العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الآخرة 1434هـ/22-04-2013م, 10:01 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة عبس [ من الآية (11) إلى الآية (23) ]

{كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16) قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)}

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الناسخ والمنسوخ الآية رقم (12،11)
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:07 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {كَلاَّ} مَا الأمرُ كما تَفْعَلُ يا مُحَمَّدُ، مِنْ أنْ تَعْبَسَ في وَجْهِ مَنْ جاءَكَ يَسْعَى وهوَ يَخْشَى، وتَتَصَدَّى لِمَن اسْتَغْنَى. {إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ}، يقولُ: إنَّ هذهِ العِظَةَ وهذهِ السورةَ {تَذْكِرَةٌ}، يَقُولُ: عِظَةٌ وعِبْرَةٌ). [جامع البيان: 24/ 107]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (والهاءُ في قَوْلِهِ: {إِنَّهَا} للسورةِ، وفي قَوْلِهِ: {ذَكَرَهُ} للتنزيلِ والوَحْيِ). [جامع البيان: 24/ 108] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {فَمَنْ شَاء ذَكَرَهُ}؛ يقولُ: فمَنْ شاءَ مِنْ عبادِ اللَّهِ ذَكَرَهُ، يقولُ: ذَكَرَ تَنْزِيلَ اللَّهِ وَوَحْيَهُ. والهاءُ في قَوْلِهِ: {إِنَّهَا} للسورةِ، وفي قَوْلِهِ: {ذَكَرَهُ} للتنزيلِ والوَحْيِ). [جامع البيان: 24/ 108]

تفسير قوله تعالى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13)}
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، حدّثنا خالدٌ يعني ابن الحارث، حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشامٍ، عن عائشة، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «الماهر بالقرآن مع السّفرة الكرام البررة، والّذي يتعتع فيه وهو عليه شاقٌّ فله أجران اثنان»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 324]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {فِي صُحُفٍ} يقولُ: إِنَّها تَذْكِرَةٌ {في صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ}، يعني: في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، وهوَ المرفوعُ المُطَهَّرُ عندَ اللَّهِ). [جامع البيان: 24/ 108]

تفسير قوله تعالى: {مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14)}
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال غيره: {مطهّرةٍ} [البقرة: 25] : " لا يمسّها إلّا المطهّرون، وهم الملائكة، وهذا مثل قوله: {فالمدبّرات أمرًا} [النازعات: 5] : جعل الملائكة والصّحف مطهّرةً، لأنّ الصّحف يقع عليها التّطهير، فجعل التّطهير لمن حملها أيضًا). [صحيح البخاري: 6/ 166]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قَولُهُ: {مُطَهَّرَةٍ}؛ لا يَمَسُّها إلا المُطَهَّرُونَ وهُمُ المَلائِكَةُ في رِوَايَة غيرِ أَبِي ذَرٍّ.
وقَالَ غَيرُهُ: مُطَهَّرَةٌ إلخ. وكذا للنَّسَفِيِّ وكان قَالَ قَبْلَ ذلك: وقَالَ مُجَاهِدٌ فذكرَ الأثرَ الآتِيَ، ثُم قَالَ: وقَالَ غَيرُهُ.
قولُهُ: وهذا مِثلُ قَولِهِ: {فَالمُدَبِّرَاتِ أَمرًا} هو قَولُ الفَرَّاءِ قَالَ في قَولِهِ تَعَالَى:{في صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ}: لا يَمَسُّهُ إلا المُطًهَّرونَ وهمُ المَلائِكَةُ وهذا مِثلُ قَولِهِ تَعَالَى:{فالمُدَبِّراتِ أَمرًا}.
قَولُهُ: جَعَلَ الملائِكَةَ والصُّحُفَ مُطَهَّرَةً؛ لأنَّ الصُّحُفَ يقَعُ عليها التَّطهِيرُ فجَعَلَ التَّطهِيرَ لمن حَمَلَهَا أيضًا) هو قَولُ الفَرَّاءِ أيضًا). [فتح الباري: 8 / 692]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {مُطَهَّرَةٍ}: لاَ يَمَسُّهَا إِلاَّ المُطَهَّرُونَ، وَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: {فَالْمُدَبِّراتِ أمْرًا} جَعَلَ المَلائِكَةَ وَالصُّحُفَ مُطَهَّرَةً؛ لأَنَّ الصُّحُفَ يَقَعُ عَلَيْهَا التَّطْهِيرُ فَجَعَلَ التَّطْهِيرَ لِمَنْ حَمَلَهَا أيْضًا.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمٍة (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} وَفَسَّرَ الْمُطَهَّرَةَ بِقَوْلِهِ: لاَ يَمَسُّهَا إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ، وَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ يَعْنِي: لَمَّا كَانَتِ الصُّحُفُ تَتَّصِفُ بِالتَّطِهيرِ وَصَفَ أَيْضًا حَامِلَهَا أَيِ الْمَلاَئِكَةَ فَقِيلَ: لاَيَمَسُّهَا إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ، وَهَذَا كَمَا فِي {الْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} فَإِنَّ التَّدْبِيرَ لِمَحْمُولِ خُيُولِ الْغُزَاةِ، فَوَصَفَ الْحَامِلَ يَعْنِي الْخُيُولَ بِهِ فَقِيلَ: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لا يَقَعُ بِزِيَادَةِ لا، وَفِي تَوْجِيهِهِ تَكَلُّفٌ قُلْتُ: وَجْهُهُ أَنَّ الصُّحُفَ لا يُطْلَقُ عَلَيْهَا التَّطْهِيرُ الَّذِي هُوَ خِلاَفُ التَّنْجِيسِ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهَا مُطَهَّرةٌ عَنْ أَنْ يَنَالَهَا أَيْدِي الْكُفَّارِ، وَقِيلَ: مُطَهَّرَةٌ عَمَّا لَيْسَ بِكَلاَمِ اللهِ فَهُوَ الْوَحْيُ الْخَالِصُ وَالْحَقُّ الْمَحْضُ، وَقَولُهُ: مُطَهَّرَةٍ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: مُطَهَّرَةٌ وَهَذَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ أَحَدٍ قَبْلَهُ حَتَّى يَصِحَّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِ عَبَسَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: عَبَسَ: كَلَحَ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ أَيْ: غَيْرُ مُجَاهِدٍ). [عمدة القاري: 19/ 278-279]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وَقَالَ غَيْرُهُ) سَقَطَ هذا لأَبِي ذَرٍّ وهو الصَّوَابُ كما لا يَخْفَى {مُطَهَّرَةٍ} من قَوْلِهِ: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} لا يَمَسُّهَا إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ وهم الملائكَةُ وهذا مثْلُ قَوْلِهِ) عَزَّ وَجَلَّ: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا}؛ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: لأنَّ التَّدْبِيرَ لمحمولِ خُيُولِ الْغُزَاةِ فَوَصَفَ الْحَامِلَ يَعْنِي الخيولَ به فَقِيلَ: {فَالْمُدَبِّرَاتِ} جَعَلَ الملائكَةَ والصُّحُفَ مُطَهَّرَةً بفتْحِ الهاءِ الْمُشَدَّدَةِ؛ لأن الصُّحُفَ يَقَعُ عَلَيْهَا التَّطْهِيرُ فَجُعِلَ التَّطْهِيرُ لمن حَمَلَهَا أَيْضًا بضَمِّ جِيمِ جُعِلَ مَبْنِيًّا للمفعولِ، وهذا قَالَهُ الْفَرَّاءُ، وَقِيلَ: {مُطَهَّرَةٍ} مُنَزَّهَةٍ عن أَيْدِي الشَّيَاطِينِ). [إرشاد الساري: 7 / 411]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {فِي صُحُفٍ}؛ يقولُ: إِنَّها تَذْكِرَةٌ {في صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ}، يعني: في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، وهوَ المرفوعُ المُطَهَّرُ عندَ اللَّهِ). [جامع البيان: 24/ 108] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ}؛ قَالَ: هي عندَ اللَّهِ, {بأَيْدِي سَفَرَةٍ}. قَالَ: هم القُرَّاءُ). [الدر المنثور: 15 / 244]

تفسير قوله تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {بأيدي سفرة}؛ قال: بأيدي كتبة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 348]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({سفرةٍ} : الملائكة واحدهم سافرٌ، سفرت: أصلحت بينهم، وجعلت الملائكة - إذا نزلت بوحي اللّه وتأديته - كالسّفير الّذي يصلح بين القوم "). [صحيح البخاري: 6 / 166]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {سَفَرَةٍ} :المَلائِكَةُ وَاحِدُهُم سَافِرٌ سَفَرتُ أَصلَحتُ بينَهُم، وجُعِلتِ المَلائِكَةُ إذا نَزَلَتْ بِوَحْيِ اللهِ وتَأدِيَتِه كالسَّفِيرِ الذي يُصلِحُ بينَ القومِ) هُو قَولُ الفَرَّاءِ بلَفْظِهِ، وَزَادَ: قَالَ الشَّاعِرُ:
ومَا أَدَعُ السِّفَارَةَ بينَ قَومِي ....... ومَا أَمشِي بِغِشٍ إِنْ مَشَيْتُ.
وقد تمسَّكَ به من قَالَ: إن جَميعَ المَلائِكَةِ رُسُلُ اللهِ، وللعُلَمَاءِ في ذلك قَولانِ: الصَّحيحُ أن فِيهِمُ الرُّسُلَ وغَيرَ الرُّسُلِ، وقد ثَبَتَ أنَّ مِنهُمُ السَّاجِدَ فلا يَقُومُ، والرَّاكِعَ فلا يَعتَدِلُ... الحَدِيثَ.
واحتَجَّ الأوَّلُ بقَولِه تَعَالَى: {جَاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلاً} وأُجيبَ بِقَولِ اللهِ تَعَالَى: {اللهُ يَصطَفِي منَ المَلائِكَةِ رُسُلاً ومنَ النَّاسِ} ). [فتح الباري: 8 / 692]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {سفَرَةٌ}: المَلائِكَةُ، وَاحِدُهُمْ سَافِرٌ؛ سَفَرْتُ: أصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ، وَجُعِلَتِ المَلائِكَةُ إذَا نَزَلَتْ بِوَحْيِ اللهِ وَتَأْدِيَتِهِ كَالسَّفِيرِ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ القَوْمِ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ}؛ أَيْ: بِأَيْدِي الْمَلاَئِكَةِ. قَوْلُهُ: وَاحِدُهُمْ أَيْ: وَاحِدُ السَّفَرَةِ سَافِرٌ، وَعَنْ قَتَادَةَ: وَاحِدُهُمْ سَفِيرٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بِوَاوِ الْجَمَاعَةِ بِاعْتِبَارِ الْمَلاَئِكَةِ.

