العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء الذاريات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 جمادى الآخرة 1434هـ/15-04-2013م, 09:47 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي تفسير سورة الحديد [ من الآية (7) إلى الآية (11) ]

{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (8) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (9) وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 7 رجب 1434هـ/16-05-2013م, 02:32 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {جعلكم مستخلفين} [الحديد: 7] : «معمّرين فيه»). [صحيح البخاري: 6/146]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ جعلكم مستخلفين معمّرين فيه سقط هذا لأبي ذرٍّ وقد وصله الفريابيّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ وقال الفرّاء مستخلفين فيه يريد مملّكين فيه وهو رزقه وعطيّته). [فتح الباري: 8/628]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
قال جعلكم مستخلفين فيه معمرين من الظّلمات إلى النّور من الضلال إلى الهدى ومنافع للنّاس جنّة وسلاح مولاكم أولى بكم لئلّا يعلم أهل الكتاب ليعلم أهل الكتاب
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 7 الحديد {مستخلفين فيه} قال معمرين بالرزق). [تغليق التعليق: 4/336]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ: جعلكم مستخلفين فيه معمّرين فيه
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: {وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه} (الحديد: 7) أي: معمرين فيه، ولم يثبت هذا لأبي ذر، وعن الفراء مستخلفين فيه أي: مملكين فيه). [عمدة القاري: 19/221]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قال) ولأبي ذر وقال (مجاهد): فيما وصله الفريابي في قوله تعالى: ({وجعلكم مستخلفين}) [الحديد: 7] أي (معمرين فيه) بتشديد الميم المفتوحة). [إرشاد الساري: 7/374]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {آمنوا باللّه ورسوله وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه فالّذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجرٌ كبيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: آمنوا باللّه أيّها النّاس، فأقرّوا بوحدانيّته وبرسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم فصدّقوه فيما جاءكم به من عند اللّه واتّبعوه، وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه، يقول جلّ ثناؤه: وأنفقوا ممّا خوّلكم اللّه من المال الّذي أورثكم عمّن كان قبلكم، فجعلكم خلفاءهم فيه في سبيل اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {مستخلفين فيه}. قال: المعمّرين فيه بالرّزق.
وقوله: {فالّذين آمنوا منكم وأنفقوا}. يقول: فالّذين آمنوا باللّه ورسوله منكم أيّها النّاس وأنفقوا ممّا خوّلهم اللّه عمّن كان قبلهم ورزقهم من المال في سبيل اللّه {لهم أجرٌ كبيرٌ}. يقول: لهم ثوابٌ عظيمٌ). [جامع البيان: 22/389]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه يعني معمرين فيه بالرزق). [تفسير مجاهد: 2/656]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 7 - 11
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} قال: معمرين فيه بالرزق وفي قوله: {وقد أخذ ميثاقكم} قال: في ظهر آدم وفي قوله: {ليخرجكم من الظلمات إلى النور} قال: من الضلالة إلى الهدى). [الدر المنثور: 14/262]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما لكم لا تؤمنون باللّه والرّسول يدعوكم لتؤمنوا بربّكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين}.
يقول تعالى ذكره: وما لكم لا تؤمنون باللّه، وما شأنكم أيّها النّاس لا تقرّون بوحدانيّة اللّه، ورسوله محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم يدعوكم إلى الإقرار بوحدانيّته، وقد أتاكم من الحجج على حقيقة ذلك ما قطع عذركم، وأزال الشّكّ من قلوبكم، وقد أخذ ميثاقكم، قيل: عني بذلك؛ وقد أخذ منكم ربّكم ميثاقكم في صلب آدم، بأنّ اللّه ربّكم لا إله لكم سواه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وقد أخذ ميثاقكم} قال: في ظهر آدم.
واختلفت القرأة في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرأة الحجاز والعراق غير أبي عمرٍو {وقد أخذ ميثاقكم}. بفتح الألف من أخذ ونصب الميثاق، بمعنى: وقد أخذ ربّكم ميثاقكم وقرأ ذلك أبو عمرٍو: (وقد أخذ ميثاقكم) بضمّ الألف ورفع الميثاق، على وجه ما لم يسمّ فاعله.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، وإن كان فتح الألف من أخذ ونصب الميثاق أعجب القراءتين إليّ في ذلك لكثرة القراءة بذلك، وقلّة القرّاء بالقراءة الأخرى.
وقوله: {إن كنتم مؤمنين}. يقول: إن كنتم تريدون أن تؤمنوا باللّه يومًا من الأيّام، فالآن أحرى الأوقات، أن تؤمنوا لتتابع الحجج عليكم بالرّسول وإعلامه، ودعائه إيّاكم إلى ما قد تقرّرت صحّته عندكم بالإعلام والأدلّة والميثاق المأخوذ عليكم). [جامع البيان: 22/389-390]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وقد أخذ ميثاقكم قال يعني في ظهر آدم عليه السلام). [تفسير مجاهد: 2/656]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 7 - 11
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} قال: معمرين فيه بالرزق وفي قوله: {وقد أخذ ميثاقكم} قال: في ظهر آدم وفي قوله: {ليخرجكم من الظلمات إلى النور} قال: من الضلالة إلى الهدى). [الدر المنثور: 14/262] (م)

تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({من الظّلمات إلى النّور} [الحديد: 9] : «من الضّلالة إلى الهدى»). [صحيح البخاري: 6/146]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله من الظّلمات إلى النّور من الضّلالة إلى الهدى سقط هذا أيضًا لأبي ذرٍّ وقد وصله الفريابيّ أيضًا). [فتح الباري: 8/628]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وفي قوله 9 الحديد {ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور} قال من الضّلالة إلى الهدى). [تغليق التعليق: 4/336]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (من الظّلمات إلى النّور: من الضّلالة إلى الهدي
أشار به إلى قوله تعالى: {هو الّذي ينزل على عبده آيات بيّنات ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور} (الحديد: 9) وسقط هذا أيضا لأبي ذر). [عمدة القاري: 19/221]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({من الظلمات إلى النور}) [الحديد: 9] أي (من الضلالة إلى الهدى) وصله الفريابي أيضًا وسقط من قوله: جعلكم إلى هنا لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/374]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {هو الّذي ينزّل على عبده آياتٍ بيّناتٍ ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور وإنّ اللّه بكم لرءوفٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: اللّه الّذي ينزّل على عبده محمّدٍ {آياتٍ بيّناتٍ} يعني مفصّلاتٍ {ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور}. يقول جلّ ثناؤه: ليخرجكم أيّها النّاس من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان، ومن الضّلالة إلى الهدى.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {من الظّلمات إلى النّور}. قال: من الضّلالة إلى الهدى.
وقوله: {وإنّ اللّه بكم لرءوفٌ رحيمٌ}. يقول تعالى ذكره: وإنّ اللّه بإنزاله على عبده ما أنزل عليه من الآيات البيّنات لهدايتكم، وتبصيركم الرّشاد، لذو رأفةٍ بكم ورحمةٍ، فمن رأفته ورحمته بكم لكم فعل ذلك). [جامع البيان: 22/391]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ليخرجكم من الظلمات إلى النور قال يعني من الضلالة إلى الهدى). [تفسير مجاهد: 2/656]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 7 - 11
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} قال: معمرين فيه بالرزق وفي قوله: {وقد أخذ ميثاقكم} قال: في ظهر آدم وفي قوله: {ليخرجكم من الظلمات إلى النور} قال: من الضلالة إلى الهدى). [الدر المنثور: 14/262] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال زيد في هذه الآية: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح}، قال: فتح مكة). [الجامع في علوم القرآن: 1/62]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى من قبل الفتح فتح مكة). [تفسير عبد الرزاق: 2/275]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما لكم ألاّ تنفقوا في سبيل اللّه وللّه ميراث السّموات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلًّا وعد اللّه الحسنى واللّه بما تعملون خبيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: وما لكم أيّها النّاس لا تنفقوا ممّا رزقكم اللّه في سبيل اللّه، وإلى اللّه صائرٌ أموالكم إن لم تنفقوها في حياتكم في سبيل اللّه، لأنّ له ميراث السّماوات والأرض، وإنّما حثّهم جلّ ثناؤه بذلك على حظّهم، فقال لهم: أنفقوا أموالكم في سبيل اللّه، ليكون ذلكم لكم ذخرًا عند اللّه من قبل أن تموتوا، فلا تقدروا على ذلك، وتصير الأموال ميراثًا لمن له السّماوات والأرض.
وقوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل}. اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: لا يستوي منكم أيّها النّاس من آمن قبل فتح مكّة وهاجر
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} قال: آمن فأنفق، يقول: هاجر، ليس من هاجر ليس كمن لم يهاجر.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح}. يقول: من آمن.
- قال: حدّثنا مهران، عن سفيان قال: يقول غير ذلك.
وقال آخرون: عني بالفتح فتح مكّة، وبالنّفقة: النّفقة في جهاد المشركين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلًّا وعد اللّه الحسنى}. قال: كان قتالان، أحدهما أفضل من الآخر، وكانت نفقتان إحداهما أفضل من الأخرى، كانت النّفقة والقتال من قبل الفتح فتح مكّة أفضل من النّفقة والقتال بعد ذلك.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {من قبل الفتح}. قال: فتح مكّة.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: أخبرني عبد اللّه بن عيّاشٍ قال: قال زيد بن أسلم في هذه الآية {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح}. قال: فتح مكّة.
وقال آخرون: عني بالفتح في هذا الموضع: صلح الحديبية.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني إسحاق بن شاهين قال: حدّثنا خالد بن عبد اللّه، عن داود، عن عامرٍ قال: فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية، يقول تعالى ذكره: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل}. الآية.
- حدّثني حميد بن مسعدة قال: حدّثنا بشر بن المفضّل قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، في هذه الآية، قوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل}. قال: فتح الحديبية قال: وكان فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية.
- حدّثني ابن المثنّى قال: حدّثنا عبد الوهّاب قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ قال: فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية وأنزلت {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح}. إلى {واللّه بما تعملون خبيرٌ}. فقالوا: يا رسول اللّه فتحٌ هو؟ قال: نعم عظيمٌ.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا عبد الأعلى قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ قال: فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية، ثمّ تلا هنا الآية {لا يستوي منكم}. الآية.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: أخبرني هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عام الحديبية: يوشك أن يأتي قومٌ تحقرون أعمالكم مع أعمالهم، قلنا: من هم يا رسول اللّه، أقريشٌ هم؟ قال: لا، ولكن أهل اليمن أرقّ أفئدةً وألين قلوبًا، فقلنا: هم خيرٌ منّا يا رسول اللّه؟ فقال: لو كان لأحدهم جبلٌ من ذهبٍ فأنفقه ما أدرك مدّ أحدكم ولا نصيفه، ألا إنّ هذا فصل ما بيننا وبين النّاس، {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح} الآية، إلى قوله: {واللّه بما تعملون خبيرٌ}.
- حدّثني ابن البرقيّ قال: حدّثنا ابن أبي مريم قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: أخبرني زيد بن أسلم، عن أبي سعيدٍ التّمّار، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: يوشك أن يأتي قومٌ تحقرون أعمالكم مع أعمالهم، فقلنا: من هم يا رسول اللّه، أقريشٌ؟ قال: لا، هم أرقّ أفئدةً وألين قلوبًا، وأشار بيده إلى اليمن، فقال: هم أهل اليمن، ألا إنّ الإيمان يمان، والحكمة يمانيةٌ فقلنا: يا رسول اللّه هم خيرٌ منّا؟ قال: والّذي نفسي بيده لو كان لأحدكم جبل ذهبٍ ينفقه ما أدرك مدّ أحدكم ولا نصيفه، ثمّ جمع أصابعه، ومدّ خنصره وقال: ألا إنّ هذا فصل ما بيننا وبين النّاس {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلًّا وعد اللّه الحسنى}.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب عندي أن يقال: معنى ذلك لا يستوي منكم أيّها النّاس من أنفق في سبيل اللّه من قبل فتح الحديبية للّذي ذكرنا من الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، الّذي روّيناه عن أبي سعيدٍ الخدريّ عنه وقاتل المشركين بمن أنفق بعد ذلك، وقاتل وترك ذكر من أنفق بعد ذلك، وقاتل استغناءً بدلالة الكلام الّذي ذكر عليه من ذكره.
{أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا}. يقول تعالى ذكره: هؤلاء الّذين أنفقوا في سبيل اللّه من قبل فتح الحديبية، وقاتلوا المشركين أعظم درجةً في الجنّة عند اللّه من الّذين أنفقوا من بعد ذلك وقاتلوا.
وقوله: {وكلًّا وعد اللّه الحسنى}. يقول تعالى ذكره: وكلّ هؤلاء الّذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، والّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، وعد اللّه الجنّة بإنفاقهم في سبيله، وقتالهم أعداءه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {من الّذين أنفقوا}: وآمنوا، {وكلًّا وعد اللّه الحسنى}. قال: الجنّة.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وكلًّا وعد اللّه الحسنى}. قال: الجنّة.
وقوله: {واللّه بما تعملون خبيرٌ}. يقول تعالى ذكره: واللّه بما تعملون من النّفقة في سبيل اللّه، وقتال أعدائه، وغير ذلك من أعمالكم الّتي تعملون، خبيرٌ لا يخفى عليه منها شيءٌ، وهو مجازيكم على جميع ذلك يوم القيامة). [جامع البيان: 22/391-396]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لا يستوي منكم من أنفق قال يقول ليس من أنفق وهاجر كمن لم ينفق ولم يهاجر). [تفسير مجاهد: 2/656]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وكلا وعد الله الحسنى يعني الحسنة والحسنى وهي الجنة). [تفسير مجاهد: 2/657]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح} يقول: من أسلم {وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا} يعني أسلموا يقول ليس من هاجر كمن لم يهاجر {وكلا وعد الله الحسنى} قال: الجنة). [الدر المنثور: 14/262]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح} الآية قال: كان قتالان أحدهما أفضل من الآخر وانت نفقتان أحدهما أفضل من الأخرى قال: كانت النفقة والقتال قبل الفتح فتح مكة أفضل من النفقة والقتال بعد ذلك {وكلا وعد الله الحسنى} قال: الجنة). [الدر المنثور: 14/262-263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة قال: لما نزلت هذه الآية {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} قال أبو الدحداح: والله لأنفقن اليوم نفقة أدرك بها من قبلي ولا يسبقني بها أحد بعدي فقال: اللهم كل شيء يملكه أبو الدحداح فإن نصفه لله حتى بلغ فرد نعله ثم قال: وهذا). [الدر المنثور: 14/263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتيكم قوم من ههنا وأشار بيده إلى اليمن تحقرون أعمالكم عند أعمالهم قالوا: فنحن خير أم هم قال: بل أنتم فلو أن أحدهم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك أحدكم ولا نصيفه فصلت هذه الآية بيننا وبين الناس {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا}). [الدر المنثور: 14/263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية إذا كان بعسفان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم قلنا: من هم يا رسول الله أقريش قال: لا ولكنهم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا فقلنا: أهم خير منا يا رسول الله قال: لو كان لأحدهم جبل من ذهب فأنفقه ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه إلا أن هذا فصل ما بيننا وبين الناس {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} الآية). [الدر المنثور: 14/263-264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن أنس قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام فقال خالد لعبد الرحمن بن عوف: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها فبلغ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم). [الدر المنثور: 14/264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنحن خير أم من بعدنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أنفق أحدهم أحدا ذهبا ما بلغ مد أحدكم ولا نصيفه). [الدر المنثور: 14/264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن بي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه). [الدر المنثور: 14/264-265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره). [الدر المنثور: 14/265]

تفسير قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال قال: بلغني أن الله لما أنزل: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا}، قال: المنافقون، استقرض الغني من الفقير، إنما يستقرض الفقير من الغني، فأنزل الله: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقيرٌ ونحن أغنياء}). [الجامع في علوم القرآن: 2/91]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا فيضاعفه له وله أجرٌ كريمٌ}.
يقول تعالى ذكره: من هذا الّذي ينفق في سبيل اللّه في الدّنيا محتسبًا في نفقته مبتغيًا ما عند اللّه، وذلك هو القرض الحسن.
وقوله: {فيضاعفه له}. يقول: فيضاعف له ربّه قرضه ذلك الّذي أقرضه، بإنفاقه في سبيله، فيجعل له بالواحدة سبعمائةٍ.
وكان بعض نحويّي البصرة يقول في قوله: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا}. فهو كقول العرب: لي عندك قرض صدقٍ، وقرض سوءٍ إذا فعل به خيرًا؛ وأنشد ذلك بيتًا للشّنفرى:
سنجزي سلامان بن مفرج قرضها = بما قدّمت أيديهم فأزلّت.
{وله أجرٌ كريمٌ} يقول: وله ثوابٌ وجزاءٌ كريمٌ، يعني بذلك الأجر: الجنّة، وقد ذكرنا الرّواية عن أهل التّأويل في ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته). [جامع البيان: 22/396-397]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 رجب 1434هـ/16-05-2013م, 03:09 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي


التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأنفقوا ممّا جعلكم مّستخلفين فيه...} : ممّلكين فيه، وهو رزقه وعطيته). [معاني القرآن: 3/132]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {آمنوا باللّه ورسوله وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه فالّذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير} معناه : صدقوا بأن اللّه واحد وأن محمدا رسوله.
{وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه} : أي: أنفقوا مما ملككم، فأنفقوا في سبيل اللّه وما يقرب منه). [معاني القرآن: 5/122]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (القراء جميعا على: {وقد أخذ ميثاقكم...} ولو قرئت: (وقد أخذ ميثاقكم) لكان صواباً). [معاني القرآن: 3/132]

تفسير قوله تعالى: { وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما لكم ألّا تنفقوا في سبيل اللّه وللّه ميراث السّماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلّا وعد اللّه الحسنى واللّه بما تعملون خبير} تأويله : وأي شيء لكم في ترك الإنفاق فيما يقرب من اللّه وأنتم ميّتون تاركون أموالكم.
وقوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا}: لأن من تقدم في الإيمان باللّه وبرسوله عليه السلام وصدّق به , فهو أفضل ممن أتى بعده بالإيمان والتصديق، لأن المتقدّمين نالهم من المشقة أكثر مما نال من بعدهم، فكانت بصائرهم أيضا أنفذ.
وقال: {وكلّا وعد اللّه الحسنى}: إلا أنه أعلم فضل السابق إلى الإيمان على المتأخر). [معاني القرآن: 5/122-123]

تفسير قوله تعالى: { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فيضاعفه له...}.
يقرأ بالرفع والنصب: فمن رفعه جعل الفاء عطفا ليست بجواب كقولك: من ذا الذي يحسن ويجمل؟ ومن نصب جعله جوابا للاستفهام، والعرب تصل (من) في الاستفهام بـ (ذا) حتى تصير كالحرف الواحد. ورأيتها في بعض مصاحف عبد الله: منذا متصلة في الكتاب، كما وصل في كتابنا وكتاب عبد الله: {يابن أمّ }) [معاني القرآن: 3/132]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({مّن ذا الّذي يقرض اللّه قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجرٌ كريمٌ}
وقال: {مّن ذا الّذي يقرض اللّه قرضاً حسناً} : وليس ذا مثل الاستقراض من الحاجة ولكنه مثل قول العرب: "لي عندك قرض صدقٍ" , و"قرض سوءٍ" إذا فعل به خيرا أو شرا. قال الشاعر:
سأجزي سلامان بن مفرج = قرضهم بما قدّمت أيديهم وأزّلت) [معاني القرآن: 4/25]




قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم}
فيضاعفه له, ويقرأ (فيضاعفه له) - بالنصب، فمن نصب فعلى جواب الاستفهام بالفاء، ومن رفع فعلى العطف على يقرض، ويكون على الاستئناف على معنى فهو يضاعفه له.
ومعنى {يقرض}: ههنا يفعل فعلا حسنا في اتّباع أمر اللّه وطاعته.
والعرب تقول لكل من فعل إليها خيرا: قد أحسنت قرضي، وقد أقرضتني قرضا حسنا، إذا فعل به خيرا.
قال الشاعر:
وإذا جوزيت قرضا فاجزه إنما يجزي الفتى ليس الجمل
المعنى: إذا أسدي إليك معروف, فكافئ عليه). [معاني القرآن: 5/123]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 7 رجب 1434هـ/16-05-2013م, 03:11 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 02:30 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 02:30 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 02:43 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {آمنوا بالله ورسوله} الآية. أمر للمؤمنين بالثبوت على الإيمان والنفقة في سبيل الله، ويروى أن هذه الآية نزلت في غزوة العسرة، وهي غزوة تبوك، قاله الضحاك، وقال: الإشارة بقوله تعالى: {فالذين آمنوا منكم وأنفقوا} إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، وحكمها باق يندب إلى هذه الأفعال بقية الدهر. وقوله تعالى: {مما جعلكم مستخلفين فيه} تزهيد وتنبيه على أن الأموال إنما تصير إلى الإنسان من غيره ويتركها لغيره، وليس له من ذلك إلا ما تضمنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت"، ويروى أن رجلا مر بأعرابي له إبل فقال له: يا أعرابي، لمن هذه الإبل؟ فقال: هي لله عندي، فهذا موافق مصيب إن كان ممن صحب قوله عمله). [المحرر الوجيز: 8/ 220]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وما لكم لا تؤمنون بالله} الآية توطئة لدعائهم وإيجاب لأنهم أهل هذه الرتب الرفيعة، فإذا تقرر ذلك فلا مانع من الإيمان، وهذا كما تريد أن تندب رجلا إلى عطاء فتقول له: أنت يا فلان من قوم أجواد فينبغي أن تكرم، وهذا مطرد في جميع الأمور، إذا أردت من أحد فعلا خلقته بخلق أهل ذلك الفعل وجعلت له رتبتهم، فإذا تقرر في هؤلاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم، وأنهم ممن أخذ الله ميثاقهم، فكيف يمتنعون من الإيمان؟ وقرأ جمهور القراء: "وقد أخذ ميثاقكم" على بناء الفعل الفاعل، وقرأ أبو عمرو: "وقد أخذ" على بناء الفعل للمفعول، والآخذ على كل قول هو الله تعالى، وهذا الأخذ كان حين الإخراج من ظهر آدم عليه السلام على ما مضى في غير هذه السورة، والمخاطبة ببناء الفعل للمفعول أشد غلظا على المخاطب، ونحوه قول الله تعالى: {فاستقم كما أمرت}، وكما تقول لامرئ: افعل كما قيل لك، فهو أبلغ من قولك: افعل ما قلت لك.
وقوله تعالى: {إن كنتم مؤمنين} قال الطبري: المعنى: إن كنتم مؤمنين في حال من الأحوال فالآن، وهذا معنى ليس في لفظ الآية وفيه إضمار كثير، وإنما المعنى عندي أن قول الله تعالى: {والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين} يقتضي أن يقدر بأثره: فأنتم في رتب شريفة وأقدار رفيعة إن كنتم مؤمنين، أي: إن دمتم على ما بدأتم به). [المحرر الوجيز: 8/ 220-221]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ بعض السبعة: "ينزل" مثقلة، وقرأ بعضهم: "ينزل" مخففة، وقرأها الحسن وعيسى بالوجهين، وقرأ الأعمش: "أنزل"، والعبد في قوله تعالى: "على عبده" محمد صلى الله عليه وسلم و"الآيات" آيات القرآن، و"الظلمات": الكفر، و"النور": الإيمان، وما في الآية وعد وتأنيس مؤكد). [المحرر الوجيز: 8/ 221]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير * من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم}
المعنى: وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله وأنتم تموتون وتتركون أموالكم؟ فناب مناب هذا القول قوله تعالى: {ولله ميراث السماوات والأرض} وفيه زيادة تذكير بالله عز وجل وعبرة، وعنه يلزم القول الذي قدرناه.
قوله تعالى: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} الآية، روي أنها نزلت بسبب أن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنفقت نفقات كثيرة حتى قال الناس: هؤلاء أعظم أجرا من كل من أنفق قديما، فنزلت الآية مبينة أن النفقة قبل الفتح أعظم أجرا، وهذا التأويل على أن الآية نزلت بعد الفتح، وقد قيل. إنها نزلت قبل الفتح تحريضا على الإنفاق، والأول أشهر، وحكى الثعلبي أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفى نفقاته، وفي معناه قول النبي صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد رضي الله عنه: "اتركوا لي أصحابي، فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه".
واختلف الناس في الفتح المشار إليه في هذه الآية- فقال أبو سعيد الخدري، والشعبي: هو فتح الحديبية، وقد تقدم في سورة [الفتح] تقرير كونه فتحا، ورفعه أبو سعيد رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل ما بين الهجرتين فتح الحديبية. وقال قتادة، ومجاهد، وزيد بن أسلم: هو فتح مكة الذي أزال الهجرة، وهذا هو المشهور الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية"، وقال له رجل بعد فتح مكة: أبايعك على الهجرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الهجرة قد ذهبت بما فيها". وإن الهجرة لشأنها شديد، ولكن أبايعك على الجهاد"، وحكم الجهاد باق إلى غابر الدهر، فمن أنفق في وقت حاجة السبيل أعظم أجرا ممن أنفق مع استغناء السبيل، وأكثر المفسرين على أن قوله تعالى: "يستوي" مسند إلى "من" وترك ذكر المعادل الذي لا يستوي معه لأن قوله تعالى: {من الذين أنفقوا من بعد} قد فسره وبينه، ويحتمل أن يكون فاعل "يستوي" محذوفا تقديره: لا يستوي منكم الإنفاق، ويؤيد ذلك أن ذكره قد تقدم في قوله تعالى: {وما لكم ألا تنفقوا} ويكون قوله تعالى: "من أنفق" ابتداء وخبره الجملة الآتية بعد.
وقرأ جمهور السبعة: "وكلا وعد الله الحسنى"، وهي الوجه لأن "وعد" الله ليس يعوقه عائق على أن ينصب الفعل المقدم، وقرأ ابن عامر: "وكل وعد الله الحسنى"، فأما سيبويه رحمه الله فقدر الفعل خبرا لابتداء، وفيه ضمير عائد، وحذفه عنده قبيح لا يجري إلا في شعر ونحوه، ومنه قول الشاعر:
قد أصبحت أم الخيار تدعي علي ذنبا كله لم أصنع
قال: ولكن حملوا الخبر على الصفات كقول جرير:
... ... ... .... وما شيء حميت بمستباح
وعلى الصلات كقوله تعالى: {أبعث الله بشرا رسولا}، وذهب غير سيبويه إلى أن "وعد" في موضع الصفة، كأنه قال: أولئك وكل وعد الله الحسنى، وصاحب هذا المذهب حصل في هذا التعسف في المعنى فرارا من حذف الضمير من خبر الابتداء، و"الحسنى": الجنة، قاله مجاهد، وقتادة، والوعد يتضمن ما قبل الجنة من نصر وغنيمة. وقوله تعالى: {والله بما تعملون خبير} قول فيه وعد ووعيد). [المحرر الوجيز: 8/ 221-224]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا} الآية. قال بعض النحويين: "من" ابتداء، و"ذا" خبره، و"الذي" صفة، وقال آخرون منهم: "من" ابتداء، و"ذا" زائدة مع "الذي"، و"الذي" خبر الابتداء، وقال الحسن: نزلت هذه الآية في التطوع في جميع أمر الدين، و"القرض "و "السلف" ونحوه: أن يعطي الإنسان شيئا وينتظر جزاءه، و"التضعيف" من الله تعالى هو في الحسنات، يضاعف الله لمن يشاء من عشرة إلى سبعمائة، وقد ورد أن التضعيف يربى على سبعمائة، وقد مر ذكر ذلك في سورة [البقرة] بوجوهه من التأويل. وقرأ أبو عمرو، ونافع، وحمزة، والكسائي: "فيضاعفه" بالرفع على العطف أو على القطع والاستئناف، وقرأ عاصم، وابن عامر: "فيضاعفه" بالنصب بالفاء في جواب الاستفهام، وفي ذلك قلق، قال أبو علي: لأن السؤال لم يقع عن القرض، وإنما وقع السؤال عن فاعل القرض، وإنما تنصب الفاء فعلا مردودا على فعل مستفهم عنه، لكن هذه الفرقة حملت ذلك على المعنى، كأن قوله تعالى: {من ذا الذي يقرض} بمنزلة أن لو قال: أيقرض الله أحد فيضاعفه، وقرأ ابن كثر: "فيضعفه" مشددة العين مضمومة الفاء، وكذلك قرأ ابن عامر، إلا أنه فتح الفاء. و"الأجر الكريم": الذي يقترن به رضى وإقبال، وهذا معنى الدعاء: "يا كريم العفو"، أي: أن مع عفوه رضى ومغنما، وعفو البشر ليس كذلك). [المحرر الوجيز: 8/ 224-225]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 03:12 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 03:17 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({آمنوا باللّه ورسوله وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه فالّذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجرٌ كبيرٌ (7) وما لكم لا تؤمنون باللّه والرّسول يدعوكم لتؤمنوا بربّكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين (8) هو الّذي ينزّل على عبده آياتٍ بيّناتٍ ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور وإنّ اللّه بكم لرءوفٌ رحيمٌ (9) وما لكم ألّا تنفقوا في سبيل اللّه وللّه ميراث السّماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلًّا وعد اللّه الحسنى واللّه بما تعملون خبيرٌ (10) من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا فيضاعفه له وله أجرٌ كريمٌ (11) }
أمر تعالى بالإيمان به وبرسوله على الوجه الأكمل، والدّوام والثّبات على ذلك والاستمرار، وحثّ على الإنفاق ممّا جعلكم مستخلفين فيه أي ممّا هو معكم على سبيل العارية، فإنّه قد كان في أيدي من قبلكم ثمّ صار إليكم، فأرشد تعالى إلى استعمال ما استخلفهم فيه من المال في طاعته، فإن يفعلوا وإلّا حاسبهم عليه وعاقبهم لتركهم الواجبات فيه.
وقوله: {ممّا جعلكم مستخلفين فيه} فيه إشارةٌ إلى أنّه سيكون مخلّفًا عنك، فلعلّ وارثك أن يطيع اللّه فيه، فيكون أسعد بما أنعم اللّه به عليك منك، أو يعصي اللّه فيه فتكون قد سعيت في معاونته على الإثم والعدوان.
قال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، سمعت قتادة يحدّث، عن مطرّف-يعني بن عبد الله بن الشخير-عن أبيه قال: انتهيت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وهو يقول: " {ألهاكم التّكاثر} [التّكاثر:1]، يقول ابن آدم: مالي مالي! وهل لك من مالك إلّا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت؟ ".
ورواه مسلمٌ من حديث شعبة، به وزاد: "وما سوى ذلك فذاهبٌ وتاركه للنّاس"
وقوله: {فالّذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجرٌ كبيرٌ} ترغيبٌ في الإيمان والإنفاق في الطّاعة). [تفسير ابن كثير: 8/ 10-11]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {وما لكم لا تؤمنون باللّه والرّسول يدعوكم لتؤمنوا بربّكم}؟ أي: وأيّ شيءٍ يمنعكم من الإيمان والرّسول بين أظهركم، يدعوكم إلى ذلك ويبيّن لكم الحجج والبراهين على صحّة ما جاءكم به؟ وقد روينا في الحديث من طرق في أوائل شرح "كتاب الإيمان" من صحيح البخاريّ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال يومًا لأصحابه: "أيّ المؤمنين أعجب إليكم إيمانًا؟ " قالوا: الملائكة. قال: "وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربّهم؟ " قالوا: فالأنبياء. قال: "وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم؟ ". قالوا: فنحن؟ قال: "وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ ولكن أعجب المؤمنين إيمانًا قومٌ يجيؤون بعدكم يجدون صحفًا يؤمنون بما فيها"
وقد ذكرنا طرفًا من هذا في أوّل سورة "البقرة" عند قوله: {الّذين يؤمنون بالغيب} [البقرة: 3].
وقوله: {وقد أخذ ميثاقكم} كما قال: {واذكروا نعمة اللّه عليكم وميثاقه الّذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا} [المائدة:7]. ويعني بذلك: بيعة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم.
وزعم ابن جريرٍ أنّ المراد بذلك الميثاق الّذي أخذ عليهم في صلب آدم، وهو مذهب مجاهدٍ، فاللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 8/ 11]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {هو الّذي ينزل على عبده آياتٍ بيّناتٍ} أي: حججًا واضحاتٍ، ودلائل باهراتٍ، وبراهين قاطعاتٍ، {ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور} أي: من ظلمات الجهل والكفر والآراء المتضادّة إلى نور الهدى واليقين والإيمان، {وإنّ اللّه بكم لرءوفٌ رحيمٌ} أي: في إنزاله الكتب وإرساله الرّسل لهداية النّاس، وإزاحة العلل وإزالة الشّبه). [تفسير ابن كثير: 8/ 11-12]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ولـمّا أمرهم أوّلًا بالإيمان والإنفاق، ثمّ حثّهم على الإيمان، وبيّن أنّه قد أزال عنهم موانعه، حثّهم أيضًا على الإنفاق. فقال: {وما لكم ألا تنفقوا في سبيل اللّه وللّه ميراث السّماوات والأرض} أي: أنفقوا ولا تخشوا فقرًا وإقلالًا فإنّ الّذي أنفقتم في سبيله هو مالك السموات والأرض، وبيده مقاليدهما، وعنده خزائنهما، وهو مالك العرش بما حوى، وهو القائل: {وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه وهو خير الرّازقين} [سبإٍ:39]، وقال {ما عندكم ينفد وما عند اللّه باقٍ} [النّحل:96] فمن توكّل على اللّه أنفق، ولم يخش من ذي العرش إقلالًا وعلم أنّ اللّه سيخلفه عليه.
وقوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} أي: لا يستوي هذا ومن لم يفعل كفعله، وذلك أنّ قبل فتح مكّة كان الحال شديدًا، فلم يكن يؤمن حينئذٍ إلّا الصّدّيقون، وأمّا بعد الفتح فإنّه ظهر الإسلام ظهورًا عظيمًا، ودخل النّاس في دين اللّه أفواجًا؛ ولهذا قال: {أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد اللّه الحسنى}
والجمهور على أنّ المراد بالفتح هاهنا فتح مكّة. وعن الشّعبيّ وغيره أنّ المراد بالفتح هاهنا: صلح الحديبية، وقد يستدلّ لهذا القول بما قال الإمام أحمد:
حدّثنا أحمد بن عبد الملك، حدّثنا زهير، حدّثنا حميد الطّويل، عن أنسٍ قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرّحمن بن عوفٍ كلامٌ، فقال خالدٌ لعبد الرّحمن: تستطيلون علينا بأيّامٍ سبقتمونا بها؟ فبلغنا أنّ ذلك ذكر للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: " دعوا لي أصحابي فوالّذي نفسي بيده، لو أنفقتم مثل أحدٍ-أو مثل الجبال-ذهبًا، ما بلغتم أعمالهم"
ومعلومٌ أنّ إسلام خالد بن الوليد المواجه بهذا الخطاب كان بين صلح الحديبية وفتح مكّة، وكانت هذه المشاجرة بينهما في بني جذيمة الّذين بعث إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خالد بن الوليد بعد الفتح، فجعلوا يقولون: "صبأنا، صبأنا"، فلم يحسنوا أن يقولوا: "أسلمنا"، فأمر خالدٌ بقتلهم وقتل من أسر منهم، فخالفه عبد الرّحمن بن عوفٍ، وعبد اللّه بن عمر وغيرهما. فاختصم خالدٌ وعبد الرّحمن بسبب ذلك
والّذي في الصّحيح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: " لا تسبّوا أصحابي، فوالّذي نفسي بيده، لو أنفق أحدكم مثل أحدٍ ذهبًا، ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه"
وروى ابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ، من حديث ابن وهبٍ: أخبرنا هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ أنّه قال: خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عام الحديبية، حتّى إذا كنّا بعسفان قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يوشك أن يأتي قومٌ تحقّرون أعمالكم مع أعمالهم" فقلنا: من هم يا رسول اللّه أقريشٌ؟ قال: لا ولكن أهل اليمن، هم أرقّ أفئدةً وألين قلوبًا". فقلنا: أهم خيرٌ منّا يا رسول اللّه؟ قال: "لو كان لأحدهم جبلٌ من ذهبٍ فأنفقه، ما أدرك مدّ أحدكم ولا نصيفه، ألا إنّ هذا فضل ما بيننا وبين النّاس، {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد اللّه الحسنى واللّه بما تعملون خبيرٌ}
] وهذا الحديث غريبٌ بهذا السّياق، والّذي في الصّحيحين من رواية جماعةٍ، عن عطاء بن يسارٍ عن أبي سعيدٍ -ذكر الخوارج-: "تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية" الحديث. ولكن روى ابن جريرٍ هذا الحديث من وجهٍ آخر، فقال:
حدّثني بن البرقيّ، حدّثنا بن أبي مريم، أخبرنا محمّد بن جعفرٍ، أخبرني زيد بن أسلم، عن أبي سعيدٍ التّمّار، عن أبي سعيدٍ الخدريّ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "يوشك أن يأتي قومٌ تحقّرون أعمالكم مع أعمالهم". قلنا: من هم يا رسول اللّه؟ قريشٌ؟ قال: "لا ولكن أهل اليمن، لأنّهم أرقّ أفئدةً، وألين قلوبًا". وأشار بيده إلى اليمن، فقال: "هم أهل اليمن، ألا إنّ الإيمان يمانٍ، والحكمة يمانيةٌ". فقلنا: يا رسول اللّه، هم خيرٌ منّا؟ قال: "والّذي نفسي بيده، لو كان لأحدهم جبلٌ من ذهبٍ ينفقه ما أدّى مدّ أحدكم ولا نصيفه". ثمّ جمع أصابعه ومدّ خنصره، وقال: "ألا إنّ هذا فضل ما بيننا وبين النّاس، {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد اللّه الحسنى واللّه بما تعملون خبيرٌ}] "
فهذا السّياق ليس فيه ذكر الحديبية فإن كان ذلك محفوظًا كما تقدّم، فيحتمل أنّه أنزل قبل الفتح إخبارًا عمّا بعده، كما في قوله تعالى في سورة "المزّمّل"-وهي مكّيّةٌ، من أوائل ما نزل-: {وآخرون يقاتلون في سبيل اللّه} الآية [المزّمّل: 20] فهي بشارةٌ بما يستقبل، وهكذا هذه واللّه أعلم.
وقوله: {وكلا وعد اللّه الحسنى} يعني المنفقين قبل الفتح وبعده، كلّهم لهم ثوابٌ على ما عملوا، وإن كان بينهم تفاوتٌ في تفاضل الجزاء كما قال: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضّرر والمجاهدون في سبيل اللّه بأموالهم وأنفسهم فضّل اللّه المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجةً وكلا وعد اللّه الحسنى وفضّل اللّه المجاهدين على القاعدين أجرًا عظيمًا} [النّساء:95]. وهكذا الحديث الّذي في الصّحيح: "المؤمن القويّ خيرٌ وأحبّ إلى اللّه من المؤمن الضّعيف، وفي كلٍّ خيرٌ" وإنّما نبّه بهذا لئلّا يهدر جانب الآخر بمدح الأوّل دون الآخر، فيتوهّم متوهّمٌ ذمّه؛ فلهذا عطف بمدح الآخر والثّناء عليه، مع تفضيل الأوّل عليه؛ ولهذا قال: {واللّه بما تعملون خبيرٌ} أي: فلخبرته فاوت بين ثواب من أنفق من قبل الفتح وقاتل، ومن فعل ذلك بعد ذلك، وما ذلك إلّا لعلمه بقصد الأوّل وإخلاصه التّامّ، وإنفاقه في حال الجهد والقلّة والضّيق. وفي الحديث: "سبق درهمٌ مائة ألفٍ" ولا شكّ عند أهل الإيمان أنّ الصّدّيق أبا بكرٍ، رضي اللّه عنه، له الحظّ الأوفر من هذه الآية، فإنّه سيّد من عمل بها من سائر أمم الأنبياء، فإنّه أنفق ماله كلّه ابتغاء وجه اللّه، عزّ وجلّ، ولم يكن لأحدٍ عنده نعمةٌ يجزيه بها.
وقد قال أبو محمّدٍ الحسين بن مسعودٍ البغويّ عند تفسير هذه الآية أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشّريحيّ أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثّعلبيّ، أخبرنا عبد اللّه بن حامد بن محمّدٍ، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن أيّوب، أخبرنا محمّد بن يونس، حدّثنا العلاء بن عمرٍو الشّيبانيّ، حدّثنا أبو إسحاق الفزاريّ، حدّثنا سفيان بن سعيدٍ، عن آدم بن عليٍّ، عن ابن عمر قال: كنت عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وعنده أبو بكرٍ الصّدّيق، وعليه عباءةٌ قد خلّها في صدره بخلالٍ، فنزل جبريل فقال: مالي أرى أبا بكرٍ عليه عباءةٌ قد خلّها في صدره بخلال؟ فقال: "أنفق ماله عليّ قبل الفتح" قال: فإنّ اللّه يقول: اقرأ عليه السّلام، وقل له: أراضٍ أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال رسول اللّه: "يا أبا بكرٍ، إنّ اللّه يقرأ عليك السّلام، ويقول لك: أراضٍ أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ " فقال: أبو بكرٍ، رضي اللّه عنه: أسخط على ربّي عزّ وجلّ؟ إنّي عن ربّي راضٍ
هذا الحديث ضعيف الإسناد من هذا الوجه). [تفسير ابن كثير: 8/ 12-14]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا} قال عمر بن الخطّاب: هو الإنفاق في سبيل اللّه، وقيل: هو النّفقة على العيال والصّحيح أنّه أعمّ من ذلك، فكلّ من أنفق في سبيل اللّه بنيّةٍ خالصةٍ وعزيمةٍ صادقةٍ، دخل في عموم هذه الآية؛ ولهذا قال: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا فيضاعفه له} كما قال في الآية الأخرى: {أضعافًا كثيرةً واللّه يقبض ويبصط وإليه ترجعون} [البقرة: 245] أي: جزاءٌ جميلٌ ورزقٌ باهرٌ-وهو الجنّة-يوم القيامة.
قال بن أبي حاتمٍ حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا خلف بن خليفة، عن حميدٍ الأعرج، عن عبد اللّه بن الحارث، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: لـمّا نزلت هذه الآية: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا فيضاعفه له} قال أبو الدّحداح الأنصاريّ: يا رسول اللّه، وإنّ اللّه ليريد منّا القرض؟ " قال: "نعم، يا أبا الدّحداح". قال أرني يدك يا رسول اللّه قال: فناوله يده قال: فإنّي قد أقرضت ربّي حائطي-وله حائطٌ فيه ستّمائة نخلةٍ، وأمّ الدّحداح فيه وعيالها- قال: فجاء أبو الدحداح فنادها: يا أمّ الدّحداح. قالت: لبّيك. فقال: اخرجي، فقد أقرضته ربّي، عزّ وجلّ-وفي روايةٍ: أنّها قالت له: ربح بيعك يا أبا الدّحداح. ونقلت منه متاعها وصبيانها، وإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "كم من عذق رداح في الجنّة لأبي الدّحداح". وفي لفظٍ: "ربّ نخلةٍ مدلّاةٍ عروقها درٌّ وياقوت لأبي الدحداح في الجنة".). [تفسير ابن كثير: 8/ 14-15]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة