التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ:{قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم واللّه غفور رحيم}
القراءة بضم التاء، ويجوز في اللغة: {تحبّون}, ولكن الأكثر {تحبّون}؛ لأن حببت قليلة في اللغة , وزعم الكسائي أنها لغة قد ماتت فيما يحسب.
ومعنى {تحبّون اللّه}أي: تقصدون طاعته, وترضون بشرائعه, والمحبة على ضروب، فالمحبة من جهة الملاذ في المطعم, والمشرب, والنساء.
والمحبة من اللّه؛ لخلقه عفوه عنهم, وإنعامه عليهم برحمته, ومغفرته , وحسن الثناء عليهم، ومحبة الإنسان للّه ولرسوله طاعته لهما , ورضاه بما أمر اللّه به، وأتى به رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله جلّ وعزّ: {يغفر لكم ذنوبكم}
القراءة بإظهار الراء مع اللام، وزعم بعض النحويين: أن الراء تدغم مع اللام فيجوز, ويغفر لكم, وهذا خطأ فاحش, ولا أعلم أحدا قرأ به غير أبي عمرو بن العلاء، وأحسب الذين رووا, عن أبي عمرو إدغام الراء في اللام غالطين.
وهو خطأ في العربية ؛ لأن اللام تدغم في الراء، والنون تدغم في الراء نحو: (قولك) هل رأيت، ومن رأيت, ولا تدغم الراء في اللام إذا قلت: مر لي بشيء؛ لأن الراء حرف مكرر , فلو أدغمت في اللام ذهب التكرير.
وهذا إجماع النحويين الموثوق بعلمهم). [معاني القرآن: 1/397-398]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}
والمحبة في كلام العرب على ضروب منها: الحبة في الذات, والمحبة من الله لعباده: المغفرة, والرحمة, والثناء عليها, والمحبة من عباده له: القصد لطاعته, والرضا لشرائعه). [معاني القرآن: 1/384]
تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فإن تولّوا}، في هذا الموضع: فإن كفروا). [مجاز القرآن: 1/90]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {قل أطيعوا اللّه والرّسول فإن تولّوا فإنّ اللّه لا يحبّ الكافرين}أي: أظهروا محبّتكم للّه إن كنتم تحبّونه بطاعته, واتباع رسوله,
ومعنى {فإن تولّوا فإنّ اللّه لا يحبّ الكافرين}أي: فإن اللّه لا يحبهم، لأن من تولى عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد تولى عن الله.
ومعنى {لا يحب الكافرين}: لا يغفر لهم, ولا يثني عليهم خيراً). [معاني القرآن: 1/398]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين}المعنى: لا يحبهم, ثم أعاد الذكر, وكذلك فإن الله, ولم يقل: فإنه, والعرب إذا عظمت الشيء, أعادت ذكره, وأنشد سيبويه:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء = نغص الموت ذا الغنى والفقيرا). [معاني القرآن: 1/384-185]