تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال اللّه لا تتّخذوا إلهين اثنين، إنّما هو إلهٌ واحدٌ فإيّاي فارهبون}.
يقول تعالى ذكره: وقال اللّه لعباده: لا تتّخذوا لي شريكًا أيّها النّاس، ولا تعبدوا معبودين، فإنّكم إذا عبدتم معي غيري جعلتم لي شريكًا، ولا شريك لي، إنّما هو إلهٌ واحدٌ ومعبودٌ واحدٌ، وأنا ذلك {فإيّاي فارهبون} يقول: فإيّاي فاتّقوا، وخافوا عقابي بمعصيتكم إيّاي إن عصيتموني وعبدتم غيري، أو أشركتم في عبادتكم لي شريكًا). [جامع البيان: 14/246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: مر النّبيّ بسعد وهو يدعو بأصبعيه فقال له: يا سعد أحد أحد). [الدر المنثور: 9/59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال: كانوا إذا رأوا إنسانا يدعو بأصبعيه ضربوا إحداهما وقالوا: {إنما هو إله واحد} ). [الدر المنثور: 9/59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت: إن الله يحب أن يدعى هكذا وأشارت بأصبع واحدة). [الدر المنثور: 9/59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: الإخلاص يعني الدعاء بالأصبع). [الدر المنثور: 9/59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: الدعاء هكذا - وأشار بأصبع واحدة - مقمعة الشيطان). [الدر المنثور: 9/59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: الإخلاص هكذا، وأشار بأصبعيه والدعاء هكذا يعني ببطون كفيه، وللاستخارة هكذا ورفع يديه وولى ظهرهما وجهه). [الدر المنثور: 9/60]
تفسير قوله تعالى: (وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى وله الدين واصبا قال دائما ألا ترى أنه يقول ولهم عذاب واصب أي دائم). [تفسير عبد الرزاق: 1/357]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] {وسبلا لعلكم تهتدون} قال: الطّرق {وله الدّين واصبًا} قال: دائما [الآية: 15، 52]). [تفسير الثوري: 165] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وله ما في السّموات والأرض وله الدّين واصبًا، أفغير اللّه تتّقون}.
يقول تعالى ذكره: وللّه ملك ما في السّماوات والأرض من شيءٍ، لا شريك له في شيءٍ من ذلك، هو الّذي خلقهم، وهو الّذي يرزقهم، وبيده حياتهم وموتهم.
وقوله: {وله الدّين واصبًا} يقول جلّ ثناؤه: وله الطّاعة والإخلاص دائمًا ثابتًا واجبًا، يقال منه: وصب الدّين يصب وصوبًا ووصبًا، كما قال الدّيليّ:
لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه = يومًا بذمّ الدّهر أجمع واصبا
ومنه قول اللّه: {ولهم عذابٌ واصبٌ}
وقول حسّان:
غيّرته الرّيح تسفي به = وهزيمٌ رعده واصب
فأمّا من الألم، فإنّما يقال: وصب الرّجل يوصب وصبًا، وذلك إذا أعيا وملّ، ومنه قول الشّاعر:
لا يغمز السّاق من أينٍ ولا وصبٍ = ولا يعضّ على شرسوفه الصّفر
وقد اختلف أهل التّأويل في تأويل الواصب، فقال بعضهم: معناه، ما قلنا
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن قيسٍ، عن الأغرّ بن الصّبّاح، عن خليفة بن حصينٍ، عن أبي نضرة، عن ابن عبّاسٍ: {وله الدّين واصبًا} قال: " دائمًا "
- حدّثني إسماعيل بن موسى، قال: أخبرنا شريكٌ، عن أبي حصينٍ، عن عكرمة، في قوله: {وله الدّين واصبًا} قال: " دائمًا "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن قيسٍ، عن يعلى بن النّعمان، عن عكرمة، قال: " دائمًا "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحرث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وله الدّين واصبًا} قال: " دائمًا "
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وله الدّين واصبًا} قال: " دائمًا "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبدة، وأبو معاوية، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {وله الدّين واصبًا} قال: " دائمًا ".
- حدّثني المثنّى قال: أخبرنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك مثله
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وله الدّين واصبًا} أي دائمًا، فإنّ اللّه تبارك وتعالى لم يدع شيئًا من خلقه إلاّ عبده، طائعًا أو كارهًا "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {واصبًا} قال: " دائمًا، ألا ترى أنّه يقول: {عذابٌ واصبٌ} أي دائمٌ؟ "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وله الدّين واصبًا} قال: " دائمًا والواصب: الدّائم ".
وقال آخرون: الواصب في هذا الموضع: الواجب
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن عطيّة، عن قيسٍ، عن يعلى بن النّعمان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وله الدّين واصبًا} قال: " واجبًا "
- وكان مجاهدٌ يقول: " معنى الدّين في هذا الموضع: الإخلاص " وقد ذكرنا معنى الدّين في غير هذا الموضع بما أغنى عن إعادته
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وله الدّين واصبًا} قال: " الإخلاص "
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: " الدّين: الإخلاص "
وقوله: {أفغير اللّه تتّقون} يقول تعالى ذكره: أفغير اللّه أيّها النّاس تتّقون، أي ترهبون وتحذرون أن يسلبكم نعمة اللّه عليكم بإخلاصكم العبادة لربّكم، وإفرادكم الطّاعة له، وما لكم نافعٌ سواه). [جامع البيان: 14/246-250]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وله الدين واصبا قال الإخلاص واصبا يعني دائما). [تفسير مجاهد: 348]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وله الدين واصبا} قال: {الدين} الإخلاص {واصبا} دائما). [الدر المنثور: 9/60]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله: {وله الدين واصبا} قال: لا إله إلا الله). [الدر المنثور: 9/60]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وله الدين واصبا} قال: دائما). [الدر المنثور: 9/61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير عن ابن عباس في قوله: {وله الدين واصبا} قال: واجبا). [الدر المنثور: 9/61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {وله الدين واصبا} ما الواصب قال: الدائم، قال فيه أمية بن أبي الصلت:
وله الدين واصبا وله * الملك وحمد له على كل حال). [الدر المنثور: 9/61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: إن هذا الدين دين واصب، شغل الناس وحال بينهم وبين كثير من شهواتهم فما يستطيعه من إلا من عرف فضله ورجا عاقبته). [الدر المنثور: 9/61]
تفسير قوله تعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما بكم من نعمةٍ فمن اللّه، ثمّ إذا مسّكم الضّرّ فإليه تجأرون}
اختلف أهل العربيّة في وجه دخول الفاء في قوله: {فمن اللّه} فقال بعض البصريّين: دخلت الفاء، لأنّ " ما " بمنزلة " من " فجعل الخبر بالفاء.
وقال بعض الكوفيّين: " ما " في معنى جزاءٍ، ولها فعلٌ مضمرٌ، كأنّك قلت: ما يكن بكم من نعمةٍ فمن اللّه، لأنّ الجزاء لا بدّ له من فعلٍ مجزومٍ، إن ظهر فهو جزمٌ، وإن لم يظهر فهو مضمرٌ، كما قال الشّاعر:
إن العقل في أموالنا لا نضق به = ذراعًا وإن صبرًا فنعرف للصّبر
وقال: أراد: إن يكن العقل فأضمره، قال: وإن جعلت " ما بكم " في معنى " الّذي " جاز، وجعلت صلته " بكم " و" ما " في موضع رفعٍ بقوله: {فمن اللّه}، وأدخل الفاء كما قال: {إنّ الموت الّذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم} وكلّ اسم وصلٍ مثل " من " و" ما " و" الّذي "، فقد يجوز دخول الفاء في خبره لأنّه مضارعٌ للجزاء والجزاء قد يجاب بالفاء، ولا يجوز أخوك فهو قائمٌ، لأنّه اسمٌ غير موصولٍ، وكذلك تقول: مالك لي، فإن قلت: مالك، جاز أن تقول: مالك فهو لي، وإن ألقيت الفاء فصوابٌ.
وتأويل الكلام: ما يكن بكم في أبدانكم أيّها النّاس من عافيةٍ وصحّةٍ وسلامةٍ وفي أموالكم من نماءٍ، فمن اللّه هو المنعم عليكم بذلك لا غيره، لأنّ ذلك إليه وبيده {ثمّ إذا مسّكم الضّرّ} يقول: إذا أصابكم في أبدانكم سقمٌ ومرضٌ وعلّةٌ عارضةٌ وشدّةٌ من عيشٍ، {فإليه تجأرون} يقول: فإلى اللّه تصرخون بالدّعاء وتستغيثون به، ليكشف ذلك عنكم وأصله: من جؤار الثّور، يقال منه: جأر الثّور يجأر جؤارًا، وذلك إذا رفع صوتًا شديدًا من جوعٍ أو غيره، ومنه قول الأعشى:
وما أيبليّ على هيكلٍ = بناه وصلّب فيه وصارا
يراوح من صلوات المليك = طورًا سجودًا وطورًا جؤارا
يعني بالجؤار: الصّياح، إمّا بالدّعاء وإمّا بالقراءة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {فإليه تجأرون} قال: " تضرعون دعاءً ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثني المثنّى، قال: أخبرنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما قال: " الضّرّ: السّقم "). [جامع البيان: 14/250-251]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح في قوله فإليه تجأرون يعني تتضرعون). [تفسير مجاهد: 348]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فإليه تجأرون} قال: تتضرعون دعاء). [الدر المنثور: 9/61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {فإليه تجأرون} يقول: تضجون بالدعاء). [الدر المنثور: 9/61-62]
تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ إذا كشف الضّرّ عنكم إذا فريقٌ منكم بربّهم يشركون (54) ليكفروا بما آتيناهم فتمتّعوا فسوف تعلمون}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ إذا وهب لكم ربّكم العافية، ورفع عنكم ما أصابكم من المرض في أبدانكم ومن الشّدّة في معاشكم، وفرّج البلاء عنكم، {إذا فريقٌ منكم بربّهم يشركون} يقول: إذا جماعةٌ منكم يجعلون للّه شريكًا في عبادتهم، فيعبدون الأوثان، ويذبحون لها الذّبائح شكرًا لغير من أنعم عليهم بالفرج ممّا كانوا فيه من الضّرّ). [جامع البيان: 14/252]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ثم إذا كشف الضر عنكم} الآية قال: الخلق كلهم يقرون لله أنه ربهم ثم يشركون بعد ذلك). [الدر المنثور: 9/62]
تفسير قوله تعالى: (لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {ليكفروا بما آتيناهم} يقول: ليجحدوا اللّه نعمته فيما آتاهم من كشف الضّرّ عنهم. {فتمتّعوا، فسوف تعلمون}، وهذا من اللّه وعيدٌ لهؤلاء الّذين وصف صفتهم في هذه الآيات وتهديدٌ لهم، يقول لهم جلّ ثناؤه: تمتّعوا في هذه الحياة الدّنيا إلى أن توافيكم آجالكم، وتبلغوا الميقات الّذي وقّته لحياتكم وتمتّعكم فيها، فإنّكم من ذلك ستصيرون إلى ربّكم، فتعلمون بلقائه وبال ما كسبت أيديكم، وتعرفون سوء مغبّة أمركم، وتندمون حين لا ينفعكم النّدم). [جامع البيان: 14/252]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {فتمتعوا فسوف تعلمون} قال: هو وعيد). [الدر المنثور: 9/62]