العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة آل عمران

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 08:45 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة آل عمران[من الآية (45) إلى الآية (48) ]

تفسير سورة آل عمران
[من الآية (45) إلى الآية (48) ]

{إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:03 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن إبراهيم قال: المسيح هو
[تفسير الثوري: 77]
الصديق [الآية: 45]). [تفسير الثوري: 78]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك بكلمةٍ منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهًا في الدّنيا والآخرة ومن المقرّبين}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {إذ قالت الملائكة} وما كنت لديهم إذ يختصمون، وما كنت لديهم أيضًا {إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك}، والتّبشير إخبار المرء بما يسرّه من خبرٍ،
وقوله: {بكلمةٍ منه} يعني: برسالةٍ من اللّه، وخبرٍ من عنده، وهو من قول القائل ألقى فلانٌ إليّ كلمةً سرّني بها، بمعنى: أخبرني خبرًا فرحت به، كما قال جلّ ثناؤه: {وكلمته ألقاها إلى مريم} يعني بشرى اللّه مريم بعيسى ألقاها إليها.
فتأويل الكلام: وما كنت يا محمّد عند القوم إذ قالت الملائكة لمريم: يا مريم إنّ اللّه يبشّرك ببشرى من عنده هي ولدٌ لك اسمه المسيح عيسى ابن مريم.
وقد قال قومٌ، وهو قول قتادة: إنّ الكلمة الّتي قال اللّه عزّ وجلّ بكلمةٍ منه، هو قوله: كن.
- حدّثنا بذلك الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قوله: {بكلمةٍ منه} قال: قوله كن
فسمّاه اللّه عزّ وجلّ كلمته؛ لأنّه كان عن كلمته، كما يقال لما قدّر اللّه من شيءٍ: هذا قدر اللّه وقضاؤه، يعني به: هذا عن قدر اللّه وقضائه حدث، وكما قال جلّ ثناؤه: {وكان أمر اللّه مفعولاً} يعني به: ما أمر اللّه به، وهو المأمور الّذي كان عن أمر اللّه عزّ وجلّ.
وقال آخرون: بل هي اسمٌ لعيسى سمّاه اللّه بها كما سمّى سائر خلقه بما شاء من الأسماء.
وروي عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنه أنّه قال: الكلمة: هي عيسى.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك بكلمةٍ منه} قال: عيسى هو الكلمة من اللّه وأقرب الوجوه إلى الصّواب عندي القول الأوّل: وهو أنّ الملائكة بشّرت مريم بعيسى عن اللّه عزّ وجلّ برسالته وكلمته الّتي أمرها أن تلقيها إليها أنّ اللّه خالقٌ منها ولدًا من غير بعلٍ ولا فحلٍ، ولذلك قال عزّ وجلّ: {اسمه المسيح} فذكر، ولم يقل: اسمها، فيؤنّث والكلمة مؤنّثةٌ؛ لأنّ الكلمة غير مقصودٍ بها قصد الاسم الّذي هو بمعنى فلانٍ، وإنّما هي بمعنى البشارة، فذكرت كنايتها كما تذكر كناية الذّرّيّة والدّابّة والألقاب، على ما قد بيّنّاه قبل فيما مضى.
فتأويل ذلك كما قلنا آنفًا، من أنّ معنى ذلك أنّ اللّه يبشّرك ببشرى، ثمّ بيّن عن البشرى أنّها ولدٌ اسمه المسيح. وقد زعم بعض نحويّي البصرة أنّه إنّما ذكر فقال: {اسمه المسيح} وقد قال: {بكلمةٍ منه} والكلمة عنده: هي عيسى؛ لأنّه في المعنى كذلك، كما قال جلّ ثناؤه: {أن تقول نفسٌ يا حسرتا} ثمّ قال: {بلى قد جاءتك آياتي فكذّبت بها} وكما يقال: ذو الثّديّة؛ لأنّ يده كانت قصيرةً قريبةً من ثدييه فجعلها كأنّ اسمها ثديةٌ، ولولا ذلك لم تدخل الهاء في التّصغير.
وقال بعض نحويّي الكوفة نحو قول من ذكرنا من نحويّي البصرة، في أنّ الهاء من ذكر الكلمة، وخالفه في المعنى الّذي من أجله ذكر قوله {اسمه} والكلمة متقدّمةٌ قبله، فزعم أنّه إنّما قيل اسمه، وقد قدّمت الكلمة، ولم يقل اسمها؛ لأنّ من شأن العرب أن تفعل ذلك فيما كان من النّعوت والألقاب والأسماء الّتي لم توضع لتعريف المسمّى به كفلانٍ وفلانٍ، وذلك مثل الذّرّيّة والخليفة والدّابّة، ولذلك جاز عنده أن يقال: ذرّيّةً طيّبةً، وذرّيّةً طيّبًا؛ ولم يجز أن يقال: طلحة أقبلت، ومغيرة قامت.
وأنكر بعضهم اعتلال من اعتلّ في ذلك بذي الثّديّة، وقالوا: إنّما أدخلت الهاء في ذي الثّديّة؛ لأنّه أريد بذلك القطعة من الثّدي، كما قيل: كنّا في لحمةٍ ونبيذةٍ، يراد به القطعة منه،
وهذا القول نحو قولنا الّذي قلناه في ذلك.
وأمّا قوله: {اسمه المسيح عيسى ابن مريم} فإنّه جلّ ثناؤه أنبأ عباده عن نسبة عيسى، وأنّه ابن أمّه مريم، ونفى بذلك عنه ما أضاف إليه الملحدون في اللّه جلّ ثناؤه من النّصارى، من إضافتهم بنوّته إلى اللّه عزّ وجلّ، وما قذفت أمّه به المفترية عليها من اليهود.
- كما: حدّثني به ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير: {إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك بكلمةٍ منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهًا في الدّنيا والآخرة ومن المقرّبين} أي هكذا كان أمره، لا ما يقولون فيه.
وأمّا المسيح، فإنّه فعيلٌ، صرف من مفعولٍ إلى فعيلٍ، وإنّما هو ممسوحٌ، يعني: مسحه اللّه فطهّره من الذّنوب، ولذلك قال إبراهيم: المسيح الصّدّيق
وقال آخرون: مسح بالبركة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، مثله
- حدّثنا ابن البرقيّ، قال: حدّثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: قال سعيدٌ: إنّما سمّي المسيح، لأنّه مسح بالبركة). [جامع البيان: 5/406-410]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وجيهًا في الدّنيا والآخرة}
يعني بقوله {وجيهًا}: ذا وجهٍ ومنزلةٍ عاليةٍ عند اللّه وشرفٍ وكرامةٍ، ومنه يقال للرّجل الّذي يشرف وتعظّمه الملوك والنّاس: وجيهٌ؛ يقال منه: ما كان فلانٌ وجيهًا، ولقد وجه وجاهةً، وإنّ له لوجهًا عند السّلطان، وجاهًا ووجاهةً. والجاه: مقلوبٌ قلبت واوه من أوّله إلى موضع العين منه، فقيل جاهٌ، وإنّما هو وجهٌ وفعلٌ من الجاه: جاه يجوه، مسموعٌ من العرب: أخاف أن يجوهني بأكثر من هذا، بمعنى: أن يستقبلني في وجهي بأعظم منه.
وأمّا نصيب الوجيه فعلى القطع من عيسى، لأنّ عيسى معرفةٌ، ووجيهٌ نكرةٌ، وهو من نعته، ولو كان مخفوضًا على الرّدّ على الكلمة كان جائزًا.
وبما قلنا من أنّ تأويل ذلك وجيهًا في الدّنيا والآخرة عند اللّه، قال فيما بلّغنا محمّد بن جعفرٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير: {وجيهًا} قال: وجيهًا في الدّنيا والآخرة عند اللّه
وأمّا قوله: {ومن المقرّبين} فإنّه يعني: أنّه ممّن يقرّبه اللّه يوم القيامة، فيسكنه في جواره، ويدنيه منه.
- كما: حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ومن المقرّبين} يقول: من المقرّبين عند اللّه يوم القيامة.
- حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قوله: {ومن المقرّبين} يقول: من المقرّبين عند اللّه يوم القيامة
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، مثله). [جامع البيان: 5/410-411]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك بكلمةٍ منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهًا في الدّنيا والآخرة ومن المقرّبين (45)
قوله تعالى: إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن قتادة إنّ اللّه يبشّرك قال: شافهتها الملائكة بذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن الرّبيع، ثنا عبد اللّه بن إدريس، حدّثنا محمّد بن إسحاق قال: ثمّ أخبره خبر مريم وعيسى حين ابتدأها من كرامة اللّه بما آتاها:
إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك بكلمةٍ منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم
قوله تعالى: بكلمةٍ منه
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ عن إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: بكلمةٍ منه قال: عيسى كلمةٌ من اللّه، أي يكون كلمةً من اللّه.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن الرّبيع، ثنا ابن إدريس، عن محمّد بن إسحاق إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله يبشرك بكلمة منه أي بولدٍ لا أب له.
قوله تعالى: اسمه المسيح
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان ، عن منصورٍ، عن إبراهيم قال: المسيح الصّدّيق.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الطّاهر، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحرث، أنّ سعيد بن أبي هلالٍ حدّثه أنّ يحيى بن عبد الرّحمن الثّقفيّ حدّثه أن عيسى بن مريم عليه السّلام كان سائحًا ولذلك سمّي المسيح كان يمسي بأرضٍ ويصبح بأرضٍ أخرى وأنّه لم يتزوّج حتّى رفع.
قوله تعالى: عيسى ابن مريم
- حدّثنا أحمد بن عصامٍ الأنصاريّ، ثنا أبو أحمد الزّبيريّ، ثنا إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لم يكن من الأنبياء من له اسمين إلا عيسى ومحمّد صلّى اللّه عليه وسلّم عليهما.
قوله تعالى: وجيهًا في الدّنيا والآخرة
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد ابن إسحاق: قوله: وجيهًا في الدّنيا والآخرة أي عند الله.
قوله تعالى: ومن المقرّبين
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيع ابن أنسٍ في قوله: ومن المقرّبين عند اللّه يوم القيامة. قال أبو محمّدٍ: وروي عن قتادة مثل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 2/650-652]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك} قال: شافهتها الملائكة بذلك.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يبشرك بكلمة منه} قال: عيسى هو الكلمة من الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لم يكن من الأنبياء من له اسمان إلا عيسى ومحمد عليهما السلام.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن إبراهيم قال: المسيح الصديق.
وأخرج ابن جرير عن سعيد قال: إنما سمي المسيح لأنه مسح بالبركة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن عبد الرحمن الثقفي أن عيسى كان سائحا ولذلك سمي المسيح كان يمسي بأرض ويصبح بأخرى وأنه لم يتزوج حتى رفع
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {ومن المقربين} يقول: ومن المقربين عند الله يوم القيامة). [الدر المنثور: 3/538-548]

تفسير قوله تعالى: (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن قول الرب لعيسى بن مريم: {ويكلم الناس في المهد وكهلا}، قال: الكهل منتهى الحلم). [الجامع في علوم القرآن: 1/110]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويكلّم النّاس في المهد وكهلاً ومن الصّالحين}
أمّا قوله: {ويكلّم النّاس في المهد} فإنّ معناه: أنّ اللّه يبشّرك بكلمةٍ منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم، وجيهًا عند اللّه، ومكلّمًا النّاس في المهد، ف يكلّم وإن كان مرفوعًا، لأنّه في صورة يفعّل بالسّلامة من العوامل فيه، فإنّه في موضع نصبٍ، وهو نظير قول الشّاعر:
بتّ أعشّيها بعضبٍ باترٍ = يقصد في أسوقها وجائر
وأمّا المهد: فإنّه يعني به مضجع الصّبيّ في رضاعه.
- كما: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {ويكلّم النّاس في المهد} قال: مضجع الصّبيّ في رضاعه
وأمّا قوله: {وكهلاً} فإنّه ومحتنكًا فوق الغلومة ودون الشّيخوخة، يقال منه: رجلٌ كهلٌ، وامرأةٌ كهلةٌ، كما قال الرّاجز:
ولا أعود بعدها كريّا = أمارس الكهلة والصّبيّا
وإنّما عنى جلّ ثناؤه بقوله: {ويكلّم النّاس في المهد وكهلاً} ويكلّم النّاس طفلاً في المهد، دلالةً على براءة أمّه ممّا قرفها به المفترون عليها، وحجّةً له على نبوّته، وبالغًا كبيرًا بعد احتناكه بوحي اللّه الّذي يوحيه إليه، وأمره ونهيه، وما ينزل عليه من كتابه. وإنّما أخبر اللّه عزّ وجلّ عباده بذلك من أمر المسيح، وأنّه كذلك كان، وإن كان الغالب من أمر النّاس أنّهم يتكلّمون كهولاً وشيوخًا، احتجاجًا به على القائلين فيه من أهل الكفر باللّه من النّصارى
بالباطل، وأنّه كان في معاناة أشياء مولودًا طفلاً، ثمّ كهلاً يتقلّب في الأحداث، ويتغيّر بمرور الأزمنة عليه والأيّام من صغرٍ إلى كبرٍ ومن حالٍ إلى حالٍ، وأنّه لو كان كما قال الملحدون فيه، كان ذلك غير جائزٍ عليه، فكذّب بذلك ما قاله الوفد من أهل نجران، الّذين حاجّوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيه، واحتجّ به عليهم لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وأعلمهم أنّه كان كسائر بني آدم، إلاّ ما خصّه اللّه به من الكرامة الّتي أبانه بها منهم.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير: {ويكلّم النّاس في المهد وكهلاً ومن الصّالحين} يخبرهم بحالاته الّتي يتقلّب بها في عمره كتقلّب بني آدم في أعمارهم صغارًا وكبارًا، إلاّ أنّ اللّه خصّه بالكلام في مهده آيةً لنبوّته، وتعريًفا للعباد مواقع قدرته.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ويكلّم النّاس في المهد وكهلاً ومن الصّالحين} يقول: يكلّمهم صغيرًا وكبيرًا.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، {ويكلّم النّاس في المهد وكهلاً} قال: يكلّمهم صغيرًا وكبيرًا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وكهلاً ومن الصّالحين} قال: الكهل: الحليم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: كلّمهم صغيرًا وكبيرًا وكهلاً وقال ابن جريجٍ، وقال مجاهدٌ: الكهل: الحليم.
- حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، عن عبّادٍ، عن الحسن، في قوله: {ويكلّم النّاس في المهد وكهلاً} قال: كلّمهم في المهد صبيًّا، وكلّمهم كبيرًا
وقال آخرون: معنى قوله: {وكهلاً} أنّه سيكلّمهم إذا ظهر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سمعته يعني ابن زيدٍ يقول في قوله: {ويكلّم النّاس في المهد وكهلاً} قال: قد كلّمهم عيسى في المهد، وسيكلّمهم إذا قتل الدّجّال، وهو يومئذٍ كهلٌ
ونصب كهلاً عطفا على موضع: ويكلّم النّاس.
وأمّا قوله: {ومن الصّالحين} فإنّه يعني: من عدادهم وأوليائهم لأنّ أهل الصّلاح بعضهم من بعضٍ في الدّين والفضل). [جامع البيان: 5/411-414]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويكلّم النّاس في المهد وكهلًا ومن الصّالحين (46)
قوله تعالى: ويكلّم النّاس في المهد
- حدّثنا أبو الصّقر يحيى بن محمّد بن قزعة، ثنا الحسين يعني المرّوذيّ، ثنا جريرٌ يعني: ابن حازمٍ، عن محمّدٍ، عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لم يتكلّم في المهد إلا ثلاثٌ: عيسى، وصبيٌّ كان في زمن جريجٍ، وصبيٌّ آخر.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن شعيبٍ الحراني، ثنا محمد ابن سلمة، عن محمّد بن إسحاق عن يزيد بن عبد اللّه بن قسيطٍ، عن محمّد بن شرحبيل، عن أبي هريرة قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما تكلّم مولود في صغره إلا عيسى وصاحب جرير.
- حدّثنا الحسين بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ، قال: سألت الحسن عن قوله: ويكلّم النّاس في المهد وكهلا قال: كلّمهم في المهد صبيًّا وكلّمهم كبيرًا. قال أبو محمّدٍ: وروي عن قتادة، والرّبيع بن أنسٍ مثل ذلك.
قوله تعالى: وكهلا ومن الصّالحين
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: ويكلّم النّاس في المهد وكهلا قال:
في سنّ كهلٍ.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: قوله: وكهلا ومن الصالحين يقول: الكهل: الحليم.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ أنّ قول اللّه تبارك وتعالى ويكلّم النّاس في المهد وكهلا قال:
الكهل: منتهى الحلم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة، قال محمّد بن إسحاق ويكلّم النّاس في المهد وكهلاً ومن الصّالحين يخبرهم بحالاته الّتي يتقلّب فيها عمره كتقلّب بني في آدم أعمارهم صغارًا أو كبارًا، لأنّ اللّه تعالى جدّه خصّه بالكلام في مهده، آيةً لنبوّته، وتعريفًا للعباد مواقع قدرته). [تفسير القرآن العظيم: 2/652-653]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيتان 46 - 47.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر من طريق ابن جريج قال: بلغني عن ابن عباس قال: {المهد} مضجع الصبي في رضاعه.
وأخرج البخاري، وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى عليه السلام وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج كان يصلي فجاءته أمه فدعته فقال: أجيبها أو أصلي فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات، وكان جريج في صومعته فتعرضت له امرأة وكلمته فأبى فأتت راعيا فأمكنته من نفسها فولدت غلاما فقالت: من جريج، فأتوه فكسروا صومعته وأنزلوه وسبوه فتوضأ وصلى ثم أتى الغلام فقال: من أبوك يا غلام قال: الراعي، فقالوا له: نبني صومعتك من ذهب قال: لا إلا من طين، وكانت امرأة ترضع ابنا لها من بني إسرائيل فمر بها رجل راكب ذو شارة فقالت: اللهم اجعل ابني مثله، فترك ثديها وأقبل على الراكب فقال: اللهم لا تجعلني مثله، ثم أقبل على ثديها يمصه ثم مرا بأمة تجزر ويلعب بها فقالت: اللهم لا تجعل ابني مثل هذه، فترك ثديها فقال: اللهم اجعلني مثلها فقالت: لم ذاك،.
فقال: الراكب جبار من الجبابرة وهذه الأمة يقولون لها زنيت وتقول حسبي الله ويقولون سرقت وتقول حسبي الله.
وأخرج أبو الشيخ والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يكن يتكلم في المهد إلا عيسى وشاهد يوسف وصاحب جريج، وابن ماشطة فرعون.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {ويكلم الناس في المهد وكهلا} قال: يكلمهم صغيرا وكبيرا.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس {وكهلا} قال: في سن كهل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: الكهل الحليم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي حبيب قال: الكهل منتهى الحلم.
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في الآية قال: قد كلمهم عيسى عليه السلام في المهد وسيكلمهم إذا أقبل الدجال وهو يومئذ كهل). [الدر المنثور: 3/548-550]

تفسير قوله تعالى: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالت ربّ أنّى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشرٌ قال كذلك اللّه يخلق ما يشاء إذا قضى أمرًا فإنّما يقول له كن فيكون}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: قالت مريم إذ قالت لها الملائكة: إنّ اللّه يبشّرك بكلمةٍ منه: ربّ أنّى يكون لي ولدٌ: من أيّ وجهٍ يكون لي ولدٌ؟ أمن قبل زوجٍ أتزوّجه وبعلٍ أنكحه؟ أو تبتدئ في خلقه من غير بعلٍ ولا فحلٍ، ومن غير أن يمسّني بشرٌ؟ فقال اللّه لها: {كذلك اللّه يخلق ما يشاء} يعني: هكذا يخلق اللّه منك ولدًا لك من غير أن يمسّك بشرٌ، فيجعله آيةً للنّاس وعبرةً، فإنّه يخلق ما يشاء، ويصنع ما يريد، فيعطي الولد من شاء من غير فحلٍ ومن فحلٍ، ويحرم ذلك من يشاء من النّساء وإن كانت ذات بعلٍ؛ لأنّه لا يتعذّر عليه خلق شيءٍ أراد خلقه، إنّما هو أن يأمر إذا أراد شيئًا ما أراد، فيقول له: كن فيكون ما شاء ممّا يشاء، وكيف شاء.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير: {قالت ربّ أنّى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشرٌ قال كذلك اللّه يخلق ما يشاء} يصنع ما أراد ويخلق ما يشاء من بشرٍ أو غير بشرٍ: أي إذا قضى أمرًا فإنّما يقول له: كن فيكون، ممّا يشاء، وكيف يشاء، فيكون ما أراد). [جامع البيان: 5/415]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالت ربّ أنّى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشرٌ قال كذلك اللّه يخلق ما يشاء إذا قضى أمرًا فإنّما يقول له كن فيكون (47) ويعلّمه الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل (48)
قوله تعالى: قالت ربّ أنّى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشر
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ أنّى يكون لي ولدٌ تقول: من أين لي.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة، ثنا محمّد بن إسحاق قالت ربّ أنّى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشرٌ قال: كذلك الله يخلق ما يشاء أي يضع ما أراد ويخلق ما يشاء من بشرٍ أو غير بشرٍ.
قوله تعالى: إذا قضى أمرًا فإنّما يقول له كن فيكون
- وبه عن سلمة قال محمّد بن إسحاق: إذا قضى أمرًا فإنّما يقول له كن فيكون ممّا يشاء وكيف يشاء فيكون كما أراد). [تفسير القرآن العظيم: 2/653-654]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير قال {كذلك الله يخلق ما يشاء} أي يصنع ما أراد ويخلق ما يشاء من بشر {إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون} مما يشاء وكيف يشاء فيكون كما أراد). [الدر المنثور: 3/548-550]

تفسير قوله تعالى: (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) )
- قال نعيم بن حماد الخزاعي المروزي (ت: 228هـ): (حدثني محمد بن كثير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله: {الكتاب والحكمة} قال: الكتاب والسنة.
- أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله). [الزهد لابن المبارك: 2/ 239-240]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويعلّمه الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل}.

اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الحجاز والمدينة وبعض قرّاء الكوفيّين: {ويعلّمه} بالياء ردًّا على قوله: {كذلك اللّه يخلق ما يشاء}، {ويعلّمه الكتاب} فألحقوا الخبر في قوله: {ويعلّمه} بنظير الخبر في قوله: {يخلق ما يشاء} وقوله: {فإنّما يقول له كن فيكون}.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفيّين وبعض البصريّين: (ونعلّمه) بالنّون عطفًا به على قوله: {نوحيه إليك} كأنّه قال: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك، ونعلّمه الكتاب، وقالوا: ما بعد {نوحيه} في صلته، إلى قوله: {كن فيكون}، ثمّ عطف بقوله: (ونعلّمه) عليه.
والصّواب من القول في ذلك عندنا، أنّهما قراءتان مختلفتان غير مختلفتي المعاني، فبأيّتهما قرأ القارئ فهو مصيب الصّواب في ذلك لاتّفاق معنى القراءتين في أنّه خبرٌ عن اللّه بأنّه يعلّم عيسى الكتاب، وما ذكر أنّه يعلّمه.
وهذا ابتداء خبرٍ من اللّه عزّ وجلّ لمريم ما هو فاعلٌ بالولد الّذي بشّرها به من الكرامة، ورفعة المنزلة والفضيلة، فقال: كذلك اللّه يخلق منك ولدًا، من غير فحلٍ ولا بعلٍ، فيعلّمه الكتاب، وهو الخطّ الّذي يخطّه بيده، والحكمة: وهي السّنّة الّتي نوحيها إليه في غير كتابٍ، والتّوراة: وهي التّوراة الّتي أنزلت على موسى، كانت فيهم من عهد موسى، والإنجيل: إنجيل عيسى، ولم يكن قبله، ولكنّ اللّه أخبر مريم قبل خلق عيسى أنّه موحيه إليه، وإنّما أخبرها بذلك، فسمّاه لها؛ لأنّها قد كانت علمت فيما نزل من الكتب أنّ اللّه باعثٌ نبيًّا يوحي إليه كتابًا اسمه الإنجيل، فأخبرها اللّه عزّ وجلّ أنّ ذلك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الّذي سمعت بصفته الّذي وعد أنبياءه من قبل أنّه منزلٌ عليه الكتاب الّذي يسمّى إنجيلاً هو الولد الّذي وهبه لها، وبشّرها به.
وبنحو ما قلنا في ذلك، قال جماعةٌ من أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: (ونعلّمه الكتاب) قال: بيده.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: (ونعلّمه الكتاب والحكمة) قال: الحكمة: السّنّة.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن قتادة، في قوله: (ونعلّمه الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل) قال: الحكمة: السّنّة، {والتّوراة والإنجيل} قال: كان عيسى يقرأ التّوراة والإنجيل.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: (ونعلّمه الكتاب والحكمة) قال: الحكمة: السّنّة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير، قال: أخبرها يعني: أخبر اللّه مريم ما يريد به فقال: (ونعلّمه الكتاب والحكمة والتّوراة) الّتي كانت فيهم من عهد موسى {والإنجيل} كتابًا آخر أحدثه إليه، لم يكن عندهم علمه إلاّ ذكره أنّه كائنٌ من الأنبياء قبله). [جامع البيان: 5/415-417]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ويعلّمه الكتاب والحكمة
[الوجه الأول]
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء، ثنا يونس بن بكيرٍ، عن مطر بن ميمونٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ الكتاب الخطّ بالقلم.
قال أبو محمّدٍ: وروي عن يحيى بن أبي كثيرٍ، ومقاتل بن حيّان، وعثمان بن عطاءٍ مثل ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا أسباط بن محمّدٍ، عن الهذليّ، عن الحسن في قول اللّه تعالى: الكتاب قال: الكتاب: القرآن.
قوله تعالى: والحكمة
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أسباطٌ، ثنا أبو بكرٍ الهذليّ، عن الحسن في قول اللّه تعالى ويعلّمه الكتاب والحكمة قال: الحكمة: السّنّة. قال أبو محمّدٍ:
وروي عن أبي مالكٍ، ومقاتل بن حيّان، وقتادة نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: قوله: والحكمة يعني: النّبوّة.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو همّامٍ، أنبأ ابن وهبٍ، حدّثني ابن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: الحكمة العقل في الدّين.
قوله تعالى: والتّوراة والإنجيل
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد الله ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن قتادة قوله: والتوراة والإنجيل قال: كان عيسى يقرأ التّوراة والإنجيل.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن الرّبيع، ثنا عبد اللّه بن إدريس، ثنا محمّد بن إسحاق والتوراة والإنجيل أي: كتابٌ لم يسمعوا به جاءهم به، وكتابٌ قد سمعوا به مضى ودرس علمه من بين أظهرهم فردّه به عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/653-654]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 48.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ويعلمه الكتاب} قال: الخط بالقلم.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {ويعلمه الكتاب} قال: بيده.
وأخرج ابن المنذر بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال: عندما ترعرع عيسى جاءت به أمه إلى الكتاب فدفعته إليه فقال: قل بسم، قال عيسى: الله، فقال المعلم: قل الرحمن، قال عيسى: الرحيم، فقال المعلم: قل أبو جاد (قصد بها أيحد)، قال: هو في كتاب، فقال عيسى: أتدري ما ألف قال: لا، قال: آلاء الله، أتدري ما باء
قال: لا، قال: بهاء الله، أتدري ما جيم قال: لا، قال: جلال الله، أتدري ما اللام قال: لا، قال: آلاء الله، فجعل يفسر على هذا النحو، فقال المعلم: كيف أعلم من هو أعلم مني قالت: فدعه يقعد مع الصبيان، فكان يخبر الصبيان بما يأكلون وما تدخر لهم أمهاتهم في بيوتهم.
وأخرج ابن عدي، وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري، وابن مسعود مرفوعا قال: إن عيسى بن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم: اكتب بسم الله قال عيسى: وما بسم قال له المعلم: ما أدري قال له عيسى: الباء بهاء الله والسين سناؤه والميم مملكته والله إله الآلهة والرحمن رحمن الآخرة والدنيا والرحيم رحيم الآخرة، أبو جاد: الألف، آلاء الله والباء بهاء الله جيم جلال الله دال الله الدائم، هوز: الهاء الهاوية واو ويل لأهل النار واد في جهنم زاي زين أهل الدنيا حطي: حاء الله الحكيم طاء الله الطالب لكل حق حتى يرده أي أهل النهار وهو الوجع، كلمن: الكاف الله الكافي لام: الله القائم ميم الله المالك نون الله البحر سعفص: سين السلام صاد الله الصادق عين الله العالم فاء الله ذكر كلمة صاد الله الصمد، قرشت قاف الجبل المحيط بالدنيا الذي أخضرت منه السماء راء رياء الناس بها سين ستر الله تاء تمت أبدا، قال ابن عدي هذا الحديث باطل بهذا الإسناد لا يرويه غير إسمعيل بن يحيى.
وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس، أن عيسى بن مريم أمسك عن الكلام بعد اذ كلمهم طفلا حتى بلغ ما يبلغ الغلمان ثم أنطقه الله بعد ذلك بالحكمة والبيان فأكثر إليهود فيه وفي أمه من قول الزور فكان عيسى يشرب اللبن من أمه فلما فطم أكل الطعام وشرب الشراب حتى بلغ سبع سنين أسلمته أمه لرجل يعلمه كما يعلم الغلمان فلا يعلمه شيئا إلا بدره عيسى إلى علمه قبل أن يعلمه إياه، فعلمه أبا جاد فقال عيسى: ما أبو جاد قال المعلم: لا أدري فقال عيسى: فكيف تعلمني ما لا تدري فقال المعلم: إذن فعلمني، قال له عيسى: فقم من مجلسك فقام فجلس عيسى مجلسه فقال عيسى: سلني، فقال المعلم: فما أبو
أبجد فقال عيسى: الألف آلاء الله باء بهاء الله جيم بهجة الله وجماله، فعجب المعلم من ذلك فكان أول من فسر أبجد عيسى ابن مريم عليه السلام، قال وسأل عثمان بن عفان رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما تفسسير أبي جاد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعلموا تفسير أبي جاد فإن فيه الأعاجيب كلها ويل لعالم جهل تفسيره، فقيل: يا رسول الله وما تفسير أبي جاد قال: الألف آلاء الله والباء بهجة الله وجلاله والجيم مجد الله والدال دين الله هوز الهاوية ويل لمن هوى فيها والواو ويل لأهل النار والزاي الزاوية يعني زوايا جهنم، حطي: الحاء حط خطايا المستغفرين في ليلة القدر وما نزل به جبريل مع الملائكة إلى مطلع الفجر والطاء طوبى لهم وحسن مآب وهي شجرة غرسها الله بيده والياء يد الله فوق خلقه، كلمن: الكاف كلام الله لا تبديل لكلماته واللام إلمام أهل الجنة بينهم بالزيارة والتحية والسلام وتلاوم أهل النار بينهم والميم ملك الله الذي لا يزول ودوام الله الذي لا يفنى ونون (نون والقلم وما يسطرون) (القلم الآية 1 - 2) صعفص: الصاد صاع بصاع وقسط بقسط وقص بقص يعني الجزاء بالجزاء وكما تدين تدان والله لا يريد ظلما للعباد، قرشت: يعني قرشهم فجمعهم يقضي بينهم يوم القيامة وهم لا يظلمون.
ذكر نبذ من حكم عيسى عليه السلام الآية.
أخرج ابن المبارك في الزهد أخبرنا ابن عيينة عن خلف بن حوشب قال: قال عيسى عليه السلام للحواريين: كما ترك لكم الملوك الحكمة فكذلك اتركوا لهم الدنيا
وأخرج ابن عساكر عن يونس بن عبيد قال: كان عيسى بن مريم عليه السلام يقول: لا يصيب أحد حقيقة الإيمان حتى لا يبالي من أكل الدنيا.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد عن ثابت البناني قال: قيل لعيسى عليه السلام لو اتخذت حمارا تركبه لحاجتك فقال: أنا أكرم على الله من أن يجعل لي شيئا يشغلني به.
وأخرج ابن عساكر عن مالك بن دينار قال: قال عيسى: معاشر الحواريين إن خشية الله وحب الفردوس يورثان الصبر على المشقة ويباعدان من زهرة الدنيا.
وأخرج ابن عساكر عن عتبة بن يزيد قال: قال عيسى بن مريم: يا ابن آدم الضعيف اتق الله حيثما كنت وكل كسرتك من حلال واتخذ المسجد بيتا وكن في الدنيا ضعيفا وعود نفسك البكاء وقلبك التفكر وجسدك الصبر ولا تهتم برزقك غدا فإنها خطيئة تكتب عليك.
وأخرج ابن أبي الدنيا والاصبهاني في الترغيب عن محمد بن مطرف، أن عيسى قال: فذكره.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن وهيب المكي قال: بلغني أن عيسى عليه السلام قال: أصل كل خطيئة حب الدنيا، ورب شهوة أورثت أهلها حزنا طويلا
وأخرج ابن عساكر عن يحيى بن سعيد قال: كان عيسى يقول: اعبروا الدنيا ولا تعمروها وحب الدنيا رأس كل خطيئة والنظر يزرع في القلب الشهوة.
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن سفيان بن سعيد قال: كان عيسى عليه السلام يقول: حب الدنيا أصل كل خطيئة والمال فيه داء كبير، قالوا: وما داؤه قال: لا يسلم من الفخر والخيلاء، قالوا: فإن سلم قال: يشغله إصلاحه عن ذكر الله.
وأخرج ابن المبارك عن عمران الكوفي قال: قال عيسى بن مريم للحواريين: لا تأخذوا ممن تعلمون الأجر الأمثل الذي أعطيتموني ويا ملح الأرض لا تفسدوا فإن كل شيء إذا فسد فإنما يداوى بالملح وإن الملح إذا فسد فليس له دواء واعلموا أن فيكم خصلتين من الجهل، الضحك من غير عجب والصبيحة من غير سهر.
وأخرج الحكيم الترمذي عن يزيد بن ميسرة قال: قال عيسى عليه السلام: بالقلوب الصالحة يعمر الله الأرض وبها يخرب الأرض إذا كانت على غير ذلك.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن مالك بن دينار قال: كان عيسى بن مريم عليه السلام إذا مر بدار وقد مات أهلها وقف عليها فقال: ويح لأربابك الذين يتوارثونك كيف لم يعتبروا فعلك بإخوانهم الماضين.
وأخرج البيهقي عن مالك بن دينار قال: قالوا لعيسى عليه السلام يا روح الله ألا نبني لك بيتا قال: بلى، ابنوه على ساحل البحر قالوا: إذن يجيء الماء فيذهب به قال: أين تريدون تبنون لي على القنطرة
وأخرج أحمد في الزهد عن بكر بن عبد الله قال: فقد الحواريون عيسى عليه السلام فخرجوا يطلبونه فوجدوه يمشي على الماء فقال بعضهم: يا نبي الله أنمشي إليك قال: نعم، فوضع رجله ثم ذهب يضع الأخرى فانغمس فقال: هات يدك يا قصير الإيمان، لو أن لابن آدم مثقال حبة أو ذرة من اليقين إذن لمشى على الماء.
وأخرج أحمد عن عبد الله بن نمير قال: سمعت أن عيسى عليه السلام قال: كانت ولم أكن وتكون ولا أكون فيها.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال: لما بعث عيسى عليه السلام أكب الدنيا على وجهها فلما رفع رفعها الناس بعده.
وأخرج عبد الله ابنه في زوائده عن الحسن قال: قال عيسى عليه السلام: إني أكببت الدنيا لوجهها وقعدت على ظهرها فليس لي ولد يموت ولا بيت يخرب، قالوا له: أفلا نتخذ لك بيتا قال: ابنوا لي على سبيل الطريق بيتا قالوا: لا يثبت قالوا: أفلا نتخذ لك زوجة قال: ما أصنع بزوجة تموت.
وأخرج أحمد عن خيثمة قال: مرت امرأة على عيسى عليه السلام فقالت: طوبى لثدي أرضعك وحجر حملك، فقال عيسى عليه السلام: طوبى لمن قرأ كتاب الله ثم عمل بما فيه.
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال: أوحى الله إلى عيسى عليه الصلاة والسلام: إني وهبت لك حب المساكين ورحمتهم تحبهم ويحبونك ويرضون بك إماما وقائدا وترضى بهم صحابة وتبعا وهما خلقان، اعلم أن من لقيني بهما لقيني بأزكى الأعمال وأحبها إلي.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن ميمون بن سياه قال: قال عيسى بن مريم: يا معشر الحواريين اتخذوا المساجد مساكن واجعلوا بيوتكم كمنازل الأضياف، فما لكم في العالم من منزل ان أنتم إلا عابري سبيل
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه أن عيسى عليه السلام قال: بحق أن أقول لكم أن أكناف السماء لخالية من الأغنياء ولدخول جمل في سم الخياط أيسر من دخول غني الجنة، واخرج عبد الله في زوائده عن جعفر بن حرفاس أن عيسى بن مريم قال: رأس الخطيئة حب الدنيا والخمر مفتاح كل شر والنساء حبالة الشيطان.
وأخرج أحمد عن سفيان قال: قال عيسى بن عليه السلام: إن للحكمة أهلا، فإن وضعتها في غير أهلها أضعتها وإن منعتها من أهلها ضيعتها، كن كالطبيب يضع الدواء حيث ينبغي.
وأخرج أحمد عن محمد بن واسع أن عيسى بن مريم قال يا بني إسرائيل إني أعيذكم بالله أن تكونوا عارا على أهل الكتاب، يا بني إسرائيل قولكم شفاء يذهب الداء وأعمالكم داء لا تقبل الدواء.
وأخرج أحمد عن وهب قال: قال عيسى لأحبار بني إسرائيل: لا تكونوا للناس كالذئب السارق وكالثعلب الخدوع وكالحدأ الخاطف
وأخرج أحمد عن مكحول قال: قال عيسى بن مريم: يا معشر الحواريين أيكم يستطيع أن يبني على موج البحر دارا قالوا: يا روح الله ومن يقدر على ذلك قال: إياكم والدنيا فلا تتخذوها قرارا.
وأخرج أحمد عن زياد أبي عمرو قال: بلغني أن عيسى عليه السلام قال: إنه ليس بنافعك أن تعلم ما لم تعلم ولما تعمل بما قد علمت إن كثرة العلم لا تزيد إلا كبرا إذا لم تعمل به.
وأخرج أحمد عن إبراهيم بن الوليد العبدي قال: بلغني أن عيسى عليه الصلاة والسلام قال: الزهد يدور في ثلاثة أيام: أمس خلا وعظت به واليوم زادك فيه وغدا لا تدري ما لك فيه، قال: والأمر يدور على ثلاثة، أمر بان لك رشده فاتبعه وأمر بان لك غيه فاجتنبه وأمر أشكل عليك فكله إلى الله عز وجل.
وأخرج أحمد عن قتادة قال: قال عيسى عليه الصلام والسلام: سلوني فإن قلبي لين وإني صغير في نفسي.
وأخرج أحمد عن بشير الدمشقي قال: مر عيسى عليه الصلاة والسلام بقوم فقال: اللهم اغفر لنا ثلاثا فقالوا: يا روح الله إنا نريد أن نسمع منك اليوم موعظة ونسمع منك شيئا لم نسمعه فيما مضى فأوحى الله إلى عيسى أن قل لهم اني من أغفر له مغفرة واحدة أصلح له بها دنياه وآخرته
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن خثيمة قال: كان عيسى عليه السلام إذا دعا القراء قام عليهم ثم قال: هكذا اصنعوا بالقراء.
وأخرج أحمد عن يزيد بن ميسرة قال: قال عيسى عليه السلام: إن أحببتم أن تكونوا أصفياء الله ونور بني آدم من خلقه فاعفوا عمن ظلمكم وعودوا من لا يعودكم وأحسنوا إلى من لا يحسن اليكم وأقرضوا من لا يجزيكم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبيد بن عمير، أن عيسى عليه الصلاة والسلام كان يلبس الشعر ويأكل من ورق الشجر ويبيت حيث أمسى ولا يرفع غداء ولا عشاء لغد ويقول: يأتي كل يوم برزقه.
وأخرج أحمد عن وهب قال: قال عيسى ابن مريم: يا دار تخربين ويفنى سكانك ويا نفس اعملي ترزقي ويا جسد انصب تسترح.
وأخرج أحمد عن وهب ابن منبه قال: قال عيسى بن مريم للحواريين: بحق أقول لكم - وكان عيسى عليه الصلاة والسلام كثيرا ما يقول بحق - أقول لكم: إن أشدكم حبا للدنيا أشدكم جزعا على المصيبة.
وأخرج أحمد عن عطاء الأزرق قال: بلغنا أن عيسى عليه الصلاة والسلام قال: يا معشر الحواريين كلوا خبز الشعير ونبات الأرض والماء القراح وإياكم وخبز البر فإنكم لا تقومون بشكره واعلموا أن حلاوة الدنيا مرارة الآخرة وأشد مرارة الدنيا حلاوة الآخرة.
وأخرج ابنه في زوائده عن عبد الله بن شوذب قال: قال عيسى بن مريم: جودة الثياب من خيلاء القلب.
وأخرج أحمد عن سفيان قال: قال عيسى عليه الصلاة والسلام: إني ليس أحدثكم لتعجبوا إنما أحدثكم لتعلموا.
وأخرج ابنه عن أبي حسان قال: قال عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام: كن كالطبيب العالم يضع دواءه حيث ينفع.
وأخرج ابنه عن عمران بن سليمان قال: بلغني أن عيسى بن مريم قال: يا بني إسرائيل تهاونوا بالدنيا تهن عليكم وأهينوا الدنيا تكرم الآخرة عليكم ولا تكرموا الدنيا فتهون الآخرة عليكم فإن الدنيا ليست بأهل الكرامة وكل يوم تدعو للفتنة والخسارة.
وأخرج ابن المبارك وأحمد عن أبي غالب قال في وصية عيسى عليه الصلاة والسلام: يا معشر الحواريين تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي وتقربوا إليه بالمقت لهم والتمسوا رضاه بسخطهم، قالوا: يا نبي الله فمن نجالس قال: جالسوا من يزيد في عملكم منطقه ومن يذكركم الله رؤيته ويزهدكم في الدنيا عمله.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال: أوحى الله إلى عيسى عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس وإلا فاستحي مني.
وأخرج أحمد عن وهب قال: قال عيسى للحواريين: بقدر ما تنصبون ههنا تستريحون ههنا وبقدر ما تستريحون ههنا تنصبون ههنا.
وأخرج ابن المبارك وأحمد عن سالم بن أبي الجعد قال: قال عيسى عليه الصلاة والسلام: طوبى لمن خزن لسانه ووسعه بيته وبكى من ذكر خطيئته.
وأخرج ابن المبارك، وابن أبي شيبة وأحمد عن هلال بن يساف قال: كان عيسى يقول: إذا تصدق أحدكم بيمينه فليخفها عن شماله وإذا صام فليدهن وليمسح شفتيه من دهنه حتى ينظر إليه الناظر فلا يرى أنه صائم وإذا صلى فليدن عليه ستر بابه فإن الله يقسم الثناء كما يقسم الرزق.

وأخرج أحمد، وابن أبي الدنيا عن خالد الربعي قال: ثبت أن عيسى عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه: أرأيتم لو أن أحدكم أتى على أخيه المسلم وهو نائم وقد كشفت الريح بعض ثوبه فقالوا: إذا كنا نرده عليه قال: لا، بل تكشفون ما بقي مثل ضربه للقوم يسمعون الرجل بالسيئة فيذكرون أكثر من ذلك.
وأخرج أحمد عن أبي الجلد قال: قال عيسى بن مريم: فكرت في الخلق فإذا من لم يخلق كان أغبط عندي ممن خلق، وقال: لا تنظروا إلى ذنوب الناس كأنكم أرباب ولكن انظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد، والناس رجلان: مبتلى ومعافى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي الهذيل قال: لقي عيسى يحيى فقال: أوصني قال: لا تغضب قال: لا أستطيع قال: لا تفتن مالا قال: أما هذا لعله.
وأخرج أحمد، وابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار قال: مر عيسى عليه السلام والحواريون رضي الله تعالى عنهم على جيفة كلب فقالوا: ما أنتن هذا فقال: ما أشد بياض أسنانه، يعظهم وينهاهم عن الغيبة.
وأخرج أحمد عن الأوزاعي قال: كان عيسى يحب العبد يتعلم المهنة يستغني بها عن الناس ويكره العبد يتعلم العلم يتخذه مهنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد، وابن أبي الدنيا عن سالم بن أبي الجعد قال: قال عيسى عليه السلام: اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم انظروا إلى هذا الطير يغدوا ويروح ولا يحرث ولا يحصد الله تعالى يرزقها، فإن قلتم نحن أعظم بطونا من الطير فإنظروا إلى هذه الأباقر من الوحش والحمر تغدو وتروح لا تحرث ولا تحصد الله تعالى يرزقها اتقوا فضول الدنيا فإن فضول الدنيا عند الله رجز.
وأخرج أحمد عن وهب قال: إن إبليس قال لعيسى: زعمت أنك تحيي الموتى فإن كنت كذلك فادع الله أن يرد هذا الجبل خبزا فقال له عيسى: أوكل الناس يعيشون بالخبز قال: فإن كنت كما تقول فثب من هذا المكان فإن الملائكة ستلقاك قال: إن ربي أمرني أن لا أجرب نفسي فلا أدري هل يسلمني أم لا.
وأخرج أحمد عن سالم بن أبي الجعد أن عيسى بن مريم كان يقول: للسائل حق وإن أتاك على فرس مطوق بالفضة.
وأخرج عن بعضهم قال أوحى الله إلى عيسى: إن لم تطب نفسك أن تصفك الناس بالزاهد في لم أكتبك عندي راهبا فما يضرك إذا بغضك الناس وأنا عنك راض وما ينفعك حب الناس وأنا عليك ساخط.
وأخرج أحمد عن الحضرمي، وابن أبي الدنيا، وابن عساكر عن فضيل بن عياض قالا: قيل لعيسى بن مريم بأي شيء تمشي على الماء قال: بالإيمان واليقين قالوا: فإنا آمنا كما آمنت وأيقنا كما أيقنت، قال: فامشوا إذن، فمشوا معه فجاء الموج فغرقوا فقال لهم عيسى: ما لكم قالوا: خفنا الموج قال: ألا خفتم رب الموج فأخرجهم ثم ضرب بيده إلى الأرض فقبض بها ثم بسطها فإذا في إحدى يديه ذهب وفي الأخرى مدر فقال: أيهما أحلى في قلوبكم قالوا: الذهب قال: فإنهما عندي سواء.
وأخرج ابن المبارك، وابن أبي شيبة وأحمد، وابن عساكر عن الشعبي قال: كان عيسى بن مريم إذا ذكر عنده الساعة صاح ويقول: لا ينبغي لابن مريم أن تذكر عنده الساعة فيسكت.
وأخرج أحمد، وابن عساكر عن مجاهد قال: كان عيسى عليه السلام يلبس الشعر ويأكل الشجر ولا يخبى ء اليوم لغد ويبيت حيث أواه الليل، ولم يكن له ولد فيموت ولا بيت فيخرب.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن: إن عيسى رأس الزاهدين يوم القيامة وإن
الفرارين بدينهم يحشرون يوم القيامة مع عيسى بن مريم وإن عيسى مر به إبليس يوما وهو متوسد حجرا وقد وجد لذة النوم فقال له إبليس: يا عيسى أليس تزعم أنك لا تريد شيئا من عرض الدنيا فهذا الحجر من عرض الدنيا فقام عيسى فأخذ الحجر فرمى به وقال: هذا لك مع الدنيا
وأخرج ابن عساكر عن كعب أن عيسى كان يأكل الشعير ويمشي على رجليه ولا يركب الدواب ولا يسكن البيوت ولا يستصبح بالسراج ولا يلبس القطن ولا يمس النساء ولم يمس الطيب ولم يمزج شرابه بشيء قط ولم يبرده ولم يدهن رأسه قط ولم يقرب رأسه ولا لحيته غسول قط ولم يجعل بين الأرض وبين جلده شيئا قط إلا لباسه ولم يهتم لغداء قط ولا لعشاء قط ولا يشتهي شيئا من شهوات الدنيا، وكان يجالس الضعفاء والزمنى والمساكين وكان إذا قرب إليه الطعام على شيء وضعه على الأرض ولم يأكل مع الطعام إداما قط وكان يجتزي من الدنيا بالقوت القليل ويقول: هذا لمن يموت ويحاسب عليه كثير.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال: بلغني أنه قيل لعيسى بن مريم: تزوج، قال: وما أصنع بالتزويج قالوا: تلد لك الأولاد، قال: الأولاد إن عاشوا أفتنوا وإن ماتوا أحزنوا.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن شعيب بن إسحاق قال: قيل لعيسى: لو اتخذت بيتا قال: يكفينا خلقان من كان قبلنا
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ميسرة قال: قيل لعيسى: ألا تبني لك بيتا قال: لا أترك بعدي شيئا من الدنيا أذكر به.
وأخرج ابن عساكر عن أبي سليمان قال: بينا عيسى يمشي في يوم صائف وقد مسه الحر والعطش فجلس في ظل خيمة فخرج إليه صاحب الخيمة فقال: يا عبد لله قم من ظلنا، فقام عيسى عليه السلام فجلس في الشمس وقال: ليس أنت الذي أقمتني إنما أقامني الذي لم يرد أن أصيب من الدنيا شيئا.
وأخرج أحمد عن سفيان بن عيينة قال: كان عيسى ويحيى عليهما السلام يأتيان القرية فيسأل عيسى عليه السلام عن شرار أهلها ويسأل يحيى عليه السلام عن خيار أهلها فقال له: لم تنزل على شرار الناس قال: إنما أنا طبيب أداوي المرضى.
وأخرج أحمد عن هشام الدستوائي قال: بلغني أن في حكمة عيسى بن مريم
عليه السلام: تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل ويحكم، علماء السوء، الأجر تأخذون والعمل تضيعون توشكون أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر وضيقه والله عز وجل ينهاكم عن المعاصي كما أمركم بالصوم والصلاة، كيف يكون من أهل العلم من دنياه آثر عنده من آخرته وهو في الدنيا أفضل رغبة كيف يكون من أهل العلم من مسيره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه وما يضره أشهى إليه مما ينفعه وكيف يكون من أهل العلم من سخط واحتقر منزلته وهو يعلم أن ذلك من علم الله وقدرته كيف يكون من أهل العلم من اتهم الله تعالى في قضاءه فليس يرضى بشيء أصابه كيف يكون من أهل العلم من طلب الكلام ليتحدث ولم يطلبه ليعمل به.
وأخرج أحمد عن سعيد بن عبد العزيز عن أشياخه أن عيسى عليه السلام مر بعقبة أفيق ومعه رجل من حواريه فاعترضهم رجل فمنعهم الطريق وقال: لا أترككما تجوزان حتى ألطم كل واحد منكما لطمة فحاولاه فأبى إلا ذاك فقال عيسى عليه السلام أما خدي فالطمه، فلطمه فخلى سبيله وقال للحواري: لا أدعك تجوز حتى ألطمك فتمنع عليه فلما رأى عيسى ذاك أعطاه خده الآخر فلطمه فخلى سبيلهما فقال عيسى عليه السلام: اللهم إن كان هذا لك رضى فبلغني رضاك وإن كان هذا سخطا فإنك أولى بالعفو.
وأخرج عبد الله ابنه عن علي بن أبي طالب قال: بينما عيسى عليه السلام جالس مع أصحابه مرت به امرأة: فنظر إليها بعضهم فقال له بعض أصحابه: زنيت فقال له عيسى: أرأيت لو كنت صائما فمررت بشواء فشممته أكنت مفطرا قال: لا.
وأخرج أحمد عن عطاء قال: قال عيسى: ما أدخل قرية يشاء أهلها أن يخرجوني منها إلا أخرجوني، يعني ليس لي فيها شيء قال: وكان عيسى عليه السلام يتخذ نعلين من لحي الشجر ويجعل شراكهما من ليف.
وأخرج أحمد عن سعيد بن عبد العزيز قال: قال المسيح: ليس كما أريد ولكن كما تريد وليس كما أشاء ولكن كما تشاء.
وأخرج أحمد عن سعيد بن عبد العزيز قال: بلغني أنه ما من كلمة كانت تقال لعيسى عليه السلام أحب إليه من أن يقال: هذا المسكين.
وأخرج ابنه عن ابن حليس قال: قال عيسى: إن الشيطان مع الدنيا ومكره مع المال وتزيينه عند الهوى واستكماله عند الشهوات.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن جعفر بن برقان قال: كان عيسى يقول: اللهم إني أصبحت لا أستطيع دفع ما أكره ولا أملك نفع ما أرجو وأصبح الأمر بيد غيري وأصبحت مرتهنا بعملي فلا فقير أفقر مني فلا تشمت بي عدوي ولا تسيء بي صديقي ولا تجعل مصيبتي في ديني ولا تسلط علي من لا يرحمني.
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال: في كتب الحواريين إذا سلك بك سبيل البلاء فاعلم أنه سلك بك سبيل الأنبياء والصالحين وإذا سلك بك سبيل أهل الرخاء فاعلم أنه سلك بك غير سبيلهم وخولف بك عن طريقهم.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال: قال عيسى: إنما أبعثكم كالكباش تلتقطون خراف بني إسرائيل فلا تكونوا كالذئاب الضواري التي تخطتف الناس وعليكم بالخرفان ما لكم تأتون عليكم ثياب الشعر وقلوبكم قلوب الخنازير البسوا ثياب الملوك ولينوا قلوبكم بالخشية، وقال عيسى: يا ابن آدم اعمل بأعمال البر حتى يبلغ عملك عنان السماء فإن لم يكن حبا في الله ما أغنى ذلك عنك شيئا، وقال عيسى للحواريين: إن إبليس يريد أن يبخلكم فلا تقعوا في بخله.
وأخرج أحمد عن الحسن بن علي الصنعاني قال: بلغنا أن عيسى عليه السلام قال: يا معشر الحواريين ادع الله أن يخفف عني هذه السكرة - يعني الموت - ثم قال عيسى: لقد خفت الموت خوفا أوقفني مخافتي من الموت على الموت.
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه أن عيسى عليه السلام كان واقفا على قبر ومعه الحواريون وصاحب القبر يدلى فيه فذكروا من ظلمة القبر ووحشته وضيقه فقال عيسى: قد كنتم فيما هو أضيق منه في أرحام أمهاتكم فإذا أحب الله أن يوسع وسع
وأخرج أحمد عن وهب قال: قال المسيح عليه السلام: أكثروا ذكر الله وحمده وتقديسه وأطيعوه فإنما يكفي أحدكم من الدعاء إذا كان الله تبارك وتعالى راضيا عليه أن يقول: اللهم اغفر لي خطيئتي واصلح لي معيشتي وعافني من المكاره يا إلهي.
وأخرج أحمد عن أبي الجلد أن عيسى عليه السلام قال للحواريين: بحق
أقول لكم: ما الدنيا تريدون ولا الآخرة قالوا: يا رسول الله فسر لنا هذا فقد كنا نرى أنا نريد إحداهما قال: لو أردتم الدنيا لأطعتم رب الدنيا الذي مفاتيح خزائنها بيده فأعطاكم ولوأردتم الآخرة أطعتم رب الآخرة الذي يملكها فأعطاكم ولكن لا هذه تريدون ولا تلك.
وأخرج أحمد عن أبي عبيدة، أن الحواريين قالوا لعيسى: ماذا نأكل قال: تأكلون خبز الشعير وبقل البرية، قالوا: فماذا نشرب قال: تشربون ماء القراح، قالوا: فماذا نتوسد قال: توسدوا الأرض قالوا: ما نراك تأمرنا من العيش إلا بكل شديد قال: بهذا تنجون ولا تحلون ملكوت السموات حتى يفعله أحدكم وهو منه على شهوة قالوا: وكيف يكون ذلك قال: ألم تروا أن الرجل إذا جاع فما أحب إليه الكسرة وإن كانت شعيرا وإن عطش فما أحب إليه الماء وإن كان قراحا وإذا أطال القيام فما أحب إليه أن يتوسد الأرض.
وأخرج أحمد عن عطاء أنه بلغه أن عيسى عليه السلام قال: ترج ببلاغة وتيقظ في ساعات الغفلة واحكم بلطف الفطنة لا تكن حلسا مطروحا وأنت حي تتنفس.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي هريرة قال: كان عيسى عليه السلام يقول: يا معشر الحواريين اتخذوا بيوتكم منازل واتخذوا المساجد مساكن وكلوا من بقل البرية واخرجوا من الدنيا بسلام.
وأخرج أحمد عن إبراهيم التيمي أن عيسى عليه السلام قال: اجعلوا كنوزكم في السماء فإن قلب المرء عند كنزه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن سعيد الجعفي قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: بيتي المسجد وطيبي الماء وإدامي الجوع وشعاري الخوف ودابتي رجلاي ومصطلاي في الشتاء مشارق الشمس وسراجي بالليل القمر وجلسائي الزمنى والمساكين وأمسي وليس لي شيء وأصبح وليس لي شيء وأنا بخير فمن أغنى مني
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الفضيل بن عياض قال: قال عيسى: بطحت لكم الدنيا وجلستم على ظهرها فلا ينازعكم فيها إلا الملوك والنساء، فأما الملوك فلا تنازعوهم الدنيا فإنهم لم يعرضوا لكم دنياهم وأما النساء فاتقوهن بالصوم والصلاة.
وأخرج ابن عساكر عن سفيان الثوري قال: قال المسيح عليه السلام: إنما تطلب الدنيا لتبر فتركها أبر.
وأخرج ابن عساكر عن شعيب بن صالح قال عيسى بن مريم: والله ما سكنت الدنيا في قلب عبد إلا التاط قلبه منها بثلاث: شغل لا ينفك عناه وفقر لا يدرك غناه وأمل لا يدرك منتهاه، الدنيا طالبة ومطلوبة، فطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتى يستكمل فيها رزقه وطالب الدنيا تطلبه الآخرة حتى يجيء الموت فيأخذ بعنقه.
وأخرج ابن عساكر عن يزيد بن ميسرة قال: قال عيسى بن مريم: كما توضعون كذلك ترفعون وكما ترحمون كذلك ترحمون وكما تقضون من حوائج الناس كذلك يقضي الله من حوائجكم
وأخرج أحمد، وابن عساكر عن الشعبي قال: قال عيسى بن مريم: ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك تلك مكافأة إنما الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك.
وأخرج ابن عساكر عن ابن المبارك قال: بلغني أن عيسى بن مريم مر بقوم فشتموه فقال خيرا، ومر بآخرين فشتموه وزادوا فزادهم خيرا، فقال رجل من الحواريين: كلما زادوك شرا زدتهم خيرا كأنك تغريهم بنفسك فقال عيسى عليه السلام: كل إنسان يعطي ما عنده.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن أنس قال: مر بعيسى بن مريم خنزير فقال: مر بسلام، فقيل له: يا روح الله لهذا الخنزير تقول قال: أكره أن أعود لساني الشر.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان قال: قالوا لعيسى بن مريم دلنا على عمل ندخل به الجنة قال: لا تنطقوا أبدا قالوا: لا نستطيع ذلك قال: فلا تنطقوا إلا بخير.
وأخرج الخرائطي عن إبراهيم النخعي قال: قال عيسى بن مريم: خذوا الحق من أهل الباطل ولا تأخذوا الباطل من أهل الحق كونوا منتقدي الكلام كي لا يجوز عليكم الزيوف
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الزهد عن زكريا بن عدي قال: قال عيسى ابن مريم: يا معشر الحواريين ارضوا بدنيء الدنيا مع سلامة الدين كما رضي أهل الدنيا بدنيء الدين مع سلامة الدنيا.
وأخرج ابن عساكر عن مالك بن دينار قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: أكل الشعير مع الرماد والنوم على المزابل مع الكلاب، لقليل في طلب الفردوس.
وأخرج ابن عساكر عن أنس بن مالك قال: كان عيسى بن مريم يقول: لا يطيق عبد أن يكون له ربان، إن أرضى أحدهما أسخط الآخر وإن أسخط أحدهما أرضى الآخر، وكذلك لا يطيق عبد أن يكون له خادما للدنيا يعمل عمل الآخرة، لا تهتموا بما تأكلون ولا ما تشربون فإن الله لم يخلق نفسا أعظم من رزقها ولا جسدا أعظم من كسوته فاعتبروا.
وأخرج ابن عساكر عن المقبري، أنه بلغه أن عيسى بن مريم كان يقول: يا ابن آدم إذا عملت الحسنة فاله عنها فإنها عند من لا يضيعها وإذا عملت سيئة فاجعلها نصب عينك.
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن أبي هلال أن عيسى بن مريم كان يقول: من كان يظن أن حرصا يزيد في رزقه فليزد في طوله أو في عرضه أو في عدد بنائه أو تغير لونه، إلا فإن الله خلق الخلق فهيأ الخلق لما خلق ثم قسم الرزق فمضى الرزق لما قسم فليست الدنيا بمعطية أحدا شيئا ليس له ولا بمانعة أحدا شيئا هو لكم فعليكم بعبادة ربكم فإنكم خلقتم لها.
وأخرج ابن عساكر عن عمران بن سليمان قال: بلغني أن عيسى بن مريم عليه السلام قال لأصحابه: إن كنتم اخواني وأصحابي فوطنوا أنفسكم على العداوة والبغضاء من الناس.
وأخرج أحمد والبيهقي عن عبد العزيز بن ظبيان قال: قال المسيح: من تعلم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما في ملكوت السماء.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عيسى بن مريم قام في بني إسرائيل فقال: يا معشر الحواريين لا تحدثوا بالحكمة غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم والأمور ثلاثة: أمر تبين رشده فاتبعوه وأمر تبين لكم غيه فاجتنبوه وأمر اختلف عليكم فيه فردوا علمه إلى الله تعالى
وأخرج ابن عساكر عن عمرو بن قيس الملائي قال: قال عيسى بن مريم: إن منعت الحكمة أهلها جهلت وان منحتها غير أهلها جهلت، كن كالطبيب المداوي ان رأى موضعا للدواء والا أمسك.
وأخرج عبد الله بن أحمد في الزهد، وابن عساكر عن عكرمة قال: قال عيسى ابن مريم للحواريين: يا معشر الحواريين لا تطرحوا اللؤلؤ إلى الخنزير فإن الخنزير لا يصنع باللؤلؤة شيئا ولا تعطوا الحكمة من لا يريدها فإن الحكمة خير من اللؤلؤ ومن لا يريدها شر من الخنزير.
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال: قال عيسى: يا علماء السوء جلستم على أبواب الجنة، فلا أنتم تدخلونها ولا تدعون المساكين يدخلونها، إن شر الناس عند الله عالم يطلب الدنيا بعلمه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: إن مثل حديث النفس بالخطيئة كمثل الدخان في البيت لا يحرقه فإنه ينتن ريحه ويغير لونه
قوله تعالى: {والتوراة والإنجيل}.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة قال: كان عيسى يقرأ التوراة والإنجيل). [الدر المنثور: 3/550-578]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 02:10 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت:207هـ): (وقوله: {إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك بكلمةٍ مّنه اسمه...}

مما ذكرت لك في قوله: {ذرّيّةً طيّبةً}, قيل فيها اسمه بالتذكير للمعنى، ولو أنّث كما قال {ذرّيّةً طيّبةً} , كان صواباً.
وقوله: {وجيهاً} قطعاً من عيسى، ولو خفضت على أن تكون نعتاً للكلمة لأنها هي عيسى, كان صواباً). [معاني القرآن: 1/213]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({بكلمةٍ منه}: الرسالة، هو ما أوحى الله به إلى الملائكة في أن يجعل لمريم ولداً.
{وجيهاً}: الوجيه: الذي يشرف، ويكون له وجه عند الملوك). [مجاز القرآن: 1/93]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك بكلمةٍ مّنه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدّنيا والآخرة ومن المقرّبين}
قوله: {إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك}, و{يوم تجد كلّ نفسٍ مّا عملت من خيرٍ مّحضراً}, وأشباه هذا في "إذ" , و"الحين", وفي "يوم" كثير, وإنما حسن ذلك للمعنى؛لأن القرآن إنما أنزل على الأمر, والذي كأنه قال لهم: "اذكروا كذا وكذا", وهذا في القرآن في غير موضع و"اتّقوا يوم كذا" , أو"حين كذا".
وقال تعالى: {اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً} نصبه على الحال, {ومن المقرّبين} عطف على {وجيهاً},
وكذلك {وكهلاً} معطوف على {وجيهاً} ؛ لأن ذلك منصوب,
وأما قوله تعالى: {بكلمةٍ مّنه اسمه المسيح}, فإنه جعل "الكلمة" هي "عيسى"؛ لأنه في المعنى كذلك كما قال: {أن تقول نفسٌ يا حسرتا}, ثم قال: {بلى قد جاءتك آياتي فكذّبت بها}, وكما قالوا: "ذو الثديّة"؛ لأن يده كانت مثل الثدي, كانت قصيرة قريبة من ثديه, فجعلها كأن اسمها "ثديّة", ولولا ذلك لم تدخل الهاء في التصغير).
[معاني القرآن: 1/171]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({المسيح}: في التفسير الصديق). [غريب القرآن وتفسيره: 105]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ)
: ({وجيهاً في الدّنيا والآخرة}, أي: ذا جاه فيهما). [تفسير غريب القرآن: 105]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ({إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدّنيا والآخرة ومن المقرّبين}
سمّى اللّه عزّ وجلّ عيسى المسيح، وسمّاه عيسى، وسمي ابتداء أمره كلمة {منه}, فهو صلى الله عليه وسلم كلمة من اللّه, ألقاها إلى مريم، ثم كوّن تلك الكلمة بشراً.
وقوله جلّ وعزّ: {اسمه}, وإنما جرى ذكر الكلمة؛ لأن معنى الكلمة معنى الولد، المعنى أن اللّه يبشرك بهذا الولد، {وجيها في الدّنيا والآخرة}.
{وجيها} منصوب على الحال، والوجيه: الذي له المنزلة الرفيعة عند ذوي القدر والمعرفة، ويقال: قد وجه الرجل يوجه وجاهة، ولفلان جاه عند الناس ووجاهة عند الناس، أي: منزلة رفيعة.
وقال بعض النحويين: {وجيها} منصوب على القطع من عيسى، وقطع ههنا: كلمة محال؛ لأنه إنما بشر به في هذه الحال، أي : في حال فضله, فكيف يكون قطعها منه، ولم يقل لم نصب هذا القطع، فإن كان القطع إنما هو معنى، فليس ذلك المعنى موجوداً في هذا اللفظ، وإن كان القطع هو العامل , فما بينّ ما هو، وإن كان أراد أن الألف واللام قطعاً منه فهذا محال ؛ لأنّ جميع الأحوال نكرات, والألف واللام لمعهود، فكيف يقطع من الشيء ما لم يكن فيه قط). [معاني القرآن: 1/411-412]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين}, الوجيه الذي له القدر , والمنزلة الرفيعة يقال: لفلان جاه وجاهة, وقد وجه يوجه وجاهة). [معاني القرآن: 1/401]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الْمَسِيحُ}: الصِّدِّيق). [العمدة في غريب القرآن: 99]

تفسير قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت:207هـ): (قوله: {ويكلّم النّاس في المهد وكهلاً...}, والكهل مردود على الوجيه, {ويكلّم النّاس} ولو كان في موضع {ويكلّم}, ومكلماً كان نصباً, والعرب تجعل يفعل وفاعلٌ إذا كانا في عطوف مجتمعين في الكلام، قال الشاعر:
بتّ أعشّيها بغضبٍ باتر = يقصد في أسوقها وجائر
وقال آخر:
من الذّريحيّات جعدا آركا= يقصر يمشي ويطول باركا
كأنه قال: يقصر ماشياً فيطول باركاً, فكذلك (فعل) إذا كانت في موضع صلة لنكرة أتبعها (فاعل) وأتبعته, تقول في الكلام: مررت بفتىً ابن عشرين, أو قد قارب ذلك، ومررت بغلام قد احتلم , أو محتلمٍ؛ قال الشاعر:
يا ليتني علقت غير خارج =قبل الصباح ذات خلقٍ بارج
= أمّ الصبيّ قد حبا أو دارج =). [معاني القرآن: 1/214]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ويكلّم النّاس في المهد وكهلا ومن الصّالحين}و, معطوف على {وجيهاً}، المعنى: يبشرك به وجيهاً, ومكلماً الناس في المهد,
وجائز أن: يعطف يفعل على فاعل، لمضارعه بفعل فاعل.

قال الشاعر:
بات يعيشها بغضب باتر= يقصد في أسواقها وجائر
{وكهلاً}, أي: ويكلم الناس كهلاً, أعلمها اللّه أن عيسى يبقى إلى حال الكهولة.
وقيل: إن كهلاً، أي: ينزل من السماء لقتل الرجال, وهو كهل, واللّه أعلم). [معاني القرآن: 1/412]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين}
يقال: اكتهل النبت إذا تم, والكهل ابن الأربعين, أو ما قاربها .
وقال يزيد بن أبي حبيب :الكهل: منتهى الحلم.
والفائدة في قوله تعالى: {وكهلاً},أنه خبرها أنه يعيش إلى أن يصير كهلاً). [معاني القرآن: 1/401]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) }
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({قالت ربّ أنّى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشرٌ قال كذلك اللّه يخلق ما يشاء إذا قضى أمراً فإنّما يقول له كن فيكون}, أما قوله: {كذلك اللّه} , فكسر الكاف؛ لأنها مخاطبة امرأة, وإذا كانت الكاف للرجل فتحت, قال للمؤنث: {واستغفري لذنبك إنّك كنت من الخاطئين}). [معاني القرآن: 1/171]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ({قالت ربّ أنّى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك اللّه يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنّما يقول له كن فيكون},
ومعنى {كذلك اللّه يخلق ما يشاء}
أي: يخلق الله ما يشاء مثل ذلك). [معاني القرآن: 1/412-413]

تفسير قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({ويعلّمه الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل}, قوله: {ويعلّمه الكتاب والحكمة}, موضع نصب على {وجيهاً}, و{رسولاً}, معطوف على {وجيهاً}). [معاني القرآن: 1/171]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ({ويعلّمه الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل}, أي: يعلمه ذلك وحياً, وإلهاماً). [معاني القرآن: 1/413]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله تعالى: {ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل} قيل: يعني إلهاماً). [معاني القرآن: 1/402]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 جمادى الآخرة 1434هـ/19-04-2013م, 03:21 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأصمعي: المسائح الشعر والواحدة مسيحة والمسيح العرق. والمسيح القطعة من الفضة. غيره: المسيح الصديق: وبه قيل لعيسى ابن مريم مسيح). [الغريب المصنف: 3/970]


تفسير قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) }
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (قال سحيم بن وثيل الرياحي:



أخو خمسين مجتمع أشديونـجـذنــي مـــــداورة الــشـــؤون

يريد بقوله نجذني دربني وحنكني، دربني أي صبرني درباً حاداً، وهو شاب من الحلم إلى أن يكتهل، فإذا تم فهو كهل). [خلق الإنسان: 161]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن سألت امرأة عن رجل قلت: كيف ذاك الرجل? تكسر الكاف؛ لأنها لمؤنث. قال الله عز وجل: {قال كذلك الله يخلق ما يشاء} ). [المقتضب: 3/275]

تفسير قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) }
[لا يوجد]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12 جمادى الآخرة 1435هـ/12-04-2014م, 06:56 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12 جمادى الآخرة 1435هـ/12-04-2014م, 06:56 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12 جمادى الآخرة 1435هـ/12-04-2014م, 06:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12 جمادى الآخرة 1435هـ/12-04-2014م, 06:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ ابن مسعود وعبد الله بن عمر: «إذ قال الملائكة» واختلف المتأولون هل الملائكة هنا عبارة عن جبريل وحده أو عن جماعة من الملائكة؟ وقد تقدم معنى ذلك كله في قوله آنفا، فنادته الملائكة [آل عمران: 39] فتأمله، وتقدم ذكر القراءات في قوله يبشّرك.
واختلف المفسرون لم عبر عن عيسى عليه السلام بكلمةٍ؟ فقال قتادة: جعله «كلمة» إذ هو موجود بكلمة وهي قوله تعالى: لمرادته- كن- وهذا كما تقول في شيء حادث هذا قدر الله أي هو عند قدر الله وكذلك تقول هذا أمر الله، وترجم الطبري فقال: وقال آخرون: بل الكلمة اسم لعيسى سماه الله بها كما سمى سائر خلقه بما شاء من الأسماء، فمقتضى هذه الترجمة أن الكلمة اسم مرتجل لعيسى ثم أدخل الطبري تحت الترجمة عن ابن عباس أنه قال: «الكلمة» هي عيسى، وقول ابن عباس يحتمل أن يفسر بما قال قتادة وبغير ذلك مما سنذكره الآن وليس فيه شيء مما ادعى الطبري رحمه الله، وقال قوم من أهل العلم: سماه الله «كلمة» من حيث كان تقدم ذكره في توراة موسى وغيرها من كتب الله وأنه سيكون، فهذه كلمة سبقت فيه من الله، فمعنى الآية، أنت يا مريم مبشرة بأنك المخصوصة بولادة الإنسان الذي قد تكلم الله بأمره وأخبر به في ماضي كتبه المنزلة على أنبيائه، واسمه في هذا الموضع، معناه تسميته، وجاء الضمير مذكرا من أجل المعنى، إذ «الكلمة» عبارة عن ولد.
واختلف الناس في اشتقاق لفظة المسيح فقال قوم، هو من ساح يسيح في الأرض، إذا ذهب ومشى أقطارها فوزنه مفعل، وقال جمهور الناس: هو من- مسح- فوزنه- فعيل، واختلفوا- بعد- في صورة اشتقاقه من- مسح- فقال قوم من العلماء، سمي بذلك من مساحة الأرض لأنه مشاها فكأنه مسحها، وقال آخرون: سمي بذلك لأنه ما مسح بيده على ذي علة إلا برئ، فهو على هذين القولين- فعيل- بمعنى- فاعل- وقال ابن جبير: سمي بذلك لأنه مسح بالبركة، وقال آخرون: سمي بذلك لأنه مسح بدهن القدس فهو على هذين القولين- فعيل- بمعنى مفعول، وكذلك هو في قول من قال: مسحه الله، فطهره من الذنوب، قال إبراهيم النخعي: المسيح الصديق، وقال ابن جبير عن ابن عباس: المسيح الملك، وسمي بذلك لأنه ملك إحياء الموتى، وغير ذلك من الآيات، وهذا قول ضعيف لا يصح عن ابن عباس.
وقوله: عيسى يحتمل من الإعراب ثلاثة أوجه، البدل من المسيح، وعطف البيان، وأن يكون خبرا بعد خبر، ومنع بعض النحاة أن يكون خبرا بعد خبر وقال: كان يلزم أن تكون أسماؤه على المعنى أو أسماؤها على اللفظ للكلمة، ويتجه أن يكون عيسى خبر ابتداء مضمر، تقديره، هو عيسى ابن مريم، ويدعو إلى هذا كون قوله، ابن مريم صفة ل عيسى إذ قد أجمع الناس على كتبه دون ألف، وأما على البدل أو عطف البيان فلا يجوز أن يكون ابن مريم صفة ل عيسى لأن الاسم هنا لم يرد به الشخص، هذه النزعة لأبي علي، وفي صدر الكلام نظر، ووجيهاً، نصب على الحال وهو من الوجه، أي له وجه ومنزلة عند الله والمعنى في الوجيه أنه حيثما أقبل بوجهه، عظم وروعي أمره، وتقول العرب: فلان له وجه في الناس وله جاه، وهذا على قلب في اللفظة، يقولون جاهني يجوهني بكذا أي واجهني به، وجاه عيسى عليه السلام في الدنيا نبوته وذكره، ورفعه في الآخرة مكانته ونعيمه وشفاعته، ومن المقرّبين، معناه من الله تعالى). [المحرر الوجيز: 2/220-222]

تفسير قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: ويكلّم النّاس في المهد وكهلاً ومن الصّالحين (46) قالت ربّ أنّى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشرٌ قال كذلك اللّه يخلق ما يشاء إذا قضى أمراً فإنّما يقول له كن فيكون (47)
قوله: ويكلّم نائب عن حال تقديرها ومكلما وذلك معطوف على قوله: وجيهاً [آل عمران: 45]، وجاء عطف الفعل المستقبل على اسم الفاعل لما بينهما من المضارعة كما جاز عطف اسم الفاعل على الفعل المستقبل في قوله الشاعر: [الرجز].
بتّ أعشّيها بعضب باتر = يفصد في أسوقها وجائر
وقوله: في المهد حال من الضمير في يكلّم، وكهلًا حال معطوفة على قوله: في المهد، وقوله: من الصّالحين، حال معطوفة على قوله، ويكلّم، وهذه الآية إخبار من الله تعالى لمريم بأن ابنها يتكلم في مهده مع الناس آية دالة على براءة أمه مما عسى أن يقذفها به متعسف ظان، والمهد موضع اضطجاع الصبي وقت تربيته، وأخبر تعالى عنه أنه أيضا يكلم الناس كهلًا، وفائدة ذلك إذ كلام الكهل عرف أنه إخبار لها بحياته إلى سن الكهولة، هذا قول الربيع وجماعة من المفسرين، وقال ابن زيد: فائدة قوله كهلًا الإخبار بنزوله عند قتله الدجال كهلا، وقال جمهور الناس: الكهل الذي بلغ سن الكهولة، وقال مجاهد: الكهل الحليم، وهذا تفسير الكهولة بعرض مصاحب لها في الأغلب، واختلف الناس في حد الكهولة، فقيل: الكهل ابن أربعين سنة، وقيل: ابن خمس وثلاثين، وقيل، ابن ثلاث وثلاثين، وقيل: ابن اثنين وثلاثين، وهذا حد أولها. وأما آخرها فاثنتان وخمسون، ثم يدخل سن الشيخوخة). [المحرر الوجيز: 2/222-223]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقول مريم: ربّ أنّى يكون لي ولدٌ استفهام عن جهة حملها واستغراب للحمل على حال بكارتها، ويمسسني، معناه يطأ ويجامع، والمسيس الجماع، ومريم لم تنف مسيس الأيدي، والإشارة بقوله: كذلك، يحتمل أن تكون إلى هذه القدرة التي تتضمنها البشارة بالكلمة، ويحتمل أن تكون إلى حال مريم وبكارتها، وقد تقدم شرح هذين التأويلين في أمر زكرياء عليه السلام، وجاءت العبارة في أمر زكريا يفعل وجاءت هنا، يخلق من حيث أمر زكرياء داخل في الإمكان الذي يتعارف وإن قل وقصة مريم لا تتعارف البتة، فلفظ الخلق أقرب إلى الاختراع وأدل عليه، وروي أن عيسى عليه السلام، ولد لثمانية أشهر فلذلك لا يعيش من يولد من غيره لمثل ذلك، وقوله تعالى: إذا قضى معناه إذا أراد إيجاده، والأمر واحد الأمور وهو مصدر سمي به، والضمير في له عائد على الأمر والقول على جهة المخاطبة، قال مكي: وقيل المعنى يقول لأجله، وهذا ينحو إلى ما نورده عن أبي علي بعد، وقرأ جمهور السبعة «فيكون» بالرفع، وقرأ ابن عامر وحده «فيكون» بالنصب، فوجه الرفع العطف على يقول، أو تقدير فهو يكون، وأما قراءة ابن عامر فغير متجهة لأن الأمر المتقدم خطاب للمقضي وقوله: فيكون، خطاب للمخبر، فليس كقوله قم فأحسن إليك، لكن وجهها أنه راعى الشبه اللفظي في أن تقدم في الكلام لفظ أمر كما قال أبو الحسن الأخفش في نحو قوله تعالى: قل لعبادي الّذين آمنوا يقيموا الصّلاة [إبراهيم: 31] أنه مجرى جواب الأمر، وإن لم يكن له جوابا في الحقيقة، فكذلك على قراءة ابن عامر يكون قوله، فيكون بمنزلة جواب الأمر وإن لم يكن جوابا، وذهب أبو علي في هذه المسألة إلى أن القول فيها ليس بالمخاطبة المحضة، وإنما هو قول مجازي كما قال: امتلأ الحوض وقال قطني وغير ذلك، قال: لأن المنتفي ليس بكائن فلا يخاطب كما لا يؤمر، وإنما المعنى فإنما يكونه فهو يكون، فهذه نزعة اعتزالية غفر الله له). [المحرر الوجيز: 2/223-224]

تفسير قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: ويعلّمه الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل (48) ورسولاً إلى بني إسرائيل أنّي قد جئتكم بآيةٍ من ربّكم أنّي أخلق لكم من الطّين كهيئة الطّير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن اللّه
قرأ نافع وعاصم «ويعلمه» بالياء، وذلك عطف على يبشّرك بكلمةٍ [آل عمران: 45] كذا قال أبو علي: ويحتمل أن يكون في موضع الحال عطفا على ويكلّم [آل عمران: 46]، وقرأ الباقون، و «نعلمه» بالنون، وهي مثل قراءة الياء في المعنى لكن جاءت بنون العظمة، قال الطبري: قراءة الياء عطف على قوله: يخلق ما يشاء [آل عمران: 47]، وقراءة النون عطف على قوله: نوحيه إليك [آل عمران: 44].
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا الذي قاله خطأ في الوجهين مفسد للمعنى والكتاب هو الخط باليد فهو مصدر كتب يكتب، هذا قول ابن جريج وجماعة المفسرين، وقال بعضهم: هي إشارة إلى كتاب منزل لم يعين وهذه دعوى لا حجة عليها، وأما الحكمة، فهي السنة التي يتكلم بها الأنبياء، في الشرعيات، والمواعظ، ونحو ذلك، مما لم يوح إليهم في كتاب ولا بملك، لكنهم يلهمون إليه وتقوى غرائزهم عليه، وقد عبر بعض العلماء عن الحكمة بأنها الإصابة في القول والعمل، فذكر الله تعالى في هذه الآية أنه يعلم عيسى عليه السلام الحكمة، والتعليم متمكن فيما كان من الحكمة بوحي أو مأثورا عمن تقدم عيسى من نبي وعالم، وأما ما كان من حكمة عيسى الخاصة به فإنما يقال فيها يعلمه على معنى يهيئ غريزته لها ويقدره ويجعله يتمرن في استخراجها ويجري ذهنه إلى ذلك، والتّوراة هي المنزلة على موسى عليه السلام، ويروى أن عيسى كان يستظهر التوراة وكان أعمل الناس بما فيها، ويروى أنه لم يحفظها عن ظهر قلب إلا أربعة، موسى ويوشع بن نون وعزيز وعيسى عليهم السلام، وذكر الإنجيل لمريم وهو ينزل- بعد- لأنه كان كتابا مذكورا عند الأنبياء والعلماء وأنه سينزل). [المحرر الوجيز: 2/225-226]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12 جمادى الآخرة 1435هـ/12-04-2014م, 06:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12 جمادى الآخرة 1435هـ/12-04-2014م, 06:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك بكلمةٍ منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهًا في الدّنيا والآخرة ومن المقرّبين (45) ويكلّم النّاس في المهد وكهلا ومن الصّالحين (46) قالت ربّ أنّى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشرٌ قال كذلك اللّه يخلق ما يشاء إذا قضى أمرًا فإنّما يقول له كن فيكون (47)}
هذه بشارةٌ من الملائكة لمريم، عليها السّلام، بأن سيوجد منها ولدٌ عظيمٌ، له شأنٌ كبيرٌ. قال اللّه تعالى: {إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك بكلمةٍ منه} أي: بولدٍ يكون وجوده بكلمةٍ من اللّه، أي: بقوله له: "كن" فيكون، وهذا تفسير قوله: {مصدّقًا بكلمةٍ من اللّه} [آل عمران: 39] كما ذكره الجمهور على ما سبق بيانه {اسمه المسيح عيسى ابن مريم} أي يكون مشهورًا بهذا في الدّنيا، يعرفه المؤمنون بذلك.
وسمّي المسيح، قال بعض السّلف: لكثرة سياحته. وقيل: لأنّه كان مسيح القدمين: [أي] لا أخمص لهما. وقيل: لأنّه [كان] إذا مسح أحدًا من ذوي العاهات برئ بإذن اللّه تعالى.
وقوله: {عيسى ابن مريم} نسبةً له إلى أمّه، حيث لا أب له {وجيهًا في الدّنيا والآخرة ومن المقرّبين} أي: له وجاهةٌ ومكانةٌ عند اللّه في الدّنيا، بما يوحيه اللّه إليه من الشّريعة، وينزّل عليه من الكتاب، وغير ذلك ممّا منحه به، وفي الدّار الآخرة يشفع عند اللّه فيمن يأذن له فيه، فيقبل منه، أسوةً بإخوانه من أولي العزم، صلوات اللّه عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/43]

تفسير قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ويكلّم النّاس في المهد وكهلا} أي: يدعو إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له، في حال صغره، معجزةً وآيةً، و [في] حال كهوليّته حين يوحي اللّه إليه بذلك {ومن الصّالحين} أي: في قوله وعمله، له علمٌ صحيحٌ وعملٌ صالحٌ.
قال محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد اللّه بن قسيط، عن محمّد بن شرحبيل، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما تكلّم مولود في صغره إلّا عيسى وصاحب جريج".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو الصّقر يحيى بن محمّد بن قزعة، حدّثنا الحسين -يعني المروزيّ-حدّثنا جريرٌ -يعني ابن حازمٍ-عن محمّدٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لم يتكّلم في المهد إلّا ثلاثة، عيسى، وصبيٌّ كان في زمن جريج، وصبيٌّ آخر"). [تفسير القرآن العظيم: 2/43]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فلمّا سمعت بشارة الملائكة لها بذلك، عن اللّه، عزّ وجلّ، قالت في مناجاتها: {ربّ أنّى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشرٌ} تقول: كيف يوجد هذا الولد منّي وأنا لست بذات زوجٍ ولا من عزمي أن أتزوّج، ولست بغيا؟ حاشا للّه. فقال لها الملك -عن اللّه، عزّ وجلّ، في جواب هذا السّؤال-: {كذلك اللّه يخلق ما يشاء} أي: هكذا أمر اللّه عظيمٌ، لا يعجزه شيءٌ. وصرّح هاهنا بقوله: {يخلق} ولم يقل: "يفعل" كما في قصّة زكريّا، بل نصّ هاهنا على أنّه يخلق؛ لئلّا يبقى شبهةً، وأكّد ذلك بقوله: {إذا قضى أمرًا فإنّما يقول له كن فيكون} أي: فلا يتأخّر شيئًا، بل يوجد عقيب الأمر بلا مهلةٍ، كقوله تعالى: {وما أمرنا إلا واحدةٌ كلمحٍ بالبصر} [القمر: 50] أي: إنّما نأمر مرّةً واحدةً لا مثنويّة فيها، فيكون ذلك الشّيء سريعًا كلمحٍ بالبصر). [تفسير القرآن العظيم: 2/44]

تفسير قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويعلّمه الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل (48) ورسولا إلى بني إسرائيل أنّي قد جئتكم بآيةٍ من ربّكم أنّي أخلق لكم من الطّين كهيئة الطّير فأنفخ فيه فيكون طيرًا بإذن اللّه وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن اللّه وأنبّئكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم إنّ في ذلك لآيةً لكم إن كنتم مؤمنين (49) ومصدّقًا لما بين يديّ من التّوراة ولأحلّ لكم بعض الّذي حرّم عليكم وجئتكم بآيةٍ من ربّكم فاتّقوا اللّه وأطيعون (50) إنّ اللّه ربّي وربّكم فاعبدوه هذا صراطٌ مستقيمٌ (51)}
يقول تعالى -مخبرًا عن تمام بشارة الملائكة لمريم بابنها عيسى، عليه السّلام-أنّ اللّه يعلّمه {الكتاب والحكمة} الظّاهر أنّ المراد بالكتاب هاهنا الكتابة. والحكمة تقدّم الكلام على تفسيرها في سورة البقرة.
{والتّوراة والإنجيل} فالتّوراة: هو الكتاب الّذي أنزله اللّه على موسى بن عمران. والإنجيل: الّذي أنزله اللّه على عيسى عليهما السّلام، وقد كان [عيسى] عليه السّلام، يحفظ هذا وهذا). [تفسير القرآن العظيم: 2/44]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة