العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 03:26 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي توجيه القراءات في سورة النمل

توجيه القراءات في سورة النمل


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 03:27 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي مقدمات سورة النمل

مقدمات توجيه القراءات في سورة النمل
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة النّمل). [معاني القراءات وعللها: 2/233]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (ومن سورة النمل) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/143]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ذكر اختلافهم في سورة سليمان [صلى الله عليه] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/372]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة النمل). [المحتسب: 2/134]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (27 - سورة النّمل). [حجة القراءات: 522]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة النمل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/154]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة النمل). [الموضح: 950]

نزول السورة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (مكية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/154]

عد الآي:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي خمس وتسعون آية في المدني، وثلاث وتسعون في الكوفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/154]

ياءات الإضافة:
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (وفي هذه السورة ست ياءات إضافة:
{إني ءانست نارًا} [7]. {أوزعني أن} [19] {مالي لا أرى} [20] {إني ألقي إلي} [29] {ءاتان الله} [36] {ليبلوني ءاشكر} [40].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/166]
فتحهن نافع في رواية ورش.
وفتح ابن كثير {أوزعني} و{إني} و{مالي} وأسكن الباقي.
وحرك أبو عمرو حرفين {إني ءانست} و{ءاتن الله}.
وفتح عاصم والكسائي: {مالي} وأسكن الباقي.
وفتح حفص {ءاتن الله}.
وأما حمزة وابن عامر فإنهما أسكنا كل ذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/167]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (38- فيها ست ياءات إضافة، قوله: {إني آنست} «7» قرأها الحرميان وأبو عمرو بالفتح.
{أوزعني} «19» قرأها ورش والبزي بالفتح.
{مالي لا أرى} «20» قرأها ابن كثير وعاصم والكسائي وهشام بالفتح.
{إني ألقي} «29»، {ليبلوني أأشكر} «40» قرأها نافع بالفتح.
{فما آتاني الله} «36» قرأها نافع وأبو عمرو وحفص بالفتح، وقرأها الباقون بالحذف، ويقف أبو عمرو وقالون وحفص بالياء، ووقف الباقون بغير ياء، ويجب على من فتح الياء أن يقف بالياء، وهو اختيار ابن مجاهد،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/170]
لكن الذي قرأت به لورش أن يقف بغير ياء اتباعًا للمصحف، لأنها بغير ياء في المصحف). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/171]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها: أربع ياءات للمتكلم اختلفوا فيها سوى {مالِي} و{مَا آتَانِي} وهن: {إنِّي آنَسْتُ} {أَوْزِعْنِي} {إنِّي أُلْقِي} {لِيَبْلُوَنِي}.
ففتح نافع ثلاثًا، واختُلف عنه في {أَوْزِعْنِي} ففتحها ش- وأسكنها ن- و-يل-.
وفتح أبو عمرو {إنيَ آنَسْتُ} وأسكن الباقيات، وابن كثير مثله، واختلف عنه في {أَوْزِعْنِي}.
ولم يفتح الباقون منهن شيئًا.
وقد سبق الكلام في إسكان هذه الياء وفتحها، وأن الفتح أصل والإسكان تخفيف). [الموضح: 976]

الياءات الزائدة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (فيها من الزوائد ياءان، قوله: {أتمدونن} «36» وقد ذكرت، وقوله: {فما آتاني الله} «36» وقد ذُكرت). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/171]

الياءات المحذوفة:
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقد حذف من هذه السورة أربع ياءات، قوله (واد النّمل)
و(أتمدونن... فما آتان (36)، و(حتى تشهدون (32)
وكان يعقوب يقف على (واد) وعلى (تشهدوني) بياء، ووصل (واد) بغير ياء.
ووقف الكسائي (وادي) بياء). [معاني القراءات وعللها: 2/248]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها: أربع ياءات حُذفن من الخط وهن {وادِي النَّمْلِ} {حَتَّى تَشْهَدُونِي} {أَتُمِدُّونَنيِ بِمَالٍ} {آَتَانِيَ الله}.
[الموضح: 976]
وقد مضى ذكر {أَتُمِدُّونَنيِ} {آَتَانِيَ} وقوله {حَتَّى تَشْهَدُونِي} أثبتها يعقوب في الوصل والوقف.
و {وادِي النَّمْلِ} وقف عليها يعقوب والكسائي بياء، وحذفها الباقون في الحالين.
وقد مضى الكلام في مثل ذلك). [الموضح: 977]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 03:29 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (1) إلى الآية (5) ]
{طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5) }


قوله تعالى: {طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين}
قوله عز وجل {طس تلك} نون سين مخفاة عند التّاء غير مدغمة إجماعًا ولم يختلفوا عند التّاء كما اختلفوا عند الميم والواو وذلك أن التّاء أقرب إلى النّون من الميم والواو ويعرف ذلك بأن تقول هي النّون والتّاء فترى لام التّعريف تندغم في التّاء كما تندغم في النّون وتقول هي الواو والميم فتراها ظاهرة فلمّا قرب التّاء من النّون صارت النّون مخفاة عندها). [حجة القراءات: 522]

قوله تعالى: {هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (هدًى وبشرى)
أمال الراء أبو عمرو وحمزة والكسائي، وكذلك روى هبيرة عن حفص عن عاصم.
وقرأ الباقون وبشرى) يفتح الراء.
قال أبو منصور: (بشرى) على (فعلى)، والإمالة فيها أحسن، والتفخيم حسن). [معاني القراءات وعللها: 2/234]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {هدى وبشرى للمؤمنين} [2].
قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر: {بشرى} بلا إمالة على الأصل.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/143]
وقرأ الباقون بالإمالة. وموضع {هدى وبشرى} نصب على الحال، تلك آيات القرآن هادية ومبشرة.
قال النحويون جميعًا: ويجوز أن يكون رفعًا على الابتداء، وخبرًا لابتداء أو تجعله خبرًا بعد خبر، تلك آيات تلك هدى وبشرى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/144]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (هبيرة عن حفص عن عاصم هدى وبشرى [النمل/ 2] بكسر الراء، والمعروف عن حفص عن عاصم الفتح، وكسر أبو بكر راء رآها تهتز [النمل/ 10] والهمزة وفتحهما حفص عن عاصم، وفتح أبو عمرو الراء وكسر الهمزة في كل القرآن، والكسائي مثل عاصم في رواية أبي بكر يكسرها وحمزة مثله، ابن عامر يفتح، وكذلك ابن كثير ونافع.
قال أبو علي: قد تقدم ذكر وجه إمالة الفتحتين منهما في غير موضع). [الحجة للقراء السبعة: 5/377]

قوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3)}
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4)}
قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 03:31 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (6) إلى الآية (14) ]
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7) فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)}


قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)}
قوله تعالى: {إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (بشهابٍ قبسٍ)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر (بشهاب قبسٍ) مضافا.
وقرأ الكوفيون (بشهابٍ قبسٍ) منونًا.
قال أبو منصور: من قرأ (بشهابٍ قبسٍ) جعل قبسًا نعتًا للشهاب، أو بدلاً منه.
ومن قرأ (بشهاب قبسٍ) أضاف الشهاب إلى القبس والشهاب والقبس قريبان من السواء.
وكل عود أشعل في طرفه نار فهو شهاب وقبس وجذوة.
وقال الأخفش: (قبس) بدل من (شهاب).
وقال الفراء: (قبس) نعت للشهاب. إذا قرئت (بشهاب).
قال ولا يضاف الشيء إلى نعته إلا في قليل من الكلام، وقد جاء: (ولدار الآخرة خيرٌ)
قال الفراء: لما اختلف اللفظان توهم الأول غير الثاني، وكذلك (حبّة الخضراء) و(ليلة القمراء) و(يوم الجمعة) وما أشبهها). [معاني القراءات وعللها: 2/233]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّي آنست (7)
حرك الياء ابن كثير ونافع وأبو عمرو). [معاني القراءات وعللها: 2/245]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {بشهاب قبس} [7].
قرأ أهل الكوفة منونا.
وقرأ الباقون: غير منون.
فمن نون جعل قبسًا نعتًا للشهاب، وشهاب قبس: شعلة قبس قال الشاعر:
في كفه صعدة مثقفة = فيها سنان كشعلة القبس
وكل أبيض يورى فهو شهاب، وجمعه شهب، والأِهب من الألوان: بياض يخلطه سواد. ويقال: سنة شهباء وكحلاء وحمراء إذا كانت جدبة.
وقرأ الباقون: {بشهاب قبس} مضافًا فيكون على ضريين: بشهاب من قبس، أو يكون قد أضاف الشيء إلى نفسه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/143]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الإضافة والتنوين من قوله [جلّ وعزّ]: بشهاب قبس [النمل/ 7].
فقرأ عاصم وحمزة والكسائي (بشهاب قبس) منونا غير مضاف.
وقرأ الباقون: (بشهاب قبس) مضاف غير منون..
أبو عبيدة: (بشهاب قبس): الشهاب: النار، والقبس ما اقتبست، وأنشد لأبي زبيد:
في كفّه صعدة مثقّفة... فيها سنان كشعلة القبس
[الحجة للقراء السبعة: 5/372]
غيره: كل أبيض ذي نور فهو شهاب، ولا أدري أقاله رواية أم استدلالا ويجوز أن يكون القبس صفة، ويجوز أن يكون اسما غير صفة، فأمّا جواز كونه وصفا فلأنّهم يقولون: قبسته أقبسه قبسا، والقبس: الشيء المقبوس، وقالوا: حلب يحلب حلبا، فيجوز في قولهم: حلبا، أن يكون مصدرا كقولهم: بدا له يبدو بدأ، ويجوز أن يكون الحلب المحلوب، وفي التنزيل: شهاب ثاقب [الصافات/ 10]، فيجوز أن يكون الشهاب النار، لأنّ النار قد وصفت بالثقوب قال:
أذاع به في النّاس حتى كأنّه... بعلياء نار أوقدت بثقوب
فتقدير قوله: أوقدت بثقوب، أوقدت مثقبة، والجارّ والمجرور في موضع حال.
فأمّا قول الشاعر يروى للأفوه:
كشهاب القذف يرميكم به... فارس في كفّه للحرب نار
فإنّه يجوز أن يكون جعل المزراق الذي يرميه الفارس لتلألئه،
[الحجة للقراء السبعة: 5/373]
وضيائه وبريقه نارا قال أوس:
فانقضّ كالدّريء يتبعه... لهب يثور تخاله طنبا
فاللهب هنا كالشهاب في البيت الآخر، فإذا كان قوله: قبس صفة، فالأحسن أن يجري على الشّهاب كما جرى على الموصوف في قوله:
كأنّه ضرم بالكفّ مقبوس فكان مقبوس صفة للضّرم، فكذلك يكون القبس في قوله: (بشهاب قبس)، [وإن كان مصدرا غير صفة حسنت فيه الإضافة بشهاب قبس] ولا
يحسن ذلك في الصفة، ألا ترى أن الموصوف لا يضاف إلى صفته قال الشاعر:
في حيث خالطت الخزامى عرفجا... يأتيك قابس أهله لم يقبس
[الحجة للقراء السبعة: 5/374]
وقريب من هذا المعنى قول الطرمّاح:
كظهر اللّأى لو تبتغي رية بها... لعيّت نهارا في بطون الشّواجن
وقال:
خلقت شكسا للأعادي مشكسا... من شاء من شرّ الجحيم استقبسا
وقال أبو عثمان عن أبي زيد يقال: أقبسته العلم وقبسته النار، وقول الشاعر:
يأتيك قابس أهله يدلّ على ما حكاه أبو زيد من قبسته النار، واسم الفاعل للحال، [ولكنه نوى به] الانفصال، وأحد المفعولين محذوف كأنّه أهل هذا المكان النار فأمّا قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 5/375]
وعيد أبي قابوس في غير كنهه وقوله:
فملك أبي قابوس أضحى وقد نجز فليس قابوس فاعولا من القبس، كما أن جالوت وطالوت ليسا بفعلوت من الطّول والجول، ولو كان كذلك لانصرف، ألا ترى أنّ حاطوما وجاروفا، ونحو ذلك ينصرف في المعرفة في امتناع ما ذكرنا من الصرف ما يعلم به أنّه أعجمي، فلمّا انضمّت العجمة إلى التعريف، لم ينصرف، وكذلك إبليس، ليس من أبلس، وإنّما هذه الأشياء اتفاق ألفاظ بين اللغتين. وأما قوله:
فإن يقدر عليك أبو قبيس فإنّما انصرف من حيث [حقّر تحقير الترخيم] ولم ينصرف في
[الحجة للقراء السبعة: 5/376]
الشعر للضرورة من حيث انصرف نوح ولوط مكبّرين ومصغّرين، يعني أنّه تحقير قبس، وقبس شيء ينصرف. وقال أبو الحسن: (بشهاب قبس) الإضافة أكثر وأجوز في القراءة، كما تقول: دار آجرّ، وسوار ذهب، قال: ولو قلت: سوار ذهب، ودار آجر، كان عربيّا قال: إلّا أنّ الأكثر في كلام العرب الإضافة. قال أبو علي: فأبو الحسن جعل القبس فيه غير وصف، ألا ترى أنّه جعله بمنزلة الآجرّ والذهب، وليس واحد منهما صفة). [الحجة للقراء السبعة: 5/377]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أو آتيكم بشهاب قبس لعلّكم تصطلون} 7
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {بشهاب قبس} منونا جعلوا القبس صفة للشّهاب وتأويله بشهاب مقتبس قال الأخفش
[حجة القراءات: 522]
وإن شئت كان بدلا منه وهو هو فمن أجل ذلك امتنع من إضافة الشهاب إلى القبس لأن العرب لا تكاد تضيف الأسماء إلى صفاتها إلّا في شذوذ والأول قول الفراء
وقرأ الباقون {بشهاب قبس} مضافا فيكون على ضربين أحدهما ذكره اليزيدي فقال {بشهاب قبس} أي شعلة نار كما تقول أتيتك بشعلة نار والضّرب الآخر ذكره الفراء قال الشهاب هو القبس فيضاف إلى نفسه لما اختلف لفظاه كقوله {لحق اليقين} {ولدار الآخرة} ). [حجة القراءات: 523]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {بشهابٍ قبس} قرأ الكوفيون «بشهابٍ» بالتنوين، وقرأ الباقون بغير تنوين على الإضافة.
وحجة من نون أنهم جعلوا «القبس» صفة لـ «شهاب» أو بدلًا منه، قال أبو عبيدة: الشهاب النار، والقبس ما اقتبست منه، فعلى هذا يصح البدل، وهو مذهب الأخفش، كما تقول: هذه دار أجر، وسوار ذهب، فأما إذا جعلت القبس صفة لشهاب، فهو اسم وضع في موضع مصدر وصف به، لأن «القبس» بإسكان الباء، هو مصدر و«القبس» بالفتح اسم المقتبس، فوضع الاسم في موضع المصدر ووصف به، ودليل الصفة قوله: {فأتبعه شهاب ثاقب} «الصافات 10»، فهذا وصف للشهاب، فيكون التقدير: بشهابٍ مقبوس، كما قالوا: درهم ضرب الأمير، أي: مضروبه.
2- وحجة من أضاف أنه جعل القبس غير صفة للشهاب، فأضاف إليه، قال أبو زيد: يقال أقبسته العلم وقبسته النار، واختار الأخفش الإضافة، كما تقول: هذه دارُ أجر، وسوارُ ذهب، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/154]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {بِشِهَابِ قَبَسٍ} [آية/ 7] بالإضافة من غير تنوين:
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر.
والوجه أنه على إضافة الشهاب إلى القبس،
والقبس يجوز أن يكون صفة بمعنى المقبوس كأنه قال: بشهاب مقبوس، وإضافته إلى القبس كقولهم سِوار ذهبٍ. ويجوز أن يكون مصدرًا كالحلب يقال حلبْتُه حلبًا، والعرب تقول قبسته نارًا وأقبسته إياها، وقال بعضهم: قبسته نارًا وأقبسته علمًا، والقبس على هذا يجوز أن يكون على أصله مصدرًا، ويجوز أن يكون صفة وإن كان مصدرًا في الأصل، فيكون كالأول في المعنى.
والشهاب والقبس على هذا متقاربان من جهة المعنى، إلا ان الشهاب ههنا كأنه نوع من القبس، فلهذا أضيف إليه.
وقرأ الكوفيون ويعقوب {بِشِهَابٍ} بالتنوين.
والوجه أنه صفة للشهاب، كأنه قال: بشهاب مقبوس، أو بشهاب ذي
[الموضح: 950]
قبس ويجوز أن يكون بدلًا). [الموضح: 951]

قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قراءة أُبَيّ: [تَبَارَكت الأرضُ].
قال أبو الفتح: هو تَفاعَلَ من البركة، وهو توكيد لمعنى البركة، كقولك: تعالى الله، فهو أبلغ من علا، وكقول العجاج:
تَقاعَسَ العِزُّ بِنا فَاقْعَنْسَسَا
فهو أبلغ معنى من قَعِسَ، كما أن احدودب أقوى معنى من حَدِبَ، واعشوشب أقوى من أَعْشَبَ؛ وذلك لكثرة الحروف.
وأصل هذا كله من فَعَّلَ في الفعل، كقطّعت وكسّرت، ألا تراها أقوى معنى من قطَعت وكسَرت؟ وعليه جاء قوله: {أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ}، فهو أبلغ من قادر. ولهذا جاء قوله: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}، فعبر عن لفظ الحسنة بكسب، وذلك لاحتقار الحسنة إلى ثوابها؛ لقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} وجاء "اكتسبت" في السيئة، تنفيرا عنها، وتهويلا وتشنيعا بارتكابها. ألا ترى إلى قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا}؟ فافهم هذا، وابنِ عليه.
[المحتسب: 2/134]
قال أمية:
تَبَارَكَ أمْ صِدِّيقُ حَقًّا ... كانَ مِن كُل عَتِيقَا
خالِقُ الخَلْقِ جَمِيعًا ... ويعُودُ الخَلْقُ صِيقَا
أي ترابا: والتاء في "تبارك" زائدة على بناء البيت. ومعتدة خزما كالواو في قوله:
وكأنَّ ثَبِيرًا في عَرَانِينِ وَبْلِهِ ... كَبِيرُ أُنَاسٍ في بِجَاد مُزَمَّلِ
فالواو خَزْم، وهذا يكاد يسقط حكم ما يُبنَى من الزوائد في الكلم حتى يحسنَ له تحقير الترخيم، نحو قولهم: في حارث حُرَيْث، وفي أزهر زُهَيْر. ألا تراه كيف خزم بتاء "تبارك" وإن كانت مصوغة في نفس المثال كما تُخْزَم حروف المعاني المنفصلة من المُثُل، كواو العطف، وفائه، وبل، وهل، ويا، ونحو ذلك؟ ولهذا قالوا أيضا في تكسير فَعَلَان: فِعْلَان، ككَرَوَان وكِرْوَان، وشَقَذَان وشِقْذان، فأجروه مجرى فَعَل وفِعْلان، نحو خَرَب وخِرْبان، وشَبَثٍ وشِبْثان، وبَرَق وبِرْقَان. فاعرف ذلك إلى ما يليه من نحوه بمشيئة الله). [المحتسب: 2/135]

قوله تعالى: {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)}
قوله تعالى: {وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)}

قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- قوله تعالى: {رءاها تهتز} [10].
قرأ أبو عمرو بفتح التاء وكسر الهمزة. وإنما أمال الهمزة من أجل الياء.
وقرأ أهل الكوفة إلا حفصًا: {رءاها} بكسر الراء والهمزة أمالوا الهمزة من أجل الياء، وأمالوا الراء لمجاورة الهمزة. وهذا يمسى إمالة الإمالة كما يقال في رمى رمى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/144]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن وعمرو بن عبيد: [كَأَنَّهَا جَأنٌ].
قال أبو الفتح: قد تقدم القول على نظير هذا فيما مضى من الكتاب، وذكرناه أيضا في الخصائص، وفي سر الصناعة، وفي المنصف، وفي التمام، وغيره من مصنفاتنا وإنما كررناه لإعراب القول في معناه). [المحتسب: 2/135]

قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة زيد بن أسلم وأبي بن جعفر القارئ: [أَلَا مَنْ ظَلَم]، بفتح الهمزة، خفيفة اللام.
قال أبو الفتح: [مَنْ] ههنا مرفوعة بالابتداء، وخبره "ظلم" كقول: من يَقُم أضربْ زيدا، فيقم خبر عن "من" حيث كان شرطا. وكأن من عَدَلَ إلى هذا جفا عليه انقطاع الاستثناء في القراءة الفاشية. و"من" هناك منصوبة على الاستثناء، وهو منقطع بمعنى لكن، فقوله تعالى: {إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ، إِلَّا مَنْ ظَلَمَ} معناه: لكن من ظلم كان كذا. ولعمري إن الاستثناء المنقطع فاش في القرآن وغيره، إلا أنه -مع ذلك- مُحوِج إلى التأول وإعمال القياس والتمحّل). [المحتسب: 2/136]

قوله تعالى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12)}
قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة قتادة وعلي بن الحسين: [مَبْصَرَةً].
قال أبو الفتح: هو كقولك: هُدًى، ونورا. وقد كثرت المَفْعَلَة بمعنى الشِّياع والكثرة في الجواهر والأحداث جميعا، وذلك كقولهم: أرض مَضَبَّةٌ: كثيرة الضِّبَاب، ومثْعلَة: كثيرة الثعالي، ومَحْيَاة ومَحْوَاة ومَفْعَاة: كثير الحيات والأفاعي، فهذا في الجواهر. وأما الأحداث فكقولك: البِطْنَة مَوْسَنَة، وأكل الرطَب مَوْرَدَة ومَحَمَّة. ومنه المَسْعَاة، والمَعْلَاة، والحقُّ مَجْدَرَة بك، ومَخْلَقَة ومَعْسَاة، ومَقْمَنَة، ومَحْجَاة. وفي كله معنى الكثرة من موضعين:
أحدهما المصدرية التي فيه، والمصدر إلى الشياع والعموم والسعة.
[المحتسب: 2/136]
والآخر التاء، وهي لمثل ذلك، كرجل راوية، وعَلّامَة، ونَسّابَة، وهُذَرَة. ولذلك كثرت المَفْعَلَة فيما ذكرناه لإرادة المبالغة). [المحتسب: 2/137]

قوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 04:50 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (15) إلى الآية (19) ]
{وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15)}
قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16)}
قوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17)}
قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لا يحطمنّكم (18)
قرأ الحضرمي: (لا يحطمنكم) بسكون النون، وكذلك روى عبيد عن أبي عمرو - وقرأ الباقون (لا يحطمنّكم) بفتح النون مشددة.
قال أبو منصور: هذه النون تدخل مؤكدة وتخفف، وإذا شددت صارت أوكد.
وقوله (لا يحطمنّكم) لفظه لفظ النهي وفيه جواب الجزاء، المعنى: إن لم تدخلوا مساكنكم حطّمتم). [معاني القراءات وعللها: 2/234]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (واد النّمل... (18)
روى عباس عن أبي عمرو (واد النّمل) بكسر الواو.
وفتحها الباقون.
قال أبو منصور: إمالة الواو من (واد) لغة، والتفخيم أفصح وأشيع). [معاني القراءات وعللها: 2/234]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {لا يحطمنكم سليمان} [18].
روى عبد عن أبي عمرو: {لا يحطمنكم} بتخفيف النون وإسكانها جعلها نون التأكيد خفيفة مثل اضربن واذهبن.
والباقون يشددون، وهو أبلغ في التأكيد. والعرب تقول: اضرب يا فتي فإذا كثر قالوا: اضربن فإذا زادوا على التأكيد تأكيدًا قالوا: إضربن بالتشديد. ومثله {[و] لا يغرنكم بالله الغرور} و{[و] لا يغرنكم} وأصل الحطم:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/146]
الكسر يقال: حطم يحطم وحطم يحطم، وفلان حطمته السن). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/147]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (عباس عن أبي عمرو على واد النمل [النمل/ 18] يميل الواو، والباقون: واد النمل مفخما.
قال أبو علي: الإمالة في (واد) حسنة من أجل الكسرة، والألف اللّازمة بعدها فهما يجلبان الإمالة، إذا كان كلّ واحد منهما منفردا، فإذا اجتمعا كان أجدر لهما. ومن لم يمل، فلأنّ ترك الإمالة شائع، ولغة كثير من العرب. والوادي من ودى، إذا سال، واللام منه ياء، ولا يجوز أن يكون واوا، إلّا أنّه اسم كالكاهل والغارب، وليس بوصف، وقالوا: أمنى يمني، وفي التنزيل: أفرأيتم ما تمنون [الواقعة/ 58]، وأمذى، وقالوا: كلّ فحل يمذي. وقالوا: ودى الرجل، من الودي، ولم أعلم أودى في هذا المعنى، وأنشدنا محمد بن
[الحجة للقراء السبعة: 5/378]
السري:
كأنّ عرق أيره إذا ودى... حبل عجوز ضفرت خمس قوى
وقالوا: في جمع واد أودية، وفي التنزيل: فسألت أودية بقدرها [الرعد/ 17] أي بقدر مياهها، فحذف المضاف، وقالوا: سال الوادي، وجرى النهر، إذا سال مياههما، ولم أعلم فاعلا جمع على أفعلة كهذا الحرف، ويشبه أن يكون لاشتراك فعيل وفاعل في كثير من المواضع، نحو عليم وعالم، وولي ووال، فكما جمع فعيل على أفعلة، شبه هذا الحرف بفاعل.
وممّا يقرّب ذلك قولهم: شريف وأشراف، ويتيم وأيتام، وأبيل وآبال، كما قالوا: صاحب وأصحاب، وطائر وأطيار، فكأنّه لما اتفقا في البناء، ووقع كلّ واحد منهما موقع الآخر، اتفقا في الجمع، كما اتّفق فاعل وفعل الذي هو المصدر في الجمع. قال:
فنوّاره ميل إلى الشمس زاهره
[الحجة للقراء السبعة: 5/379]
فالنّوار: جمع نور، وليس كحسّان وصرّاء، ألا ترى أنّه وصفه بالجمع في قوله: فنوّاره ميل، لمّا اتّفق فاعل وفعل في الصّفة نحو قوله تعالى: أصبح ماؤكم غورا [الملك/ 30]، اتفقا في التكسير فجمع على فعّال، كما جمع فاعل عليه). [الحجة للقراء السبعة: 5/380]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال عبيد عن أبي عمرو: (لا يحطمنكم) [النمل/ 18] ساكنة النون وهو غلط. قال: وروى اليزيدي وغيره عن أبي عمرو لا يحطمنكم مشدّدة النون، وكذلك قرأ الباقون: لا يحطمنكم.
[قال أبو علي: قوله: وهو غلط]، يريد أنه غلط من طريق
[الحجة للقراء السبعة: 5/380]
الرواية، إلّا أنّه لا يتّجه في العربية، [ووجه النون الخفيفة والشّديدة هاهنا حسنان]، ووجه الشديدة في لا يحطمنكم أن الفاعلين كثرة، فثقّلت العين للدّلالة على الكثرة). [الحجة للقراء السبعة: 5/381]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة سليمان التيمي: [قَالَتْ نَمُلَةٌ يَأَيُّهَا النَّمُلُ].
وروي عنه أيضا: [نُمُلَة]، و"النُّمُل"، بضمهما.
قال أبو الفتح: أما النَّمُلة، بفتح النون، وضم الميم؛ فتقبلها النَّمْلَة، بفتح النون، وسكون الميم، لأن فَعُلا يخفف إلى فَعْل، كسَبُع إلى سَبْع، ورَجُل إلى رَجْل. قال:
رَجْلانِ مِنْ ضَبَّة أخْبَرَانَا ... إنَّا رَأَيْنَا رَجُلا عُرْيَانَا
فقائل هذا الشعر إما أن يكون له لغتان: رَجُل ورَجْل، وإما أن تكون لغته رَجُل بضم الجيم، فاضطر للشعر؛ فأسكن الجيم.
ألا تراه كيف جمع بين "رَجْلان" و"رَجُل"؟ ونظير "نَمُلة" "ونَمُل": سَمُرة وسَمُر، وثَمُرة وثَمُر. وكذلك القول في "نُمُلة"، لأن فُعُلا لا يخفف إلى فَعْل، إنما يخفف إلى فُعْل، كطُنُب إلى طُنْب، وعُنُق إلى عُنْق. ومنه عندي: أُخِذ رجل نَمَّال: أي: نمَّام، كأنه يدب بالنميمة دبيب النملة. ونظير "نُمُلة" و"نُمُل": بُسُرة وبُسُر، بضم السين). [المحتسب: 2/137]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: "لا يَحَطِّمَنَّكُم"، بفتح الياء والحاء، وتشديد الطاء والنون.
وروي عنه أيضا: [يَحِطِّمَنَّكُم]، بفتح الياء، وكسر الحاء، والتشديد.
قال أبو الفتح: أما الأصل فيهما فَيَحتَطِمَنَّكُم، يفتعل من الحطم، وهو الكسر، أي: يقتلنكم. وآثر إدغام التاء في الطاء لقرب مخرجيهما؛ فأسكنها، وأبدلها طاء، وأدغمها في الطاء بعدها، ونقل الفتحة من التاء إلى الحاء، فقال: [يَحَطِّمَنَّكُم].
ومن كسر الحاء فإنه لما أسكن التاء للإدغام كسر الحاء، لسكونها وسكون التاء بعدها
[المحتسب: 2/137]
ثم أدغم فصار [يَحِطِّمَنَّكُم]. ويجوز في العربية كسر الياء إتباعا لكسرة الحاء؛ فقال يحطمنكم. ومثله قول العجلي:
تَدَافُعُ الشَّيبِ ولم تِقِتِّلِ
يريد: تَقتتل، ثم غير ذلك على ما تقدم.
يقال: حَطَمَه يَحْطِمه حَطْما: إذا كسره، وحطَّمه يُحَطِّمه، واحْتَطَمَه يَحْتَطِمُه احتطاما ويغيَّر الماضي واسم الفاعل والمصدر على الصنعة التي تقدمت في [يَحَطِّمَنَّكُم].
فمن قال: يَحَطِّم قال: حَطَّم، ومن قال: يَحِطِّمُ قال: حِطِّمَ.
ومن أتبع الأول يِحِطِّم أتبع الآخر هنا، فقال: حِطِّمَ. وعليه أنشد قطرب فيما روينا عنه أو غيره.
لا حِطِّبَ القَوْمَ ولا القَومَ سَقَى
يريد: احتطب.
ويقول في اسم الفاعل على يَحَطِّم: مُحَطِّم، وعلى يَحِطِّم: مُحِطِّم.
ومن كسر الأول إتباعا، فقال: يحِطِّمُ لم يكسر الميم؛ لأن اسم المفعول والفاعل من هذا ونحوه لا يكون إلا مضموم الأول، وعليه قال: [وَجَاءَ الْمُعَذِّرُون]، و[الْمُعِذِّرُون]. وتتبع العينُ الميم، فيقال: [الْمُعُذِّرُون]. وعليه أيضا يقال: مُخُطِّفٌ، والأصل في جميعه المعتذرون. ويقول في المصدر على يَحَطِّم ويَحِطِّم جميعا: حِطَّامًا.
ومن كسر هناك لالتقاء الساكنين كسر هنا أيضا، فقال: حِطَّاما؛ لئلا تنكسر الطاء، فتبدل الألف بعدها ياء، فتقول: حِطِّيمًا، فيزول حديث المصدر بانقلاب ألفه. وليس في حِطِّم ألف؛ فتنقلب لكسرة الطاء إلى غيرها.
ومن قال: [وَجَاءَ الْمُعُذِّرُون]، فضم العين لم يقل حُطاما؛ لأنه ليس معه في حُطَّاما ضمة مثل الميم فتتبَعها الحاء مضمومةً، وكذلك [مُرَدِّفِين] و[مُرِدِّفِين] ومُرُدِّفين، الحكم واحد). [المحتسب: 2/138]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({حتّى إذا أتوا على وادي النّمل} 17
وقف الكسائي على {وادي} بالياء قال الكسائي لا يتم إلّا بالياء وإنّما حذفوا في الوصل من أجل السّاكن وهو اللّام من النّمل فإذا وقفت وقفت على الياء لأن العلّة زالت
ووقف الباقون بغير ياء لأنّها كتبت بغير ياء على الوصل وسقطت الياء من أجل السّاكن). [حجة القراءات: 523]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {لَا يَحْطِمَنْكُمْ} [آية/ 18] بسكون النون:
قرأها يعقوب يس- و-ان-.
والوجه أن النون يه نون التأكيد الخفيفة وهي مؤكدة، إلا أن الثقيلة أشد تأكيدًا.
وقرأ الباقون و-ح- عن يعقوب {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ} بتشديد النون.
والوجه أن النون الثقيلة هي أبلغ في باب التأكيد من الخفيفة على ما سبق، وقوله {لَا يَحْطِمَنّكُمْ} لفظه لفظ النهي، لكنه يتضمن معنى الجزاء، والمعنى إن لم تدخلوا مساكنكم حُطمتم). [الموضح: 951]

قوله تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (أوزعني أن (19)
فتح الياء ابن كثير، وكذلك روى أحمد بن صالح عن ورش، وقالون عن نافع). [معاني القراءات وعللها: 2/245]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة محمد بن السميفع: [فَتَبَسَّمَ ضَحِكًا مِنْ قَوْلِهَا]، بفتح الضاد بغير ألف.
قال أبو الفتح: [ضَحِكًا] منصوب على المصدر بفعل محذوف يدل على عليه تبسم، كأنه قال: ضَحِكَ ضَحِكًا. وهذا مذهب صاحب الكتاب، وقياس قول أبي عثمان في قولهم: تَبَسَّمْتُ وميضَ البرقِ، أنه منصوب بنفس "تبسمتُ"؛ لأنه في معنى أومضت، ويكون [ضحِكًا] منصوبًا بنفس تبسم؛ لأنه في معنى ضحك.
ويدل على مذهب صاحب الكتاب أنه قد ثبت أن الماضي والمضارع واسم الفاعل والمصدر يجري كل واحد منها مجرى صاحبه، حتى كأنه هو. ويجب أن تكون كلها من لفظ واحد، كضرب يضرب ضربا وهو ضارب، فكما لا يجوز أن يقول: قعد يجلس وإن كانا في معنى واحد دون أن يكون من لفظ واحد وهو قعد يقعد، ولا يجوز تبسَّم يُومِض؛ لاختلاف لفظيهما وإن كان معنياهما واحد - فكذلك لا يجوز تبسمت وميض البرق؛ لاختلاف لفظيهما، كما لا يجوز تبسمتُ أُومِض، لكن دل تبسمت على أومضت، فكأنه قال: أومضت وميض البرق، فاعرف ذلك وقسه بإذن الله). [المحتسب: 2/139]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 04:52 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (20) إلى الآية (26) ]
{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)}


قوله تعالى: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ما لي لا أرى الهدهد.. (20)
فتح الياء ابن كثير وعاصم والكسائي.
وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/235]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {مالي لا أرى الهدهد} [20].
قرأ ابن كثير برواية البزي- وابن عامر من رواية هشام وعاصم والكسائي بفتح الياء ها هنا وفي (يس).
وقرأ نافع وأبو عمرو بإسكان الياء ها هنا وفتحها هناك.
وأسكنها الباقون.
فمن أسكنها ذهب إلى التخفيف، ومن فتح فعلى أصل الكلمة؛ لأن الياء اسم مكنى، وكل مكني فإنه يبني على حركة نحو الكاف في كذلك، والتاء في قمت وذهبت، وإنما السؤال في قراءة أبي عمرو لم فتح حرفًا وأسكن آخر وهما سيان؟
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/144]
ففي ذلك ثلاثة أجوبة:
قال أبو عمرو: إنما فرقت بينهما؛ لأن الذي في (النمل) استفهام، والذي في (يس) انتفاء، ولم يذكر لم وجب أن يكون كذلك.
وقال آخرون: جمع بين اللغتين ليعلم أنهما جائزتان.
والقول الثالت: أن {مالي لا أرى الهدهد} استفهام، يصلح الوقف على مالى ومالك، فإذا وقفت سكنت الياء {ومالي لا أعبد} بني الكلام فيه على الوصل فحرك الياء إذا لم ينو الوقف.
وقيل لابن عباس: لم تفقد سليمان الهدهد من بين الطير؟
فقال: لأنه كان قناقنا، أي: يعرف مواضع المياه. تقول العرب للذي يحفر الآبار: رجل قنقن وقناقن. وإنما رفع الله العذاب عن الهدهد لبره بأبويه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/145]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الياء من قوله سبحانه: (ما لي لا أرى الهدهد) [النمل/ 20] وما لي لا أعبد [يس/ 22]، وسكونهما.
[الحجة للقراء السبعة: 5/377]
فقرأ ابن كثير وعاصم والكسائي: ما لي لا أرى الهدهد وما لى لا أعبد الذي فطرني بفتح الياء فيهما، وقرأ نافع وأبو عمرو (ما لي لا أرى الهدهد) ساكنة الياء هاهنا، وقرأ وما لي لا أعبد بفتح الياء في يس، وقرأ ابن عامر وحمزة الحرفين جميعا ساكنة ياؤهما.
قال أبو علي: كلا الوجهين من الإسكان والفتح حسن). [الحجة للقراء السبعة: 5/378]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين}
[حجة القراءات: 523]
قرأ ابن كثير وعاصم والكسائيّ وابن عامر {ما لي لا أرى الهدهد} بفتح الياء ها هنا وفي يس
وقرأ نافع وأبو عمرو بإسكان الياء ها هنا وفتح الياء هناك وأسكنهما حمزة
فمن فتح فعلى أصل الكلمة لأن الياء اسم مكني وكل مكني فإنّه يبنى على حركة نحو التّاء في قمت والكاف في كلمك وإنّما فرق أبو عمرو بينهما لأن {ما لي لا أرى الهدهد} استفهام يصلح الوقف على {ما لي} فإذا وقفت سكنت الياء {وما لي لا أعبد} بني الكلام فيه على الوصل فحرك الياء إذ لم ينو الوقف). [حجة القراءات: 524]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} {آية/ 20] بفتح الياء من {مَا لِيَ}:
قرأها ابن كثير وعاصم والكسائي، وكذلك في: يس {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ} بفتح الياء.
والوجه أن الفتح في هذه الياء أعني ياء ضمير المجرور أصلٌ، قياسًا على ما كان من الضمائر على حرف واحد، فالقياس كلها الفتح، نحو الكاف في ضربتك ومررت بك، وقد سبق القول في مثله.
[الموضح: 951]
وقرأ نافع وأبو عمرو ابن عامر في النمل {مَا لِي} ساكنة، وفي يس {وَمَالِيَ} مفتوحة.
والوجه أن الإسكان في هذه الياء وأمثالها تخفيفٌ، والفتح أصلٌ، فأراد هؤلاء الأخذ بالوجهين.
وقرأ حمزة ويعقوب بالإسكان فيهما.
والوجه أنه تخفيف على ما سبق، فإن الياء تُستثقل عليها الحركة في الجملة). [الموضح: 952]

قوله تعالى: {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أو ليأتينّي.. (21)
قرأ ابن كثير وحده (ليأتينّني) بنونين، وكذلك هي في مصاحفهم.
وقرأ سائر القراء (أو ليأتينّي) بنون واحدة مشددة.
قال أبو منصور: من قرأ ((أو ليأتينّني) بنونين، ثقّل النون للتأكيد، وجاء بنون أخرى للإضافة.
ومن قرأ (أو ليأتينّي) فرّ من الجمع بين ثلاث نونات فحذف إحداها.
وبهذه القراءة قرأ الأكثرون). [معاني القراءات وعللها: 2/235]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {أو ليأتيني بسلطان مبين} [21].
قرأ ابن كثير: {أو ليأتينني} بنونين، الأولي مشددة نون التوكيد، والثانية مع الياء اسم المتكلم.
وقرأ الباقون: {أو ليأتيني} بنون واحدة كرهوا الجمع بين ثلاث نونات فخزلوا واحدة كما قال: {إنا أعطينك [الكوثر]} والأصل: إننا. ومعنى
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/145]
{بسلطان مبين} أي: بحجة بينة. وكل سلطان في القرآن فهو حجة.
حدثنا ابن مجاهد عن السمري عن الفراء قال: السلطان: الخليفة يذكر ويؤنث، يقال قضت [به] عليك السلطان وقضى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/146]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وقرأ ابن كثير وحده: (أو ليأتينني) [النمل/ 21] بنونين، وكذلك هي في مصاحفهم، وقرأ الباقون على الإدغام، وكذلك في مصاحفهم.
قال بعض أصحاب أحمد بن موسى في قوله: وقرأ الباقون على الإدغام، غلط في الترجمة، إنّما يريد أنّهم قرءوا بنون واحدة مشدّدة، وحذفوا الثانية التي قبل ياء المتكلم لاجتماع النونات وهو: (ليأتينّني) ). [الحجة للقراء السبعة: 5/380]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أو ليأتيني بسلطان مبين} 21
قرأ ابن كثير (أو ليأتينني) بنونين الأولى مشدّدة وهي نون التوكيد والثّانية مع الياء اسم المتكلّم
وقرأ الباقون {أو ليأتيني} بنون واحدة كرهوا الجمع بين ثلاث نونات فحذفوا واحدة كما قال إنّا أعطيناك والأصل إننا). [حجة القراءات: 524]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {أو ليأتيني} قرأه ابن كثير بثلاث نونات، الأولى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/154]
مشددة مفتوحة مقام نونين، والثانية مكسورة، وقرأ الباقون بنون واحدة مشدة مكسورة.
وحجة من قرأ بثلاث نونات أنه أتى به على الأصل؛ لأن أصله «ليأتيني» بنون واحدة مكسورة، والياء ساكنة، ثم تدخل النون المشددة التي تدخل للتأكيد في الأمر والنهي والقسم والشرط، وهذا قسم، فيصير فيه نون مشددة مفتوحة، وهي التي دخلت لتأكيد القسم، وبعدها نون مكسورة، وهي التي تدخل مع الياء، في الاسم المضمر المنصوب، في نحو: ضربني وكلمني، وبنى الفعل على الفتح ففتح الياء هي لام الفعل.
4- وحجة من قرأ بنون واحدة مكسورة مشددة أنه لما اجتمع في الكلمة ثلاث نونات مع طولها حذف إحدى النونات استخفافًا، وهي النون التي تدخل مع الياء، فلما جاورت الياء النون المشددة كسرتها، ويجوز أن يكون أدخل النون الخفيفة للتأكيد، وهي ساكنة، فأدغمها في النون التي مع الياء، وهو الاختيار؛ لأن عليه الجماعة، وعليه خط المصحف). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/155]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {أَوْ لَيَأْتِيَنَّنِي} [آية/ 21] بنونين:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أن الكلمة جاءت على أصلها؛ لأن النون الأولى المشددة هي نون التأكد، والثانية المكسورة هي التي تلحق ياء المتكلم لتسلم حركة آخر الفعل عن التغير، إذ لولاها لانكسر آخر الفعل لمكان ياء المتكلم، فجاءت الكلمة عن الأصل غير محذوف منها شيء.
وقرأ الباقون {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي} بنون واحدة مشددة.
[الموضح: 952]
والوجه أنهم كرهوا اجتماع ثلاث نونات، فحذفوا إحداهن، وهي التي تصحب ياء المتكلم؛ لأنها زائدة، وكثيرًا ما تُحذف، ثم كُسرت النون التي للتأكيد لأجل الياء). [الموضح: 953]

قوله تعالى: {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فمكث غير بعيدٍ)
قرأ عاصم (فمكث غير بعيدٍ) بفتح الكاف، وروى الجعفي عن أبي عمرو (فمكث) أيضًا بفتح الكاف.
وقرأ سائر القراء (فمكث) بضم الكاف.
قال الأزهري: هما لغتان مكث، ومكث.
وضمّ الكاف أكثر في كلام العرب وكان أبو حاتم يختار النصب، لأنه قياس العربية، ألا ترى أنه يقال: مكث فهو ماكثٌ، ولا يقال: مكيث). [معاني القراءات وعللها: 2/235]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وجئتك من سبإٍ بنبإٍ يقينٍ (22)
وقوله: (لسبإٍ في مساكنهم).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (لسبأ) غير مجرى، بفتح الهمزة في الموضعين.
وقرأ الباقون (لسبإٍ) و: (من سبإٍ) بالتنوين.
قال أبو منصور: وروي عن أبي عمرو أنه سئل: لم لم تجر سبأ؟
فقال لا أجر لأني لا أدري ما هو، والعرب إذا سمت بالاسم المجهول لم تجره. ومن أجرى (سبأ) جعله اسم رجل.
وقال أبو إسحاق النحوي: من لم يصرف (سبأ) جعله اسم مدينة، ومن صرفه جعله اسم رجل.
قال: والأسماء حقها الصرف، وإذا لم يعلم الاسم أللمذكر أم للمؤنث فحقه الصرف حتى يعلم أينصرف أم لا ينصرف؛ لأن أصل الأسماء الصرف، وكل ما لا يصرف فهو يصرف في الشعر.
قال: وأما الذين قالوا: إن (سبأ) اسم رجل فغلط لأن سبأ اسم مدينة، تعرف بمأرب من اليمن، بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيام، وأنشد بيت الجعدي.
[معاني القراءات وعللها: 2/236]
من سبأ الحاضرين مأرب إذ... يبنون من دون سيلها العرما
قال: ومن صرفه فلأنه مذكر سمّي به مذكر، كأنه اسم للبلد.
قال أبو منصور: وقدر روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثًا ذكر فيه أن سبأ اسم رجل، حدثناه محمد بن إسحاق السعدي قال: حدثنا إبراهيم بن مالك، قال: حدثنا أبو أسامة عن الحسن بن الحكم النخعي، قال: حدثنا أبو سبرة النخعي عن فروة بن مسيكٍ (الغطيفي).
قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم؟
قال: بلى، فأمّرني وأردت أن أقاتلهم، ثم بدا لي فقلت: يا رسول الله، لا بل أهل سبأ، فإنهم أشدّ مكيدة، وأعم في أنفسهم، فلما خرجت من عنده أنزل الله في سبأ ما أنزل، فقال: ما فعل الغطيفي؟ فوجدني قد سرت فأرسل في أثري، فرددت، قال: فأتيته وعنده ناسٌ من أصحابه، فقال: ادع القوم فمن أجابك فاقبل منه، ومن أبي فلا تعجل حتى يأتيك أمري.
فقال رجل من القوم: يا رسول الله، أخبرنا عن سبأ ما هو؟ أرضٌ؟ قال: ليس بأرض، ولا امرأة، ولكنه رجل، وله عشيرة من العرب، فتيامن ستةٌ وتشاءم أربعة، فأما الذين تشاءموا فلخم وجذام وغسسّانٌ وعاملةٌ.
وأما الذين تيامنوا فكندة والأشعرون والأزد ومذحج وحمير وأنمارٌ.
قال الرجل: وما أنمار؟
قال: الذين خثعم وبجيلة منهم.
[معاني القراءات وعللها: 2/237]
وقال أبو منصور: وهذا الحديث يدل عك أن إجراء سبأ أصوب القراءتين، وإسناد الحديث حسن). [معاني القراءات وعللها: 2/238]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {فمكث غير بعيد} [22].
قرأ عاصم وحده: {فمكث} بالفتح.
وقرأ الباقون: {فمكث} بالضم، وهما لغتان مكث ومكث وحمض وحمض وكمل وكمل فهو ماكث وحامض وكامل. والاختيار فعل بالفتح؛ لأن فعل بالضم أكثر ما يأتي الاسم على فعيل نحو ظرف وكرم فهو ظريف وكريم، وقد حكي لغة ثالثة في كمل كمل بالكسر وكل ذلك صواب. ومعنى {فمكث غير بعيد} أي: غير طويل. والبعيد والطويل بمعنى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/146]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {من سبأ بنبأ يقين} [22].
فيه ثلاث قراءات:
قرأ أبو عمرو وابن كثير: {من سبأ} غير منصرف جعلاه اسم أرض، أو بلده، أو امرأة. قال الفراء: سئل ابو عمرو لم لم تصرف سبأ؟ فقال: لأني لا أعرفه. فقال الفراء: وقد جرىح لأن العرب إذا لم تعرف [الاسم] تركت صرفه.
وقرأ الباقون: {من سبأ} مصروفًا، وكذلك اختلافهم في سورة (سبأ)، أنشد ابن عرفة حجة لمن صرف-:
الواردون وتيم في ذري سبأ = قد عض أعناقهم جلد الجواميس
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/147]
والقراءة الثانية: ما قرأت على مجاهد عن قنبل عن ابن كثير {سبأ بنبأ يقين} ساكنة الهمزة، وإنما أسكنه لأن الاسم مؤنث وهو ثقيل والهمزة ثقيلة فلما اجتمع ثقيلان أسكن الهمزة تخفيفًا. ومثله {فتوبوا إلى باريكم} قراءة أبي عمر {ومكر السيئ ولا يحيق} كذلك قرأها حمزة.
ومن صرف (سبأ) جعله اسم رجل أو اسم جبل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/148]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ عاصم وحده فمكث بفتح الكاف، وقرأ الباقون: (فمكث) [النمل/ 22] بضم الكاف.
قال أبو علي: وجه مكث أنّهم قالوا: مكث يمكث، كما قالوا:
قعد يقعد، ومكث كظرف.
[قال أبو علي] وأظن سيبويه قد حكاهما، ومما يقوي:
مكث بالفتح قوله: قال إنكم ماكثون [الزخرف/ 77]، وفيه:
ماكثين فيه أبدا [الكهف/ 3]، فماكثين: يدلّ على مكث، ألا ترى أنّك لا تكاد تجد فاعلا من فعل، إنّما يكون مكان الفاعل فيه: فعيل نحو: ظريف وشريف وكريم.
فإن قلت: إنّ فاعلا من مكث في الآيتين، يراد بهما الآتي، فهو مثل: بعيرك صائد غدا، فهو قول. فإن قلت: إنّه حكاية الحال التي يصيرون إليها، فهو قول: ويؤكد ذلك قوله: إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون [يس/ 55]. ألا ترى أنّه جاء على أصله لمّا أريد حكاية الحال، ولم يجيء على حدّ: بعيرك صائد غدا. قال أبو حسن: مكث أكثرهما). [الحجة للقراء السبعة: 5/381]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إجراء سبأ [النمل/ 22]. فقرأ ابن كثير وأبو عمرو (من سبأ) غير مجراة، هذه رواية البزي، وقرأت على قنبل عن النّبّال (من سبأ بنبإ يقين) ساكنة الهمزة، وكذلك [في قوله ]: (لسبأ في مساكنهم) [سبأ/ 15] وكذلك روى الحسن بن محمد بن عبد الله بن أبي يزيد عن شبل عن ابن كثير، وقال: هو وهم وأخبرني قنبل عن ابن أبي بزّة: (من سبأ) مفتوحة الهمزة مثل أبي عمرو، وهذا هو الصواب. وكذلك (لسبأ) وقرأ الباقون: من سبأ مجراه.
قال أبو علي: قال سيبويه: ثمود وسبأ، مرة للقبيلتين، ومرة للحيين، فكثرتهن سواء، يريد أن هذه الأسماء منها ما جاء على أنّه اسم للحيّ نحو: معدّ وقريش وثقيف، ومنه ما يغلب عليه أن يكون اسم قبيلة كقولهم: تغلب بنت وائل، وتميم بنت مرّ.
ومنه ما يستوي فيه الأمران جميعا، كثمود وسبأ، قال أبو الحسن في سبأ: إن شئت صرفته، فجعلته اسم أبيهم أو اسم الحي، وإن شئت لم تصرف، وجعلته اسم القبيلة، قال: والصرف أعجب إليّ، لأنّه قد عرفت أنّه اسم أبيهم، وإن كان اسم الأب يصير كالقبيلة إلّا أني أحمله على الأصل. انتهى كلام أبي الحسن. وقال غيره: هو اسم رجل، واليمانية كلّها تنسب إليه، يقولون: سبأ بن يشجب بن يعرب ابن قحطان، وقال أبو إسحاق: من قال: إن سبأ اسم رجل فقد غلط
[الحجة للقراء السبعة: 5/382]
لأنّ سبأ مدينة بقرب مأرب من اليمن بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيام كذلك قيل، انتهى كلامه). [الحجة للقراء السبعة: 5/383]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين}
قرأ عاصم {فمكث غير بعيد} بفتح الكاف وقرأ الباقون بالضّمّ
وهما لغتان مكث ومكث وكمل وكمل وحمض وحمض فهو ماكث وكامل والاختيار مكث بالفتح لأن فعل بالضّمّ أكثر ما يأتي الاسم منه على فعيل نحو ظرف وكرم فهو ظريف وكريم ومن فعل بالفتح يأتي الاسم على فاعل تقول مكث فهو ماكث قال الله جلّ وعز ماكثين فيه أبدا ولا يكون من فعل بالضّمّ فاعل إلّا حرف واحد قالوا فره فهو فاره ورد الأصمعي ما سوى هذا
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {وجئتك من سبإ} غير مصروف اسم أرض أو مدينة قال الزّجاج {من سبإ} هي مدينة تعرف ب مأرب من اليمن بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيّام
وقرأ الباقون من سبأ مصروفا جعلوه اسما للبلد فيكون مذكرا سمي به مذكّر
وقرأ القواس {من سبإ} ساكنة الهمزة لأن الاسم مؤنث وهو ثقيل والهمزة ثقيلة فلمّا اجتمع ثقيلان أسكن الهمزة تحقيقا). [حجة القراءات: 525]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (5- قوله: {فمكث} قرأه عاصم بفتح الكاف، وضمها الباقون، وهما لغتان، والفتح أكثر وأهشر، ويدل على الفتح قوله: {إنكم ماكثون} «الزخرف 77» و«فاعل» لا يكون من «فعل» فدل على أنه «فعل» بالفتح وأيضًا فإنه لم يستعمل «مكث» في اسم الفاعل، و«فعل» بالضم اسم الفاعل منه «فعيل » كظرف وكرم، تقول في اسم الفاعل منهما: ظريف وكريم، والضم الاختيار، لأن عليه الجماعة ولولا الجماعة لاخترت الفتح لما ذكرت من العلة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/155]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {من سبأٍ} قرأه أبو عمرو والبزي بالفتح من غير تنوين، وقرأه قنبل بإسكان الهمزة، وقرأ الباقون بكسر الهمزة والتنوين.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/155]
وحجة من فتح ولم ينون أنه جعله اسمًا للقبيلة، فمنعه من الصرف لتعريف والتأنيث، وقال الزجاج: هو اسم مدينة بقرب مأرب، فهو مؤنث معرفة.
7- وحجة من صرفه أنه جعله اسمًا للأب أو للحي، فصرفه إذ لا علة فيه غير التعريف، وأهل النسب يقولون: هو اسم للأب، فهو سبأ بن يشجب بن ماشين بن يعرب بن قحطان، وهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه.
8- وحجة من أسكن الهمزة أنه نوى الوقف عليها، ويجوز أن يكون أسكن تخفيفًا لتوالي سبع متحركات، والإسكان في الوصل بعيد غير مختار ولا قوي، ومثله الاختلاف في سورة سبأ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/156]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {فَمَكَثَ} [آية/ 22] بفتح الكاف:
قرأها عاصم ويعقوب ح- و-ان-.
والوجه أن مكَث ومكُث بالفتح والضم لغتان، والفتح أكثر وأقيس؛ لأنهم يقولون في فاعله ماكثٌ، قال الله تعالى {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}، ولا يكاد يوجد فاعل من فعل بضم العين.
وقرأ الباقون ويعقوب يس- {فَمَكُثَ} بضم الكاف.
والوجه أن مكُث بالضم لغة فيه، وقد جاء فاعله على مكيثٍ). [الموضح: 953]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {لِسَبَأَ} [آية 15/ سبأ]، {مِنْ سَبَأَ} [آية/ 22/ النمل] بفتح الهمزة:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو في السورتين.
والوجه أنه جُعل اسمًا للقبيلة أو للبلدة، فاجتمع فيه سببان مانعان من الصرف وهما التعريف والتأنيث، فتُرك صرفه لذلك، فصار في موضع الجر مفتوحًا.
[الموضح: 953]
وقرأ الباقون {لِسَبَإٍ} و{مِنْ سَبَإٍ} بالجر والتنوين في السورتين.
والوجه أنهم جعلوه اسمًا للأب أو للحي أو للبلد، فلم يكن فيه إلا سبب واحد وهو التعريف، والسب الواحد لا يمنع الصرف فلهذا كان منصرفًا). [الموضح: 954]

قوله تعالى: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)}
قوله تعالى: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24)}
قوله تعالى: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ألّا يسجدوا للّه (25)
قرأ الكسائي وحده ويعقوب الحضرمي (ألا يسجدوا للّه) خفيفة اللام ليس فيها (أن)، وإذا وقفا يقفان " ألا يا " ويبتدآن (اسجدوا).
وقرأ الباقون (ألّا يسجدوا) مشددًا.
والمعنى: (فصدّهم عن السبيل.. ألّا يسجدوا)، أي: لأن لا يسجدوا وليست بموضع سجدة على هذه القراءة.
ومن قرأ (ألا يسجدوا) بالتخفيف فهو موضع سجدة.
قال أحمد بن يحيى: قال الأخفش: في قوله (ألّا يسجدوا للّه) بالتشديد، يقول: زيّن لهم الشيطان أعمالهم لأن لا يسجدوا.
قال: وقرأ بعضهم (ألا يسجدوا) فجعله أمرًا، كأنه قال: (ألا اسجدوا).
وزاد بينهما (يا) التي تكون للتنبيه، ثم أذهب ألف الوصل التي في (اسجدوا)، وأذهبت الألف التي في (يا) لأنها ساكنة لقيت السين فصارت (ألا يسجدوا)
وأنشد:
[معاني القراءات وعللها: 2/238]
ألا يا اسلمي يا دار ميّ على البلى... ولا زال منهلاًّ بجرعائك القطر
قال أبو العباس: (يا) التي تدخل للنداء يكتفى بها من الاسم، ويكتفى بالاسم منها، لا ينادى بها.
أراد: ألا يا هؤلاء اسجدوا.
وفي البيت: ألا يا هذه اسلمي.
وكذلك قول الشاعر:
يا دار هندٍ يا اسلمي ثمّ اسلمي... بسمسمٍ أو عن يمين سمسم
أراد: يا هذه سلمى.
وكذلك قال الفراء.
قال: وسمع بعض العرب يقول: (ألا يا تصدّق علينا)، معناه ألا يا هذا تصدّق علينا
وروى عن عيسى الهمداني أنه قال: ما كنت أحمع المشيخة يقرءونها إلا بالتخفيف على نيّة الأمر، قال: ومن قرأ (ألّا يسجدوا) فشدد (ألّا) فينبغي أن لا تكون سجدة). [معاني القراءات وعللها: 2/239]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويعلم ما يخفون وما يعلنون (25)
قرأ الكسائي وحفص (ما تخفون وما تعلنون) بالتاء.
وقرأ الباقون بالياء فيهما.
قال الأزهري: من قرأهما بالياء فعلى الغيبة. ومن قرأهما بالتاء فللمخاطبة. وكلٌّ جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/239]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {ألا يسجدوا لله} [25].
قرأ الكسائي بتخفيف (ألا) جعله تنبيها ويقف. ألا يا زيد، ألا يا هؤلاء اسجدوا، تقول العرب: ألا يرحمونا، يريدون: ألا يا هؤلاء ارحمونا. وإنما اختار الكسائي التخفيف ولفظ الأمر؛ لأنها سجدة، قال الشاعر: ألا ياا سلمي يا دار مي على البلا = ولا زال منهلا بجرعائك القطر
وقال آخر:
ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدر = وإن كان حيانا عدى آخر الدهر
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/148]
يريد: ألا يا هذه اسلمي، واحتج الكسائي بما حدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء، قال: في حرف عبد الله: {هلا يسجدون} فـ «هلا» تخضيض على السجود. وفي حرف أبي: {ألا تسجدون للذي يعلم سركم وجهركم} وفي مصحفنا: {الذي يخرج الحبء في السموت} المطر. وفي الأرض: النبات.
وقرأ الباقون: {ألا يسجدوا} فـ {يسجدوا} نصب بـ «أن». وعلامة النصب حذف النون. وتلخصيه: وزين لهم ألا يسجدوا. فمن قرأ بهذه القراءة لزمة أن لا يسجد في هذه الآية، سمعت ابن مجاهد يقول ذلك، وكذلك قال غيره من العلماء، لأنه خبر لا أمر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/149]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {ويعلم ما تخفون وما تعلنون} [25].
قرأ الكسائي وحفص عن عاصم بالتاء أي: قال لهم يا محمد. والله تعالى يعلم السر وأخفي. قيل: وأخفي أي: ما حدثت به أنفسها. والسر: ما تخفيه عن المخلوقين.
وقرأ الباقون بالياء، ومعناه: الله يعلم ما يسر ويعلن هؤلاء الكفرة؛ لأنهم كانوا يزنون في السر، ولا يزنون في العلانية، يتوهمون أنهم لا يطالبون بذلك، وكانوا يخفون عن المخلوقين ولا يستحيون من الله، فأعلمهم الله تعالى أنه يطالبهم ويعذبهم على السر والجهر، وأنه لا يخفي عليه خافية، وقال: {يستخفون
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/149]
من الناس ولا يستخفون من الله} و{إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/150]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: كلّهم شدّد اللّام من قوله سبحانه: ألا يسجدوا [النمل/ 25] غير الكسائي فإنّه خفّفها، ولم يجعل فيها (أن) ووقف (ألايا) ثم ابتدأ (اسجدوا).
قال أبو علي: من شدّد ألا يسجدوا فتقديرها: فصدّهم عن السّبيل لئلّا يسجدوا، ويجوز أن يعلق (أن) بزيّن، كأنّه زيّن لهم الشيطان أعمالهم، لئلّا يسجدوا، واللّام في الوجهين داخلة على مفعول له، وهذا هو الوجه لتحري القصة على سننها، ولا يفصل بين بعضها وبعض بما ليس منها، وإن كان الفصل بهذا النحو غير ممتنع، لأنّه يجري مجرى الاعتراض، وما يسدّد القصّة، وكأنّه لما قيل: وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون [النمل/ 24]، فدلّ هذا الكلام على أنّهم لا يسجدون لله تعالى، ولا يتدينون بدين، قال: ألا يا قوم أو يا مسلمون اسجدوا لله الّذي [يخرج الخبء في] السموات والأرض، خلافا عليهم، وحمدا لله، ومكان ما هداهم لتوحيده، فلم يكونوا مثلهم في الطغيان والكفر. ووجه دخول حرف التنبيه على الأمر، أنّه موضع يحتاج فيه
[الحجة للقراء السبعة: 5/383]
إلى استعطاف المأمور لتأكيد ما يؤمر به عليه، كما أنّ النداء موضع يحتاج فيه إلى استعطاف المنادى له من إخبار أو أمر أو نهي، ونحو ذلك مما يخاطب به، وإذا كان كذلك فقد يجوز أن لا يريد منادى في نحو قوله: ألا يسجدوا [النمل/ 25] كما يريد المنادى في قوله.
يا لعنة الله والأقوام كلّهم... والصّالحين على سمعان من جار
وكذلك ما حكي عن أبي عمرو من قوله: يا ويل له، ويؤكد ذلك قولهم: هلمّ، وبناؤهم ها التي للتنبيه مع لم، وجعلها مع الفعل كشيء واحد، وإجماع الناس على فتح آخر الكلمة في اللغتين، فكما لا يجوز أن يراد هاهنا مأمور لبناء الكلمة على الفتح، وإن فكّ إحداهما من الأخرى، بل لا يسوغ إرادة المنادى، لمكان بنائهما معا، وجعلهما بمنزلة شيء واحد، كذلك يجوز لك أن لا تريد مأمورا في قوله:
(ألا يا سجدوا). ويجوز أن يراد بعد يا مأمورون، فحذفوا، كما حذفوا من قوله:
يا لعنة الله والأقوام كلّهم فكما أن (يا) هنا لا تكون إلّا لغير اللّعنة، كذلك يجوز أن يكون
[الحجة للقراء السبعة: 5/384]
المأمورون مرادين فحذفوا من اللّفظ، وقد جاء هذا في مواضع من الشعر، فمن ذلك ما أنشده أبو زيد:
وقالت ألا يا اسمع نعظك بخطّة... فقلت سمعنا فانطقي وأصيبي
وممّا يؤكّد قول من قال: ألّا مثقلة، أنّها لو كانت مخفّفة ما كانت في يسجدوا ياء لأنّها اسجدوا، ففي ثبات الياء في يسجدوا في المصحف دلالة على التّشديد، وأنّ المعنى: أن لا يسجدوا، فانتصب الفعل بأن وثبتت ياء المضارعة في الفعل). [الحجة للقراء السبعة: 5/385]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جلّ وعز ويعلم ما تخفون وما تعلنون في الياء والتاء [النمل/ 25].
فقرأ عاصم في رواية حفص والكسائي بالتاء فيهما.
وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم بالياء فيهما.
قال أبو علي: من قرأ بالياء، فلأنّ الكلام على الغيبة: فزيّن لهم الشّيطان ألا يسجدوا، وهو يعلم الغيب وما يخفون وما يعلنون. وقرأ الكسائي فيهما بالتاء لأنّ الكلام قد دخله خطاب على قراءته:
اسجدوا لله الذي يعلم ما تسرّون وما تعلنون.
ومن قرأ: (أن لا يسجدوا)، فالكلام على الغيبة، ويجوز أن
[الحجة للقراء السبعة: 5/385]
يكون على الخطاب للمؤمنين والكافرين الذين جرى ذكرهم، على لفظ الغيبة، فأخبر الجميع بأنّه سبحانه يعلم ما يخفون وما يعلنون، ورواية أبي بكر عن عاصم [بالياء فيهما] أشبه بقراءة ألا يسجدوا [بالياء فيهما]، لأنّه غيبة مع غيبة). [الحجة للقراء السبعة: 5/386]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وزين لهم الشّيطان أعمالهم فصدهم عن السّبيل فهم لا يهتدون * ألا يسجدوا لله الّذي يخرج الخبء في السّماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون}
[حجة القراءات: 525]
قرأ الكسائي (فهم لا يهتدون * ألا يا اسجدوا) بتخفيف اللّام وألا تنبيه وبعدها {يا} الّتي ينادى بها والابتداء {اسجدوا} على الأمر بالسّجود فالمعنى ألا يا قوم اسجدوا لله خلافًا عليهم وحمدا لله لمكان ما هداكم فلم تكونوا مثلهم في الطغيان وهذا الكلام يكون منقطعًا ممّا قبله على أن ما قبله تمام ويكون ما بعده كلاما معترضًا من غير القصّة الماضية إمّا من سليمان صلى الله عليه وإمّا من الهدهد على تأويل يا هؤلاء اسجدوا فلمّا كف ذكر هؤلاء اتّصلت {يا} بقوله {اسجدوا} فصار يسجدوا كأنّه فعل مضارع إذا أدرجت الكلام
والعرب تقول ألا يا ارحمونا أي ألا يا هؤلاء ارحمونا لأن يا لا يلي الفعل إلّا مع إضمار ومثله قول ذي الرمة:
ألا يا اسلمي يا دارمي على البلى ... ولا زال فهلا بجرعائك القطر
أي يا دار هذه كنت في سلامة
[حجة القراءات: 526]
قال قطرب المعنى ألا يا قوم اسجدوا فحذفت الأسماء وقامت يا مقامها وكان هذا الحذف في النداء خاصّة لأنّه موضع حذف التّنوين إذا قلت يا زيد
وقرأ الباقون {فهم لا يهتدون ألا يسجدوا} بالتّشديد وحجتهم اختلفوا فيها فقال الزّجاج من قرأ بالتّشديد فالمعنى فصدهم لئلّا يسجدوا أي صدهم الشّيطان عن سبيل الهدى لئلّا يسجدوا ف يسجدوا نصب ب أن وعلامة النصب حذف النّون
وقال اليزيدي المعنى وزين لهم الشّيطان ألا يسجدوا ف أن في موضع نصب لأنّها بدل من {أعمالهم} وقال إذا خففت (ألا يا اسجدوا) ففيه انقطاع القصّة الّتي كنت فيها ثمّ تعود بعد إليها وإذا اتّصلت القصّة بعضها ببعض فذلك أسهل ويجوز أن يكون معناه فصدهم أن يسجدوا وتكون لا داخلة لتوكيد الجحد كما قال {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون} معناه أنهم يرجعون لأن الحرام في معنى الجحد وكذلك الصد في معنى الجحد وإنّما تدخل لا بمعنى التوكيد إذا كان قبلها جحد مثل قوله {ما منعك ألا تسجد} ومنه قول أبي النّجم:
فما ألوم البيض ألا تسخرا
- أي أن تسخرا وقال قوم جاءت لا ها هنا لمجيء لا الّتي في قوله {فهم لا يهتدون} كما قال {وما يستوي الأعمى والبصير} فهذا بغير لا ثمّ قال في النسق عليه {ولا الظّلمات ولا النّور}
[حجة القراءات: 527]
فكرر لا في قوله {ولا النّور} لمجيء لا في قوله {ولا الظّلمات} والتأويل ولا الظّلمات والنور فكل موضع دخل لا في مبتدئه حسن أن يدخل لا في خبره على أن تكون زائدة والله أعلم بما أراد
قرأ الكسائي وحفص {ويعلم ما تخفون وما تعلنون} بالتّاء فيهما على الخطاب لأن الكلام قد دخله خطاب على قراءة الكسائي (اسجدوا لله) الّذي يعلم ما تسرون وما تعلنون
وقرأ الباقون بالياء فيهما أتوا في سياق الخبر عنهم وحجتهم قوله {وزين لهم الشّيطان أعمالهم} {ألا يسجدوا} وهو يعلم الغيب وما يخفون وما يعلنون هؤلاء الكفرة). [حجة القراءات: 528]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {ألا يسجدوا} قرأه الكسائي بتخفيف «ألا» وإن وقف عليه وقف «ألا يا» ويبتدئ «اسجدوا» وليس هو موضع وقف، و«اسجدوا» فعل مبني عند البصريين في هذه القراءة، وقرأ الباقون «ألا» بالتشديد، جعلوا الياء في «يسجدوا» للاستقبال، متصلة بالفعل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/156]
وهو معرب.
وحجة من شدد «ألا» أن أصله عنده «أن لا» فأدغم النون في اللام، فـ «أن » هي الناصبة للفعل، وهو «يسجدوا» حذفت النون منه للنصب، فالفعل معرب في هذه القراءة، ومبني في القراءة الأولى، و«أن» من «ألا» في موضع نصب من أربعة وجوه الأول أن يكون في موضع نصب على البدل من «أعمالهم» على تقدير: وزين لهم الشيطان ألا يسجدوا، والثاني أن تكون «أن» مفعولة لـ «يهتدون» أي: فهم لا يهتدون أن يسجدوا وتكون «لا» على هذا القول زائدة، فالمعنى على هذا فهم لا يهتدون إلى السجود. فلما حذف حرف الجر مع «أن» تعدى الفعل فنصب، وحذف حرف الجر مع «أن» كثير في القرآن والكلام، ويجوز أن تكون «أن» على هذا في موضع خفض، على إعمال حرف الجر، وهو محذوف لكثرة ذلك، وهو مروي عن الخليل والكسائي، والثالث أن تكون «أن» في موضع نصب على حذف اللام، تقديره: وصدهم عن السبيل لئلا يسجدوا، أو يكون التقدير: وزين لهم الشيطان أعمالهم لئلا يسجدوا، ويجوز أن تكون «أن» في موضع خفض على البدل من السبيل، تقديره: وصدهم عن ألا يسجدوا، وتكون «لا» زائدة، فتحقيق الكلام: وصدهم عن السجود، لأن «أن» والفعل مصدر، و«لا» زائدة، ولا يحسن في جميع هذه الوجوه الوقف على ما قبل «ألا»، ولا الابتداء بـ «ألا» لأنك تفرق بين العامل والمعمول فيه، ويقوي هذه القراءة أن الياء في كل المصاحف متصلة بالفعل، وهو الاختيار لصحة معناه، ولأن الجماعة عليه.
10- وحجة من خفف «ألا» أنه جعلها استفتاحًا للكلام، فالوقف على ما قبل «ألا» في هذه القراءة حسن وجعل ما بعد «ألا» منادى قد حذف
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/157]
وبقيت «يا» تدل عليه، وذلك جائز في لغة العرب، قد جاء في ذلك في أشعارها وكلامها، يكتفون بياء عن الاسم المنادى، أو يحذفونه لدلالة الكلام و«يا» عليه، يقولون: ألا يا انزلوا، ألا يا ادخلوا، يريدون: ألا يا هؤلاء انزلوا، ألا يا هؤلاء ادخلوا، كذلك الآية، تقديرها: ألا يا هؤلاء اسجدوا، فلذلك قلنا: يقف على «يا» ويبتدئ: اسجدوا في هذه القراءة، وإنما حذفت ألف «يا» من اللفظ لسكونها وسكون السين بعدها، فصارت الياء في اللفظ متصلة بالسين كياء الاستقبال، وعلى ذلك أنشدوا:
فقالت ألا يا سمع تعظك بخطةٍ = فقلت سميعًا فانطقي وأصيبي
يريد: ألا يا هذا اسمع. ومثله:
يا لعنة الله والأقوام كلهم = والصالحين على سمعان من جار
يريد: يا هؤلاء لعنة الله، أي الزموا لعنة الله على سمعان، وهو كثير). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/158]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: {ما تخفون وما تعلنون} قرأ حفص والكسائي بالتاء، وقرأ الباقون بالياء.
وحجة من قرأ بالتاء أنه حمله على الخطاب؛ لأنه ما قبله، على قراءة الكسائي، منادى، والمنادى مخاطب، فرد الخطاب في الفعلين على معنى المنادى، فكأنه قال:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/158]
أيا يا قوم اسجدوا لله الذي يعلم ما تخفون وما تعلنون، فأما قراءة حفص بالتاء فيهما فإنه حمله على الخطاب للمؤمنين والكافرين الذين تقدم ذكرهن على لفظ الغيبة.
12- وحجة من قرأ بالياء أن الكلام قبله جرى على لفظ الغيبة في قوله: «وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم فهم لا يهتدون ألا يسجدوا» فجرى «يخفون ويعلنون» على مثال ذلك في لفظ الغيبة، فصار آخر الكلام كأوله في الغيبة وهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/159]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {أَلَا يا اسْجُدُوا} [آية/ 25] بتخفيف {ألا}:
قرأها الكسائي ويعقوب يس-، والوقف على {أَلَا يا} بالألف، والابتداء بقوه {أُسْجُدُوا} بهمزة مضمومة.
والوجه أن {ألا} حرف للتنبيه وافتتاح الكلام، و{يا} حرف النداء حذفت منه الألف لالتقاء الساكنين، وسقطت ألف الوصل أيضًا من قوله {اسْجُدُوا} لكونها في حالة الوصل، والمنادى ههنا محذوف، والتقدير: ألا يا هؤلاء، أو يا قوم اسجدوا، كما قال النمر بن تولب:
108- وقالت: ألا يا اسمع نعظك بخُطةٍ = فقلت: سميعًا فانطقي وأصيبي
أراد: يا هذا اسمع.
فأما إذا وقف القارئ فإنه يقول {ألا يا} فيرد الألف من {يا} التي كان
[الموضح: 954]
حذفها لالتقاء الساكنين، ويثبت ألف الوصل من {اسْجُدُوا}؛ لأن الفعل مبتدأ به، وألف الوصل تثبت في الابتداء.
قرأ الباقون ويعقوب إلا يس- {أَلَّا يَسْجُدُوا} بتشديد {أَلَّا}.
والوجه أن الأصل: أن لا يسجدوا، فأدغم النون في اللام من {لا}، فبقي: ألا، والتقدير: فصدّهم عن السبيل لأن لا يسجدوا، بإضمار اللام وهو متعلق بقوله {صَدَّهُمْ}.
ويجوز أن يتعلق بقوله تعالى {زَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} أي زين لهم لئلا يسجدوا، فالفعل أيضًا على إضمار اللام.
ويجوز أن يكون بلا إضمار ويكون بدلًا عن الأعمال كأنه قال: زين لهم الشيطان أن لا يسجدوا لله، أي ترك السجود، ويؤيد هذه القراءة أن الكلمة كتبت في المصحف {يَسْجُدُوا} بياء موصولة بالسين). [الموضح: 955]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [آية/ 25] بالتاء فيهما:
قرأها الكسائي و-ص- عن عاصم.
والوجه أنه على الخطاب، وأنه على قراءة الكسائي يستقيم؛ لأن ما قبله خطاب، وهو قوله تعالى {أَلَا يا اسْجُدُوا} على الخطاب. وعلى قراءة ص- يُحمل على مخاطبة الذين جرى ذكرهم بلفظ الغيبة،
[الموضح: 955]
ويجوز أن يكون على خطاب المؤمنين والكافرين جميعًا، كأنه قال: ما تخفون وما تعلنون أيها الناس.
وقرأ الباقون: {مَا يُخْفُونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} بالياء فيهما.
والوجه أنه على الغيبة؛ لأن ما قبله على الغيبة أيضًا، وهو قوله تعالى {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ}.
وهو أشبه أيضًا بقراءة من قرأ {أَلَّا يَسْجُدُوا} بالتثقيل لكونه على الغيبة أيضًا). [الموضح: 956]

قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 04:54 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (27) إلى الآية (35) ]
{قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32)قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)}


قوله تعالى: {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27)}
قوله تعالى: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فألقه إليهم (28)
[معاني القراءات وعللها: 2/239]
روى عبد الوارث وشجاع عن أبي عمرو (فألقهي) بياء في اللفظ.
وقال عباس: سألت أبا عمرو فقرأ (فألقه) أجزئا، وقال، وإن شئت (فألقهى)، واختار (فألقهي)،
وقال اليزيدي عنه (فألقه) جزمًا ووافق حفصٌ أبا بكر في قوله (فألقه) جزمًا، وقد أمضينا تفسير هذا الجنس فيما تقدم من الكتاب.
ووجه القراءة فيها كما اجتمع عليه النحويون (فألقهي إليهم) بالياء، وإن قرئ (فألقه) بكسر الهاء كان حسنًا، وأما جزم الهاء فليس بجيد عندهم.
ولا أنكر أن يكون لغة، فإن بعض القراء قرأوا بها، ولم يقرأوا بها إلا وقد حفظوها عن العرب، والاختيار ما أعلمتك). [معاني القراءات وعللها: 2/240]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {فألقه إليهم} [28].
أسكن الهاء حمزة وعاصم وأبو عمرو.
وكسر الهاء من غير ياء نافع في رواية قالون.
وقرأ ابن كثير والكسائي وورش عن نافع: {فألقهي إليهم} بياء بعد الكسرة. وقد ذكرت علة ذلك في (آل عمران).
ومعنى {ثم تول عنهم فانظر} أي: اختف عنهم، ثم انظر ماذا يقولون.
وقال آخرون: معناه: التقديم والتأخير أي: فانظر ماذا يرجعون. ثم تول عنهم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/150]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في وصل الهاء بياء في قوله جل وعز: (فألقه إليهم) [النمل/ 28] وإسكانها.
فقرأ ابن كثير وابن عامر والكسائي: (فألقهى إليهم) موصولة بياء في رواية الحلواني عن هشام بن عمار عن ابن عامر، وقال: ابن ذكوان بكسر الهاء، واختلف عن نافع فقال ابن جمّاز والمسيّبي والقاضي عن قالون: (فألقه إليهم) مكسورة الهاء من غير ياء.
وقال ورش: في الوصل ياء بعد الهاء، وكذلك قال إسماعيل بن جعفر وكذل قال الحلواني عن قالون.
واختلف عن أبي عمرو، فروى عنه اليزيدي: فألقه ساكنة، وروى عنه عبد الوارث وشجاع، (فألقهي) موصولة بياء في الوصل.
وقال عباس: سألته فقرأ: فألقه جزما وقال: إن شئت: (فألقهي) [وكان اختياره فألقهي مشددة]، وقرأ عاصم في الروايتين جميعا جزما وحمزة مثله.
[الحجة للقراء السبعة: 5/386]
قال أبو علي: وصل الهاء بياء في (ألقه) ونحوه أقيس وأشبه، وترك وصله بالياء إنّما يجري في الشعر، كقوله:
ما حجّ ربّه في الدّنيا ولا اعتمرا وكذلك رواية من روى عن أبي عمرو: (فألقهي إليهم) موصولة بياء، أقيس من رواية من روى: فألقه بسكون الهاء. وزعم أبو الحسن أن نحو: (ألقه) ونحو قوله:
مشتاقان له أرقان لغة، ولم يحك ذلك سيبويه، وحمل قوله: «له أرقان» على الضرورة ولم يحك اللّغة التي حكاها أبو الحسن في موضع علمت). [الحجة للقراء السبعة: 5/387]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم}
قرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة {فألقه إليهم} بإسكان الهاء وقرأ الحلواني بالاختلاس وقرأ الباقون بالإشباع وقد ذكرت الحجّة في آل عمران). [حجة القراءات: 528]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (13- قوله: {فألقه إليهم} قرأه أبو عمرو وعاصم وحمزة بإسكان الهاء وقرأ قالون بكسر الهاء، من غير بلوغ ياء، وقرأ الباقون بصلتها بياء في الوصل.
وحجة من قرأ بإسكان الهاء أنه نوى الوقف على الهاء وذلك بعيد لأنه ليس بموضع وقف، وقيل: هي لغة لبعض العرب، وذلك قليل، إنما جاء في الشعر، وقيل: إنه توهم الهاء لام الفعل، فألزمها ما يلزم لام الفعل في هذا من السكون للبناء؛ لأن لام الفعل إذا سكنت في الأمر فسكونها بناء، وهو أيضًا قول ضعيف، وقد تقدم ذكر هذا ونحوه.
14- وحجة من وصلها بياء أنه لما رأى الهاء، وقد تحرك ما قبلها، أثبت الحرف الذي بعدها، إذ لم يجتمع ما يقرب من الساكن، والياء بدل من واو، وهي الأصل في الزيادة لتقوية هاء الكناية، وذلك لكسرة ما قبل الهاء فبنى الكلمة في زيادة الياء على اللفظ، ولم ينظر إلى الأصل، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه.
15- وحجة من وصل الهاء بكسرة، دون ياء، أنه بنى الكلمة على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/159]
الأصل؛ لأن الأصل «ألقيهي» فيحذف الياء التي بعد الهاء، لسكونها وسكون الياء التي قبل الهاء؛ لأن الهاء حرف خفي غير حاجز حصين، فلما دخل الكلمة البناء للأمر، وحذفت الياء التي قبل الهاء للبناء، بقيت الهاء مكسورة، من غير ياء، على ما كانت عليه قبل حذف الياء التي قبل الهاء لأن حذفها عارض وقد مضى شرح هذا كله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/160]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ} [آية/ 28] بسكون الهاء:
قرأها أبو عمرو وعاصم وحمزة.
والوجه أن إسكان مثل هذه الهاء، أعني الهاء التي تكون للضمير، لغة عند أبي الحسن، وأنشد مستشهدًا عليه قول الشاعر:
109- ومطواي مشتاقان له أرقان
وقد مضى ذكره، وقول الآخر:
110- وأشرب الماء ما بي نحوه عطش = إلا لأن عيونه سيل واديها
[الموضح: 956]
وسيبويه أنكر أن يكون ذلك لغة، وحمل ما في البيتين على الضرورة.
وقرأ نافع ن- ويعقوب {فَأَلْقِهِ} مخففة مختلسة الكسرة.
والوجه أن اختلاس الحركة في مثل هذه الهاء في هذه الصورة ليس بالقوي، وقد جاء في الشعر قال:
111- أو معبر الظهر ينبو عن وليته = ما حج ربه في الدنيا ولا اعتمرا
وقد ذكرناه، وقال الآخر:
112- فما له من مجدٍ تليدٍ وماله = من الريح فضل لا الجنوب ولا الصبا
إلا أن الذي حسنه ههنا أن الياء التي هي لام الفعل محذوفة من الكلمة للجزم، ولو كانت الياء مثبتة لكانت حركة الهاء مختلسة لا محالة، نحو هو
[الموضح: 957]
يُلقيه، فأجرة الكلمة وقد حذفت منها الياء مجراها وهي مثبتة؛ لأن الياء المحذوفة للجزم في تقدير الثبات من حيث إن الأصل والوزن يقتضيانه.
وقرأ ابن كثير ونافع ش- و-يل- وابن عامر والكسائي {فَأَلْقِهِي} موصولة بياء.
والوجه أنه هو الأصل، وهو الأقيس والأكثر في كلامهم). [الموضح: 958]

قوله تعالى: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (إنّي ألقي إليّ (29) (ليبلوني أأشكر (40)
فتح الياءين نافع وحده). [معاني القراءات وعللها: 2/245] (م)

قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30)}
قوله تعالى: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس في رواية وهب بن منبه: [أنْ لَا تَغْلُوا]، بالغين معجمة.
قال أبو الفتح: غَلَا في قوله غُلُوًّا، وغلا السعرُ يغلُو غَلَاء. فصلوا بينهما في المصدر وإن اتفقا في الماضي، وهذا أحد ما يدل على ما قدمناه أيضا من أن الماضي والمضارع واسم الفاعل والمصدر تجري مجرى المثال الواحد، فإذا خولف فيها بين المصادر قام ذلك الخلاف مقام ما كان يجب من اختلاف الأمثلة لاختلاف ما تحتها من المعاني المقصودة؛ وذلك أن أعدل اللغة اختلاف الألفاظ لاختلاف المعاني، فإن اتفقت الألفاظ اختلفت الأمثلة، فإن اتفقت الألفاظ والأمثلة، ووقع التغيير في بعض المُثُل قام مقام تغييرها كلها. وذلك نحو غلا يغلو في القول والسعر.
فلما اتفق اللفظان والمِثْلان في الماضي والمضارع خالفوا بين مصدريهما؛ ليكون ذلك كالخلاف
[المحتسب: 2/139]
بين مثاليهما أنفسهما، فقالوا: غُلُوًّا، وغَلَاء على ما مضى. وكذلك قولهم في نظائر هذا: وجَدت الشيء وجُودا، ووجَدت في الحزن وَجْدًا، ووجَدت من الغنى وُجْدًا ووَجْدًا ووِجْدًا وجِدَة، ووجدت على الرَّجل مَوْجِدة، وجدت الضَالَة وِجدَانا، فجعلوا اختلاف المصادر فيها عوضًا مما كان يقتضيه أصل وضع اللغة من اختلافها أنفسها، فهذا مَقَاد يُقْتَاس ويُرْجَع في نظائره إليه.
نعم، وخصوا غَلَا في القول بالغُلُوّ؛ لأن لفظ فُعُول أقوى من لفظ فَعَال؛ للواوين والضمتين، وضعفِ الألف والفتحتين. وذلك أن الغُلُوّ في القول أعلى وأعنى عندهم من غلاء السعر، ألا ترى إلى قول الله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا}، وقال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}؟ وأما غلاء السعر فلا يدخل النار، ولا يحرم الجنة، ثم إنهم قالوا: غلتِ القِدْرُ تَغْلِي غَلَيَانا، فلما صغر هذا المعنى في أنفسهم أخذوه من الياء؛ لأنها تنحط عن الواو والضمة إلى الياء والكسرة.
فإن قلت: فقد قالوا: عَلَوْتُ في المكان أَعْلُوا عُلُوًّا وعلِيتُ في الشرف علاءً؛ فجعلوا الشرف دون ارتفاع النِّصْبَة.
قيل: لم يَجْفُ الشرفُ عندهم، ولا تَبشَّع تبشّع الكفر والغلوّ في القول المعاقَب عليه، والمنهيَّ عنه؛ فلان جانبُه، ونَعُمَ وعَذُبَ في أنفسهم؛ فبنوه على فَعِل لتنقلب الواو ياءً، ومصدره على الفَعَال؛ لعذوبته بالفتحتين والألف. وهذه أماكن إن رَفَقْت بها، وسانَيْتَهَا، وتأنَّيْتَهَا، ولم تَبْءَ عليها وتَخْتَبطَها -أَوْلَئْكَ جانبها، وأركبتك ذِرْوَتها، وقبلَتْكَ لها ضيفا، وَبَسَطَتْكَ يدًا وسيفًا. وإن أَخْلَدْتَ بها إلى ضِدّ هذا أخْلَدَتْ بكَ إلى ضده، فَتَلَاقيا ورفقا، لا مُغَالَاةً ولا خُرْقًا). [المحتسب: 2/140]

قوله تعالى: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32)}
قوله تعالى: {قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)}
قوله تعالى: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)}
قوله تعالى: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 04:55 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (36) إلى الآية (40) ]
{فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)}


قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أتمدّونني بمالٍ (36)
قرأ ابن كثيرٍ ونافع وأبو عمرو (أتمدّونني) بنونين، وإثبات الياء في الوصل.
وقرأ ابن عامر وعاصم والكسائي (أتمدّونن) بغير ياء في وقف ولا وصل.
[معاني القراءات وعللها: 2/240]
وقرأ حمزة أتمدّونّ) بنون واحدة مشددة، وبياء في الوصل والوقف، وروى خارجة عن نافع (أتمدّونّي) بنون واحدة مشددة، وياء في الوصل، فإن وقف واقف وقف بغير ياء.
قال أبو منصور: من قرأ (أتمدّونّي) بنون واحدة مشددة فإنه أراد: أتمدونني، وأدغم إحدى النونين في الأخرى وشددها.
ومن قرأ النونين فلأنه وجد النونين متحركتين فاختار الإظهار.
وأمّا من أظهر الياء فلأنها ياء الإضافة.
ومن كسر النون الأخيرة بلا ياء جعل الكسرة دالة على الياء فاكتفى بها عن إظهارها). [معاني القراءات وعللها: 2/241]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فما آتاني اللّه خيرٌ (36)
قرأ نافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم، ويعقوب (فما آتاني اللّه) بياء مفتوحة ووقفوا بياء.
وقرأ الباقون (آتان اللّه) بحذف الياء في الوصل والوقف.
وأمال الكسائي وحده التاء (آتاني)، وفتحها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/241]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {أتمدونن بمال} [36].
قرأ حمزة: {أتمدوني} بنون مشددة. وأثبت الياء وصل أو وقف والأصل: اتمدونني، النون الأولى علامة الرفع، والثانية مع الياء اسم المتكلم. ومعنى {أتمدونن} تقول العرب في الخير امددته وفي الشر مددته. قال الله تعالى: {ونمدهم في طغيانهم يعمهون}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/150]
وقرأ أبو عمرو والكسائي ونافع وابن كثير وابن عامر رواية هشام وأما هشام وابن كثير فأثبتاها في الحالين {أتمدونن} أظهروا ولم يدغموا غير أنهم يحذفون الياء من الوقف، لأنها ليست ثابتة في المصحف.
وقرأ الباقون: {أتمدونن} بنونين أيضًا، غير أنهم اجتزأوا بالكسرة عن الياء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/151]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى: {فما ءاتاني الله خير} [36].
قرأ نافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم: {ءاتاني} بفتح الياء.
وقرأ الباقون: {ءاتان الله} بغير ياء إتباعًا للمصحف.
والباقون أثبتوا وفتحوا لئلا تسقط لالتقاء الساكنين أعني: الياء واللام من اسم الله تعالى.
وكان الكسائي وحده يميل {ءاتاني الله} من أجل الياء {ءاتيك} [39، 40] والأصل فيه: أئتيك به فكرهوا الجمع بين همزتين. فلينوا الثانية. و«ما» بمعنى الذي وهو ابتداء و«ءاتني»صلة «ما»، وخير: خبر الابتداء، والتقدير: والذي آتاني الله خير). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/151]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جلّ وعز: (أتمدونني بمال) [النمل/ 36].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: (أتمدّونني) بنونين وياء في الوصل. حدثنا ابن واصل قال: حدثنا ابن سعدان عن المسيبى عن
[الحجة للقراء السبعة: 5/387]
نافع: (أتمدّوني) خفيفة النون وهي بنون واحدة وياء في الوصل والوقف.
وقرأ ابن عامر وعاصم والكسائي: أتمدونن بغير ياء في الوصل والوقف. وقرأ حمزة: (أتمدّونّي بمال) بنون واحدة مشددة ووقف على الياء.
قال أبو علي [في: أتمدونني بمال]: أبو زيد: أمددت الرجل بالمال والرجال إمدادا.
قال [أبو علي]: وفي التنزيل: أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين [المؤمنون/ 55]، وفي غير المال والبنين، مدّ على فعل، قال: ويمدهم في طغيانهم يعمهون [البقرة/ 15] ويمدونهم في الغي [الأعراف/ 202]، وقال: ونمد له من العذاب مدا [مريم/ 79] فأمّا قوله: (أتمدّونّي) هو: (أتمدّونني). فأدغم الأولى في الثانية، ومن لم يحذف الياء في الوصل، فلأنّه ليس بفاصلة ولا يشبه الفاصلة، لأنّه ليس بكلام تام، فالنون الأولى علامة الرفع، والثانية التي تصحب ضمير المتكلم المنصوب.
[الحجة للقراء السبعة: 5/388]
وقرأ نافع: (أتمدّوني) خفيفة النون.
[قال أبو علي]:: التشديد حسن، ووجه التخفيف أنّه يحذف الثانية، ولا يحذف الأولى لأنّ حذف الأولى لحن، والثانية قد حذفت في مواضع من الكلام والشعر، نحو: قدي وإني، ومن بيّن فقال: (أيمدّونني) فجمع بين المثلين ولم يدغم، فلأنّ الثانية ليست بلازمة، ألا ترى أنّها تجري في الكلام ولا يلزق بها الثانية نحو: أتمدّون زيدا، وفي التنزيل: ولو شاء الله ما اقتتلوا [البقرة/ 253] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/389]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جلّ وعزّ: فما آتاني الله [النمل/ 36] في فتح الياء، وإثباتها وجزمها.
فقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر عن عاصم وحمزة والكسائي:
(فما أتان الله) بكسر النون من غير ياء.
وقرأ أبو عمرو ونافع وعاصم في رواية حفص: فما آتاني الله
[الحجة للقراء السبعة: 5/389]
بفتح الياء. وكلّهم فتح التاء غير الكسائي، فإنّه أمالها من: (آتاني) ). [الحجة للقراء السبعة: 5/390]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فلمّا جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير ممّا آتاكم} 36
قرأ حمزة (أتمدوني بمال) 2 بنون واحدة مشدّدة والياء مثبتة في الوصل والوقف والأصل أتمدونني النّون الأولى علامة الرّفع والثّانية نصب ضمير المتكلّم المنصوب فأدغم النّون في النّون ولم يحذف الياء لأنّه ليس بفاصل
[حجة القراءات: 528]
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو أتمدونن بنونين أظهروا ولم يدغموا غير أنهم حذفوا الياء في الوقف لأنّها ليست ثابتة في المصحف وأثبت ابن كثير في الوقف
وقرأ ابن عامر وعاصم والكسائيّ بحذف الياء في الوصل والوقف اجتزؤوا بالكسر عن الياء
قرأ نافع وأبو عمرو وحفص {فما آتاني الله} بفتح الياء وقرأ الباقون بكسر النّون من غير ياء
من قرأ بسكون الياء إذا أدرج يحذفها لالتقاء الساكنين الياء ولام التّعريف وحذفلوا في الوقف إتباعا للمصحف ومن فتحها فعلى أصل ما يجب لهذه الياء من الفتحة وثبتت ولم تحذف لأنّها لا تلتقي ساكنة مع ساكن فيلزم حذفها
وقرأ الكسائي بالإمالة لأن هذه الياء ثابتة في تصرف هذا الفعل وما بمعنى الّذي وهو ابتداء و{آتاني} صلة {ما} و{خير} خبره والتّقدير فالّذي آتاني الله خير). [حجة القراءات: 529]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (16- قوله: {أتمدونن} قرأ حمزة بنون مشددة، على الإدغام، لاجتماع المثلين فيمد الواو لالتقاء الساكنين، وقرأ الباقون بنونين ظاهرتين على الأصل، الأولى علم الرفع في الفعل، والثانية هي التي تدخل مع الياء في ضمير المتكلم المنصوب، لتقي الفعل عن أن تتصل به الياء فتكسره، فتقول: ضربني ويضربني، فتبقى لام الفعل على حالها قبل اتصال الضمير بها، ولولا النون لانكسرت لام الفعل لملاصقة الياء لها، وهو الاختيار، لأنه الأصل، وعليه الأكثر، ووقف ابن كثير وحمزة بالياء كما يصلان، لأنه الأصل، ووصله نافع وأبو عمرو بالياء، ووقفا بغير ياء اتباعًا للخط في الوقف حملًا على الأصل في الوصل، وحذف الباقون الياء في الوصل والوقف اتباعًا للخط ليوافق الأصل الوقف في حذف الياء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/160]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {أَتُمِدُّونِّي} [آية/ 36] بنون واحدة مشددة، وبإثبات الياء في الوصل والوقف جميعًا:
قرأها حمزة ويعقوب.
والوجه أن الأصل: تمدونني بنونين، فأدغم النون الأولى في الثانية إرادة للتخفيف.
وقرأ الباقون {أَتُمِدُّونَنِي} بنونين مخففتين.
وأما الياء فقد أثبتها في الوصل والوقف جميعًا ابن كثير، وأثبتها نافع وأبو عمرو في الوصل فقط، وحذفها ابن عامر وعاصم والكسائي في الحالين.
والوجه في إظهار النونين أنه هو الأصل، فإن النون الأولى هي علامة الرفع في فعل جمع المذكر، والثانية هي التي تلحق بياء ضمير المتكلم المنصوب، واحتملوا اجتماع النونين؛ لأن الثانية غير لازمة.
فأما إثبات الياء في الحالين فهو الأصل، وأما إثباتها في الوصل؛ فلأنها لم
[الموضح: 958]
تقع فاصلة، ولم تشبه أيضًا الفاصلة، إذ الكلام به غير تام، وإنما يكون حذف الياء في الفواصل.
وأما حذفها فعلى التشبيه بالفاصلة. وأما تخصيص حذفها بالوقف؛ فلأن الوقف موضع حذف وتغيير.
وروى المسيبي عن نافع {أَتُمِدّونِي} بنون واحدة خفيفة، وبإثبات الياء.
والوجه في النون الواحدة أن الثانية من النونين حذفت لاجتماعهما، كما قال الشاعر:
113- تراه كالثغام يُعل مسكًا = يسوء الفاليات إذا فليني
[الموضح: 959]
أراد: فلينني، فحذف النون الثانية، وإنما حذف الثانية؛ لأنها هي الزائدة وهي التي تحذف كثيرًا، والأولى ضمير الفاعل). [الموضح: 960]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {فَمَا آَتَانِيَ الله} [آية/ 36] بفتح الياء:
قرأها نافع وأبو عمرو و-ص- عن عاصم و-يس- عن يعقوب.
والوجه في فتح هذه الياء قد تقدم في غير موضع، فإنه هو الأصل، وحسنه ههنا أن الياء إذا كانت مفتوحة فإنها لا تسقط لالتقاء الساكنين في حال الإدراج بل تثبت إذ لا يلتقي ساكنان.
وقرأ الباقون و-ح- عن يعقوب {فَمَا آَتَانِ الله} بغير ياء.
والوجه أن الأصل: آتاني بإثبات الياء، فأسكنوها وإن كان أصلها الفتح طلبًا للتخفيف، إذ الساكن أخف من المتحرك، ثم اجتمعت الياء الساكنة مع اللام الساكنة من {الله} فحذفت الياء لالتقاء الساكنين فبقي {آَتَانِ الله}.
ويعقوب يقف عليها بالياء.
والوجه أنه يذهب إلى فتح الياء في حال الدرج، فإذا وقف أسكن الياء؛ لأن الوقف لا يكون على المتحرك.
وأمال الكسائي الألف التي بعد التاء من {آَتَانِي}.
[الموضح: 960]
والوجه أنه فعل، والفعل أقعد في باب الاعتلال من الاسم، ثم إن أصله من الياء فحسنت فيه الإمالة). [الموضح: 961]

قوله تعالى: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {لَا قِبَل لَّهُمْ} [آية/ 37] بإدغام اللام في اللام:
قرأها يعقوب يس-، مثل أبي عمرو إذا أدغم.
والوجه أنه جعل الحرفين المثلين وإن كانا من كلمتين بمنزلتهما لو كانا من كلمة واحدة، كما حكى سيبويه من قولهم يداؤد، والمعنى يد داود.
وقرأ الباقون و-ح- عن يعقوب بالإظهار.
والوجه أنه هو الأصل، وزاد حُسن الإظهار أن المثلين ليسا من كلمة واحدة). [الموضح: 961]

قوله تعالى: {قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38)}

قوله تعالى: {قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وأمال حمزة أنا آتيك به [النمل/ 39، 40]. أشمّ الهمزة شيئا من الكسر، ولم يملها غيره.
قال أبو علي: من قرأ: فما آتاني الله بسكون الياء لزمه إذا أدرج أن يحذفها لالتقاء الساكنين: الياء ولام المعرفة، ومن فتحها على أصل ما يجب لهذه الياء من الفتحة [ثبتت له] ولم يحذف، لأنّه لم يلتق ساكن مع ساكن فيلزم حذفها.
فأمّا إمالة الكسائي الألف من آتاني فحسن، لأنّ هذه الياء ثابتة في تصرف هذا الفعل، فبحسب لزومها تحسن الإمالة.
وأمّا إمالة حمزة أنا آتيك فإنّما هي من أجل لزوم الكسرة في: (آتي)، فإذا لزمت الكسرة جازت الإمالة، فأمال الفتحة التي على همزة المضارعة، لتميل الألف التي في آتى نحو الياء، وإمالة الكسائي فتحة التاء من (آتاني) أحسن من إمالة حمزة، لأنّ (آتى) مثال ماض، والهمزة في (آتيك) همزة المضارعة، فإمالتها لا تحسن، ألا ترى أنّه لو كانت الياء التي للمضارعة في الفعل، لم تجز الإمالة، وإذا لم تجز الإمالة في حرف من حروف المضارعة، كان ما بقي من الحروف على حكمه، ألا ترى أنّهم قالوا: يعد، فأتبعوا سائر
[الحجة للقراء السبعة: 5/390]
الحروف الياء، وكذلك أكرم ولم يميلوا الفتحة في (أيحسب) كما أمالوها في قولهم في عمر، ولأنّ الياء لو كانت من مكان التاء، لم تحسن إمالتها، فكذلك لا تحسن إمالة الهمزة من قوله: أنا آتيك به [النمل/ 39/ 40] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/391] (م)
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي رجاء وعيسى الثقفي: [عِفْريَةٌ].
قال أبو الفتح: هو العفريت. يقال: رجل عِفْريَةٌ نِفْريَةٌ إتباعا: إذا كان خبيثا داهيا. وقالوا: تَعَفْرَتَ الرجلُ: إذا صار عفريتا، أي: خبيثا. وهذا مثال غريب؛ لأن وزنه تَفَعْلَتَ، ونحوه من المُثُل الغريبة في الفعل قولهم: يَرْنَأَ الرجُلُ لِحْيَتَهُ: إذا صَبَغَها باليُرْنَاء، وهو الحناء. فيَرْنَأَ على ما ترى يَفْعَلَ، ومضارعه يُيَرْنِئ يُيَفْعِلُ، واسم الفاعل مُيَرْنِئ، وهو مُيَفْعِل.
وأصل العفريب من العَفْر، وهو التراب، كأنه يختِل قِرْنَه فيصرعه إلى العَفْر, ومنه قيل للأسد: عَفَرْني، وللناقة الشديدة: عفرناة. وقال الأعشى:
بِذاتِ لَوْثٍ عَفْرَنَاةِ إذَا عَثَرَتْ ... فَالنَّعْسُ أَدْنَى لَهَا مِنْ أَنْ أَقُولَ: لَعَا
ومنه عِفْرِيَةُ الرأس: للشعر الذي عليه؛ وذلك لأن قُصَارَاه أن يُحْلَقَ فيصير إلى التراب، أو يصير تُرَابًا. ومنه اليَعْفُور. لولَدِ الظبية؛ لأنه لصغَرِه ما يلزق بالتراب، أو لأن لونه لون التراب. ومنه ليث عِفِرِّينَ؛ لأنه دابة يلزم التراب). [المحتسب: 2/141]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أنا آتيك به} 39
قرأ 4 حمزة أنا آتيك بالإمالة وإنّما أمال من أجل لزوم الكسرة في أنا آتي فإذا لزمت الكسرة جاءت الإمالة فأمال الفتحة الّتي هي همزة المضارعة ليميل الألف في آتي نحو الياء
وقرأ الباقون {أنا آتيك} بغير إمالة لأن الهمزة بابها الفتح
[حجة القراءات: 529]
ولأنّها فاء الفعل فلذلك تركوا الإمالة فإن قيل {فما آتاني الله} قبلها ممدود لأنّه من الإعطاء فلم مددت {أنا آتيك} وهو من المجيء الجواب في ذلك أن أتى في الماضي يكون مقصورا تقول أتى زيد عمرا فإذا رددت الماضي إلى المستقبل زدت على الهمزة همزة أخرى وهي علامة الاستقبال والثّانية فاء الفعل فصيرت الثّانية مدّة فلذلك صار ممدودا قولك {أنا آتيك} ). [حجة القراءات: 530]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {أَنَا آَتِيكَ} [آية/ 39] بإمالة الألف من {آَتِيكَ}:
قرأها حمزة وحده، وكذلك في الآخر: {آَتِيكَ بِهِ} [آية/ 40].
والوجه أنه إنما أمال الألف منه لكسرة التاء في آتي، وإمالة هذه الهمزة التي هي همزة المضارعة ضعيفة؛ لأن حروف المضارعة لم تجيء الإمالة في واحد منها.
[الموضح: 961]
وذهب بعضهم إلى أن {آَتِيكَ} فاعل أتى، والمعنى أنا جائيك، وإذا كان كذلك كانت الإمالة أحسن؛ لأن الألف ألف فاعل، والهمزة فاء الفعل، وفي الأول الألف بدل من الهمزة التي هي فاء الفعل، والهمزة حرف المضارعة؛ لأن الكلمة مضارع أتيت فأنا آتي.
وقرأ الباقون {آَتِيكَ} بفتح الألف في الحرفين، على الأصل). [الموضح: 962]


قوله تعالى: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (إنّي ألقي إليّ (29) (ليبلوني أأشكر (40)
فتح الياءين نافع وحده). [معاني القراءات وعللها: 2/245] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وأمال حمزة أنا آتيك به [النمل/ 39، 40]. أشمّ الهمزة شيئا من الكسر، ولم يملها غيره.
قال أبو علي: من قرأ: فما آتاني الله بسكون الياء لزمه إذا أدرج أن يحذفها لالتقاء الساكنين: الياء ولام المعرفة، ومن فتحها على أصل ما يجب لهذه الياء من الفتحة [ثبتت له] ولم يحذف، لأنّه لم يلتق ساكن مع ساكن فيلزم حذفها.
فأمّا إمالة الكسائي الألف من آتاني فحسن، لأنّ هذه الياء ثابتة في تصرف هذا الفعل، فبحسب لزومها تحسن الإمالة.
وأمّا إمالة حمزة أنا آتيك فإنّما هي من أجل لزوم الكسرة في: (آتي)، فإذا لزمت الكسرة جازت الإمالة، فأمال الفتحة التي على همزة المضارعة، لتميل الألف التي في آتى نحو الياء، وإمالة الكسائي فتحة التاء من (آتاني) أحسن من إمالة حمزة، لأنّ (آتى) مثال ماض، والهمزة في (آتيك) همزة المضارعة، فإمالتها لا تحسن، ألا ترى أنّه لو كانت الياء التي للمضارعة في الفعل، لم تجز الإمالة، وإذا لم تجز الإمالة في حرف من حروف المضارعة، كان ما بقي من الحروف على حكمه، ألا ترى أنّهم قالوا: يعد، فأتبعوا سائر
[الحجة للقراء السبعة: 5/390]
الحروف الياء، وكذلك أكرم ولم يميلوا الفتحة في (أيحسب) كما أمالوها في قولهم في عمر، ولأنّ الياء لو كانت من مكان التاء، لم تحسن إمالتها، فكذلك لا تحسن إمالة الهمزة من قوله: أنا آتيك به [النمل/ 39/ 40] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/391] (م)

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة