سورة الشرح
[ من الآية (1) إلى آخر السورة ]
{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)}
قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (قال أبو عبد الله: {ألم نشرح} [1] هذه الألف ألف تقرير بلفظ الاستفهام، و{ألم نشرح} تأويله: ألم نوسع صدرك يا محمد بالنور الذي جعلته فيه، نور الإيمان والرحمة والهداية كقوله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلم} فقال عبد الله بن مسعود: «يا رسول الله أو يشرح الصدر؟ قال: نعم بنور يدخله الله فيه. فقال: وما أمارة ذلك؟ قال: التجافي عن دار الغرور، ولإنابة إلى دار القرار، والاستعداد للموت قبل الموت». وكان أربعمائة رجل من أصحاب النبي عليه السلام من أصحاب الصفة مسلمين إذا تصدقوا عليهم أكلوا وتصدقوا بفضله على المشركين. وكانوا يأوون بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده، ولم يكن لهم بالمدينة قبيلة ولا عشيرة فخرجوا في غزوة من الغزوات فقتل منهم سبعون رجلاً، فشق ذلك على النبي عليه السلام وعلى أصحابه، فكانوا يدعون عليهم في دبر كل صلاة، فأنزل الله قوله: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظلمون} وأنزل الله تعالى: {ألم نشرح لك صدرك} بالتوحيد. وقول: لا إله إلا الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/500]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (الخليل بن أسد النوشحاني قال حدثنا أبو العباس العروضي قال: سمعت أبا جعفر المنصور يقرأ: [أَلَمْ نَشْرَحَ لَكَ صَدْرَكَ].
قال ابن مجاهد: وهذا غير جائز أصلا، وإنما ذكرته لتعرفه.
قال أبو الفتح ظاهر الأمر ومألوف الاستعمال ما ذكره ابن مجاهد، غير أنه قد جاء مثل هذا سواء في الشعر. قرأت على أبي علي في نوادر أبي زيد:
من أي يومي من الموت أفر ... أيوم لم يقدر أم يوم قدر
قيل: أراد: لم يقدر، بالنون الخفيفة، وحذفها. وهذا عندنا غير جائز، وذلك أن هذه النون للتوكيد، والتوكيد أشبه شيء به الإسهاب والإطناب، لا الإيجاز والاختصار. لكن فيه قول ذو صنعة، وقد ذكرته في كتابي الموسوم بسر الصناعة.
[المحتسب: 2/366]
وفي نوادر أبي زيد أيضا بيت آخر، ويقال: إنه مصنوع، وهو قوله:
اضرب عنك الهموم طارقها ... ضربك بالسيف قونس الفرس
فقالوا: أراد: اضربا، بالنون الخفيفة، وحذفها.
وقرأ أنس فيما رواه أبان عنه: [وَحَطَطْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ]، قال: قلت يا أبا حمزة! "ووضعنا"، قال: وضعنا وحللنا وحططنا عنك وزرك سواء. إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على سبعة أحرف، ما لم تخلط مغفرة بعذاب، أو عذابا بمغفرة.
قال أبو الفتح: قد سبقت مثل هذه الحكاية سواء عن أنس، وهذا ونحوه هو الذي سوغ انتشار هذه القراءات، ونسأل الله توفيقا). [المحتسب: 2/367]
قوله تعالى: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( {ووضعنا عنك وزرك} [2] يعني حططنا عنك ذنبك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/500]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (وقرأ أنس فيما رواه أبان عنه: [وَحَطَطْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ]، قال: قلت يا أبا حمزة! "ووضعنا"، قال: وضعنا وحللنا وحططنا عنك وزرك سواء. إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على سبعة أحرف، ما لم تخلط مغفرة بعذاب، أو عذابا بمغفرة.
قال أبو الفتح: قد سبقت مثل هذه الحكاية سواء عن أنس، وهذا ونحوه هو الذي سوغ انتشار هذه القراءات، ونسأل الله توفيقا). [المحتسب: 2/367] (م)
قوله تعالى: {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ({الذي أنقض ظهرك} [3] أي: أثقل، يعني تعالى قوله: {ليغفر لك
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/500]
الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/501]
قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ({ورفعنا ذكرك} [4] إذا قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن محمدًا رسول الله.
حدثني أبو الأزرق قال: حدثني بن الربيع قال: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: {ورفعنا لك ذكرك} قال: لا أذكر إلا ذكرت معي أشهد أن لا غله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/501]
قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- وقوله تعالى: {إن مع العسر يسرا} [5].
اتفقت القراء السبعة على تسكين السين، وإنما ذكرته لأن أبا جعفر المدني ويحيى بن وثاب قرآ: {مع العسر يسرا} بضمتين ضمتين في كلا الحرفين. وقال ابن عباس: لا يغلب يسرين عسر واحد، فأنبا أن ها هنا يسرين اثنين، وعسرًا واحدًا، وإن كانت في اللفظ أربعة، ومعنى ذلك في العربية وتقديره: أن العرب إذا ذكرت اسم المنكور ثم أعادته بالألف واللام كقولك: كسبت درهما وأنفقت الدرهم الذي كسبته. فلو كان اليسر الثاني هو الأول لأدخلت عليه الألف واللام فكنت قائلا: وإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا. إن العسر يسر، فلما كرر بغير ألف ولام دل على أن الثاني غير الأول. وهذا دقيق من علم القرآن. وإنما فتقها ترجمان القرآن ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له وبأن يعلمه كتاب الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/501]
قوله تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)}
قوله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (وقال ابن مجاهد: ما قرأ أحد إلا {فإذا فرغت فانصب} [7] بفتح الزاي. فأما العرب فمنهم من يقول فرغ يفرغ مثل سجد يسجد، وفرغ يفرغ مثل دبغ يدبغ، وفرغ يفرغ مثل قبل يقبل، وفرغ يفرغ مثل ضرب يضرب،
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/501]
وفرغ يفرغ مثل شرب يشرب كل ذلك صواب بحمد الله. والمعنى: فإذا فرغت من الصلاة فانصب للدعاء وارغب إلى ربك. وكان شريح يذهب إلى أن العبد يجب عليه أن يرغب إلى ربه وينصب في كل حال إذا كان فارغًا من صلاة وغيرها.
حدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء، قال: حدثني قيس [بن الربيع] عن أبي حصين، قال: مر شريح برجلين يصطرعان فقال: ليس بهذا أمر الفارغ، إنما قال تعالى: {فإذا فرغت فانصب} حدثني أحمد بن عبدان عن على عن أبي عبيد: «أن النبي عليه السلام مر بقوم يربعون حجرًا، فقال: ما هذا؟ قالوا: حجر الأشداء قال: أولا أدلكم على أشدكم، من ملك نفسه عند الغضب». قال: أبو عبد الله وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومثله إن العرب تقول: (الغضب غول الحليم) أي: هلاكه، ومعنى يربعون حجرًا: الربع: الإشالة ليعلم بذلك قوة الإنسان من ضعفه، ويقال للعصا الذي تحمل بها الجوالق: المربعة، وينشده:
أين الشاظان وأين المربعة
وأين وسق الناقة المطبعة
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/502]
ويرون: (الجلنفعة) وتفسير هذا البيت في كتاب [........]). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/503]
قوله تعالى: {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين