تفسير قوله تعالى: (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال سلامٌ عليك سأستغفر لك ربّي إنّه كان بي حفيًّا (47) وأعتزلكم وما تدعون من دون اللّه وأدعو ربّي عسى ألاّ أكون بدعاء ربّي شقيًّا}.
يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم لأبيه حين توعّده على نصيحته إيّاه ودعائه إلى اللّه بالقول السّيّئ والعقوبة: سلامٌ عليك يا أبت، يقول: أمنةً منّي لك أن أعاودك فيما كرهت، ولدعائك إليّ ما توعّدتني عليه بالعقوبة ولكنّي {سأستغفر لك ربّي} يقول: ولكنّي سأسأل ربّي أن يستر عليك ذنوبك بعفوه إيّاك عن عقوبتك عليها {إنّه كان بي حفيًّا} يقول: إنّ ربّي عهدته بي لطيفًا يجيب دعائي إذا دعوته يقال منه: تحفّى بي فلانٌ. وقد بيّنت ذلك بشواهده فيما مضى، بما أغنى عن إعادته ههنا.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إنّه كان بي حفيًّا} يقول: لطيفًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّه كان بي حفيًّا} قال: إنّه كان بي لطيفًا، فإنّ الحفيّ: اللّطيف). [جامع البيان: 15/555-556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {إنه كان بي حفيا} قال: لطفيا). [الدر المنثور: 10/77]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {إنه كان بي حفيا} قال: عوده الإجابة). [الدر المنثور: 10/77]
تفسير قوله تعالى: (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وأعتزلكم وما تدعون من دون اللّه} يقول: وأجتنبكم وما تدعون من دون اللّه من الأوثان والأصنام {وأدعو ربّي} يقول: وأدعو ربّي، بإخلاص العبادة له، وإفراده بالرّبوبيّة {عسى ألاّ أكون بدعاء ربّي شقيًّا} يقول: عسى أن لا أشقى بدعاء ربّي، ولكن يجيب دعائي، ويعطيني ما أسأله). [جامع البيان: 15/556]
تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا اعتزلهم وما يعبدون من دون اللّه وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلًّا جعلنا نبيًّا (49) ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدقٍ عليًّا}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا اعتزل إبراهيم قومه وعبادة ما كانوا يعبدون من دون اللّه من الأوثان آنسنا وحشته من فراقهم، وأبدلناه من هو خيرٌ منهم وأكرم على اللّه منهم، فوهبنا له ابنه إسحاق، وابن ابنه يعقوب بن إسحاق {وكلًّا جعلنا نبيًّا} يقول: وجعلناهم كلّهم، يعني بالكلّ إبراهيم وإسحاق ويعقوب أنبياء وقال تعالى ذكره: {وكلًّا جعلنا نبيًّا} فوحّد، ولم يقل أنبياء، لتوحيد لفظ كلٍّ). [جامع البيان: 15/556-557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب} قال: يقول وهبنا له إسحاق ولدا ويعقوب ابن ابنه). [الدر المنثور: 10/77]
تفسير قوله تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {ووهبنا لهم من رحمتنا} يقول جلّ ثناؤه: ورزقنا جميعهم، يعني إبراهيم وإسحاق ويعقوب من رحمتنا، وكان الّذي وهب لهم من رحمته، ما بسط لهم في عاجل الدّنيا من سعة رزقه، وأغناهم بفضله.
وقوله {وجعلنا لهم لسان صدقٍ عليًّا} يقول تعالى ذكره: ورزقناهم الثّناء الحسن، والذّكر الجميل من النّاس.
- كما حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجعلنا لهم لسان صدقٍ عليًّا} يقول: الثّناء الحسن.
وإنّما وصف جلّ ثناؤه اللّسان الّذي جعل لهم بالعلوّ، لأنّ جميع أهل الملل تحسن الثّناء عليهم، والعرب تقول: قد جاءني لسان فلانٍ، تعني ثناءه أو ذمّه، ومنه قول عامر بن الحارث:
إنّي أتتني لسانٌ لا أسرّ بها = من علو لا عجبٌ منها ولا سخر
ويروى: لا كذب فيها ولا سخر.
جاءت مرجّمةً قد كنت أحذرها = لو كان ينفعني الإشفاق والحذر
مرجّمةً: يظنّ بها). [جامع البيان: 15/557-558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وجعلنا لهم لسان صدق عليا} قال الثناء الحسن). [الدر المنثور: 10/77]