التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون (31)}: يختصم المؤمن والكافر، ويخاصم المظلوم الظالم). [معاني القرآن: 4/353]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون}
أي : يخاصم المظلوم الظالم , والمؤمن الكافر.
قال ابن عمر : (ما كنا ندري , فيم نختصم؟!, حتى وقعت الفتنة , فقلنا : هو ذا).
وفي الحديث : أن الزبير قال: (يا رسول الله, أنختصم يوم القيامة بعدما كان بيننا ؟).
قال:((نعم, حتى يؤدي إلى كل ذي حق حقه .)).
قال: (إن الأمر إذا لشديد).). [معاني القرآن: 6/172]
تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فمن أظلم ممّن كذب على اللّه وكذّب بالصّدق إذ جاءه أليس في جهنّم مثوى للكافرين (32)}
المعنى : أي : أحد أظلم ممن كذب على اللّه , وكذّب نبيّه صلى الله عليه وسلم ). [معاني القرآن: 4/353]
تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): قوله: {والّذي جاء بالصّدق وصدّق به...}
(الذي) غير موقّت، فكأنه في مذهب جماعٍ في المعنى, وفي قراءة عبد الله {والذين جاءوا بالصّدق وصدّقوا به}, فهذا دليل أنّ (الذي) في تأويل جمعٍ). [معاني القرآن: 2/419]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ والذي جاء بالصّدق }: في موضع الجميع , وصدق به , قال الأشهب ابن رميلة:
وإن الذي حانت بفلجٍ دماؤهم= هم القوم كل القوم يا أمّ خالد). [مجاز القرآن: 2/190]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({والّذي جاء بالصّدق وصدّق به أولئك هم المتّقون}
وقال: {والّذي جاء بالصّدق} , ثم قال: {أولئك هم المتّقون} , فجعل "الذي" في معنى جماعة بمنزلة : {من} ).[معاني القرآن: 3/41]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والّذي جاء بالصّدق} : هو: النبي صلّى اللّه عليه وسلم {وصدّق به}: هم: أصحابه رضي اللّه عنهم.
قال أبو عبيدة: {الّذي جاء بالصّدق} : في موضع جميع, وهي قراءة عبد اللّه: {والذين جاءوا بالصدق وصدقوا به}.).[تفسير غريب القرآن :383]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {والّذي جاء بالصّدق وصدّق به أولئك هم المتّقون (33)}
روي عن علي رحمه اللّه أنه قال: (الّذي جاء بالصّدق محمد صلى الله عليه وسلم , والذي صدّق به أبو بكر- رحمه اللّه-).
وروي : (أن الّذي جاء بالصّدق جبريل، والذي صدّق به محمد صلى اللّه عليهما).
وروي: (أن الّذي جاء بالصّدق محمد صلى الله عليه وسلم , وصدّق به المؤمنون), وجميع هذه الوجوه صحيح.
والذي جاء في حرف ابن مسعود: {والّذين جاءوا بالصّدق وصدّقوا به } , و (الذين) ههنا , و (الذي) في معنى واحد، توحيده - لأنه غير موقت – جائز وهو بمنزلة قولك من جاء بالصّدق , وصدّق به.
{أولئك هم المتقون}:-
و(الذي) ههنا للجنس، المعنى , والقبيل الذي جاء بالصدق, وقوله (أولئك هم المتقون) : يدل على معنى الجماعة.
ومثله من الشعر:
إنّ الّذي حانت بفلج دماؤهم= هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد)[معاني القرآن: 4/354]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون}
حدثنا بكر بن سهل قال : حدثنا أبو صالح , عن معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس {والذي جاء بالصدق }: يقول : (جاء بلا إله إلا الله) , {وصدق به }: (يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم) {أولئك هم المتقون }, يقول : (اتقوا الشرك) .
وروى ابن عيينة , عن منصور قال : قلت لمجاهد : يا أبا الحجاج : ما معنى قوله تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به} : قال: (الذي جاء بالقرآن , وصدق به) .
قال أبو جعفر : وهذا يشبه القول الأول , وهو قول أكثر أهل اللغة , ويدل على صحته: أن عبد الله بن مسعود قرأ : {والذين جاءوا بالصدق وصدقوا به أولئك هم المتقون }: فالذي ههنا , والذين واحد .
وقال الحسن : (هو المؤمن جاء بالصدق يوم القيامة , وصدق به في الدنيا) .
وبعض أهل اللغة بقول: حذف من (الذين )النون , لطول الاسم.
وبعضهم يقول : الذي بمعنى الذين , وبعضهم يقول : (الذي ) واحد يؤدي عن معنى الجماعة.
قال أبو جعفر : وهذا القول أصحها , يكون الذي مثل من ؛ لأنه لا يقصد قصده , وحقيقته أن المعنى والقبيل الذي جاء بالصدق وصدق به
وقد قيل في الآية غير هذا.
قال قتادة ,وأبو العالية : (الذي جاء بالصدق النبي صلى الله عليه وسلم , وأبو بكر رضي الله عنه)
وقيل : النبي صلى الله عليه وسلم , وعلي عليه السلام.
حدثنا علي بن سعيد , قال : حدثنا الحسين بن نصر , حدثني أبي , قال : حدثنا عمر بن سعيد, عن ليث , عن مجاهد: والذي جاء بالصدق محمد , وصدق به علي بن أبي طالب عليه السلام .
ونظير الذي جاء بالصدق , في أنه واحد يؤدي عن جماعة , قوله:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم = هم القوم كل القوم يا أم خالد
وحذف النون وقوله:
أبني كليب إن عمي اللذا = قتلا الملوك وفككا الأغلالا) [معاني القرآن: 6/173-176]