(فصل) "هو" و"هي"
قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل) "هو" و"هي": ضميران من ضمائر الرفع للمذكر والمؤنث، وفروعهما لا تخفي، وهما مبنيان، وإنما بنوا "الواو" من "هو" و"الياء" من "هي" على الفتح ليفرقوا بين هاتين اللتين من نفس الاسم المكنى، وبين "الواو" و"الياء" اللتين تكونان صلة في: رايته ومررت به.
وقد تكون حرفًا في قول أكثر البصريين وهو الضمير الذي يفصل به بين المبتدأ وخبره، ويسميه البصريون: الفصل، ويسميه الكوفيون: العماد، لأنه يعتمد عليه معنى الكلام، وقال الخليل: هو اسم.
وهو يدل على ثلاثة أمور:
الأول: الفصل والتمييز بين الخبر والتابع فالذي بعده خبر لا تابع ولهذا سمي فصلًا.
الثاني: التوكيد، ذكره جماعة وبنوا عليه أنه لا يجامع التوكيد فلا يقال زيد نفسه هو الفاضل، ولهذا سماه الكوفيون: عمادًا؛ لأنه يعتمد عليه معنى الكلام، وسماه بعض الكوفيين: دعامة؛ لأنه يدعم الكلام أي يقويه ويؤكده.
الثالث: الاختصاص، وكثير من البيانيين يقتصر عليه.
وقد ذكر الزمخشري الثلاثة في تفسير قوله تعالى: {أولئك هم المفلحون} فقال: فائدته الدلالة على أن الوارد بعده: خبر لا صفة، والتوكيد وإيجاب أن فائدته المسند ثابتة للمسند إليه دون غيره.
وشرطه: أن يقع بين المبتدأ وخبره، وأن يكون الخبر اسمًا معرفة، وخالف بعضهم: فجوز المضارع لشبهه بالاسم، وجعل منه: {إنه هو يبدئ ويعيد} وهو عند غيره توكيد أو مبتدأ، وكذلك قوله تعالى: {ومكر أولئك هو يبور}.
وأما قول الشاعر:
.... وما هي إلا شربة بالحوءب ....
وقول بنت الحمارس:
.... ما هي إلا حظةٌ أو تطليق ....
فإن أهل الكوفة قالوا: هي كناية عن شيء مجهول، وأهل البصرة يتأولونها القصة.
وربما حذفت من "هو" "الواو" في ضرورة الشعر كما قال الشاعر:
فبيناه يشري رحله قال قائل .... لمن جملٌ رخوُ الملاط نجيبُ
وكما قال:
إنه لا يبرئ داء الهدبد .... مثل القلايا من سنامٍ وكبد
وكذا "الياء" من "هي" قال الشاعر:
.... دار لسعدي إذه من هواكا ....).
[مصابيح المغاني: 512 - 515]