تفسير قوله تعالى: (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني حرملة بن عمران التّجيبيّ قال: سمعت محمّد بن عبد الملك بن مروان يقول: أخبرني من سمع معاوية بن أبي سفيان يقرأ هذه الآية: حرّم {على قريةٍ}). [الجامع في علوم القرآن: 3/48]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت سفيان بن عيينة يحدث عن عمرو ابن دينارٍ عن عبد اللّه بن عبّاسٍ أنّه قرأ: حرّم {على قريةٍ}؛ وقرأ: دارست؛ وقرأ: {في عينٍ حمئةٍ}.
قال عمرو: وسمعت عبد اللّه بن الزّبير يقول: إنّ صبيانًا هاهنا يقرؤون: وحرم، ويقرؤون: دارست، وإنما هي {درست}، ويقولون: {حمئةٍ}، وهي حامئةٍ). [الجامع في علوم القرآن: 3/58] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال أخبرني عمرو بن كيسان أن ابن عباس كان يقرؤها (دارست) تلوت خاصمت جادلت قال عمرو وسمعت ابن الزبير يقول إن صبيانا ها هنا يقرؤون (دارست) وإنما هي درست ويقرؤون (وحرْم على قرية أهلكناها) وإنما هي: {وحرام على قرية} ويقرأون {في عين حمئة} وإنما هي حامية قال عمرو وكان ابن عباس يخالفه في كلهن). [تفسير عبد الرزاق: 1/216] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن داود عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ في قوله: {على قريةٍ أهلكناها أنهم لا يرجعون} قال: لا يتوبون [الآية: 95]). [تفسير الثوري: 205]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون}.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {وحرامٌ} فقرأته عامّة قرّاء أهل الكوفة: ( وحرمٌ ) بكسر الحاء.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل المدينة والبصرة: {وحرامٌ} بفتح الحاء والألف.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان مشهورتان متّفقتا المعنى، غير مختلفتيه، وذلك أنّ الحرم هو الحرام والحرام هو الحرم، كما الحلّ هو الحلال، والحلال هو الحلّ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وكان ابن عبّاسٍ يقرؤه: " وحرم " بتأويل: وعزم
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي المعلّى، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، كان يقرؤها: " وحرمٌ على قريةٍ " قال: فقلت لسعيدٍ: أيّ شيءٍ حرم؟ قال: عزم.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي المعلّى، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، كان يقرؤها: " وحرم على قريةٍ " قلت لأبي المعلّى: ما الحرم؟ قال: عزم عليها.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: أنّه كان يقرأ هذه الآية: " حرم على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون " فلا يرجع منهم راجعٌ، ولا يتوب منهم تائبٌ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن عكرمة، قال: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون} قال: " لم يكن ليرجع منهم راجعٌ، حرامٌ عليهم ذاك ".
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا عيسى بن فرقدٍ، قال: حدّثنا جابرٌ الجعفيّ، قال: " سألت أبا جعفرٍ عن الرّجعة، فقرأ هذه الآية: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون} ".
فكأنّ أبا جعفرٍ وجّه تأويل ذلك إلى أنّه: وحرامٌ على أهل قريةٍ أمتناهم أن يرجعوا إلى الدّنيا.
والقول الّذي قاله عكرمة في ذلك أولى عندي بالصّواب، وذلك أنّ اللّه تعالى ذكره أخبر عن تفريق النّاس دينهم الّذي بعث به إليهم الرّسل، ثمّ أخبر عن صنيعه بمن عمل بما دعته إليه رسله من الإيمان به، والعمل بطاعته، ثمّ أتبع ذلك قوله: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون} فلأن يكون ذلك خبرًا عن صنيعه بمن أبى إجابة رسله، وعمل بمعصيته، وكفر به، أحرى، ليكون بيانًا عن حال القرية الأخرى الّتي لم تعمل الصّالحات، وكفرت به.
فإذ كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: حرامٌ على أهل قريةٍ أهلكناهم بطبعنا على قلوبهم، وختمنا على أسماعهم وأبصارهم، إذ صدّوا عن سبيلنا، وكفروا بآياتنا، أن يتوبوا، ويراجعوا الإيمان بنا، واتّباع أمرنا، والعمل بطاعتنا.
وإذ كان ذلك تأويل قول اللّه: وحرمٌ، وعزمٌ، على ما قال سعيدٌ، لم تكن ( لا ) في قوله: {أنّهم لا يرجعون} صلةً، بل تكون بمعنى النّفي، ويكون معنى الكلام: وعزمٌ منّا على قريةٍ أهلكناها أن لا يرجعوا عن كفرهم. وكذلك إذا كان معنى قوله: ( وحرمٌ ) ووجبه.
وقد زعم بعضهم أنّها في هذا الموضع صلةٌ، فإنّ معنى الكلام: وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أن يرجعوا، وأهل التّأويل الّذين ذكرناهم كانوا أعلم بمعنى ذلك منه). [جامع البيان: 16/394-397]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه قرأ وحرام على قرية). [الدر المنثور: 10/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن الزبير قال: إن صبيانا ههنا يقرؤون وحرم على قرية وإنما هي {وحرام على قرية} ). [الدر المنثور: 10/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرأ {وحرام على قرية} بالألف). [الدر المنثور: 10/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله: {وحرام على قرية أهلكناها} قال: وجب إهلاكها، قال: دمرناها {أنهم لا يرجعون} قال: إلى الدنيا). [الدر المنثور: 10/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس أنه كان يقرأ وحرم على قرية قال: وجب على قرية {أهلكناها أنهم لا يرجعون} كما قال: (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون) (يس آية 31).
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وسعيد بن جبير مثله). [الدر المنثور: 10/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقرأ هذا الحرف وحرم على قرية فقيل لسعيد: أي شيء حرم قال: يحرم). [الدر المنثور: 10/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن عكرمة وحرم قال: وجب {على قرية أهلكناها} قال: كتبنا عليها الهلاك في دينها {أنهم لا يرجعون} عما هم عليه). [الدر المنثور: 10/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة وحرم قال: وجب بالحبشية). [الدر المنثور: 10/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {وحرام على قرية} أي وجب عليها أنها إذا أهلكت لا ترجع إلى دنياها). [الدر المنثور: 10/372]
تفسير قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون قال من كل أكمة). [تفسير عبد الرزاق: 2/27]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة أن أبا سعيد الخدري قال إن الناس يحجون ويعتمرون بعد خروج يأجوج ومأجوج). [تفسير عبد الرزاق: 2/27-28]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن رجل عن حميد بن هلال عن أبي الصيف قال: قال كعب إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم وإذا كان الليل قالوا نجيء غدا فنفتح فنخرج فيعيده الله كما كان فيجيئون من الغد فيحفرون حتى يسمع الذي يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل قالوا نجيء غدا فنخرج فيجيئون من الغد فيجدونه من الغد قد أعاده الله كما كان فيحفرون حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل منهم فيقول نجيء غدا فنخرج إن شاء الله فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه فيحفرون ثم يخرجون فتمر الزمرة الأولى منهم بالبحيرة فيشربون ماءها ثم تمر الزمرة الثانية فيلحسون طينها ثم تمر الزمرة الثالثة فيقولون لقد كان مرة ها هنا ماء قال ويفر الناس منهم فلا يقوم لهم شيء ثم يرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مختضبة بالدماء فيقولون غلبنا أهل الأرض وأهل السماء فيدعو عليهم عيسى ابن مريم فيقول اللهم لا طاقة لنا بهم ولا يدين لنا بهم فاكفناهم بما شئت فيسلط الله عليهم دودا يقال له النغف فتفرس رقابهم ويبعث الله عليهم طيرا تأخذهم بمناقيرها فتلقيهم في البحر فيبعث الله غيثا يقال له الحياة يطهر الأرض وينبتها حتى إن الرمانة ليشبع منها السكن قيل وما السكن قال أهل البيت قال فبينا الناس كذلك إذا أتاهم الصريخ إن ذا السويقتين قد غزا البيت يريده فيبعث الله إليه عيسى ابن مريم طليعة سبع مائة أو بين السبع مائة والثماني مائة حتى إذا كان ببعض الطريق بعث الله ريحا يمانية طيبة فيقبض فيها روح كل مؤمن ثم يبقى عجاج من الناس يتسافدون كما تتسافد البهائم فمثل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه ينتظر ولادها حتى تضع فمن تكلف بعد قولي هذا شيئا أو بعد علمي هذا شيئا فهو متكلف). [تفسير عبد الرزاق: 2/28-29]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن أبي إسحاق عن وهب بن جابر الخيواني عن عبد الله بن عمرو قال ما يموت الرجل من يأجوج ومأجوج حتى يولد له من صلبه ألف رجل وإن من ورائهم لثلاث أمم ما يعلم عددهم إلا الله منسك وتأويل وتاريس). [تفسير عبد الرزاق: 2/29]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {وهم من كل حدب ينسلون} قال: الحدب الشيء اليابس من الأرض [الآية: 96]). [تفسير الثوري: 205]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج}
- أخبرنا عبيد الله بن إبراهيم، حدّثنا عمّي، حدّثنا أبي، عن صالحٍ، عن ابن شهابٍ، قال: حدّثني عروة بن الزّبير، أنّ زينب بنت أبي سلمة، أخبرت، عن أمّ حبيبة بنت أبي سفيان، عن زينب بنت جحشٍ، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم دخل عليها فزعًا يقول: «لا إله إلّا الله، ويلٌ للعرب، من شرٍّ قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه»، قال: وحلّق بأصبعه الإبهام والّتي تليها، فقلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصّالحون؟، قال: «نعم، إذا كثر الخبث»
- أخبرنا أبو داود، حدّثنا سهل بن حمّادٍ، حدّثنا شعبة، عن النّعمان بن سالمٍ، عن ابن عمرو بن أوسٍ، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ يأجوج ومأجوج لهم نساءٌ يجامعون ما شاءوا، وشجرٌ يلقّحون ما شاءوا، فلا يموت منهم رجلٌ إلّا ترك من ذرّيّته ألفًا فصاعدًا»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/186]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوجٌ وهم من كلّ حدبٍ ينسلون}.
يقول تعالى ذكره: حتّى إذا فتح عن يأجوج ومأجوج، وهما أمّتان من الأمم ردمهما كما؛
- حدّثني عصام بن روّاد بن الجرّاح، قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا سفيان بن سعيدٍ الثّوريّ، قال: حدّثنا منصور بن المعتمر، عن ربعيّ بن حراشٍ، قال: سمعت حذيفة بن اليمان، يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " أوّل الآيات: الدّجّال، ونزول عيسى، ونارٌ تخرج من قعر عدنٍ أبين، تسوق النّاس إلى المحشر، تقيل معهم إذا قالوا. والدّخان، والدّابّة، ثمّ يأجوج ومأجوج "، قال حذيفة: قلت: يا رسول اللّه، وما يأجوج ومأجوج؟ قال: " يأجوج ومأجوج أممٌ، كلّ أمّةٍ أربع مائة ألفٍ، لا يموت الرّجل منهم حتّى يرى ألف عينٍ تطرق بين يديه من صلبه، وهم ولد آدم، فيسيرون إلى خراب الدّنيا، يكون مقدّمتهم بالشّام، وساقتهم بالعراق، فيمرّون بأنهار الدّنيا، فيشربون الفرات والدّجلة، وبحيرة الطّبريّة، حتّى يأتوا بيت المقدس، فيقولون قد قتلنا أهل الدّنيا فقاتلوا من في السّماء، فيرمون بالنّشّاب إلى السّماء، فترجع نشّابهم مخضّبةً بالدّم، فيقولون: قد قتلنا من في السّماء، وعيسى والمسلمون بجبل طور سنين، فيوحي اللّه جلّ جلاله إلى عيسى: أن أحرز عبادي بالطّور وما يلي أيلة ثمّ إنّ عيسى يرفع يديه إلى السّماء، ويؤمّن المسلمون، فيبعث اللّه عليهم دابّةً يقال لها النّغف، تدخل من مناخرهم، فيصبحون موتى من حاقّ الشّام إلى حاقّ العراق، حتّى تنتن الأرض من جيفهم، ويأمر اللّه السّماء فتمطر كأفواه القرب، فتغسل الأرض من جيفهم ونتنهم، فعند ذلك طلوع الشّمس من مغربها ".
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، قال: " إنّ يأجوج ومأجوج يزيدون على سائر الإنس الضّعف، وإنّ الجنّ يزيدون على الإنس الضّعف، وإنّ يأجوج ومأجوج رجلان اسمهما يأجوج ومأجوج.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت وهب بن جابرٍ، يحدّث، عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّه قال: " إنّ يأجوج ومأجوج يمرّ أوّلهم بنهرٍ مثل دجلة، ويمرّ آخرهم فيقول: قد كان في هذا مرّةً ماءٌ. لا يموت رجلٌ منهم إلاّ ترك من ذرّيّته ألفًا فصاعدًا. وقال: من بعدهم ثلاث أممٍ، لا يعلم عددهم إلاّ اللّه: تاويل، وتاريس، وناسكٌ، أو منسكٌ، شكّ شعبة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابرٍ الخيوانيّ، قال: " سألت عبد اللّه بن عمرٍو، عن يأجوج، ومأجوج، أمن بني آدم هم؟ قال: نعم، ومن بعدهم ثلاث أممٍ، لا يعلم عددهم إلاّ اللّه: تاريس، وتاويل، ومنسكٌ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا سهل بن حمّادٍ أبو عتّابٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن النّعمان بن سالمٍ، قالا: سمعت نافع بن جبير بن مطعمٍ، يقول: قال عبد اللّه بن عمرٍو: " يأجوج ومأجوج لهم أنهارٌ يلغون ما شاءوا، ونساءٌ يجامعون ما شاءوا، وشجرٌ يلقمون ما شاءوا، ولا يموت رجلٌ إلاّ ترك من ذرّيّته ألفًا فصاعدًا ".
- حدّثنا محمّد بن عمارة، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا زكريّا، عن عامرٍ، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عبد اللّه بن سلامٍ، قال: " ما مات أحدٌ من يأجوج ومأجوج إلاّ ترك ألف ذرى فصاعدًا ".
- حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن عطيّة، قال: قال أبو سعيدٍ: " يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحدًا إلاّ قتلوه، إلاّ أهل الحصون، فيمرّون على البحيرة فيشربونها، فيمرّ المارّ فيقول: كأنّه كان هاهنا ماءٌ قال: فيبعث اللّه عليهم النّغف حتّى يكسر أعناقهم، فيصيروا خبالاً، فتقول أهل الحصون: لقد هلك أعداء اللّه، فيدلّون رجلاً لينظر، ويشترط عليهم إن وجدهم أحياءً أن يرفعوه، فيجدهم قد هلكوا قال: فينزل اللّه ماءً من السّماء فيقذف بهم في البحر، فتطهر الأرض منهم، ويغرس النّاس بعدهم الشّجر والنّخل، وتخرج الأرض ثمرتها كما كانت تخرج في زمن يأجوج ومأجوج ".
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد، قال: رأى ابن عبّاسٍ صبيانًا ينزو بعضهم على بعضٍ يلعبون، فقال ابن عبّاسٍ: " هكذا يخرج يأجوج ومأجوج.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم، قال: حدّثنا عمرو بن قيسٍ، قال: " بلغنا أنّ ملكًا، دون الرّدم يبعث خيلاً كلّ يومٍ يحرسون الرّدم، لا يأمن يأجوج ومأجوج أن تخرج عليهم، قال: فيسمعون جلبةً وأمرًا شديدًا ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن أبي إسحاق، أنّ عبد اللّه بن عمرٍو قال: " ما يموت الرّجل من يأجوج ومأجوج حتّى يولد له من صلبه ألفٌ رجل، وإنّ من ورائهم لثلاث أممٍ ما يعلم عددهم إلاّ اللّه: منسكٌ، وتاويل، وتاريس ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، عن عمرٍو البكاليّ، قال: " إنّ اللّه جزّأ الملائكة والإنس والجنّ عشرة أجزاءٍ، فتسعةٌ منهم الكروبيّون وهم الملائكة الّذي يحملون العرش، ثمّ هم أيضًا الّذين يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون. قال: ومن بقي من الملائكة لأمر اللّه ووحيه ورسالته. ثمّ جزّأ الإنس على عشرة أجزاءٍ، فتسعةٌ منهم الجنّ، لا يولد من الإنس ولدٌ إلاّ ولد من الجنّ تسعةٌ. ثمّ جزّأ الإنس على عشرة أجزاءٍ، فتسعةٌ منهم يأجوج ومأجوج، وسائر الناس جزءٌ ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج} قال: " أمّتان من وراء ردم ذي القرنين ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن غير واحدٍ، عن حميد بن هلالٍ، عن أبي الضيف، قال: قال كعبٌ: " إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا، حتّى يسمع الّذين يلونهم قرع فئوسهم، فإذا كان اللّيل قالوا: نجيء غدًا فنخرج، فيعيدها اللّه كما كانت، فيجيئون من الغد فيحفرون حتى يسمع الذين يلونهم قرع فئوسهم، فإذا كان الليل قالوا: نجىء غداً فنخرج. فيجيئون من الغد فيجدونه قد أعاده اللّه كما كان، فيحفرونه حتّى يسمع الّذين يلونهم قرع فئوسهم، فإذا كان اللّيل ألقى اللّه على لسان رجلٍ منهم يقول: نجيء غدًا، فنخرج إن شاء اللّه. فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه، فيحفرون، ثمّ يخرجون. فتمرّ الزّمرة الأولى بالبحيرة، فيشربون ماءها، ثمّ تمرّ الزّمرة الثّانية فيلحسون طينها، ثمّ تمرّ الزّمرة الثّالثة فيقولون: قد كان ههنا مرّةً ماءٌ. وتفرّ النّاس منهم، فلا يقوم لهم شيءٌ، يرمون بسهامهم إلى السّماء، فترجع مخضّبةً بالدّماء، فيقولون: غلبنا أهل الأرض وأهل السّماء.
فيدعو عليهم عيسى ابن مريم، فيقول: اللّهمّ لا طاقة ولا يدين لنا بهم، فاكفناهم بما شئت فيسلّط اللّه عليهم دودًا يقال له النّغف، فتفرس رقابهم، ويبعث اللّه عليهم طيرًا فتأخذهم بمناقيرها، فتلقيهم في البحر، ويبعث اللّه عينًا يقال لها الحياة، تطهّر الأرض منهم، وتنبتها، حتّى إنّ الرّمّانة ليشبع منها السّكن. قيل: وما السّكن يا كعب؟ قال: أهل البيت. قال: فبينا النّاس كذلك، إذ أتاهم الصّريخ أنّ ذا السّويقتين قد غزا البيت يريده، فيبعث عيسى طليعةً سبع مائةٍ، أو بين السّبع مائةٍ، والثّمان مائةٍ، حتّى إذا كانوا ببعض الطّريق بعث اللّه ريحًا يمانيّةً طيّبةً، فيقبض اللّه فيها روح كلّ مؤمنٍ، ثمّ يبقى عجاجٌ من النّاس يتسافدون كما تتسافد البهائم، فمثل السّاعة كمثل رجلٍ يطيف حول فرسه ينتظرها متى تضع. فمن تكلّف بعد قولي هذا شيئًا، أو على هذا شيئًا، فهو المتكلّف ".
- حدّثنا العبّاس بن الوليد البيروتيّ، قال: أخبرني أبي قال: سمعت ابن جابرٍ، قال: حدّثني محمّد بن جابرٍ الطّائيّ ثمّ الحمصيّ، ثني عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ الحضرميّ قال: حدّثني أبي أنّه سمع النّوّاس بن سمعان الكلابيّ يقول: " ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الدّجّال، وذكر أمره، وأنّ عيسى ابن مريم يقتله، ثمّ قال: " فبينا هو كذلك، أوحى اللّه إليه: يا عيسى، إنّي قد أخرجت عبادًا لي، لا يد لأحدٍ بقتالهم، فحرّز عبادي إلى الطّور فيبعث اللّه يأجوج ومأجوج، وهم من كلّ حدبٍ ينسلون، فيمرّ أحدهم على بحيرة طبريّة، فيشربون ما فيها، ثمّ ينزل آخرهم، فيقول: لقد كان بهذه ماءٌ مرّةً. فيحاصر نبيّ اللّه عيسى وأصحابه، حتّى يكون رأس الثّور يومئذٍ خيرًا لأحدهم من مائة دينارٍ لأحدكم، فيرغب نبيّ اللّه عيسى وأصحابه إلى اللّه، فيرسل اللّه عليهم النّغف في رقابهم، فيصبحون فرسى موت نفسٍ واحدةٍ، فيهبط نبيّ اللّه عيسى وأصحابه، فلا يجدون موضعًا إلاّ وقد ملأه زهمهم ونتنهم ودماؤهم، فيرغب نبيّ اللّه عيسى وأصحابه إلى اللّه، فيرسل عليهم طيرًا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء اللّه، ثمّ يرسل اللّه مطرًا لا يكنّ منه بيت مدرٍ ولا وبرٍ، فيغسل الأرض حتّى يتركها كالزّلقة.
وأمّا قوله: {وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في المعني به، فقال بعضهم: عني بذلك بنو آدم، أنّهم يخرجون من كلّ موضعٍ كانوا دفنوا فيه من الأرض، وإنّما عني بذلك الحشر إلى موقف النّاس يوم القيامة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {من كلّ حدبٍ} ينسلون قال: " جميع النّاس من كلّ مكانٍ جاءوا منه يوم القيامة، فهو حدبٌ ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} قال ابن جريجٍ: قال مجاهدٌ: " جميع النّاس من كلّ حدبٍ من مكان جاءوا منه يوم القيامة فهو حدبٌ ".
وقال آخرون: بل عني بذلك يأجوج، ومأجوج، وقوله: {وهم} كناية أسمائهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن سلمة بن كهيلٍ، قال: حدّثنا أبو الزّعراء، عن عبد اللّه، أنّه قال: " يخرج يأجوج ومأجوج فيمرحون في الأرض، فيفسدون فيها. ثمّ قرأ عبد اللّه: {وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} قال: ثمّ يبعث اللّه عليهم دابّةً مثل النّغف، فتلج في أسماعهم ومناخرهم، فيموتون منها، فتنتن الأرض منهم، فيرسل اللّه عزّ وجلّ ماءً، فيطهّر الأرض منهم.
والصّواب من القول في ذلك ما قاله الّذين قالوا: عني بذلك يأجوج ومأجوج، وأنّ قوله: {وهم} كنايةٌ عن أسمائهم، للخبر الّذي؛
- حدّثنا به ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، بن قتادة الأنصاريّ، ثمّ الظّفريّ، عن محمود بن لبيدٍ، أخي بني عبد الأشهل، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: " يفتح يأجوج ومأجوج، يخرجون على النّاس كما قال اللّه {من كلّ حدبٍ ينسلون} فيغشون الأرض ".
- حدّثني أحمد بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيم بن بشيرٍ، قال: أخبرنا العوّام بن حوشبٍ، عن جبلة بن سحيمٍ، عن مؤثرٍ، وهو ابن عفازة العبديّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما يذكر عن عيسى ابن مريم قال: " قال عيسى: عهد إليّ ربّي أنّ الدّجّال خارجٌ، وأنّه مهبطي إليه، فذكر أنّ معه قضيبين، فإذا رآني أهلكه اللّه. قال: فيذوب كما يذوب الرّصاص، حتّى إنّ الشّجر والحجر ليقول: يا مسلم، هذا كافرٌ فاقتله، فيهلكهم اللّه تبارك وتعالى، ويرجع النّاس إلى بلادهم وأوطانهم. فيستقبلهم يأجوج ومأجوج من كلّ حدبٍ ينسلون، لا يأتون على شيءٍ إلاّ أهلكوه، ولا يمرّون على ماءٍ إلاّ شربوه ".
- حدّثني عبيد بن إسماعيل الهبّاريّ قال: حدّثنا المحاربي، عن أصبغ بن زيدٍ، عن العوّام بن حوشبٍ، عن جبلة بن سحيمٍ، عن مؤثر بن عفازة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه.
وأمّا قوله: {من كلّ حدبٍ} فإنّه يعني: من كلّ شرفٍ ونشزٍ وأكمةٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {من كلّ حدبٍ ينسلون} يقول: " من كلّ شرفٍ يقبلون ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {من كلّ حدبٍ ينسلون} قال: " من كلّ أكمةٍ ".
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} قال: الحدب: " الشّيء المشرف ".
وقال الشّاعر: ( على الحداب تمور ).
........ = على الحداب تمور
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} قال: " هذا مبتدأ يوم القيامة ".
وأمّا قوله: {ينسلون} فإنّه يعني: أنّهم يخرجون مشاةً مسرعين في مشيهم كنسلان الذّئب، كما قال الشّاعر:
عسلان الذّئب أمسى قاربًا = برد اللّيل عليه فنسل). [جامع البيان: 16/397-408]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وهم من كل حدب ينسلون قال يعني جميع الناس من كل مكان جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب). [تفسير مجاهد: 415]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا شيبان عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال الإنس عشرة أجزاء فتسعة أجزاء يأجوج ومأجوج وسائر الناس جزء واحد). [تفسير مجاهد: 415]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، ثنا الحسن بن مكرمٍ، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ العوّام بن حوشبٍ، عن جبلة بن سحيمٍ، عن مؤثر بن غفارة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، قال: " لمّا أسري ليلة أسري بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لقي إبراهيم، وموسى، وعيسى فتذاكروا السّاعة فبدءوا بإبراهيم فسألوه عنها، فلم يكن عنده منها علمٌ، ثمّ موسى، فلم يكن عنده منها علمٌ، فتراجعوا الحديث إلى عيسى، فقال عيسى: " عهد اللّه إليّ فيما دون وجبتها فلا نعلمها، قال: فذكر من خروج الدّجّال، فأهبط فاقتله، ويرجع النّاس إلى بلادهم فيستقبلهم يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون، فلا يمرّون بماءٍ إلّا شربوه ولا يمرّون بشيءٍ إلّا أفسدوه فيجأرون إلى اللّه فيدعون اللّه فيميتهم فتجأر الأرض إلى اللّه من ريحهم ويجأرون إليّ، فأدعوا اللّه فيرسل السّماء بالماء فيحمل أجسامهم فيقذفها في البحر، ثمّ ينسف الجبال، وتمدّ الأرض مدّ الأديم فعهد اللّه إليّ إذا كان ذلك، فإنّ السّاعة من النّاس كالحامل المتمّ لا يدري أهلها متى تفجأهم بولادتها ليلًا أو نهارًا " قال عبد اللّه بن مسعودٍ: فوجدت تصديق ذلك في كتاب اللّه عزّ وجلّ {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون (96) واقترب الوعد الحقّ} [الأنبياء: 97] الآية، قال: وجميع النّاس من كلّ مكانٍ جاءوا منه يوم القيامة فهو حدبٌ «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه» فأمّا مؤثر فليس بمجهولٍ " قد روي عن عبد اللّه بن مسعودٍ والبراء بن عازبٍ وروى عنه جماعةٌ من التّابعين). [المستدرك: 2/416]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 96 - 97.
أخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {حتى إذا فتحت} خفيفة {يأجوج ومأجوج} مهموزة). [الدر المنثور: 10/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله: {وهم من كل حدب ينسلون} قال: جميع الناس من كان مكان جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب). [الدر المنثور: 10/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {من كل حدب ينسلون} قال: من كل أكمة). [الدر المنثور: 10/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {من كل حدب} قال: شرف {ينسلون} قال: يقبلون). [الدر المنثور: 10/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله قال له: أخبرني عن قوله: {من كل حدب ينسلون} قال: ينشرون من جوف الأرض من كل ناحية، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت طرفة وهو يقول:
فأما يومهم فيوم سوء * تخطفهن بالحدب الصقور). [الدر المنثور: 10/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج} قال: هذا مبتدأ يوم القيامة). [الدر المنثور: 10/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن ابن مسعود أنه قرأ من كل جدث بالجيم والثاء مثل قوله: {فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون} (يس آية 51) وهي القبور). [الدر المنثور: 10/373-374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد وأبو يعلى، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن حبان والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري: سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول: يفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس كما قال الله: {من كل حدب ينسلون} فيغشون الناس وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم ويضمون إليهم مواشيهم ويشربون مياه الأرض حتى يتركوه يبسا حتى أن بعضهم ليمر بذلك النهر فيقول: قد كان ههنا مرة ماء، حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أخذ في حصن أو مدينة قال قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم وبقي أهل السماء، قال: يهز أحدهم حربته ثم يرمي بها إلى السماء فترجع إليه مخضبة دما للبلاء والفتنة فبينما هم على ذلك إذ بعث الله دودا في أعناقهم كنغف الجراد يخرج في أعناقه فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس فيقول المسلمون: ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هذا العدو فيتجرد رجل منهم محتسبا نفسه قد أوطنها على أنه مقتول فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض فينادي معشر المسلمين أبشروا إن الله قد كفاكم عدوكم، فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ويسرحون مواشيهم فما يكون لها مرعى إلا لحومهم فتشكر عنه أحسن ما شكرت عن شيء من النبات أصابته قط). [الدر المنثور: 10/374-375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن مسعود عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى فتذاكروا أمر الساعة فردوا أمرهم إلى إبراهيم فقال: لا علم لي بها فردوا أمرهم إلى موسى فقال: لا علم لي بها فردوا أمرهم إلى عيسى فقال: أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله وفيما عهد إلي ربي أن الدجال خارج ومعي قضيبان فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص فيهلكه الله إذا رآني حتى أن الحجر والشجر يقول: يا مسلم إن تحتي كافرا فتعال فاقتله، فيهلكهم الله ثم يرجع الناس إلى بلادهم لا يأتون على شيء إلا أهلكوه ولا يمرون على ماء إلا شربوه ثم يرجع الناس يشكونهم فأدعو الله عليهم فيهلكهم ويميتهم حتى تجري الأرض من نتن ريحهم وينزل الله المطر فيجترف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر، وفيما عهد إلي ربي إذا كان ذلك أن الساعة كالحامل المتم لا يدري أهلها متى تفجأهم بولادتها ليلا أو نهارا، قال ابن مسعود: فوجدت تصديق ذلك في كتاب الله: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق} الآية، قال: جميع الناس من مكان كانوا جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب). [الدر المنثور: 10/375-376]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه من طريق خالد بن عبد الله بن حرملة عن حذيفة قال: خطب رسول الله صلى عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب فقال: إنكم تقولون لا عدو لكم وإنكم لا تزالون تقاتلون عدوا حتى يأتي يأجوج ومأجوج عراض الوجوه صغار العيون صهب الشفار من كل حدب ينسلون، كأن وجوههم المجان المطرقة). [الدر المنثور: 10/376-377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن أبي يزيد قال: رأى ابن عباس صبيانا ينزو بعضهم على بعض يلعبون فقال ابن عباس: هكذا يخرج يأجوج ومأجوج). [الدر المنثور: 10/377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في البعث عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله صلى عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه رفع حتى ظننا أنه في ناحية النخل فقال: غير الدجال أخوفني عليكم فإن خرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فكل إمرئ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم، إنه شاب جعد قطط عينه طافئة وإنه تخرج خيله بين الشام والعراق فعاث يمينا وشمالا يا عباد الله اثبتوا: قلنا: يا رسول الله ما لبثه في الأرض قال: أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر الأيام كأيامكم، قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي هو كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة قال: لا، أقدروا له قدره، قلنا: يا رسول الله ما أسرعه في الأرض قال: كالغيث يشتد به الريح فيمر بالحي فيدعوهم فيستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت وتروح عليهم سارحتهم وهي أطول ما كان درا وأمده خواصر وأشبعه ضروعا ويمر بالحي فيدعوهم فيردون عليه قوله فتتبعه أموالهم فيصبحون ممحلين ليس لهم من أموالهم شيء ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ويأمر برجل فيقتل فيضربه ضربة بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل إليه، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا يده على أجنحة ملكين فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب لد الشرقي فبينما هم كذلك أوحى الله إلى عيسى ابن مريم: أني قد أخرجت عبادا من عبادي لا يدان لك بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور، فيبعث الله يأجوج ومأجوج كما قال الله: {وهم من كل حدب ينسلون} فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل عليهم نغفا في رقابهم فيصبحون موتى كموت نفس واحدة فيهبط عيسى وأصحابه إلى الأرض فيجدون نتن ريحهم فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ويرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا بر أربعين يوما فتغسل الأرض حتى تتركها زلفة ويقال للأرض: أنبتي ثمرتك فيومئذ يأكل النفر من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر تكفي الفخذ والشاة من الغنم تكفي البيت فبينما هم على ذلك إذ بعث الله ريحا طيبة تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر وعليهم تقوم الساعة). [الدر المنثور: 10/377-380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: ذكر لنا أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لو نتجت فرس عند خروجهم ما ركب فلوها حتى تقوم الساعة). [الدر المنثور: 10/380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول الآيات: الدجال ونزول عيسى ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا وتبيت معهم إذا باتوا والدخان والدابة ويأجوج ومأجوج، قال حذيفة: قلت: يا رسول الله ما يأجوج ومأجوج قال: يأجوج ومأجوج أمم كل أمة أربعمائة ألف أمة، لا يموت الرجل منهم حتى يرى ألف عين تطوف بين يديه من صلبه وهم ولد آدم فيسيرون إلى خراب الدنيا ويكون مقدمتهم بالشام وساقتهم بالعراق فيمرون بأنهار الدنيا فيشربون الفرات ودجلة وبحيرة طبرية حتى يأتون بيت المقدس فيقولون: قد قتلنا أهل الدنيا فقاتلوا من في السماء فيرمون بالنشاب إلى السماء فترجع نشابتهم مخضبة بالدم فيقولون: قد قتلنا من في السماء، وعيسى والمسلمون بجبل طور سينين فيوحي الله إلى عيسى: أن أحرز عبادي بالطور وما يلي أيلة ثم إن عيسى يرفع يديه إلى السماء ويؤمن المسلمون فيبعث الله عليهم دابة يقال لها النغف، تدخل في مناخرهم فيصبحون موتى من حاق الشام إلى حاق المشرق حتى تنتن الأرض من جيفهم ويأمر الله السماء فتمطر كأفواه القرب فتغسل الأرض من جيفهم ونتنهم فعند ذلك طلوع الشمس من مغربها). [الدر المنثور: 10/380-381]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: يخرج يأجوج ومأجوج فيموجون في الأرض فيفسدون فيها، ثم قرأ ابن مسعود {وهم من كل حدب ينسلون} قال: ثم يبعث الله عليهم دابة مثل النغف فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها فتنتن الأرض منهم فيرسل الله ماء فيطهر الأرض منهم). [الدر المنثور: 10/381-382]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من طريق عطية قال: قال أبو سعيد: يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحدا إلا قتلوه إلا أهل الحصون فيمرون على البحيرة فيشربونها فيمر المار فيقول: كأنه كان ههنا ماء فيبعث الله عليهم النغف حتى يكسر أعناقهم فيصيروا خبالا فيقول أهل الحصون: لقد هلك أعداء الله، فيرسلون رجلا لينظر ويشرط عليهم إن وجدهم أحياء أن يرفعوه فيجدهم قد هلكوا، فينزل الله ماء من السماء فيقذف بهم في البحر فتطهر الأرض منهم ويغرس الناس بعدهم الشجر والنخل وتخرج الأرض ثمرها كما كانت تخرج في زمن يأجوج ومأجوج). [الدر المنثور: 10/382]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن كعب قال: إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا حتى يسمع الذي يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل قالوا: نجي غدا نخرج، فيعيده الله كما كان فيجيئون غدا فيحفرون حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل قالوا: نجي فنخرج فيجيئون من الغد فيجدونه قد أعاده الله تعالى كما كان فيحفرونه حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل منهم يقول: نجيء غدا فنخرج إن شاء الله، فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه فيخرقون ثم يخرجون فتمر الزمرة الأولى بالبحيرة فيشربون ماءها ثم تمر الزمرة الثانية فيلحسون طينها ثم تمر الزمرة الثالثة فيقولون: كان ههنا مرة ماء، ويفر الناس منهم ولا يقوم لهم شيء ويرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون: غلبنا أهل الأرض وأهل السماء فيدعو عليهم عيسى عليه السلام فيقول: اللهم لا طاقة ولا يد لنا بهم فاكفناهم بما شئت، فيرسل الله عليهم دودا يقال له: النغف فتقرس رقابهم ويبعث الله عليهم طيرا فتأخذهم بمناقيرها فتلقيهم في البحر ويبعث الله تعالى عينا يقال لها الحياة تطهر الأرض منهم وينبتها حتى أن الرمانة ليشبع منها السكن قيل: وما السكن يا كعب قال: أهل البيت، قال: فبينا الناس كذلك إذ أتاهم الصراخ أن ذا السويقتين أتى البيت يريده، فيبعث عيسى طليعة سبعمائة أو بين السبعمائة والثمانمائة حتى إذا كانوا ببعض الطريق يبعث الله ريحا يمانية طيبة فيقبض فيها روح كل مؤمن ثم يبقى محاح من الناس فيتسافدون كما تتسافد البهائم فمثل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه ينظرها متى تضع). [الدر المنثور: 10/382-384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ما كان منذ كانت الدنيا رأس مائة سنة إلا كان عند رأس المائة أمر، قال: فتحت يأجوج ومأجوج، وهم كما قال الله: {من كل حدب ينسلون} فيأتي أولهم على نهر عجاج فيشربونه كله حتى ما يبقى منه قطرة ويأتي آخرهم فيمر فيقول: قد كان ههنا مرة ماء فيفسدون في الأرض ويحاصرون المؤمنين في مدينة إليا فيقولن: لم يبق في الأرض أحد إلا قد ذبحناه، هلموا نرمي من في السماء، فيرمون في السماء فترجع إليهم سهامهم في نصلها الدم فيقولون: ما بقي في الأرض ولا في السماء أحد إلا وقد قتلناه، فيقول المؤمنون: يا روح الله ادع الله عليهم، فيدعو عليهم فيبعث الله في آذانهم النغف فيقتلهم جميعا في ليلة واحدة حتى تنتن الأرض من جيقهم فيقول المؤمنون: يا روح الله ادع الله فإنا نخشى أن نموت من نتن جيفهم، فيدعو الله فيرسل عليهم وابلا من السماء فيجعلهم سيلا فيقذفهم في البحر). [الدر المنثور: 10/384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن حذيفة رضي الله عنه قال: لو أن رجلا اقتنى فلوا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة). [الدر المنثور: 10/384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو يعلى، وابن المنذر عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليحجن هذا البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج). [الدر المنثور: 10/385]
تفسير قوله تعالى: (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واقترب الوعد الحقّ فإذا هي شاخصةٌ أبصار الّذين كفروا يا ويلنا قد كنّا في غفلةٍ من هذا بل كنّا ظالمين}.
يقول تعالى ذكره: حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج، اقترب الوعد الحقّ، وذلك وعد اللّه الّذي وعد عباده أنّه يبعثهم من قبورهم للجزاء والثّواب والعقاب، وهو لا شكّ حقٌّ، كما قال جلّ ثناؤه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم بن بشيرٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، يعني ابن قيسٍ، قال: حدّثنا حذيفة: " لو أنّ رجلاً، افتلى فلوًّا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتّى تقوم القيامة ".
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {واقترب الوعد الحقّ} قال: " اقترب يوم القيامة منهم ".
والواو في قوله: {واقترب الوعد الحقّ} مقحمةٌ، ومعنى الكلام: حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحقّ، وذلك نظير قوله: {فلمّا أسلما وتلّه للجبين وناديناه} معناه: ناديناه، بغير واو، كما قال امرؤ القيس:
فلمّا أجزنا ساحة الحيّ وانتحى = بنا بطن خبتٍ ذي حقافٍ عقنقل
يريد: فلمّا أجزنا ساحة الحيّ انتحى بنا
وقوله: {فإذا هي شاخصةٌ أبصار الّذين كفروا}
ففي ( هي ) الّتي في قوله: {فإذا هي} وجهان: أحدهما أن تكون كنايةً عن الأبصار، وتكون الأبصار الظّاهرة بيانًا عنها، كما قال الشّاعر:
لعمرو أبيها لا تقول ظعينتي = ألا فرّ عنّي مالك بن أبي كعبٍ
فكنّى عن الظّعينة في: لعمر أبيها، ثمّ أظهرها، فيكون تأويل الكلام حينئذٍ: فإذا الأبصار شاخصةٌ، أبصار الّذين كفروا.
والثّاني: أن تكون عمادًا، كما قال جلّ ثناؤه: {فإنّها لا تعمى الأبصار} وكقول الشّاعر:
فهل هو مرفوعٌ بما ههنا رأس
وقوله: {يا ويلنا قد كنّا في غفلةٍ من هذا} يقول تعالى ذكره: فإذا أبصار الّذين كفروا قد شخصت عند مجيء الوعيد الحقّ بأهواله، وقيام السّاعة بحقائقها، وهم يقولون: يا ويلنا قد كنّا قبل هذا الوقت في الدّنيا في غفلةٍ من هذا الّذي نرى ونعاين، ونزل بنا من عظيم البلاء. وفي الكلام متروكٌ ترك ذكره استغناءً بدلالة ما ذكر عليه عنه، وذلك ( يقولون ) من قوله: {فإذا هي شاخصةٌ أبصار الّذين كفروا} يقولون: {يا ويلنا}.
وقوله: {بل كنّا ظالمين} يقول مخبرًا عن قيل الّذين كفروا باللّه يومئذٍ: ما كنّا نعمل لهذا اليوم ما ينجينا من شدائده، بل كنّا ظالمين بمعصيتنا ربّنا، وطاعتنا إبليس وجنده في عبادة غير اللّه عزّ وجلّ). [جامع البيان: 16/408-410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {واقترب الوعد الحق} قال: اقترب يوم القيامة). [الدر المنثور: 10/385]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عن الربيع {واقترب الوعد الحق} قال: قامت عليهم الساعة). [الدر المنثور: 10/385]