مقدّمة جمهرة التفسير اللغوي

[عبد العزيز بن داخل المطيري]

مقدّمة جمهرة التفسير اللغوي

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد:
أما بعد:
فإن الله تعالى قد جعل لكل علم أهله وأئمته الذين يعرف بهم ويعرفون به، وهم نجومه الذين يهتدى بهم فيه، ويعتنى فيه بآثارهم ومآثرهم، وأخبارهم وطرائقهم.
ومن أجلّ هذه العلوم علم التفسير اللغوي الذي يختص ببيان المسائل اللغوية التي يحتاج إلى معرفتها طالب علم التفسير وطلاب علوم العربية حاجة بيّنة.
وطالب التحقيق في هذه المسائل تجهده معاناة البحث في التفاسير اللغوية وما تضمنته كتب أئمة اللغة من مسائل تفسيرية حفلت بها مؤلفاتهم التي ألفوها في علوم أخرى كالمعاجم والمفردات والأمالي والفوائد وكتب النحو والصرف والبلاغة والأدب والاشتقاق وغيرها.
وكثير من كلام هؤلاء الأئمة على نفاسته لا يهتدي إليه كثير من الباحثين ، لصعوبة استخلاص مسائل التفسير من تلك المؤلفات التي لم ترتب على ترتيب سور القرآن ولا على حروف المعجم؛ فيفوت الباحث بسبب ذلك كثير من الأقوال النفيسة، ولا يمكنه القيام بهذا العمل المهم بجهد فردي.

فكانت الحاجة داعية إلى عمل مؤسسي ينهض بجمع المسائل اللغوية في التفسير من كلام أئمة هذا العلم سواء ما دوّن في كتب معاني القرآن الكريم وبيان غريبه، كمعاني القرآن للفراء والأخفش والزجاج والنحاس، ومجاز القرآن لأبي عبيدة، وغريب القرآن لابن المبارك اليزيدي وابن قتيبة وابن عزيز السجستاني وأبي عمر الزاهد ومكي بن أبي طالب وغيرها.
وما كتبه أئمة اللغة في كتبهم اللغوية من مسائل في التفسير اللغوي، وهذا كثير في كتب علماء اللغة المتقدمين كما في كتب الخليل بن أحمد وسيبويه ومؤرج السدوسي والأصمعي وأبي عبيد ومحمد بن سلام وابن قتيبة وأبي سعيد السكري والمبرد وثعلب وابن السكيت وابن الأنباري وأبي منصور الأزهري وغيرهم.
فجمع مسائل التفسير اللغوي من كتب أئمة اللغة وتصنيفها على السور والآيات وترتيبها على التسلسل التاريخي عمل جليل جم الفوائد يحتاجه الباحثون في التفسير وعلوم اللغة العربية.
ويرجى - إذا اكتمل هذا العمل وتنوعت وسائل عرضه - أن يكون مرجعاً مهماً للدارسين والباحثين ينهلون منه ويعتنون به دراسة وتلخيصاً وإضافة وتعليقاً، لما تضمنه من ثروة علمية قيمة ، وما يختصر عليهم من الجهد والوقت، ويعين على سعة الاطلاع وتنوعه، والحصول السريع على المعلومات مرتبة ومنسقة ومعزوة إلى مصادرها الأصلية.
كما نأمل أن يكون هذا العمل مفتاحاً لتنفيذ كثير من البحوث العلمية والدراسات اللغوية الجادة.

التعريف بأهميّة هذا المشروع:
تعرف أهمية هذا المشروع بأمور:
1: جمعه التفسير اللغوي من كلام أئمة اللغة المتفرق في كتبهم في كتاب واحد؛ فيختصر على الباحث كثيراً من الجهد والوقت في البحث عن المعلومة في كتب كثيرة متفرقة.
2: التصنيف العلمي للمسائل مما يعين على سرعة الوصول للمعلومة.
3: ترتيب أقوال العلماء على الوفيات وعرضها تباعاً يعين على حسن الفهم وزوال اللبس إن وجد، ومعرفة نشأة الأقوال، وتداول أهل العلم لها، والتنبه لعلل الأقوال الخاطئة.
4: إتاحة الفرصة لإضافة تعليقات العلماء المعاصرين والباحثين المجيدين يفضي – بإذن الله – إلى زيادة نفع هذه الموسوعة وإقبال الباحثين والدارسين عليها، وتحسينها إصداراً بعد إصدار.

مخرجات المشروع:
سيكون بإذن الله تعالى لهذا المشروع مخرجات متنوعة منها:
1: كتاب جمهرة التفسير اللغوي.
2: تطبيق إلكتروني يتضمن هذه الموسوعة مع إمكانات البحث والتصفح وخدمته بوسائل العرض الشيقة.
3: بوابة إلكترونية خاصة بالمشروع في موقع جمهرة العلوم، ليكون ملتقى للمعتنين بالتفسير اللغوي للتواصل معهم والاستفادة من إضافاتهم واقتراحاتهم.

حجم المشروع

نقدر أن يصدر كتاب جمهرة التفسير اللغوي في طبعته الأولى في نحو15 مجلداً كبيراً بإذن الله تعالى.

مراحل تنفيذ المشروع:

المرحلة الأولى: كتب علماء اللغة المؤلفة في التفسير وبيان معاني القرآن الكريم وإعرابه
حيث تجمع هذه الكتب وتصنف على السور والآيات، وكتب المرحلة الأولى هي: معاني القرآن للفراء، ومجاز القرآن لأبي عبيدة، ومعاني القرآن للأخفش، وغريب القرآن وتفسيره لليزيدي، وتفسير غريب القرآن وتأويل مشكل القرآن كلاهما لابن قتيبة الدينوري، ومعاني القرآن لأبي إسحاق الزجاج، ونزهة القلوب لابن عزيز السجستاني، ومعاني القرآن لأبي جعفر النحاس، وياقوتة الصراط لأبي عمر الزاهد - غلام ثعلب، وتفسير المشكل من غريب القرآن والعمدة في غريب القرآن كلاهما لمكّي بن أبي طالب القيسي.

وقد أتممنا العمل في هذه المرحلة بفضل الله تعالى، وجمعت هذه الكتب وصنّّفت في هذا القسم ( هنا ) .

المرحلة الثانية: استخلاص مسائل التفسير من كتب أئمة اللغة المتقدمين الذين لم تكن لهم كتب مصنّفة في التفسير وعلوم القرآن؛ ككتب الخليل بن أحمد وسيبويه والكسائي ومؤرّج السدوسي وقطرب والفراء وأبي عبيدة وأبي عمرو الشيباني وأبي زيد الأنصاري والأخفش والأصمعي وأبي عبيد القاسم بن سلام وابن السكيت وأبي حاتم السجستاني وأبي سعيد السكري وابن قتيبة وإبراهيم الحربي والمبرّد وثعلب وابن الأنباري وأبي منصور الأزهري وغيرهم.

وقد قطعنا في هذه المرحلة شوطاً لا بأس به، وما زلنا في استكماله، ونسأل الله تعالى الإعانة على إتمامه، وقد وضعنا ما جمعناه وصنّفناه على السور والآيات في هذا القسم ( التفاسير اللغوية المجموعة ).

• وبيان أسماء الكتب التي استخلص منها ما يتعلق بالتفسير اللغوي مذكورة في سجلّ العمل في التفاسير اللغوية المجموعة.
• وهنا تنبيهات مهمّة لمن يقرأ التفاسير اللغوية المجموعة.

المرحلة الثالثة: ربط جمهرة التفسير اللغويّ بجمهرة التفاسير
وقد أدرجنا ولله الحمد ما جمعناه من النقول في التفسير اللغوي من كتب أؤلئك الأئمة في موضوعات "جمهرة التفاسير" وميّزنا كتب المرحلة الأولى عن كتب المرحلة الثانية ، وأدرجناها في مشاركات تالية لمشاركة "تفاسير السلف" تيسيراً على الباحثين وتتميما للفائدة.

مثال: تفسير قول الله تعالى: {لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله }
- تفاسير السلف في المشاركة الثانية ( #2).
- ونقول المرحلة الأولى من التفسير اللغوي في المشاركة الثالثة ( #3)
- ونقول المرحلة الثانية من التفسير اللغوي في المشاركة الرابعة. (#4)
وبقي في هذا المشروع مراحل أخرى نؤجّل الحديث عنها إلى حين الشروع فيها بإذن الله تعالى، والله الموفّق والمعين.