{فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19) فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآَنُ لَا يَسْجُدُونَ (21) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)}
قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16)}
قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17)}
قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18)}
قوله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لتركبنّ طبقًا عن طبقٍ (19).
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي (لتركبنّ) بفتح الباء.
وقرأ الباقون (لتركبنّ) بضم الباء.
[معاني القراءات وعللها: 3/134]
قال أبو منصور: من قرأ (لتركبنّ) بفتح الباء فمعناه: لتركبنّ يا محمد (طبقًا عن طبق) أي طبقا من أطباق السماء.
ومن قرأ ((لتركبنّ) بضم الباء فالخطاب للأمة يقول: (لتركبنّ حالاً بعد حال حتى تصيروا إلى الله من إحياء وبعثٍ وإماتةٍ). [معاني القراءات وعللها: 3/135]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {لتركبن طبقا عن طبق} [19].
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي: {لتركبن} بفتح الباء على خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: لتركبن يا محمد أنت حالا بعد حال، وسماء بعد سماء، والطبق: أطباق السماء، والطبق – في غير هذا-: طبق الرطب، وغيره، والطبق: ساعة من الليل. تقول العرب: مضى طبق من الليل، وطبق، وطبيق.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/455]
وقرأ الباقون: {لتركبن} بضم الباء على خطاب الجميع، والأصل: لتركبون فسقطت الواو لسكونها وسكون نون التأكيد، لأن كل حرف مشدد حرفان، الأول ساكن، واللام لام التأكيد وجواب القسم، والنون للتأكيد.
وقرأ عمر بن الخطاب: {ليركبن طبقا عن طبق} بالياء، أي: ليركبن يا محمد سماء بعد سماء.
وصليت خلف ابن مجاهد فوقف على {فبشرهم بعذاب أليم} وابتدأ {إلا الذين آمنوا} فقلت له:- لما انفتل – وقفت على الاستثناء. قال: لأنه استثناء منقطع بمعنى لكن الذين آمنوا.
وصليت خلف محمد بن القاسم الأنباري فوقف عليه أيضًا فسألته فأجاب بمثل جواب ابن مجاهد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/456]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي: لتركبن [الانشقاق/ 19] بفتح الباء، وقرأ الباقون: لتركبن بضم الباء.
حجّة لتركبن عن ابن عباس: لتركبنّ السماء حالا بعد حال.
ابن مسعود: لتركبنّ يا محمد طبقا عن طبق، مرّة كالمهل، ومرّة كالدّهان، نغيّرها حالا بعد حال. مجاهد: لتركبنّ أمرا بعد أمر، قتادة:
لتركبن طبقا عن طبق يقول: حالا بعد حال، ومنزلا عن منزل. حدّثنا أحمد بن محمد قال: حدّثنا المؤمّل قال: حدّثنا إسماعيل عن أبي رجاء عن الحسن: لتركبن طبقا عن طبق قال: حالا عن حال ومنزلا عن منزل.
أبو عبيدة: لتركبن طبقا عن طبق لتركبنّ سنّة من كان قبلكم.
قال أبو علي: من قال: لتركبن بفتح الباء أراد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، ولتركبن للنبي وغيره، والضّمّ يأتي على معنى المفتوحة.
وفسّروا: طبقا عن طبق حالا بعد حال، ومثل ما فسّروا من أن معنى عن معنى بعد قول الأعشى:
ساد وألفى رهطه سادة وكابرا سادوك عن كابر
[الحجة للقراء السبعة: 6/391]
المعنى: كابرا بعد كابر، فعن متعلق بسادوك، ولا يكون متعلقا بكابر وقد تبين ذلك في قول النابغة:
بقيّة قدر من قدور تورّثت لآل الجلاح كابرا بعد كابر قالوا عرق الرجل عن الحمى، أي: بعدها). [الحجة للقراء السبعة: 6/392]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لتركبن طبقًا عن طبق * فما لهم لا يؤمنون} 20 19
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائيّ {لتركبن طبقًا} بفتح الباء أي لتركبن يا محمّد حالا بعد حال يذكر حالات النّبي صلى الله عليه من يوم أوحي إليه إلى يوم قبضه الله وقد روي أيضا لتركبن يا محمّد سماء بعد سماء يعني في المعارج وقال آخرون منهم ابن عبّاس لتركبن أي لتصيرن الأمور حالا بعد حال بتغيرها واختلاف الأزمان يعني الشدّة ف الأمور فاعلة وتكون التّاء لتأنيث الجمع
وقال آخرون منهم ابن مسعود وأنه قرأ لتركبن السّماء حالا بعد حال تكون وردة كالدهان وتكون كالمهل في اختلاف هيأتها فتكون التّاء لتأنيث السّماء
[حجة القراءات: 756]
وقرأ الباقون لتركبن برفع الباء وحجتهم في ذلك أنه يخاطب النّاس في ذلك لأنّه كرّ من يؤتى كتابه بيمينه وبشماله ثمّ ذكر ركوبهم طبقًا عن طبق ثمّ قال فمالهم لا يؤمنون المعنى لتركبن حالا بعد حال من إحياء وإماتة وبعث حتّى تصيروا إلى الله عن الحسن قال لتركبن حالا بعد حال ومنزلا عن منزل وعن مجاهد لتركبن أمرا بعد أمر). [حجة القراءات: 757]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): («2» قَوْلُهُ: {لَتَرْكَبُنَّ} قَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ، عَلَى الْخِطَابِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى مَعْنَى: لَتَرْكَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ حَالاً بَعْدَ حَالٍ، وَأَمْرًا بَعْدَ أَمْرٍ. وَقَدْ قِيلَ: مَعْنَاهُ: لَتَرْكَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ سَمَاءً بَعْدَ سَمَاءٍ. وَقِيلَ: هُوَ خَبَرٌ عَنِ السَّمَاءِ، وَلَيْسَ بِخِطَابٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، [وَالْمَعْنَى] لَتَرْكَبُنَّ السَّمَاءَ فِي تَشَقُّقِهَا وَتَلَوُّنِهَا عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ حَالاً بَعْدَ حَالٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعْنَاهُ: لَتَرْكَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ الآخِرَةَ بَعْدَ الأُولَى. وَقِيلَ: هُوَ خِطَابٌ لِلإِنْسَانِ، عَلَى مَعْنَى: لَتَرْكَبَنَّ أَيُّهَا الإِنْسَانُ حَالاً بَعْدَ حَالٍ مِنْ مَرَضٍ وَصِحَّةٍ وَشَبَابٍ وَهَرَمٍ. وَقَرَأَ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/367]
الْبَاقُونَ بِضَمِّ الْبَاءِ، عَلَى أَنَّهَا مُخَاطَبَةٌ لِلْجَمِيعِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، عَلَى مَعْنَى: لَتَرْكَبُنَّ أَيُّهَا النَّاسُ حَالاً بَعْدَ حَالٍ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: لَتَرْكَبُنَّ الآخِرَةَ بَعْدَ الأُولَى. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: لَتَرْكَبُنَّ أَيُّهَا النَّاسُ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: لَتَرْكَبُنَّ أَيُّهَا النَّاسُ شَدَائِدَ وَأَهْوَالاً، يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّمَا ضُمَّتِ الْبَاءُ إِذَا كَانَتْ خِطَابًا لِلْجَمَاعَةِ، لِتَدُلَّ عَلَى الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ بَعْدَهَا، وَهِيَ وَاوُ الْجَمْعِ حُذِفَتْ لِسُكُونِهَا وَسُكُونُ أَوَّلِ النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ، فَبَقِيَتِ الضَّمَّةُ تَدُلُّ عَلَيْهَا، وَاللاَّمُ جَوَابُ الْقَسَمِ، وَالنُّونُ لِتَأْكِيدِ الْقَسَمِ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/368]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {لَتَرْكَبَنَّ} [آيَةُ/19] بِفَتْحِ الْبَاءِ: -
قَرَأَهَا ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ والْكِسَائِيُّ.
وَالْوَجْهُ أَنَّهُ أَرَادَ لَتَرْكَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ طَبَقًا مِنْ أَطْبَاقِ السَّمَاءِ بَعْدَ طَبَقٍ، يَعْنِي لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَ{عَنْ} لِلْمُجَاوَزَةِ، وَقِيلَ {عَنْ} وَاقِعٌ مَوْقِعَ بَعْدَ، وَقِيلَ: لَتَرْكَبَنَّ السَّمَاءَ حَالاً بَعْدَ حَالٍ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {لَتَرْكَبُنَّ} بِضَمِّ الْبَاءِ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَعْنَى لَتَرْكَبُنَّ أَنْتُمْ، وَأَصْلُهُ تَرْكَبُونَ، فَسَقَطَتْ نُونُ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ عَلامَةُ الرَّفْعِ فِي الْفِعْلِ؛ لأَجْلِ نُونِ التَّأْكِيدِ؛ لأَنَّ نُونَ التَّأْكِيدِ تَجْعَلُ الْفِعْلَ مَبْنِيًّا فَيُزِيلُ الرَّفْعَ، وَالنُّونُ الأُولَى السَّاكِنَةُ مِنَ النُّونَيْنِ اللَّتَيْنِ لِلتَّأْكِيدِ قَدِ اجْتَمَعَتْ مَعَ وَاوِ الْجَمْعِ، فَحُذِفَتِ الْوَاوُ لالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، فَبَقِيَ {لَتَرْكَبُنَّ}، وَالْمُرَادُ: لَتَرْكَبُنَّ أَيُّهَا النَّاسُ حَالاً بَعْدَ حَالٍ وَأَمْرًا بَعْدَ أَمْرٍ مِنْ عِزٍّ وَذُلٍّ وَفَقْرٍ وَغِنًى.
وَقِيلَ: شِدَّةً بَعْدَ شِدَّةٍ مِنَ الْمَوْتِ وَالْبَعْثِ وَالْحِسَابِ، وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ لِلدَّوَاهِي بَنَاتُ طَبَقٍ، وَقِيلَ: {طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} أَيْ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ). [الموضح: 1355]
قوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20)}
قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآَنُ لَا يَسْجُدُونَ (21)}
قوله تعالى: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22)}
قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23)}
قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24)}
قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين