العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأحقاف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:07 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير سورة الأحقاف [ من الآية (15) إلى الآية (16) ]

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:08 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني يحيى بن أيوب عن عمرو بن الحارث عن ربيعة في قول الله: {حتى إذا بلغ أشده}، قال: أشده الحلم.
قال: وحدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه مثله.
وقال مالك بن أنس مثله). [الجامع في علوم القرآن: 1/26-27]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم أنّه بلغه أنّ النّبيّ عليه السّلام قال: إنّ العبد إذا أسلم كتب له بكلّ حسنةٍ كان زلفها حسنةٌ وغفر له كلّ سيّئةٍ زلفها، فما عمل بعد ذلك من حسنةٍ كتب له بها عشر أمثالها، وما عمل من سيئةٍ كتب عليه سيّئةٌ مثلها؛
قال سعدٌ: فسألت زيد بن أسلم: هل تعرفه في القرآن، فقال: نعم، يقول اللّه: {حتّى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنةً قال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت علي وعلى والداي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأصلح لي في ذرّيّتي إنّي تبت إليك وإنّي من [المسلمين] (15) أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب [الجنة]}، قال: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى إلا مثلها). [الجامع في علوم القرآن: 2/15-16]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه كان يقول في هذه الآية: {حتى إذا بلغ أشده}، قال ربيعة: الأشد الحلم؛ وتلا هذه الآية: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده}، قال ربيعة: وقال الله: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم}؛ فكان ربيعة يرى أن الأشد الحلم [في هتين] الآيتين). [الجامع في علوم القرآن: 2/110]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن وقتادة في قوله تعالى حملته أمه كرها ووضعته كرها قالا حملته من مشقة ووضعته من مشقة). [تفسير عبد الرزاق: 2/216]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى حتى إذا بلغ أشهده ثلاث وثلاثون سنة وتلا قتادة وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك حتى المسلمين قال وقد مضى من سني عمله ما مضى). [تفسير عبد الرزاق: 2/217]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ووصّينا الإنسان بوالديه إحسانًا حملته أمّه كرهًا ووضعته كرهًا وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا حتّى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنةً قال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحًا ترضاه وأصلح لي في ذرّيّتي إنّي تبت إليك وإنّي من المسلمين}.
يقول تعالى ذكره: ووصّينا ابن آدم بوالديه الحسن في صحبته إيّاهما أيّام حياتهما، والبرّ بهما في حياتهما وبعد مماتهما.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {إحسانًا} فقرأته عامّة قرأة المدينة والبصرة (حسنًا) بضمّ الحاء على التّأويل الّذي وصفت وقرأ ذلك عامّة قرأة الكوفة {إحسانًا} بالألف، بمعنى: ووصّيناه بالإحسان إليهما، وبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيبٌ، لتقارب معاني ذلك، واستفاضة القراءة بكلّ واحدةٍ منهما في القرّاء.
وقوله: {حملته أمّه كرهًا ووضعته كرهًا} يقول تعالى ذكره: ووصّينا الإنسان بوالديه إحسانًا برًّا بهما، لما كان منهما إليه حملاً ووليدًا وناشئًا، ثمّ وصف جلّ ثناؤه ما لديه من نعمة أمّه، وما لاقت منه في حال حمله ووضعه، ونبّهه على الواجب لها عليه من البرّ، واستحقاقها عليه من الكرامة وجميل الصّحبة، فقال: {حملته أمّه} يعني في بطنها كرهًا، يعني مشقّةً، {ووضعته كرهًا} يقول: وولدته كرهًا يعني مشقّةً.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {حملته أمّه كرهًا ووضعته كرهًا} يقول: حملته مشقّةً، ووضعته مشقّةً.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، والحسن، في قوله: {حملته أمّه كرهًا ووضعته كرهًا} قالا: حملته في مشقّةٍ، ووضعته في مشقّةٍ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {حملته أمّه كرهًا} قال: مشقّةً عليها.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {كرهًا} [النساء: ] فقرأته عامّة قرأة المدينة والبصرة (كرهًا) بفتح الكاف، وقرأته عامّة قرأة الكوفة {كرهًا} [النساء: ] بضمّها، وقد بيّنت اختلاف المختلفين في ذلك قبل إذا فتح وإذا ضمّ في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّهما قراءتان معروفتان، متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
- وقوله: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا} يقول تعالى ذكره: وحمل أمّه إيّاه جنينًا في بطنها، وفصالها إيّاه من الرّضاع، وفطمها إيّاه، شرب اللّبن ثلاثون شهرًا.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {وفصاله}، فقرأ ذلك عامّة قرّاء الأمصار غير الحسن البصريّ: {وحمله وفصاله} بمعنى: فاصلته أمّه فصالاً ومفاصلةً وذكر عن الحسن البصريّ أنّه كان يقرأه: (وحمله وفصله) بفتح الفاء بغير ألفٍ، بمعنى: وفصل أمّه إيّاه.
والصّواب من القول في ذلك عندنا، ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجّة من القرّاء عليه وشذوذ ما خالفه.
- وقوله: {حتّى إذا بلغ أشدّه} اختلف أهل التّأويل في مبلغ حدّ ذلك من السّنين، فقال بعضهم: هو ثلاثٌ وثلاثون سنةً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: {أشدّه}: ثلاثٌ وثلاثون سنةً، واستواؤه أربعون سنةً، والعذر الّذي أعذر اللّه فيه إلى ابن آدم ستّون.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {حتّى إذا بلغ أشدّه} قال: ثلاثًا وثلاثين.
وقال آخرون: هو بلوغ الحلم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا مجالدٌ، عن الشّعبيّ، قال: الأشدّ: الحلم إذا كتبت له الحسنات، وكتبت عليه السّيّئات.
وقد بيّنّا فيما مضى الأشدّ جمع شدٍّ، وأنّه تناهي قوّته واستوائه وإذا كان ذلك كذلك، كان الثّلاث والثّلاثون به أشبه من الحلم، لأنّ المرء لا يبلغ في حال حلمه كمال قواه، ونهاية شدّته، فإنّ العرب إذا ذكرت مثل هذا من الكلام، فعطفت ببعضٍ على بعضٍ جعلت كلا الوقتين قريبًا أحدهما من صاحبه، كما قال جلّ ثناؤه: {إنّ ربّك يعلم أنّك تقوم أدنى من ثلثي اللّيل ونصفه} ولا تكاد تقول أنا أعلم أنّك تقوم قريبًا من ساعةٍ من اللّيل وكلّه، ولا أخذت قليلاً من مالٍ أو كلّه، ولكن تقول: أخذت عامّة مالي أو كلّه، فكذلك ذلك في قوله: {حتّى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنةً} لا شكّ أنّ نسق الأربعين على الثّلاث والثّلاثين أحسن وأشبه، إذ كان يراد بذلك تقريب أحدهما من الآخر من النّسق على الخمس عشرة أو الثّمان عشرة.
وقوله: {وبلغ أربعين سنةً} ذلك حين تكاملت حجّة اللّه عليه، وسرت عنه جهالة شبابه وعرف الواجب للّه من الحقّ في برّ والديه.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وبلغ أربعين سنةً} وقد مضى من سيّئ عمله.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {وبلغ أربعين سنةً قال ربّ أوزعني} حتّى بلغ {من المسلمين} وقد مضى من سيء عمله ما مضى.
وقوله: {قال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والديّ} يقول تعالى ذكره: قال هذا الإنسان الّذي هداه اللّه لرشده، وعرف حقّ اللّه عليه فيما ألزمه من برّ والديه {ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك} [النمل: ] يقول: أغرني بشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ في تعريفك إيّاي توحيدك وهدايتك لي للإقرار بذلك، والعمل بطاعتك {وعلى والديّ} من قبلي، وغير ذلك من نعمك علينا، وألهمني ذلك وأصله من وزعت الرّجل على كذا: إذا دفعته عليه.
وكان ابن زيدٍ يقول في ذلك
- ما: حدّثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أوزعني أن أشكر نعمتك} قال: اجعلني أشكر نعمتك.
وهذا الّذي قاله ابن زيدٍ في قوله: {ربّ أوزعني} وإن كان يؤوّل إليه معنى الكلمة، فليس بمعنى الإيزاع على الصّحّة.
وقوله: {وأن أعمل صالحًا ترضاه} يقول تعالى ذكره: أوزعني أن أعمل صالحًا من الأعمال الّتي ترضاها، وذلك العمل بطاعته وطاعة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم
- وقوله: {وأصلح لي في ذرّيّتي} يقول: وأصلح لي أموري في ذرّيّتي الّذين وهبتهم، بأن تجعلهم هداةً للإيمان بك، واتّباع مرضاتك، والعمل بطاعتك، فوصّاه جلّ ثناؤه بالبرّ بالآباء والأمّهات والبنين والبنات وذكر أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكرٍ الصّدّيق رضي اللّه عنه.
وقوله: {إنّي تبت إليك وإنّي من المسلمين} يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هذا الإنسان {إنّي تبت إليك} يقول: تبت من ذنوبي الّتي سلفت منّي في سالف أيامى إليك. {وإنّي من المسلمين} يقول: وإنّي من الخاضعين لك بالطّاعة، المستسلمين لأمرك ونهيك، المنقادين لحكمك). [جامع البيان: 21/136-141]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد حملته أمه كرها ووضعته كرها يعني حملته بمشقة ووضعته بمشقة). [تفسير مجاهد: 2/593-594]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {حتّى إذا بلغ أشدّه} [الأحقاف: 15].
- عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه - عزّ وجلّ - {حتّى إذا بلغ أشدّه} [الأحقاف: 15] قال: ثلاثةٌ وثلاثون، وهو الّذي رفع عيسى بن مريم - صلّى اللّه عليه وسلّم -.
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه صدقة بن يزيد وثّقه أبو زرعة وأبو حاتمٍ وضعّفه أحمد وجماعةٌ، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 15 - 16.
أخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا} إلى قوله: {وعد الصدق الذي كانوا يوعدون}). [الدر المنثور: 13/321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {حملته أمه كرها} قال: مشقة عليها). [الدر المنثور: 13/321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه قال: وحمله وفصله بغير ألف). [الدر المنثور: 13/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن بعجة بن عبد الله الجهني قال: تزوج رجل منا امرأة من جهينة فولدت له تماما لستة أشهر فانطلق زوجها إلى عثمان بن عفان فأمر برجمها فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه فأتاه فقال: ما تصنع قال: ولدت تماما لستة أشهر وهل يكون ذلك قال علي رضي الله عنه: أما سمعت الله تعالى يقول {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} وقال: (حولين كاملين) (البقرة الآية 233) فكم تجده بقي إلا ستة أشهر فقال عثمان رضي الله عنه: والله ما فطنت لهذا علي بالمرأة فوجدوها قد فرغ منها، وكان من قولها لأختها: يا أخيه لا تحزني فو الله ما كشف فرجي أحد قط غيره، قال: فشب الغلام بعد فاعترف الرجل به وكان أشبه الناس به، قال: فرأيت الرجل بعد يتساقط عضوا عضوا على فراشه). [الدر المنثور: 13/322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر من طريق قتادة عن أبي حرب ابن أبي الأسود الدؤلي قال: رفع إلى عمر رضي الله عنه امرأة ولدت لستة أشهر فسأل عنها أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال علي رضي الله عنه: لا رجم عليها ألا ترى أنه يقول {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} وقال: (وفصاله في عامين) (لقمان 14) وكان الحمل ههنا ستة أشهر، فتركها عمر رضي الله عنه، قال: ثم بلغنا أنها ولدت آخر لستة أشهر). [الدر المنثور: 13/322-323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن نافع بن جبير أن ابن عباس أخبره قال: إني لصاحب المرأة التي أتي بها عمر وضعت لستة أشهر فأنكر الناس ذلك فقلت لعمر: لا تظلم، قال: كيف قلت: اقرأ {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} البقرة الآية 233 كم الحول قال: سنة، قلت: كم السنة قال: اثنا عشر شهرا، قلت: فأربعة وعشرين شهرا حولان كاملان ويؤخر الله من الحمل ما شاء ويقدم، قال: فاستراح عمر رضي الله عنه إلى قولي). [الدر المنثور: 13/323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف قال: رفعت امرأة إلى عثمان رضي الله عنه ولدت لستة أشهر فقال عثمان: إنها قد رفعت إلي امرأة ما أراها إلا جاءت بشر فقال ابن عباس: إذا كملت الرضاعة كان الحمل ستة أشهر وقرأ (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)، فدرأ عثمان عنها). [الدر المنثور: 13/323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول: إذا ولدت المرأة لتسعة أشهر كفاها من الرضاع أحد وعشرون شهرا وإذا ولدت لسبعة أشهر كفاها من الرضاع ثلاثة وعشرون شهرا وإذا وضعت لستة أشهر فحولين كاملين لأن الله تعالى يقول {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا}). [الدر المنثور: 13/323-324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قلت لمسروق رضي الله عنه: متى يؤخذ الرجل بذنوبه قال: إذا بلغت الأربعين فخذ حذرك.
وأخرج ابن الجوزي في كتاب الحدائق بسند ضعيف عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: جاء جبريل عليه السلام إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله أمر الحافظين فقال لهما رفقا بعبدي في حداثته فإذا بلغ الأربعين فاحفظا وحققا). [الدر المنثور: 13/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الفتح الأزدي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا من أتى عليه الأربعون سنة فلم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار). [الدر المنثور: 13/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن مغول قال شكا أبو معشر ابنه إلى طلحة بن مصرف فقال طلحة رضي الله عنه: استعن عليه بهذه الآية {رب أوزعني أن أشكر نعمتك} الآية). [الدر المنثور: 13/324-325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي الله عنه {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني} الآية فاستجاب الله له فأسلم والداه جميعا وإخوانه وولده كلهم ونزلت فيه أيضا {فأما من أعطى واتقى} الآية (الليل الآية 5) إلى آخر السورة). [الدر المنثور: 13/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وأصلح لي في ذريتي} قال: اجعلهم لي صالحين). [الدر المنثور: 13/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح الأمين قال: يؤتى بحسنات العبد وسيئاته فيقتص بعضها من بعض فإن بقيت له حسنة وسع الله له بها إلى الجنة قال: فدخلت على يزدان فحدثت مثل هذا الحديث قلت: فإن ذهبت الحسنة، قال {أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا} الآية). [الدر المنثور: 13/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال دعا أبو بكر عمر رضي الله عنهما فقال له: إني موصيك بوصية أن تحفظها إن لله في الليل حقا لا يقبله بالنهار وحقا بالنهار لا يقبله بالليل إنه ليس لأحد نافلة حتى يؤدي الفريضة إنه إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في الدنيا وثقل ذلك عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يثقل وخفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة لاتباعهم الباطل في الدنيا وخفته عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يخف، ألم تر أن الله ذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم فيقول: أين يبلغ عملك من عمل هؤلاء وذكر أهل النار بأسوأ أعمالهم حتى يقول القائل أنا خير من عمل هؤلاء وذلك بأن الله تعالى رد عليهم أحسن أعمالهم ألم تر أن الله أنزل آية الشدة عند آية الرخاء وآية الرخاء عند آية الشدة ليكون المؤمن راغبا راهبا لئلا يلقى بيده إلى التهلكة ولا يتمنى على الله أمنية يتمنى على الله فيها غير الحق). [الدر المنثور: 13/325-326]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم أنّه بلغه أنّ النّبيّ عليه السّلام قال: إنّ العبد إذا أسلم كتب له بكلّ حسنةٍ كان زلفها حسنةٌ وغفر له كلّ سيّئةٍ زلفها، فما عمل بعد ذلك من حسنةٍ كتب له بها عشر أمثالها، وما عمل من سيئةٍ كتب عليه سيّئةٌ مثلها؛
قال سعدٌ: فسألت زيد بن أسلم: هل تعرفه في القرآن، فقال: نعم، يقول اللّه: {حتّى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنةً قال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت علي وعلى والداي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأصلح لي في ذرّيّتي إنّي تبت إليك وإنّي من [المسلمين] (15) أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب [الجنة]}، قال: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى إلا مثلها). [الجامع في علوم القرآن: 2/15-16] (م)

قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو معاوية، عن عاصمٍ، عن الحسن؛ في قول الله تعالى: {من يعمل سوءًا يجز به} قال: قال الحسن: ذاك لمن أراد اللّه هوانه، فأمّا من أراد اللّه كرامته فإنّه يتجاوز عن سيّئاته في أصحاب الجنّة {وعد الصّدق الّذي كانوا يوعدون}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 485]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيّئاتهم في أصحاب الجنّة وعد الصّدق الّذي كانوا يوعدون}.

يقول تعالى ذكره: هؤلاء الّذين هذه الصّفة صفتهم، هم الّذين يتقبّل عنهم أحسن ما عملوا في الدّنيا من صالحات الأعمال، فيجازيهم به، ويثيبهم عليه {ويتجاوز عن سيّئاتهم} يقول: ويصفح لهم عن سيّئات أعمالهم الّتي عملوها في الدّنيا، فلا يعاقبهم عليها {في أصحاب الجنّة} يقول: نفعل ذلك بهم فعلنا مثل ذلك في أصحاب الجنّة وأهلها الّذين هم أهلها.
- كما: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن الحكم بن أبان، عن الغطريف، عن جابر بن زيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن الرّوح الأمين، قال: يؤتى بحسنات العبد وسيّئاته، فيقتصّ بعضها فإن بقيت حسنةٌ وسّع اللّه له في الجنّة قال: فدخلت على يزداد، فحدّث بمثل هذا الحديث، قال: قلت: فإن ذهبت الحسنة؟ قال: {أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيّئاتهم} الآية.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: دعا أبو بكرٍ عمر رضي اللّه عنهما، فقال له: إنّي أوصيك بوصيّةٍ أن تحفظها: إنّ للّه في اللّيل حقًّا لا يقبله بالنّهار، وبالنّهار حقًّا لا يقبله باللّيل، إنّه ليس لأحدٍ نافلةٌ حتّى يؤدّي الفريضة، إنّه إنّما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتّباعهم الحقّ في الدّنيا، وثقل ذلك عليهم، وحقّ لميزانٍ لا يوضع فيه إلاّ الحقّ أن يثقل، وخفّت موازين من خفّت موازينه يوم القيامة، لاتّباعهم الباطل في الدّنيا، وخفّته عليهم، وحقّ لميزانٍ لا يوضع فيه إلاّ الباطل أن يخفّ، ألم تر أنّ اللّه ذكر أهل الجنّة بأحسن أعمالهم، فيقول قائلٌ: أين يبلغ عملي من عمل هؤلاء، وذلك أنّ اللّه عزّ وجلّ تجاوز عن أسوأ أعمالهم فلم يبده، ألم تر أنّ اللّه ذكر أهل النّار بأسوإ أعمالهم حتّى يقول قائلٌ: أنا خيرٌ عملاً من هؤلاء، وذلك بأنّ اللّه ردّ عليهم أحسن أعمالهم، ألم تر أنّ اللّه عزّ وجلّ أنزل آية الشّدّة عند آية الرّخاء، وآية الرّخاء عند آية الشّدّة، ليكون المؤمن راغبًا راهبًا، لئلاّ يلقي بيده إلى التّهلكة، ولا يتمنّى على اللّه أمنيةً يتمنّى على اللّه فيها غير الحقّ.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {نتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز} فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة (يتقبّل). (ويتجاوز) بضمّ الياء منهما، على ما لم يسمّ فاعله، ورفع (أحسن) وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة {نتقبّل}، {ونتجاوز} بالنّون وفتحها، ونصب {أحسن} على معنى إخبار اللّه جلّ ثناؤه عن نفسه أنّه يفعل ذلك بهم، وردًّا للكلام على قوله: {ووصّينا الإنسان} ونحن نتقبّل منهم أحسن ما عملوا ونتجاوز، وهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {وعد الصّدق الّذي كانوا يوعدون} يقول: وعدهم اللّه هذا الوعد، وعد الحقّ لا شكّ فيه أنّه موفٍ لهم به، الّذي كانوا إيّاه في الدّنيا يعدهم اللّه تعالى.
ونصب قوله: {وعد الصّدق} لأنّه مصدرٌ خارجٌ من قوله: {يتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيّئاتهم}، وإنّما أخرج من هذا الكلام مصدر وعد وعدًا، لأنّ قوله: {يتقبّل عنهم ويتجاوز} وعدٌ من اللّه لهم، فقال: وعد الصّدق، على ذلك المعنى). [جامع البيان: 21/141-143]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:10 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا...}.
قرأها أهل الكوفة بالألف، وكذلك هي في مصاحفهم، وأهل المدينة وأهل البصرة يقرءون: (حسناً) وكذلك هي في مصاحفهم، ومعناهما واحد والله أعلم.
وقوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ...}.
وفي قراءة عبد الله: حتّى إذا استوى وبلغ أشده وبلغ أربعين سنة، والمعنى فيه، كالمعنى في قراءتنا؛ لأنه جائز في العربية أن تقول: لمّا ولد لك وأدركت مدرك الرجال عققت وفعلت، والإدراك قبل الولادة، ويقال: إن الأشد هاهنا هو الأربعون.
وسمعت بعض المشيخة يذكر بإسناد له في الأشد: ثلاث وثلاثون، وفي الاستواء: أربعون.
وسمعت أن الأشد في غير هذا الموضع: ثماني عشرة. والأول أشبه بالصواب؛ لأن الأربعين أقرب في النسق إل ثلاث وثلاثين ومنها إلى ثماني عشرة؛ ألا ترى أنك تقول: أخذت عامة المال أو كلّه، فيكون أحسن من أن تقول: أخذت أقلّ المال أو كلّه. ومثله قوله: {إنّ ربّك يعلم أنّك تقوم أدنى من ثلثي الّليل ونصفه وثلثه}، فبعض ذا قريب من بعض، فهذا سبيل كلام العرب، والثاني يعني ثماني عشرة، {و} لو ضم إلى الأربعين كان وجها.
وقوله: {أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ...}.
نزلت هذه الآية: في أبي بكر الصديق رحمه الله.
حدثني به حبان بن علي العنزيّ عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزلت في أبي بكر رحمه الله إلى قوله: {أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن} إلى آخر الآية). [معاني القرآن: 3/52-53]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" أوزعني " ألهمني، أصلها من وزعت أنا دفعته وأوزعني أي ألهمني). [مجاز القرآن: 2/213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {كرها}: وقال بعضهم كرها. والكره ما كرهته والكره ما
[غريب القرآن وتفسيره: 337]
أكرهت عليه.
{أوزعني}: ألهمني).[غريب القرآن وتفسيره: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا} أي مشقة، {ووضعتهُ كرهاً} أي مشقة.

{حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } قد ذكرناه فيما تقدم.
{قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي} أي ألهمني. والأصل في «الإيزاع»: الإغراء بالشيء، يقال: فلان موزع بكذا ومولع). [تفسير غريب القرآن: 407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) }
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} وتقرأ {إحسانا}، وكلتاهما جيّد، ونصب {إحسانا}على المصدر، لأن معنى وصيناه بوالديه أمرناه بأن يحسن إليهما {إحسانا}.
وقوله عزّ وجلّ: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا}
و {كُرْهًا}، وقد قرئ بهما جميعا.
المعنى حملته أمه على مشقّة ووضعته على مشقّة.
وقوله: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}
وقد قرئت {وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}. ومعنى فصاله فطامه ، وأقل ما يكون الحمل لستة أشهر.
والاختيار {وَفِصَالُهُ}، لأن الذي جاء في الحديث: إلا رضاع بعد الفصال " يعني بعد الفطام.
وقوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً}
جاء في التفسير أن الأشد ثلاث وثلاثون سنة، وقيل الأشد ثماني عشرة سنة، وقيل الأشد بلوغ الحلم، والأكثر أن يكون ثلاثا وثلاثين، لأن الوقت الذي يكمل فيه الإنسان في بدنه وقوته واستحكام شبابه أن يبلغ بضعا وثلاثين سنة، وكذلك في تمييزه.
وقوله: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} معناه اجعل ذرّيّتي صالحين). [معاني القرآن: 4/442]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} [آية: 15] إحسانا أي يحسن إليهما إحسانا
ثم قال تعالى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} [آية: 15]
ويقرأ {كَرها} بفتح الكاف وهو عند بعض العربية لحن لأنه يفرق بينهما
قال الحسن ومجاهد وقتادة الكره المشقة
والفراء وجماعة من أهل العربية يذهبون إلى أن الكره بفتح الكاف القهر والغصب فعلى هذا القول يكون لحنا
وقال الكسائي الكره والكره بمعنى واحد وكذلك هو عند البصريين جميعا لا اعلم بينهم اختلافا لأن الكره المصدر والكره اسم بمعناه
وقوله جل وعز: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً } [آية: 15]
قال مجاهد سالت ابن عباس عن قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } فقال بضعا وثلاثين سنة
قال مجاهد ثلاثا وثلاثين
قال أبو جعفر وقيل الأشد ثماني عشرة سنة
والأول أشبه لاتساق الكلام ألا ترى أن بعده وبلغ أربعين سنة
وأيضا فإن البالغ ثلاثا وثلاثين سنة أولى بهذا الاسم لأنه أكمل
وقوله جل وعز: {قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} [آية: 15]
روى أحمد بن عبد الله بن يونس عن أبي بكر بن عياش في قوله تعالى: {أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ } قال هو أبو بكر الصديق فلم يكفر له أب ولا أم قال وأوزعني ألهمني). [معاني القرآن: 6/447-450]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَوْزِعْنِي}: ألهمني). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الكُرْه}: ما كرهته ، {أَوْزِعْنِي}: ألهمني). [العمدة في غريب القرآن: 272]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( حدثني به حبان بن علي العنزيّ عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزلت في أبي بكر رحمه الله إلى قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ} إلى آخر الآية.
وقرأ يحيى بن وثاب، وذكرت عن بعض أصحاب عبد الله: {نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ} بالنون. وقراءة العوام: "يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم" بالياء وضمها، ولو قرئت "تتقبّل عنهم {أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} وتتجاوز" كان صواباً). [معاني القرآن: 3/53]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي...}.
كقولك: وعدا صدقا، أضيف إلى نفسه، وما كان من مصدر في معنى حقا فهو نصب معرفة كان أو نكرة، مثل قوله في يونس: {وَعدَ اللهِ حقّاً}). [معاني القرآن: 3/53]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)}
({أولئك الّذين يتقبّل عنهم أحسن ما عملوا}). ويجوز ({أولئك الذين نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}).
فالقراءة (يتقبّل) و {نتقبّل} وكذلك يتجاوز ونتجاوز، ويتقبّل جائز، ولا أعلم أحدا قرأ بها.
وقوله: {وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} هذا منصوب لأنه مصدر مؤكد لما قبله، لأن قوله: أولئك الذين نتقئل عنهم أحسن ما عملوا. بمعنى الوعد، لأنه قد وعدهم الله القبول. فوعد الصّدق توكيد لذلك). [معاني القرآن: 4/442-443]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:13 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وقد أوزعه يوزعه إيزاعا إذا أغراه وقد أوزعه إذا ألهمه قال الله جل ثناؤه: {رب أوزعني أن أشكر نعمتك} أي ألهمني ويقال وزعته أزعه وزعا إذا كففته وقال الأصمعي وجاء في الحديث من يزع السلطان أكثر ممن يزع القرآن ويقال لا بد للناس من وزعة أي من كففة ويقال زعته أزوعه إذا عطفته قال ذو الرمة:
(وخافق الرأس مثل السيف قلت له = زع بالزمام وجوز الليل مركوم) ).
[إصلاح المنطق: 256]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وأشد حرف من الأضداد، يقال: بلغ فلان أشده، إذا بلغ ثماني عشرة سنة، وبلغ أشده إذا بلغ أربعين سنة، قال الله عز وجل: {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة}.
قال الفراء: ويقال: الأشد أربعون سنة. قال: وحكى لي بعض المشيخة بإسناد ذكره أن الأشد ثلاث وثلاثون سنة، والاستواء أربعون سنة. قال: وحكى لي أن الأشد ثماني عشرة سنة.
وقول من قال ثلاث وثلاثون سنة، أشبه بالآية؛ لأنه عطف (الأربعين) عليه، والأربعون أقرب إلى ثلاث وثلاثين منها إلى ثماني عشرة سنة، فكان ذلك أولى، ألا ترى أن قولك: قد أخذت عامة المال أو كله، أحسن من قولك: قد أخذت أقل المال أو كله!
قال: وقول من قال: الأشد ثماني عشرة سنة ليس بخطأ.
قال الفراء: وفي قراءة عبد الله: (حتى إذا استوى وبلغ أشده وبلغ أربعين سنة) قال: فهذا موافق لمعنى قراءتنا، ألا ترى أنك تقول في الكلام للرجل: لما ولد لك وأدركت مدرك الرجال عققت وفعلت! فالإدراك قبل أن يولد له، فقدم المؤخر ثم، كما قدم هاهنا.
وقال بعض النحويين: الأشد اسم واحد لا واحد له، وهو بمنزلك الآنك، والآنك: الرصاص والأسرب.
وقال الفراء: واحد الأشد شد وشد، وأشد كقولهم: فلس وأفلس، وبحر وأبحر، قال عنترة:
عهدي به شد النهار كأنما = خضب البنان ورأسه بالعظلم
العظلم: صبغ أحمر، ويقال: هو البقم، وقال الآخر:
تطيف به شد النهار ظعينة = طويلة أنقاء اليدين سحوق
وقال يونس بن حبيب: واحد الأشد شد، فاعلم. وقال: هو كقولهم: فلان ودي، والقوى أودي، واحتج بقول النابغة:

إني كأني لدى النعمان خبره = بعض الأود حديثا غير مكذوب
بأن حصنا وحيا من بني أسد = قاموا فقالوا حمانا غير مقروب
ويروى عن الأخفش أنه قال: واحد الأشد شدة، قال: وهو كقولهم: نعمة وأنعم.
وأخبرنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا ابن إدريس، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله عز وجل: {حتى إذا بلغ أشده}، قال: ثلاثا وثلاثين سنة). [كتاب الأضداد:222- 224]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 10:54 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 10:55 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 صفر 1440هـ/1-11-2018م, 05:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ووصينا الإنسان}، يريد: النوع، أي: هكذا مضت شرائعي وكتبي لأنبيائي، فهي وصية من الله تعالى في عباده، وقرأ جمهور القراء: "حسنا" بضم الحاء وسكون السين، ونصبه على تقدير: وصيناه ليفعل أمرا ذا حسن، فكأن الفعل سلط عليه مفعولا ثانيا، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأبو عبد الرحمن، وعيسى: "حسنا" بفتح الحاء والسين، وهذا كالأول، ويحتمل كونهما مصدرين كالبخل والبخل، ويحتمل أن يكون هذا الثاني اسما لا مصدرا، أي: ألزمناه بهما فعلا حسنا، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: "إحسانا"، ونصب هذا على المصدر الصريح، والمفعول الثاني في المجرور، والباء متعلقة بـ "وصينا" أو بقوله تعالى: "إحسانا".
وبر الوالدين واجب بهذه الآية وغيرها، وعقوقهما كبيرة من الكبائر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل شيء بينه وبين الله تعالى حجاب إلا شهادة أن لا إله إلا الله ودعوة الوالدين".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولن يدعوا إلا إذا ظلمهما الولد، فهذا الحديث في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب".
ثم عدد تعالى على الأبناء منن الأمهات، وذكر الأم في هذه الآية في أربع مراتب، والأب في مرتبة واحدة، وجمعهما الذكر في قوله تعالى: "بوالديه"، ثم ذكر الحمل للأم، ثم الوضع لها ثم الرضاع الذي عبر عنه بالفصال، فهذا يناسب ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جعل للأم ثلاثة أرباع البر، والربع للأب، وذلك إذ قال له رجل: "يا رسول الله، من أبر؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: ثم أمك، قال ثم من؟ قال: ثم أمك، قال ثم من؟ قال: أباك".
وقوله تعالى: "كرها" معناه: في باقي استمرار الحمل حين تتوقع حوادثه، ويحتمل أن يراد: في وقت الحمل، إذ لا نذير لها في حمله ولا تركه، قال مجاهد، والحسن، وقتادة: المعنى: حملته مشقة ووضعته مشقة، وقرأ أكثر القراء: "كرها" بضم الكاف، وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، والأعرج، وشيبة: "كرها" بفتح الكاف، وقرأ بهما معا مجاهد، وأبو رجاء، وعيسى، قال أبو علي: هما بمعنى، الضم: الاسم، والفتح: المصدر. وقالت فرقة: الكره بضم الكاف- المشقة، والكره -بفتح الكاف- هو الغلبة والقهر، وضعفوا -على هذا- قراءة الفتح. قال بعضهم: لو كان "كرها" لرمت به عن نفسها، إذ الكره القهر والغلبة، والقول الذي قدمناه أصوب.
وقرأ جمهور الناس: "وفصاله" وذلك أنها مفاعلة من الاثنين، كأنه فاصل أمه وفاصلته، وقرأ الحسن بن أبي الحسن، وأبو رجاء، وقتادة، والجحدري: "وفصله" كأن الأم هي التي فصلته.
وقوله تعالى: {ثلاثون شهرا} يقتضي أن مدة الحمل والرضاع هذه المدة، لأن في القول حذف مضاف تقديره: ومدة حمله وفصاله، وهذا لا يكون إلا بأن يكون أحد الطرفين ناقصا، وذلك إما أن تلد المرأة لستة أشهر وترضع عامين، وإما أن تلد لتسعة أشهر على العرف وترضع عامين غير ربع العام، فإن زادت مدة الحمل نقصت مدة الرضاع، وبالعكس، فيترتب من هذا أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وأقل ما ترضع الأم الطفل عاما وتسعة أشهر، وإكمال العامين هو لمن أراد أن يتم الرضاع، وهذا في أمر الحمل هو مذهب علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجماعة من الصحابة رضوان الله عليهم، وهو مذهب مالك رحمه الله.
واختلف الناس في "الأشد": فقال الشعبي، وزيد بن أسلم: البلوغ إذا كتبت عليه السيئات وله الحسنات، وقال ابن إسحاق: ثمانية عشر عاما، وقيل: عشرون عاما، وقال ابن عباس، وقتادة: ثلاثة وثلاثون عاما، وقال الجمهور من النظار: ستة وثلاثون عاما، وقال هلال بن يساف وغيره: أربعون عاما، وأقوى الأقوال ستة وثلاثون، ومن قال بالأربعين قال في الآية: إنه تعالى أكد وفسر الأشد بقوله سبحانه: {وبلغ أربعين سنة}، وإنما ذكر تعالى الأربعين لأنها حد للإنسان في صلاحه ونجابته، وفي الحديث: "إن الشيطان يجر يده على وجه من زاد على الأربعين ولم يتب فيقول: بأبي وجه لا يفلح"، وقال أيمن بن خريم الأسدي:
إذا المرء وفى الأربعين ولم يكن ... له دون ما يأتي حياء ولا ستر
فدعه ولا تنفس عليه الذي ارتأى
... وإن جر أسباب الحياة له العمر
وفي مصحف ابن مسعود رضي الله عنه: "حتى إذا استوى أشده وبلغ أربعين سنة".
وقوله: "أوزعني" معناه: ادفعني عن الموانع وازجرني عن القواطع لأجل أن أشكر نعمتك، ويحتمل أن يكون "أوزعني" بمعنى: اجعل حظي ونصيبي، وهذا من التوزيع والقوم الأوزاع، ومن قولك: توزعوا المال، فـ "أن" -على هذا- مفعول صريح. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: نعمتك في التوحيد. وصالحا ترضاه: الصلوات، و"الإصلاح في الذرية" كونهم أهل طاعة وخيرية، وهذه الآية معناها أن هكذا ينبغي للإنسان أن يفعل، وهذه وصية الله تعالى للإنسان في كل الشرائع.
وقال الطبري: وذكر أن هذه الآية من أولها نزلت في شأن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، ثم هي تتناول من بعده، وكان رضي الله عنه قد أسلم أبواه، فإنما يتجه هذا التأويل على أن أبا بكر رضي الله عنه كان يطمع بإيمان أبويه ويرى مخايل ذلك فيهما، فكانت هذه نعمة عليهما، أن ليسا ممن عسى في الكفر ولج وحتم عليه ثم ظهر إيمانهما بعد، والقول بأنها عامة في نوع الإنسان لم يقصد بها أبو بكر ولا غيره أصح، وباقي الآية بين إلى قوله تعالى: "من المسلمين").[المحرر الوجيز: 7/ 617-620]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون * والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين * أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين * ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون}
قوله تعالى: "أولئك" دليل على أن الإشارة بالإنسان في قوله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه} إلى الجنس، وقرأ جمهور القراء: "يتقبل" بالياء مضمومة على بناء الفعل للمفعول، وكذلك "يتجاوز"، وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم فيهما بالنون التي للعظمة، "أحسن" بالنصب، وهي قراءة ابن وثاب، وطلحة، وابن جبير، والأعمش بخلاف، وقرأ الحسن: "يتقبل" بياء مفتوحة، "ويتجاوز" كذلك، أي: الله تعالى. وقوله تعالى: {في أصحاب الجنة} يريد: الذين سبقت لهم رحمة الله تعالى، وقوله: {وعد الصدق} نصب على المصدر المؤكد لما قبله). [المحرر الوجيز: 7/ 620-621]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 22 صفر 1440هـ/1-11-2018م, 05:58 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 22 صفر 1440هـ/1-11-2018م, 06:01 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ووصّينا الإنسان بوالديه إحسانًا حملته أمّه كرهًا ووضعته كرهًا وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا حتّى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنةً قال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحًا ترضاه وأصلح لي في ذرّيّتي إنّي تبت إليك وإنّي من المسلمين (15) أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيّئاتهم في أصحاب الجنّة وعد الصّدق الّذي كانوا يوعدون (16) }
لـمّا ذكر تعالى في الآية الأولى التّوحيد له وإخلاص العبادة والاستقامة إليه، عطف بالوصيّة بالوالدين، كما هو مقرونٌ في غير ما آيةٍ من القرآن، كقوله: {وقضى ربّك ألا تعبدوا إلا إيّاه وبالوالدين إحسانًا} [الإسراء:23] وقال: {أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير} [لقمان: 14]، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة. وقال هاهنا: {ووصّينا الإنسان بوالديه إحسانًا} أي: أمرناه بالإحسان إليهما والحنوّ عليهما.
وقال أبو داود الطّيالسيّ: حدّثنا شعبة، أخبرني سماك بن حربٍ قال: سمعت مصعب بن سعدٍ يحدّث عن سعدٍ قال: قالت أمّ سعدٍ لسعدٍ: أليس قد أمر اللّه بطاعة الوالدين، فلا آكل طعامًا، ولا أشرب شرابًا حتّى تكفر باللّه. فامتنعت من الطّعام والشّراب، حتّى جعلوا يفتحون فاها بالعصا، ونزلت هذه الآية: {ووصّينا الإنسان بوالديه حسنًا} الآية [العنكبوت: 8].
ورواه مسلمٌ وأهل السّنن إلّا ابن ماجه، من حديث شعبة بإسناده، نحوه وأطول منه.
{حملته أمّه كرهًا} أي: قاست بسببه في حال حمله مشقّةً وتعبًا، من وحام وغشيانٍ وثقلٍ وكربٍ، إلى غير ذلك ممّا تنال الحوامل من التّعب والمشقّة، {ووضعته كرهًا} أي: بمشقّةٍ أيضًا من الطّلق وشدّته، {وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا}
وقد استدلّ عليٌّ، رضي اللّه عنه، بهذه الآية مع الّتي في لقمان: {وفصاله في عامين} [لقمان: 14]، وقوله: {والوالدات يرضعن أولادهنّ حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرّضاعة} [البقرة: 233]، على أنّ أقلّ مدّة الحمل ستّة أشهرٍ، وهو استنباطٌ قويٌّ صحيحٌ. ووافقه عليه عثمان وجماعةٌ من الصّحابة، رضي اللّه عنهم.
قال محمّد بن إسحاق بن يسارٍ، عن يزيد بن عبد اللّه بن قسيط، عن بعجة بن عبد اللّه الجهنيّ قال: تزوّج رجلٌ منّا امرأةً من جهينة، فولدت له لتمام ستّة أشهرٍ، فانطلق زوجها إلى عثمان فذكر ذلك له، فبعث إليها، فلمّا قامت لتلبس ثيابها بكت أختها، فقالت: ما يبكيك؟! فواللّه ما التبس بي أحدٌ من خلق اللّه غيره قطّ، فيقضي اللّه فيّ ما شاء. فلمّا أتي بها عثمان أمر برجمها، فبلغ ذلك عليًّا فأتاه، فقال له: ما تصنع؟ قال: ولدت تمامًا لستّة أشهرٍ، وهل يكون ذلك؟ فقال له [عليٌّ] أما تقرأ القرآن؟ قال: بلى. قال: أما سمعت اللّه يقول: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا} وقال: {[يرضعن أولادهنّ] حولين كاملين}، فلم نجده بقّى إلّا ستّة أشهرٍ، قال: فقال عثمان: واللّه ما فطنت لهذا، عليّ بالمرأة فوجدوها قد فرغ منها، قال: فقال بعجة: فواللّه ما الغراب بالغراب، ولا البيضة بالبيضة بأشبه منه بأبيه. فلمّا رآه أبوه قال: ابني إنّي واللّه لا أشكّ فيه، قال: وأبلاه اللّه بهذه القرحة قرحة الأكلة، فما زالت تأكله حتّى مات.
رواه ابن أبي حاتمٍ، وقد أوردناه من وجهٍ آخر عند قوله: {فأنا أوّل العابدين} [الزّخرف: 81].
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا فروة بن أبي المغراء، حدّثنا عليّ بن مسهر، عن داود بن أبي هندٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: إذا وضعت المرأة لتسعة أشهرٍ كفاه من الرّضاع أحدٌ وعشرون شهرًا، وإذا وضعته لسبعة أشهرٍ كفاه من الرّضاع ثلاثةٌ وعشرون شهرًا، وإذا وضعته لستّة أشهرٍ فحولين كاملين؛ لأنّ اللّه تعالى يقول: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا}
{حتّى إذا بلغ أشدّه} أي: قوي وشبّ وارتجل {وبلغ أربعين سنةً} أي: تناهى عقله وكمل فهمه وحلمه. ويقال: إنّه لا يتغيّر غالبًا عمّا يكون عليه ابن الأربعين.
قال أبو بكر بن عيّاشٍ، عن الأعمش، عن القاسم بن عبد الرّحمن قال: قلت لمسروقٍ: متى يؤخذ الرّجل بذنوبه؟ قال: إذا بلغت الأربعين، فخذ حذرك.
وقال الحافظ أبو يعلى الموصليّ: حدّثنا عبيد اللّه القواريريّ، حدّثنا عزرة بن قيسٍ الأزديّ -وكان قد بلغ مائة سنةٍ-حدّثنا أبو الحسن السّلوليّ عنه وزادني قال: قال محمّد بن عمرو بن عثمان، عن عثمان، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "العبد المسلم إذا بلغ أربعين سنةً خفّف اللّه حسابه، وإذا بلغ ستّين سنةً رزقه اللّه الإنابة إليه، وإذا بلغ سبعين سنةً أحبّه أهل السّماء، وإذا بلغ ثمانين سنةً ثبّت اللّه حسناته ومحا سيّئاته، وإذا بلغ تسعين سنةً غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وشفّعه اللّه في أهل بيته، وكتب في السّماء: أسير اللّه في أرضه".
وقد روي هذا من غير هذا الوجه، وهو في مسند الإمام أحمد .
وقد قال الحجّاج بن عبد اللّه الحكميّ أحد أمراء بني أميّة بدمشق: تركت المعاصي والذّنوب أربعين سنةً حياءً من النّاس، ثمّ تركتها حياءً من اللّه، عزّ وجلّ.
وما أحسن قول الشّاعر:
صبا ما صبا حتى علا الشّيب رأسه = فلمّا علاه قال للباطل: ابطل
{قال ربّ أوزعني} أي: ألهمني {أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحًا ترضاه} أي: في المستقبل، {وأصلح لي في ذرّيّتي} أي: نسلي وعقبي، {إنّي تبت إليك وإنّي من المسلمين} وهذا فيه إرشادٌ لمن بلغ الأربعين أن يجدّد التّوبة والإنابة إلى اللّه، عزّ وجلّ، ويعزم عليها.
وقد روى أبو داود في سننه، عن ابن مسعودٍ، رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم كان يعلّمهم أن يقولوا في التّشهّد: "اللّهمّ، ألّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السّلام، ونجّنا من الظّلمات إلى النّور، وجنّبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا، وأزواجنا، وذرّيّاتنا، وتب علينا إنّك أنت التّوّاب الرّحيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها قابليها، وأتممها علينا").[تفسير ابن كثير: 7/ 279-281]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيّئاتهم} أي: هؤلاء المتّصفون بما ذكرنا، التّائبون إلى اللّه المنيبون إليه، المستدركون ما فات بالتّوبة والاستغفار، هم الّذين يتقبّل عنهم أحسن ما عملوا، ويتجاوز عن سيّئاتهم، فيغفر لهم الكثير من الزّلل، ويتقبّل منهم اليسير من العمل، {في أصحاب الجنّة} أي: هم في جملة أصحاب الجنّة، وهذا حكمهم عند الله كما وعد اللّه من تاب إليه وأناب؛ ولهذا قال: {وعد الصّدق الّذي كانوا يوعدون}
قال ابن جريرٍ: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن الحكم بن أبان، عن الغطريف، عن جابر بن زيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، عن الرّوح الأمين، عليه السّلام، قال: "يؤتى بحسنات العبد وسيّئاته، فيقتصّ بعضها ببعضٍ، فإن بقيت حسنةٌ وسّع اللّه له في الجنّة" قال: فدخلت على يزداد فحدّث بمثل هذا الحديث قال: قلت: فإن ذهبت الحسنة؟ قال: {أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيّئاتهم في أصحاب الجنّة وعد الصّدق الّذي كانوا يوعدون}.
وهكذا رواه ابن أبي حاتمٍ، عن أبيه، عن محمّد بن عبد الأعلى الصّنعانيّ، عن المعتمر بن سليمان، بإسناده مثله -وزاد عن الرّوح الأمين. قال: قال الرّبّ، جلّ جلاله: يؤتى بحسنات العبد وسيّئاته = فذكره، وهو حديثٌ غريبٌ، وإسنادٌ جيّدٌ لا بأس به.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا سليمان بن معبد، حدّثنا عمرو بن عاصمٍ الكلّائيّ، حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بشرٍ جعفر بن أبي وحشية، عن يوسف بن سعدٍ، عن محمّد بن حاطبٍ قال: ونزل في داري حيث ظهر عليٌّ على أهل البصرة، فقال لي يومًا: لقد شهدت أمير المؤمنين عليًّا، وعنده عمارا وصعصعة والأشتر ومحمّد بن أبي بكرٍ، فذكروا عثمان فنالوا منه، وكان عليٌّ، رضي اللّه عنه، على السّرير، ومعه عودٌ في يده، فقال قائلٌ منهم: إنّ عندكم من يفصل بينكم فسألوه، فقال عليٌّ: كان عثمان من الّذين قال اللّه: {أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيّئاتهم في أصحاب الجنّة وعد الصّدق الّذي كانوا يوعدون} قال: واللّه عثمان وأصحاب عثمان -قالها ثلاثًا- قال يوسف: فقلت لمحمّد بن حاطبٍ: آللّه لسمعت هذا من عليٍّ؟ قال: آللّه لسمعت هذا من علي، رضي الله عنه). [تفسير ابن كثير: 7/ 281-282]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة