قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (3) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (5)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((وربي لتأتينكم) [3] حسن على قراءة الذين قرؤوا: (عالم الغيب) بالرفع، وهم أبو جعفر وشيبة ونافع، وقرأ عاصم وأبو عمرو: (عالم الغيب). فعلى هذه القراءة لا يحسن الوقف على قوله (لتأتينكم). (إلا في كتاب مبين) حسن غير تام. (ورزق كريم) تام.)[إيضاح الوقف والابتداء: 2/845]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({الرحيم الغفور} تام.
{قل بلي وربي لتأتينكم} كاف لمن قرأ {عالم الغيب} بالرفع على خبر مبتدأ مضمر، تقديره: هو عالم الغيب. فإن رفع على الابتداء وجعل (لا يعزب عنه) خبره كان الوقف قبله تامًا.
حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا يحيى بن سلام قال: من قرأ بالرفع رجع إلى قوله: (وهو الرحيم الغفور، عالم الغيب). وبهذا لا يتم الوقف على (لتأتينكم) ولا يكفي. ومن قرأ بالخفض على النعت لقوله: (وربي) لم يقف على ذلك، ووقف على آخر الآية.
{ورزقٌ كريم} تام. وكذا الفواصل إلى قوله: {لكل عبد منيب}،)[المكتفى: 463]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): (بسم الله الرحمن الرحيم
{في الآخرة- 1- ط}. {يعرج فيها- 2- ط}. {الساعة- 3- ط}. {لتأتينكم- 3- ط}. لمن قرأ {عالم} بالرفع، أي: هو عالم، ومن خفض جعله نعتًا لـ {ربي} فلم يقف.
{الغيب- 3- ج} لأن قوله: {لا يعزب} يصلح حالاً واستئنافًا، على تقدير: يعلم الغيب غير عازب عنه.
{مبين- 3- لا} لتعلق اللام بقوله: {لا يعزب} تقديره: قدر في اللوح الأشياء لتحقيق الجزاء. وأبو حاتم يبتدئ، أي: ليجزين.
{الصالحات- 4- ط} لأن قوله: {أولئك} مبتدأ.
{رجز اليم- 5- } قد قيل لا وقف لأن {ويرى} عطف على {ليجزي}، ولا يصح؛ لأن الآية [في ذكر الكافرين
عارضة] بعد ذكر المؤمنين، بل {ويرى} إخبار مستأنف.)[علل الوقوف: 3/825-826]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (الحمد لله (حسن) إن جعل الذي في محل رفع على إضمار مبتدأ أو في موضع نصب بتقدير أعني وليس بوقف إن جرّ نعتًا لما قبله أو بدلاً منه وحكى سيبويه الحمد لله أهل الحمد برفع اللام ونصبها
وما في الأرض (حسن) ومثله في الآخرة
الخبير (كاف)
فيها (حسن)
الغفور (تام)
الساعة (جائز)
بلى ليس بوقف على المعتمد لاتصالها بالقسم ووقف نافع وحده على بلى وابتدأ وربي لتأتينكم.
ولتأتينكم (تام) لمن قرأ عالم بالرفع خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ والخبر لا يعزب وبالرفع قرأ نافع وابن عامر والوقف على لتأتينكم ويرفعان عالم على القطع والاستئناف وليس بوقف لمن قرأه بالجر نعتًا لربي أو بدلاً منه وبها قرأ حمزة والكسائي وابن كثير وأبو عمرو وعاصم وقرأ الأخوان علام الغيب بالخفض نعتًا لما قبله وعلى هذا لا يوقف على لتأتينكم
الغيب (كاف) على القراءتين لأنَّ ما بعده يصلح استئنافًا وحالاً أي يعلم الغيب غير عازب.
ولا أكبر (حسن) عند بعضهم سواء رفع عطفًا على مثقال أو جر عطفًا على ذرة وأصغر وأكبر لا ينصرفان للوصف ووزن الفعل والاستثناء منقطع لأنَّه لو جعل متصلاً بالكلام الأول فسد المعنى لأنَّ الاستثناء من النفي إثبات وإذا كان كذلك وجب أن لا يعزب عن الله مثقال ذرة وأصغر وأكبر منهما إلا في الحالة التي استثناها وهي إلا في كتاب مبين وهذا فاسد والصحيح أنَّ الابتداء بإلاَّ بتقدير الواو نحو وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا إلا خطأ فإلاَّ بمعنى الواو إذ لا يجوز للمؤمن قتل المؤمن عمدًا ولا خطأ وقرأ الكسائي يعزب بكسر الزاي هنا وفي يونس والباقون بضمها وهما لغتان في مضارع عزب ويقال للغائب عن أهله عازب وفي الحديث من قرأ القرآن في أربعين يومًا فقد عزب أي بعد عهده بالختمة أي أبطأ في تلاوته والمعنى وما يبعد أو ما يخفى وما يغيب عن ربك ومن مثقال فاعل ومن زائدة فيه ومثقال اسم لا.
في كتاب مبين (تام) واللام في ليجزي لام القسم أي ليجزين وليس بوقف لمن جعلها متعلقة بقوله لتأتينكم أي لتأتينكم ليجزي وعليه فلا يوقف على
لتأتينكم سواء قرئ عالم بالرفع أو بالخفض.
وعملوا الصالحات (كاف) لأنَّ أولئك مبتدأ.
كريم (تام) ومثله أليم سواء قرئ بالرفع نعتًا لعذاب وهي قراءة ابن كثير وحفص أو بالجر وهي قراءة الباقين نعت لرجز.)[منار الهدى: 311-312]
- أقوال المفسرين