العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 ربيع الثاني 1434هـ/21-02-2013م, 11:31 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (60) إلى الآية (63) ]

تفسير سورة النساء
[ من الآية (60) إلى الآية (63) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا (63)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:25 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) )

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال جابرٌ: «كانت الطّواغيت الّتي يتحاكمون إليها، في جهينة واحدٌ، وفي أسلم واحدٌ، وفي كلّ حيٍّ واحدٌ، كهّانٌ ينزل عليهم الشّيطان»). [صحيح البخاري: 6/45]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال جابرٌ كانت الطّواغيت الّتي يتحاكمون إليها في جهينة واحدٌ وفي أسلم واحدٌ وفي كلّ حيٍّ واحد كهان ينزل عليهم الشّيطان وصله بن أبي حاتمٍ من طريق وهب بن منبّهٍ قال سألت جابر بن عبد اللّه عن الطّواغيت فذكر مثله وزاد وفي هلالٍ واحدٌ وقد تقدّم نسب جهينة وأسلم في غزوة الفتح وأمّا هلالٌ فقبيلةٌ ينتسبون إلى هلال بن عامر بن صعصعة منهم ميمونة بنت الحارث أمّ المؤمنين وجماعةٌ من الصّحابة وغيرهم). [فتح الباري: 8/252-253]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال جابر كانت الطواغيت الّتي يتحاكمون إليها في جهينة واحد وفي أسلم واحد وفي كل حيّ واحد كهان ينزل عليهم الشّيطان وقال عمر الجبت السحر والطاغوت الشّيطان
وقال عكرمة الجبت بلسان الحبشة شيطان والطاغوت الكاهن
وأما قول جابر فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا الحسن بن الصّباح ثنا إسماعيل ابن عبد الكريم حدثني إبراهيم بن عقيل عن أبيه عقيل بن معقل بن وهب بن منبّه قال سألت جابر بن عبد الله عن الطواغيت فذكره وزاد وفي هلال واحد). [تغليق التعليق: 4/195-196] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال جابر كانت الطواغيت الّتي يتحاكمون إليها في جهينة واحدٌ وفي أسلم واحدٌ وفي كلّ حيّ واحدٌ كهّانٌ ينزل عليهم الشّيطان.
أشار به إلى قوله تعالى: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} (النّساء: 60) . قوله: (كانت الطواغيت) ، هو جمع طاغوت، قال سيبويهٍ: الطاغوت اسم واحد مؤنث، وقال أبو العبّاس محمّد بن يزيد هو عندي جماعة. وقال ابن الأثير: الطاغوت يكون جمعا وواحدا. وقال الجوهري: وطاغوت وإن كان على وزن لاهوت، فهو مقلوب لأنّه من طغى ولاهوت غير مقلوب لأنّه من لاه. لأنّه بمنزلة الرغبوت والرهبوت انتهى. قلت: أصله طغبوت فقدمت الياء على الغين فصار طيغوت فقلبت الياء ألفا لتحركهاوانفتاح ما قبلها، والطاغوت والكاهن والشياطن وكل رأس في الضلال فهو طاغوت. قوله: (في جهينة واحد) ، أي: مسمّى بطاغوت، وجهينة قبيلة، وكذلك أسلم على وزن أفعل التّفصيل. قوله: (كهان) ، بالرّفع لأنّه خبر مبتدأ أي: الطواغيت المذكورة في القبائل كهان، بضم الكاف، جمع كاهن ينزل عليهم الشّيطان فيلقى إليهم الأخبار، والكاهن هو الّذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزّمان ويدعى معرفة الأسرار، وهذا الأثر ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه عن الحسن بن الصّباح: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم حدثني إبراهيم بن عقيل عن أبيه عقيل بن معقل عن وهب بن منبّه. قال: سألت جابر ابن عبد الله عن الطواغيت الحديث بزيادة، وفي هلال واحد). [عمدة القاري: 18/175]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله تعالى: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} [النساء: 60] (كانت الطواغيت) بالمثناة جمع طاغوت (التي يتحاكمون إليها) في الجاهلية (في) قبيلة (جهينة) طاغوت (واحد وفي) قبيلة (أسلم) طاغوت (واحد وفي كل حي) من أحياء العرب (واحد) وهي (كهان) بضم الكاف وتشديد الهاء جمع كاهن (ينزل عليهم الشيطان) بالإخبار عن الكائنات في المستقبل). [إرشاد الساري: 7/84]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالاً بعيدًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: {ألم تر} يا محمّد بقلبك فتعلم إلى الّذين يزعمون أنّهم صدّقوا بما أنزل إليك من الكتاب، وإلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل من قلبك من الكتب {يريدون أن يتحاكموا} في خصومتهم {إلى الطّاغوت} يعني: إلى من يعظّمونه، ويصدرون عن قوله، ويرضون بحكمه من دون حكم اللّه، {وقد أمروا أن يكفروا به} يقول: وقد أمرهم اللّه أن يكذّبوا بما جاءهم به الطّاغوت الّذي يتحاكمون إليه، فتركوا أمر اللّه، واتّبعوا أمر الشّيطان. {ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالاً بعيدًا} يعني أنّ الشّيطان يريد أن يصدّ هؤلاء المتحاكمين إلى الطّاغوت عن سبيل الحقّ والهدى، فيضلّهم عنها ضلالاً بعيدًا، يعني: فيجور بهم عنها جورًا شديدًا.
وقد ذكر أنّ هذه الآية نزلت في رجلٍ من المنافقين دعا رجلاً من اليهود في خصومةٍ كانت بينهما إلى بعض الكهّان ليحكم بينهم ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بين أظهرهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، في هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} قال: كان بين رجلٍ من اليهود ورجلٍ من المنافقين خصومةٌ، فكان المنافق يدعو إلى اليهود لأنّه يعلم أنّهم يقبلون الرّشوة، وكان اليهوديّ يدعو إلى المسلمين لأنّه يعلم أنّهم لا يقبلون الرّشوة، فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهنٍ من جهينة، فأنزل اللّه فيه هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} حتّى بلغ: {ويسلّموا تسليمًا}.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، في هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} فذكر نحوه، وزاد فيه: فأنزل اللّه {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} يعني المنافقين {وما أنزل من قبلك} يعني اليهود {يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} يقول: إلى الكاهن {وقد أمروا أن يكفروا به} أمر هذا في كتابه، وأمر هذا في كتابه أن يكفر بالكاهن.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا ابن عليّة، عن داود، عن الشّعبيّ قال: كانت بين رجلٍ ممّن يزعم أنّه مسلمٌ، وبين رجلٍ من اليهود خصومةٌ، فقال اليهوديّ: أحاكمك إلى أهل دينك، أو قال: إلى النّبيّ؛ لأنّه قد علم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا يأخذ الرّشوة في الحكم. فاختلفا، فاتّفقا على أن يأتيا كاهنًا في جهينة قال: فنزلت: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} يعني: الّذي من الأنصار {وما أنزل من قبلك} يعني: اليهوديّ {يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} إلى الكاهن {وقد أمروا أن يكفروا به} يعني: أمر هذا في كتابه، وأمر هذا في كتابه. وتلا: {ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالاً بعيدًا}، وقرأ: {فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم} إلى: {ويسلّموا تسليمًا}.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: زعم حضرميّ أنّ رجلاً، من اليهود كان قد أسلم، فكانت بينه وبين رجلٍ من اليهود مدارأةٌ في حقٍّ، فقال اليهوديّ له: انطلق إلى نبيّ اللّه. فعرف أنّه سيقضي عليه. قال: فأبى، فانطلقا إلى رجلٍ من الكهّان، فتحاكما إليه.فانزل قال اللّه: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت}.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك} الآية، حتّى بلغ: {ضلالاً بعيدًا} ذكر لنا أنّ هذه الآية نزلت في رجلين: رجلٍ من الأنصار يقال له بشرٌ، وفي رجلٍ من اليهود في مدارأةٍ كانت بينهما في حقٍّ، فتدارءا بينهما فيه، فتنافرا إلى كاهنٍ بالمدينة يحكم بينهما، وتركا نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فعاب اللّه عزّ وجلّ ذلك عليهما. وذكر لنا أنّ اليهوديّ كان يدعوه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ليحكم بينهما، وقد علم أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لن يجور عليه، فجعل الأنصاريّ يأبى عليه وهو يزعم أنّه مسلمٌ ويدعوه إلى الكاهن، فأنزل اللّه تبارك وتعالى ما تسمعون، فعاب ذلك على الّذي زعم أنّه مسلمٌ، وعلى اليهوديّ الّذي هو من أهل الكتاب، فقال: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} إلى قوله: {صدودًا}.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} قال: كان ناسٌ من اليهود قد أسلموا ونافق بعضهم، وكانت قريظة والنّضير في الجاهليّة إذا قتل الرّجل من بني النّضير قتلته بنو قريظة قتلوا به منهم، فإذا قتل الرّجل من بني قريظة قتلته النّضير، أعطوا ديته ستّين وشقًا من تمرٍ. فلمّا أسلم ناسٌ من بني قريظة والنّضير، قتل رجلٌ من بني النّضير رجلاً من بني قريظة، فتحاكموا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال النّضيريّ: يا رسول اللّه، إنّا كنّا نعطيهم في الجاهليّة الدّية، فنحن نعطيهم اليوم ذلك. فقالت قريظة: لا، ولكنّا إخوانكم في النّسب والدّين، ودماؤنا مثل دمائكم، ولكنّكم كنتم تغلبوننا في الجاهليّة، فقد جاء اللّه بالإسلام فأنزل اللّه يعيّرهم بما فعلوا. فقال: {وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس} عيّرهم بما فعلو, ثمّ ذكر قول النّضيريّ: كنّا نعطيهم في الجاهليّة ستّين وسقًا ونقتل منهم ولا يقتلون، فقال: {أفحكم الجاهليّة يبغون} وأخذ النّضيريّ فقتله بصاحبه. فتفاخرت النّضير وقريظة، فقالت النّضير: نحن أكرم منكم، وقالت قريظة: نحن أكرم منكم، ودخلوا المدينة إلى أبي بردة الكاهن الأسلميّ، فقال المنافق من قريظة والنّضير: انطلقوا إلى أبي برزة ينفّر بيننا. وقال المسلمون من قريظة والنّضير: لا، بل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ينفّر بيننا، فتعالوا إليه. فأبى المنافقون، وانطلقوا إلى أبي بردة فسألوه، فقال: أعظموا اللّقمة. يقول: أعظموا الخطر. فقالوا: لك عشرة أوساقٍ
قال: لا، بل مائة وسقٍ ديتي، فإنّي أخاف أن أنفّر النّضير فتقتلني قريظة، أو أنفّر قريظة فتقتلني النّضير فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوساقٍ، وأبى أن يحكم بينهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} وهو أبو بردة، وقد أمروا أن يكفروا به، إلى قوله: {ويسلّموا تسليمًا}.
وقال آخرون: الطّاغوت في هذا الموضع: هو كعب بن الأشرف.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يريدون أن يتحاكموا، إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به} والطّاغوت: رجلٌ من اليهود كان يقال له كعب بن الأشرف، وكانوا إذا ما دعوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول ليحكم بينهم قالوا: بل نحاكمكم إلى كعبٍ؛ فذلك قوله: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} الآية.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك} قال: تنازع رجلٌ من المنافقين ورجلٌ من اليهود، فقال المنافق: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف. وقال اليهوديّ: اذهب بنا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم محمد. فقال اللّه تبارك وتعالى: {ألم تر إلى الّذين يزعمون} الآية والّتي تليها فيهم أيضًا.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} فذكر مثله، إلاّ أنّه قال: وقال اليهوديّ: اذهب بنا إلى محمّدٍ.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، في قوله: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك} إلى قوله: {ضلالاً بعيدًا} قال: كان رجلان من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بينهما خصومةٌ، أحدهم مؤمنٌ، والآخر منافقٌ. فدعاه المؤمن إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف، فأنزل اللّه: {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} قال: تنازع رجلٌ من المؤمنين ورجلٌ من اليهود، فقال اليهوديّ: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف، وقال المؤمن: اذهب بنا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال اللّه: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} إلى قوله: {صدودًا} قال ابن جريجٍ: يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك قال: القرآن، وما أنزل من قبلك قال: التّوراة. قال: يكون بين المسلم والمنافق الحقّ، فيدعوه المسلم إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ليحاكمه إليه، فيأبى المنافق ويدعوه إلى الطّاغوت. قال ابن جريجٍ: قال مجاهدٌ: الطّاغوت: كعب بن الأشرف.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} هو كعب بن الأشرف.
وقد بيّنّا معنى الطّاغوت في غير هذا الموضع، فكرهنا إعادته). [جامع البيان: 7/188-195]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالًا بعيدًا (60)
قوله تعالى: ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك
- حدّثنا محمّد بن عوفٍ الحمصيّ، ثنا أبو اليمان، ثنا صفوان: يعني ابن عمرٍو-، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ قال: كان أبو بردة الأسلميّ كاهناً يقضي بين اليهود، فتنافروا إليه أناسٌ من أسلم من اليهود فأنزل اللّه تعالى ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك قال: تنازع رجلٌ من المنافقين ورجلٌ من اليهود فقال المنافق: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف، وقال اليهوديّ: اذهب بنا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت قال: كان ناسٌ من اليهود قد أسلموا ونافق بعضهم، وكانت قريظة والنّضير في الجاهليّة إذا قتل الرّجل من بني النّضير قتلته بنو قريظة، قتلوا به منهم، فإذا قتل رجلٌ من بني قريظة قتلته بنو النّضير أعطوا ديةً ستّين وسقاً من تمرٍ، فلمّا أسلم ناسٌ من قريظة والنّضير، قتل رجلٌ من بني النّضير رجلا من بني قريظة، فتحاكموا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال النّضيريّ: يا رسول اللّه. إنّا كنّا نعطيهم في الجاهليّة الدّية، فنحن نعطيهم اليوم الدّية، فقالت قريظة: لا، ولكنّا إخوانكم في النسب والدين، دمائنا مثل دماءكم، ولكنّكم كنتم تغلبونا في الجاهليّة، فقد جاء الإسلام فأنزل اللّه تعالى يعيّرهم بما فعلوا فقال وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس يعيّرهم ثمّ ذكر قول النّضيريّ: كنّا نعطيهم في الجاهليّة ستّين وسقاً ونقتل منهم ولا يقتلونا، فقال: أفحكم الجاهليّة يبغون.
فأخذ النّضيريّ وقتله بصاحبه، فتفاخرت النّضير وقريظة، فقالت النّضير: نحن أكرم منكم. وقالت قريظة: نحن أكرم منكم، فدخلوا المدينة إلى أبي بردة الكاهن الأسلميّ. قال المنافقون من قريظة والنّضير: انطلقوا بنا إلى أبي بردة ينفر بيننا قال المسلمون من قريظة والنّضير: لا، بل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ينفر بيننا، فتعالوا إليه، فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي بردة فسألوا، فقال: اعظموا اللّقمة يقول: اعظموا الخطر فأنزل اللّه تعالى: يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت
قوله تعالى: الطاغوت
قد تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالا بعيدا
- حدّثنا أبي، ثنا خالد بن خداشٍ المهلّبيّ، ثنا حمّاد بن زيدٍ عن الزّبير بن خرّيتٍ عن عكرمة قال: إنّما سمّي الشّيطان لأنّه تشيطن.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: وقد أمروا أن يكفروا به وهو أبو الأسلميّ الكاهن). [تفسير القرآن العظيم: 3/991-992]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال تنازع رجل من المنافقين ورجل من اليهود فقال اليهودي اذهب بنا إلى محمد وقال المنافق اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف فأنزل الله يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وهو كعب بن الأشرف). [تفسير مجاهد: 163-164]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا} [النساء: 60] الآية.
- عن ابن عبّاسٍ قال: «كان أبو برزة الأسلميّ يقضي بين اليهود فيما يتنافرون إليه، فتنافر إليه ناسٌ من المسلمين، فأنزل اللّه - تعالى -: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به} [النساء: 60] إلى قوله: {إن أردنا إلّا إحسانًا وتوفيقًا} [النساء: 62]».
رواه الطّبرانيّ، ورجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/6]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال: كان أبو برزة الأسلمي كاهنا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه فتنافر إليه ناس من المسلمين، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا} إلى قوله {إحسانا وتوفيقا}.
وأخرج ابن إسحاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان الجلاس بن الصامت قبل توبته ومعتب بن قشير ورافع بن زيد وبشير كانوا يدعون الإسلام فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية، فأنزل الله فيهم {ألم تر إلى الذين يزعمون} الآية.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الشعبي قال: كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة - وفي لفظ: ورجل ممن زعم أنه مسلم – فجعل اليهودي يدعوه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأنه قد علم أنه لا يأخذ الرشوة في الحكم ثم اتفقا على أن يتحاكما إلى كاهن في جهينة، فنزلت {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا} الآية، إلى قوله {ويسلموا تسليما}.
وأخرج ابن جرير عن سليمان التيمي قال: زعم حضرمي أن رجلا من اليهود كان قد أسلم فكانت بينه وبين رجل من اليهود مدارأة في حق، فقال اليهودي له: انطلق إلى نبي الله، فعرف أنه سيقضي عليه فأبى فانطلقا إلى رجل من الكهان فتحاكما إليه، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزعمون} الآية.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجل من الأنصار ورجل من اليهود في مدارأة كانت بينهما في حق تدارآ فيه فتحاكما إلى كاهن كان بالمدينة وتركا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب الله ذلك عليهما وقد حدثنا أن اليهودي كان يدعوه إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم وكان لا يعلم أنه لا يجوز عليه وكان يأبى عليه الأنصاري الذي زعم أنه مسلم، فأنزل الله فيهما ما تسمعون عاب ذلك على الذي زعم أنه مسلم وعلى صاحب الكتاب.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: كان ناس من اليهود قد أسلموا ونافق بعضهم وكانت قريظة والنضير في الجاهلية إذا قتل الرجل من بني النضير قتلته بنو قريظة قتلوا به منهم فإذا قتل رجل من بني قريظة قتلته النضير أعطوا ديته ستين وسقا من تمر فلما أسلم أناس من قريظة والنضير قتل رجل من بني النضير رجلا من بني قريظة فتحاكموا إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال النضيري: يا رسول الله إنا كنا نعطيهم في الجاهلية الدية فنحن نعطيهم اليوم الدية فقالت قريظة: لا ولكنا إخوانكم في النسب والدين ودماؤنا مثل دمائكم ولكنكم كنتم تغلبونا في الجاهلية فقد جاء الإسلام فأنزل الله تعالى يعيرهم بما فعلوا فقال (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) (المائدة الآية 45) يعيرهم ثم ذكر قول النضيري: كنا نعطيهم في الجاهلية ستين وسقا ونقتل منهم ولا يقتلون منا فقال (أفحكم الجاهلية يبغون) (المائدة الآية 50) فأخذ النضيري فقتله بصاحبه، فتفاخرت النضير وقريظة فقالت النضير: نحن أقرب منكم، وقالت قريظة: نحن أكرم منكم، فدخلوا المدينة إلى أبي برزة الكاهن الأسلمي فقال المنافقون من قريظة والنضير: انطلقوا بنا إلى أبي برزة ينفر بيننا فتعالوا إليه فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي برزة وسألوه فقال: أعظموا اللقمة، يقول: أعظموا الخطر، فقالوا لك عشرة أوساق قال: لا بل مائة وسق ديتي فإني أخاف أن أنفر النضير فتقتلني قريظة أو أنفر قريظة فتقتلني النضير، فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوساق وأبى أن يحكم بينهم فأنزل الله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} إلى قوله {ويسلموا تسليما}
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} قال: الطاغوت، رجل من اليهود كان يقال له كعب بن الأشرف وكانوا إذا ما دعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ليحكم بينهم قالوا: بل نحاكمهم إلى كعب، فذلك قوله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت}.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: تنازع رجل من المنافقين ورجل من اليهود فقال المنافق: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف وقال اليهودي: اذهب بنا إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزعمون} الآية، واخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال: كان رجلان من أصاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم بينهما خصومة أحدهما مؤمن والآخر منافق فدعاه المؤمن إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف، فأنزل الله {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا}.
وأخرج الثعلبي عن ابن عباس في قوله {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا} الآية قال: نزلت في رجل من المنافقين يقال له بشر خاصم يهوديا فدعاه اليهودي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف ثم إنهما احتكما إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقضى لليهودي فلم يرض المنافق، وقال: تعال نتحاكم إلى عمر بن الخطاب، فقال اليهودي لعمر: قضى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرض بقضائه، فقال للمنافق: أكذلك قال: نعم، فقال عمر: مكانكما حتى أخرج إليكما، فدخل عمر فاشتمل على سيفه ثم خرج فضرب عنق المنافق حتى برد ثم قال: هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله: فنزلت.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} قال: هو كعب بن الأشرف.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: الطاغوت والشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه وهو صاحب أمرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: سألت جابر بن عبد الله عن الطواغيت التي كانوا يتحاكمون إليها قال: إن في جهينة واحدا وفي أسلم واحدا وفي هلال واحدا وفي كل حي واحدا وهم كهان تنزل عليهم الشياطين). [الدر المنثور: 4/514-518]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) )
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه تعالى: {يصدّون عنك صدودًا} قال: الصّدود: الإعراض). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 119]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: ألم تر يا محمّد إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك من المنافقين، وإلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل من قبلك من أهل الكتاب، يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه} يعني بذلك: وإذا قيل لهم: هلمّوا إلى حكم اللّه الّذي أنزله في كتابه، {وإلى الرّسول} ليحكم بيننا {رأيت المنافقين يصدّون عنك} يعني بذلك: يمتنعون من المصير إليك لتحكم بينهم، ويمنعون من المصير إليك كذلك غيرهم صدودًا.
وقال ابن جريجٍ في ذلك بما:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول} قال: دعا المسلم المنافق إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليحكم بينهم قال: رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا.
وأمّا على تأويل قول من جعل ذلك الدّاعي إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم اليهوديّ والمدعو إليه المنافق على ما ذكرت من أقوال من قال ذلك في تأويل قوله: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} فإنّه على ما بيّنت قبل). [جامع البيان: 7/195-196]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا (61)
قوله تعالى: وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ ثنا أبي، حدّثني عمّي الحسين حدّثني أبي عن أبيه عن ابن عبّاسٍ قوله: وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدوداً قال: كانوا إذا دعوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول ليحكم بينهم، قالوا: بل نتحاكم إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به، ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالا بعيداً). [تفسير القرآن العظيم: 3/992]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (واخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول} قال: دعا المسلم المنافق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم
وأخرج ابن المنذر عن عطاء في قوله {يصدون عنك صدودا} قال: الصدود: الإعراض). [الدر المنثور: 4/518-519]

تفسير قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فكيف إذا أصابتهم مّصيبةٌ بما قدّمت أيديهم ثمّ جاءوك يحلفون باللّه إن أردنا إلاّ إحسانًا وتوفيقًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: فكيف بهؤلاء الّذين يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت، وهم يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك {إذا أصابتهم مصيبةٌ} يعني: إذا نزلت بهم نقمةٌ من اللّه {بما قدّمت أيديهم} يعني: بذنوبهم الّتي سلفت منهم {ثمّ جاءوك يحلفون باللّه} يقول: ثمّ جاءوك يحلفون باللّه كذبًا وزورًا {إن أردنا إلاّ إحسانًا وتوفيقًا} وهذا خبرٌ من اللّه تعالى ذكره عن هؤلاء المنافقين أنّهم لا يردعهم عن النّفاق الغير والنّقم، وأنّهم وإن نأتهم عقوبةٌ من اللّه على تحاكمهم إلى الطّاغوت، لم ينيبوا ولم يتوبوا، ولكنّهم يحلفون باللّه كذبًا وجرأةً على اللّه ما أردنا باحتكامنا إليه إلاّ الإحسان من بعضنا إلى بعضٍ، والصّواب فيما احتكمنا فيه إليه باحتكامنا إليه). [جامع البيان: 7/196]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فكيف إذا أصابتهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم ثمّ جاءوك يحلفون باللّه إن أردنا إلّا إحسانًا وتوفيقًا (62)
قوله تعالى: فكيف إذا أصابتهم مصيبةٌ بما قدمت أيديهم ثم جاؤك يحلفون باللّه إن أردنا إلّا إحسانًا وتوفيقًا
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، أنبأ أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن، يعني: عن قوله: فكيف إذا أصابتهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم قال: عقوبةٌ لهم بنفاقهم وكرهوا حكم اللّه، ثم جاؤك يحلفون باللّه إن أردنا إلّا إحسانًا وتوفيقًا.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا ابن أبي حمّادٍ، ثنا إبراهيم بن المختار عن ابن جريجٍ في قوله: أصابتهم مصيبةٌ يقول: بما قدّمت أيديهم في أنفسهم وبين ذلك ما بين ذلك، قل لهم قولا بليغاً). [تفسير القرآن العظيم: 3/992]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {فكيف إذا أصابتهم مصيبة} في أنفسهم وبين ذلك ما بينهما من القرآن هذا من تقديم القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {أصابتهم مصيبة} يقول: بما قدمت أيديهم في أنفسهم وبين ذلك ما بين ذلك قل لهم قولا بليغا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم} قال: عقوبة لهم بنفاقهم وكرههم حكم الله). [الدر المنثور: 4/519]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولئك الّذين يعلم اللّه ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغًا}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {أولئك} هؤلاء المنافقون الّذين وصفت لك يا محمّد صفتهم، يعلم اللّه ما في قلوبهم، في احتكامهم إلى الطّاغوت، وتركهم الاحتكام إليك، وصدودهم عنك، من النّفاق والزّيغ، وإن حلفوا باللّه ما أردنا إلاّ إحسانًا وتوفيقًا {فأعرض عنهم وعظهم} يقول: فدعهم فلا تعاقبهم في أبدانهم وأجسامهم، ولكن عظهم بتخويفك إيّاهم بأس اللّه أن يحلّ بهم، وعقوبته أن تنزل بدارهم، وحذّرهم من مكروه ما هم عليه من الشّكّ في أمر اللّه وأمر رسوله {وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغًا} يقول: مرهم باتّقاء اللّه والتّصديق به وبرسوله ووعده ووعيده). [جامع البيان: 7/197]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أولئك الّذين يعلم اللّه ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولًا بليغًا (63)
قوله تعالى: أولئك الّذين يعلم اللّه ما في قلوبهم فأعرض عنهم إلى قوله: بليغا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قال: تنازع رجلٌ من المنافقين ورجلٌ من اليهود، فقال المنافق: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف، وقال اليهوديّ: اذهب بنا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال اللّه تعالى أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا). [تفسير القرآن العظيم: 3/993]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {فأعرض عنهم} ذلك لقوله {وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا}). [الدر المنثور: 4/519]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 09:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: -
{ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالا بعيدا} يعنى به: المنافقون.
{أنّهم} تنوب عن اسم الزعم وخبره.
وقوله:
{يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} إلى الكاهن والشيطان.
ويروى أن رجلا من المنافقين نازعه رجل من اليهود، فقال اليهودي: بيني وبينك أبو القاسم، وقال المنافق: بيني وبينك الكاهن، فلم يرض اليهودي بالكاهن وصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فحكم لليهودي على المنافق، فقال المنافق: لا أرضى، بيني وبينك أبو بكر، فحكم أبو بكر أيضا لليهودي، فلم يرض المنافق وقال: بيني وبينك عمر فصارا إلى عمر فأخبره اليهودي بأن المنافق قد حكم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر فلم يرض بحكمهما، فقال عمر للمنافق:
أكذاك؟ قال: نعم، فقال عمر: اصبروا فإن لي حاجة أدخل فأقضيها وأخرج إليكما، فدخل وأخذ سيفه وخرج إلى المنافق فضربه بالسيف حتى قتله، فجاء أهله فشكوا عمر إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن قصته فقال عمر: إنه ردّ حكمك يا رسول اللّه، فقال رسول اللّه: ((أنت الفاروق)).). [معاني القرآن: 2/68-69]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} قال الضحاك: نزل هذا في رجلين اختصما أحدهما يهودي والآخر منافق فقال اليهودي: بيني وبينك محمد، وقال المنافق: بيني وبينك كعب بن الأشرف).
[معاني القرآن: 2/125]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودا} أي: يصدّون عن، حكمك).
[معاني القرآن: 2/69]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا} أي: يصدون عن حكمك).
[معاني القرآن: 2/125]

قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( {يصدون عنك صدودا} أي: يعرضون عنك إعراضا، وصد، أي: أعرض، وصد: ضج، وصد: منع، وصد: هجر، وصد يصد، إذا ضج، والباقي كله من: فعل يفعل مضموم). [ياقوتة الصراط: 199]

تفسير قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدّمت أيديهم ثمّ جاءوك يحلفون باللّه إن أردنا إلّا إحسانا وتوفيقا} أي: فكيف تكون حالهم إذا قتل صاحبهم بما أظهر من الخيانة وردّ حكم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله:
{ثمّ جاءوك يحلفون باللّه إن أردنا إلّا إحسانا وتوفيقا} أي: ما أردنا بمطالبتنا بدم صاحبنا إلا إحسانا وطلبا لما يوافق الحق). [معاني القرآن: 2/69]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل:
{فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم} المعنى: فكيف حالهم إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم {ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا}.

يروى أن: عمر قتل المنافق الذي قال لليهودي امض بنا إلى كعب بن الأشرف يقض بيننا فجاء أصحابه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحلفون بالله إن أردنا بطلب الدم إلا إحسانا وموافقة للحق،
وقيل المعنى: إذا نزلت بهم عقوبة لم تردعهم وحلفوا كاذبين أنهم ما أرادوا باحتكامهم إليه إلا الإحسان من بعضهم إلى بعض والصواب فيه). [معاني القرآن: 2/125-127]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (
{أولئك الّذين يعلم اللّه ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا}
اللّه يعلم ما في قلوب أولئك وقلوب غيرهم، إلا أن الفائدة في ذكره ههنا الذين يعلم الله ما في قلوبهم أي أولئك الذين قد علم اللّه أنهم منافقون.
والفائدة لنا هي: اعلموا أنهم منافقون.

وقوله جلّ وعزّ:
{فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا} أي: أعلمهم أنهم إن ظهر منهم ردّ لحكمك وكفر، فالقتل حقهم.
يقال قول بليغ إذا كان يبلغ بعبارة لسانه كنه ما في قلبه، ويقال أحمق بلغ وبلغ.
وفيه قولان:

1- إنّه أحمق يبلغ حيث يريد.
2- ويكون " أحمق بلغ وبلغ " قد بلغ في الحماقة.
والقول الأول: قول من يوثق بعلمه، والثاني: وجه جيد). [معاني القرآن: 2/69-70]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم} وهو عالم بكل شيء، والفائدة: أنه قد علم أنهم منافقون فأعلموا ذلك).
[معاني القرآن: 2/127]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا} أي: قل لهم من خالف حكم النبي صلى الله عليه وسلم وكفر به وجب عليه القتل).
[معاني القرآن: 2/127]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 01:03 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر المنافقين وما في التنزيل من ذكرهم ومن ذكر
الكفار. يقال –والله أعلم: إنما سمي المنافق منافقا لأنه نافق كاليربوع، وإنما هو دخوله نافقاءه.
يقال منه: قد نفق فيه ونافق وهو جحره، وله جحر آخر يقال له: القاصعاء، فإذا طلب قصع فخرج من القاصعاء، فهو يدخل في النافقاء ويخرج من القاصعاء، أو يدخل في القاصعاء ويخرج
من النافقاء.
فيقال: هكذا يفعل المنافق يدخل في الإسلام ثم يخرج منه من غير الوجه الذي دخل فيه.
وأما الكافر فيقال - والله أعلم-: إنه إنما سمي كافرا لأنه متكفر بالله كالمتكفر بالسلاح، وهو الذي قد ألبسه السلاح حتى غطى كل شيء منه، وكذلك غطى الكفر قلب الكافر.
ولهذا قيل لليل كافر، لأنه ألبس كل شيء قال لبيد يذكر الشمس:
حتى إذا ألقت يدا في كافر = وأجن عورات الثغور ظلامها
الثغور: الخلل.
وقال أيضا:
في ليلة كفر النجوم غمامها
يقال: غطاها السحاب.
وقد يقال في المنافق أيضا: إنما سمي منافقا للنفق، وهو السرب في الأرض، والتفسير الأول أعجب إلي.
ويقال في الكافر: سمي بذلك للجحود، كما يقال: كافرني فلان حقي: إذا جحدني). [غريب الحديث: 2/282-286]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (


ترعى بأذناب الشعاب ودونها = رجال يَصُدّون الظلوم عن الهوى
...
يقال: صَدَدْتُ وأَصْدَدْتُ ويَصُدُّون ويُصِدُّون، ويَصِدُّون لغة). [شرح ديوان كعب بن زهير: 133]

تفسير قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) }

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 02:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 02:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 02:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 02:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالاً بعيداً (60) وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدوداً (61)
تقول العرب: زعم فلان كذا، في الأمر الذي يضعف فيه التحقيق وتتقوى فيه شبه الإبطال، فغاية درجة الزعم إذا قوي أن يكون مظنونا، يقال: «زعم» بفتح الزاي وهو المصدر، «وزعم» بضمها وهو الاسم وكذلك زعم المنافقين أنهم مؤمنون، هو مما قويت فيه شبهة الإبطال لسوء أفعالهم، حتى صححها الخبر من الله تعالى عنهم، ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «بئس مطية الرجل زعموا» وقد قال الأعشى: [المتقارب]
ونبّئت قيسا ولم أبله = كما زعموا خير أهل اليمن
فقال الممدوح: وما هو إلا الزعم وحرمه، وإذا قال سيبويه: زعم الخليل، فإنما يستعملها فيما انفرد الخليل به، وكان أقوى رتب «زعم» أن تبقى معها عهدة الخبر على المخبر، و «أن» معمولة ل يزعمون.
وقال عامر الشعبي وغيره: نزلت الآية في منافق اسمه بشر، خاصم رجلا من اليهود، فدعاه اليهودي إلى المسلمين لعلمه أنهم لا يرتشون، وكان هو يدعو اليهودي إلى اليهود لعلمه أنهم يرتشون، فاتفقا بعد ذلك على أن أتيا كاهنا كان بالمدينة فرضياه، فنزلت هذه الآية فيهما وفي صنفيهما، «فالذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل» على محمد هم المنافقون، «والذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل» من قبله هم اليهود، وكل قد أمر في كتابه بالكفر بالطاغوت، والطّاغوت هنا الكاهن المذكور، فهذا تأنيب للصنفين، وقال ابن عباس: الطّاغوت هنا هو كعب بن الأشرف، وهو الذي تراضيا به، فعلى هذا إنما يؤنب صنف المنافقين وحده، وهم الذين آمنوا بما أنزل على محمد وبما أنزل من قبله بزعمهم، لأن اليهود لم يؤمروا في شرعهم بالكفر بالأحبار، وكعب منهم، وذكر النقاش: أن كعبا هذا أصله من طيئ وتهود، وقال مجاهد: نزلت في مؤمن ويهودي، وقالت فرقة: نزلت في يهوديين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذان القولان بعيدان من الاستقامة على ألفاظ الآية، وقال السدي: نزلت في المنافقين من قريظة والنضير، وذلك أنهم تفاخروا بسبب تكافؤ دمائهم، إذ كانت النضير في الجاهلية تدي من قتلت، وتستقيد إذا قتلت قريظة منهم، فأبت قريظة لما جاء الإسلام، وطلبوا المنافرة، فدعا المؤمنون منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا المنافقون إلى أبي بردة الكاهن، فنزلت الآية فيهم، وحكى الزجّاج: أن المنافق المتقدم الذكر أو غيره اختصم عند النبي صلى الله عليه وسلم فقضى في أمره، فخرج وقال لخصمه: لا أرضى بحكمه، فذهبا إلى أبي بكر فقضى بينهما، فقال المنافق: لا أرضى، فذهبا إلى عمر فوصفا له جميع ما فعلا، فقال لهما: اصبرا حتى أقضي حاجة في منزلي ثم أخرج فأحكم بينكما، فدخل وأخذ سيفه وخرج، فضرب المنافق حتى برد، وقال: هذا حكمي فيمن لم يرض بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية، وقال الحسن: احتكم المنافقون بالقداح التي يضرب بها عند الأوثان فنزلت الآية.
ويضلّهم معناه: يتلفهم، وجاء ضلالًا على غير المصدر، تقديره: «فيضلون ضلالا»، وبعيداً عبارة عن عظم الضلال وتمكنه حتى يبعد الرجوع عنه والاهتداء معه). [المحرر الوجيز: 2/589-591]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور «تعالوا» بفتح اللام، وقرأ الحسن فيما روى عنه قتادة «تعالوا» بضمة، قال أبو الفتح:
وجهها أن لام الفعل من «تعاليت» حذفت تخفيفا، وضمت اللام التي هي عين الفعل، وذلك لوقوع واو الجمع بعدها، كقولك: تقدموا وتأخروا، وهي لفظة مأخوذة من العلو، لما استعملت في دعاء الإنسان وجلبه وأشخاصه، سيقت من العلو تحسينا للأدب، كما تقول: ارتفع إلى الحق، ونحوه، ورأيت هي رؤية عين لمن صد من المنافقين مجاهرة وتصريحا، وهي رؤية قلب لمن صد منهم مكرا وتخابثا ومسارقة حتى لا يعلم ذلك منه إلا بالتأويل عليه والقرائن الصادرة عنه، فإذا كانت رؤية عين ف يصدّون في موضع نصب على الحال، وإذا كانت رؤية قلب ف يصدّون نصب على المفعول الثاني، وصدوداً مصدر عند بعض النحاة من صد، وليس عند الخليل بمصدر منه، والمصدر عنده «صدا» وإنما ذلك لأن فعولا إنما هو مصدر للأفعال غير المتعدية. كجلس جلوسا، وقعد قعودا و «صد» فعل متعد بنفسه مرة كما قال: فصدّهم عن السّبيل [النمل: 24- العنكبوت: 38]، ومرة بحرف الجر كقوله تعالى: يصدّون عنك صدوداً وغيره، فمصدره: صد، وصدوداً اسم). [المحرر الوجيز: 2/591-592]

تفسير قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: فكيف إذا أصابتهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم ثمّ جاؤك يحلفون باللّه إن أردنا إلاّ إحساناً وتوفيقاً (62) أولئك الّذين يعلم اللّه ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً (63) وما أرسلنا من رسولٍ إلاّ ليطاع بإذن اللّه ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا اللّه واستغفر لهم الرّسول لوجدوا اللّه توّاباً رحيماً (64)
قالت فرقة: هي في المنافقين الذين احتكموا حسب ما تقدم، فالمعنى: فكيف بهم إذا عاقبهم الله بهذه الذنوب بنقمة منه؟ ثم حلفوا إن أردنا بالاحتكام إلى الطاغوت إلا توفيق الحكم وتقريبه، دون مر الحكم وتقصي الحق، وقالت فرقة: هي في المنافقين الذين طلبوا دم الذي قتله عمر، فالمعنى: فكيف بهم إذا أصابتهم مصيبةٌ في قتل قريبهم ومثله من نقم الله تعالى، ثم إنهم حلفوا ما أرادوا بطلب دمه إلّا إحساناً وحقا، نحا إليه الزجّاج، وموضع «كيف» نصب بفعل تقديره: فكيف تراهم ونحوه، ويصح أن يكون موضعها رفعا، تقديره: فكيف صنيعهم). [المحرر الوجيز: 2/592-593]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: أولئك الّذين يعلم اللّه ما في قلوبهم تكذيب المنافقين المتقدم ذكرهم وتوعدهم، أي فهو مجازيهم بما يعلم، و «أعرض عنهم» يعني عن معاقبتهم، وعن شغل البال بهم، وعن قبول أيمانهم الكاذبة في قوله يحلفون وليس بالإعراض الذي هو القطيعة والهجر، فإن قوله: وعظهم يمنع من ذلك، وعظهم معناه بالتخويف من عذاب الله، وغيره من المواعظ، والقول البليغ اختلف فيه، فقيل: هو الزجر والردع والكف بالبلاغة من القول، وقيل: هو التوعد بالقتل إن استداموا حالة النفاق، قاله الحسن، وهذا أبلغ ما يكون في نفوسهم، والبلاغة: مأخوذة من بلوغ المراد بالقول، وحكي عن مجاهد أن قوله: في أنفسهم، متعلق بقوله: مصيبةٌ وهو مؤخر بمعنى التقديم، وهذا ضعيف). [المحرر الوجيز: 2/593]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 02:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 02:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالا بعيدًا (60) وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا (61) فكيف إذا أصابتهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم ثمّ جاءوك يحلفون باللّه إن أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا (62) أولئك الّذين يعلم اللّه ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغًا (63)}.
هذا إنكارٌ من اللّه، عزّ وجلّ، على من يدّعي الإيمان بما أنزل اللّه على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين، وهو مع ذلك يريد التّحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب اللّه وسنّة رسوله، كما ذكر في سبب نزول هذه الآية: أنّها في رجلٍ من الأنصار ورجلٍ من اليهود تخاصما، فجعل اليهوديّ يقول: بيني وبينك محمّدٌ. وذاك يقول: بيني وبينك كعب بن الأشرف. وقيل: في جماعةٍ من المنافقين، ممّن أظهروا الإسلام، أرادوا أن يتحاكموا إلى حكّام الجاهليّة. وقيل غير ذلك، والآية أعمّ من ذلك كلّه، فإنّها ذامّةٌ لمن عدل عن الكتاب والسّنّة، وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل، وهو المراد بالطّاغوت هاهنا؛ ولهذا قال: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت [وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالا بعيدًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/346]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا]}.
وقوله: {يصدّون عنك صدودًا} أي: يعرضون عنك إعراضًا كالمستكبرين عن ذلك، كما قال تعالى عن المشركين: {وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل اللّه قالوا بل نتّبع ما وجدنا عليه آباءنا} [لقمان:21] هؤلاء وهؤلاء بخلاف المؤمنين، الّذين قال اللّه فيهم: {إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا [وأطعنا وأولئك هم المفلحون]} [النّور: 51] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/346]

تفسير قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {فكيف إذا أصابتهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم ثمّ جاءوك يحلفون باللّه إن أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا (62)}
ثمّ قال تعالى في ذمّ المنافقين: {فكيف إذا أصابتهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم} أي: فكيف بهم إذا ساقتهم المقادير إليك في مصائب تطرقهم بسبب ذنوبهم واحتاجوا إليك في ذلك، {ثمّ جاءوك يحلفون باللّه إن أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا} أي: يعتذرون إليك ويحلفون: ما أردنا بذهابنا إلى غيرك، وتحاكمنا إلى عداك إلّا الإحسان والتّوفيق، أي: المداراة والمصانعة، لا اعتقادًا منّا صحّة تلك الحكومة، كما أخبرنا تعالى عنهم في قوله: {فترى الّذين في قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم يقولون نخشى [أن تصيبنا دائرةٌ فعسى اللّه أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده] فيصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين} [المائدة:52].
وقد قال الطّبرانيّ: حدّثنا أبو زيدٍ أحمد بن يزيد الحوطيّ، حدّثنا أبو اليمان، حدّثنا صفوان بن عمر، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ. قال: كان أبو برزة الأسلميّ كاهنًا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه فتنافر إليه ناسٌ من المسلمين فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك [يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت]} إلى قوله: {إن أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/346-347]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {أولئك الّذين يعلم اللّه ما في قلوبهم} [أي] هذا الضّرب من النّاس هم المنافقون، واللّه يعلم ما في قلوبهم وسيجزيهم على ذلك، فإنّه لا تخفى عليه خافيةٌ، فاكتف به يا محمّد فيهم، فإنّ اللّه عالمٌ بظواهرهم وبواطنهم؛ ولهذا قال له: {فأعرض عنهم} أي: لا تعنّفهم على ما في قلوبهم {وعظهم} أي: وانههم على ما في قلوبهم من النّفاق وسرائر الشّرّ {وقل لهم في أنفسهم قولا بليغًا} أي: وانصحهم فيما بينك وبينهم بكلامٍ بليغٍ رادعٍ لهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/347]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة