سورة آل عمران
[من الآية (38) إلى الآية (41) ]
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41)}
قوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38)}
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ({زكريا} [37، 38]: مقصور، حيث جاء: هما، والمفضل، وخلف، وحفص . بنصب هذا أبو بكر، وفي تعليقي عن أبي أحمد عن المفضل تشديد الفاء، (زكرياء) ممدود مرفوع، وهذا غلط). [المنتهى: 2/626] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاخْتَلَفُوا) فِي: زَكَرِيَّا فَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَحَفْصٌ بِالْقَصْرِ مِنْ غَيْرِ هَمْزَةٍ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ إِلَّا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نَصَبَهُ هُنَا بَعْدَ كَفَّلَهَا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانِي لَكَفَّلَهَا وَرَفَعَهُ الْبَاقُونَ مِمَّنْ خَفَّفَ). [النشر في القراءات العشر: 2/239] (م)
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}
{زَكَرِيَّا} تقدَّم الحديث فيع عن القصر والمدّ والوقف في الآية السابقة.
{قَالَ رَبِّ} أدغم اللام في الراء أبو عمرو ويعقوب.
{ذُرِّيَّةً} لم يأت فيه شيء عن المطوعي في هذا الموضع فهو علي المشهور بضم الذال، وﺇن كان ذلك قراءة مطلقة له بالكسر كما في اﻹتحاف.
- وانظر الخلاف فيه في الآية /34 من هذه السورة.
{طَيِّبَةً}قراءة الكسائي في الوقف بامانه الهاء وما قبلها). [معجم القراءات: 1/485]
قوله تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (11 - وَاخْتلفُوا فِي الْيَاء وَالتَّاء من قَوْله {فنادته} 39
فَقَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع وَعَاصِم وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر {فنادته} بِالتَّاءِ وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ (فناده) بِالْيَاءِ وأمالا الدَّال). [السبعة في القراءات: 205]
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (12 - وَاخْتلفُوا فِي كسر الْألف وَفتحهَا من أَن فِي قَوْله {فِي الْمِحْرَاب أَن الله} 39
فَقَرَأَ ابْن عَامر وَحَمْزَة {إِن الله} بِالْكَسْرِ
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {إِن الله} بِالْفَتْح
وَكلهمْ فتح الرَّاء من {الْمِحْرَاب} إِلَّا ابْن عَامر فَإِنَّهُ أمالها). [السبعة في القراءات: 205]
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (13 - وَاخْتلفُوا فِي ضم الْيَاء وَتَخْفِيف الشين وَفتح الْبَاء وسكونها وتثقيل الشين من قَوْله {يبشرك} 39
فَقَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو {يبشرك} فِي كل الْقُرْآن مشددا إِلَّا فِي عيسق فَإِنَّهُمَا قرآ {ذَلِك الَّذِي يبشر الله عباده} 23 مَفْتُوح الْيَاء مضموم الشين مخففا
وَقَرَأَ نَافِع وَابْن عَامر وَعَاصِم {يبشرك} مشددا فِي كل الْقُرْآن
وَقَرَأَ حَمْزَة {يبشر} مِمَّا لم يَقع خَفِيفا فِي كل الْقُرْآن
إِلَّا قَوْله {فَبِمَ تبشرون} الْحجر 54
وَقَرَأَ الْكسَائي يبشر مُخَفّفَة فِي خَمْسَة مَوَاضِع فِي آل عمرَان فِي قصَّة زَكَرِيَّا وقصة مَرْيَم 39 و45
وَفِي سُورَة بني إسراءيل والكهف {ويبشر الْمُؤمنِينَ} 9 2 وَفِي عسق {يبشر الله عباده} 23). [السبعة في القراءات: 205 - 206]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ({فناداه} بالياء كوفي غير عاصم). [الغاية في القراءات العشر: 211]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ({إن الله} بكسر الألف شامي وحمزة). [الغاية في القراءات العشر: 211]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ({يبشرك} خفيف إلا قوله {فبم تبشرون} حمزة وافقه الكسائي
[الغاية في القراءات العشر: 211]
ههنا في الحرفين وسبحان، والكهف، وعسق، وابن كثير، وأبو عمرو في عسق). [الغاية في القراءات العشر: 212]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ( (فناداه) [39]: بالياء كوفي غير عاصم، وفتح الدال قاسم.
{في المحراب} [39، مريم: 11] ممال: الأخفش، والوليدان، وورش طريق ابن عيسى وابن الصلت، وقتيبة. وافق ابن موسى، وابن يزيد في آل عمران. زاد ابن أبي داود في موضع نصب. بين اللفظين الأزرق طريق أبي عدي. الباقون والداجوني عن عبد الرزاق بالفتح.
{إن الله} [39] بكسر الألف دمشقي، وحمزة). [المنتهى: 2/627]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ({يبشرك} [39، 45]، حيث جاء: خفيف إلا {فبم تبشرون} حمزة. وافق علي إلا في التوبة [21]، والحجر [53]، ومريم [7، 97]. وافق مكي، وأبو عمرو في عسق). [المنتهى: 2/628] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ حمزة والكسائي (فناداه) بالألف والإمالة، وقرأ الباقون (فنادته) بالتاء من غير إمالة). [التبصرة: 178]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ حمزة وابن عامر (إن الله) بكسر الهمزة، وفتحها الباقون). [التبصرة: 178]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (واختلفوا في (يبشر) في تسعة مواضع: هنا موضعان، وفي سبحان موضع، وفي الكهف موضع، فهذه أربعة مواضع منها قرأ حمزة والكسائي بفتح الياء وإسكان الباء وضم الشين والتخفيف، وقرأ الباقون بضم الياء وفتح
[التبصرة: 178]
الباء وكسر الشين والتشديد، والخمسة الباقية في براءة موضع، وفي الحجر موضع، وفي مريم موضعان، فقرأ حمزة وحده هذه الأربعة على أصله المتقدم، وقرأ الباقون على أصولهم والكسائي معهم، والخامس في سورة الشورى قوله تعالى (ذلك الذي يبشر الله عباده)، قرأ نافع وعاصم وابن عامر بالتشديد على أصولهم، وقرأ الباقون كقراءة حمزة والكسائي في الأربعة الأول). [التبصرة: 179]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (حمزة والكسائي: {فناداه الملائكة} (39) بألف ممالة.
والباقون: بالتاء، من غير ألف). [التيسير في القراءات السبع: 250]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (حمزة، وابن عامر: {إن الله يبشرك بيحيى} (39): بكسر الهمزة.
والباقون: بفتحها). [التيسير في القراءات السبع: 251]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (حمزة، والكسائي: {يبشرك} (39، 45) في الموضعين هنا، وفي سبحان (9)، والكهف (2): {يبشر المؤمنين}: بفتح الياء، وإسكان الباء، وضم الشين مخففًا في الأربعة.
وحمزة: في التوبة (21): {يبشرهم}، وفي الحجر (53): {إنا نبشرك}، وفي مريم: {إنا نبشرك} (7)، و: {لتبشر به} (97): بتلك الترجمة في الأربعة أيضًا.
والباقون: بضم الأول، وكسر الشين مشددًا، في الجميع). [التيسير في القراءات السبع: 251] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(حمزة والكسائيّ وخلف (فناداه الملائكة) بألف ممالة، والباقون بالتّاء من غير ألف.
قرأ حمزة وابن عامر (إن اللّه يبشرك بيحيى) بكسر الهمزة والباقون بفتحها). [تحبير التيسير: 322]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(حمزة والكسائيّ (يبشرك) في الموضعين هنا وفي سبحان والكهف (ويبشر) بفتح الياء وإسكان الباء وضم الشين مخففا في الأربعة وحمزة في التّوبة (يبشرهم) وفي الحجر (إنّا نبشرك) وفي مريم (إنّا نبشرك ولتبشر به) بتلك التّرجمة في الأربعة أيضا والباقون لتبشر بضم الأول وكسر الشين مشددا في الجميع). [تحبير التيسير: 322] (م)
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): (" فناداه " بالألف كوفي غير عَاصِم، وابْن سَعْدَانَ، والهمداني، وطَلْحَة في غير رواية الفياض، وابْن مِقْسَمٍ، وفخمه قاسم، وابْن مِقْسَمٍ، وهو الاختيار؛ لأنه قيل في التفسير: إن الذي ناداه جبريل عليه السلام، ولأن الملائكة جمع وليس بتأنيث حقيقي، فإذا احتمل التذكير كان أولى كيف، وقد قال في قصة مريم (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا) قال النَّقَّاش: المبشر لزكريا يحيى ومريم بعيسى جبريل دل هذا القول على التذكير، وقال الملائكة تفخيمًا لجبريل كما قال: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ) فسمى جبريل وميكائل وإن كانا من الملائكة تعظيمًا لهما بعد إذ أدخلهما في جملة الملائكة هكذا ها هنا، الباقون بالتاء. (يُبَشِّرُكِ) بضم الياء وكسر الشين خفيف حميد الْأَعْمَش، والكسائي، وطَلْحَة إلا الفياض، وحَمْزَة غير ابْن سَعْدَانَ بفتح الياء وإسكان الباء وضم الشين، وهكذا في سبحان، والكهف وعسق، زاد الزَّيَّات في براءة، والحجر، ومريم موضعان، وافق مكي غير ابن
[الكامل في القراءات العشر: 515]
مقسم، وأَبُو عَمْرٍو في عسق، الباقون مشدد، وهو الاختيار لقوله: (أَبَشَّرْتُمُونِي)، و(تُبَشِّرُونَ)، (وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ)، و(إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ) ). [الكامل في القراءات العشر: 516]
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([39]- {فَنَادَتْهُ} بألف ممالة: حمزة والكسائي.
[39]- {أَنَّ اللَّهَ} بكسر الهمزة: ابن عامر وحمزة.
[الإقناع: 2/619]
[39]- {يُبَشِّرُكَ} حيث وقع، خفيف، إلا {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} [الحجر: 54]: حمزة.
وافق الكسائي إلا في [التوبة: 21، وفي الحجر: 54، ومريم: 7]). [الإقناع: 2/620]
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (554 - وَذَكِّرْ فَنَادَاهُ وأَضْجِعْهُ شَاهِداً = وَمِنْ بَعْدُ أَنَّ اللهَ يُكْسَرُ فِي كَلاَ). [الشاطبية: 44]
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (555 - مَعَ الْكَهْفِ وَالإِسْرَاءِ يَبْشُرُ كَمْ سَمَا = نَعَمْ ضُمَّ حَرِّكْ وَاكْسِرِ الضَّمَّ أَثْقَلاَ
[الشاطبية: 44]
556 - نعَمْ عَمَّ فِي الشُّورَى وَفي التَّوْبَةِ اعْكِسُوا = لِحَمْزَةَ مَعْ كَافٍ مَعَ الْحِجْرِ أَوَّلاَ). [الشاطبية: 45] (م)
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([554] وذكر فناداه وأضجعه (شـ)اهدًا = ومن بعد أن يكسر (فـ)ي (كـ)لا
يجوز لفظ التذكير في الجماعة.
[فتح الوصيد: 2/775]
قال الله تعالى: {فسجد الملئكة}. وتقديره: جمع الملائكة.
(وأضجعة)، أي أمله.
(شاهدًا)، أي في حال شهادته لهذه القراءة أنها بالألف، أو شاهدا أن أصلها الياء.
ويروي عن ابن عباس أن الذي ناداه جبریل.
ويروى في قراءة ابن مسعود: (فناداه جبريل وحده).
قال أبو محمد مكی رحمه الله: «فلا وجه للتأنيث على هذا التفسير».
وهذا التفسير لا يباين القراءة، لأن المعنى أتاه النداء من هذا الجنس، كما يقال: ركب السفن. وإنما ركب واحدة؛ أي جعل ركوبه هذا الجنس.
(ومن بعد أن الله)، أي ومن بعد (فناداه) يكسر.
(في كلا)، أي في كلاء، وهو من كلأت كذا، أي حفظته، أي يكسر في حفظ.
قال جمیل:
فكوني بخير في كلاء وغبطةٍ = وإن كنت قد أزمعت هجري وبغضتي
[فتح الوصيد: 2/776]
وقال أبو علي: «من فتح، أضمر الجار؛ أي: ناده بأن؛ فـ(أن) عند سیبویه في موضع نصب، وعند الخليل في موضع جر. ومن كسر، أضمر القول؛ أي فقالت: إن مثل {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلمٌ عليكم}، {والملئكة باسطوا أيديهم أخرجوا}».
قال: «وزعموا أن في حرف عبد الله: (فنادته الملائكة يا زكرياء)، وموضه نصب بالنداء. وكذلك إن أضمرته كما تحذف المفعولات، فلا يجوز الفتح في (إن) على هذا، لأن (نادی)، قد استوفى مفعوليه: الضمير والمنادی».
ومعنى ما ذكره، أن من فتح، قدر حرف الجر محذوفًا، فتكون (أن) في موضع نصب بإسقاط الخافض.
والخليل يجيز إعمال حرف الجر محذوفًا لكثرة حذفه مع (أن)، فهي على قياس قوله في موضع جر.
ومثل هذا قولهم: الله لأفعلن، بالنصب والخفض.
فمن نصب، فلأن الفعل اتصل به فنصبه لما حذف حرف القسم.
ومن خفض، أعمل حرف الجر؛ وهو محذوف لكثرة حذفه في القسم.
ومن كسر (إن)، أضمر القول؛ أي فنادته الملائكة فقالت:...
ويجوز أن يكون أقام النداء مقام القول، لأنه قولٌ. وأيد ذلك قراءة عبد الله: (يا زكريا إن الله).
وإليه أشار بقوله: (كسر في كلا)، أي في حفظ و حراسة). [فتح الوصيد: 2/777]
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([555] مع الكهف والإسراء يبشرُ (كـ)م (سما) (نـ)عم ضم حرك واكسر الضم أثقلا
يقول: (يبشر) هاهنا في آل عمران وهو موضعان: {يبشرك} و{يبشرك}.
(مع الكهف والإسراء... ضم)، يعني في الياء.
(حرك)، يعني افتح؛ يريد افتح الياء، لأن التحريك إذا جرى غير مقيد، فهو الفتح، وضده الإسكان.
(واكسر الضم)، يعني في الشين؛ وقيده بقوله: (اكسر الضم).
ولو قال: واكسر، وسكت، لكان ضده الفتح. فلذلك قيده.
(أثقلا)، أي في حال ثقله.
و(كم) هاهنا خبرية؛ أي سما سموًا كثيرًا.
وقوله: (نعم)، قدر أن قائلا قال له لما ذكر يبشر في السور الثلاث، وأثنى عليه ما شأنه فقال: (نعم ضم حرك واكسر الضم أثقلا).
وإنما أشار إلى قوة التشديد وسموه لشهرته عن إنكار المنكرين كما قال أبو حاتم في التخفيف: «لا نعرف فيه أصلًا نعتمد عليه وأنكره».
[فتح الوصيد: 2/778]
وأيضًا، فإنهم أجمعوا على تشديد {فبشر عباد} وعلی {فبشره بمغفرة}، وعلى {فبشرنها بإسحق} و {فشرنه بغلم} وعلى {فشرهم بعذاب} ... إلى غير ذلك. وهو أكثر استعمالًا في الكلام وأسير.
والذي قاله أبو حاتم ليس بصواب. وبشَّرته وبَشرته وأبشرته، تستعمل معنى واحد.
يقال: بشرته بالتخفيف وأبشر وبشر، أي سر وفرح.
قال الشاعر:
ثم أبشرت إذ رأيت سواما = وبيوتًا مبثوثة وجلالا
ومنه قوله تعالى: {وأبشروا بالجنة}.
وفي الحديث إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «إن الله يبشرك بغلام». بالتخفيف؛ فولد له غلام.
وقال الشاعر - أنشده الفراء-:
بشرت عيالي إذ رأيت صحيفةً = أتتك من الحجاج يتلی كتابها
وأصل ذلك كله، أن بشرة الوجه تنبسط عند السرور.
وتقول: فلانٌ ذو بشرٍ، أي وجه منبسط.
[فتح الوصيد: 2/779]
ويقال: بشره بالتشديد من البشارة. وبشره يبشره بالتخفيف، أي سره. لذلك ما حكى اليزيدي عن أبي عمرو أنه خفف التي في الشورى، لأنه ليس فيها بـ: كذا قال: ومعناها ينضر الله وجوههم، أي ترى النضرة فيها.
[556] (نـ)عم (عم) في الشورى وفي التوبة اعكسوا = لـ (حمزة) مع كافٍ مع الحجر أولا
أي عم هذا الحكم في الشورى، وهو التثقيل مع الضم والفتح المذكور.
(وفي التوبة أعكسوا)، فيكون موضع الضم الفتح، وموضع التحريك الإسكان، وموضع كسر الضم الضم، وموضع التثقيل التخفيف، فيقرأ {يبشرهم ربهم}.
(مع كاف): في أولها: {إنا نبشرك بغلم}، وفي آخرها: {لتبشر به المتقين}. مع الأول في الحجر: {لا توجل إنا نبشرك}.
وهذه الترجمة لم يأت بها أحد وجيزة سليمة من الاختلال في ما علمت إلا صاحب القصيد.
والمختلف فيه تسعة مواضع: خفف حمزة جميعها، ووافقه الكسائي على خمسة منها وهي: موضعا آل عمران، وموضع في الإسراء، وموضع في الكهف: {ويبشر المؤمنين الذين}، وفي الشوری: {ذلك الذي يبشر الله}.
ووافقه أبو عمرو وابن كثير على الذي في الشورى.
وما سوى ذلك فبالتشديد لهما وللباقين). [فتح الوصيد: 2/780] (م)
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ( [554] وذكر فناداه وأضجعه شاهدا = ومن بعد أن الله يكسر في كلا
ب: (الكلاءة): الحفظ.
ح: (فناداه): مفعول (ذكر)، والهاء في (أضجعه): له، (شاهدًا): حال من فاعل أضجعه، (من بعد): أي من بعد (فناداه)، (أن الله): مبتدأ، (يُكسر): خبر، (في كلا): حال، قصرت للضرورة.
ص: أي: قرأ حمزة والكسائي: (فناديه الملائكة) [39] بألف ممالة؛ لأن إسناد الفعل إلى الملائكة، وهو ظاهر مؤنث غير حقيقي، فيجوز تذكير الفعل وتأنيثه، أو المراد به الفريق، أو جبريل، وأما إمالة الألف
[كنز المعاني: 2/103]
فعلى أصلهما في ذوات الياء، ولهذا قال: (شاهدًا)، أي: شاهدًا بصحته.
وقرأ حمزة وابن عامر: {إن الله يبشرك} [39] بعد قوله: {فنادته الملائكة} [39] بكسر {إن} على تضمين (نادت) معنى (قالت)، أو تقدير (قالت) بعد النداء، والباقون بفتحهما على تأويل: فنادته الملائكة بأن الله.
ومعنى (في كلا): في حراسة وحفظ). [كنز المعاني: 2/104]
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ( [555] مع الكهف والإسراء يبشر كم سما = نعم ضم حرك واكسر الضم أثقلا
ح: (يبشر): مبتدأ، (كم سما): خبره، والتقدير: كم مرة سما، أي: سموًا كثيرًا، (نعم): حرف الإيجاب، جواب سؤال مقدر، كأنه قيل له: صف ما شأنه؟ (أثقلا): حال من الضم، أي: اكسر المضموم مشددًا.
ص: أي: قرأ ابن عامر ونافع وأبو عمرو وابن كثير وعاصم: {يبشرك} في الموضعين هنا، وهما: {أن الله يبشرك بيحيى} [39]، {إن الله يبشرك بكلمةٍ} [45]، و{يبشر المؤمنين} في أول الإسراء [9] والكهف [2] بضم الياء وتحريك الباء، أي: فتحها، وكسر الشين مع تشديدها على أنه من (بشر: يبشر).
والباقون – وهم حمزة والكسائي – {يبشر} في المواضع الأربعة
[كنز المعاني: 2/104]
بفتح الياء وإسكان الباء وضم الشين من غير تشديد من (بشر) الثلاثي.
وهما لغتان، قال الفراء منشدًا.
بشرت عيالي إذ رأيت صحيفةً = أتتك من الحجاج يُتلى كتابها
لكن اللغة الأولى أشهر، وبها نزل المواضع المجمع عليها، نحو: {فبشره بمغفرةٍ} [يس: 11]، {فبشرناه بغلامٍ} [الصافات: 101]، {ومبشرًا برسول} [الصف: 6].
[556] نعم عم في الشورى وفي التوبة اعكسوا = لحمزة مع كاف مع الحجر أولا
ح: (نعم): عوض عن جملة مقدرة، أي: نعم ... الأمر كذلك، وفاعل (عم): الحكم، أي: عم الحكم في الشورى، و(في التوبة): ظرف (اعكسوا)، (لحمزة): حال من العكس الدال عليه (اعكسوا)، (مع كافٍ): متعلق بالتوبة، وصرف (كافٍ) للضرورة، (أولا): ظرف، أي: الحرف الواقع أولًا.
[كنز المعاني: 2/105]
ص: يعني: قرأ عاصم ونافع وابن عامر في {حم، عسق} سورة الشورى: {ذلك الذي يبشر الله عباده} [23] بالتشديد أيضًا، وخالف ابن كثير وأبو عمرو أصلهما بالتخفيف اتباعًا للنقل.
ثم قال: (اعكسو لحمزة)، أي: خففوا لحمزة، لأن عكس التثقيل التخفيف، يعني: ضده، أي: قرأ حمزة بالتخفيف في التوبة: {يبشرهم ربهم برحمةٍ} [21]، و{إنا نبشرك بغلام اسمه}، و{لتبشر به المتقين} كلاهما في {كهيعص} [مريم: 7، 97].
وفي أول الحجر: {لا توجل إنا نبشرك بغلام} [53]، واحترز بقوله: (أولًا) عن الثاني، وهو: {فبم تبشرون} [54] إذ لا خلاف في تشديده). [كنز المعاني: 2/106] (م)
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (552- وَذَكِّرْ فَنَادَاهُ وأَضْجِعْهُ "شَـ"ـاهِدًا،.. وَمِنْ بَعْدُ أَنَّ اللهَ يُكْسَرُ "فِـ"ـي "كَـ"ـلا
إسناد الفعل إلى الجماعة يجوز تذكيره وتأنيثه، فلما ذكر حمزة والكسائي: "فناداه الملائكة" أمالا ألفه على أصلها في إمالة ذوات الياء ولهذا قال شاهدا؛ أي: شاهدا بصحته وإن الله من بعد فناداه يعني: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى}.
يكسر في كلأ؛ أي: في حراسة وحفظ والكسر على تقديره فقالت: "إن الله" أو يكون أقام النداء مقام القول، فكسر أن بعده ومن فتح فعلى تقدير فنادته بأن الله؛ أي: بهذا اللفظ، ثم حذف الجار وحذفه من نحو هذا شائع لكن هل تبقى: {إن}، وما بعدها في موضع نصب أو جر فيه خلاف بين النحويين وهذه العبارة في قوله: {إِنَّ اللَّهَ} يكسر في النفس منها نفرة وكذا قوله: في أول براءة:
{لا أَيْمَانَ} عند ابن عامر ..........
والأولى فتح همزة: "أيمان" هناك أو يقال:
ويفتح لا أيمان إلا لشامهم
ويقال هنا:
ويكسر أن الله من بعد في كلا
والله أعلم). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/17]
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (553- مَعَ الكَهْفِ وَالإِسْرَاءِ يَبْشُرُ "كَـ"ـمْ "سَمَا"،.. "نَـ"ـعَمْ ضُمَّ حَرِّكْ وَاكْسِرِ الضَّمَّ أَثْقَلا
أي: لفظ يبشر هنا وفي سورتي الإسراء والكهف، أما في آل عمران فموضعان: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى}، {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ}، وفي أول الإسراء: {وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ}، والكهف: {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ}، الخلاف في هذا الفعل المضارع في هذه الأربعة هل هو مضارع فَعَل بتخفيف العين كخرج، أو مضارع فعَّل بتشديدها كسوَّل وهما لغتان إلا أن المشدد مجمع عليه في القرآن في الفعل الماضي والأمر: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ}، {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ}، فهذا مما يقوي التشديد في المضارع، وقال الشاعر:
بشرت عيالي إذ رأيت صحيفة
وأنشد أبو علي:
فأعنهم وأبشر بما بشروا به
وحكى لغة ثالثة: أبشر يبشر كأكرم يكرم فالبشر والإبشار والتبشير: ثلاث لغات فيه ويقال: بشر بكسر الشين وأبشر كأدبر إذا سر وفرح،
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/18]
وأنشد الجوهري بيت أبي علي بفتح الشين في الأمر، وكسرها في الماضي، وأبشر بالهمز مطاوع وبشر، ومنه قوله تعالى: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ}.
وكان المعنى والله أعلم: بشروا أنفسكم بها، وكم في قوله: كم سما خبرية؛ أي: سما سموا كثيرًا، وتقديره: كم مرة سما ونعم: جواب سؤال مقدر كأنه قيل له صف ما شأنه فقال: نعم فهو مثل قوله: فيما سبق نعم إذ تمشت وأراد ضم الياء وفتح الباء؛ لأنه أطلق التحريك وكسر الشين؛ لأنها هي المضمومة في قراءة التخفيف وأراد بالضم المضموم؛ أي: ذا الضم وأثقلا حال منه؛ أي: في حال كونه ثقيلا؛ أي: يصير مكسورا مشددا والله أعلم.
554- "نَـ"ـعَمْ "عَمَّ" فِي الشُّورَى وَفي التَّوْبَةِ اعْكِسُوا،.. لِحَمْزَةَ مَعْ كَافٍ مَعَ الحِجْرِ أَوَّلا
أي عم هذا الحكم في الشورى وهو التثقيل، وهو قوله تعالى: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ}، وافق أبو عمرو وابن كثير فيه من خفف، ووافق ابن عامر فيه من شدد، وقرأ حمزة وحده بعكس التثقيل يعني بالتخفيف في التوبة: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ}.
وفي مريم وهي المرادة بقوله: مع كاف؛ لأن أولها كهيعص كما تسمى سورة ص وق ون بالحرف الذي في أولها، وصرفه ضرورة، وقد ترك صرفه في قوله:
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/19]
وكم صحبة يا كاف
وفي كاف فتح اللام
وكذا استعمل ص، فقال:
هشام بصاد حرفه متحملا
وفي ص غيطلا
وفيها موضعان: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ}، وفي آخرها: {لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ}.
والأول الذي في الحجر: {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ}، واحترز بقوله: أولا عن الثاني وهو: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ}، ولا خلاف في تشديده، فهذه المواضع الأربعة خففها حمزة وحده، فقد صار الخلاف في تسعة مواضع منها؛ في آل عمران موضعان وفي التوبة والحجر والإسراء والكهف والشورى منها واحد بالتاء وهو آخر مريم واثنان بالنون في الحجر وأول مريم والبواقي بالياء). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/20] (م)
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (554 - وذكّر فناداه وأضجعه شاهدا ... ومن بعد أنّ الله يكسر في كلا
قرأ حمزة والكسائي فناداه الملائكة بالتذكير أي بحذف تاء التأنيث والإتيان بدلها بألف مع إضجاع هذه الألف يعني إمالتها إمالة كبرى، وقرأ غيرهما بالتأنيث أي بإثبات تاء التأنيث بدلا من الألف. وقرأ حمزة وابن عامر أَنَّ اللَّهَ الواقع في التلاوة بعد فَنادَتْهُ وهو: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى بكسر الهمزة وقرأ غيرهما بفتحها. وكلاء بكسر
[الوافي في شرح الشاطبية: 233]
الكاف والمد وقصر للوزن: الحراسة والحفظ). [الوافي في شرح الشاطبية: 234]
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (555 - مع الكهف والإسراء يبشركم سما ... نعم ضمّ حرّك واكسر الضّمّ أثقلا
556 - نعم عمّ في الشّورى وفي التّوبة اعكسوا ... لحمزة مع كاف مع الحجر أوّلا
قرأ ابن عامر وأهل سما وعاصم لفظ ويبشر في هذه السورة وهو في موضعين:
أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى، إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ. مع اللفظ الذي في سورة الكهف والذي في سورة الإسراء وهو: وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ فيهما.
قرءوا هذه الألفاظ الأربعة بضم الياء وتحريك الباء؛ أي فتحها وكسر ضم الشين وتثقيلها فتكون قراءة حمزة والكسائي في هذه المواضع الأربعة بعكس ما ذكر؛ أعني بفتح الياء وإسكان الباء؛ لأنه ضد التحريك، وضم الشين وتخفيفها، وأخذ ضم الشين لهما من قوله: (واكسر الضم) وقوله (نعم عم في الشورى) معناه أن عاصما ونافعا وابن عامر يقرءون في موضع الشورى كقراءة ابن عامر ومن معه في المواضع الأربعة وموضع الشورى:
ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فيقرءون بضم الياء وتحريك الباء بالفتح وكسر الشين وتشديدها فتكون قراءة ابن كثير وأبي عمرو وحمزة والكسائي بفتح الياء وإسكان الباء وضم الشين وتخفيفها. وقوله (وفي التوبة اعكسوا لحمزة إلخ) معناه أن حمزة يقرأ بضد قراءة هؤلاء المذكورين وهم: ابن
عامر ومن ذكر معه في الترجمتين.
المعنى: أنه يقرأ في المواضع الآتية مثل قراءته في المواضع الماضية، والمواضع الآتية هي: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ في التوبة، يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ، لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ كلاهما في مريم. والذي دلنا على أنه أراد الموضعين معا إطلاقه في قوله (مع كاف) أي مع ما في هذه السورة فشمل، موضعيها. وعبر عن مريم بكاف؛ لأنه أول هجائها والموضع الأخير هو إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ وهو أول موضع في سورة الحجر. واحترز به عن الموضع الثاني فيها وهو: فَبِمَ تُبَشِّرُونَ فقد اتفق السبعة على قراءته بالتشديد. وأما أَبَشَّرْتُمُونِي فهو فعل ماض وكلامنا في الفعل المضارع وقد اتفق القراء على التشديد في الفعل الماضي والأمر في القرآن الكريم حيث وقعا نحو:
[الوافي في شرح الشاطبية: 234]
فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ، فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ*). [الوافي في شرح الشاطبية: 235] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (86- .... .... .... .... .... = .... .... .... وَإِنَّ افْتَحَاً فُلَا). [الدرة المضية: 25]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (87 - يُبَشِّرُ كُلاًّ فِدْ .... .... = .... .... .... .... ....). [الدرة المضية: 25] (م)
- قال محمد بن الحسن بن محمد المنير السمنودي (ت: 1199هـ): (ثم قال: وإن افتحا فلا أي قرأ مرموز (فا) فلا وهو خلف {أن الله يبشرك بيحيى} [39] بفتح الهمز أي بأن الله يبشرك وعلم من الوفاق للآخرين كذلك فاتفقوا). [شرح الدرة المضيئة: 109]
- قال محمد بن الحسن بن محمد المنير السمنودي (ت: 1199هـ): (ثم قال:
ص - يبشر كلا (فـ)ـد قل الطائر (آ)تل طا = ئرًا (حـ)ـز نوفى اليا (طـ)ـوى افتح لما (فـ)ـلا
ش - أي قرأ المشار إليه (بفا) فد وهو خلف (يبشر) حيث وقع بتثقيل الشين كما نطق به ذلك {يبشرك} في الموضعين [39، 45] هنا و{يبشرهم} [21] في التوبة و{إنا نبشرك} في الحجر[53] ومريم [7] {لتبشر به} [97] بها {ويبشر المؤمنين} [9] بسبحان والكهف [2] وخرج من عموم قوله {يبشر} [23] في الشورى إذ ذكر الناظم حكمه في سورته وخرج أيضًا {فبم تبشرون} ثاني الحجر [54] فإنه متفق عليه بالتشديد للعشرة فإطلاقه للاعتماد على الشهرة وعلم من الوفاق للآخرين كذلك فاتفقوا). [شرح الدرة المضيئة: 109] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وَتَقَدَّمَ مَذْهَبُ الْأَزْرَقِ عَنْ وَرْشٍ فِي تَرْقِيقِ الْمِحْرَابَ فِي بَابِ الرَّاءَاتِ، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ ابْنِ ذَكْوَانَ فِي إِمَالَةِ الْمَجْرُورِ مِنْهُ، بِلَا خِلَافِ وَالْخِلَافُ عَنْهُ فِي غَيْرِهِ فِي بَابِ الْإِمَالَةِ). [النشر في القراءات العشر: 2/239]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاخْتَلَفُوا) فِي: فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ فَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ، فَنَادَاهُ بِأَلِفٍ عَلَى الدَّالِ مُمَالَةٍ عَلَى أَصْلِهِمْ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِتَاءٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا). [النشر في القراءات العشر: 2/239]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاخْتَلَفُوا) فِي: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى فَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا). [النشر في القراءات العشر: 2/239]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاتَّفَقُوا) عَلَى كَسْرِ هَمْزَةِ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ بَعْدَ صَرِيحِ الْقَوْلِ.
(وَاخْتَلَفُوا) فِي: (يُبَشِّرُكِ وَنُبَشِّرُكَ) وَمَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ فَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ، يُبَشِّرُكَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ هُنَا وَيُبَشِّرُ فِي سُبْحَانَ وَالْكَهْفِ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا مِنَ الْبِشْرِ، وَهُوَ الْبُشْرَى وَالْبِشَارَةُ، زَادَ حَمْزَةُ فَخَفَّفَ يُبَشِّرُهُمْ فِي التَّوْبَةِ وَإِنَّا نُبَشِّرُكَ فِي الْحِجْرِ (وَإِنَّا نُبَشِّرُكَ، وَلِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ) فِي مَرْيَمَ.
وَأَمَّا الَّذِي فِي الشُّورَى، وَهُوَ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ فَخَفَّفَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ،
[النشر في القراءات العشر: 2/239]
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ مَكْسُورَةً مِنْ (بَشَّرَ) الْمُضَعَّفِ عَلَى التَّكْثِيرِ.
(وَاتَّفَقُوا) عَلَى تَشْدِيدِ فَبِمَ تُبَشِّرُونَي فِي الْحِجْرِ لِمُنَاسَبَتِهِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْمُجْتَمَعِ عَلَى تَشْدِيدِهَا وَالْبِشْرُ وَالتَّبْشِيرُ وَالْإِبْشَارُ ثَلَاثُ لُغَاتٍ فَصِيحَاتٍ). [النشر في القراءات العشر: 2/240] (م)
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (قرأ حمزة والكسائي وخلف {فنادته الملائكة} [39] بألف بعد الدال ممالةٍ على أصلوهم، والباقون بتاء ساكنة بعدها). [تقريب النشر في القراءات العشر: 481]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (قرأ حمزة وابن عامر {أن الله} [39] بكسر الهمزة، والباقون بفتحها). [تقريب النشر في القراءات العشر: 481]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (قرأ حمزة والكسائي {يبشرك} في الموضعين هنا [39، 45]، {ويبشرُ} في سبحان [9]، والكهف [2] بفتح الياء وتخفيف الشين وضمها، وكذا حمزة وحده في {يبشرهم} في التوبة [21]، و{إنا نبشرك} في الحجر [53]، و{إنا نبشرك} [مريم: 7]، و{لتبشر به} في مريم [97]، وكذلك ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي {يبشر الله عباده} في الشورى [23]، والباقون بضم الياء وتشديد الشين مكسورة). [تقريب النشر في القراءات العشر: 481] (م)
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (527 - نادته ناداه شفا وكسر أن = ن الله في كم يبشر اضمم شدّدن
528 - كسرًا كالاسرى الكهف والعكس رضى = وكاف أولى الحجر توبةٌ فضا
529 - ودم رضىً حلا الّذى يبشّر = .... .... .... .... .... ). [طيبة النشر: 68]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (نادته ناداه (ش) فا وكسر أن = ن الله (ف) ي (ك) م يبشر اضمم شدّدن
يعني قرأ ناداه بالتذكير على ما لفظ به موضع نادته بالتأنيث حمزة والكسائي وخلف وهم على أصولهم بالإمالة، والباقون بالتأنيث، وقد لفظ بالقراءتين ووجه القراءتين أنه فعل أسند إلى الملائكة والملائكة جمع تذكيره وتأنيثه على القاعدة كما تقول قام الرجال وقامت الرجال وقام النساء وقامت النساء، والتأنيث على تأويل الجماعة، والتذكير على تأويل الجمع قوله: (يبشر) هو «إن الله يبشرك بيحيى، إن الله يبشرك بكلمة منه» قوله: (وكسر أن) أي وكسر الهمزة من قوله
[شرح طيبة النشر لابن الجزري: 206]
تعالى «إن الله» يعني إن الله يبشرك بيحيى حمزة وابن عامر على تقدير فقال إن الله أو أنه أقيم النداء مقام القول، والباقون على تقدير فنادته بأن الله: أي بهذا اللفظ ثم حذف الجار وحذفه من مثل ذلك شائع كثير ولكن اختلف النحويون هل يبقى أن مع ما بعدها في موضع نصب أو خفض.
كسرا كالاسرى الكهف والعكس (ر) ضى = وكاف أولى الحجر توبة (ف) ضا
في الإسراء، يعني قوله تعالى «ويبشر المؤمنين» وفي الكهف، يريد قوله تعالى «ويبشر المؤمنين» قوله: (والعكس) يعني عكس هذه الترجمة التي ذكرها، ففتح الياء وضم الشين مخففة حمزة والكسائي في المواضع الثلاثة قوله: (وكاف) يعني «إنا نبشرك، وتبشر به المتقين، وفي الحجر «إنا نبشرك بغلام» احترز عن «فبم تبشّرون» فإنه لا خلاف في ضمه وتشديده، وفي التوبة «يبشّرهم ربهم برحمة» قوله: (فضا) أي قرأ حمزة كذلك أي بعكس تلك الترجمة أيضا في الأربعة الأحرف من السور الثلاث المذكورة.
و (د) م (ر) ضى (ح) لا الّذي يبشّر = نعلّم اليا (إ) ذ (ثوى) (ن) ل واكسروا
أي وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وأبو عمرو «ذلك الذي يبشر الله عباده» كذلك: أي بالفتح وضم الشين مخففا). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 207]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ص:
نادته ناداه (شفا) وكسر أن = ن الله (ف) ى كم يبشر اضمم شدّدن
ش: أي: قرأ مدلول (شفا) حمزة والكسائي وخلف فناداه الملائكة [آل عمران: 39] بألف على التذكير، والباقون بالتاء على التأنيث، واستغنى بلفظهما.
وقرأ ذو فاء (في) حمزة وكاف (كم) ابن عامر إن الله يبشرك [آل عمران: 39] بكسر الهمزة والباقون بفتحها.
تنبيه:
علم أن الخلاف [في] أنّ الله يبشّرك [آل عمران: 39] لا إنّ الله يرزق [آل
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/236]
عمران: 37] من الترتيب، والمميلون على أصولهم.
وجه التذكير: أنه مسند لجمع مذكر، والتأنيث: أنه مسند لجمع مؤنث، أو على تأويل جمع وجماعة، أو باعتبار الحقيقي والمجازي، والرسم واحد.
ووجه كسر: (إن) تضمين (ناداه) معنى القول، أو إضماره بعده، والهاء مفعوله الأول، وثانيهما مقدر، أي: يا زكريا ومن ثم تعين كسر «إن» لئلا يعمل «نادى» في ثلاثة.
ووجه فتحهما: تقديره: بأن الله، والمحل على الخلاف، وهو ثاني مفعوليه.
تتمة:
تقدم ترقيق المحراب [آل عمران: 39] للأزرق، وإمالته لابن ذكوان، والخلاف في غير المجرور.
ثم كمل فقال:
ص:
كسرا كالاسرى الكهف والعكس (رضى) = وكاف أولى الحجر توبة (ف) ضا
و (د) م (رضى) (ح) لا الذي يبشّر = نعلّم اليا (إ) ذ (ثوى) (ن) لـ واكسروا
ش: أي: قرأ القراء كلهم يبشّرك بيحيى [آل عمران: 39]، ويبشّرك بكلمة منه هنا [آل عمران: 45] [و] ويبشّر المؤمنين بالإسراء [الآية: 9] والكهف [الآية: 2] بضم الياء، وفتح الباء الموحدة، وتشديد الشين.
وعكس مدلول (رضى) حمزة والكسائي، فقرأ بفتح الياء وسكون الباء وضم الشين، وتخفيفها.
وقرأ ذو فاء (فضا) حمزة بهذه الترجمة في سورة «مريم»، وهي مراده بـ (كاف)؛ لأنها أول هجائها - يا زكريا إنا نبشرك بغلام [الآية: 7]، ولتبشر به التقين [الآية: 97]، وإنا نبشرك بغلام (أول) [الحجر] [الآية: 7]، ويبشرهم ربهم بالتوبة [الآية: 21].
والباقون بالتشديد كالأولى، وقرأ ذو دال (دم) ابن كثير و(رضى) حمزة والكسائي وحاء (حلا) أبو عمرو ذلك الذي يبشر الله بالشورى [الآية: 23]، بالفتح والتخفيف،
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/237]
والباقون بالضم والتشديد.
وقرأ ذو ألف (إذ) نافع ونون (نل) عاصم و(ثوى) أبو جعفر ويعقوب- ويعلّمه الكتب [آل عمران: 48] بالياء، والباقون بالنون.
تنبيه:
علمت كيفية العكس من اللفظ، وكلمة (الحجر) وأول «مريم» بالنون، وآخرها بالتاء، والبواقي ست بالياء، وصح عطفها باعتبار المضارع، وقيد (الحجر) بالأول؛ ليخرج مّسّني الكبر فبم تبشّرون [الحجر: 54]؛ فإنه متفق بالتشديد؛ لمناسبة ما قبله وما بعده من الأفعال المجمع على تشديدها.
والبشرة: ظاهر الجلد، وبشره بالتشديد للحجاز، [و] بالتخفيف لغيرهم، وكلاهما بمعنى.
أو المخفف بمعنى: أفرحه، وأبشره أقل إذا أخبره بما يغير بشرة وجهه بانبساط خير وانقباض شر.
[قال الجوهري: ولا يستعمل في الشر إلا مقيدا؛ فدل على عكسه في الخير].
وجه تشديد الكل: الحجازية.
ووجه تخفيفه الأخرى، ويعطي المعنى؛ إذ لا مبالغة في المرة، وهي الفصحى؛ بدليل [نحو:] فبشّرنها بإسحاق [هود: 71] [هود: 71].
ووجه التخصيص: الجمع.
وقال اليزيدي عن أبي عمرو: إنه إنما خفف الشورى؛ لأنها بمعنى ينضرهم؛ إذ ليس فيه نكد، أي: يحسن وجوههم، يتعدى لواحد.
ووجه ياء الغيب: مناسبة قوله: يبشّرك [آل عمران: 39] ويخلق [آل عمران: 47] وقضى [آل عمران: 47] ووجه النون: أنه إخبار من الله تعالى بنون العظمة خبرا لقولها: أنّى يكون لي ولد
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/238]
[آل عمران: 47] على الالتفات، وهو المختار). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/239] (م)
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (تتمة:
تقدم ترقيق المحراب [آل عمران: 39] للأزرق، وإمالته لابن ذكوان، والخلاف في غير المجرور). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/237] (م)
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وأمال "المحراب" المجرور ابن ذكوان من جميع طرقه، وهو في موضعين في المحراب هنا ومن المحراب بمريم، وأما المنصوب وهو أيضا بموضعين "زَكَرِيَّا الْمِحْرَاب" هنا "تَسَوَّرُوا الْمِحْرَاب" بـ"ص" فأمالهما عنه النقاش عن الأخفش وفتحهما الصوري وابن الأحزم عن الأخفش، ورقق الأزرق راءه حيث وقع). [إتحاف فضلاء البشر: 1/476] (م)
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وأمال "أنى" حمزة والكسائي وخلف وبالفتح والصغرى الأزرق والدوري عن أبي عمرو). [إتحاف فضلاء البشر: 1/476]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في "فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ" [الآية: 39] فحمزة والكسائي وكذا خلف بألف ممالة بعد الدال على أصولهم، وافقهم الأعمش والباقون بتاء التأنيث ساكنة بعدها، والفتح، والفعل مسند لجمع مكسر فيجوز فيه التذكير باعتبار الجمع والتأنيث باعتبار الجماعة). [إتحاف فضلاء البشر: 1/477]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في "أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى" [الآية: 39] بعد قوله: فنادته الملائكة، فابن عامر وحمزة بكسر الهمزة إجراء للنداء مجرى القول على مذهب الكوفيين، أو إضمار القول على مذهب البصريين وافقهما الأعمش، والباقون بالفتح على حذف حرف الجر أي: بأن.
واختلف في "يبشرك" و"نبشرك" وما جاء منه فحمزة والكسائي في الموضعين هنا "ويبشر" [بسبحان الآية: 9] و[الكهف الآية: 2] بفتح الياء وإسكان الباء وضم الشين مخففة من البشر وهو البشارة، وافقهما الأعمش وزاد حمزة فخفف "يبشرهم" [بالتوبة الآية: 21] والأولى من [الحجر الآية: 54] "إِنَّا نُبَشِّرُك" وموضعي [مريم الآية: 7، 97] "إنا نبشرك، ولتبشر به المتقين" وافقه المطوعي وخفف ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي "ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّه" [بالشورى الآية: 23] وافقهم الأربعة
[إتحاف فضلاء البشر: 1/477]
والباقون بضم الياء وفتح الباء وكسر الشين مشددة في الجميع من بشر المضعف لغة الحجاز، قال اليزيدي عن أبي عمرو: إنه إنما خفف الشورى؛ لأنها بمعنى ينضرهم إذ ليس فيه نكد أي: يحسن وجوههم معدى لواحد فالمختلف فيه تسع كلمات، كما ذكر واتفقوا على تشديد "فَبِمَ تُبَشِّرُون" [بالحجر الآية: 54] ). [إتحاف فضلاء البشر: 1/478]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (ومر قريبا اجعل لي آية، وكذا همز نبيا). [إتحاف فضلاء البشر: 1/478] (م)
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {فنادته} [39] قرأ الأخوان بألف بعد الدال، والباقون بتاء تأنيث ساكنة، فتحذف الألف، والفعل المسند لجمع التكسير يذكر ويؤنث باعتبار تأويله بالجمع والجماعة). [غيث النفع: 470]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {في المحراب أن الله} قرأ الشامي وحمزة بكسر همزة {أن} والباقون بالفتح). [غيث النفع: 470]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {يبشرك} [39 - 45] معًا، قرأ الأخوان بفتح الياء وإسكان الموحدة وتخفيف الشين وضمها، والباقون بضم الياء وفتح الباء وتشديد الشين مكسورة). [غيث النفع: 470] (م)
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {ونبيئًا} لا يخفى). [غيث النفع: 470]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ}
{فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ} قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وابن مسعود
[معجم القراءات: 1/485]
«فنادته» بالتاء.
- وقرأ حمزة والكسائي وخلف والأعمش «فنادِاه» بالألف الممالة بعد الدال.
- وقرأ ابن عباس وابن مسعود وعلي «فناداه» بالألف من غير ﺇمالة، والقراءة بالألف اختيار أبي عبيد.
- وقرأ عبد الله بن مسعود «فناداه جبريل» بوضع جبريل بدلاً من «الملائكة» في قراءة الجماعة، وذكروا أنها كذلك في مصحفه.
{وَهُوَ قَائِمٌ}
- قرأ قالون وأبو عمرو والكسائي «وَهْوَ» بسكون الهاء.
- وقراءة الباقين بالضم «وَهٌوَ».
- وتقدّم مثل هذا في الآيتين /29 و85 من سورة البقرة.
{الْمِحْرَابِ}
- تقدّم الحديث عن ﺇمالته، وترقيق الراء في الآية /37 فانظره هناك.
[معجم القراءات: 1/486]
{أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ}
- قرأ حمزة والكسائي وابن عامر والأعمش «إن الله..» بكسر الهمزة.
فهو عند البصريين على ﺇضمار القول، وعند الكوفيين لا ﺇضمار، لان غير القول مما هو في معناه كالنداء والدعاء يجري مجري القول في الحكاية «أن الله...» على تقدير حرف الجر أي، بأن الله، ورجح الطبري هذه القراءة قال: «بمعنى فنادته الملائكة بذلك».
وقرأ عبد الله بن مسعود «يا زكريا إن الله» وجاء كذلك في مصحفه.
قال أبو حيان (فقوله: يا زكريا، هو معمول النداء فهو ف موضع نصب، ولا يجوز فتح إن على هذه القراءة لأن الفعل قد استوفي مفعوليه وهما الضمير والمنادي».
[معجم القراءات: 1/487]
{يُبَشِّرُكَ }
- قرأ نافع وابن عامر وابن كثير وأبو عمرو وعاصم وأبو جعفر ويعقوب «يُبَشِّرُكَ» مشدداً من «بَشَّر».
- ورَجًّها الطبري علي غيرها، لأنها اللغة السائرة، والكلام المستفيض المعروف في الناس.
- وقرأ حمزة والكسائي والأعمش « يُبَشِّرُكَ » مخففاً من «بَشَر».
- قال الطبري: «بمعنى أن الله يَسٌرُّك بولدٍ يهبه لك..» ثم ذكر أنها لغة أهل تهامة من كنانة وغيرهم من قريش، وإنهم يقولون بَشَرْتٌ فلاناٌ أبٌشره.
- وقرأ عبد الله بن مسعود ومجاهد وحميد بن قيس الأعرج «يٌبْشِرُك» بضم الياء وسكون الباء وكسر الشين خفيفة من «أَبْشَرَ».
- وذكر ابن عطية أنها قراءة عبد الله بن مسعود في كل القرآن. وهي لغة واقل تهامة.
{بِيَحْيَىٰ}
- قرأه باﻹمالة حمزة والكسائي وخلف.
[معجم القراءات: 1/488]
- وقراءة الأزرق وورش بالفتح والتقليل، وقراءة أبي عمرو بالتقليل أيضاً بخلاف عنه.
- وقراءة الباقين بالفتح.
{بِكَلِمَةٍ}
- قراءة الجماعة «بكَلِمَةِ» بفتح الكاف وكسر اللام.
- وقرأ أبو السمال العدوي «بِكِلْمَةِ» يكسر الكاف وسكون اللام في جميع القران، وهي لغة فصيحة، مثل كَتِف وكِتْف.
{وَنَبِيًّا}
- قراءة الجماعة «ونبيّاً» بياء مشدّودة.
- وقراءة نافع «ونبيئا» بالهمزة حيث ورد، وكذلك ما كان من هذا الباب، فهو سبيله في قراءته). [معجم القراءات: 1/489]
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40)}
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وعن ابن محيصن والمطوعي تسكين ياء الإضافة من بلغني الكبر وهي زائدة على العدد). [إتحاف فضلاء البشر: 1/478]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}
{قَالَ رَبِّ} تقدم في الآية / 38 ﺇدغام اللام في الراء.
{أَنَّىٰ} تقدًّمت اﻹماله فيه في الآية /37.
{بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ} قرأ ابن محيصن المطوعي والدوري عن اليزيدي عن أبي عمرو «بلغني الكبر» بسكون الياء، وتسقط لفظاً لالتقاء الساكنين.
- وقراءة الجماعة بفتحها «بلغنيَ الكبر».
{عَاقِرٌ ۖ} رقق الأزرق وورش الراء بخلاف عنهما.
{يَشَاءُ} تقدم في الآية / 213 الوقف عليه، وحكم الهمزة). [معجم القراءات: 1/489]
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41)}
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وعن المطوعي رمزا بفتح الميم). [إتحاف فضلاء البشر: 1/478]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وأمال الإبكار أبو عمرو وابن ذكوان بخلفه والدوري عن الكسائي، وقلله الأزرق). [إتحاف فضلاء البشر: 1/478]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (ومر قريبا اجعل لي آية، وكذا همز نبيا). [إتحاف فضلاء البشر: 1/478] (م)
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {قال رب اجعل لي ءاية} [41] قرأ نافع والبصري بفتح ياء {لي} والباقون بالإسكان). [غيث النفع: 470]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً ۖ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ۗ وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}
{قَالَ رَبِّ} تقدّم ﺇدغام اللام في الراء في الآية / 38.
{اجْعَل لِّي آيَةً ۖ} قرأ نافع وأبو جعفر وأبو عمرو وابن شنبوذ عن ابن كثير واليزيدية «.... لي أية» بفتح الياء وصلاً.
- وقراءة الباقين بسكونها «لي أية».
{آيَةً ۖ} قراءة الكسائي في الوقف بإمالة الهاء وما قبلها.
{أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ} قراءة الجماعة «أَلَّا تُكَلِّمَ الناس» بنصب الفعل ب «أنْ».
- وقرأ ابن أبي علبة «أَلَّا تُكَلِّمَ الناس» برفع الفعل على أنَّ «أَنْ» مخففة من الثقيلة، أى: أنه لا تكلمُ..، واسمها محذوف، ضمير الشأن، أو على إجراء «أَنْ» مجري «ما» المصدرية، وأنْ وما في حيزها في محل رفع خير «أيتك».
{إِلَّا رَمْزًا ۗ} قراءة الجماعة «رَمْزاً» بفتح أوله وسكون ثانيه.
- وقرأ الأعمش والمطوّعي «رَمَزاً» بفتح الميم والراء على انه جمع رامز، مثل خادم وخَدَم.
[معجم القراءات: 1/490]
- وقرأ علقمة بن قيس ويحيي بن وثاب والأعمش «رُمُزاً» بضم الراء والميم.
- وخُرِّج على انه جمع رَمُوز، مثل رَسُول / ورُسُل، أو هو مصدر جاء على فُعُل أتبعت العين فيه الفاء، كاليُسيْر واليُسيُر.
- وقرئ «إلا رُمْزاً» بإسكان الميم بعد الضمة.
{رَّبَّكَ كَثِيرًا}
- قرأ أبو عمرو ويعقوب بإدغام الكاف في الكاف.
{كَثِيرًا}
- رقق الأزرق وورش الراء في الوصل، وبالوجهين في الوقف،
- وقراءة الجماعة بالتفخيم في الحالين.
{وَالْإِبْكَارِ}
- ذكر الأخفش عن بعض القراء «والأبكار» بفتح الهمزة جمع بَكَر بفتح الباء والكاف.
- نقل هذا ابن خالويه عن الأخفش، ولم أجده منسوقاً عن الأخفش في موضع هذه الآية، ووجدته عنده في سياق الحديث عن الآية / 15 من سورة الرعد.
- وقال الأخفش: «والذين قالوا» «الأبكار» احتجوا بأنهم جمعوا «بَكْراً» على «أبكار»، وبَكْرٌ لا تجمع، لأنه اسم ليس بمتمكٌن، وهو أيضاً مصدر مثل: اﻹبكار».
[معجم القراءات: 1/491]
- والضبط في البحر: جمع بَكَر بفتحتين، والضبط في معاني الأخفش: «بَكْر» كذا بفتح فسكون، وجاء الضبط في الكشاف موافقاً لما ضبط أبو حيان قال: كسَحر وأسَحْار.
- وقال الشهاب: جمع بَكَر كسحر لفظاً ومعنى، وهو نادر الاستعمال.
- وقراءة الجماعة «اﻹبكار» بكسر الهمزة وهو مصدر.
- وقرأ «اﻹبكِار» باﻹمالة أبو عمرو والدوري عن الكسائي وابن ذكوان من طريق الصوري.
- وقرأه بالتقليل الأزرق وورش.
- وقراءة الباقين بالفتح، وهي رواية الأخفش عن ابن ذكوان). [معجم القراءات: 1/492]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين