العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة ص

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 06:43 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة ص [ من الآية (79) إلى الآية (88) ]

تفسير سورة ص
[ من الآية (79) إلى الآية (88) ]


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 11:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {قال ربّ فأنظرني إلى يوم يبعثون} يقول تعالى ذكره: قال إبليس لربّه: ربّ فإذ لعنتني، وأخرجتني من جنّتك {فأنظرني} يقول: فأخّرني في الأجل، ولا تهلكني {إلى يوم يبعثون} يقول: إلى يوم تبعث خلقك من قبورهم). [جامع البيان: 20/147]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال فإنّك من المنظرين (80) إلى يوم الوقت المعلوم (81) قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين (82) إلاّ عبادك منهم المخلصين}.
يقول تعالى ذكره: قال اللّه لإبليس: فإنّك ممّن أنظرته إلى يوم الوقت المعلوم، وذلك الوقت الّذي جعله اللّه أجلاً لهلاكه وقد بيّنت وقت ذلك فيما مضى على اختلاف أهل العلم فيه). [جامع البيان: 20/147]

تفسير قوله تعالى: (إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {إنك من المنظرين (80) إلى يوم الوقت المعلوم} قال: النفخة الأولى [الآية: 80، 81]). [تفسير الثوري: 261]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال فإنّك من المنظرين (80) إلى يوم الوقت المعلوم (81) قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين (82) إلاّ عبادك منهم المخلصين}.
يقول تعالى ذكره: قال اللّه لإبليس: فإنّك ممّن أنظرته إلى يوم الوقت المعلوم، وذلك الوقت الّذي جعله اللّه أجلاً لهلاكه وقد بيّنت وقت ذلك فيما مضى على اختلاف أهل العلم فيه). [جامع البيان: 20/147] (م)

تفسير قوله تعالى: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر عن أيوب عن أبي قلابة أن إبليس لما جعل الله على إبليس اللعنة سأله النظرة إلى يوم الدين فأنظره قال فبعزتك لا أخرج من صدر عبدك حتى تخرج نفسه قال وعزتي لا أحجب توبتي عن عبدي حتى تخرج نفسه). [تفسير عبد الرزاق: 2/170]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين} يقول تعالى ذكره: قال إبليس: فبعزّتك: أي بقدرتك وسلطانك وقهرك ما دونك من خلقك {لأغوينّهم أجمعين} يقول: لأضلّنّ بني آدم أجمعين). [جامع البيان: 20/147]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين} قال: علم عدوّ اللّه أنّه ليست له عزّةٌ). [جامع البيان: 20/147-148] (م)

تفسير قوله تعالى: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {إلاّ عبادك منهم المخلصين} يقول: إلاّ من أخلصته منهم لعبادتك، وعصمته من إضلالي، فلم تجعل لي عليه سبيلاً، فإنّي لا أقدر على إضلاله وإغوائه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين} قال: علم عدوّ اللّه أنّه ليست له عزّةٌ). [جامع البيان: 20/147-148]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: الرجيم اللعين، قوله {إلا عبادك منهم المخلصين} قال: المخلصين بالنصب، فقلت كل شيء في القرآن هكذا نقرأوها قال: نعم). [الدر المنثور: 12/627]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن الأعمش عن الحكم بن عتيبة في قوله فالحق والحق أقول قال هو الحق وهو يقول الحق). [تفسير عبد الرزاق: 2/170]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال فالحقّ والحقّ أقول (84) لأملأنّ جهنّم منك وممّن تبعك منهم أجمعين (85) قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلّفين}.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {قال فالحقّ والحقّ أقول} فقرأه بعض أهل الحجاز وعامّة الكوفيّين برفع الحقّ الأوّل، ونصب الثّاني وفي رفع الحقّ الأوّل إذا قرئ كذلك وجهان: أحدهما رفعه بضميرٍ للّه الحقّ، أو أنا الحقّ وأقول الحقّ والثّاني: أن يكون مرفوعًا بتأويل قوله: {لأملأنّ} فيكون معنى الكلام حينئذٍ: فالحق أن أملأ جهنّم منك، كما يقال: عزمةٌ صادقةٌ لآتينّك، فرفع عزمةً بتأويل لآتينّك، لأنّ تأويله أن آتيك، كما قال: {ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه} فلا بدّ لقوله: {بدا لهم} من مرفوعٍ، وهو مضمرٌ في المعنى.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والبصرة وبعض المكّيّين والكوفيّين بنصب الحقّ الأوّل والثّاني كليهما، بمعنى: حقًّا لأملأنّ جهنّم والحقّ أقول، ثمّ أدخلت الألف واللاّم عليه، وهو منصوبٌ، لأنّ دخولهما إذا كان كذلك معنى الكلام وخروجهما منه سواءٌ، كما سواءٌ قولهم: حمدًا للّه، والحمد للّه عندهم إذا نصب وقد يحتمل أن يكون نصبه على وجه الإغراء بمعنى: الزموا الحقّ، واتّبعوا الحقّ، والأوّل أشبه لأنّه خطابٌ من اللّه لإبليس بما هو فاعلٌ به وبتبّاعه.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب أن يقال: إنّهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ لصحّة معنييهما.
وأمّا الحقّ الثّاني، فلا اختلاف في نصبه بين قرّاء الأمصار كلّهم، بمعنى: وأقول الحقّ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، في قوله: {فالحق والحقّ أقول} يقول اللّه: أنا الحقّ، والحقّ أقول.
- وحدّثت عن ابن أبي زائدة، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {فالحق والحقّ أقول} يقول اللّه: الحقّ منّي، وأقول الحقّ.
- حدّثنا أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون، قال: حدّثنا أبان بن تغلب، عن طلحة الياميّ، عن مجاهدٍ، أنّه قرأها {فالحق} بالرّفع {والحقّ أقول} نصبًا وقال: يقول اللّه: أنا الحقّ، والحقّ أقول.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {الحقّ والحقّ أقول} قال: قسمٌ أقسم اللّه به). [جامع البيان: 20/148-149]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن المبارك عن ابن جريج في قوله فالحق والحق أقول قال يقول الحق مني والحق أقول). [تفسير مجاهد: 553]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 84 - 85.
أخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {فالحق والحق أقول} قال: أنا الحق أقول الحق). [الدر المنثور: 12/627]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه قال {فالحق} رفع {والحق} نصب {أقول} رفع). [الدر المنثور: 12/628]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأها فالحق بالرفع والحق أقول نصبا قال: يقول الله أنا الحق والحق أقول). [الدر المنثور: 12/628]

تفسير قوله تعالى: (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لأملأنّ جهنّم منك} يقول لإبليس: لأملأنّ جهنّم منك وممّن تبعك من بني آدم أجمعين). [جامع البيان: 20/150]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {وما أنا من المتكلّفين} [ص: 86]
- حدّثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، قال: دخلنا على عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: يا أيّها النّاس، من علم شيئًا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل اللّه أعلم، فإنّ من العلم أن يقول لما لا يعلم اللّه أعلم، قال اللّه عزّ وجلّ لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: {قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلّفين} [ص: 86] وسأحدّثكم عن الدّخان: إنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم دعا قريشًا إلى الإسلام، فأبطئوا عليه، فقال: «اللّهمّ أعنّي عليهم بسبعٍ كسبع يوسف» فأخذتهم سنةٌ فحصّت كلّ شيءٍ، حتّى أكلوا الميتة والجلود، حتّى جعل الرّجل يرى بينه وبين السّماء دخانًا من الجوع، قال اللّه عزّ وجلّ: {فارتقب يوم تأتي السّماء بدخانٍ مبينٍ يغشى النّاس هذا عذابٌ أليمٌ} [الدخان: 11] ، قال: فدعوا: {ربّنا اكشف عنّا العذاب إنّا مؤمنونا، أنّى لهم الذّكرى، وقد جاءهم رسولٌ مبينٌ، ثمّ تولّوا عنه، وقالوا معلّمٌ مجنونٌ، إنّا كاشفو العذاب قليلًا، إنّكم عائدون} [الدخان: 12] أفيكشف العذاب يوم القيامة؟ قال: فكشف ثمّ عادوا في كفرهم، فأخذهم اللّه يوم بدرٍ، قال اللّه تعالى: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنّا منتقمون} [الدخان: 16] ). [صحيح البخاري: 6/124-125]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله باب (قوله وما أنا من المتكلّفين)
ذكر فيه حديث بن مسعودٍ في قصّة الدّخان وقد تقدّم قريبًا في تفسير سورة الرّوم ويأتي في تفسير الدّخان وتقدّم ما يتعلّق منه بالاستسقاء في بابه). [فتح الباري: 8/547]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: {وما أنا من المتكلّفين} (ص: 86)
أي: هذا باب في قوله تعالى: {وما أنا من المتكلفين} وأوله {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين} أي: قل يا محمّد ما أسألكم عليه، أي: على تبليغ الوحي، وهو كناية عن غير مذكور، قوله: (من أجر) ، قال الحسن بن الفضل: هذه الآية ناسخة لقوله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلاّ المودّة في القربى} (الشورى: 23) قوله: (وما أنا من المتكلفين) أي: المتقولين القرآن من تلقاء نفسي، وقال النّسفيّ: وما أنا من المتكلفين الّذين يتصنعون وينتحلون بما ليسوا من أهله وما عرفتموني قطّ متصنعا ولا مدعيًا ما ليس عندي حتّى انتحل بالنّبوّة، والتقول بالقرآن {إن هو إلّا ذكر للعالمين} (يوسف: 104) للثقلين أوحى إليّ بأن أبلغه.
- حدّثنا قتيبة بن سعيدٍ حدّثنا جريرٌ عن الأعمش عن أبي الضّحى عن مسروق قال دخلنا على عبد الله بن مسعودٍ قال يا أيّها النّاس من علم شيئا فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فإنّ من العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم قال الله عزّ وجلّ لنبيّه صلى الله عليه وسلم: {قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلّفين} وسأحدّثكم عن الدّخان إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا إلى الإسلام فأبطؤوا عليه فقال اللّهمّ أعنّي عليهم بسبعٍ كسبع يوسف فأخذتهم سنةٌ فحصّت كلّ شيءٍ حتّى أكلوا الميتة والجلود حتّى جعل الرّجل يرى بينه وبين السّماء دخانا من الجوع قال الله عزّ وجلّ: {فارتقب يوم تأتي السّماء بدخانٍ مبينٍ يغشى النّاس هذا عذابٌ أليمٌ قال فدعوا ربّنا اكشف عنّا العذاب إنّا مؤمنون أنّى لهم الذّكرى وقد جاءهم رسولٌ مبينٌ ثمّ تولّوا عنه وقالوا معلّمٌ مجنونٌ إنّا كاشفوا العذاب قليلاً إنّكم عاندون} (الدّخان: 10، 15) أفيكشف العذاب يوم القيامة قال فكشف ثمّ عادوا في كفرهم فأخذهم الله يوم بدرٍ قال الله تعالى: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنّا منتقمون} .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وجرير هو ابن عبد الحميد والأعمش هو سليمان وأبو الضّحى، بضم الضّاد المعجمة مقصورا هو مسلم بن صبيح ومسروق هو ابن الأجدع.
والحديث قد مضى في سورة الرّوم، فإنّه أخرجه هناك عن محمّد بن كثير عن سفيان عن منصور والأعمش عن أبي الضّحى الخ، ولكن بينهما اختلاف في المتن من حيث التّقديم والتّأخير والزّيادة والنّقصان ومر أيضا بعضه في الاستسقاء أخرجه عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عن منصور أيضا عن أبي الضّحى إلى آخره، وتقدم الكلام في الموضعين مستوفى.
قوله: (فحصت بالمهملتين) ، أي: أذهبت وأفنت. قوله: (حتّى جعل الرجل) ، يرى بينه وبين السّماء دخانا وجه تعلقه بما قبله ما ذكر في سورة الرّوم أنه قيل لابن مسعود: أن رجلا يقول يجيء دخان كذا وكذا، فقال ابن مسعود: من علم شيئا الخ). [عمدة القاري: 19/140-141]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {وما أنا من المتكلّفين}
(باب قوله) تعالى: ({وما أنا من المتكلفين}) [ص: 86] فلا أزيد على ما أمرت به ولا أنقص منه.
- حدّثنا قتيبة بن سعيد: حدّثنا جريرٌ عن الأعمش: عن أبي الضّحى عن مسروقٍ قال: دخلنا على عبد اللّه بن مسعودٍ قال: يا أيّها النّاس من علم شيئًا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: اللّه أعلم. فإنّ من العلم أن يقول لما لا يعلم اللّه أعلم. قال اللّه عزّ وجلّ لنبيّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: {قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلّفين} [ص: 86] وسأحدّثكم عن الدّخان، إنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- دعا قريشًا إلى الإسلام، فأبطؤوا عليه، فقال: «اللّهمّ أعنّي عليهم بسبعٍ كسبع يوسف»، فأخذتهم سنةٌ فحصّت كلّ شيءٍ، حتّى أكلوا الميتة والجلود، حتّى جعل الرّجل يرى بينه وبين السّماء دخانًا من الجوع. قال اللّه عزّ وجلّ: {فارتقب يوم تأتي السّماء بدخانٍ مبينٍ * يغشى النّاس هذا عذابٌ أليمٌ} [الدخان: 10] قال فدعوا {ربّنا اكشف عنّا العذاب إنّا مؤمنون * أنّى لهم الذّكرى وقد جاءهم رسولٌ مبينٌ * ثمّ تولّوا عنه وقالوا معلّمٌ مجنونٌ * إنّا كاشفو العذاب قليلًا إنّكم عائدون} [الدخان: 10 - 15] أفيكشف العذاب يوم القيامة قال: فكشف، ثمّ عادوا في كفرهم فأخذهم اللّه يوم بدرٍ. قال اللّه تعالى: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنّا منتقمون} [الدخان: 16].
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) سقط لغير أبي ذر ابن سعيد قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن الأعمش) سليمان (عن أبي الضحى) مقصور مسلم بن صبيح (عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه (قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود) -رضي الله عنه- (قال: يا أيها الناس من علم شيئًا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل الله أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم قال الله عز وجل لنبيه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: {قل ما أسألكم عليه من أجر}) أي جعل على القرآن أو تبليغ الوحي ({وما أنا من المتكلفين}) وكل من قال شيئًا من تلقاء نفسه فقد تكلف، (وسأحدثكم عن الدخان) المذكور في قوله تعالى: {يوم تأتي السماء بدخان مبين} [الدخان: 10] (إن رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- دعا قريشًا إلى الإسلام فأبطؤوا عليه فقال): (اللهم أعني عليهم بسبع) من السنين (كسبع يوسف) المذكورة في قوله تعالى: {ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد} [يوسف: 48] (فأخذتهم سنة) قحط (فحصت) بالحاء والصاد المهملتين أذهبت وأفنت (كل شيء حتى أكلوا الميتة والجلود) من شدّة الجوع (حتى جعل الرجل يرى بينه وبين السماء دخانًا) لضعف بصره (من الجوع. قال الله عز وجل: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين * يغشى الناس}) يحيط بهم صفة للدخان ({هذا عذاب أليم}) في موضع نصب بالقول أي قائلين هذا عذاب أليم (قال: فدعوا) أي قريش ({ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون}) وعد بالإيمان إن كشف العذاب عنهم ({أنى لهم الذكرى}) أي كيف يذكرون ويتعظون ويفون بما وعدوه من الإيمان عند كشف العذاب ({وقد جاءهم رسول مبين}) بيّن لهم ما هو أعظم وأدخل في وجوب الادّكار من الآيات والمعجزات ({ثم تولوا عنه وقالوا معلم}) يعلمه كلام أعجمي لبعض ثقيف وقال آخرون إنه ({مجنون إنّا كاشفوا العذاب}) بدعاء النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- كشفًا ({قليلًا}) أو زمانًا قليلًا ({إنكم عائدون}) [الدخان: 10 - 15] إلى الكفر قال ابن مسعود: (أفيكشف) بهمزة الاستفهام وضم الياء مبنيًّا للمفعول
({العذاب يوم القيامة}؟ قال): أي ابن مسعود -رضي الله عنه- (فكشف) بضم الكاف مبنيًّا للمفعول أي العذاب عنهم، ولأبي ذر: فكشف بفتحها والفاعل محذوف أي فكشف الله عنهم (ثم عادوا في كفرهم) عقب الكشف (فأخدهم الله يوم) وقعة (بدر. قال الله) ولأبي ذر وقال الله (تعالى) ولأبي ذر عز وجل ({يوم نبطش البطشة الكبرى}) يوم بدر ظرف لفعل دلّ عليه ({إنّا منتقمون}) [الدخان: 16] لا لمنتقمون فإن أن تحجزه عنه كذا قاله البيضاوي كالزمخشري وقيل بدل من يوم تأتي أو بإضمار اذكر.
وهذا الحديث سبق في سورة الروم). [إرشاد الساري: 7/317-318]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قل ما أسألكم عليه من أجرٍ} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لمشركي قومك، القائلين لك {أؤنزل عليه الذّكر من بيننا} ما أسألكم على هذا الذّكر وهو القرآن الّذي أتيتكم به من عند اللّه أجرًا، يعني: ثوابًا وجزاءً {وما أنا من المتكلّفين} يقول: وما أنا ممّن يتكلّف تخرّصه وافتراءه، فتقولون: {إن هذا إلاّ إفكٌ افتراه} و: {إن هذا إلاّ اختلاقٌ}.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلّفين} قال: لا أسألكم على القرآن أجرًا تعطونّي شيئًا، وما أنا من المتكلّفين أتخرّص وأتكلّف ما لم يأمرني اللّه به). [جامع البيان: 20/150]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 86 - 87.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال: قل يا محمد {ما أسألكم} على ما أدعوكم إليه من أجر عرض من الدنيا). [الدر المنثور: 12/628]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن المنذر، وابن مردويه عن مسروق رضي الله عنه قال: بينما رجل يحدث في المسجد فقال فيما يقول (يوم تأتي السماء بدخان) يكون يوم القيامة يأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام قال: فقمنا حتى دخلنا على عبد الله رضي الله عنه وهو في بيته فأخبرناه وكان متكئا فاستوى قاعدا فقال: أيها الناس من علم منكم علما فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم، فإن من العلم أن يقول العالم لما لايعلم: الله أعلم قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين} ). [الدر المنثور: 12/628-629]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الديلمي، وابن عساكر عن الزبير رضي الله عنه، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إني لا ألى من التكلف وصالحوا أمتي). [الدر المنثور: 12/629]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن عدي والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن شقيق رضي الله عنه قال: دخلت أنا وصاحب لي على سلمان رضي الله عنه فقرب إلينا خبزا وملحا فقال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن التكلفت لتكلف لكم فقال صاحبي لو كان في ملحتنا صعتر فبعث مطهرته فرهنها فجاء الصعتر فلما أكلنا قال صاحبي: الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا، فقال سلمان رضي الله عنه: لو قنعت ما كانت مطهرتي مرهونة عند البقال). [الدر المنثور: 12/629]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي عن سلمان رضي الله عنه قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتكلف للضيف). [الدر المنثور: 12/630]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن سلمان رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نتكلف للضيف ما ليس عندنا وأن نقدم ما حضر). [الدر المنثور: 12/630]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عدي عن أبي برزة رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأهل الجنة قلنا بلى يا رسول الله قال: الرحماء بينهم، ألا أنبئكم بأهل النار قلنا بلى، قال: هم الآيسون والقانطون والكذابون والمتكلفون). [الدر المنثور: 12/630]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن المنذر قال: آية المتكلف ثلاث، تكلف فيما لا يعلم وينازل من فوقه ويتعاطى ما لا ينال). [الدر المنثور: 12/630]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: من علم علما فليعلمه ولا يقولن ما ليس له به علم فيكون من المتكلفين ويمرق من الدين). [الدر المنثور: 12/630]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إن هو إلاّ ذكرٌ للعالمين (87) ولتعلمنّ نبأه بعد حينٍ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهؤلاء المشركين من قومك: {إن هو} يعني: ما هذا القرآن {إلاّ ذكرٌ} يقول: إلاّ تذكيرٌ من اللّه {للعالمين} من الجنّ والإنس، ذكّرهم ربّهم إرادة استنقاذ من آمن به منهم من الهلكة). [جامع البيان: 20/150]

تفسير قوله تعالى: (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله ولتعلمن نبأه بعد حين قال بعد الموت). [تفسير عبد الرزاق: 2/169]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولتعلمنّ نبأه بعد حينٍ} يقول: ولتعلمنّ أيّها المشركون باللّه من قريشٍ نبأه، يعني: نبأ هذا القرآن، وهو خبره، يعني: حقيقة ما فيه من الوعد والوعيد بعد حينٍ.
وبمثل الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولتعلمنّ نبأه} قال: صدق هذا الحديث نبأ ما كذّبوا به.
وقيل: {نبأه} حقيقة أمر محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه نبيٌّ.
ثمّ اختلفوا في مدّة الحين الّذي ذكره اللّه في هذا الموضع: ما هي، وما نهايتها؟ فقال بعضهم: نهايتها الموت.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولتعلمنّ نبأه بعد حينٍ} أي بعد الموت وقال الحسن: يا ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين.
وقال بعضهم: كانت نهايتها إلى يوم بدرٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {ولتعلمنّ نبأه بعد حينٍ} قال بعضهم: يوم بدرٍ، وقال بعضهم: يوم القيامة.
وقال بعضهم: نهايتها القيامة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولتعلمنّ نبأه بعد حينٍ} قال: يوم القيامة يعلمون نبأ ما كذّبوا به بعد حينٍ من الدّنيا وهو يوم القيامة وقرأ: {لكلّ نبأٍ مستقرٌّ وسوف تعلمون} قال: وهذا أيضًا الآخرة يستقرّ فيها الحقّ، ويبطل الباطل.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه أعلم المشركين المكذّبين بهذا القرآن أنّهم يعلمون نبأه بعد حينٍ من غير حدٍّ منه لذلك الحين بحدٍّ، وقد علم نبأه من أحيائهم الّذين عاشوا إلى ظهور حقيقته، ووضوح صحّته في الدّنيا، ومنهم من علم حقيقة ذلك بهلاكه ببدرٍ وقبل ذلك، ولا حدّ عند العرب للحين، لا يجاوز ولا يقصر عنه فإذ كان ذلك كذلك فلا قول فيه أصحّ من أن يطلق كما أطلقه اللّه من غير حصر ذلك على وقتٍ دون وقتٍ.
وبنحو الّذين قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا أيّوب، قال: قال عكرمة: سئلت عن رجلٍ، حلف أنّ لا يصنع كذا وكذا إلى حينٍ، فقلت: إنّ من الحين حينًا لا يدرك، ومن الحين حينٌ يدرك، فالحين الّذي لا يدرك قوله: {ولتعلمنّ نبأه بعد حينٍ} والحين الّذي يدرك قوله: {تؤتي أكلها كلّ حينٍ بإذن ربّها} وذلك من حين تصرم النّخلة إلى حين تطلع، وذلك ستّة أشهرٍ). [جامع البيان: 20/150-153]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 88.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولتعلمن نبأه بعد حين} قال: بعد الموت وقال الحسن رضي الله عنه: يا ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين). [الدر المنثور: 12/631]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {ولتعلمن نبأه بعد حين} قال بعضهم: يوم القيامة). [الدر المنثور: 12/631]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ولتعلمن نبأه} قال: صدق هذا الحديث نبأ ما كذبوا به بعد حين من الدنيا وهو يوم القيامة وقرأ (لكل نبأ مستقر) (الأنعام الآية 67) قال: وهو الآخرة يستقر فيها الحق ويبطل فيها الباطل). [الدر المنثور: 12/631]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 11:40 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) }

تفسير قوله تعالى: {إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إلى يوم الوقت المعلوم (81)}
الّذي لا يعلمه إلا اللّه، ويوم الوقت :يوم القيامة.).
[معاني القرآن: 4/341]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم}
ومعناه: إلى يوم الوقت المعلوم الذي لا يعلمه إلا الله جل وعز.).
[معاني القرآن: 6/139]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) }

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ إلاّ عبادك منهم المخلصين}: الذين أخلصهم الله , والمخلصين : الذين أخلصوا.). [مجاز القرآن: 2/187]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{إلّا عبادك منهم المخلصين (83)}
بفتح اللام: أخلصهم اللّه لعبادته، ومن كسر اللام: فإنّما أراد: الّذين أخلصوا دينهم اللّه.).
[معاني القرآن: 4/341]

تفسير قوله تعالى:{قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ) : (وقوله: {قال فالحقّ والحقّ أقول...}
قرأ الحسن , وأهل الحجاز بالنصب قيهما, وقرأ الأعمش , وعاصم , وأكبر منهم: ابن عباسٍ , ومجاهد بالرفع في الأولى , والنصب في الثانية...
- حدثني بهرام - وكان شيخاً يقرئ في مسجد المطمورة ومسجد الشعبيين - , عن أبان بن تغلب , عن مجاهد: أنه قرأ (فالحقّ مني والحقّ أقول): وأقول الحقّ, وهو وجه: ويكون رفعه على إضمار: فهو الحقّ.
وذكر عن ابن عبّاس أنه قال: (فأنا الحقّ وأقول الحقّ).
وقد يكون رفعه بتأويل جوابه؛ لأن العرب تقول: الحقّ لأقومنّ، ويقولون: عزمةٌ صادقة لآتينّك؛ لأن فيه تأويل: عزمة صادقة أن آتيك.
ويبّين ذلك قوله:
{ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه} : ألا ترى أنه لا بدّ لقوله: {بدا لهم}: من مرفوع مضمرٍ , فهو في المعنى يكون رفعاً ونصاً, والعرب تنشد بيت امرئ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعداً=ولو قطّعوا رأسي لديك وأوصالي
والنصب في يمين أكثر. والرفع على ما أنبأتك به من ضمير (أن) وعلى قولك عليّ يمين. وأنشدونا:
فإنّ عليّ الله إن يحملونني = على خطّة إلا انطلقت أسيرها
ويروى : لا يحملونني.
فلو ألقيت إن : لقلت عليّ الله لأضربنك أي عليّ هذه اليمين, ويكون عليّ الله أن أضربك , فترفع (الله) بالجواب, ورفعه بعلى أحبّ إليّ.
ومن نصب (الحقّ والحقّ) : فعلى معنى قولك : حقّاً لآتينّك، والألف واللام وطرحهما سواء.
وهو بمنزلة قولك : حمداً لله والحمد لله.
ولو خفض الحقّ الأوّل خافضٌ , يجعله الله تعالى يعني في الإعراب , فيقسم به , كان صواباً .
والعرب : تلقى الواو من القسم , ويخفضونه , سمعناهم يقولون: والله لتفعلنّ , فيقول المجيب: ألله لأفعلنّ؛ لأن المعنى مستعمل , والمستعمل يجوز فيه الحذف، كما يقول القائل للرجل: كيف أصبحت؟ ,فيقول: خيرٍ : يريد بخيرٍ، فلمّا كثرت في الكلام حذفت).
[معاني القرآن: 2/412-413]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" قال فالحقّ والحقّ " أقول: نصبها على " قال حقاً "، و " يقول الحق "). [مجاز القرآن: 2/187]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({قال فالحقّ والحقّ أقول (84)}
وقرئت:
{قال فالحقّ والحقّ أقول}: بنصبهما جميعا.
فمن رفع فعلى ضربين:
على معنى : فأنا الحقّ، والحقّ أقول.
ويجوز رفعه علي معنى : فالحقّ منّي.
ومن نصب فعلى معنى : فالحقّ أقول , والحقّ : لأملأن جهنم حقّا.).
[معاني القرآن: 4/341-342]

تفسير قوله تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين}
ويقرأ : بنصب الأول , وحكى الفراء : أنه يجوز الخفض في الأول .
قال أبو جعفر : رفعه على ثلاثة معان:
- روي عن ابن عباس: (فأنا الحق) .
- وروى أبان بن تعلب , عن الحكم , عن مجاهد قال : (فالحق مني , وأقول الحق) .
- والقول الثالث على مذهب سيبويه , والفراء بمعنى : فالحق لأملأن جهنم , بمعنى : فالحق أن أملأ جهنم .
وكذا يقول سيبويه في وقوله تعالى:
{ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه} .
والنصب بمعنى فالحق , قلت : وأقول الحق.
وقد قال أبو حاتم : المعنى : فالحق لأملأن , أي : فحقا لأملأن .
وقال قولا آخر : وهو أن المعنى : فأقول الحق , والحق لأملأن .
والأولى في النصب القول الأول , وهو مذهب أبي عبيدة .
والخفض بمعنى القسم : حذف الواو , ويكون الحق لله جل وعز .
وقد أجاز سيبويه : و الله لأفعلن إلا أن هذا أحسن من ذاك إلا أن الفاء ههنا : تكون بدلا من الواو .
كما تكون بدلا من الواو في قوله:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع = فألهيتها عن ذي تمائم محول).
[معاني القرآن: 6/141]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}
قال ابن زيد : أي: لا أتخرص , وأتكلف ما لم يأمرني الله جل وعز به.).
[معاني القرآن: 6/142]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولتعلمنّ نبأه...}
نبأ القرآن أنه حقّ، ونبأ محمّدٍ عليه السلام أنه نبيّ.
وقوله:
{بعد حين} , يقول: بعد الموت وقبله: لمّا ظهر الأمر علموه، ومن مات علمه يقينا.). [معاني القرآن: 2/413]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولتعلمنّ نبأه بعد حين (88)} : أي : بعد الموت.).[معاني القرآن: 4/342]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولتعلمن نباه بعد حين}
أي: ولتعلمن أن القرآن , وما أوعدتم فيه حق .
وروى معمر , عن قتادة :
{ولتعلمن نبأه بعد حين }, قال: (بعد الموت) .
وقال السدي: (يوم بدر) .
وقال ابن زيد: يوم القيامة .
والحين : مبهم , فهو مطلق , يقع لكل وقت علموه فيه.).
[معاني القرآن: 6/142-143]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 11:41 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) }

تفسير قوله تعالى: {إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) }

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقُّ أَقُولُ}: أراد فأقول الحق حقًا. ومن رفع قال فأنا الحق والحق قولى، وأقول في صلة الحق والحق يمين. ومن قال {فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ} قال فأنا الحق وأقول الحق). [مجالس ثعلب: 316]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (قال: ولو خفض فقال: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ} لجاز بجعله قسمًا). [مجالس ثعلب: 323]

تفسير قوله تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) }

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 10:56 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 10:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 11:00 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم إن إبليس سأل النظرة وتأخير الأجل إلى يوم بعث الأجساد من القبور، فأعطاه الله تعالى الإبقاء إلى يوم الوقت المعلوم، واختلف الناس في تأويل ذلك، فقال الجمهور: أسعفه الله في طلبته وأخره إلى يوم القيامة، وهو الآن حي مغو مضل - وهذا هو الأصح من القولين -، وقالت فرقة: لم يسعف بطلبته، وإنما أسعف إلى الوقت الذي سبق من الله تبارك وتعالى أن يموت إبليس فيه. وقال بعض هذه الفرقة: مات إبليس يوم بدر). [المحرر الوجيز: 7/ 366]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين * قال فالحق والحق أقول * لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين * قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين * إن هو إلا ذكر للعالمين * ولتعلمن نبأه بعد حين}
القائل هو إبليس، أقسم بعزة الله تعالى، قال قتادة: علم عدو الله أنه ليست له عزة فأقسم بعزة الله أنه يغوي ذرية آدم أجمع، إلا من أخلصه الله للإيمان به.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا استثناء الأقل عن الأكثر، على باب الاستثناء; لأن المؤمنين أقل من الكفرة بكثير، بدليل حديث بعث النار وغيره، وجوز قوم أن يستثنى الكثير من الجملة ويترك الأقل على الحكم الأول، واحتجوا بقوله: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين} وقال من ناقضهم: العباد هنا يعم البشر والملائكة، فبقي الاستثناء على بابه في أن الأقل هو المستثنى. وفتح اللام وكسرها في "المخلصين" تقدم). [المحرر الوجيز: 7/ 366-367]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والقائل: "فالحق والحق أقول" هو الله تعالى، قال مجاهد: المعنى: فالحق أنا. وقرأ الجمهور بالنصب في الاثنين، فأما الثاني فمنصوب بـ"أقول"، وأما الأول فيحتمل الإغراء، أو القسم على إسقاط حرف القسم، كأنه قال: "فو الحق"، ثم حذف الحرف، كما تقول: "الله لأفعلن"، تريد: والله، ويقوي ذلك قوله: "لأملأن"، وقد قال سيبويه: قلت للخليل: ما معنى "لأفعلن" إذا جاءت مبتدأ؟ فقال: هي بتقدير قسم منوي. وقالت فرقة: الأول منصوب بفعل مضمر.
وقال ابن عباس، ومجاهد برفع الاثنين، فأما الأول فبالابتداء، وخبره في قوله: "لأملأن"; لأن المعنى: أن أملأ، وأما الثاني فيرفع على الابتداء أيضا. وقرأ عاصم، وحمزة بالرفع في الأول، وهي قراءة مجاهد، والأعمش، وأبان بن تغلب، وإعراب هذه بين. وقرأ الحسن: "فالحق والحق" بخفض القاف فيهما على القسم، وذكرها أبو عمرو الداني). [المحرر الوجيز: 7/ 367]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبرهم بأنه ليس بسائل أجر ولا مال، وأنه ليس ممن يتكلف ما لم يجعل إليه، ولا يتحلى بغير ما هو فيه. وقال الحسين بن الفضل: هذه الآية ناسخة لقوله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}، وقال الزبير بن العوام رضي الله عنه: نادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر للذين لا يدعون ولا يتكلفون، ألا إني بريء من التكلف، وصالحو أمتي"). [المحرر الوجيز: 7/ 367-368]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إن هو إلا ذكر للعالمين} يريد: به القرآن، وإلا ذكر أي: تذكرة). [المحرر الوجيز: 7/ 368]

تفسير قوله تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم توعدهم تعالى بقوله: {ولتعلمن نبأه بعد حين}، وهذا على حذف تقديره: ولتعلمن صدق نبئه بعد حين من توعدكم.
واختلف الناس في معنى قوله تعالى: {بعد حين} إلى أي وقت أشار؟ لأن "الحين" في اللغة يقع على القليل والكثير من الوقت، فقال ابن زيد: أشار إلى يوم القيامة، وقال قتادة والحسن: في اللغة أشار إلى الآجال التي لهم; لأن كل واحد منهم يعرف الحقائق بعد موته، وقال السدي: أشار إلى يوم بدر; لأنه يوم عرف الكفار فيه صدق وعيد القرآن لهم.
كمل تفسير سورة (ص) والحمد لله رب العالمين). [المحرر الوجيز: 7/ 368]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 05:06 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 05:11 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إذ قال ربّك للملائكة إنّي خالقٌ بشرًا من طينٍ (71) فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (72) فسجد الملائكة كلّهم أجمعون (73) إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين (74) قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ أستكبرت أم كنت من العالين (75) قال أنا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ (76) قال فاخرج منها فإنّك رجيمٌ (77) وإنّ عليك لعنتي إلى يوم الدّين (78) قال ربّ فأنظرني إلى يوم يبعثون (79) قال فإنّك من المنظرين (80) إلى يوم الوقت المعلوم (81) قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين (82) إلا عبادك منهم المخلصين (83) قال فالحقّ والحقّ أقول (84) لأملأنّ جهنّم منك وممّن تبعك منهم أجمعين (85)}
هذه القصّة ذكرها اللّه، تعالى في سورة "البقرة" وفي أوّل "الأعراف" وفي سورة "الحجر" و [في] سبحان" و "الكهف"، وهاهنا وهي أنّ اللّه سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم عليه السّلام بأنّه سيخلق بشرًا من صلصالٍ من حمأٍ مسنونٍ وتقدّم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكرامًا وإعظامًا واحترامًا وامتثالًا لأمر اللّه عزّ وجلّ. فامتثل الملائكة كلّهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسًا كان من الجنّ فخانه طبعه وجبلّته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السّجود لآدم وخاصم ربّه عزّ وجلّ فيه وادّعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نارٍ وآدم خلق من طينٍ والنّار خيرٌ من الطّين في زعمه. وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر اللّه، وكفر بذلك فأبعده اللّه وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحلّ أنسه وحضرة قدسه، وسمّاه "إبليس" إعلامًا له بأنّه قد أبلس من الرّحمة، وأنزله من السّماء مذمومًا مدحورًا إلى الأرض، فسأل اللّه النّظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الّذي لا يعجل على من عصاه. فلمّا أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرّد وطغى وقال: {لأغوينّهم أجمعين. إلا عبادك منهم المخلصين} كما قال: {أرأيتك هذا الّذي كرّمت عليّ لئن أخّرتني إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذرّيّته إلا قليلا} [الإسراء: 62] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ وكفى بربّك وكيلا} [الإسراء: 65]). [تفسير ابن كثير: 7/ 81-82]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {قال فالحقّ والحقّ أقول لأملأنّ جهنّم منك وممّن تبعك منهم أجمعين} قرأ ذلك جماعةٌ منهم مجاهدٌ برفع "الحقّ" الأولى وفسّره مجاهدٌ بأنّ معناه: أنا الحقّ، والحقّ أقول وفي روايةٍ عنه: الحقّ منّي، وأقول الحقّ.
وقرأ آخرون بنصبهما.
قال السّدّيّ: هو قسمٌ أقسم اللّه به.
قلت: وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى: {ولكن حقّ القول منّي لأملأنّ جهنّم من الجنّة والنّاس أجمعين} [السّجدة: 13] وكقوله تعالى: {قال اذهب فمن تبعك منهم فإنّ جهنّم جزاؤكم جزاءً موفورًا} [الإسراء: 63] ). [تفسير ابن كثير: 7/ 82]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلّفين (86) إن هو إلا ذكرٌ للعالمين (87) ولتعلمنّ نبأه بعد حينٍ (88)}
يقول تعالى: قل يا محمّد لهؤلاء المشركين: ما أسألكم على هذا البلاغ وهذا النّصح أجرًا تعطونيه من عرض الحياة الدّنيا {وما أنا من المتكلّفين} أي: وما أزيد على ما أرسلني اللّه به، ولا أبتغي زيادةً عليه بل ما أمرت به أدّيته لا أزيد عليه ولا أنقص منه وإنّما أبتغي بذلك وجه اللّه عزّ وجلّ والدّار الآخرة.
قال سفيان الثّوريّ عن الأعمش ومنصورٍ عن أبي الضّحى عن مسروقٍ قال: أتينا عبد اللّه بن مسعودٍ قال: يا أيّها النّاس من علم شيئًا فليقل به ومن لا يعلم فليقل: اللّه أعلم فإنّ من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: اللّه أعلم فإنّ اللّه قال لنبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلّفين} أخرجاه من حديث الأعمش به).[تفسير ابن كثير: 7/ 82]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إن هو إلا ذكرٌ للعالمين} يعني: القرآن ذكرٌ لجميع المكلّفين من الإنس والجنّ، قاله ابن عبّاسٍ. ورواه ابن أبي حاتمٍ عن أبيه، عن أبي غسّان مالك بن إسماعيل: حدّثنا قيس، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {للعالمين} قال: الجنّ والإنس.
وهذه الآية كقوله تعالى: {لأنذركم به ومن بلغ} [الأنعام: 19]، [وكقوله] {ومن يكفر به من الأحزاب فالنّار موعده} [هودٍ: 17]). [تفسير ابن كثير: 7/ 83]

تفسير قوله تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولتعلمنّ نبأه} أي: خبره وصدقه {بعد حينٍ} أي: عن قريبٍ. قال قتادة: بعد الموت. وقال عكرمة: يعني يوم القيامة ولا منافاة بين القولين؛ فإنّ من مات فقد دخل في حكم القيامة.
وقال قتادة في قوله تعالى: {ولتعلمنّ نبأه بعد حينٍ} قال الحسن: يا ابن آدم، عند الموت يأتيك الخبر اليقين).[تفسير ابن كثير: 7/ 83]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة