(فصل) "لا"، "لات"
قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): (وأما "لات" فاختلف في حقيقتها على ثلاثة مذاهب، فقال الجمهور: هي:"لا"، زيدت عليها "التاء" لتأنيث الكلمة كما زيدت في "ثُمّت" و"رُبَّتَ"، ويشهد لهم الوقف عليها "بالتاء" و"الهاء"، ورسمها مفصولة عن "الحين" في المصاحف واستعمالها كذلك، قال مازن بن مالك:
حنت لات هنت ..... وأنى لك مقروعٌ
وقال آخر:
لآت هنا ذكرى جبيرةً أو من ..... جاء منها بطائف الأهوال
وقال آخر:
لهفي عليك للهفةٍ من خائفٍ ..... يبقى جوارك حين لات مجير
وزعم أبو عبيد: إن "التاء" إنما زيدت في "حين"، واستدل أنه رآها كذلك في الإمام، وهو مصحف عثمان ويشهد له قول أبي وجزة:
العاطفون تحين ما من عاطفٍ ..... والمطعمون زمان ما من مطعم
وقيل: هي فعل ماض بمعنى : نقص من قوله: {لا يلتكم من أعمالكم شيئًا}، فإنه يقال: "لات" يليت، كما يقال: "ألت" "يألت"، وقد قرئ بهما، ثم استعملت للنفي، قاله أبو ذر الخشني.
وقال قوم: إن أصلها ليس بكسر "الياء" فقلبت "ألفًا" لتحركها وانفتاح ما قبلها وأبدلت "السين" "تاء"، وليس لها إلا معنى واحد وهو النفي.
وذكر بعضهم أنها تأتي بمعنى "الحين" وأنشد قول الأفوه:
ترك الناس لنا أكتافهم ..... وتولوا لات لم يغن الفرار
واختلفوا أيضًا في حكمها على أربعة مذاهب:
أحدها: قاله الأخفش، والجمهور أنها تعمل عمل "ليس"، قال الأخفش: شبهوها "بليس" وأضمروا فيها الفاعل.
الثاني: عمل "إن" فتنصب الاسم وترفع الخبر، ويروى هذا عن الأخفش أيضًا وقد قرئ برفع "حين" ونصبه.
الثالث: أنها لا تعمل شيئًا، فإن وليها مرفوع فمبتدأ حذف خبره، أو منصوب فمعمول لفعل محذوف، وهذا يروى أيضًا عن الأخفش، والتقدير عنده في الآية على قراءة النصب: لا أرى "حين" مناص، وعلى قراءة الرفع: ولا "حين" مناص كائن لهم.
الرابع: تكون حرفًا جارًا كـ «"مذ" و"منذ"» وقد قرئ {ولات حين مناص} بخفض "حين"، قاله الفراء وأنشد:
طلبوا صلحنا ولات أوان
وخالفه الجمهور، وأجيب أن ذلك على إضمار من الاستغراقية كقول الشاعر:
ألا رجلٍ جزاه الله خيرًا
على رواية جر الرجل). [مصابيح المغاني: 446 - 450]