التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبيّنات فما زلتم في شكّ ممّا جاءكم به حتّى إذا هلك قلتم لن يبعث اللّه من بعده رسولا كذلك يضلّ اللّه من هو مسرف مرتاب (34)}
أي : الآيات المعجزات.
{حتى إذا هلك قلتم لن يبعث اللّه من بعده رسولا}: أي: أقمتم على كفركم , وظننتم أنه لا يجدد عليكم إيجاب الحجة.
{كذلك يضلّ اللّه من هو مسرف مرتاب}:أي: مثل ذلك الضلال يضل اللّه من هو مسرف مرتاب.
{مسرف}:ههنا كافر، و {مرتاب} :شاكّ في أمر اللّه وأنبيائه). [معاني القرآن: 4/374]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات}
أي : من قبل موسى بالبينات , أي: بالآيات المعجزات .
{فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا}
أي : ظننتم أن الحجة لا تقام عليكم بعده , كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب , أي: مثل هذا الضلال, يضل الله من هو مسرف مرتاب). [معاني القرآن: 6/222]
تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كبر مقتاً عند اللّه...}.
أي: كبر ذلك الجدال مقتا، ومثله: {كبرت كلمةً تخرج من أفواههم} :أضمرت في كبرت قولهم: {اتّخذ اللّه ولداً} , ومن رفع الكلمة , لم يضمر، وقرأ الحسن بذلك برفع الكلمة :{كبرت كلمةٌ تخرج}.
وقوله: {على كلّ قلب متكبّرٍ جبّارٍ...}.
يضيف القلب إلى المتكبر، ومن نوّن جعل القلب هو المتكبر الجبار، وهي في قراءة عبد الله
{كذلك يطبع اللّه على قلب كلّ متكبر جبار}: فهذا شاهدٌ لمن أضاف، والمعنى في تقدم القلب , وتأخره واحد ,والله أعلم.
قال: سمعت بعض العرب يرجّل شعره يوم كل جمعة، يريد: كل يوم جمعة، والمعنى واحد). [معاني القرآن: 3/8-9]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({الّذين يجادلون في آيات اللّه بغير سلطان أتاهم كبر مقتاً عند اللّه وعند الّذين آمنوا كذلك يطبع اللّه على كلّ قلب متكبّرٍ جبّارٍ}
وقال: {على كلّ قلب متكبّرٍ جبّارٍ} , فمن نون جعل "المتكبّر الجبار" من صفته , ومن لم ينون أضاف "القلب" إلى المتكبر). [معاني القرآن: 4/3]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {الّذين يجادلون في آيات اللّه بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند اللّه وعند الّذين آمنوا كذلك يطبع اللّه على كلّ قلب متكبّر جبّار (35)}
(الذين) في موضع نصب على الرد على " من " , أي: كذلك اللّه يضل الذين يجادلون في آيات اللّه بغير حجة أتتهم.
ويجوز أن يكون موضع (الذين) رفعا على معنى : {من هو مسرف مرتاب }:هم الذين يجادلون.
وقوله عزّ وجلّ: {كبر مقتا عند اللّه وعند الّذين آمنوا} :أي: كبر جدالهم مقتا عند الله , وعند الذين آمنوا.
{كذلك يطبع اللّه على كلّ قلب متكبّر جبّار} : ويقرأ على كل قلب متكبّر، والأول الوجه؛ لأن المتكبر هو الإنسان, وقد يجوز أن تقول: قلب متكبّر، أي صاحبه متكبّر). [معاني القرآن: 4/374]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم}
على البدل من {من} , ومعنى :{كبر مقتا }: كبر الجدال مقتا .
ثم قال جل وعز: {كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار}
وفي قراء عبد الله بن مسعود :{على قلب كل متكبر جبار} : ومعنى هذه القراءة كمعنى الأولى , كما يقال: أنا أكلم فلانا يوم كل جمعة , وكل يوم جمعة
فأما التنوين , فإنه يقال: قلب متكبر , أي : صاحبه متكبر.).[معاني القرآن: 6/224]
تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّعلّي أبلغ الأسباب... (أسباب السّماوات) فأطّلع...}.
بالرفع، يردّه على قوله: "أبلغ". ومن جعله جوابا للعلّي نصبه، وقد قرأ به بعض القراء قال: وأنشدني بعض العرب:
علّ صروف الدّهر أو دولاتها
= يدللنا اللّمّة من لمّاتها
= فتستريح النفس من زفراتها
فنصب على الجواب بلعلّ). [معاني القرآن: 3/9]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لّعلّي أبلغ الأسباب}
وقال: {يا هامان ابن لي} : بعضهم يضم النون , كأنه اتبعها ضمة النون التي في {هامان} , كما قالوا "منتنٌ" فكسروا الميم للكسرة التي في التاء , وبينها حرف ساكن فلم يحل, وكذلك لم يحل الباء في قوله: {ابن لي}).[معاني القرآن: 4/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (السبب والحبل
السّبب أصله: الحبل.
ثم قيل: لكل شيء وصلت به إلى موضع، أو حاجة تريدها: سبب.
تقول: فلان سببي إليك، أي وصلني إليك. وما بيني وبينك سبب، أي آصرة رحم، أو عاطفة مودّة.
ومنه قيل للطريق: سبب؛ لأنّك بسلوكه تصل إلى الموضع الذي تريده، قال عز وجل: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا} أي: طريقا.
وأسباب السماء: أبوابها؛ لأن الوصول إلى السماء يكون بدخولها. قال الله عز وجل- حكاية عن فرعون: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ}.
وقال زهير:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه = ولو نالَ أسبابَ السَّمَاءِ بسُلَّمِ). [تأويل مشكل القرآن: 464] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلّي أبلغ الأسباب (36)}: والصرح القصر، وكل بناء عظيم فهو صرح.
{لعلّي أبلغ الأسباب} : جاء في التفسير : أبواب السماء، , والأسباب في اللغة ما اتصل بالشيء.
وكذلك يقال : للحبل سبب؛ لأنه يوصل بالأشياء.
وجاء في التفسير: أيضا طرق السّماوات.
فالمعنى - واللّه أعلم, لعلي أبلغ إلى الذي يؤديني إلى السّماوات).[معاني القرآن: 4/374-375]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا}
أي: قصرا , وكل بناء عظيم صرح .
{لعلي أبلغ الأسباب}, قال قتادة : أي: الأبواب .
والسبب في اللغة : ما يؤدي إلى الشيء , فالمعنى لعلي أبلغ ما يؤدي إلى السموات).[معاني القرآن: 6/224]
تفسير قوله تعالى: {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّعلّي أبلغ الأسباب... (أسباب السّماوات) فأطّلع...}.
بالرفع، يردّه على قوله: "أبلغ", ومن جعله جوابا للعلّي نصبه، وقد قرأ به بعض القراء قال: وأنشدني بعض العرب:
علّ صروف الدّهر أو دولاتها
= يدللنا اللّمّة من لمّاتها
=فتستريح النفس من زفراتها
, فنصب على الجواب بلعلّ). [معاني القرآن: 3/9] (م)
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({في تباب} : في هلكة). [مجاز القرآن: 2/194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و{لعلّي أبلغ الأسباب (36) أسباب السّماوات} : أي: أبوابها.
{في تبابٍ} : أي : بطلان, وكذلك: الخسران, ومنه: {تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ} ، وقوله: {وما زادوهم غير تتبيبٍ} ).[تفسير غريب القرآن: 387]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أسباب السّماوات فأطّلع إلى إله موسى وإنّي لأظنّه كاذبا وكذلك زيّن لفرعون سوء عمله وصدّ عن السّبيل وما كيد فرعون إلّا في تباب (37)}
ويقرأ : {فأطلع} : بالرفع والنصب.
{وإنّي لأظنّه كاذبا} : هذا قول فرعون، يقول : وإن كنت زعمت أني أطلع إلى إله موسى، فأنا قلت هذا على دعوى موسى لا على أني على يقين من ذلك.
فيروى : أن هامان طبخ الآجر , لبناء الصرح, وأن أول من طبخ الآجر هامان.
{وكذلك زيّن لفرعون سوء عمله} : موضع الكاف نصب المعنى {زيّن لفرعون سوء عمله}: مثل ما وصفنا.
{وصدّ عن السّبيل} : أي صدّ عن السّبيل المستقيم, أي: المستقيمة , بكفره.
{وما كيد فرعون إلّا في تباب} : إلا في خسران، يقال: تبّت يداه أي خسرتا). [معاني القرآن: 4/375]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل}
ويقرأ :{وصد عن السبيل } , وهو اختيار أبي عبيد.
وروي , عن ابن أبي إسحاق :{وصد عن السبيل } .
قالوا أبو جعفر : وأحسنها { وصد عن السبيل } , كما قال تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} .
وقول أبي عبيد في اختياره : ليس بشيء؛ لأن من قرأه بالضم, فالمعنى عنده على ما ذكر أبو حاتم: وصده الشيطان عن السبيل , كما قال: وزين لهم الشيطان أعمالهم , فصدهم عن السبيل المستقيمة .
ثم قال جلا وعز: {وما كيد فرعون إلا في تباب}
قال مجاهد , وقتادة: أي في خسار
قال أبو جعفر من هذا قوله جل وعز: {تبت يدا أبي لهب}
وقوله: {وما زادوهم غير تتبيب} ).[معاني القرآن: 6/224-226]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فِي تَبَابٍ}: أي: بطلان.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَبَابٍ}: هلاك.). [العمدة في غريب القرآن: 263]