{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آَمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا(15) وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا(16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا(17)}
تفسير قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله: عز وجل: {قل أوحي إليّ...}. القراء مجتمعون على (أوحي) وقرأها جويّة الأسدي: "قل أحي إليّ" من وحيت، فهمز الواو؛ لأنها انضمت كما قال: {وإذا الرّسل أقّتت}). [معاني القرآن: 3/190]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {استمع نفرٌ مّن الجنّ...} ذكر: أن الشياطين لما رجمت وحرست منها السماء قال إبليس: هذا نبيّ قد حدث، فبث جنوده في الآفاق، وبعث تسعة منهم من اليمن إلى مكة، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو ببطن نخلة قائماً يصلي ويتلو القرآن، فأعجبهم ورقّوا له، وأسلموا، فكان من قولهم ما قد قصّه الله في هذه السورة.
وقد اجتمع القراء على كسر"إنا" في قوله: {فقالوا إنّا سمعنا قرآناً عجباً}، واختلفوا فيما بعد ذلك، فقرءوا: وإنّا، وأنّا إلى آخر السورة، وكسروا بعضاً، وفتحوا بعضاً.[حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال]: حدثنا الفراء قال: فحدثني الحسن بن عياش أخو أبي بكر بن عياش، وقيس عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة بن قيس أنه قرأ ما في الجنّ، والنجم: (وأنا)، بالفتح. قال الفراء: وكان يحيى وإبراهيم وأصحاب عبد الله كذلك يقرءون. وفتح نافع المدني، وكسر الحسن ومجاهد، وأكثر أهل المدينة إلا أنهم نصبوا: {وأنّ المساجد لله} [حدثنا محمد قال:] حدثنا الفراء قال: وحدثني حبّان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: أوحى إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد اقتصاص أمر الجن: {وأنّ المساجد لله فلا تدعوا} .وكان عاصم يكسر ما كان من قول الجن، ويفتح ما كان من الوحي. فأما الذين فتحوا كلها فإنهم ردّوا "أنّ" في كل سورة على قوله: فآمنا به، وآمنا بكل ذلك، ففتحت "أن" لوقوع الإيمان عليها، وأنت مع ذلك تجد الإيمان يحسن في بعض ما فتح، ويقبح في بعض، ولا يمنعك ذلك من إمضائهن على الفتح، فإن الذي يقبح من ظهور الإيمان قد يحسن فيه فعلٌ مضارعٌ للإيمان يوجب فتح أنّ كما قالت العرب:
إذا ما الغانيات برزن يوماً = وزجّجن الحواجب والعيونا
فنصب العيون باتباعها الحواجب، وهي لا تزجج إنما تكحّل، فأضمر لها الكحل، وكذلك يضمر في الموضع الذي لا يحسن فيه آمنّا، ويحسن: صدقنا، وألهمنا، وشهدنا، ويقوّي النصب قوله: {وأن لّو استقاموا على الطّريقة} .فينبغي لمن كسر أن يحذف (أن) من (لو)؛ لأنّ (أن) إذا خففت لم تكن في حكايةٍ، ألا ترى أنك تقول: أقول لو فعلت لفعلت، ولا تدخل (أن).
وأمّا الذين كسروا كلها فهم في ذلك يقولون: {وأن لو استقاموا} فكأنهم أضمروا يميناً مع لو، وقطعوها عن النسق على أول الكلام، فقالوا: والله أن لو استقاموا. والعرب تدخل أن في هذا الموضع مع اليمين وتحذفها، قال الشاعر:
فأقسم لو شيء أتانا رسوله = سواك، ولكن لم نجد لك مدفعا
وأنشدني آخر:
أما والله أن لو كنت حرًّا = وما بالحرّ أنت ولا العتيق
ومن كسر كلها ونصب: {وأن المساجد لله} خصّه بالوحي، وجعل: وأن لو مضمرة فيها اليمين على ماوصفت لك). [معاني القرآن: 3/190-192]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({قل أوحي إليّ أنّه استمع نفرٌ مّن الجنّ فقالوا إنّا سمعنا قرآناً عجباً} [قال] {قل أوحي إليّ أنّه استمع نفرٌ} فألف {أنه} مفتوحة لأنه اسم). [معاني القرآن: 4/36]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({نفرٌ من الجنّ} يقال: «النفر» ما بين الثلاثة إلى العشرة). [تفسير غريب القرآن: 489]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قال تعالى لنبيه: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} وكانوا استمعوا لرسول الله، صلّى الله عليه وسلم، وهو يقرأ: {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا} يعني أنهم قالوا ذلك لقومهم حين رجعوا إليهم. واعتبار هذا قوله: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ}). [تأويل مشكل القرآن: 426]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل أوحي إليّ أنّه استمع نفر من الجنّ فقالوا إنّا سمعنا قرآنا عجبا (1)} القراءة (أوحي) بإثبات الواو. - قد قرئت: (قل أحي إليّ) - بغير واو. فمن قال: (أحي إليّ) فهو من وحيت إليه، والأكثر أوحيت إليه.والأصل وحي، ولكن الواو إذا انضمّت قد تبدل منها الهمزة نحو: (وإذا الرّسل أقّتت)، أصله وقّتت لأنه من الوقت.
وجاء في التفسير أن هؤلاء النفر الذين من الجن استمعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي الصبح ببطن نخلة، وهو قوله: (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجنّيستمعون القرآن فلمّا حضروه قالوا أنصتوا) أي قال بعضهم لبعض أمسكوا عن الكلام واستمعوا.
وقيل إنهم كانوا من جن نصيبين، وقيل إنهم كانوا من اليمن، وقيل إنهم كانوا يهودا، وقيل إنهم كانوا مشركين.فأمّا قوله: (أنّه استمع نفر من الجنّ)، و (أنّ) مفتوحة لا غير.
وقوله: (إنّا سمعنا) وقوله: (فإنّ له)، وقوله: (فإنّه يسلك).فهذه الثلاث مكسورة لا غير.وقد اختلف القراء فيما في هذه السورة غير هذه الحروف الثلاث فقال بعضهم: (وأنّه، وأنّا) فأما عاصم فروى عنه أبو بكر بن عياش مثل قراءة نافع ومن تابعه، وروى حفص بن سليمان عن الفتح فيما قرأه أبو بكر بالكسر، والذي يختاره النحوّيون قراءة نافع ومن تابعه في هذه الآية عندهم ما كان محمولا على الوحي فهو (أنّه) بفتح (أنّ) وما كان من قول الجن فهو مكسور معطوف على قوله: {فقالوا إنّا سمعنا قرآنا عجبا}، وعلى هذه القراءة يكون المعنى، وقالوا إنه تعالى جدّ ربّنا، وقالوا إنه كان يقول سفيهنا.
ومن فتح فذكر بعض النحويين أنه معطوف على الهاء. المعنى عنده: فآمنا به وبأنه تعالى جدّ ربّنا، وكذلك ما بعد هذا عنده، وهذا رديء في القياس. لا يعطف على الهاء المكنية المخفوضة إلا بإظهار الخافض، ولكن وجهه أن يكون محمولا على معنى آمنا به، لأن معنى آمنا به صدقناه وعلمناه، ويكون المعنى: وصدقنا أنه تعالى جدّ ربّنا). [معاني القرآن: 5/233-234]
تفسير قوله تعالى: {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)}
تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وأنّه تعالى جدّ ربّنا...}...
- حدثني أبو إسرائيل عن الحكم عن مجاهد في قوله: {وأنّه تعالى جدّ ربّنا} قال: جلال ربنا). [معاني القرآن: 3/192]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({تعالى جدّ ربّنا} علا ملك ربنا وسلطانه). [مجاز القرآن: 2/272]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): (ثم قال: {وأنّه تعالى جدّ ربّنا} على الابتداء إذا كان من كلام الجن فإن فتح جعله على الوحي وهو حسن). [معاني القرآن: 4/36]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({تعالى جد ربنا}: علا ملك ربنا وسلطانه). [غريب القرآن وتفسيره: 393]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وأنّه تعالى جدّ ربّنا ما اتّخذ}... قال مجاهد: جلال ربنا.وقال قتادة: عظمته.وقال أبو عبيدة ملكه وسلطانه). [تفسير غريب القرآن: 489]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم قال: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} يقال: جدّ فلان في قومه: إذا عظم عندهم). [تأويل مشكل القرآن: 426-427]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وأنّه تعالى جدّ ربّنا ما اتّخذ صاحبة ولا ولدا (3)} وتأويل (تعالى جدّ ربّنا) تعالى جلال ربّنا وعظمته عن أن يتخذ صاحبة أو ولدا). [معاني القرآن: 5/234]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({جَدُّ رَبِّنَا} أي جلاله، وقيل: عظمته، وقيل: ملكه وسلطانه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 281]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({جَدُّ رَبِّنَا}: عظمته). [العمدة في غريب القرآن: 318]
تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({[يقول] سفيهنا}: جاهلنا، {على اللّه شططاً} أي جورا في المقال). [تفسير غريب القرآن: 489]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم قال: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} أي: جاهلنا يقول شططا، أي: غلوا في الكذب والجور). [تأويل مشكل القرآن: 427]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({شَطَطاً} أي جَوْراً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 281]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سَفِيهُنَا}: جاهلنا. {شَطَطًا}: عظيماً من القول). [العمدة في غريب القرآن: 318]
تفسير قوله تعالى:{وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله جل وعز: {وأنّا ظننّا أن لّن تقول الإنس والجنّ على اللّه كذباً...}.
الظن ها هنا: شك). [معاني القرآن: 3/192-193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم قال: {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}
يقولون: كنا نتوهم أنّ أحدا لا يقول على الله باطلا. يريدون: إنّا كنا قبل اليوم نصدّقهم ونحن نظن أن أحدا لا يكذب على الله. وانقطع هاهنا قول الجن.
و(إن) في جميع هذا مكسورة إلا (أنّه استمع) ). [تأويل مشكل القرآن: 427]
تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({رهقاً} سفهاً وطغياناً). [مجاز القرآن: 2/272]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فزادوهم رهقاً} أي ضلالا. وأصل «الرّهق»: العيب. ومنه يقال: يرهّق في دينه). [تفسير غريب القرآن: 489]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال الله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} فإن شئت أن تنصب وأنّه وتردها إلى قوله: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ}، وأنه أوحى إليّ أنه كان رجال- نصبت. وإن شئت أن تكسرها وتجعلها مبتدأة من الله سبحانه، فعلت.
وكان الرجل في الجاهلية إذا سافر فصار إلى موضع مقفر موحش لا أنيس به، قال: أعوذ بسيّد هذا المكان من سفهائه. يعني سفهاء الجن ويعني بالسيد: رئيسهم.
يقول الله عز وجل: {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} يريد أنهم يزدادون بهذا التعوّذ طغيانا وإثما فيقولون: سدنا الجن والإنس). [تأويل مشكل القرآن: 428]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {وأنّه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجنّ فزادوهم رهقا (6)}كان أهل الجاهلية إذا مرت جماعة منهم بواد يقولون: نعوذ بعزيز هذا الوادي من مردة الجن وسفهائهم.ومعنى (فزادوهم رهقا) فزادوهم ذلّة وضعفا.ويجوز - واللّه أعلم - أن الإنس الذين كانوا يستعيذون بالجن زادوا الجن رهقا، ويجوز أن يكون الجن زادوا الإنس رهقا). [معاني القرآن: 5/234]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رَهَقاً} أي ضلالاً، وقيل: سَفَهاً وطغياناً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 281]
تفسير قوله تعالى: (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم قال تعالى: {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} يقول: ظن الجن كما ظننتم أيها الإنس أن لا بعث يوم القيامة. أي كانوا لا يؤمنون بالبعث كما أنكم لا تؤمنون به.
وانقطع هاهنا قول الله تعالى). [تأويل مشكل القرآن: 428]
تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وأنّا لمسنا السّماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً} وقال: {وشهباً} وواحدها: الشّهاب). [معاني القرآن: 4/36]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(الشهب): جمع «شهاب»، وهو: النجم المضيء). [تفسير غريب القرآن: 489]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا}.
و(إنّا) مكسورة نسق على ما تقدم من قولهم. يريدون: حرست بالنجوم من استماعنا وكنا قبل ذلك نقعد منها مقاعد للسمع.
وروى عبد الرّزّاق عن معمر أنه قال: قلت للزهري: أكان يرمى بالنجوم في الجاهلية؟ فقال: نعم). [تأويل مشكل القرآن: 429](م)
تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {فمن يستمع الآن...}. إذ بعث محمد صلى الله عليه يجد له شهاباً رصداً قد أرصد به له ليرجمه). [معاني القرآن: 3/193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(الشهاب الرصد): الذي قد أرصد به للرّجم). [تفسير غريب القرآن: 489]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا}.
و(إنّا) مكسورة نسق على ما تقدم من قولهم. يريدون: حرست بالنجوم من استماعنا وكنا قبل ذلك نقعد منها مقاعد للسمع.
وروى عبد الرّزّاق عن معمر أنه قال: قلت للزهري: أكان يرمى بالنجوم في الجاهلية؟ فقال: نعم.
قلت: أفرأيت قوله: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا}.
فقال: غلّظت وشدّد أمرها حين بعث النبي، صلّى الله عليه وسلم.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزّهري، عن علي بن حسين، عن ابن عباس أنه قال: بينا النبي، صلّى الله عليه وسلم، جالس في نفر من الأنصار إذ رمي بنجم فاستنار، فقال: ما كنتم تقولون في مثل هذا في الجاهلية؟ فقالوا: كنا نقول: يموت عظيم أو يولد عظيم.
في حديث فيه طول اختصرناه وذكرنا هذا منه لندلّ على أن الرجم قد كان قبل مبعثه ولكنه لم يكن مثله الآن في شدة الحراسة قبل مبعثه، وكانت تسترق في بعض الأحوال، فلما بعث منعت من ذلك أصلا.
وعلى هذا وجدنا الشعراء القدماء قال بشر بن أبي خازم الأسدي وهو جاهلي:
والعير يرهقهما الغبار وجحشها ينقضّ خلفهما انقضاض الكوكب
وقال أوس بن حجر، وهو جاهلي:
وانقضّ كالدّرّيّ يتبعه = نقع يثور تخاله طنبا
وقال عوف بن الخرع، وهو جاهلي:
يردّ علينا العير من دون أنفه = أو الثّور كالدّرّيّ يتبعه الدّم
وفي أيدي الناس كتب من كتب الأعاجم وسيرهم: تنبئ عن انقضاض النجوم في كلّ عصر وكلّ زمان). [تأويل مشكل القرآن: 429-431]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وأنّا لمسنا السّماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا (8) وأنّا كنّا نقعد منها مقاعد للسّمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا (9)} أي كنا نستمع فالآن حين حاولنا الاستماع ورمينا بالشهب، وهي الكواكب.
و (رصدا) أي حفظة تمنع من الاستماع.وقيل إن الانقضاض الذي رميت به الشياطين حدث بعد مبعث النبي عليه السلام وهو أحد آياته). [معاني القرآن: 5/234]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (و(الرَّصَد) الذي أُرصد به من الكواكب للرجم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 281]
تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وأنّا لا ندري أشرٌّ أريد بمن في الأرض...} هذا من قول كفرة الجن قالوا: ما ندري ألخير يراد بهم فعل هذا أم لشر؟ يعني: رجم الشياطين بالكواكب). [معاني القرآن: 3/193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم قالت الجن: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ} حين اشتدت حراسة السماء من استراق السمع {أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} أي خيرا). [تأويل مشكل القرآن: 431]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وأنّا لا ندري أشرّ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربّهم رشدا (10)} المعنى إنا لا ندري بحدوث رجم الكواكب ألصلاح في ذلك لأهل الأرض أو غيره). [معاني القرآن: 5/234]
تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {كنّا طرائق قدداً...} كنا فرقا مختلفةً أهواؤنا، والطريقة طريقة الرجل، ويقال أيضا للقوم هم طريقة قومهم إذا كانوا رؤساءهم، والواحد أيضا: طريقة قومه، وكذلك يقال للواحد: هذا نظورة قومه للذين ينظرون إليه منهم، وبعض العرب يقول: نظيرة قومه، ويجمعان جميعا: نظائر). [معاني القرآن: 3/193]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({كنّا طرائق قدداً} واحد الطرائق الطريقة ؛ واحد القدد قدة أي ضروباً أو أجناساً). [مجاز القرآن: 2/272]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({كنتا طرائق قددا}: واحد الطرائق طريقة، وواحد القدد قدة. أي ضروبا وأجناسا). [غريب القرآن وتفسيره: 393]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({كنّا طرائق قدداً} أي كنا فرقا مختلفة أهواؤنا.و«القدد»: جمع «قدة»، وهي بمنزلة قطعة وقطع [في التقدير والمعنى] ). [تفسير غريب القرآن: 490]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم قالت الجن: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ} بعد استماع القرآن: {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} أي: منّا بررة أتقياء، ومنا دون البررة، وهم مسلمون و{كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} أي: أصنافا، وكلّ فرقة قدّة، وهي مثل قطعة في التقدير وفي المعنى، فكأنّهم قالوا: نحن أصناف وقطع). [تأويل مشكل القرآن: 431]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وأنّا منّا الصّالحون ومنّا دون ذلك كنّا طرائق قددا (11)}
(قددا) متفرقون، أي كنا جماعات، متفرقين، مسلمين وغير مسلمين). [معاني القرآن: 5/235]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( (طرائق قددا) الطرائق: الجماعات، والقدد: الفرق، واحدتها: قدة). [ياقوتة الصراط: 535]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({قِدَداً} أي فِرَقاً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 282]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({طَرَائِقَ}: ضروباً وأجناساً {قِدَدًا}: فرقاً). [العمدة في غريب القرآن: 318]
تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {وأنّا ظننّا أن لّن نّعجز اللّه في الأرض...} على اليقين علمنا.وقد قرأ بعض القراء: "أن لن تقوّل الإنس والجنّ" ولست أسميه). [معاني القرآن: 3/193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وأنّا ظننّا أن لن نعجز اللّه} أي استيقنا). [تفسير غريب القرآن: 490]
تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آَمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {فلا يخاف بخساً ...} لا ينقص من ثواب عمله.
{ولا رهقاً...} ولا ظلماً). [معاني القرآن: 3/193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {فلا يخاف بخساً}، أي نقصا من الثواب، {ولا رهقاً} أي ظلما. وأصل «الرهق»: ما رهق الإنسان من عيب أو ظلم). [تفسير غريب القرآن: 490]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بَخْساً} أي نقصاً من الثواب.
{رَهَقاً} أي ظلما، وأصل الرهق: العيب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 282]
تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ومنّا القاسطون...} وهم: الجائرون الكفار، والمقسطون: العادلون المسلمون). [معاني القرآن: 3/193]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {فمن أسلم فأولئك تحرّوا رشداً...} يقول: أمّوا الهدى واتبعوه). [معاني القرآن: 3/193]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({تحرّوا رشداً} توخوا وعمدوا قال امرؤ القيس:
ديمةٌ هطلاء فيها وطفٌ = طبق الأرض تحرّى وتدر). [مجاز القرآن: 2/272]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( و{القاسطون}: الجائرون. يقال: قسط، إذا جاز.وأقسط: إذا عدل.{فأولئك تحرّوا رشداً} أي توخّوه وأمّوه). [تفسير غريب القرآن: 490]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم قالت الجن: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} أي: الكافرون، الآية. وانقطع كلام الجن). [تأويل مشكل القرآن: 431]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {وأنّا منّا المسلمون ومنّا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحرّوا رشدا (14)} هذا تفسير قولهم: {كنّا طرائق قددا}، والقاسطون: الجائرون.
وقوله {فأولئك تحرّوا رشدا} يعني قصدوا طريق الحق والرشد، ولا أعلم أحدا قرأ في هذه السورة رشدا، والرّشد والرّشد يجوز في العربية، إلا أن أواخر الآي فيما قبل الرّشد وبعده على الفتح، مبني على فعل، فأواخر الآي أن يكون على هذا اللفظ وتستوي أحسن، فإن ثبتت في القراءة بها رواية فالقراءة بها جائزة.
ولا يجوز أن تقرأ بما يجوز في العربية إلا أن تثبت بذلك رواية وقراءة عن إمام يقتدى بقراءته، فإن اتباع القراءة السنة، وتتبع الحروف الشواذ والقراءة بها بدعة). [معاني القرآن: 5/235]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (و{الْقَاسِطُونَ} الجـائـرون. يقال: قسط يَقْسِط، وأَقْسَطَ يُقْسِطُ. قَسَطَ: إذا جار، وأقسط: إذا عدل.
{تَحَرَّوْا رَشَداً} أي توخَّوه وأَمُّوه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 282]
تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {وأمّا القاسطون فكانوا لجهنّم حطبا (15)} يقال قسط الرجل إذا جار، وأقسط إذا عدل). [معاني القرآن: 5/235]
تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وكان عاصم يكسر ما كان من قول الجن، ويفتح ما كان من الوحي. فأما الذين فتحوا كلها فإنهم ردّوا "أنّ" في كل سورة على قوله: فآمنا به، وآمنا بكل ذلك، ففتحت "أن" لوقوع الإيمان عليها، وأنت مع ذلك تجد الإيمان يحسن في بعض ما فتح، ويقبح في بعض، ولا يمنعك ذلك من إمضائهن على الفتح، فإن الذي يقبح من ظهور الإيمان قد يحسن فيه فعلٌ مضارعٌ للإيمان يوجب فتح أنّ كما قالت العرب:
إذا ما الغانيات برزن يوماً = وزجّجن الحواجب والعيونا
فنصب العيون باتباعها الحواجب، وهي لا تزجج إنما تكحّل، فأضمر لها الكحل، وكذلك يضمر في الموضع الذي لا يحسن فيه آمنّا، ويحسن: صدقنا، وألهمنا، وشهدنا، ويقوّي النصب قوله: {وأن لّو استقاموا على الطّريقة}، فينبغي لمن كسر أن يحذف (أن) من (لو)؛ لأنّ (أن) إذا خففت لم تكن في حكايةٍ، ألا ترى أنك تقول: أقول لو فعلت لفعلت، ولا تدخل (أن).
وأمّا الذين كسروا كلها فهم في ذلك يقولون: {وأن لو استقاموا} فكأنهم أضمروا يميناً مع لو، وقطعوها عن النسق على أول الكلام، فقالوا: والله أن لو استقاموا. والعرب تدخل أن في هذا الموضع مع اليمين وتحذفها، قال الشاعر:
فأقسم لو شيء أتانا رسوله = سواك، ولكن لم نجد لك مدفعا
وأنشدني آخر:
أما والله أن لو كنت حرًّا = وما بالحرّ أنت ولا العتيق
ومن كسر كلها ونصب: {وأن المساجد لله} خصّه بالوحي، وجعل: وأن لو مضمرة فيها اليمين على ما وصفت لك). [معاني القرآن: 3/191-192](م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وألّو استقاموا على الطّريقة...}: على طريقة الكفر {لأسقيناهم مّاء غدقاً} يكون زيادة في أموالهم ومواشيهم، ومثلها قوله: {ولولا أن يكون النّاس أمّةً واحدةً لّجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفاً مّن فضّةٍ} يقول: تفعل ذلك بهم ليكون فتنة عليهم في الدنيا، وزيادة في عذاب الآخرة). [معاني القرآن: 3/193-194]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ماءً غدقاً} الغدق الكثير). [مجاز القرآن: 2/272]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ماء غدقا}: الغدق الكثير). [غريب القرآن وتفسيره: 393]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وأن لو استقاموا على الطّريقة} يقال: طريقة الكفر، {لأسقيناهم ماءً غدقاً}. و«الغدق»: الكثير. وهذا مثل «لزدناهم في أموالهم ومواشيهم». ومثله: {ولولا أن يكون النّاس أمّةً}، أي كفرة كلهم. هذا بمعنى قول الفراء.وقال غيرة: «وأن لو استقاموا على الهدى جميعا: لأوسعنا عليهم»). [تفسير غريب القرآن: 490]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال الله تعالى: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} أي: لو آمنوا جميعا لوسّعنا عليهم في الدنيا. وضرب الماء الغدق، وهو الكثير، لذلك مثلا، لأنّ الخير والرّزق كلّه بالمطر يكون، فأقيم مقامه إذ كان سببه، على ما أعلمتك في المجاز.
{لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} أي لتختبرهم فنعلم كيف شكرهم.
وفيه قول آخر، يقول: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا} جميعا على طريقة الكفر: لوسّعنا عليهم وجعلنا ذلك فتنة لهم و(أن) منصوبة منسوقة على ما تقدّم من قوله سبحانه.
ثم قال: {وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} أي يدخله عذابا شاقا.
يقال: سلكت الخيط في الحبّة وأسلكته: إذا أدخلته، ومنه سمّي الخيط سلكا، تقول: سلكته سلكا، فتفتح أوّل المصدر. وتقول للخيط: هذا السّلك، فتكسر أوّل الاسم، مثل القطف والقطف.
ومن الصّعد قيل: تصعّدني هذا الأمر، أي شقّ علي. والصّعود: العقبة الشّاقة.
ومنه قوله: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا}). [تأويل مشكل القرآن: 431-432]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وألّو استقاموا على الطّريقة لأسقيناهم ماء غدقا (16) لنفتنهم فيه..} وهذا تفسيره لو استقاموا على الطريقة التي هي طريق الهدي لأسقيناهم ماء غدقا غدقا. والغدق الكثير، ودليل هذا التفسير قوله عزّ وجلّ: {ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركات من السّماء والأرض}, وكقوله: {لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم} وقد قيل إنه يعني به: لو استقاموا على طريقة الكفر.
ودليل هذا التفسير عندهم قوله تعالى: {ولولا أن يكون النّاس أمّة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفا من فضّة ومعارج عليها يظهرون}.
والذي يختار وهو أكثر التفسير أن يكون يعنى بالطريقة طريق الهدى؛ لأن الطريقة معرفة بالألف واللام. والأوجب أن يكون طريقة الهدى. واللّه أعلم). [معاني القرآن: 5/235-236]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ويقرأ (لأسقيناهم ماء غدقا)، والغدق المصدر، والغدق اسم الفاعل، تقول: غدق يغدق غدقا فهو غدق، إذا كثر الندى في المكان أو الماء). [معاني القرآن: 5/236]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً} يعني بالماء: الرزق، إذ الرزق وكلّ شيء بسببه، كما قال تبارك وتعالى: {وجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ}). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 282]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({غَدَقًا}: كثيراً). [العمدة في غريب القرآن: 318]
تفسير قوله تعالى: {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ومن يعرض عن ذكر ربّه يسلكه عذاباً صعداً...} نزلت في وليد بن المغيرة المخزومي، وذكروا أن الصّعد: صخرة ملساء في جهنم يكلّف صعودها، فإذا انتهى إلى أعلاها حدر إلى جهنم، فكان ذلك دأبه، ومثلها في سورة المدثر: {سأرهقه صعوداً}). [معاني القرآن: 3/194]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({عذاباً صعداً} مصدر الصعود وهو أشد العذاب). [مجاز القرآن: 2/272]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({لّنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربّه يسلكه عذاباً صعداً} وقال: {لّنفتنهم فيه} لأنك تقول "فتنته" وبعض العرب يقول "أفتنه" فتلك على تلك اللغة). [معاني القرآن: 4/36]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({لنفتنهم فيه}: لنخبرهم حتى يرجعوا إلى ما فرض عليهم.
{عذابا صعدا}: قالوا شقة من العذاب وقالوا جبل في جهنم). [غريب القرآن وتفسيره: 393]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({لنفتنهم فيه} أي لنختبرهم، فنعلم كيف شكرهم.
{يسلكه عذاباً صعداً}، أي عذابا شاقا. يقال: تصعدني الأمر، إذا شقّ عليّ. ومنه قول عمر: «ما تصعّدني شيء ما تصعّدتني خطبة النكاح».
ومنه قوله: {سأرهقه صعوداً} أي عقبة شاقة. ونرى أصل هذا كلّه من «الصّعود»: لأنه شاقّ، فكنّي به عن المشقات). [تفسير غريب القرآن: 491]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال الله تعالى: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} أي: لو آمنوا جميعا لوسّعنا عليهم في الدنيا. وضرب الماء الغدق، وهو الكثير، لذلك مثلا، لأنّ الخير والرّزق كلّه بالمطر يكون، فأقيم مقامه إذ كان سببه، على ما أعلمتك في المجاز.
{لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ}. أي لتختبرهم فنعلم كيف شكرهم.
وفيه قول آخر، يقول: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا} جميعا على طريقة الكفر: لوسّعنا عليهم وجعلنا ذلك فتنة لهم و(أن) منصوبة منسوقة على ما تقدّم من قوله سبحانه.
ثم قال: {وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} أي يدخله عذابا شاقا.
يقال: سلكت الخيط في الحبّة وأسلكته: إذا أدخلته، ومنه سمّي الخيط سلكا، تقول: سلكته سلكا، فتفتح أوّل المصدر. وتقول للخيط: هذا السّلك، فتكسر أوّل الاسم، مثل القطف والقطف.
ومن الصّعد قيل: تصعّدني هذا الأمر، أي شقّ علي. والصّعود: العقبة الشّاقة.
ومنه قوله: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} ). [تأويل مشكل القرآن: 431-432](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربّه يسلكه عذابا صعدا} لنختبرهم بذلك.
وقوله: {ومن يعرض عن ذكر ربّه يسلكه عذابا صعدا} معناه -واللّه أعلم- عذابا شاقّا، وقيل صخرة في جهنم، وهي في اللغة -واللّه أعلم- طريقة شاقّة من العذاب. يقال: قد وقع القوم في صعود وهبوط، إذا كانوا في غير استواء وكانوا في طريقة شاقّة). [معاني القرآن: 5/236]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لِنَفْتِنَهُمْ فيه} أي لنختبرهم في الشكر.
{عَذَاباً صَعَداً} أي شاقاً، ومنه {صَعُوداً} أي عقبة شاقّة، وأصله من الصُّعود وهو المشقّة والتعب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 282]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لِنَفْتِنَهُمْ}: لنختبرهم). [العمدة في غريب القرآن: 319]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({صَعَدًا}: جبلاً). [العمدة في غريب القرآن: 319]