قَوْلُهُ: سَفَرْتُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ مَعْنَى سَافِرٍ مِنْ سَفَرْتُ بِمَعْنَى أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ، وَمِنْهُ السَّفِيرُ، وَهُوَ الرَّسُولُ، وَسَفِيرُ الْقَوْمِ هُوَ الَّذِي يَسْعَى بَيْنَهُمْ بِالصُّلْحِ، وَسَفَرْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ إِذَا أَصْلَحْتَ بَيْنَهَمْ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٍ: سَفَرَةٌ: كَتَبَةٌ، وَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ الْكِرَامُ الْكَاتِبُونَ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْكِتَابِ: سِفْرٌ، وَجَمْعُهُ أَسْفَارٌ، ويُقَالُ لِلْوَرَّاقِ: سِفْرٌ بِلُغَةِ الْعِبْرَانِيَةِ. قَوْلُهُ: وَتَأْدِيَتُهُ مِنَ الأَدَاءِ أَيْ: وَتَبْلِيغُهُ، وَيُرْوَى وَتَأْدِيبُهُ مِنَ الأَدَبِ لاَ مِنَ الأَدَاءِ، قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ. وَفِيهِ مَا فِيهِ). [عمدة القاري: 19 / 279]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {سَفَرٍة}؛ بالخفْضِ، ولأَبِي ذَرٍّ بالرَّفْعِ، والأوَّلُ مُوَافِقٌ للتَّنْزِيلِ، (الْمَلاَئِكَةُ وَاحِدُهُمْ سَافِرٌ سَفَرْتُ) أي بَيْنَ الْقَوْمِ: (أَصْلَحْتُ بينهم، وَجُعِلَتِ الملائكَةُ إذا نَزَلَتْ بِوَحْيِ اللَّهِ وَتَأْدِيَتِهِ) إلى أَنْبِيَائِهِ (كَالسَّفِيرِ الَّذِي يُصْلِحُ بين الْقَوْمِ) ومنه قَوْلُهُ:
فَمَا أَدَعُ السِّفَارَةَ بَيْنَ قَوْمِي ....... وَلاَ أَمْشِي بِغِشٍّ إِنْ مَشَيْتُ
وَقِيلَ: السَّفَرَةُ جمعُ سافرٍ وهو الْكَاتِبُ، ومثلُهُ: كاتِبٌ وكَتَبَةٌ، ولأَبِي ذَرٍّ: وَتَأْدِيبُهُ بالمُوَحَّدَةِ بعد التَّحْتِيَّةِ مِنَ الأدَبِ. فَلْيُتَأَمَّلْ). [إرشاد الساري: 7 / 411-412]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: {سفرة} أي: بين القوم، ومعناه أصلحت بينهم كما قاله). [حاشية السندي على البخاري: 3 / 78]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({بأيدي سفرةٍ} وقال ابن عبّاسٍ: " كتبةٍ أسفارًا، كتبًا). [صحيح البخاري: 6 / 166]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {بأَيدِي سَفَرَةٍ}؛ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: كَتَبَةٍ، أَسفَارًا: كُتُبًا). وصَلَهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ من طَرِيقِ عليِّ بنِ أَبِي طَلْحَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ في قَولِهِ: {بِأَيدِي سَفَرَةٍ} قَالَ: كَتَبَةٍ، وَاحِدُهَا سَافِرٌ وهِي كَقَولِهِ: {كمَثَلِ الحِمَارِ يَحمِلُ أَسفَارًا} قَالَ: كُتُبًا. وقد ذَكَرَ عَبدُ الرَّزَّاقِ من طَرِيقِ مَعْمَرٍ عن قَتَادَةَ في قَولِهِ: {بِأَيدِي سَفَرَةٍ} قَالَ: كَتَبَةٍ.
وقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ في قَولِهِ: {بِأَيدِي سَفَرَةٍ} أي: كَتَبَةٍ واحِدُهَا سَافِرٌ). [فتح الباري: 8 / 693]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول ابن عبّاس: فقال ابن أبي حاتم، ثنا أبي ثنا أبو صالح، ثنا معاوية، عن علّي، عن ابن عبّاس، في قوله: {ترهقها قترة}[عبس: 40] قال: تغشاها شدّة
وبه في قوله: {مسفرة}[عبس: 38] يقول: مشرقة
وبه في قوله: {بأيدي سفرة} يقول: كتبة
وبه في قوله: {يحمل أسفارا}
[الجمعة: 5] قال: كتبا
وقال ...............). [تغليق التعليق: 4 / 360-361]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {بأيْدِي سَفَرَةٍ}؛ وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: كَتَبَةٍ، أسْفَارًا: كُتُبًا).
قَدْ مَرَّ الْكَلاَمُ فِيهِ عَنْ قَرِيبٍ، وهو مِنْ وَجْهٍ مُكَرَّرٍ). [عمدة القاري: 19/ 279]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ({بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وفي نُسْخَةٍ بإِسْقَاطِ الْوَاوِ وهو الأَوْجَهُ في مَعْنَى {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ}: (كَتَبَةٍ) أي: من الملائكَةِ يَنْسَخُونَ من اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أو الْوَحْيِ (أَسْفَارًا) أي (كُتُبًا) ذَكَرَهُ اسْتِطْرَادًا). [إرشاد الساري: 7 / 412]
- قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (يقال: واحد الأسفار سفرٌ ). [صحيح البخاري: 6 / 166]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: يُقَالُ: واحِدُ الأسفَارِ سِفرٌ سَقَطَ هَذَا لأبِي ذَرٍّ وهُو قَوْلُ الفَرَّاءِ، قَالَ في قَولِهِ تَعَالَى: {كمثلِ الحِمَارِ يحمِلُ أسفَارًا}: الأسفَارُ واحِدُها سِفرٌ وهِي الكُتُبُ العِظَامُ). [فتح الباري: 8 / 693]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (يُقَالُ: وَاحِدُ الأسْفَارِ سِفْرٌ.
سَقَطَ هَذَا لأَبِي ذَرٍّ، وَالأَسْفَارُ جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} ذَكَرَهُ اسْتِطْرَادًا، وَهُوَ جَمْعُ سِفْرٍ بِكَسْرِ السِّينِ، وَهُوَ الْكِتَابُ وَقَدْ مَرَّ عَنْ قَرِيبٍ). [عمدة القاري: 19 / 279-280]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( يُقَالُ: واحدُ الأسفارِ سِفْرٌ وهي الْكُتُبُ الْعِظَامُ. وَسَقَطَ: يُقَالُ لأَبِي ذَرٍّ). [إرشاد الساري: 7 / 412]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا آدم، حدّثنا شعبة، حدّثنا قتادة، قال: سمعت زرارة بن أوفى، يحدّث عن سعد بن هشامٍ، عن عائشة، عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: «مثل الّذي يقرأ القرآن، وهو حافظٌ له مع السّفرة الكرام البررة، ومثل الّذي يقرأ، وهو يتعاهده، وهو عليه شديدٌ فله أجران»). [صحيح البخاري: 6 / 166]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قَولُهُ: عَن سَعْدِ بنِ هِشَامٍ أي: ابنِ عَامِرٍ الأنصَارِيِّ، لأبِيهِ صُحبَةٌ، ولَيس لَه في البُخَارِيِّ سِوَى هَذَا المَوضِعِ، وآخَرَ مُعَلَّقٌ في المَنَاقِبِ.
قولُهُ: (مَثَلُ) بفَتْحَتَينِ أي: صِفَتُهُ وهو كقَولِه تَعَالَى: {مَثَلُ الجَنَّةِ}.
قولُهُ: (وهو حَافِظٌ لَه مع السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ) قَالَ ابنُ التِّينِ: معنَاهُ كأنَّه معَ السَّفَرَةِ فِيمَا يَستَحِقُّهُ منَ الثَّوابِ. قُلتُ: أَرَادَ بِذَلِكَ تَصحِيحَ التَّركِيبِ، وإلا فظَاهِرُهُ أنَّه لا رَبْطَ بَينَ المُبتَدَأِ الذي هو: مَثَلُ، والخَبَرِ الذي هُو: مَعَ السَّفَرَةِ، فكأنُهَ قَالَ: المَثَلُ بمعنى الشَّبِيهِ، فيَصِيرُ كأنَّه قَالَ: شَبِيهُ الذي يَحفَظُ كَائِنٌ مَعَ السَّفَرةِ فكَيفَ بِه.

وقَالَ الخَطَّابِيُّ: كأنَّه قَالَ: صِفَتُهُ وهُو حَافِظٌ لَه كأنه مَعَ السَّفَرَةِ، وصِفَتُهُ وهُو عَلَيه شَدِيدٌ أن يَستَحِقَّ أَجرَينِ.
قولُهُ: (ومثلُ الذي يقْرَأُ القُرآنَ وهُو يتَعَاهَدَهُ وهُو عَلَيه شَدِيدٌ فلَه أَجرَانِ) قَالَ ابنُ التِّينِ: اختُلِفَ هل لَه ضِعْفُ أَجرِ الذي يَقرَأُ القُرآنَ حَافِظًا أو يُضَاعَفُ لَه أَجرُهُ، وأجرُ الأوَّلِ أعظمُ؟ قَالَ: وهذا أظْهَرُ، ولمن رَجَّحَ الأوَّلَ أن يَقُولَ: الأجرُ علَى قَدرِ المَشَقَّةِ). [فتح الباري: 8 / 693]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أوْفَى يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدِ بنِ هِشامٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَ:
«مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَؤهُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أجْرَانِ»
مُطَابَقَتُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} وَسَعْيدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ الأَنْصَارِيُّ، وَلأَبِيهِ صُحْبَةٌ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلاَّ هَذَا الْمَوْضِعُ، وَآخَرُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَنَاقِبِ.
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِيهِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلاَنَ، وأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِيهِ عَنْ قُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، وَفِي التَّفْسِيِر عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ، وأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي ثَوَابِ الْقُرْآنِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ.

قَوْلُهُ:
«مَثَلُ الَّذِي» بَفَتْحَتَيْنِ أَيْ: صِفَتُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} قَوْلُهُ: «وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ» أَيْ: لِلْقُرْآنِ وَالْوَاوُ فِيهِ لِلْحَالِ قَوْلُهُ: «مَعَ السَّفَرَةِ» ويُرْوَى: مِثْلُ السَّفَرَةِ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: كَأَنَّهُ مَعَ السَّفَرَةِ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الثَّوَابِ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: لَفْظُ مَثَلُ زَائِدٌ، وَإِلاَّ فَلاَ رَابِطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّفَرَةِ؛ لأَنَّهُمَا مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ أَيْ كَائِنٌ مَعَهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ: مَثَلُ بِمَعْنَى مَثِيلٍ بِمَعْنَى شَبِيهٍ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: شَبِيهُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ، قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ) أَيْ: يَضْبِطُهُ وَيَتَفَقَّدُهُ قَوْلُهُ: «وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ» أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ التَّعَاهُدَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ قَوْلُهُ: «فَلَهُ أَجْرَانِ» مِنْ حَيْثُ التِّلاَوَةُ، ومِنْ حَيْثُ الْمَشَقَّةُ، قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ، فَإِنْ قُلْتَ: مَا مَعْنَى كَوْنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ؟ قُلْتُ: لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَنَازِلُ فَيَكُونُ فِيهَا رَفِيقًا لِلْمَلاَئِكَةِ؛ لاتِّصَافِهِ بِصِفَاتِهِمْ مِنْ حَمْلِ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى، وَالآخَرُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ عَامِلٌ بِعَمَلِ السَّفَرَةِ وَسَالِكٌ مَسْلَكَهُمْ). [عمدة القاري: 19 / 280]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وبه قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى -بفَتْحِ الْفَاءِ والْهَمْزَةِ- يُحَدِّثُ عن سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ الأَنْصَارِيِّ عن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عنها-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ
» بِفَتْحِ الْمِيمِ والمُثَلَّثَةِ صِفَتُهُ، «وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ» لا يَتَوَقَّفُ فيه ولا يَشُقُّ عليه لجوْدَةِ حِفْظِهِ وإِتْقَانِهِ كَوْنُهُ «مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ» جمعُ سَافِرٍ ككَاتِبٍ وكَتَبَةٍ، وهُمُ الرُّسُلُ؛ لأَنَّهُمْ يَسْفِرُونَ إلى النَّاسِ برسالاتِ اللَّهِ. ولأَبِي ذَرٍّ زِيَادَةُ الْبَرَرَةِ أي: المطِيعِينَ، أو المرادُ أن يَكُونَ رَفِيقًا للملائكةِ السَّفَرَةِ؛ لاتِّصَافِ بَعْضِهِمْ بِحَمْلِ كِتَابِ اللَّهِ، أو المرَادُ أَنَّهُ عَامِلٌ بِعَمَلِهِمْ وَسَالِكٌ مَسَالِكَهُمْ من كَوْنِ أَنَّهُمْ يَحْفَظُونَهُ وَيُؤَدُّونَهُ إلى المؤْمِنِينَ، وَيَكْشِفُونَ لهم ما يَلْتَبِسُ عَلَيْهِمْ. «وَمَثَلُ الَّذِي»أي وَصِفَةُ الَّذِي «يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُه وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ» لضَعْفِ حِفْظِهِ مِثْلَ مَنْ يُحَاوِلُ عِبَادَةً شَاقَّةً يَقُومَ بِأَعْبَائِهَا مَعَ شِدَّتِهَا وَصُعُوبَتِهَا عَلَيْهِ «فَلَهُ أَجْرَانِ» أَجْرُ الْقِرَاءَةِ وَأَجْرُ التَّعَبِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ أَجْرَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَجْرِ الْمَاهِرِ، بَلِ الأَوَّلُ أَكْثَرُ، ولِذَا كَانَ مع السَّفَرَةِ، ولمن رَجَّحَ ذلك أنْ يَقُولَ: الأجْرُ على قَدْرِ المَشََقَّةِ لكن لا نُسَلِّمُ أنَّ الحافظَ الماهِرَ خَالٍ عن مَشَقَّةٍ؛ لأنَّهُ لا يَصِيرُ كذلك إِلاَّ بعد عَناءٍ كثيرٍ وَمَشَقَّةٍ شديدةٍ غالبًا، والْوَاوُ في قَوْلِهِ: «وَهُوَ حَافِظٌ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ» ولاحِقِهِ؛ الثَّلاَثَةُ لِلْحَالِ، وَجَوابُ المُبتدَأِ الَّذِي هو مَثَلُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: كَوْنُهُ في الأوَّلِ، وَمَثَلُ مَنْ يُحَاوِلُ في الثَّانِي، كما مَرَّ). [إرشاد الساري: 7 / 412]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله:
«وهو حافظ له» أي: ماهر فيه لا يشق عليه. قوله: (فله أجران) أي: أجر القراءة وأجر التعب، وليس المراد أن أجره أكثر من أجر الماهر بل الماهر أكثر، ولذا كان مع السفرة). [حاشية السندي على البخاري: 3 / 78]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ}، يقولُ: الصحُفُ المُكَرَّمَةُ بأيدِي سَفَرَةٍ، وهُوَ جَمْعُ سَافِرٍ.
واخْتَلَفَ أهلُ التأويلِ فيهم ما هُم؛ فقالَ بعضُهم: همْ كَتَبَةٌ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي عَلِيٌّ قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عنْ عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ}، يقولُ: كَتَبَةٍ.
- حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ}، قالَ: الكَتَبَةُ.
وقالَ آخَرُونَ: هم القُرَّاءُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: قولُهُ: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ}، قالَ: هم القُرَّاءُ.
وقالَ آخَرُونَ: هم الملائِكَةُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
- حَدَثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ قالَ: ثَنِي أَبِي قالَ: ثَنِي عَمِّي قالَ: ثَنِي أَبِي، عنْ أبيهِ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15)كِرَامٍ بَرَرَةٍ}، يعنِي: الملائِكَةَ.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ}، قالَ: السَّفَرَةُ الذينَ يُحْصُونَ الأَعْمَالَ.
وَأَوْلَى الأقوالِ في ذلكَ بالصَّوَابِ قوْلُ مَن قالَ: هم الملائكةُ الذينَ يَسْفِرُونَ بينَ اللَّهِ ورُسُلِهِ بالوَحْيِ. وسَفِيرُ القَوْمِ: الذي يَسْعَى بينَهم بالصُّلْحِ، يُقالُ: سَفَرْتُ بينَ القوْمِ، إذا أَصْلَحْتَ بينَهم، ومِنهُ قوْلُ الشاعِرِ:
وَمَا أَدَعُ السِّفَارَةَ بَيْنَ قَوْمِي ....... وَمَا أَمْشِي بِغِشٍّ إِنْ مَشَيْتُ
وإذا وُجِّهَ التأويلُ إلى ما قُلْنَا، احْتَمَلَ الوجهَ الذي قالَهُ القائِلُونَ: هم الكَتَبَةُ، والذي قالَهُ القائِلونَ: هم القُرَّاءُ؛ لأنَّ الملائكةَ هيَ التي تَقْرَأُ الكُتُبَ، وتَسْفِرُ بينَ اللَّهِ وبينَ رُسُلِهِ). [جامع البيان: 24/ 108-109]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ}؛ قَالَ: هي عندَ اللَّهِ، {بأَيْدِي سَفَرَةٍ}. قَالَ: هم القُرَّاءُ). [الدر المنثور: 15 / 244] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ قَتَادَةَ: {بأَيْدِي سَفَرَةٍ}؛ قَالَ: كَتَبَةٍ). [الدر المنثور: 15 / 244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عن وَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ: {بأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ}؛ قَالَ: هم أصحابُ محمدٍ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ). [الدر المنثور: 15/ 244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: السَّفَرةُ: الكَتَبَةُ الملائكةُ). [الدر المنثور: 15 / 244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ من طريقِ عَلِيٍّ, عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {بأَيْدِي سَفَرَةٍ}؛ قَالَ: كَتَبَةٍ.
- وأخْرَجَ الخَطِيبُ في تاريخِه عن عطاءِ بنِ أبي رَبَاحٍ مثلَه). [الدر المنثور: 15 / 245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ وَابنُ أبي حَاتِمٍ, عن ابنِ عَبَّاسٍ: {سَفَرَةٍ}؛ قَالَ: بالنَّبَطَيَّةِ: القُرَّاءُ). [الدر المنثور: 15 / 245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ أحمدُ والبُخارِيُّ ومُسلمٌ وأَبُو دَاوُدَ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسَائِيُّ وابنُ مَاجَهْ, عن عائشةَ قَالَتْ: قَالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ:
«الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ, والَّذِي يَقْرَؤُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ»). [الدر المنثور: 15/ 245]

تفسير قوله تعالى: {كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {كِرَامٍ بَرَرَةٍ}، والبَرَرَةُ: جَمْعُ بَارٍّ، كما الكَفَرَةُ جَمْعُ كَافِرٍ، والسَّحَرَةُ جمعُ سَاحِرٍ، غيرَ أنَّ المعروفَ مِنْ كلامِ العَرَبِ إذا نَطَقُوا بواحِدِهِ أنْ يَقُولُوا: رَجُلٌ بَرٌّ، وامْرَأَةٌ بَرَّةٌ، وإذَا جَمَعُوا رَدُّوهُ إلى جَمْعِ فاعِلٍ، كما قَالُوا: رَجُلٌ سَرِيٌّ، ثمَّ قالُوا في جَمْعِهِ: قَوْمٌ سَرَاةٌ، وكانَ القِياسُ في واحِدِهِ أنْ يكونَ سَارِياً. وقدْ حُكِيَ سَمَاعاً مِنْ بعضِ العَرَبِ: قَوْمٌ خِيَرَةٌ بَرَرَةٌ، وواحِدُ الخِيَرَةِ: خَيْرٌ، والبَرَرَةُ: بَرٌّ). [جامع البيان: 24 / 109-110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ, عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {كِرَامٍ بَرَرَةٍ}؛ قَالَ: الملائكةُ). [الدر المنثور: 15 / 245]

تفسير قوله تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}، يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لُعِنَ الإنسانُ الكافرُ ما أَكْفَرَهُ!
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ مُجَاهِدٌ.
حَدَّثَنِي مُوسَى بنُ عبدِ الرحمنِ المَسْرُوقِيُّ قالَ: ثَنَا عبدُ الحميدِ الحِمَّانِيُّ، عن الأَعْمَشِ، عنْ مُجَاهِدٍ قالَ: ما كانَ في القرآنِ: {قُتِلَ الإِنْسَانُ} أوْ فُعِلَ بالإنسانِ، فإِنَّما عُنِيَ بهِ الكافِرُ.
حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهْرانُ، عنْ سُفْيَانَ: {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}، بَلَغَنِي أَنَّهُ الكافِرُ.
وفي قَوْلِهِ: {أَكْفَرَهُ} وجْهَانِ:
أحدُهما: التَّعَجُّبُ مِنْ كُفْرِهِ، معَ إحسانِ اللَّهِ إليهِ، وأيَادِيهِ عندَهُ.
والآخَرُ: ما الذي أَكْفَرَهُ؟ أيْ: أيُّ شَيْءٍ أَكْفَرَهُ؟ ). [جامع البيان: 24 / 110]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}؛ قَالَ: نَزَلَتْ فِي عُتْبَةَ بنِ أَبِي لَهَبٍ حِينَ قَالَ: كَفَرْتُ برَبِّ النَّجْمِ إِذَا هَوَى، فدَعا عليهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ؛ فأَخَذَهُ الأَسَدُ بِطَرِيقِ الشَّامِ). [الدر المنثور: 15 / 245-246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ما كانَ في القرآنِ: {قُتِلَ الإِنْسَانُ} إِنَّمَا عَنَى بِهِ الكَافِرَ). [الدر المنثور: 15 / 246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عن ابنِ جُرَيْجٍ: {مَا أَكْفَرَهُ}؛ قَالَ: مَا أَشَدَّ كُفْرَهُ. وفي قَوْلِهِ: {خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ}. قَالَ: نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً، ثُمَّ كَذَا ثُمَّ كذا ، ثم انْتَهَى خَلْقُه). [الدر المنثور: 15 / 246]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مِنْ أيِّ شيءٍ خَلَقَ الإنسانَ الكافِرَ رَبُّهُ حِينَ يَتَكَبَّرُ ويَتَعَظَّمُ عنْ طاعةِ ربِّهِ، والإقرارِ بتوحيدِهِ). [جامع البيان: 24 / 111]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ثم بَيَّنَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الذي مِنهُ خَلَقَهُ، فقالَ: {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} أحوالاً: نُطْفَةً تارَةً، ثمَّ عَلَقَةً أُخْرَى، ثمَّ مُضْغَةً، إلى أنْ أتَتْ عليهِ أحوالُهُ، وهوَ في رَحِمِ أُمِّهِ). [جامع البيان: 24 / 111]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عن ابنِ جُرَيْجٍ: {مَا أَكْفَرَهُ}؛ قَالَ: مَا أَشَدَّ كُفْرَهُ، وفي قَوْلِهِ: {خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ}؛ قَالَ: نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً، ثُمَّ كَذَا ثُمَّ كذا ، ثم انْتَهَى خَلْقُه). [الدر المنثور: 15 / 246] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: {خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ}؛ قَالَ: قَدَّرَهُ فِي رَحِمِ أُمِّهِ كَيْفَ شَاءَ). [الدر المنثور: 15 / 246]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {ثم السبيل يسره}؛ قال: خروجه من بطن أمه). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 348]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال ابن جريج: عن مجاهد، في قوله تعالى: {ثم السبيل يسره}؛ قال: الشقاء والسعادة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 348]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر، وقال الحسن: سبيل الخير). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 348]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}، يقولُ: ثمَّ يَسَّرَهُ للسَّبِيلِ، يعنِي: للطريقِ.
واخْتَلَفَ أهلُ التأويلِ في السبيلِ الذي يَسَّرَهُ لها، فقالَ بعضُهم: هوَ خُروجُهُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
- حَدَثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ قالَ: ثَنِي أَبِي قالَ: ثَنِي عَمِّي قالَ: ثَنِي أَبِي، عنْ أبيهِ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} يعنِي بذلكَ: خُرُوجَهُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَسَّرَهُ لَهُ.
- حَدَّثَنِي ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهْرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ إسماعيلَ، عنْ أبي صالِحٍ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}، قالَ: سَبِيلَ الرَّحِمِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهْرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عن السُّدِّيِّ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}، قالَ: خُرُوجَهُ مِنْ بَطْنِ أمِّهِ.
- حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} قالَ: خُرُوجَهُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}، قالَ: أَخْرَجَهُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ.
وقالَ آخَرُونَ: بلْ معنَى ذلكَ: طَرِيقُ الحَقِّ والباطِلِ، بَيَّنَّاهُ لَهُ وأَعْلَمْنَاهُ، وسَهَّلْنَا لهُ العَمَلَ بهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ منصورٍ، عنْ مُجَاهِدٍ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}، قالَ: هُو كَقَوْلِهِ: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قالَ: ثَنَا عِيسَى. وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحَسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أَبِي نَجِيحٍ، عنْ مُجَاهِدٍ: قولُهُ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}، قالَ: على نَحْوِ: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ}.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهْرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عن ابنِ أَبِي نَجِيحٍ، عنْ مُجَاهِدٍ قالَ: سَبِيلَ الشَّقَاءِ والسعادَةِ، وهوَ كقولِهِ: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ}.
- حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ قالَ: قالَ الحَسَنُ في قَوْلِهِ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}، قالَ: سَبِيلَ الخَيْرِ.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}، قالَ: هدَاهُ للإِسْلامِ والدِّينِ يَسَّرَهُ لَهُ، وأَعْلَمَهُ بهِ، و{السَّبِيلَ}: سبيلَ الإسلامِ.
وأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ في ذلكَ عِندي بالصوابِ قولُ مَن قالَ: ثُمَّ لطريقِ -وهوَ الخُرُوجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ- يَسَّرَهُ.
وإنَّما قُلْنَا ذلكَ أَوْلَى التأويليْنِ بالصوابِ؛ لأنَّهُ أَشْبَهَهُما بظاهِرِ الآيَةِ، وذلكَ أنَّ الخبَرَ مِن اللَّهِ قَبْلَها وبعدَها عنْ صِفَةِ خَلْقِهِ، وتدْبِيرِهِ جِسْمَهُ، وتَصْرِيفِهِ إِيَّاهُ في الأحوالِ، فالأَوْلَى أنْ يكونَ أوْسَطُ ذلكَ نَظِيرَ ما قبلَهُ وبعدَهُ). [جامع البيان: 24/ 111-113]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (حدثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {ثم السبيل يسره} قال: هو مثل قوله: {إنا هديناه السبيل}). [تفسير مجاهد: 2/ 730]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ , عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}؛ يعني بذلك خُرُوجَهُ مِن بَطْنِ أُمِّهِ, يَسَّرَهُ لَهُ). [الدر المنثور: 15 / 246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}؛ قَالَ: خُرُوجُهُ مِنَ الرَّحِمِ). [الدر المنثور: 15 / 246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ قَتَادَةَ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}؛ قَالَ: خُرُوجُه مِن بَطْنِ أُمِّه وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عن الضَّحَّاكِ مِثْلَهُ). [الدر المنثور: 15 / 246-247]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عن أبي صالِحٍ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}؛ قَالَ: خُرُوجُه مِنَ الرَّحِمِ). [الدر المنثور: 15 / 247]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}؛ قَالَ: هو كقَوْلِه: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وإِمَّا كَفُوراً}: الشَّقَاءُ والسَّعَادَةُ). [الدر المنثور: 15 / 247]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ أبو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ, عن محمدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ قَالَ: قرَأْتُ في التوراةِ -أو قَالَ: في صُحُفِ إبراهيمَ- فوَجَدْتُ فيها: يَقُولُ اللَّهُ: يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَنْصَفْتَنِي، خَلَقْتُكَ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً، وجَعَلْتُكَ بَشَراً سَوِيًّا، خَلَقْتُكَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْتُكَ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْتُ النُّطْفَةَ عَلَقَةً، فخَلَقْتُ العَلَقَةَ مُضْغَةً، فخَلَقْتُ المُضْغَةَ عِظَاماً، فكَسَوْتُ العِظَامَ لَحْماً، ثُمَّ أَنْشَأْتُكَ خَلْقاً آخَرَ؛ يَا ابْنَ آدَمَ, هَلْ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرِي؟ ثُمَّ خَفَّفْتُ ثِقَلَكَ علَى أُمِّكَ؛ حَتَّى لا تَتَبَرَّمَ بِكَ ولا تَتَأَذَّى، ثُمَّ أَوْحَيْتُ إِلَى الأَمْعَاءِ أَنِ اتَّسِعِي، وإِلَى الجَوَارِحِ أَنْ تَفَرَّقِي؛ فَاتَّسَعَتِ الأَمْعَاءُ مِن بَعْدِ ضِيقِهَا، وتَفَرَّقَتِ الجَوَارِحُ مِنْ بَعْدِ تَشْبِيكِهَا، ثُمَّ أَوْحَيْتُ إِلَى المَلَكِ المُوَكَّلِ بالأَرْحَامِ أَنْ يُخْرِجَكَ مِن بَطْنِ أُمِّكَ فاسْتَخْلَصَكَ علَى رِيشَةٍ مِن جَنَاحِهِ، فاطَّلَعْتُ عَلَيْكَ فإِذَا أَنْتَ خَلْقٌ ضَعِيفٌ، لَيْسَ لَكَ سِنٌّ يَقْطَعُ, ولا ضِرْسٌ يَطْحَنُ، فاسْتَخْلَصْتُ لَكَ فِي صَدْرِ أُمِّكَ عِرْقاً يَدِرُّ لَكَ لَبَناً بَارِداً في الصَّيْفِ، حَارًّا في الشِّتَاءِ، واسْتَخْلَصْتُهُ لَكَ مِنْ بَيْنِ جِلْدٍ ولَحْمٍ ودَمٍ وعُرُوقٍ، ثُمَّ قَذَفْتُ لَكَ فِي قَلْبِ وَالِدَتِكَ الرَّحْمَةَ، وفي قَلْبِ أَبِيكَ التَّحَنُّنَ، فهما يَكُدَّانِ ويَجْهَدانِ ويُرَبِّيانِكَ ويُغَذِّيانِكَ, ولا يَنَامَانِ حَتَّى يُنَوِّمَاكَ؛ ابنَ آدَمَ, أَنَا فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ لا لِشَيْءٍ اسْتَأْهَلْتَهُ بِهِ مِنِّي أو لحَاجَةٍ اسْتَعَنْتُ عَلَى قَضَائِهَا؛ ابنَ آدَمَ, فلَمَّا قَطَعَ سِنُّكَ وَطَحَنَ ضِرْسُكَ أَطْعَمْتُكَ فَاكِهَةَ الصَّيْفِ في أَوَانِهَا وفَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي أَوَانِهَا، فَلَمَّا أَنْ عَرَفْتَ أَنِّي رَبُّكَ عَصَيْتَنِي، فالآنَ إِذْ عَصَيْتَنِي فَادْعُنِي؛ فإِنِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ, وَادْعُنِي فإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ). [الدر المنثور: 15 / 247-248]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)}
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {فَأَقْبَرَهُ} يُقَالُ: أَقبَرتُ الرَّجُلَ جَعَلتُ له قَبْرًا وقَبَرتُهُ دَفَنتُهُ.
قَالَ الفَرَّاءُ في قَولِهِ تَعَالَى: {ثم أَمَاتَهُ فَأَقبَرَهُ}: جَعَلَهُ مَقبُورًا، ولم يَقُلْ: قَبَرَهُ؛ لأنَّ القَابِرَ هو الدَّافِنُ. وقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ في قَولِهِ: فأَقبَرَهُ: أَمَرَ بأنْ يُقبَرَ، جَعَلَ له قَبرًا، والذي يَدفِنُ بِيَدِهِ هو القَابِرُ). [فتح الباري: 8 / 693]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {فَأقْبَرَهُ}؛ يُقالُ: أقْبَرْتُ الرَّجُلَ جَعَلْتُ لَهُ قَبْرًا، قَبَرْتُهُ دَفَنْتُهُ.
أَشَارَ به إِلَى قِوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ}؛ قَوْلُهُ: يُقَالُ إِلَى آخِرِهِ ظَاهِرٌ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ: جَعَلْتُهُ مَقْبُورًا، وَلَمْ يَقُلْ: قَبَرَهُ؛ لأَنَّ الْقَابِرَ هُوَ الدَّافِنُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فَأَقْبَرَهُ أَيْ جَعَلَ لَهُ قَبْرًا وَالَّذِي يَدْفِنُ بِيَدِهِ هُوَ الْقَابِرُ). [عمدة القاري: 19 / 280]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ}، يقولُ: ثُمَّ قَبَضَ رُوحَهُ، فأَمَاتَهُ بعدَ ذَلكَ. يعنِي بقولِهِ: {فَأَقْبَرَهُ}: صَيَّرَهُ ذَا قَبْرٍ، والقابِرُ: هوَ الدافِنُ المَيِّتَ بيدِهِ، كما قالَ الأعشَى:
لَوْ أَسْنَدْتَ مَيْتاً إِلَى نَحْرِهَا ....... عَاشَ وَلَمْ يُنْقَلْ إِلَى قَابِرِ
والمُقْبِرُ: هوَ اللَّهُ، الذي أَمَرَ عِبادَهُ أنْ يُقْبِرُوهُ بعدَ وَفَاتِهِ، فصَيَّرَهُ ذا قَبْرٍ. والعرَبُ تقولُ فيما ذُكِرَ لي: بَتَرْتُ ذَنَبَ البَعِيرِ واللَّهُ أَبْتَرَهُ، وعَضَبْتُ قَرْنَ الثوْرِ واللَّهُ أَعْضَبَهُ، وطَرَدْتُ عَنِّي فُلاناً واللَّهُ أَطْرَدَهُ، صَيَّرَهُ طَرِيداً). [جامع البيان: 24 / 113]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ}، يقولُ: ثُمَّ إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْشَرَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ وَأَحْيَاهُ، يُقالُ: أَنْشَرَ اللَّهُ المَيِّتَ، بِمَعْنَى: أَحْيَاهُ، ونَشَرَ المَيِّتُ بمعنَى حَيِيَ هوَ بنَفْسِهِ، ومِنهُ قوْلُ الأعشَى:
حَتَّى يَقُولَ الناسُ مِمَّا رَأَوْا ....... يَا عَجَباً لِلمَيِّتِ النَّاشِرِ).
[جامع البيان: 24/ 114]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)}
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {لمّا يقض} : «لا يقضي أحدٌ ما أمر به»). [صحيح البخاري: 6 / 166]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: وقَالَ مُجَاهِد:{ لَمَّا يِقْضِ}: لا يَقْضِي أَحَدٌ مَا أُمِرَ بِهِ وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ من طَرِيقِ ابنِ أَبِي نَجِيحٍ عن مُجَاهِدٍ بِلَفظِ: لا يَقْضِي أحَدٌ أَبَدًا مَا افتُرِضَ عليه). [فتح الباري: 8 / 692]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد: {لما يقض}؛ لا يقضي أحد ما أمر به
وقال ابن عبّاس: ترهقها قترة تغشاها شدّة مسفرة مشرقة بأيدي سفرة قال ابن عبّاس كتبة أسفارا كتبا تلهى تشاغل انتهى
أما قول مجاهد: فقال الفريابيّ، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {كلا لما يقض ما أمره} قال: لا يقضي أحد أبدا ما افترض عليه). [تغليق التعليق: 4 / 360]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَمَّا يَقْضِ: لاَ يَقْضِي أحَدٌ مَا أُمِرَ بِهِ.
أي قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} وَتَفْسِيرُهُ ظَاهِرٌ، وَأُمِرَ عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ، وَرَوَاهُ عَبْدٌ عَنْ شَبَابَةَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَلَفْظُهُ: لاَ يَقْضِ أَحَدٌ مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ). [عمدة القاري: 19 / 279]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فيما وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ {لَمَّا يَقْضِ} أي: لا يَقْضِي أَحَدٌ مِن لَدُنْ آدَمَ إلى هذه الغايَةِ مَا أُمِرَ بِهِ -بضَمِّ الْهَمْزَةِ مَبْنِيًّا للمَفْعُولِ-؛ إِذْ لم يخْلُ أَحَدٌ من تقصيرٍ ما). [إرشاد الساري: 7 / 412]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ}، يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كلاَّ لَيْسَ الأَمْرُ كمَا يَقُولُ هذا الإنسانُ الكافِرُ مِنْ أنَّهُ قَدْ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ عليهِ في نفسِهِ ومالِهِ، {لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ}: لَمْ يُؤَدِّ مَا فَرَضَ عَلَيْهِ مِن الْفَرَائِضِ رَبُّهُ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قالَ: ثَنَا عيسَى. وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحَسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أَبِي نَجِيحٍ، عنْ مُجَاهِدٍ: قولُهُ: {لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ}، قالَ: لا يَقْضِي أَحَدٌ أَبَداً مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ. وقالَ الحارِثُ: كُلَّ ما افْتُرِضَ عليهِ). [جامع البيان: 24 / 114]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {كلا لما يقض ما أمره}؛ يقول: لا يقضي أحد أبدا كل ما فرض عليه). [تفسير مجاهد: 2/ 730-731]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ}؛ قَالَ: لا يَقْضِي أَحَدٌ أَبَداً كُلَّ مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ). [الدر المنثور: 15 / 248]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 جمادى الآخرة 1434هـ/3-05-2013م, 09:57 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {كلاّ إنّها تذكرةٌ...} هذه السورة تذكرة، وإن شئت جعلت الهاء عماداً لتأنيث التذكرة). [معاني القرآن: 3/ 236]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({كلّا إنّها تذكرةٌ} يعني: السورة). [تفسير غريب القرآن: 514]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {كلّا إنّها تذكرة (11)} يعنى به هذه الموعظة التي وعظ الله بها النبي عليه السلام). [معاني القرآن: 5/ 284]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ({فمن شاء ذكره...} ذكر القرآن رجع التذكير إلى الوحي). [معاني القرآن: 3/ 236]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({إنها تذكرةٌ فمن شاء ذكره}؛ فمن شاء ذكره القرآن). [مجاز القرآن: 2/ 286]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فمن شاء ذكره}؛ يعني: القرآن). [تفسير غريب القرآن: 514]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({فمن شاء ذكره (12)} ذكر لأن الموعظة والوعظ واحد، والمعنى راجع إلى حملة القرآن، المعنى: فمن شاء أن يذكره ذكره). [معاني القرآن: 5/ 284]

تفسير قوله تعالى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ({في صحفٍ مّكرّمةٍ...لأنها نزلت من اللوح المحفوظ، مرفوعة عند ربك هنا لك مطهرة، لا يمسها إلا المطهرون، وهذا مثل قوله: {فالمدبّرات أمراً}؛ جعل الملائكة والصحف مطهرة؛ لأن الصحف يقع عليها التطهير، فجعل التطهير لمن حملها أيضاً). [معاني القرآن: 3/ 236]

تفسير قوله تعالى: {مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14)}

تفسير قوله تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {بأيدي سفرةٍ...}.وهم الملائكة، واحدهم سافر، والعرب تقول: سفرت بين القوم إذا أصلحت بينهم، فجعلت الملائكة إذا نزلت بوحي الله تبارك وتعالى وتأديبه كالسفير الذي يصلح بين القوم، قال الشاعر:
ومــا أدع السّـفـارة بـيـن قـومـي ....... وما أمشي بغشٍّ إن مشيت).
[معاني القرآن: 3/ 236]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({بأيدي سفرة}: أي كتبة واحدها سافر). [مجاز القرآن: 2/ 286]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({بأيدي سفرةٍ} قال: {بأيدي سفرةٍ} وواحدهم "السافر" مثل "الكافر" و"الكفرة"). [معاني القرآن: 4/ 46]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({بأيدي سفرةٍ} أي كتبة، وهم الملائكة. واحدهم: «سافر»). [تفسير غريب القرآن: 514]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم أخبر جلّ وعزّ أن الكتاب في اللوح المحفوظ عنده، فقال: {في صحف مكرّمة (13) مرفوعة مطهّرة (14) بأيدي سفرة (15)}
والسّفرة الكتبة، يعني به الملائكة، واحدهم سافر وسفرة مثل كاتب وكتبة، وكافر وكفرة، وإنما قيل للكتاب سفرة، وللكاتب سافر، لأن معناه أنه يبيّن الشيء ويوضحه، يقال أسفر الصّبح إذا أضاء، وسفرت المرأة إذا كشفت النقاب عن وجهها، ومنه: سفرت بين القوم أي كشفت قلب هذا وقلب هذا لأصلح بينهم). [معاني القرآن: 5/ 284]

تفسير قوله تعالى: {كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (والبررة: الواحد منهم في قياس العربية بار؛ لأن العرب لا تقول: فعلة ينوون به الجمع إلا والواحد منه فاعل مثل: كافر وكفرة، وفاجر فجرة. فهذا الحكم على واحده بار، والذي تقول العرب: رجل برّ، وامرأة برة، ثم جمع على تأويل فاعل، كما قالوا: قوم خيرة بررة. سمعتها من بعض العرب، وواحد الخيرة: خيّر، والبررة: برٌّ. ومثله: قوم سراةٌ، واحدهم: سريّ. كان ينبغي أن يكون ساريا. والعرب إذا جمعت: ساريا جمعوه بضم أوله فقالوا: سراة وغزاة. فكأنهم إذ قالوا: سراة: كرهوا أن يضموا أوله. فيكون الواحد كأنه سارٍ، فأرادوا أن يفرقوا بفتحة أول سراةٍ بين: السريّ والساري). [معاني القرآن: 3/ 237]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({كرامٍ بررةٍ} وقال: {كرامٍ بررةٍ} وواحدهم "البارّ" و"البررة" جماعة "الأبرار"). [معاني القرآن: 4/ 46]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {كرام بررة (16)}؛ جمع بارّ). [معاني القرآن: 5/ 284]

تفسير قوله تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ما أكفره...} يكون تعجبا، ويكون: ما الذي أكفره؟ وبهذا الوجه الآخر جاء التفسير). [معاني القرآن: 3/ 237]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({قتل الإنسان ما أكفره} وقال: {قتل الإنسان ما أكفره} معناه على وجهين:
- قال بعضهم: "على التعجب".
- وقال بعضهم: "أيّ شيءٍ أكفره"). [معاني القرآن: 4/ 46]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({قتل الإنسان}: لعن. و{قاتلهم الله}: من ذلك).[غريب القرآن وتفسيره: 413]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({قتل الإنسان}؛ أي لعن).[تفسير غريب القرآن: 514]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب مخالفة ظاهر اللفظ معناه من ذلك الدعاء على جهة الذم لا يراد به الوقوع:كقول الله عز وجل: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10]، و{قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}، و{قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30] وأشباه ذلك.
ومنه قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم، للمرأة: «عقرى حلقى»، أي عقرها الله، وأصابها بوجع في حلقها.وقد يراد بهذا أيضا التعجب من إصابة الرجل في منطقه، أو في شعره، أو رميه، فيقال: قاتله الله ما أحسن ما قال، وأخزاه الله ما أشعره، ولله درّه ما أحسن ما احتج به.
ومن هذا قول امرئ القيس في وصف رام أصاب:
فهو لا تنمي رميّته ....... ما له لا عدّ من نفره
يقول: إذا عدّ نفره- أي قومه- لم يعدّ معهم، كأنه قال: قاتله الله، أماته الله. وكذلك قولهم: هوت أمّه، وهبلته، وثكلته.
قال كعب بن سعد الغنوي:

هَوَتْ أمُّه ما يبعث الصُّبحُ غادِيًـا ....... وما ذا يؤدِّي اللَّيلُ حين يؤوبُ).
[تأويل مشكل القرآن: 275-277](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قتل الإنسان ما أكفره (17)}؛ يكون على جهة لفظ التعجب، ويكون التعجب ممّا يؤمر به الآدميّون، ويكون المعنى كقوله: {فما أصبرهم على النّار}؛ أي اعجبوا أنتم من كفر الإنسان، ويجوز على معنى التوبيخ ولفظه لفظ الاستفهام.أي أيّ شيء أكفره). [معاني القرآن: 5/ 284-285]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({قتل الإنسان ما أكفره}؛ أي: لعن، وهذا خاص للكافر). [ياقوتة الصراط: 555]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({قُتِلَ}: لعن). [العمدة في غريب القرآن: 336]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (ثم عجّبه، فقال {من أيّ شيءٍ خلقه...}). [معاني القرآن: 3/ 237]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم بيّن من أمره ما كان ينبغي أن يعلم معه أن الله خالقه، وأنه واحد فقال: {من أيّ شيء خلقه (18)}؛ على لفظ الاستفهام، ومعناه التقرير). [معاني القرآن: 5/ 285]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (ثم فسّر فقال: {من نّطفةٍ خلقه فقدّره...}؛ أطورا نطفة، ثم علقة إلى آخر خلقه، وشقيا أو سعيدا، وذكرا أو أنثى). [معاني القرآن: 3/ 237]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم بيّن فقال: {من نطفة خلقه فقدّره (19)}؛ المعنى فقدّره على الاستواء كما قال عزّ وجلّ: {أكفرت بالّذي خلقك من تراب ثمّ من نطفة ثمّ سوّاك رجلا (37)}). [معاني القرآن: 5/ 285]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ثمّ السّبيل يسّره...} معناه: ثم يسره للسبيل، ومثله: {إنّا هديناه السّبيل}، أي: أعلمناه طريق الخير وطريق الشر). [معاني القرآن: 3/ 237]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ثمّ السّبيل يسّره} قال: {ثمّ السّبيل يسّره} تقول "الطريق هداه" أي: "هداه الطريق"). [معاني القرآن: 4/ 46]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ثمّ السّبيل يسّره (20)} أي هداه السبيل {إمّا شاكرا وإمّا كفورا}). [معاني القرآن: 5/ 285]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ثمّ أماته فأقبره...}؛ جعله مقبورا، ولم يجعله ممن يلقى للسباع والطير، ولا ممن يلقى في النواويس، كأن القبر مما أكرم المسلم به، ولم يقل: فقبره؛ لأنّ القابر هو الدافن بيده، والمقبر: الله تبارك وتعالى؛ لأنه صيره ذا قبر، وليس فعله كفعل الآمي. والعرب تقول: بترت ذنب البعير، والله أبتره. وعضبت قرن الثور، والله أعضبه، وطردت فلانا عني، والله أطرده صيّره طريدا، ولو قال قائل: فقبره، أو قال في الآدمي: أقبره إذا وجهه لجهته صلح، وكان صوابا؛ ألا ترى أنك تقول: قتل فلان أخاه، فيقول الآخر: الله قتله. والعرب تقول: هذه كلمة مقتلة مخيفة إذا كانت من قالها قتل قيلت هكذا، ولو قيل فيها: قاتلة خائفة كان صوابا، كما تقول: هذا الداء قاتلك). [معاني القرآن: 3/ 237]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ثمّ أماته فأقبره} أمر بأن يقبر قالت بنو تميم لعمر بن هبيرة لما قتل صالح بن عبد الرحمن: أقبرنا صالحاً قال: دونكموه، والذي يدفن بيده هو القابر قال الأعشى:
لو أسندت ميتاً إلى نحرها ....... عاش ولم ينقل إلـى قابـر).
[مجاز القرآن: 2/ 286]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أقبره}: جعل قبرأ يقال: قبرت الرجل إذا دفنته وأقبرته إذا جعلت له قبرا في الأرض). [غريب القرآن وتفسيره: 413]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ثمّ أماته فأقبره}؛ أي جعله ممن يقبر، ولم يجعله ممن يلقي بوجه الأرض كما تلقي البهائم.يقال: قبرت الرجل، [أي] دفنته وأقبرته: جعلت له قبرا يدفن فيه). [تفسير غريب القرآن: 514]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ثمّ أماته فأقبره (21)}؛ معنى أقبره جعل له قبرا يوارى فيه، يقال أقبرت فلانا، جعلت له قبرا.وقبرت فلانا دفنته فأنا قابره.
قال الشاعر:
لو أسندت ميتا إلى نحرها ....... عاش ولم ينقل إلـى قابـر).
[معاني القرآن: 5/ 285]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَأَقْبَرَهُ} أي جعله ممّن يقبر، [ولم يجعله] ممن يُلقى على وجه الأرض). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 293]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَقْبَرَهُ}: جعل له قبراً). [العمدة في غريب القرآن: 336]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أنشره} أحياه، ولنشر الميت حيي نفسه قال الأعشى:
حتى يقول الناس مما رأوا ....... يا عجبـا للميّـت الناشـر).
[مجاز القرآن: 2/ 286]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أنشره}: أحياه، ونشر الميت حيي هو). [غريب القرآن وتفسيره: 413]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({أنشره}: أحياه). [تفسير غريب القرآن: 514]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ إذا شاء أنشره (22)} معناه بعثه، يقال: أنشر اللّه الموتى، فنشروا، فالواحد ناشر.
قال الشاعر:
حتّى يقول النّاس ممّا رأوا ....... يا عجبـا للميّـت النّاشـر).
[معاني القرآن: 5/ 285]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَنشَرَهُ}: أحياه). [العمدة في غريب القرآن: 336]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {كلاّ لمّا يقض ما أمره...} لم يقض بعض ما أمره). [معاني القرآن: 3/ 238]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({كلّا لمّا يقض ما أمره} أي لم يقض ما أمره به). [تفسير غريب القرآن: 514]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م, 09:55 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) }

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) }

تفسير قوله تعالى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) }

تفسير قوله تعالى: {مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) }

تفسير قوله تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) }

تفسير قوله تعالى: {كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16) }

قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وما جمع من فعيل أو فعال أو فعول على فعال مد أيضا مثل قولك قصير وقصار، وكريم وكِرام مثل هذا من الياء والواو ممدود يكتب بالألف، وأكثر ما يجمع من الواو والياء على أفعلاء، فيمد ويكتب بالألف، من ذلك ولي وأولياء، وغني وأغنياء، ودعي وأدعياء، وإن جمع على فعلاء مد أيضا، وكتب بالألف مثل شركاء وضعفاء). [المقصور والممدود: 9-10]

تفسير قوله تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) }

تفسير قوله تعالى: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) }

تفسير قوله تعالى: {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) }

قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وقد أقبرته إذا صيرت له قبرا يدفن فيه قال الله جل ثناؤه: {ثم أماته فأقبره} قال أبو عبيدة: وقالت بنو تميم للحجاج وكان قتل صالحا وصلبه أقبرنا صالحا وقد أقبرته إذا دفنته). [إصلاح المنطق: 235]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) }

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:56 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:56 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:56 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:57 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثمّ قال تعالى: {كلاّ} يا محمّد، أي: ليس الأمر في حقّه كما فعلت، إنّ هذه السورة والقراءة التي كنت فيها مع ذلك الكافر تذكرةٌ لجميع العالم، لا يؤثر فيها أحدٌ دون أحدٌ.
وقيل: المعنى: إنّ هذه المعتبة تذكرةٌ لك يا محمّد. ففي هذا التأويل إجلالٌ لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وتأنيسٌ له). [المحرر الوجيز: 8/ 538]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12)}

تفسير قوله تعالى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {في صحفٍ}؛ متعلّقٌ بقوله سبحانه: {إنّها تذكرةٌ}؛ وهذا يؤيّد أنّ التذكرة يراد بها جميع القرآن.
وقال بعض المتأوّلين: الصحف هنا اللّوح المحفوظ. وقيل: صحف الأنبياء عليهم السلام المنزّلة. وقيل: مصاحف المسلمين). [المحرر الوجيز: 8/ 538]

تفسير قوله تعالى: {مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14)}

تفسير قوله تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في (السّفرة)؛ فقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: هم الملائكة؛ لأنهم كتبةٌ، يقال: سفرت، أي: كتبت، ومنه السّفر، وقال ابن عبّاسٍ أيضاً رضي اللّه عنهما: الملائكة سفرةٌ؛ لأنهم يسفرون بين اللّه تعالى وبين أنبيائه.
وقال قتادة: هم القرّاء. وواحد السّفرة: سافرٌ.
وقال وهب بن منبّهٍ، هم الصحابة؛ لأنّ بعضهم يسفر إلى بعضٍ في الخير والتعليم والتعلّم.
والقول الأول أرجح، ومن اللّفظة قول الشاعر:
فما أدع السّفارة بين قومي ....... ولا أمشي بغشٍّ إن مشيت
و(الصّحف) على هذا صحفٌ عند الملائكة، أو اللّوح، وعلى القول الآخر هي المصاحف). [المحرر الوجيز: 8/ 538]

تفسير قوله تعالى: {كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16)}

تفسير قوله تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قتل الإنسان} دعاءٌ على اسم الجنس، وهو عمومٌ يراد به الخصوص، والمعنى: قتل الإنسان الكافر، ومعنى {قتل}: هو أهلٌ أن يدعى عليه بهذا.
وقال مجاهدٌ: {قتل} معناه: لعن، وهذا تحكّمٌ.
وقوله تعالى: {ما أكفره} يحتمل معنى التعجّب، ويحتمل معنى الاستفهام توقيفاً، أي: أيّ شيءٍ أكفره؟ أي: جعله كافراً.
وقيل: إن هذه الآية نزلت في عتبة بن أبي لهبٍ؛ وذلك أنه غاضب أباه، فأتى النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-، ثمّ إن أباه استصلحه وأعطاه مالاً وجهّزه إلى الشام، فبعث عتبة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقال: إني كافرٌ بربّ النّجم إذا هوى. فيروى أنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «اللّهمّ ابعث إليه كلبك حتّى يأكله
».
ويروى أنه قال:
«أما يخاف أن يرسل اللّه عليه كلبه فيأكله».
ثمّ إنّ عتبة خرج في سفرٍ، فجاء الأسد فأكله من بين رفاقه). [المحرر الوجيز: 8/ 539]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :(قوله عزّ وجلّ:{من أيّ شيءٍ خلقه * من نّطفةٍ خلقه فقدّره * ثمّ السّبيل يسّره * ثمّ أماته فأقبره * ثمّ إذا شاء أنشره * كلّا لمّا يقض ما أمره * فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنّا صببنا الماء صبًّا * ثمّ شققنا الأرض شقًّا * فأنبتنا فيها حبًّا * وعنبًا وقضبًا * وزيتونًا ونخلًا * وحدائق غلبًا * وفاكهةً وأبًّا * مّتاعًا لّكم ولأنعامكم}.
قوله تعالى: {من أيّ شيءٍ خلقه} استفهامٌ على معنى التقرير على تفاهة الشيء الذي خلق الإنسان منه، وهي عبارةٌ تصلح للتحقير وللتعظيم، والقرينة تبيّن الغرض، وهذا نظير قوله تعالى: {لأيّ يومٍ أجّلت * ليوم الفصل}). [المحرر الوجيز: 8/ 539]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(النّطفة) المشار إليها هي ماء الرجل وماء المرأة.
وقرأ جمهور الناس: {فقدّره} بشدّ الدال، وقرأ بعض القرّاء: (فقدره) بتخفيفها، والمعنى: جعله بقدرٍ وحدٍّ معلومٍ من الأعضاء والخلق والأجل وغير ذلك؛ من إنجابه حسب إرادته تعالى في إنسانٍ إنسانٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 539]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف المتأوّلون في معنى قوله تعالى: {ثمّ السّبيل يسّره}؛ فقال ابن عبّاسٍ، وقتادة، وأبو صالحٍ، والسّدّيّ: هي سبيل الخروج من بطن المرأة ورحمها. وقال الحسن ما معناه: إنّ السبيل هي سبيل النظر القويم المؤدّي إلى الإيمان، وتيسيره له هو هبة العقل. وقال مجاهدٌ: أراد السبيل عامّةً، اسم الجنس في (هدًى وضلالٍ) أي: يسّر قوماً لهذا وقوماً لهذا، كقوله تعالى: {إنّا هديناه السّبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً}). [المحرر الوجيز: 8/ 539-540]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ثمّ أماته فأقبره} معناه: أمر أن يجعل له قبرٌ، وفي ذلك تكريمٌ؛ لئلا يطرح كسائر الحيوان. والقابر هو الذي يتناول جعل الميت في القبر، والمقبر هو الذي يأمر بقبر الميت ويقرّره). [المحرر الوجيز: 8/ 540]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{أنشره} معناه: أحياه، يقال: نشر الميّت، وأنشره اللّه.
وقوله تعالى: {إذا شاء} يريد: إذا بلغ الوقت الذي قد شاءه، وهو يوم القيامة.
وقرأ بعض القرّاء: {إذا شاء أنشره} بتحقيق الهمزتين، وقرأ جمهور الناس: (إذا شا آنشره) بمدّةٍ وبتسهيل الهمزة الأولى، وقرأ شعيب بن أبي حمزة: (إذا شاء نشره)، وقرأ الأعمش: (إذا شا أنشره) بهمزةٍ واحدةٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 540]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {كلاّ لمّا يقض ما أمره} ردٌّ لما عسى أن يكون للكفّار من الاعتراضات في هذه الأقوال المسرودة، ونفيٌ مؤكّدٌ لطاعة الإنسان لربّه، وإثباتٌ أنه ترك حقّ اللّه تعالى ولم يقض أمره.
قال مجاهدٌ: لا يقضي أحدٌ أبداً ما افترض عليه).
[المحرر الوجيز: 8/ 540]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:57 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:57 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كلاّ إنّها تذكرةٌ} أي: هذه السّورة أو الوصيّة بالمساواة بين النّاس في إبلاغ العلم بين شريفهم ووضيعهم.
وقال قتادة والسّدّيّ: {كلاّ إنّها تذكرةٌ} يعني: القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 321]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فمن شاء ذكره}؛ أي: فمن شاء ذكر اللّه في جميع أموره، ويحتمل عود الضّمير على الوحي؛ لدلالة الكلام عليه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 321]

تفسير قوله تعالى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {في صحفٍ مكرّمةٍ * مرفوعةٍ مطهّرةٍ} أي: هذه السّورة أو العظة وكلاهما متلازمٌ، بل جميع القرآن {في صحفٍ مكرّمةٍ} أي: معظّمةٍ موقّرةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 321]

تفسير قوله تعالى: {مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({مرفوعةٍ} أي: عالية القدر، {مطهّرةٍ} أي: من الدّنس والزّيادة والنّقص). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 321]

تفسير قوله تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {بأيدي سفرةٍ} قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ والضّحّاك وابن زيدٍ: هي الملائكة.
وقال وهب بن منبّهٍ: هم أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال قتادة: هم القرّاء.
وقال ابن جريجٍ: عن ابن عبّاسٍ: السّفرة بالنّبطيّة: القرّاء.
وقال ابن جريرٍ: الصّحيح أنّ السّفرة: الملائكة. والسّفرة يعني: بين اللّه وبين خلقه، ومنه يقال: السّفير الذي يسعى بين النّاس في الصّلح والخير، كما قال الشّاعر:
وما أدع السّفارة بين قومي ....... وما أمشي بغشٍّ إن مشيت
وقال البخاريّ: سفرة الملائكة. سفرت: أصلحت بينهم، وجعلت الملائكة إذا نزلت بوحي اللّه وتأديته كالسّفير الّذي يصلح بين القوم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 321]

تفسير قوله تعالى: {كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كرامٍ بررةٍ}؛ أي: خلقهم كريمٌ حسنٌ شريفٌ، وأخلاقهم وأفعالهم بارّةٌ طاهرةٌ كاملةٌ، ومن ههنا ينبغي لحامل القرآن أن يكون في أفعاله وأقواله على السّداد والرّشاد.
قال الإمام أحمد: حدّثنا إسماعيل، حدّثنا هشامٌ، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشامٍ، عن عائشة قالت: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم:
«الّذي يقرأ القرآن وهو ماهرٌ به مع السّفرة الكرام البررة، والّذي يقرؤه وهو عليه شاقٌّ له أجران». أخرجه الجماعة من طريق قتادة به). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 321-322]

تفسير قوله تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قتل الإنسان ما أكفره * من أيّ شيءٍ خلقه * من نّطفةٍ خلقه فقدّره * ثمّ السّبيل يسّره * ثمّ أماته فأقبره * ثمّ إذا شاء أنشره * كلّا لمّا يقض ما أمره * فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنّا صببنا الماء صبًّا * ثمّ شققنا الأرض شقًّا * فأنبتنا فيها حبًّا * وعنبًا وقضبًا * وزيتونًا ونخلًا * وحدائق غلبًا * وفاكهةً وأبًّا * مّتاعًا لّكم ولأنعامكم}.
يقول تعالى: ذامًّا لمن أنكر البعث والنّشور من بني آدم: {قتل الإنسان ما أكفره}؛ قال الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: {قتل الإنسان}: لعن الإنسان. وكذا قال أبو مالكٍ، وهذا لجنس الإنسان المكذّب؛ لكثرة تكذيبه بلا مستندٍ بل بمجرّد الاستبعاد وعدم العلم.
قال ابن جريجٍ: {ما أكفره}: ما أشدّ كفره. وقال ابن جريرٍ: ويحتمل أن يكون المراد: أيّ شيءٍ جعله كافراً؟ أي: ما حمله على التّكذيب بالمعاد.
وقال قتادة، وقد حكاه البغويّ عن مقاتلٍ والكلبيّ: {ما أكفره}: ما ألعنه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 322]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ بيّن تعالى له كيف خلقه من الشّيء الحقير، وأنّه قادرٌ على إعادته كما بدأه؛ فقال: {من أيّ شيءٍ خلقه}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 322]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({من نطفةٍ خلقه فقدّره} أي: قدّر أجله ورزقه وعمله وشقيٌّ أو سعيدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 322]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ السّبيل يسّره}؛ قال العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: ثمّ يسّر عليه خروجه من بطن أمّه. وكذا قال عكرمة والضّحّاك وأبو صالحٍ وقتادة والسّدّيّ، واختاره ابن جريرٍ.
وقال مجاهدٌ: هذه كقوله: {إنّا هديناه السّبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً}؛ أي: بيّنّاه له ووضّحناه وسهّلنا عليه عمله. وهكذا قال الحسن وابن زيدٍ، وهذا هو الأرجح، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 322]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ أماته فأقبره} أي: إنّه بعد خلقه له أماته فأقبره، أي: جعله ذا قبرٍ، والعرب تقول: قبرت الرّجل. إذا ولي ذلك منه. وأقبره اللّه وعضبت قرن الثّور، وأعضبه اللّه، وبترت ذنب البعير وأبتره اللّه، وطردت عنّي فلاناً وأطرده اللّه، أي: جعله طريداً. قال الأعشى:
لو أسندت ميتاً إلى صدرها ....... عاش ولم ينقل إلى قابر).
[تفسير القرآن العظيم: 8/ 322]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ إذا شاء أنشره} أي: بعثه بعد موته، ومنه يقال: البعث والنّشور، {ومن آياته أن خلقكم من ترابٍ ثمّ إذا أنتم بشرٌ تنتشرون}، {وانظر إلى العظام كيف ننشرها ثمّ نكسوها لحماً}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أصبغ بن الفرج، أخبرنا ابن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحارث: أنّ درّاجاً أبا السّمح أخبره عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «يأكل التّراب كلّ شيءٍ من الإنسان إلاّ عجب ذنبه
». قيل: وما هو يا رسول اللّه؟ قال: «مثل حبّة خردلٍ منه تنشأون».
وهذا الحديث ثابتٌ في الصّحيح من رواية الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة بدون هذه الزّيادة، ولفظه:
«كلّ ابن آدم يبلى إلاّ عجب الذّنب، منه خلق وفيه يركّب» ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 323]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)}

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {كلاّ لمّا يقض ما أمره}؛ قال ابن جريرٍ: يقول: كلاّ ليس الأمر كما يقول هذا الإنسان الكافر من أنّه قد أدّى حقّ اللّه عليه في نفسه وماله، {لمّا يقض ما أمره}؛ يقول: لم يؤدّ ما فرض عليه من الفرائض لربّه عزّ وجلّ، ثمّ روى هو وابن أبي حاتمٍ من طريق ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {كلاّ لمّا يقض ما أمره}؛ قال: لا يقضي أحدٌ أبداً كلّ ما افترض عليه. وحكاه البغويّ عن الحسن البصريّ بنحوٍ من هذا، ولم أجد للمتقدّمين فيه كلاماً سوى هذا، والذي يقع لي في معنى ذلك واللّه أعلم أنّ المعنى: {ثمّ إذا شاء أنشره}؛ أي: بعثه، {كلاّ لمّا يقض ما أمره}؛ لا يفعله الآن حتّى تنقضي المدّة ويفرغ القدر من بني آدم ممّن كتب تعالى أن سيوجد منهم ويخرج إلى الدّنيا، وقد أمر به تعالى كوناً وقدراً، فإذا تناهى ذلك عند اللّه أنشر اللّه الخلائق وأعادهم كما بدأهم.
- وقد روى ابن أبي حاتمٍ عن وهب بن منبّهٍ قال: قال عزيرٌ عليه السّلام: قال الملك الّذي جاءني: فإنّ القبور هي بطن الأرض، وإنّ الأرض هي أمّ الخلق، فإذا خلق اللّه ما أراد أن يخلق وتمّت هذه القبور التي مدّ اللّه لها، انقطعت الدّنيا ومات من عليها ولفظت الأرض ما في جوفها، وأخرجت القبور ما فيها وهذا شبيهٌ بما قلناه من معنى الآية واللّه سبحانه وتعالى أعلم بالصّواب). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 323]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة