العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة طه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 08:17 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 08:24 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا}
قصص هذه الآية أن موسى عليه السلام لما شرع في النهوض ببني إسرائيل إلى جانب الطور الأيمن حيث كان الموعد أن يكلم الله موسى بما فيه شرف العاجل والآجل، رأى - على جهة الاجتهاد - أن يتقدم وحده مبادرا إلى الله عز وجل، وحرصا على القرب، وشوقا إلى مناجاته، واستخلف هارون عليه السلام على بني إسرائيل، وقال لهم موسى عليه السلام: تسيرون إلى جانب الطور، فلما انتهى موسى عليه السلام وناجى ربه، زاده في الأجل عشرا، وحينئذ وقفه على معنى استعجاله دون القيام ليخبره موسى أنهم على الأثر فيقع الإعلام له بما صنعوا). [المحرر الوجيز: 6/119]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأت فرقة: "أولاء"، وقرأت فرقة أخرى: "أولاي" بفتح الياء. وقوله: "على
[المحرر الوجيز: 6/119]
أثري" يحتمل أن يكون في موضع رفع خبرا بعد خبر، ويحتمل أن يكون في موضع نصب على الحال، وقرأت فرقة: "على أثري" بفتح الهمزة والثاء، وقرأت فرقة: "على إثري" بكسر الهمزة وسكون الثاء.
وأعلمه موسى عليه السلام أنه إنما استعجل طلب الرضا). [المحرر الوجيز: 6/120]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (فأعلمه الله تعالى أنه قد فتن بني إسرائيل، أي اختبرهم بما صنعه السامري، ويحتمل أن يريد: ألقيناهم في فتنة، أي في ميل مع الشهوات، ووقوع في اختلاف كلمة، وقوله: "من بعدك" أي من بعد فراقك لهم. وقرأت فرقة: "وأضلهم السامري " على إسناد الفعل إلى السامري، وقرأت فرقة: "وأضلهم السامري " بضم اللام على الابتداء والخبر عن السامري أنه أضل القوم.
و " السامري " رجل من بني إسرائيل، ويقال: إنه كان ابن خال موسى عليه السلام، وقالت فرقة: لم يكن من بني إسرائيل، بل كان أصله من العجم من أهل كرمان، والأول أصح، وكان قصص السامري أنه كان منافقا عنده حيل وسحر، وقبض القبضة من أثر جبريل عليه السلام، وعلم بما أقدره الله عليه لفتنة القوم أنه يتهيأ له بتلك القبضة ما يريد مما يجوز على الله تعالى؛ لأنه لو ادعى النبوءة مع ذلك العجل لما صح ولا جاز أن يخور ولا أن تتم الحيلة فيه، لكنه لما ادعى له الربوبية، وعلامات كذبه قائمة لائحة صحت الفتنة به وجاز ذلك على الله تعالى، كقصة الدجال الذي تخرق له العادات لأنه مدعي الربوبية، ولو كان مدعي نبوءة لما صح شيء من ذلك. فلما رأى السامري موسى قد غاب، ورأى بقية بني إسرائيل في طلبهم من موسى آلهة حين مروا على قوم يعبدون أصناما على صفة البقر. وقيل: كانت بقرا حقيقة - علم أنه سيفتنهم من هذه الطريق. فيروى أنه قال لهم: إن الحلي الذي عندكم من مال القبط قبيح بكم حبسه، ولكن اجمعوه عندي حتى يحكم الله لكم فيه، وقيل إن هارون عليه السلام أمرهم بجمعه ووضعه في حفرة حتى يجيء موسى ويستأذن فيه ربه، وقيل: بل كان المال الذي جمعوه للسامري مما لفظ البحر من أموال القبط الغارقين مع فرعون، فروي - مع هذا الاختلاف - أن الحلي اجتمع عند السامري، وأنه صاغ العجل وألقى القبضة فيه فخار. وروي - وهو الأصح والأكثر - أنه ألقى الناس الحلي في حفرة أو نحوها، وألقى هو
[المحرر الوجيز: 6/120]
عليها القبضة، فتجسد العجل، وهذا وجه فتنة الله تعالى لهم، وعلى هذا نقول: انخرقت للسامري عادة، وأما على أن يصوغه فلم تتخرق له عادة، وإنما فتنوا حينئذ بخواره فقط، وذلك الصوت قد يولد في الأجرام بالصنعة). [المحرر الوجيز: 6/121]

تفسير قوله تعالى: {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (فلما أخبر الله تعالى موسى عليه السلام بما وقع رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا عليهم من حيث له قدرة على تغيير منكرهم.
وقوله: "أسفا" أي: حزينا، من حيث علم أنه موضع عقوبة لا بد له بدفعها، ولا بد منها، و"الأسف" في كلام العرب متى كان من ذي قدرة على من دونه فهو غضب، ومتى كان من الأقل على الأقوى فهو حزن. وتأمل ذلك فهو مطرد إن شاء الله.
قوله عز وجل: {قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار}
وبخ موسى عليه السلام قومه بهذه المقالة، و"الوعد الحسن" هو ما وعدهم من الوصول إلى جانب الطور الأيمن، وما بعد ذلك من الفتوح في الأرض، والمغفرة لمن تاب وآمن، وغير ذلك مما وعد الله تعالى به أهل طاعته. وقوله: {وعدا}، إما أن يكون نصبا على المصدر، والمفعول الثاني مقدر، وإما أن يكون بمعنى الموعود، ويكون هو المفعول الثاني بعينه.
ثم وقفهم على أعذار لم تكن ولا تصح لهم، وهي طول العهد؛ حتى يتبين لهم خلف في الموعد. وإرادة غضب الله تعالى، وذلك كله لم يكن، ولكنهم عملوا عمل من لم يتدين. وسمي العذاب غضبا من حيث هو ناشئ عن الغضب، والغضب إن جعل بمعنى الإرادة فهو صفة ذات، وإن جعل ظهور النقمة والعقاب فهو صفة فعل، فهو من التردد بين الحالين). [المحرر الوجيز: 6/121]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ نافع، وعاصم: "بملكنا" بفتح الميم، وقرأ حمزة، والكسائي: "بملكنا" بضمها، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر: "بملكنا" بكسرها، قال أبو علي: هذه لغات.
[المحرر الوجيز: 6/121]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ظاهر الكلام أنها بمعنى واحد، ولكن أبا علي - وغيره - قد فرق بين معانيها، فأما ضم الميم فمعناه - على قول أبي علي - لم يكن لنا ملك فنخلف موعدك بقوته وسلطانه، وإنما أخلفناه بنظر أدى إليه ما فعل السامري، وليس المعنى أن لهم ملكا، وإنما هو كقول ذي الرمة:
يشتكي سقطة منها وقد رقصت بها المفاوز حتى ظهرها حدب
أي: لا يكون منها سقطة فتشتكي، قال: وهذا كقوله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافا}، أي: ليس منهم سؤال فيكون منهم إلحاف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا كله في هذه الأمثلة غير متيقن من قول أبي علي، وإنما مشى في ذلك أثر الزجاج دون تعقب، وقد شرحت هذا المعنى في سورة البقرة في قوله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافا}، وتبين أن هذه الآية ليست كهذه الأمثلة لأنهم لم يرفعوا الاختلاف، والأمثلة فيها رفع الوجهين.
[المحرر الوجيز: 6/122]
وأما فتح الميم فهو مصدر من ملك، والمعنى: ما فعلنا ذلك بأنا ملكنا الصواب ولا وفقنا له، بل غلبتنا أنفسنا.
وأما كسر الميم فقد كثر استعماله فيما تحوزه اليد، ولكنه يستعمل في الأمور التي يبرمها الإنسان، ومعناها كمعنى التي قبلها. والمصدر مضاف في الوجهين إلى الفاعل. والمفعول مقدر، أي: بملكنا الصواب، وهذا كما قد يضاف أحيانا إلى المفعول والفاعل مقدر، كقوله تعالى: {بسؤال نعجتك إلى نعاجه}، وقوله تعالى: {من دعاء الخير}.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم: "حملنا" بضم الحاء وشد الميم، وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: "حملنا" بفتح الحاء والميم. و"الأوزار": الأثقال، ويحتمل أن تكون هذه التسمية من حيث هي ثقيلة الأجرام، ويحتمل أن تكون من حيث تأثموا في قذفها وظهر لهم أن ذلك هو الحق فكانت آثاما لمن حملها. وقوله: {فكذلك ألقى السامري} أي: فكما قذفنا نحن فكذلك ألقى السامري ما كان بيده.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه الألفاظ تقتضي أن العجل لم يصغه السامري). [المحرر الوجيز: 6/123]

تفسير قوله تعالى: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر الله تعالى عن فعل السامري بقوله: {فأخرج لهم عجلا جسدا}، ومعنى
[المحرر الوجيز: 6/123]
"جسدا" أي شخصا لا روح فيه، وقيل: معنى "جسدا": لا يتغذى، و"الخوار": صوت البقر، وقالت فرقة: كان هذا العجل يخور ويمشي.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهكذا تكون الفتنة من قبل الله تعالى، قاله ابن عباس رضي الله عنهما، وقالت فرقة: إنما كان خواره بالريح، كانت تدخل من دبره وتخرج من فيه فيصوت لذلك.
قوله عز وجل: {فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى}
الضمير في قوله: "فقالوا" لبني إسرائيل، أي: ضلوا حين قال كبارهم لصغارهم، و"هذا" إشارة إلى العجل، وقوله تعالى: {فنسي} يحتمل أن يكون من كلام بني إسرائيل، أي: فنسي موسى عليه السلام ربه وإلهه وذهب يطلبه في غير موضعه، ويحتمل أن يكون "فنسي" إخبارا من الله تعالى عن السامري أنه نسي دينه وطريق الحق.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فالنسيان في التأويل الأول بمعنى الذهول، وفي الثاني بمعنى الترك). [المحرر الوجيز: 6/124]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم قرن الله تعالى موضع خطابهم بقوله: {أفلا يرون}، المعنى: أفلم يتبين هؤلاء الذين ضلوا أن هذا العجل إنما هو جماد لا يتكلم ولا يرجع قولا، ولا يضر ولا ينفع؟ وهذه خلال لا يخفى معها الحدوث والعجز؛ لأن هذه الخلال لو حصلت له أوجبت كونه إلاها. وقرأت فرقة: "ألا يرجع" برفع العين، "وأن" -على هذه القراءة - مخففة من الثقيلة، والتقدير: أنه لا يرجع، وقرأت فرقة: "ألا يرجع"، "وأن" - على هذه القراءة - هي الناصبة). [المحرر الوجيز: 6/124]

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 9 محرم 1440هـ/19-09-2018م, 05:43 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 محرم 1440هـ/19-09-2018م, 05:52 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما أعجلك عن قومك يا موسى (83) قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك ربّ لترضى (84) قال فإنّا قد فتنّا قومك من بعدك وأضلّهم السّامريّ (85) فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا قال يا قوم ألم يعدكم ربّكم وعدًا حسنًا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحلّ عليكم غضبٌ من ربّكم فأخلفتم موعدي (86) قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنّا حمّلنا أوزارًا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السّامريّ (87) فأخرج لهم عجلا جسدًا له خوارٌ فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي (88) أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا (89)}.
لـمّا سار موسى عليه السّلام ببني إسرائيل بعد هلاك فرعون، وافوا {على قومٍ يعكفون على أصنامٍ لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهةٌ قال إنّكم قومٌ تجهلون * إنّ هؤلاء متبّرٌ ما هم فيه وباطلٌ ما كانوا يعملون} [الأعراف: 138، 139] وواعده ربّه ثلاثين ليلةً ثمّ أتبعها له عشرًا، فتمّت [له] أربعين ليلةً، أي: يصومها ليلًا ونهارًا. وقد تقدّم في حديث "الفتون" بيان ذلك. فسارع موسى عليه السّلام مبادرًا إلى الطّور، واستخلف على بني إسرائيل أخاه هارون؛ ولهذا قال تعالى: {وما أعجلك عن قومك يا موسى}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 309]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال هم أولاء على أثري} أي: قادمون ينزلون قريبًا من الطّور، {وعجلت إليك ربّ لترضى} أي: لتزداد عنّي رضًا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 309]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال فإنّا قد فتنّا قومك من بعدك وأضلّهم السّامريّ} أخبر تعالى نبيّه موسى بما كان بعده من الحدث في بني إسرائيل، وعبادتهم العجل الّذي عمله لهم ذلك السّامريّ. وفي الكتب الإسرائيليّة: أنّه كان اسمه هارون أيضًا، وكتب اللّه تعالى له في هذه المدّة الألواح المتضمّنة للتّوراة، كما قال تعالى: {وكتبنا له في الألواح من كلّ شيءٍ موعظةً وتفصيلا لكلّ شيءٍ فخذها بقوّةٍ وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين} [الأعراف: 145] أي: عاقبة الخارجين عن طاعتي المخالفين لأمري). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 309-310]

تفسير قوله تعالى: {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا} أي: بعد ما أخبره تعالى بذلك، في غاية الغضب والحنق عليهم، هو فيما هو فيه من الاعتناء بأمرهم، وتسلّم التّوراة الّتي فيها شريعتهم، وفيها شرفٌ لهم. وهم قومٌ قد عبدوا غير اللّه ما يعلم كلّ عاقلٍ له لبٌّ [وحزمٌ] بطلان [ما هم فيه] وسخافة عقولهم وأذهانهم؛ ولهذا رجع إليهم غضبان أسفًا، والأسف: شدّة الغضب.
وقال مجاهدٌ: {غضبان أسفًا} أي: جزعًا. وقال قتادة، والسّدّيّ: {أسفًا} أي: حزينًا على ما صنع قومه من بعده.
{قال يا قوم ألم يعدكم ربّكم وعدًا حسنًا} أي: أما وعدكم على لساني كلّ خيرٍ في الدّنيا والآخرة، وحسن العاقبة كما شاهدتم من نصرته إيّاكم على عدوّكم، وإظهاركم عليه، وغير ذلك من أياديه عندكم؟ {أفطال عليكم العهد} أي: في انتظار ما وعدكم اللّه. ونسيان ما سلف من نعمه، وما بالعهد من قدمٍ. {أم أردتم أن يحلّ عليكم غضبٌ من ربّكم} "أم" هاهنا بمعنى "بل" وهي للإضراب عن الكلام الأوّل، وعدولٌ إلى الثّاني، كأنّه يقول: بل أردتم بصنيعكم هذا أن يحلّ عليكم غضبٌ من ربّكم {فأخلفتم موعدي}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 310]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا} أي: بنو إسرائيل في جواب ما أنّبهم موسى وقرّعهم: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} أي: عن قدرتنا واختيارنا.
ثمّ شرعوا يعتذرون بالعذر البارد، يخبرونه عن تورّعهم عمّا كان بأيديهم من حلي القبط الّذي كانوا قد استعاروه منهم، حين خرجوا من مصر، {فقذفناها} أي: ألقيناها عنّا. وقد تقدّم في حديث "الفتون" أنّ هارون عليه السّلام هو الّذي كان أمرهم بإلقاء الحليّ في حفرةٍ فيها نارٌ.
وفي رواية السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ: إنّما أراد هارون أن يجتمع الحلي كلّه في تلك الحفيرة ويجعل حجرًا واحدًا. حتّى إذا رجع موسى يرى فيه ما يشاء. ثمّ جاء [بعد] ذلك السّامريّ فألقى عليها تلك القبضة الّتي أخذها من أثر الرّسول، وسأل هارون أن يدعو اللّه أن يستجيب له في دعوته، فدعا له هارون -وهو لا يعلم ما يريد- فأجيب له فقال السّامريّ عند ذلك: أسأل اللّه أن يكون عجلًا. فكان عجلًا له خوار، أي: صوتٌ، استدراجًا وإمهالًا ومحنةً واختبارًا؛ ولهذا قالوا: {فكذلك ألقى السّامريّ * فأخرج لهم عجلا جسدًا له خوارٌ}
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عبادة بن البختريّ حدّثنا يزيد بن هارون أخبرنا حمّاد عن سماكٍ، عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ؛ أنّ هارون مرّ بالسّامريّ وهو ينحت العجل، فقال له: ما تصنع؟ فقال: أصنع ما يضرّ ولا ينفع فقال هارون: اللّهمّ أعطه ما سأل على ما في نفسه ومضى هارون، فقال السّامريّ: اللّهمّ إنّي أسألك أن يخور فخار، فكان إذا خار سجدوا له، وإذا خار رفعوا رؤوسهم.
ثمّ رواه من وجهٍ آخر عن حمّادٍ وقال: [أعمل] ما ينفع ولا يضرّ.
وقال السّدّيّ: كان يخور ويمشي.
فقالوا -أي: الضّلال منهم، الّذين افتتنوا بالعجل وعبدوه -: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} أي: نسيه هاهنا، وذهب يتطلّبه. كذا تقدّم في حديث "الفتون" عن ابن عبّاسٍ. وبه قال مجاهدٌ.
وقال سماك عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ: {فنسي} أي: نسي أن يذكّركم أنّ هذا إلهكم.
وقال محمّد بن إسحاق، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ فقالوا: {هذا إلهكم وإله موسى} قال: فعكفوا عليه وأحبّوه حبًّا لم يحبّوا شيئًا قطّ يعني مثله، يقول اللّه: {فنسي} أي: ترك ما كان عليه من الإسلام يعني: السّامريّ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 310-311]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى ردًّا عليهم، وتقريعًا لهم، وبيانًا لفضيحتهم وسخافة عقولهم فيما ذهبوا إليه: {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا} أي: العجل {أفلا يرون} أنّه لا يجيبهم إذا سألوه، ولا إذا خاطبوه، {ولا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا} أي: في دنياهم ولا في أخراهم.
قال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنه لا واللّه ما كان خواره إلّا أن يدخل الريح في دبره فيخرج فيه، فيسمع له صوتٌ.
وقد تقدّم في متون الحديث عن الحسن البصريّ: أنّ هذا العجل اسمه بهموت.
وحاصل ما اعتذر به هؤلاء الجهلة أنّهم تورّعوا عن زينة القبط، فألقوها عنهم، وعبدوا العجل. فتورّعوا عن الحقير وفعلوا الأمر الكبير، كما جاء في الحديث الصّحيح عن ابن عمر: أنّه سأله رجلٌ من أهل العراق عن دم البعوض إذا أصاب الثّوب -يعني: هل يصلّي فيه أم لا؟- فقال ابن عمر، رضي اللّه عنه: انظروا إلى أهل العراق، قتلوا ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -يعني: الحسين- وهم يسألون عن دم البعوض؟). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 311]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة