العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الحجر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الأولى 1434هـ/22-03-2013م, 11:03 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الحجر [ من الآية (1) إلى الآية (9) ]

{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 12:57 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الر تلك آيات الكتاب وقرآنٍ مبينٍ}.
أما قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه {الر} فقد تقدم بياننا فيما مضى قبل
وأمّا قوله: {تلك آيات الكتاب} فإنّه يعني: هذه الآيات، آيات الكتب الّتي كانت قبل القرآن كالتّوراة والإنجيل {وقرآنٍ} يقول: وآيات قرآنٍ {مبينٍ} يقول: يبيّن لمن تأمّله وتدبّره رشده وهداه، كما؛
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وقرآنٍ مبينٍ} قال: " تبيّن واللّه هداه ورشده وخيره "
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن مجاهدٍ: {الر} فواتح يفتتح الله بها كلامه " {تلك آيات الكتاب} قال: " التّوراة والإنجيل "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا هشامٌ، عن عمرٍو، عن سعيدٍ، عن قتادة في قوله: {الر تلك آيات الكتاب} قال: " الكتب الّتي كانت قبل القرآن "). [جامع البيان: 14/5-6]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 1 - 2.
أخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {الر} و{الم} قال: فواتح يفتتح بها كلامه {تلك آيات الكتاب} قال التوراة والإنجيل). [الدر المنثور: 8/584]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {الر تلك آيات الكتاب} قال: الكتب التي كانت قبل القرآن {وقرآن مبين} قال: مبين والله هداه ورشده وخيره). [الدر المنثور: 8/584]

تفسير قوله تعالى: (رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني معاذ بن فضالة عن هشام بن حماد قال: سألت إبراهيم عن هذه الآية: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}؛ قال: حدثت أن أهل الشرك قالوا لمن دخل النار من أهل الإسلام: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون، قال: فيغضب الله لهم فيقول الملائكة والنبيين: أشفعوا، قال: فيشفعون لهم فيخرجون حتى إن إبليس يتطاول ورجاء أن يخرج معهم، فعند ذلك {يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}). [الجامع في علوم القرآن: 1/31]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن حماد عن إبراهيم في قوله تعالى ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين قال إن أهل النار يقولون كنا أهل شرك وكفر فما شأن هؤلاء الموحدين ما أغنى عنهم عبادتهم إياه قال فيخرج من النار من كان فيها من المسلمين قال فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين). [تفسير عبد الرزاق: 1/345]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن حماد عن إبراهيم وعن خصيف عن مجاهد قالا يقول أهل النار للموحدين ما أغنى عنكم إيمانكم قال فإذا قالوا قال الله أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة فعند ذلك ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين قال يوم القيامة). [تفسير عبد الرزاق: 1/345]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرني عثمان بن عبد الله، قال: حدّثني محمّد بن عبّادٍ المكّيّ، حدّثنا حاتم بن إسماعيل، حدّثنا أبو الحسن الصّيرفيّ وهو بسّامٌ، عن يزيد بن صهيبٍ الفقير، قال: كنّا عند جابرٍ فذكر الخوارج قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إنّ ناسًا من أمّتي يعذّبون بذنوبهم، فيكونون في النّار ما شاء الله أن يكونوا، ثمّ يعيّرهم أهل الشّرك فيقولون لهم: ما نرى ما كنتم تخالفونا فيه من تصديقكم وإيمانكم نفعكم، لما يريد الله أن يري أهل الشّرك من الحسرة، فما يبقى موحدٌ إلّا أخرجه الله " ثمّ تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} [الحجر: 2]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/141]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}
اختلفت القرّاء في قراءة قوله {ربما} فقرأت ذلك عامّة قرّاء أهل المدينة وبعض الكوفيّين {ربما} بتخفيف الباء، وقرأته عامّة قرّاء الكوفة والبصرة بتشديدها.
والصّواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إنّهما قراءتان مشهورتان، ولغتان معروفتان بمعنًى واحدٍ، قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما أئمّةٌ من القرّاء، فبأيّتهما قرأ القارئ فهو مصيبٌ.
واختلف أهل العربيّة في معنى " ما " الّتي مع " ربّ "، فقال بعضنحويّي البصرة: أدخل مع " ربّ " " ما " ليتكلّم بالفعل بعدها، وإن شئت جعلت " ما " بمنزلة شيءٍ، فكأنّك قلت: ربّ شيءٍ يودّ: أي ربّ ودٍّ يودّه الّذين كفروا.
وقد أنكر ذلك من قوله بعض نحويّي الكوفة، وقال: المصدر لا يحتاج إلى عائدٍ، والودّ قد وقع على " لو "، ربّما يودّون لو كانوا: أن يكونوا قال: وإذا أضمر الهاء في " لو " ليس بمفعولٍ، وهو موضع المفعول، ولا ينبغي أن يترجم المصدر بشيءٍ، وقد ترجمه بشيءٍ، ثمّ جعله ودًّا، ثمّ أعاد عليه عائدًا فكان الكسائيّ والفرّاء يقولان: لا تكاد العرب توقع " ربّ " على مستقبلٍ، وإنّما يوقعونها على الماضي من الفعل كقولهم: ربّما فعلت كذا، وربّما جاءني أخوك، قالا: وجاء في القرآن مع المستقبل: ربّما يودّ، وإنّما جاز ذلك لأنّ ما كان في القرآن من وعدٍ ووعيدٍ وما فيه، فهو حقٌّ كأنّه عيانٌ، فجرى الكلام فيما لم يكن بعد مجراه فيما كان، كما قيل: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربّهم}، وقوله: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت}، كأنّه ماضٍ وهو منتظرٌ لصدقه في المعنى، وأنّه لا مكذّب له، وأنّ القائل لا يقول إذا نهى أو أمر فعصاه المأمور، يقول: أما واللّه لربّ ندامةٍ لك تذكر قولي فيها لعلمه بأنّه سيندم، واللّه ووعده أصدق من قول المخلوقين.
وقد يجوز أن يصحب " ربّما " الدّائم وإن كان في لفظ يفعل، يقال: ربّما يموت الرّجل فلا يوجد له كفنٌ، وإنّ أوّلت الأسماء كان معها ضمير كان، كما قال أبو دؤادٍ:
ربّما الجامل المؤبّل فيهم = وعناجيج بينهنّ المهار
فتأويل الكلام: ربّما يودّ الّذين كفروا باللّه فجحدوا وحدانيّته لو كانوا في دار الدّنيا مسلمين كما؛
- حدّثنا عليّ بن سعيد بن مسروقٍ الكنديّ، قال: حدّثنا خالد بن نافعٍ الأشعريّ، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: بلغنا أنّه: " إذا كان يوم القيامة، واجتمع أهل النّار في النّار، ومعهم من شاء اللّه من أهل القبلة، قال الكفّار لمن في النّار من أهل القبلة: ألستم مسلمين؟ قالوا: بلى، قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم، وقد صرتم معنا في النّار؟ قالوا: كانت لنا ذنوبٌ فأخذنا بها، فسمع اللّه ما قالوا، فأمر بكلّ من كان من أهل القبلة في النّار فأخرجوا، فقال من في النّار من الكفّار: يا ليتنا كنّا مسلمين " ثمّ قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {الر تلك آيات الكتاب وقرآنٍ مبينٍ. ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عمرو بن الهيثم أبو قطنٍ القطعيّ، وروحٌ القيسيّ، وعفّان بن مسلمٍ، واللّفظ لأبي قطنٍ قالوا: حدّثنا القاسم بن الفضل بن عبيد اللّه بن أبي جروة، قال: كان ابن عبّاسٍ، وأنس بن مالكٍ يتأوّلان هذه الآية: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} قالا: " ذلك يوم يجمع اللّه أهل الخطايا من المسلمين والمشركين في النّار " وقال عفّان: حين يحبس أهل الخطايا من المسلمين والمشركين، فيقول المشركون: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون زاد أبو قطنٍ: قد جمعنا وإيّاكم، وقال أبو قطنٍ، وعفّان: فيغضب اللّه لهم بفضل رحمته، ولم يقله روح بن عبادة وقالوا جميعًا: فيخرجهم اللّه، وذلك حين يقول: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "
- حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا أبو عوانة، قال: حدّثنا عطاء بن السّائب، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: " يدخل الجنّة ويرحم، حتّى يقول في آخر ذلك: " من كان مسلمًا فليدخل الجنّة " قال: فذلك قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} ذلك يوم القيامة، يتمنّى الّذين كفروا لو كانوا موحّدين "
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن سلمة بن كهيلٍ، عن أبي الزّعراء، عن عبد اللّه، في قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: " هذا في الجهنّميّين إذا رأوهم يخرجون من النّار "
- حدّثني المثنّى قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا القاسم قال: حدّثنا ابن أبي جروة العبديّ، أنّ ابن عبّاسٍ، وأنس بن مالكٍ كانا يتأوّلان هذه الآية: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} يتأوّلانها " يوم يحبس اللّه أهل الخطايا من المسلمين مع المشركين في النّار، قال: فيقول لهم المشركون: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون في الدّنيا، قال: فيغضب اللّه لهم بفضل رحمته، فيخرجهم، فذلك حين يقول: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: " ما يزال اللّه يدخل الجنّة، ويرحم ويشفع حتّى يقول: " من كان من المسلمين فليدخل الجنّة " فذلك قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن هشامٍ الدّستوائيّ، قال: حدّثنا حمّادٌ، قال: سألت إبراهيم عن هذه الآية: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: حدّثت أنّ المشركين قالوا لمن دخل النّار من المسلمين: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون؟ قال: فيغضب اللّه لهم، فيقول للملائكة والنّبيّين: " اشفعوا " فيشفعون، فيخرجون من النّار، حتّى إنّ إبليس ليتطاول رجاء أن يخرج معهم، قال: فعند ذلك يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا حجّاجٌ قال: حدّثنا حمّادٌ، عن إبراهيم أنّه قال في قول اللّه عزّ وجلّ: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: " يقول من في النّار من المشركين للمسلمين: ما أغنت عنكم لا إله إلاّ اللّه؟ قال فيغضب اللّه لهم، فيقول: " من كان مسلمًا فليخرج من النّار " قال: فعند ذلك: {يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن حمّادٍ، عن إبراهيم في قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: " إنّ أهل النّار يقولون: كنّا أهل شركٍ وكفرٍ، فما شأن هؤلاء الموحّدين، ما أغنى عنهم عبادتهم إيّاه؟ قال: فيخرج من النّار من كان فيها من المسلمين قال: فعند ذلك {يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "
- حدّثنا الحسن بن يحيى، أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، وعن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، قالا: " يقول أهل النّار للموحّدين: ما أغنى عنكم إيمانكم؟ قال: فإذا قالوا ذلك قال: أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرّةٍ فعند ذلك قوله {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا مسلمٌ قال: حدّثنا هشامٌ، عن حمّادٍ قال: سألت إبراهيم عن قول اللّه عزّ وجلّ: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: " الكفّار يعيّرون أهل التّوحيد: ما أغنى عنكم لا إله إلاّ اللّه؟ فيغضب اللّه لهم، فيأمر النّبيّين والملائكة فيشفعون، فيخرج أهل التّوحيد من النار، حتّى إنّ إبليس ليتطاول رجاء أن يخرج، فذلك قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا عبد السّلام، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، قال: " هذا في الجهنّميّين، إذا رأوهم يخرجون من النّار {يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج بن المنهال، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عطاء بن السّائب، عن مجاهدٍ، قال: إذا فرغ اللّه من القضاء بين خلقه، قال: من كان مسلمًا فليدخل الجنّة فعند ذلك {يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني الحسن، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: " يوم القيامة ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب بن عطاءٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: " فيها وجهان اثنان، يقولون: إذا حضر الكافر الموت ودّ لو كان مسلمًا.
ويقول آخرون: بل يعذّب اللّه ناسًا من أهل التّوحيد في النّار بذنوبهم، فيعرفهم المشركون فيقولون: ما أغنت عنكم عبادة ربّكم وقد ألقاكم في النّار؟ فيغضب لهم فيخرجهم، فيقول: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، في قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: " نزلت في الّذين يخرجون من النّار "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} " وذلك واللّه يوم القيامة، ودّوا لو كانوا في الدّنيا مسلمين "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: " {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " ما يزال اللّه يدخل الجنّة ويشفّع حتّى يقول: من كان من المسلمين فليدخل الجنّة فذلك حين يقول: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} "). [جامع البيان: 14/6-13]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين قال ذلك يوم القيامة). [تفسير مجاهد: 339]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن محمّدٍ العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " ما يزال اللّه يشفع، ويدخل الجنّة، ويرحم ويشفّع حتّى يقول: من كان من المسلمين، فليدخل الجنّة، فذاك حين يقول {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} [الحجر: 2] «هذا حديثٌ صحيحٌ الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/384]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : ( {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} [الحجر: 2].
- عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " «إذا اجتمع أهل النّار في النّار ومعهم من شاء اللّه من أهل القبلة قال الكفّار للمسلمين: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى، قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النّار؟ قالوا: كانت لنا ذنوبٌ فأخذنا بها. فسمع اللّه ما قالوا، فأمر من كان في النّار من أهل القبلة فأخرجوا، فلمّا رأى ذلك من بقي من الكفّار في النّار قالوا: يا ليتنا كنّا مسلمين فنخرج كما خرجوا ". ثمّ قرأ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم {الر تلك آيات الكتاب وقرآنٍ مبينٍ - ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} [الحجر: 1 - 2]».
رواه الطّبرانيّ، وفيه خالد بن نافعٍ الأشعريّ، قال أبو داود: متروكٌ، قال الذّهبيّ: هذا تجاوزٌ في الحدّ، فلا يستحقّ التّرك، فقد حدّث عنه أحمد بن حنبلٍ وغيره، وبقيّة رجاله ثقاتٌ.
- وعن زكريّا بن يحيى صاحب العصب قال: «سألت أبا غالبٍ عن قوله تعالى: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} [الحجر: 2] فقال: حدّثني أبو أمامة عن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - أنّه قال: " نزلت في الخوارج حين رأوا تجاوز اللّه عن المسلمين وعن الأئمّة والجماعة، قالوا: يا ليتنا كنّا مسلمين».
رواه الطّبرانيّ، وزكريّا والرّاوي عنه لم أعرفهما). [مجمع الزوائد: 7/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}
أخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قالوا: ود المشركون يوم بدر حين ضربت أعناقهم حين عرضوا على النار أنهم كانوا مؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 8/584-585]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ربما يود الذين كفروا} قال: ذلك يوم القيامة يتمنى الذين كفروا {لو كانوا مسلمين} قال: موحدين). [الدر المنثور: 8/585]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: هذا في الجهنميين، إذا رأوهم يخرجون من النار). [الدر المنثور: 8/585]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وهناد بن السرى في الزهد، وابن جرير، وابن المنذر والحاكم في صححه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما زال الله يشفع ويدخل الجنة ويشفع ويرحم حتى يقول: من كان مسلما فليدخل الجنة، فذلك قوله: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}). [الدر المنثور: 8/585]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن عباس وأنس رضي الله عنهما أنهما تذاكرا هذه الآية {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} فقالا: هذا حيث يجمع الله بين أهل الخطايا من المسلمين والمشركين في النار فيقول المشركون: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون، فيغضب الله لهم فيخرجهم بفضل رحمته). [الدر المنثور: 8/585]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وهناد والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: إذا خرج من النار من قال: لا إله إلا الله). [الدر المنثور: 8/586]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني في الأوسط، وابن مردويه بسند صحيح، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ناسا من أمتي يعذبون بذنوبهم فيكونون في النار ما شاء الله أن يكونوا ثم يعيرهم أهل الشرك فيقولون: ما نرى ما كنتم فيه من تصديقكم نفعكم، فلا يبقى موحد إلا أخرجه الله تعالى من النار ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} ). [الدر المنثور: 8/586]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي عاصم في السنة، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة قال الكفار للمسلمين: ألم تكونوا مسلمين قالوا: بلى، قالوا: فما أغنى عنكم الإسلام وقد صرتم معنا في النار قالوا: كانت لنا ذنوب فأخذنا بها، فسمع الله ما قالوا فأمر بكل من كان في النار من أهل القبلة فأخرجوا فلما رأى ذلك من بقي من الكفار قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين فنخرج كما خرجوا ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم {الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين (1) ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}). [الدر المنثور: 8/586-587]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن راهويه، وابن حبان والطبراني، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري أنه سئل: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية شيئا {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: نعم سمعته يقول: يخرج الله أناسا من المؤمنين من النار بعدما يأخذ نقمته منهم لما أدخلهم الله النار مع المشركين قال لهم المشركون: ألستم كنتم تزعمون أنكم أولياء الله في الدنيا فما بالكم معنا في النار فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة لهم فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون حتى يخرجوا بإذن الله فإذا رأى المشركون ذلك قالوا: يا ليتنا كنا مثلهم فتدركنا الشفاعة فنخرج معهم، فذلك قول الله: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: فيسمون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم فيقولون: يا ربنا أذهب عنا هذا الاسم فيأمرهم فيغتسلون في نهر الجنة فيذهب ذلك الاسم عنهم). [الدر المنثور: 8/587]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد بن السرى والطبراني في الأوسط وأبو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ناسا من أهل لا إله إلا الله يدخلون النار بذنوبهم فيقول لهم أهل اللات والعزى: ما أغنى عنكم قول لا إله إلا الله وأنتم معنا في النار فيغضب الله لهم فيخرجهم فيلقيهم في نهر الحياة فيبرؤون من حرقهم كما يبرأ القمر من خسوفه فيدخلون الجنة ويسمون فيها الجهنميين). [الدر المنثور: 8/587-588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أول من يأذن الله عز وجل له يوم القيامة في الكلام والشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم فيقال له: قل تسمع وسل تعطه، قال: فيخر ساجدا فيثني على الله ثناء لم يثن عليه أحد فيقال: ارفع رأسك، فيرفع رأسه فيقول: أي رب أمتي، أمتي، فيخرج له ثلث من في النار من أمته ثم يقال: قل تسمع وسل تعط، فيخر ساجدا فيثني على الله ثناء لم يثنه أحد، فيقال: ارفع رأسك، فيرفع رأسه ويقول: أي رب أمتي، أمتي، فيخرج له ثلث آخر من أمته ثم يقال له: قل تسمع وسل تعط، فيخر ساجدا فيثني على الله ثناء لم يثنه أحد، فيقال: ارفع رأسك، فيرفع رأسه ويقول: رب أمتي، أمتي، فيخرج له الثلث الباقي، فقيل للحسن: إن أبا حمزة يحدث بكذا وكذا، فقال: يرحم الله أبا حمزة نسي الرابعة، قيل وما الرابعة قال: من ليست له حسنة إلا لا إله إلا الله، فيقول: رب أمتي، أمتي، فيقال له: يا محمد هؤلاء ينجيهم الله برحمته حتى لا يبقى أحد ممن قال لا إله إلا الله فعند ذلك يقول أهل جهنم (ما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين) وقوله: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} ). [الدر المنثور: 8/588-589]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: يقوم نبيكم رابع أربعة فيشفع فلا يبقى في النار إلا ما شاء الله من المشركين فذلك قوله: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} ). [الدر المنثور: 8/589]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن شاهين في السنة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أصحاب الكبائر من موحدي الأمم كلها الذين ماتوا على كبائرهم غير نادمين ولا تائبين من دخل منهم جهنم لا تزرق أعينهم ولا تسود وجوههم ولا يقرنون بالشياطين ولا يغلون بالسلاسل ولا يجرعون الحميم ولا يلبسون القطران حرم الله أجسادهم على الخلود من أجل التوحيد وصورهم على النار من أجل السجود فمنهم من تأخذه النار إلى قدميه ومنهم من تأخذه النار إلى عقبيه ومنهم من تأخذه النار إلى فخذيه ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه على قدر ذنوبهم وأعمالهم ومنهم منن يمكث فيها شهرا ثم يخرج منها ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج منها وأطولهم فيها مكثا بقدر الدنيا منذ يوم خلقت إلى أن تفنى فإذا أراد الله أن يخرجهم منها قالت اليهود والنصارى ومن في النار من أهل الأديان والأوثان لمن في النار من أهل التوحيد: آمنتم بالله وكتبه ورسله فنحن وأنتم اليوم في النار سواء، فيغضب الله لهم غضبا لم يغضبه لشيء فيما مضى فيخرجهم إلى عين بين الجنة والصراط فينبتون فيها نبات الطراثيث في حميل السيل ثم يدخلون الجنة، مكتوب في جباههم: هؤلاء الجهنميون عتقاء الرحمن، فيمكثون في الجنة ما شاء الله أن يمكثوا ثم يسألون الله تعالى أن يمحو ذلك الاسم عنهم فيبعث الله ملكا فيمحوه ثم يبعث الله ملائكة معهم مسامير من نار فيطبقونها على من بقي فيها يسمرونها بتلك المسامير فينساهم الله على عرشه ويشتغل عنهم أهل الجنة بنعيمهم ولذاتهم، وذلك قوله: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} ). [الدر المنثور: 8/589-590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن زكريا بن يحيى صاحب القضيب قال: سألت أبا غالب رضي الله عنه عن هذه الآية {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} فقال: حدثني أبو أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها نزلت في الخوارج حين رأوا تجاوز الله عن المسلمين وعن هذه الأمة والجماعة قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين). [الدر المنثور: 8/590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم في الكنى عن حماد رضي الله عنه قال: سألت إبراهيم عن هذه الآية {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: حدثت أن أهل الشرك قالوا لمن دخل النار من أهل الإسلام: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون، فيغضب الله لهم فيقول للملائكة والنبيين: اشفعوا لهم، فيشفعون لهم فيخرجون حتى إن إبليس ليتطاول رجاء أن يدخل معهم فعند ذلك {يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} ). [الدر المنثور: 8/590-591]

تفسير قوله تعالى: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذرهم يأكلوا ويتمتّعوا ويلههم الأمل، فسوف يعلمون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ذر يا محمّد هؤلاء المشركين يأكلوا في هذه الدّنيا ما هم آكلوه، ويتمتّعوا من لذّاتها وشهواتهم فيها إلى أجلهم الّذي أجّلت لهم، ويلههم الأمل عن الأخذ بحظّهم من طاعة اللّه فيها، وتزوّدهم لمعادهم منها بما يقرّبهم من ربّهم، فسوف يعلمون غدًا إذا وردوا عليه وقد هلكوا على كفرهم باللّه وشركهم، حين يعاينون عذاب اللّه، أنّهم كانوا من تمتّعهم بما كانوا يتمتّعون فيها من اللّذّات والشّهوات كانوا في خسارٍ وتبابٍ). [جامع البيان: 14/13-14]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية - 3.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا} الآية، قال: هؤلاء الكفرة). [الدر المنثور: 8/591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله: {ذرهم} قال: خل عنهم). [الدر المنثور: 8/591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد والطبراني في الأوسط، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لا أعلمه إلا رفعه، قال: صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين ويهلك آخرها بالبخل والأمل). [الدر المنثور: 8/591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس عودا بين يديه وآخر إلى جنبه وآخر بعده، قال: أتدرون ما هذا قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن هذا الإنسان وهذا أجله وهذا أمله فيتعاطى الأمل فيختلجه الأجل دون ذلك). [الدر المنثور: 8/591-592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الأمل، وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: مثل الإنسان والأمل والأجل فمثل الأجل إلى جانبه والأمل أمامه فبينما هو يطلب الأمل إذ أتاه الأجل فاختلجه). [الدر المنثور: 8/592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم خط خطوطا وخط خطا منها ناحية فقال: أتدرون ما هذا، هذا مثل ابن آدم وذاك الخط الأمل فبينما هو يؤمل إذ جاءه الموت). [الدر المنثور: 8/592]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال غيره: {كتابٌ معلومٌ} [الحجر: 4] : «أجلٌ» ). [صحيح البخاري: 6/80]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله كتاب معلوم أجلٌ كذا لأبي ذرٍّ فأوهم أنّه من تفسير مجاهدٍ ولغيره وقال غيره كتابٌ معلومٌ أجلٌ وهو تفسير أبي عبيدة قال في قوله إلّا ولها كتاب معلوم أي أجلٌ ومدّةٌ معلومٌ أي مؤقّتٌ). [فتح الباري: 8/379]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال غيره كتابٌ معلومٌ أجلٌ
أي: قال غير ابن عبّاس في تفسير، قوله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلاّ ولها كتاب معلوم} (الحجر: 4) أي: أجل، وفي التّفسير: أجل موقت قد كتبناه لهم لا نعذبهم ولا نهلكم حتّى يبلغوه، وهكذا وقع في رواية أبي ذر كما ذكره البخاريّ). [عمدة القاري: 19/7]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال غيره) غير ابن عباس في قوله تعالى: ({إلا ولها كتاب معلوم}) [الحجر: 4] أي (أجل) أي أن الله تعالى لا يهلك أهل قرية إلا ولها أجل مقدر كتب في اللوح المحفوظ أو كتاب مختص به). [إرشاد الساري: 7/191]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما أهلكنا من قريةٍ إلاّ ولها كتابٌ معلومٌ}
يقول تعالى ذكره: {وما أهلكنا} يا محمّد {من} أهل {قريةٍ} من أهل القرى الّتي أهلكنا أهلها فيما مضى {إلاّ ولها كتابٌ معلومٌ} يقول: إلاّ ولها أجلٌ مؤقّتٌ ومدّةٌ معروفةٌ، لا نهلكهم حتّى يبلغوها، فإذا بلغوها أهلكناهم عند ذلك، فيقول لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فكذلك أهل قريتك الّتي أنت منها وهي مكّة، لا نهلك مشركي أهلها إلاّ بعد بلوغ كتابهم أجله، لأنّ من قضائي أن لا أهلك أهل قريةٍ إلاّ بعد بلوغ كتابهم أجله). [جامع البيان: 14/14]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 4 - 5.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم} قال: أجل معلوم وفي قوله: {ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون} قال: لا مستأخر بعده). [الدر المنثور: 8/592]

تفسير قوله تعالى: (مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما تسبق من أمّةٍ أجلها وما يستأخرون}.
يقول تعالى ذكره: ما يتقدّم هلاك أمّةٍ قبل أجلها الّذي جعله اللّه أجلاً لهلاكها، ولا يستأخر هلاكها عن الأجل الّذي جعل لها أجلاً، كما؛
- حدّثني المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، في قوله: {ما تسبق من أمّةٍ أجلها وما يستأخرون} قال: " نرى أنّه إذا حضر أجله فإنّه لا يؤخّر ساعةً ولا يقدّم، وأمّا ما لم يحضر أجله فإنّ اللّه يؤخّر ما شاء، ويقدّم ما شاء "). [جامع البيان: 14/14]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 4 - 5.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم} قال: أجل معلوم وفي قوله: {ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون} قال: لا مستأخر بعده). [الدر المنثور: 8/592] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الزهري رضي الله عنه في قوله: {ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون} قال: نرى أنه إذا حضر أجله فإنه لا يؤخر ساعة ولا يقدم.
وأمّا ما لم يحضر أجله فإن الله يؤخر ما شاء ويقدم ما شاء). [الدر المنثور: 8/592]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا يا أيّها الّذي نزّل عليه الذّكر إنّك لمجنونٌ (6) لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصّادقين}.
يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون لك من قومك يا محمّد: {يا أيّها الّذي نزّل عليه الذّكر} وهو القرآن الّذي ذكر اللّه بما فيه من المواعظ خلقه {إنّك لمجنونٌ} في دعائك إيّانا إلى أن نتّبعك ونذر آلهتنا). [جامع البيان: 14/15]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {نزّل عليه الذّكر} قال: " القرآن "). [جامع البيان: 14/16] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 6 - 9.
أخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله: {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر} قال: القرآن). [الدر المنثور: 8/592]

تفسير قوله تعالى: (لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({لو ما تأتينا} [الحجر: 7] : «هلّا تأتينا»). [صحيح البخاري: 6/80]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله لوما هلّا تأتينا قال أبو عبيدة في قوله لوما تأتينا مجازها هلّا تأتينا). [فتح الباري: 8/379]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (لو ما تأتينا هلاّ تأتينا
أشار به إلى قوله عز وجل: {لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصّادقين} (الحجر: 7) وفسّر قوله: (لو ما تأتينا) بقوله: (هلا تأتينا) والحاصل: أن لو، هنا للتحضيض، قال الزّمخشريّ: لو ركبت مع ما ولا، لمعنيين: معنى امتناع الشّيء لوجود غيره، ومعنى التحضيض، وأما هل فلم تركب إلاّ مع، لا، وحدها للتحضيض، والمعنى: هلا تأتينا بالملائكة يشهدون بصدقك ويعضدونك على إنذارك). [عمدة القاري: 19/7]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({لو ما تأتينا}) أي (هلا تأتينا) يا محمد بالملائكة لتصديق دعواك إن كنت صادقًا أو لتعذيبنا على تكذيبك كما جاءت الأمم السابقة فإنا نصدقك حينئذٍ فقال الله تعالى ما تنزل الملائكة إلا تنزيلاً ملتبسًا بالحق أي الوجه الذي قدرناه واقتضته حكمتنا ولا حكمة في إتيانكم فإنكم لا تزدادون إلا عنادًا وكذا لا حكمة في استئصالكم مع أنه سبقت كلمتنا بإيمان بعضكم أو أولادكم وسقط لفظ تأتينا لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/191]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({لو ما تأتينا بالملائكة} قالوا: هلاّ تأتينا بالملائكة شاهدةً لك على صدق ما تقول {إن كنت من الصّادقين} يعني: إن كنت صادقًا في أنّ اللّه تعالى بعثك إلينا رسولاً وأنزل عليك كتابًا، فإنّ الرّبّ الّذي فعل ما تقول بك لا يتعذّر عليه إرسال ملكٍ من ملائكته معك، حجّةً لك علينا، وآيةً لك على نبوّتك وصدق مقالتك.
والعرب تضع موضع " لو ما " " لو لا "، وموضع " لو لا " " لو ما "، ومن ذلك قول ابن مقبلٍ:
لوما الحياء ولوما الدّين عبتكما = ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري
يريد: لو لا الحياء.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {نزّل عليه الذّكر} قال: " القرآن "). [جامع البيان: 14/15-16]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {لو ما تأتينا بالملائكة} قال: ما بين ذلك إلى قوله: {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء} قال وهذا من التقديم والتأخير {فظلوا فيه يعرجون} أي فظلت الملائكة تعرج فنظروا إليه {لقالوا إنما سكرت أبصارنا} ). [الدر المنثور: 8/592]

تفسير قوله تعالى: (مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما ننزّل الملائكة إلاّ بالحقّ وما كانوا إذًا منظرين}.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {ما ننزّل الملائكة} فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والبصرة: ( ما تنزّل الملائكة ) بالتّاء تنزّل وفتحها ورفع " الملائكة "، بمعنى: ما تنزّل الملائكة، على أنّ الفعل للملائكة.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل الكوفة: {ما ننزّل الملائكة} بالنّون في ننزّل وتشديد الزّاي ونصب الملائكة، بمعنى: ما ننزّلها نحن، و" الملائكة " حينئذٍ منصوبٌ بوقوع " ننزّل " عليها.
وقرأه بعض قرّاء أهل الكوفة: ( ما تنزّل الملائكة )، برفع الملائكة والتّاء في " تنزّل " وضمّها على وجه ما لم يسمّ فاعله.
قال أبو جعفرٍ: وكلّ هذه القراءات الثّلاث متقاربات المعاني، وذلك أنّ الملائكة إذا نزّلها اللّه على رسولٍ من رسله تنزّلت إليه، وإذا تنزّلت إليه فإنّما تنزل بإنزال اللّه إيّاها إليه، فبأيّ هذه القراءات الثّلاث قرأ ذلك القارئ فمصيبٌ، الصّواب في ذلك، وإن كنت أحبّ لقارئه أن لا يعدو في قراءته إحدى القراءتين اللّتين ذكرت من قراءة أهل المدينة والأخرى الّتي عليها جمهور قرّاء الكوفيّين، لأنّ ذلك هو القراءة المعروفة في العامّة، والأخرى: أعني قراءة من قرأ ذلك: ( ما تنزّل )، بضمّ التّاء من تنزّل ورفع الملائكة شاذّةٌ قليلٌ من قرأ بها.
فتأويل الكلام: ما ننزّل ملائكتنا إلاّ بالحقّ، يعني بالرّسالة إلى رسلنا، أو بالعذاب لمن أردنا تعذيبه ولو أرسلنا إلى هؤلاء المشركين على ما يسألون إرسالهم معك آيةً فكفروا لم ينظروا فيؤخّروا بالعذاب، بل عوجلوا به كما فعلنا ذلك بمن قبلهم من الأمم حين سألوا الآيات، فكفروا حين أتتهم الآيات، فعاجلناهم بالعقوبة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ما ننزّل الملائكة إلاّ بالحقّ} قال: " بالرّسالة والعذاب ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله). [جامع البيان: 14/16-18]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ما ننزل الملائكة إلا بالحق يعني بالرسالة والعذاب). [تفسير مجاهد: 339]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {ما ننزل الملائكة إلا بالحق} قال: بالرسالة والعذاب). [الدر المنثور: 8/592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وما كانوا إذا منظرين} قال: وما كانوا لو تنزلت الملائكة بمنظرين من أن يعذبوا). [الدر المنثور: 8/592]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة وثابت في قوله تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون قال حفظه الله من أن يزيد فيه الشيطان باطلا أو يبطل منه حقا). [تفسير عبد الرزاق: 1/345]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون}.
يقول تعالى ذكره: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر} وهو القرآن، {وإنّا له لحافظون} قال: " وإنّا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطلٌ ما ليس منه، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه.
والهاء في قوله: " له " من ذكر الذّكر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني الحسن، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وإنّا له لحافظون} قال: " عندنا ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون}، وقال في آيةٍ أخرى: {لا يأتيه الباطل} والباطل: إبليس، {من بين يديه ولا من خلفه} فأنزله اللّه ثمّ حفظه، فلا يستطيع إبليس أن يزيد فيه باطلاً، ولا ينتقص منه حقًّا، حفظه اللّه من ذلك "
- حدّثني محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وإنّا له لحافظون} قال: " حفظه اللّه من أن يزيد فيه الشّيطان باطلاً، أو ينقص منه حقًّا ". وقيل: أن الهاء في قوله: {وإنّا له لحافظون} من ذكر محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، بمعنى: وإنّا لمحمّدٍ حافظون ممّن أراده بسوءٍ من أعدائه). [جامع البيان: 14/18-19]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وإنا له لحافظون أي عندنا). [تفسير مجاهد: 339-340]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وإنّا له لحافظون قال مجاهد عندنا وصله بن المنذر ومن طريق بن أبي نجيحٍ عنه وهو في بعض نسخ الصّحيح). [فتح الباري: 8/380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وإنا له لحافظون} قال: عندنا). [الدر المنثور: 8/593]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} وقال في آية أخرى: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) (فصلت آية 42) والباطل إبليس، قال: فأنزله الله ثم حفظه فلا يستطيع إبليس أن يزيد فيه باطلا ولا ينقص منه حقا حفظه الله من ذلك والله أعلم بالصواب). [الدر المنثور: 8/593]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 01:01 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}


تفسير قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1)}


تفسير قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عزّ وجلّ: {رّبما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين...}
يقال: كيف دخلت (رب) على فعل لم يكن؛ لأن مودّة الذين كفروا إنما تكون في الآخرة؟ فيقال: إن القرآن نزل وعده ووعيده وما كان فيه، حقّا فإنه عيان، فجرى الكلام فيما لم يكن منه كمجراه في الكائن. ألا ترى قوله عز وجل: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربّهم} وقوله: {ولو ترى إذ فزعوا} كأنه ماض وهو منتظر لصدقه في المعنى، وأن القائل يقول إذا نهى أو أمر فعصاه المأمور: أما والله لربّ ندامة لك تذكر قولي فيها، لعلمه أنه سيندم ويقول: فقول الله عز وجل أصدق من قول المخلوقين). [معاني القرآن: 2/82]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {رّبما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}
قال: {رّبما يودّ الّذين كفروا} وأدخل مع "ربّ" (ما) ليتكلم بالفعل بعدها. وإن شئت جعلت (ما) بمنزلة "شيءٍ" فكأنك قلت: "وربّ شيءٍ يودّ" أي: "ربّ ودٍّ يودّه الذين كفروا"). [معاني القرآن: 2/61]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو {ربما يود} يثقلان.
وأهل المدينة وعاصم والأعرج {ربما} بتخفيف الباء وتحريكها.
قال أبو علي: وسنذكر ما فيها من اللغات). [معاني القرآن لقطرب: 785]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أما قوله {ربما يود الذين كفروا} فإنهم قالوا فيه في اللغة: رب رجل يقول، ورب رجل، بالفتح؛ ورب رجل بحركة الباء بغير تثقيل؛ ورب رجل، بفتح الراء وتحريك الباء بغير تثقيل.
أنشدني يونس:
علقتها عرضا وأقتل قومها = رب مزعم للمرء ليس يزعم
فخفف بغير تثقيل.
وقال المخبل:
أشيبان ما أدراك أن رب ليلة = غبقتك فيها والغبوق حبيب
وقال لبيد:
بل أنت لا تدين أن رب ليلة = طلق لذيذ لهوها وندامها
فخفف أيضًا:
[وزاد محمد بن صالح]:
وأهل الحجاز وكثير من قيس يقولون: "ربما" بالتخفيف؛ وتميم وأسد يقولون: "ربما" بالتثقيل؛ وتيم الرباب من تميم "ربما" بالتثقيل وفتح الراء.
[إلى هاهنا زيادة محمد]:
وزعم يونس: انهم يقولون: "رب رجل" بإسكان الباء؛ وقالوا فيها بـ"ما": ربما كان ذاك، وربما كان ذاك؛ لغة بني كلاب الفتح.
[معاني القرآن لقطرب: 791]
وقالوا فيها بالتاء: ربتما كان ذاك، فثقله؛ وريتما كان ذاك، بالتخفيف والفتح؛ وقالوا أيضًا: ربت رجل، وربت رجل، بتثقيل الباء مع فتح؛ وقالوا أيضًا: ربت رجل، ففتحوا الراء وخففوا الباء.
وقال أبو ذؤيب:
أم الصبيين هل تدرين ربتما = عيظاء قلتها شماء قرواح
فثقل.
وقال الراجز:
يا صاحبي ربت إنسان حسن = يسأل عنك اليوم أو يسأل عن
وقال الشاعر على ما حكى يونس من إسكان الباء:
أزهير إن يشب القذال فإنني = رب هيضل لجب لففت بهيضل
فأسكن الباء.
[وزاد محمد]:
وقالوا: ربتما، وأنشدني المفضل:
ماوي يا ربتما غارة = شعواء كاللذعة بالميسم). [معاني القرآن لقطرب: 792]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}
قرئت (ربّما) يود بتشديد الباء وتخفيفها، والعرب تقول: ربّ رجل جاءني، ويخففون فيقولون رب رجل،
قال الحادرة:
فسميّ ما يدريك أن رب فتية= باكرت لذّتهم بأدكن مترع
يريد سميّة، فرخّم.
ويسكنون في التخفيف فيقولون: رب رجل قد جاءني.
وأنشدوا بيت الهذلي:
أزهير إن يشب القذال فإنّني= رب هيضل لجب لففت بهيضل
ويقولون ربتّا رجل، وربّت رجل، ويقولون ربّ رجل، فيفتحون الراء وربما رجل جاءني - بفتح الراء، وربّتما رجل فيفتحون.
حكى ذلك قطرب.
فأما تفسير الآية ففيه غير قول، قيل إنه إذا كان يوم القيامة وعاين الكافر القيامة ودّ لو كان مسلما، وقيل إنه إذا عاين الموت ودّ لو أنه مسلم.
وقيل إذا كان يوم القيامة أخرج المسلمون من النار فودّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين.
وقيل يعيّر أهل النار الكفرة المسلمين قائلين: ما نفعكم إيمانكم، فيغضب اللّه عزّ وجلّ لذلك، فيخرجهم من النّار فيود الذين كفروا لو كانوا مسلمين.
والذي أراه - واللّه أعلم - أن الكافر كلما رأى حالا من أحوال العذاب ورأى حالا عليها أحوال المسلم ودّ لو كان مسلما.
فهذه الأحوال كلها تحتملها الآية.
فإن قال قائل: فلم كانت، (ربّ) ههنا، وربّ للتقليل؟
فالجواب في هذا أن العرب خوطبت بما تعقله في التهدّد، والرجل يتهدّد الرجل فيقول له: لعلك ستندم على فعلك، وهو لا يشك في أنه يندم، وتقول له: ربما ندم الإنسان من مثل ما صنعت، وهو يعلم أن الإنسان يندم كثيرا، ولكن مجازه أن هذا أو كان مما يودّ في حال واحدة من أحوال العذاب، أو كان الإنسان يخاف أن يندم على الشيء لوجب عليه اجتنابه.
والدليل على أنه على معنى التهدّد). [معاني القرآن: 3/173-171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( من ذلك قوله جل وعز: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}
روى سفيان عن خصيف عن مجاهد عن حماد عن إبراهيم قال يدخل قوم من الموحدين النار فيقول لهم المشركون ما أغنى عنكم إسلامكم وإيمانكم وأنتم معنا في النار فيخرجهم الله جل وعز منها فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ذلك يوم القيامة
وروى عن ابن عباس قال يقول المشركون لمن أدخل النار من الموحدين ما نفعكم ما كنتم فيه وأنتم في النار فيغضب الله
جل وعز لهم فيخرجون إلى نهر يقال له نهر الحياة فينبتون فيه ثم تبقى على وجوههم علامة يعرفون بها يقال هؤلاء الجهنميون فيسألون الله جل وعز أن يزيل ذلك عنهم فيزيله عنهم ويدخلهم الجنة فيتمنى المشركون أن لو كانوا مسلمين
وقيل إذا عاين المشركون تمنوا الإسلام
فأما معنى رب ههنا فإنما هي في كلام العرب للتقليل وأن فيها معنى التهديد وهذا تستعمله العرب كثيرا لمن تتوعده وتتخدده يقول الرجل للآخر ربما ندمت على ما تفعل ويشكون في تندمه ولا يقصدون تقليله بل حقيقة المعنى أنه
يقول لو كان هذا مما يقل أو يكون مرة واحدة لكان ينبغي أن لا تفعله
وأما قول من قال أن رب تقع للتكثير فلا يعرف في كلام العرب
وقيل إن هذا إنما يكون يوم القيامة إذا أفاقوا من الأهوال التي هم فيها فإنما يكون في بعض المواطن
والقول الأول أصحها
والدليل على أنه وعيد وتهدد قوله بعد: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون} ). [معاني القرآن: 4/9-7]

تفسير قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {ذرهم يأكلوا ويتمتّعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون}
وجائز أن يكون - واللّه أعلم - أن أهوال يوم القيامة تسكرهم وتشغلهم عن التمني، فإذا أفاقوا من سكرة من سكرات العذاب ودوا لو كانوا مسلمين.
فأمّا من قال إن ربّ يعني بها الكثير فهذا ضدّ ما يعرفه أهل اللغة، لأن الحروف التي جاءت لمعنى تكون على ما وضعت العرب. فربّ موضوعة للتقليل، وكم موضوعة للتكثير، وإنما خوطبوا بما يعقلون ويستفيدون.
وإنما زيدت ما مع ربّ ليليها الفعل، تقول ربّ رجل جاءني وربما جاءني رجل). [معاني القرآن: 3/173]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما أهلكنا من قريةٍ إلاّ ولها كتابٌ مّعلومٌ...}
لو لم يكن فيه الواو كان صوابا كما قال في موضع آخر: {وما أهلكنا من قريةٍ إلاّ لها منذرون} وهو كما تقول في الكلام: ما رأيت أحداً إلاّ وعليه ثياب وإن شئت: إلاّ عليه ثياب. وكذلك كل اسم نكرة جاء خبره بعد إلاّ، والكلام في النكرة تامّ فافعل ذلك بصلتها بعد إلاّ. فإن كان الذي وقع على النكرة ناقصاً فلا يكون إلاّ بطرح الواو. ومن ذلك، ما أظن درهماً إلاّ كافيك ولا يجوز إلا وهو كافيك، لأن الظنّ يحتاج إلى شيئين، فلا تعترض بالواو فيصير الظنّ كالمكتفى من الأفعال باسم واحدٍ. وكذلك أخوات ظننت وكان وأشباهها وإنّ وأخواتها (وإنّ) إذا جاء الفعل بعد (إلاّ) لم يكن فيه الواو. فخطأ أن تقول: إن رجلاً وهو قائم، أو أظنّ رجلا وهو قائم، أو ما كان رجل إلاّ وهو قائم.
ويجوز في ليس خاصة أن تقول: ليس أحد إلاّ وهو هكذا، لأن الكلام قد يتوهّم تمامه بليس وبحرفٍ نكرة ألا ترى أنك تقول: ليس أحد، وما من أحدٍ فجاز ذلك فيها ولم يجز في أظنّ، ألا ترى أنك لا تقول ما أظنّ أحداً.
وقال الشاعر:
إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن =سراج لنا إلاّ ووجهك أنور
فلو قيل: إلاّ وجهك أنور كان صواباً.
وقال آخر:
وما مسّ كفّى من يد طاب ريحها = من الناس إلاّ ريح كفّيك أطيب
فجاء بالواو وبغير الواو. ومثله قوله: {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنّهم ليأكلون الطّعام} فهذا الموضع لو كان فيه الواو صلح ذلك.
وإذا أدخلت في (كان) جحداً صلح ما بعد (إلاّ) فيها بالواو وبغير الواو. وإذا أدخلت الاستفهام وأنت تنوي به الجحد صلح فيها بعد (إلاّ) الواو وطرح الواو.
كقولك: وهل كان أحد إلاّ وله حرص على الدنيا، وإلاّ له حرص على الدنيا.
فأمّا أصبح وأمسى ورأيت فإنّ الواو فيهنّ أسهل، لأنهن توامّ (يعني تامّات) في حال، وكان وليس وأظن بنين على النقص. ويجوز أن تقول: ليس أحد
إلاّ وله معاش: وإن ألقيت الواو فصواب، لأنك تقول: ليس أحد فتقف فيكون كلاماً. وكذلك لا في التبرئة وغيرها. تقول: لا رجل ولا من رجل يجوز فيما يعود بذكره بعد إلاّ الواو وغير الواو في التمام ولا يجوز ذلك في أظنّ من قبل أن الظنّ خلقته الإلغاء: ألا ترى أنك تقول: زيد قائم أظنّ، فدخول (أظن) للشك فكأنه مستغنىً عنه، وليس بنفي ولا يكون عن النفي مستغنياً لأنك إنما تخبر بالخبر على أنه كائن أو غير كائن، فلا يقال للجحد: إنه فضل من الكلام كما يقال للظنّ). [معاني القرآن: 2/84-83]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلاّ ولها كتابٌ معلومٌ} أي أجل ومدّة، معلوم: موقّت معروف). [مجاز القرآن: 1/346]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إلّا ولها كتابٌ معلومٌ} أي أجل مؤقت). [تفسير غريب القرآن: 235]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما أهلكنا من قرية إلّا ولها كتاب معلوم}
أي إلا ولها أجل لا تتقدمه ولا تتأخر عنه). [معاني القرآن: 3/173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم} أي لا يتقدمه ولا يتأخره وقوله جل وعز: {لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين}
معنى لو ما ولولا وهلا واحد وأنشد أهل اللغة:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم = بنى ضوطرى لولا الكمي المقنعا
أي هلا تعدون الكمي المقنعا
وروى حجاج عن ابن جريج قال في هذا تقديم وتأخير يذهب إلى أن جوابه قوله تعالى: {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون} يذهب إلى أن هذا متصل
بقوله تعالى: {لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين} ). [معاني القرآن: 4/10-9]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كتاب معلوم} أي موقت إلى أجل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 125]

تفسير قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّا تسبق من أمّةٍ أجلها وما يستأخرون...}
ولم يقل (تستأخر) لأن الأمّة لفظها لفظٌ مؤنّثٌ، فأخرج أوّل الكلام على تأنيثها، وآخره على معنى الرجال.
ومثلها {كلّما جاء أمةً رسولها كذّبوه} ولو قيل: كذّبته كان صوابا وهو كثير). [معاني القرآن: 2/84]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)}

تفسير قوله تعالى: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّو ما تأتينا...}
ولولا ولوما لغتان في الخبر والاستفهام فأمّا الخبر فقوله: {لولا أنتم لكنّا مؤمنين}.
وقال الشاعر:
* لوما هوى عرس كميت لم أبل *
وهما ترفعان ما بعدهما.
وأما الاستفهام فقوله: {لّو ما تأتينا بالملائكة} وقوله: {لولا أخّرتني إلى أجلٍ قريبٍ} والمعنى - والله أعلم -: هلاّ أخّرتني.
وقد استعملت العرب (لولا) في الخبر وكثر بها الكلام حتى استجازوا أن يقولوا: لولاك ولولاي، والمعنى فيهما كالمعنى في قولك: لولا أنا ولولا أنت فقد توضع الكاف على أنها خفض والرفع فيها الصّواب. وذلك أنا لم نجد فيها حرفاً ظاهراً خفض، فلو كان ممّا يخفض لأوشكت أن ترى ذلك في الشعر؛ فإنه الذي يأتي بالمستجاز: وإنما دعاهم إلى أن يقولوا: لولاك في موضع الرفع لأنهم يجدون المكنّى يستوي لفظه في الخفض والنصب، فيقال: ضربتك ومررت بك ويجدونه يستوي أيضاً في الرفع والنصب والخفض، فيقال ضر بنا ومرّ بنا، فيكون الخفض والنصب بالنون ثم يقال قمنا ففعلنا فيكون الرفع بالنون. فلّما كان ذلك استجازوا أن يكون الكاف في موضع (أنت) رفعاً إذ كان إعراب المكنّى بالدلالات لا بالحركات.
قال الشاعر:
أيطمع فينا من أراق دماءنا =ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسم
وقال آخر:
ومنزلةٍ لولاي طحت كما هوى =بأجرامه من قلّة النّيق منهوي).
[معاني القرآن: 2/85-84]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لوما تأتينا} مجازه: لوما فعلت كذا، وهلا ولولا وألا، معناهن واحد، هلا تأتينا، وقال الأشهب بن عبلة،
وقال في غير هذا الموضع: ابن رميلة:
تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم= بني ضوطرى لولا الكمي المقنّعا
أي هلاّ تعدون قتل الكماة لوما: مجازها ومجاز لولا واحد،
قال ابن مقبل:
لوما الحياء ولوما الدّين عبتكما= ببعض ما فيكما إذ عبتما عورى).
[مجاز القرآن: 1/346]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لو ما تأتينا}: أي هلا). [غريب القرآن وتفسيره: 199]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لو ما تأتينا بالملائكة} أي هلا تأتينا بالملائكة. «ولولا» مثلها أيضا: إذا لم يكن يحتاج [إلى جواب. وقد ذكرناها في المشكل] ). [تفسير غريب القرآن: 235]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ - {لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصّادقين} معناه هلّا تأتينا بالملائكة، روى ذلك.
قالوا للنبي عليه السلام: {لولا أنزل عليه ملك}.
فقال: {ما ننزّل الملائكة إلّا بالحقّ وما كانوا إذا منظرين}. [معاني القرآن: 3/173]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لوما تأتينا} أي هلا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 125]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَوْماَ}: هلا بمعنى الأمر). [العمدة في غريب القرآن: 172]

تفسير قوله تعالى: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8)}
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة أصحاب عبد الله {ما ننزل الملائكة}.
أهل مكة وأبو عمرو {ما تنزل الملائكة}.
[محمد بن صالح]
عاصم {ما تنزل الملائكة} ). [معاني القرآن لقطرب: 785]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ما ننزّل الملائكة إلّا بالحقّ وما كانوا إذا منظرين} أي إنما تنزل بآجال أو بوحي من اللّه.
{وما كانوا إذا منظرين} أي لو نزلت الملائكة لم ينظروا، وانقطعت التوبات، كما قال:
{ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثمّ لا ينظرون} وتقرأ {ما تنزل الملائكة إلا بالحقّ}، وما تنزّل الملائكة، وما تنزّل الملائكة، وما تنزل الملائكة). [معاني القرآن: 3/174-173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {ما ننزل الملائكة إلا بالحق} قال مجاهد أي بالإرسال والعذاب). [معاني القرآن: 4/11]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {وما كانوا إذا منظرين} أي لو نزلت الملائكة ما أمهلوا ولا قبلت توبتهم
كما قال تعالى: {ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر} ). [معاني القرآن: 4/11]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون...}
يقال: إن الهاء التي في (له) يراد بها القرآن (حافظون) أي راعون: ويقال: إن الهاء لمحمد صلى الله عليه وسلم: وإنا لمحّمد لحافظون). [معاني القرآن: 2/85]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون}
أي نحفظه من أن يقع فيه زيادة أو نقصان، كما قال: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} ). [معاني القرآن: 3/174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
قال ثابت وقتادة حفظه الله من أن تزيد الشياطين فيه باطلا أو تبطل منه حقا وقال مجاهد هو عندنا). [معاني القرآن: 4/11]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 11:09 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) )}


تفسير قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وكل بابٍ فأصله شيءٌ واحدٌ، ثم تدخل عليه دواخل؛ لاجتماعها في المعنى. وسنذكر إن كيف صارت أحق بالجزاء? كما أن الألف أحق بالاستفهام، وإلا أحق بالاستثناء، والواو أحق بالعطف مفسراً إن شاء الله في هذا الباب الذي نحن فيه.
فأما إن فقولك: إن تأتني آتك، وجب الإتيان الثاني بالأول، وإن تكرمني أكرمك، وإن تطع الله يغفر لك، كقوله عز وجل: {إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم} {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم}.
والمجازاة ب إذما قولك: إذما تأتني آتك؛ كما قال الشاعر:
إذ ما أنيت على الرسول فقل له = حقاً عليك إذا اطمأن المجلـس
ولا يكون الجزاء في إذ ولا في حيث بغير ما؛ لأنهما ظرفان يضافان إلى الأفعال. وإذا زدت على كل واحد منهما ما منعتا الإضافة فعملتا. وهذا في آخر الباب يشرح بأكثر من هذا الشرح إن شاء الله.
وأما المجازاة بـ (من) فقوله عز وجل: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً} وقوله: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً}.
وبـ (ما) قوله: {ما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها}.
وبـ أين قوله عز وجل: {أينما تكونوا يدرككم الموت}. وقال الشاعر:
أين تضرب بنا العداة تجـدنـا = نصرف العيس نحوها للتلاقي
وبـ أنى قوله:
فأصبحت أنى تأتها تلتبس بـهـا = كلا مركبيها تحت رجليك شاجر
ومن حروف المجازاة مهما. وإنما أخرنا ذكرها؛ لأن الخليل زعم أنها ما مكررة، وأبدلت من الألف الهاء. وما الثانية زائدة على ما الأولى؛ كما تقول: أين وأينما، ومتى ومتى ما، وإن وإما، وكذلك حروف المجازاة إلا ما كان من حيثما وإذما. فإن ما فيهما لازمة. لا يكونان للمجازاة إلا بها، كما تقع رب على الأفعال إلا بـ ما في قوله: {ربما يود الذين كفروا}، ولو حذفت منها ما لم تقع إلا على الأسماء النكرات، نحو: رب رجل يا فتى.
والمجازاة بـ(أي) قوله: {أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} ). [المقتضب: 2/45-48] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
وصبري عمن كنت ما إن أزايله
إن: زائدة، وهي تزاد مغيرة للإعراب، وتزاد توكيدًا، وهذا موضع ذلك، فالموضع الذي تغير فيه الإعراب هو وقوعها بعد"ما" الحجازية، تقول: ما زيدٌ أخاك، وما هذا بشرًا، فإذا أدخلت إن هذه بطل النصب بدخولها، فقلت: ما إن زيد منطلق، قال الشاعر:
وما إن طبنا جبنٌ ولكن = منايانا ودولة آخرينا
فزعم سيبويه أنها منعت "ما" العمل كما منعت "ما" إن الثقيلة أن تنصب تقول: إن زيدًا منطلق، فإذا أدخلت"ما" صارت من حروف الابتداء، ووقع بعدها المبتدأ وخبره والأفعال، نحو: إنما زيد أخوك، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ولولا "ما" لم يقع الفعل بعد"إن" لأن"إن" بمنزلة الفعل، ولا يلي فعل فعلاً لأنه لا يعمل فيه، فأما كان يقوم زيدٌ، {كاد يزيغ قلوب فريق منهم} ففي كان وكاد فاعلان مكنيان.
و"ما" تزاد على ضربين، فأحدهما أن يكون دخولها في الكلام كإلغائها، نحو {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} أي فبرحمة، وكذلك: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} وكذلك {مَثَلاً مَا بَعُوضَةً} وتدخل لتغيير اللفظ، فتوجب في الشيء ما لولا هي لم يقع، نحو ربما ينطلق زيد، و{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}، ولولا" ما" لم تقع رب على الأفعال، لأنها من عوامل الأسماء، وكذلك جئت بعد ما قام زيد، كما قال المرار:
أعلقة أم الوليد بعد ما = أفنان رأسك كالثغام المخلس
فلولا" ما" لم يقع بعدها إلا اسم واحد، وكان مخفوضًا بإضافة" بعد" إليه، تقول: جئتك بعد زيد). [الكامل: 1/440-442] (م)

تفسير قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): ( وبعض النحويين من غير البصريين يجيز النصب على إضمار أن. والبصريون يأبون ذلك إلا أن يكون منها عوض؛ نحو: الفاء والواو وما ذكرناه معهما. ونظير هذا الوجه قول طرفة:

ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغـى = وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
ومن رأى النصب هناك رأى نصب أحضر.
فأما قول الله عز وجل: {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} فتقديره والله أعلم: قل أفغير الله أعبد فيما تأمروني. ف غير منصوب ب أعبد.
وقد يجوز وهو بعيد على قولك: ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى، فكأن التقدير: قل أفغير الله تأمروني أعبد. فتنصب غير ب تأمروني. وقد أجازه سيبويه على هذا، وهذا قول آخر وهو حذف الباء، كما قال:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به = فقد تركتك ذا مالٍ وذا نـشـب
وأنا أكره هذا الوجه الثاني لبعده. ولا يجوز على هذا القول أن ينصب غيراً بأعبد؛ لأن أعبد على هذا في صلة أن.
وأما قوله عز وجل: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا} فعلى الجواب.
فإن قال قائل: أفأمر الله بذلك ليخوضوا ويلعبوا? قيل: مخرجه من الله عز وجل على الوعيد؛ كما قال عز وجل: {اعملوا ما شئتم} {ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.
أما قوله: {ذرهم في خوضهم يلعبون} فإنه ليس بجواب، ولكن المعنى: ذرهم لاعبين، أي ذرهم في حال لعبهم). [المقتضب: 2/82-84] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) }

تفسير قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) }

تفسير قوله تعالى: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) }

تفسير قوله تعالى: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 01:08 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 01:08 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 01:16 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون}
"الر"، تقدم القول في الحروف المقطعة في أوائل السور، و"تلك" يمكن أن تكون إشارة إلى حروف المعجم بحسب بعض الأقوال، ويحتمل أن تكون إشارة إلى الحكم والعبر ونحوها التي تضمنتها آيات التوراة والإنجيل، وعطف القرآن عليه، قال مجاهد، وقتادة: "الكتاب" في الآية ما نزل من الكتب قبل القرآن، ويحتمل أن يراد بـ "الكتاب" القرآن، ثم تعطف الصفة عليه). [المحرر الوجيز: 5/269]

تفسير قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ نافع، وعاصم: "ربما" بتخفيف الباء، وقرأ الباقون بشدها، إلا أن أبا عمرو قرأها على الوجهين، وهما لغتان، وروي عن طلحة بن مصرف "ربتما" بزيادة التاء،
[المحرر الوجيز: 5/269]
وهي لغة، و"ربما" للتقليل، وقد تجيء شاذة للتكثير، وقال قوم: إن هذه من تلك، ومنه:
رب كأس هرقت يابن لؤي.
وأنكر الزجاج أن تجيء "رب" للتكثير.
و "ما" التي تدخل عليها "رب" قد تكون اسما نكرة بمنزلة "شيء"، وذلك إذا كان في الكلام ضمير عائد عليه كقول الشاعر:
ربما تكره النفوس من الأمـ ... ـر له فرجة كحل العقال
التقدير: رب شيء. وقد تكون حرفا كافا لـ "رب" وموطئا لها لتدخل على الفعل، إذ ليس من شأنها أن تدخل إلا على الأسماء، وذلك إذا لم يكن ثم ضمير عائد، كقول الشاعر:
[المحرر الوجيز: 5/270]
ربما أوفيت في علم ... ترفعن ثوبي شمالات
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وكذلك تدخل "ما" على "من" كافة في نحو قوله: "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يحرك شفتيه"، ونحو قول الشاعر:
وإنا لمما نضرب الكبش ضربة ... على رأسه تلقي اللسان من الفم
قال الكسائي، والفراء: الباب في "ربما" أن تدخل على الفعل الماضي، ودخلت هنا على المستقبل إذ هذه الأفعال المستقبلة من كلام الله تعالى لما كانت صادقة واقعة ولا بد تجري مجرى الماضي الواقع.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقد تدخل "رب" على الماضي الذي يراد به الاستقبال، وتدخل على العكس.
والظاهر في "ربما" في هذه الآية أن "ما" حرف كاف، هكذا قال أبو علي، قال: ويحتمل أن تكون اسما، ويكون في "يود" ضمير عائد عليه، التقدير: رب ود، أو شيء يوده الذين كفروا لو كانوا مسلمين، ويكون لو كانوا مسلمين بدلا من "ما".
[المحرر الوجيز: 5/271]
وقالت فرقة: تقدير الآية: ربما كان يود الذين كفروا، قال أبو علي: وهذا لا يجيزه سيبويه، لأن "كان" لا تضمر عنده.
واختلف المتأولون في الوقت الذي يود فيه الذين كفروا لو كانوا مسلمين -فقالت فرقة: هو عند معاينة الموت في الدنيا، حكى ذلك الضحاك، وفيه نظر; إذ لا يقين للكافر حينئذ بحسن حال المسلمين، وقالت فرقة: هو عند معاينة أهوال يوم القيامة، قاله مجاهد، وهذا بين; لأن حسن حال المسلمين ظاهر فيود، وقال ابن عباس رضي الله عنهما، وأنس بن مالك رضي الله عنه: هو عند دخولهم النار ومعرفتهم بدخول المؤمنين الجنة، واحتج لهذا القول بحديث روي في هذا من طريق أبي موسى الأشعري، وهو أن الله تعالى إذا أدخل عصاة المسلمين النار نظر إليهم الكفار فقالوا: أليس هؤلاء من المسلمين؟ فماذا أغنت عنهم لا إله إلا الله؟ فيغضب الله تعالى لقولهم، فيقول: أخرجوا من النار كل مسلم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فحينئذ يود الذين كفروا أن لو كانوا مسلمين". وهذا يقينهم فيه متمكن بحسن حال المسلمين، فمن حيث هذا كله واحد في كل قول فـ "ربما" للتقليل، لأنهم كانوا في الدنيا لا يودون الإسلام في كل أوقاتهم، ومن حيث موطن الآخرة يدوم ودهم فيه جعل بعض الناس "ربما" هذه للتكثير، إذ كلما تذكر أمره ود لو كان مسلما.
و"لو" في هذه الآية التي للتمني، ويدخلها الامتناع من الشيء لامتناع غيره بإضمار يوضحه المعنى، وذلك أنهم ودوا لو كانوا مسلمين فينجون النجاء الذي مانعه أن لم يكونوا مسلمين.
[المحرر الوجيز: 5/272]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومن العبر في هذه الآية حديث الوابصي الذي في ذيل الأمالي، ومقتضاه أنه ارتد ونسي القرآن إلا هذه الآية). [المحرر الوجيز: 5/273]

تفسير قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا} الآية، وعيد وتهديد، وما فيه من المهادنة منسوخ بآية السيف. وقوله: {فسوف يعلمون} وعيد ثان، وحكى الطبري عن بعض العلماء أنه قال: الأول في الدنيا، والثاني في الآخرة، فكيف تطيب حياة بين هذين الوعيدين؟ ومعنى قوله: {ويلههم الأمل} أي يشغلهم أملهم في الدنيا والتزيد فيها عن النظر والإيمان بالله ورسوله). [المحرر الوجيز: 5/273]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ومعنى قوله: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها} الآية، أي: لا تستبطئن هلاكهم، فليس من قرية إلا مهلكة بأجل وكتاب. ومعنى [معلوم] محدود، والواو في قوله: "ولها" هي واو الحال، وقرأ ابن أبي عبلة: "إلا لها" بغير واو، وقال منذر بن سعيد: هذه الواو هي التي تعطي أن الحالة التي بعدها في اللفظ هي في الزمان قبل الحالة التي قبل الواو، ومنه قوله تعالى: {حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/273]

تفسير قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)}

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من
[المحرر الوجيز: 5/273]
الصادقين ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون}
الضمير في "قالوا" يراد به كفار قريش، ويروى أن القائلين كانوا: عبد الله بن أبي أمية، والنضر بن الحارث وأشباههما، وقرأ الأعمش: "يا أيها الذي ألقي إليه الذكر". وقولهم: {يا أيها الذي نزل عليه الذكر} كلام على جهة الاستخفاف، أي بزعمك ودعواك، وهذه المخاطبة كما تقول لرجل جاهل أراد أن يتكلم فيما لا يحسن: يا أيها العالم لا تحسن تتوضأ). [المحرر الوجيز: 5/274]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"لوما" بمعنى "لولا" فتكون تحضيضا كما في هذه الآية، وقد تكون دالة على امتناع شيء لوجوب غيره، كما قال ابن مقبل:
لولا الحياء ولوما الدين عبتكما ... ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري). [المحرر الوجيز: 5/274]

تفسير قوله تعالى: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: "ما تنزل الملائكة" بفتح التاء والرفع، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر إلا أنه ضم التاء، وهي قراءة يحيى بن وثاب، وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص: "ننزل" بنون العظمة "الملائكة" نصبا، وهي قراءة طلحة بن مصرف.
وقوله: {إلا بالحق}، قال مجاهد: المعنى: بالرسالة والعذاب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والظاهر أن معناه: كما يجب ويحق من الوحي والمنافع التي أراها الله لعباده، لا على اقتراح كافر، ولا باختيار معترض. ثم ذكر عادة الله في الأمم من أنه لم يأتهم بآية اقتراح إلا ومعها العذاب في أثرها إن لم يؤمنوا، وكأن الكلام: ما ننزل الملائكة إلا بحق وواجب لا باقتراحكم، وأيضا فلو نزلت لم ينظروا بعد ذلك بالعذاب، أي: لم
[المحرر الوجيز: 5/274]
يؤخروا، والنظرة: التأخير، والمعنى: فهذا لا يكون إذ كان في علم الله أن منهم من يؤمن، أو يلد من يؤمن). [المحرر الوجيز: 5/275]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر} رد على المستخفين في قولهم: {يا أيها الذي نزل عليه الذكر}، وهذا كما يقول لك رجل على جهة الاستخفاف: "يا عظيم القدر"، فتقول له على جهة الرد والنجه: نعم أنا عظيم القدر، ثم تأخذ في قولك، فتأمله. وقوله: {وإنا له لحافظون}، قالت فرقة: الضمير في "له" عائد على محمد عليه الصلاة والسلام، أي: نحفظه من أذاكم، ونحوطه من مكركم وغيره، ذكر الطبري هذا القول ولم ينسبه، وفي ضمن هذه العدة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أظهر الله به الشرع وحان أجله، وقالت فرقة -وهي الأكثر-: الضمير في "له" عائد على القرآن، وقاله مجاهد، وقتادة، والمعنى: لحافظون من أن يبدل أو يغير كما جرى في سائر الكتب المنزلة، وفي آخر ورقة من البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن التبديل فيها إنما كان في التأويل، وأما في اللفظ فلا، وظاهر آيات القرآن أنهم بدلوا اللفظ، ووضع اليد على آية الرجم هو في معنى تبديل الألفاظ. وقيل: لحافظون باختزانه في صدور الرجال، والمعنى متقارب، وقال قتادة: هذه الآية نحو قوله تعالى: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} ). [المحرر الوجيز: 5/275]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 23 ذو الحجة 1439هـ/3-09-2018م, 07:12 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 23 ذو الحجة 1439هـ/3-09-2018م, 07:16 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الر تلك آيات الكتاب وقرآنٍ مبينٍ (1) ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين (2) ذرهم يأكلوا ويتمتّعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون (3)}
قد تقدّم الكلام على الحروف المقطّعة في أوائل السّور). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 524]

تفسير قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} إخبارٌ عنهم أنّهم سيندمون على ما كانوا فيه من الكفر، ويتمنّون لو كانوا مع المسلمين في الدّار الدّنيا.
ونقل السّدّيّ في تفسيره بسنده المشهور عن ابن عبّاسٍ، وابن مسعودٍ، وغيرهما من الصّحابة: أنّ الكفّار لـمّا عرضوا على النّار، تمنّوا أن لو كانوا مسلمين.
وقيل: المراد أنّ كلّ كافرٍ يودّ عند احتضاره أن لو كان مؤمنًا.
وقيل: هذا إخبارٌ عن يوم القيامة، كما في قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين} [الأنعام: 27]
وقال سفيان الثّوريّ: عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزّعراء، عن عبد اللّه في قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال: هذا في الجهنمين إذ رأوهم يخرجون من النّار.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا المثنّى، حدّثنا مسلمٌ، حدّثنا القاسم، حدّثنا ابن أبي فروة العبدي؛ أنّ ابن عبّاسٍ وأنس بن مالكٍ كانا يتأوّلان هذه الآية: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} يتأوّلانها: يوم يحبس اللّه أهل الخطايا من المسلمين مع المشركين في النّار. قال: فيقول لهم المشركون: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون في الدّنيا. قال: فيغضب اللّه لهم بفضل رحمته، فيخرجهم، فذلك حين يقول: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا الثّوريّ، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ قالا يقول أهل النّار للموحّدين: ما أغنى عنكم إيمانكم؟ فإذا قالوا ذلك. قال: أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرّةٍ. قال: فعند ذلك قوله: {[ربما] يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}
وهكذا روي عن الضّحّاك، وقتادة، وأبي العالية، وغيرهم. وقد ورد في ذلك أحاديث مرفوعةٌ، فقال الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ.
حدّثنا محمّد بن العبّاس، هو الأخرم، حدّثنا محمّد بن منصورٍ الطّوسيّ، حدّثنا صالح بن إسحاق الجهبذ دلّني عليه يحيى بن معينٍ حدّثنا معرّف بن واصلٍ، عن يعقوب بن أبي نباتة عن عبد الرّحمن الأغرّ، عن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ ناسًا من أهلٍ لا إله إلّا اللّه يدخلون النّار بذنوبهم، فيقول لهم أهل اللّات والعزّى: ما أغنى عنكم قولكم: لا إله إلّا اللّه وأنتم معنا في النّار؟. فيغضب اللّه لهم، فيخرجهم، فيلقيهم في نهر الحياة، فيبرءون من حرقهم كما يبرأ القمر من خسوفه، فيدخلون الجنّة، ويسمّون فيها الجهنّميّين" فقال رجلٌ: يا أنس، أنت سمعت هذا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فقال أنسٌ: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "من كذب عليّ متعمّدًا، فليتبوّأ مقعده من النّار". نعم، أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا.
ثمّ قال الطّبرانيّ: تفرّد به الجهبذ
الحديث الثّاني: وقال الطّبرانيّ أيضًا: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، حدّثنا أبو الشّعثاء عليّ بن حسنٍ الواسطيّ، حدّثنا خالد بن نافعٍ الأشعريّ، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا اجتمع أهل النّار في النّار، ومعهم من شاء اللّه من أهل القبلة، قال الكفّار للمسلمين: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى. قالوا: فما أغنى عنكم الإسلام! فقد صرتم معنا في النّار؟ قالوا: كانت لنا ذنوبٌ فأخذنا بها. فسمع اللّه ما قالوا، فأمر بمن كان في النّار من أهل القبلة فأخرجوا، فلمّا رأى ذلك من بقي من الكفّار قالوا: يا ليتنا كنّا مسلمين فنخرج كما خرجوا". قال: ثمّ قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم، {الر تلك آيات الكتاب وقرآنٍ مبين ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}
ورواه ابن أبي حاتمٍ، من حديث خالد بن نافعٍ، به، وزاد فيه: (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم)، عوض الاستعاذة.
الحديث الثّالث: وقال الطّبرانيّ أيضًا: حدّثنا موسى بن هارون، حدّثنا إسحاق بن راهويه قال: قلت لأبي أسامة: أحدّثكم أبو روقٍ -واسمه عطيّة بن الحارث-: حدّثني صالح بن أبي طريفٍ قال: سألت أبا سعيدٍ الخدريّ فقلت له: هل سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول في هذه الآية: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}؟ قال: نعم، سمعته يقول: "يخرج اللّه ناسًا من المؤمنين من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم"، وقال: "لمّا أدخلهم اللّه النّار مع المشركين قال لهم المشركون: تزعمون أنّكم أولياء اللّه في الدّنيا، فما بالكم معنا في النّار؟ فإذا سمع اللّه ذلك منهم، أذن في الشّفاعة لهم فتشفع الملائكة والنّبيّون، ويشفع المؤمنون، حتّى يخرجوا بإذن اللّه، فإذا رأى المشركون ذلك، قالوا: يا ليتنا كنّا مثلهم، فتدركنا الشّفاعة، فنخرج معهم". قال: "فذلك قول اللّه: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين} فيسمّون في الجنّة الجهنّميّين من أجل سواد في وجوههم، فيقولون: يا ربّ، أذهب عنّا هذا الاسم، فيأمرهم فيغتسلون في نهر الجنّة، فيذهب ذلك الاسم عنهم"، فأقرّ به أبو أسامة، وقال: نعم.
الحديث الرّابع وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا العبّاس بن الوليد النّرسيّ حدّثنا مسكينٌ أبو فاطمة، حدّثني اليمان بن يزيد، عن محمّد بن حمير عن محمّد بن عليٍّ، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "منهم من تأخذه النّار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه النّار إلى حجزته، ومنهم من تأخذه النّار إلى عنقه، على قدر ذنوبهم وأعمالهم، ومنهم من يمكث فيها شهرًا ثمّ يخرج منها، ومنهم من يمكث فيها سنةً ثمّ يخرج منها، وأطولهم فيها مكثًا بقدر الدّنيا منذ يوم خلقت إلى أن تفنى، فإذا أراد اللّه أن يخرجوا منها قالت اليهود والنّصارى ومن في النّار من أهل الأديان والأوثان، لمن في النّار من أهل التّوحيد: آمنتم باللّه وكتبه ورسله، فنحن وأنتم اليوم في النّار سواءً، فيغضب اللّه لهم غضبًا لم يغضبه لشيءٍ فيما مضى، فيخرجهم إلى عينٍ في الجنّة، وهو قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 524-526]

تفسير قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ذرهم يأكلوا ويتمتّعوا} تهديدٌ لهم شديدٌ، ووعيدٌ أكيدٌ، كقوله تعالى: {قل تمتّعوا فإنّ مصيركم إلى النّار} [إبراهيم: 30] وقوله: {كلوا وتمتّعوا قليلا إنّكم مجرمون} [المرسلات: 46] ولهذا قال: {ويلههم الأمل} أي: عن التّوبة والإنابة، {فسوف يعلمون} أي: عاقبة أمرهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 526]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما أهلكنا من قريةٍ إلّا ولها كتابٌ معلومٌ (4) ما تسبق من أمّةٍ أجلها وما يستأخرون (5)}
يقول تعالى: إنّه ما أهلك قريةً إلّا بعد قيام الحجّة عليها وانتهاء أجلها، وإنّه لا يؤخّر أمّةً حان هلاكها عن ميقاتها ولا يتقدّمون عن مدّتهم. وهذا تنبيهٌ لأهل مكّة، وإرشادٌ لهم إلى الإقلاع عما هم فيه من الشّرك والعناد والإلحاد، الّذي يستحقّون به الهلاك). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 526-527]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقالوا يا أيّها الّذي نزّل عليه الذّكر إنّك لمجنونٌ (6) لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصّادقين (7) ما ننزّل الملائكة إلّا بالحقّ وما كانوا إذًا منظرين (8) إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون (9)}
يخبر تعالى عن كفرهم وعتوّهم وعنادهم في قولهم: {يا أيّها الّذي نزل عليه الذّكر} أي: الّذي يدّعي ذلك {إنّك لمجنونٌ} أي: في دعائك إيّانا إلى اتّباعك وترك ما وجدنا عليه آباءنا).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 527]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لو ما} أي: هلّا {تأتينا بالملائكة} أي: يشهدون لك بصحّة ما جئت به {إن كنت من الصّادقين} كما قال فرعون: {فلولا ألقي عليه أساورةٌ من ذهبٍ أو جاء معه الملائكة مقترنين} [الزّخرف: 53] {وقال الّذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربّنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوًّا كبيرًا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذٍ للمجرمين ويقولون حجرًا محجورًا} [الفلاقان: 21، 22]
وكذا قال في هذه الآية: {ما ننزل الملائكة إلا بالحقّ وما كانوا إذًا منظرين}
وقال مجاهدٌ في قوله: {ما ننزل الملائكة إلا بالحقّ} بالرّسالة والعذاب). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 527]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قرّر تعالى أنّه هو الّذي أنزل الذّكر، وهو القرآن، وهو الحافظ له من التّغيير والتّبديل.
ومنهم من أعاد الضّمير في قوله تعالى: {له لحافظون} على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، كقوله: {واللّه يعصمك من النّاس} [المائدة: 67] والمعنى الأوّل أولى، وهو ظاهر السّياق، [واللّه أعلم]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 527]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة