التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على اللّه وجوههم مّسودّةٌ...}
ترفع {وجوههم} و{مسودّة} : لأنّ الفعل قد وقع على (الذين) , ثم جاء بعد (الذين) اسم له فعل فرفعته بفعله، وكان فيه معنى نصب, وكذلك فالفعل بكل اسم أوقعت عليه الظنّ والرأي ,وما أشبههما , فارفع ما يأتي بعده من الأسماء إذا كان معها أفاعيلها بعدها؛ كقولك: رأيت عبد الله أمره مستقيم. فإن قدمت الاستقامة نصبتها، ورفعت الاسم؛ فقلت: رأيت عبد الله مستقيماً أمره، ولو نصبت الثلاثة في المسألة الأولى على التكرير كان جائزاً، فتقول: رأيت عبد الله أمره مستقيماً.
وقال عدي ابن زيد:
ذريني إن أمرك لن يطاعا = وما ألفيتني حلمي مضاعا
فنصب الحلم , والمضاع على التكرير. ومثله:
= ما للجمال مشيها وئيدا =
فخفض الجمال , والمشي على التّكرير, ولو قرأ قارئ {وجوههم مّسودّةٌ} على هذا لكان صواباً). [معاني القرآن: 2/424]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على اللّه وجوههم مّسودّةٌ أليس في جهنّم مثوًى لّلمتكبّرين}
وقال: {وجوههم مّسودّةٌ} فرفع على الابتداء, ونصب بعضهم فجعلها على البدل. وكذلك {ويجعل الخبيث بعضه على بعضٍ} جعله بدلاً من {الخبيث} , ومنهم من قال: {بعضه على بعض} فرفع على الابتداء, أو شغل الفعل بالأول.
وقال بعضهم {مسوادّةٌ} , وهي لغة لأهل الحجاز يقولون: "اسوادّ وجهه" , و"احمارّ" يجعلونه "افعالّ" , كما تقول للأشهب "قد اشهابّ" "قد ازراقّ".
وقال بعضهم لا يكون "افعالّ" في ذي اللون الواحد، و إنّما يكون في نحو الأشهب , ولا يكون في نحو الأحمر , وهما لغتان.). [معاني القرآن: 3/41]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الرؤية: المعاينة، كقول الله عز وجل: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}). [تأويل مشكل القرآن: 499]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ -:{ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على اللّه وجوههم مسودّة أليس في جهنّم مثوى للمتكبّرين (60)}
القراءة على رفع{وجوههم مسودّة} على الابتداء والخبر.
ويجوز { وجوههم مسودّة } على البدل من الذين كفروا.
المعنى : ويوم القيامة ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودّة, والرفع أكثر , وعليه القراء .
ومثل النصب قول عدي بن زيد:
دعيني إن أمرك لن يطاعا= وما ألفيتني حلمي مضاعا). [معاني القرآن: 4/360]
تفسير قوله تعالى: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بمفازاتهم...}: جمع , وقد قرأ أهل المدينة {بمفازتهم} بالتوحيد, وكلّ صواب.
تقول في الكلام: قد تبيّن أمر القوم وأمور القوم، وارتفع الصوت والأصوات , (ومعناه) واحد , قال الله : {إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير}, ولم يقل: أصواتٌ , وكلّ صواب.). [معاني القرآن: 2/424]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وينجّي اللّه الذين اتّقوا بمفازاتهم }: بنجاتهم من الفوز). [مجاز القرآن: 2/191]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وينجّي اللّه الّذين اتّقوا بمفازتهم}: من العذاب، أي: بمنجاتهم).[تفسير غريب القرآن: 384]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وينجّي اللّه الّذين اتّقوا بمفازتهم لا يمسّهم السّوء ولا هم يحزنون (61)}
(بمفازتهم), و(بمفازاتهم) يقرآن جميعا). [معاني القرآن: 4/360]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم} : أي: بنجائهم من النار , ويقرأ: بمفازاتهم , والتوحيد أجود لأن مفازة بمعنى الفوز). [معاني القرآن: 6/189]
تفسير قوله تعالى:{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (63)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" له مقاليد السّموات والأرض " : أي: المفاتيح ,واحدها: مقليد , وواحد الأقاليد إقليد، وقال الأعشى:
فتىً لو يجاري الشّمس ألقت قناعها = أو القمر الساري لألقى المقالدا). [مجاز القرآن: 2/191]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ((المقاليد): المفاتيح). [غريب القرآن وتفسيره: 326]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({له مقاليد السّماوات والأرض}: أي: مفاتيحها , وخزائنها، واحدها: «إقليد» , يقال: هو فارسي، معرب : «إكليد»). [تفسير غريب القرآن: 384]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({له مقاليد السّماوات والأرض والّذين كفروا بآيات اللّه أولئك هم الخاسرون (63)}: أي: مفاتيح السّماوات، المعنى : ما كان من شيء من السّماوات والأرض , فالله خالقه , وفاتح بابه.
{والّذين كفروا بآيات اللّه أولئك هم الخاسرون} : أي: الذين يقولون إن شيئا ليس مما خلق اللّه أو رزقه من السّماوات والأرض , فليس الله خالقه، أولئك هم الخاسرون.). [معاني القرآن: 4/361]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {له مقاليد السموات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون}
روى سعيد , عن قتادة قال: مقاليد : أي : مفاتيح .
قال أبو جعفر : ومعنى :{ له مفاتح السموات والأرض }: هو خالق ما فيهما , ومفتاح بابه بيده عز وجل, ثم قال: {والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون} : أي: من زعم أن غيره خلق شيئا من هذا, فقد خسر وكفر.). [معاني القرآن: 6/189-190]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {له مقاليد}: أي: مفاتيح، واحدها: إقليد).[ياقوتة الصراط: 447]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَقَالِيدُ}: مفاتيح.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 214]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَقَالِيدُ}: مفاتيح.).[العمدة في غريب القرآن: 262]