

تفسير قوله تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فتلك بيوتهم} [النمل: 52]، يعني: بالحجر.
{خاويةً} [النمل: 52] ليس فيها أحدٌ.
{بما ظلموا إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعلمون} [النمل: 52] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/552]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله:{فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إنّ في ذلك لآية لقوم يعلمون}

أكثر القراء نصب {خاوية} على الحال، المعنى : فانظر إلى بيوتهم خاوية بما ظلموا, ورفعها من أربعة أوجه قد بيّنّاها فيمن قرأ : {وهذا بعلي شيخ} ). [معاني القرآن: 4/125]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وأنجينا الّذين آمنوا} [النمل: 53] صالحًا والّذين آمنوا معه.
[تفسير القرآن العظيم: 2/552]
{وكانوا يتّقون} [النمل: 53]
- عن أبيه، قال: وحدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذّبين، يعني: أصحاب الحجر، إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين، فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم ما أصابهم ".
قال يحيى: أي: لا يصيبكم مثل ما أصابهم.
- قال: وحدّثني أبو الأشهب عن أبي نضرة، قال: كان رسول اللّه عليه السّلام في غزوة تبوك، فأتى على وادي ثمود وهو على فرسٍ شقراء، فقال: «أسرعوا السّير فإنّكم في وادٍ ملعونٍ»). [تفسير القرآن العظيم: 2/553]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 رجب 1434هـ/2-06-2013م, 11:31 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46)}

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)}
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومما يدغم إذا كان الحرفان من مخرج واحد وإذا تقارب المخرجان قولهم يطوعون في يتطوعون ويذكرون في يتذكرون ويسمعون في يتسمعون والإدغام في هذا أقوى إذ كان يكون في الانفصال والبيان فيهما
عربيٌ حسن لأنهما متحركان كما حسن ذلك في يختصمون ويهتدون وتصديق الإدغام قوله تعالى: {يطيروا بموسى} و: {يذكرون}.
فإن وقع حرفٌ مع ما هو من مخرجه أو قريبٌ من مخرجه مبتدأ أدغم وألحقوا الألف الخفيفة لأنهم لا يستطيعون أن يبتدئوا بساكن وذلك قولهم في فعل من تطوع اطوع ومن تذكر إذ ذكر دعاهم إلى إدغامه أنهما في حرفٍ وقد كان يقع الإدغام فيهما في الانفصال.
ودعاهم إلى إلحاق الألف في اذكروا واطوعوا ما دعاهم إلى إسقاطها حين حركوا الخاء في خطف والقاف في قتلوا فالألف هنا يعني في اختطف لازمةٌ ما لم يعتل الحرف كما تدخل ثمة إذا اعتل الحرف.
وتصديق ذلك قوله عز وجل: {فادارأتم فيها} يريد فتدارأتم: {وازينت} إنما هي تزينت وتقول في المصدر ازيناً وادارأً ومن ذلك قوله عز وجل: {اطيرنا بك}.
وينبغي على هذا أن تقول في تترس اترس فإن بينت فحسن البيان كحسنه فيما قبله
فإن التقت التاءان في تتكلمون وتتترسون فأنت بالخيار إن شئت أثبتهما وإن شئت حذفت إحداهما وتصديق ذلك قوله عز وجل: {تتنزل عليهم الملائكة} و: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}
وإن شئت حذفت التاء الثانية وتصديق ذلك قوله تبارك وتعالى: {تنزل الملائكة والروح فيها} وقوله: {ولقد كنتم تمنون الموت} وكانت الثانية أولى بالحذف لأنها هي التي تسكن وتدغم في قوله تعالى: {فادارأتم} و: {ازينت} وهي التي يفعل بها ذلك في يذكرون فكما اعتلت هنا كذلك تحذف هناك). [الكتاب: 4/474-476] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (أعلم أن الحرفين المثلين إذا كانا ملتقيين في كلمة، وكلاهما متحرك، وقبل المتحرك الأول ساكن، طرحت حركة المتحرك الأول على ذلك الساكن، وأغمت كنحو ما ذكرت لك. اقتتلوا. فإذا التقيا وهما سواء أو متقاربان، والأول منهما أول الكلمة أدخلت ألف الوصل وأدغمت وذلك: اطير زيد إنما كانت تطير، فأسكنت التاء، فلم يجز أن تبتدئ بساكن، فأدخلت ألف الوصل، ثم أدغمت التاء في الطاء.
وكذلك اترس زيد إذا أردته تترس.
فدخول الألف هاهنا كسقوطها من اقتتلوا إذا قلت: قتلوا، فالتحريك يسقطها، كما أن الإسكان يجلبها.
ومن ذلك قوله: {وإذ قتلتم نفساً فادارأتم فيها} وإنما كان تدارأتم فيها، فأدغمت التاء في الدال، فاحتجت إلى ألف الوصل لاستحالة الابتداء بساكن، ومثله {قالوا اطيرنا بك وبمن ومعك} ). [المقتضب: 1/377-378] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (والرَّهْط ما دون العشرة من الرجال.
والعُصْبَة من العشرة إلى الأربعين). [الغريب المصنف: 1/105] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49)}
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (وقال أحمد بن عبد الله يقول: فميطي بمياط، أي: اذهبي بقلب رجل ذهاب بقلوب النساء إليك خذيه وصليه كما كنت تصلينه، وإن شئت فانعمي صباحًا، أي: سلم عليك الله ردي علينا وصلنا واسلمي، أي ذين شئت فاختاري، فلك: تقول اذهب بهذا معك، أي: اضممه إليك، خذه معك، قال ثعلب: لا يجوز مثل هذا إلا في الحكاية، فأما في غيرها، فلا مثل قوله جل وعز: {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه}: ولنبيتنه حكاية، وكل ما ورد عن العرب من هذا فإن تأويله الحكاية، وإلا فباطل لا يجوز). [شرح المفضليات: 12-13]

تفسير قوله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50)}

تفسير قوله تعالى: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51)}

تفسير قوله تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ذكر الظلم في مجلس ابن عباس فقال كعب: إني لا أجد في كتاب اللّه المنزّل أن الظلم يخرب الديار. فقال ابن عباس أنا أوجدكه في القرآن، قال اللّه عز وجل: {فتلك بيوتهم خاويةٌ بما ظلموا}). [عيون الأخبار: 1/76]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)}

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 07:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 07:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 08:02 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون}
هذه الآية على جهة التمثيل لقريش، و"أن" في قوله سبحانه: {أن اعبدوا الله} يحتمل أن تكون مفسرة، وأن تكون في موضع نصب، والتقدير: بأن اعبدوا الله.
و "فريقان" يريد به: من آمن بصالح ومن كفر به، و"اختصامهم" تنازعهم وحدهم، فذكر الله تبارك وتعالى ذلك في سورة الأعراف). [المحرر الوجيز: 6/ 544]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم إن صالحا عليه السلام تلطف بقومه، وترفق بهم في الخطاب، فوقفهم على خطئهم في استعجال العذاب مما يقتضي هلاكهم، ثم حضهم على ما هو أيسر من ذلك وأعود بالخير، وهو الإيمان وطلب المغفرة ورجاء الرحمة، فأجابوا -عند ذلك- بقول سفساف، معناه: تشاءمنا بك، قال المفسرون: وكانوا في قحط فجعلوه لذات صالح عليه السلام. وأصل الطيرة ما تعارفه أهل الجهل من زجر الطير، وشبهت العرب ما عن بما طار حتى حصل، سمي ما حصل للإنسان في فزعة ونحوه طائرا، ومنه قوله تعالى: {ألزمناه طائره في عنقه}، وخاطبهم صالح ببيان الحق، أي: طائركم على زعمكم وتسميتكم -وهو حظكم في الحقيقة- من تعذيب أو إعفاء هو عند الله وتعالى، وبقضائه وقدره، وإنما هو أنهم قوم تختبرون، وهذا أحد وجوه الفتنة، وقد يمكن أن يريد: بل أنتم قوم تولعون بشهواتكم، وهذا معنى قد تعارف الناس استعمال لفظ الفتنة منه، ومنه قولك: "فتن فلان بفلان"، وشاهد ذلك كثير). [المحرر الوجيز: 6/ 544-545]

تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين}
ذكر الله تعالى في هذه الآية تسعة رجال كانوا من أوجه القوم وأقناهم وأغناهم، وكانوا أهل كفر ومعاص جمة، جملة أمرهم أنهم يفسدون في الأرض ولا يصلحون، قال عطاء بن أبي رباح: بلغني أنهم كانوا يقرضون الدنانير والدراهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا نحو الأثر المروي: قطع الدنانير والدراهم من الفساد في الأرض، و"المدينة": مجتمع ثمود وقريتهم، و"الرهط": من أسماء الجمع القليل، العشرة فما دونها، و"تسعة رهط" كما تقول: تسعة رجال، وهؤلاء المذكورون كانوا أصحاب قدار بن سالف: عاقر الناقة، وقد تقدم في غير هذا الموضع ما ذكر في أسمائهم). [المحرر الوجيز: 6/ 545]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "تقاسموا"، حكى الطبري أنه يجوز أن يكون فعلا ماضيا في موضع الحال، كأنه قال: متقاسمين، أو متحالفين بالله، وكأن قولهم: "لنبيتنه" حلف، ويؤيد هذا التأويل أن في قراءة عبد الله: "ولا يصلحون، تقاسموا" بسقوط "قالوا"، ويحتمل -وهو تأويل الجمهور- أن يكون "تقاسموا" فعل أمر، أشار بعضهم على بعض بأن يتحالفوا على هذا الفعل بصالح، فـ "تقاسموا" هو قولهم على هذا التأويل. وهذه الألفاظ الدالة على قسم أو جواب تجاب باللام وإن لم يتقدم قسم ظاهر، فاللام في "لنبيتنه" جواب ذلك. وقرأ جمهور القراء: "لنبيتنه"، "ثم لنقولن" بالنون فيهما، وقرأ الحسن، وحمزة، والكسائي بالتاء فيهما، وبضم التاء واللام على الخطاب، أي: تخاطبوا بذلك، وقرأ مجاهد، وحميد بن قيس بالياء فيهما على الخبر، فهذا ذكر الله فيه المعنى الذي أرادوه، لا بحسب لفظهم.
وروي في هذه الآية أن هؤلاء التسعة لما كان في صدر الثلاثة الأيام بعد عقر الناقة وقد أخبرهم صالح عليه السلام بمجيء العذاب، اتفق هؤلاء التسعة فتحالفوا على أن يأتوا دار صالح ليلا فيقتلوه وأهله المختصين به، قالوا: فإن كان كاذبا في وعيده أوقعنا به ما يستحق، وإن كان صادقا كنا قد أعجلناه قبلنا وشفينا نفوسنا. قال الراوي: فجاؤوا واختفوا لذلك في غار قريب من داره، فروي أنه انحدرت عليهم صخرة سدحتهم جميعا، وروي أنه طبقت عليهم الغار فهلكوا فيه حين هلك قومهم، وكل فريق لا يعلم بما جرى على الآخر، وكانوا قد بنوا على جحود الأمر من قرابة صالح الذين يمكن أن يغضبوا له، فهذا مكرهم. والمكر نحو الخديعة، وسمى الله تبارك وتعالى عقوبتهم باسم ذنبهم، وهذا مهيع، ومنه قوله تعالى: {الله يستهزئ بهم}، وغير ذلك.
وقرأ الجمهور: "مهلك" بضم الميم وفتح اللام، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر بفتحهما، وروي عنه فتح الميم وكسر اللام). [المحرر الوجيز: 6/ 545-546]

تفسير قوله تعالى: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "العاقبة" حال تقتضيها البدأة وتؤدي إليها، ويعني بالأهل كل من آمن معه، قاله الحسن. وقرأ جمهور القراء: "إنا دمرناهم" بكسر الألف، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: "أنا دمرناهم"، وهي قراءة الحسن وابن أبي إسحاق، فـ "كان" -على قراءة الكسر في الألف- تامة، وإن قدرت ناقصة فخبرها محذوف، أو يكون الخبر "كيف" مقدما; لأن صدر الكلام لها، ولا يعمل -على هذا- "انظر" في "كيف"، لكن يعمل في موضع الجملة كلها، وهي على قراءة فتح الألف ناقصة، وخبرها "أنا"، ويجوز أن يكون الخبر "كيف"، ويكون "أنا" بدلا من "العاقبة"، ويجوز أن تكون "كان" تامة "وأنا" بدلا من "العاقبة"، ووقع تقدير السؤال بـ "كيف" عن جملة قوله: {كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم}، وقرأ أبي بن كعب: "أن دمرناهم"، فهذه تؤيد قراءة الفتح في "أنا"). [المحرر الوجيز: 6/ 546-547]

تفسير قوله تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين}
أمر البيوت وخرابها مما أخبر الله تعالى، ففي كل الشرائع أنه إنما يعاقب به الظلمة، وفي التوراة: (ابن آدم، لا تظلم، يخرب بيتك)، و"خاوية" نصب على الحال التي فيها الفائدة، ومعناها: الخالية قفرا، قال الزجاج: وقرئت "خاوية" بالرفع، وذلك على الابتداء المضمر، والتقدير: هي خاوية، أو عن الخبر عن "تلك" و"بيوتهم" بدل على خبر ثان، وهذه البيوت المشار إليها هي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم عام تبوك: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ... الحديث). [المحرر الوجيز: 6/ 547]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)}

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 08:51 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 08:54 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحًا أن اعبدوا اللّه فإذا هم فريقان يختصمون (45) قال يا قوم لم تستعجلون بالسّيّئة قبل الحسنة لولا تستغفرون اللّه لعلّكم ترحمون (46) قالوا اطّيّرنا بك وبمن معك قال طائركم عند اللّه بل أنتم قومٌ تفتنون (47)}
يخبر تعالى عن ثمود وما كان من أمرها مع نبيّها صالحٍ، عليه السّلام، حين بعثه اللّه إليهم، فدعاهم إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له، {فإذا هم فريقان يختصمون} قال مجاهدٌ: مؤمنٌ وكافرٌ -كقوله تعالى: {قال الملأ الّذين استكبروا من قومه للّذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أنّ صالحًا مرسلٌ من ربّه قالوا إنّا بما أرسل به مؤمنون قال الّذين استكبروا إنّا بالّذي آمنتم به كافرون} [الأعراف: 75، 76]).[تفسير ابن كثير: 6/ 197]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال يا قوم لم تستعجلون بالسّيّئة قبل الحسنة}، أي: لم تدعون بحضور العذاب، ولا تطلبون من اللّه رحمته؟ ولهذا قال: {لولا تستغفرون اللّه لعلّكم ترحمون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 198]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا اطّيّرنا بك وبمن معك} أي: ما رأينا على وجهك ووجوه من اتّبعك خيرًا. وذلك أنّهم -لشقائهم- كان لا يصيب أحدًا منهم سوءٌ إلّا قال: هذا من قبل صالحٍ وأصحابه.
قال مجاهدٌ: تشاءموا بهم. وهذا كما قال تعالى إخبارًا عن قوم فرعون: {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيّئةٌ يطّيّروا بموسى ومن معه ألا إنّما طائرهم عند اللّه} [الأعراف: 131]. وقال تعالى: {وإن تصبهم حسنةٌ يقولوا هذه من عند اللّه وإن تصبهم سيّئةٌ يقولوا هذه من عندك قل كلٌّ من عند اللّه} [النّساء: 78] أي: بقضاء اللّه وقدره. وقال مخبرًا عن أهل القرية إذ جاءها المرسلون: {قالوا إنّا تطيّرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنّكم وليمسّنّكم منّا عذابٌ أليمٌ. قالوا طائركم معكم} [يس: 18، 19]. وقال هؤلاء: {اطّيّرنا بك وبمن معك قال طائركم عند اللّه} أي: اللّه يجازيكم على ذلك {بل أنتم قومٌ تفتنون} قال قتادة: تبتلون بالطّاعة والمعصية.
والظّاهر أنّ المراد بقوله: {تفتنون} أي: تستدرجون فيما أنتم فيه من الضّلال). [تفسير ابن كثير: 6/ 198]

تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون (48) قالوا تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله ثمّ لنقولنّ لوليّه ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون (49) ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا وهم لا يشعرون (50) فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمّرناهم وقومهم أجمعين (51) فتلك بيوتهم خاويةً بما ظلموا إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعلمون (52) وأنجينا الّذين آمنوا وكانوا يتّقون (53)}.
يخبر تعالى عن طغاة ثمود ورؤوسهم، الّذين كانوا دعاة قومهم إلى الضّلالة والكفر وتكذيب صالحٍ، وآل بهم الحال إلى أنّهم عقروا النّاقة، وهمّوا بقتل صالحٍ أيضًا، بأن يبيّتوه في أهله ليلًا فيقتلوه غيلة، ثمّ يقولوا لأوليائه من أقربيه: إنّهم ما علموا بشيءٍ من أمره، وإنّهم لصادقون فيما أخبروهم به، من أنّهم لم يشاهدوا ذلك، فقال تعالى: {وكان في المدينة} أي: مدينة ثمود، {تسعة رهطٍ} أي: تسعة نفرٍ، {يفسدون في الأرض ولا يصلحون} وإنّما غلب هؤلاء على أمر ثمود؛ لأنّهم كانوا كبراء فيهم ورؤساءهم.
قال العوفي، عن ابن عبّاسٍ: هؤلاء هم الّذين عقروا النّاقة، أي: الّذي صدر ذلك عن آرائهم ومشورتهم -قبّحهم اللّه ولعنهم- وقد فعل ذلك.
وقال السّدّي، عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ: كان أسماء هؤلاء التّسعة: دعمى، ودعيم، وهرما، وهريمٌ، ودابٌ، وصوابٌ، وريابٌ، ومسطعٌ، وقدار بن سالفٍ عاقر النّاقة، أي: الّذي باشر ذلك بيده. قال اللّه تعالى: {فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر} [القمر: 29]، وقال تعالى {إذ انبعث أشقاها} [الشّمس: 12].
وقال عبد الرّزّاق: أنبأنا يحيى بن ربيعة الصّنعانيّ، سمعت عطاءً -هو ابن أبي رباحٍ -يقول: {وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون} قال: كانوا يقرضون الدّراهم، يعني: أنّهم كانوا يأخذون منها، وكأنّهم كانوا يتعاملون بها عددًا، كما كان العرب يتعاملون.
وقال الإمام مالكٌ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب أنّه قال: قطع الذّهب والورق من الفساد في الأرض.
وفي الحديث -الّذي رواه أبو داود وغيره -: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نهى عن كسر سكّة المسلمين الجائزة بينهم إلّا من بأسٍ.
والغرض أنّ هؤلاء الكفرة الفسقة، كان من صفاتهم الإفساد في الأرض بكلّ طريقٍ يقدرون عليها، فمنها ما ذكره هؤلاء الأئمّة وغير ذلك). [تفسير ابن كثير: 6/ 198-199]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {قالوا تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله} أي: تحالفوا وتبايعوا على قتل نبيّ اللّه صالحٍ، عليه السّلام، من لقيه ليلًا غيلةً. فكادهم اللّه، وجعل الدّائرة عليهم.
قال مجاهدٌ: تقاسموا وتحالفوا على هلاكه، فلم يصلوا إليه حتّى هلكوا وقومهم أجمعين.
وقال قتادة: توافقوا على أن يأخذوه ليلًا فيقتلوه، وذكر لنا أنّهم بينما هم معانيق إلى صالحٍ ليفتكوا به، إذ بعث اللّه عليهم صخرةً فأهمدتهم.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: هم الّذين عقروا النّاقة، قالوا حين عقروها: نبيّت صالحًا [وأهله] وقومه فنقتلهم، ثمّ نقول لأولياء صالحٍ: ما شهدنا من هذا شيئًا، وما لنا به من علمٍ. فدمّرهم اللّه أجمعين.
وقال محمّد بن إسحاق: قال هؤلاء التّسعة بعدما عقروا النّاقة: هلم فلنقتل صالحًا، فإن كان صادقًا عجّلناه قبلنا، وإن كان كاذبًا كنّا قد ألحقناه بناقته! فأتوه ليلًا ليبيّتوه في أهله، فدمغتهم الملائكة بالحجارة، فلمّا أبطؤوا على أصحابهم، أتوا منزل صالحٍ، فوجدوهم منشدخين قد رضخوا بالحجارة، فقالوا لصالحٍ: أنت قتلتهم، ثمّ همّوا به، فقامت عشيرته دونه، ولبسوا السّلاح، وقالوا لهم: واللّه لا تقتلونه أبدًا، وقد وعدكم أنّ العذاب نازلٌ بكم في ثلاثٍ، فإن كان صادقًا فلا تزيدوا ربّكم عليكم غضبًا، وإن كان كاذبًا فأنتم من وراء ما تريدون. فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك.
وقال عبد الرّحمن بن أبي حاتمٍ: لـمّا عقروا النّاقة وقال لهم صالحٌ: {تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّامٍ ذلك وعدٌ غير مكذوبٍ} [هودٍ: 65]، قالوا: زعم صالحٌ أنّه يفرغ منّا إلى ثلاثة أيّامٍ، فنحن نفرغ منه وأهله قبل ثلاثٍ. وكان لصالحٍ مسجدٌ في الحجر عند شعبٍ هناك يصلّي فيه، فخرجوا إلى كهفٍ، أي: غارٍ هناك ليلًا فقالوا: إذا جاء يصلّي قتلناه، ثمّ رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله، ففرغنا منهم. فبعث اللّه صخرةً من الهضب حيالهم، فخشوا أن تشدخهم فتبادروا فانطبقت عليهم الصّخرة وهم في ذلك الغار، فلا يدري قومهم أين هم، ولا يدرون ما فعل بقومهم. فعذّب اللّه هؤلاء هاهنا، وهؤلاء هاهنا، وأنجى اللّه صالحًا ومن معه، ثمّ قرأ: {ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمّرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاويةً} أي: فارغةً ليس فيها أحدٌ {بما ظلموا إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعلمون. وأنجينا الّذين آمنوا وكانوا يتّقون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 199-200]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة