العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:41 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة الحشر

التفسير اللغوي لسورة الحشر

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 ذو القعدة 1431هـ/3-11-2010م, 11:07 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 10]


{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2) وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4) مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5) وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)}

تفسير قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله تعالى: {سبّح للّه ما في السّماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم} افتتح اللّه السورة بذكر تقديسه وأن له أشياء تبرئه من السّوء ومثل ذلك قوله: {وإن من شيء إلّا يسبّح بحمده}). [معاني القرآن: 5/143]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {هو الّذي أخرج الّذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم...} هؤلاء بنو النضير: كانوا قد عاقدوا رسول الله صلى الله عليه على ألا يكونوا مع، ولا عليه، فلما نكب المسلمون يوم أحد غدروا، وركب حيّي بن أخطب إلى أبي سفيان وأصحابه من أهل مكة، فتعاقدوا على النبي صلى الله عليه، وأتاه الوحي بذلك، فقال للمسلمين: أمرت بقتل حيي، فانتدب له طائفة من المسلمين فقتلوه، وغدا عليهم النبي صلى الله عليه، فتحصنوا في دورهم، وجعلوا ينقبون الدار إلى التي هي أحصن منها، ويرمون النبي صلى الله عليه بالحجارة التي يخرجون منها، وجعل المسلمون يهدمون دورهم ليتسع موضع القتال، فذلك قوله [عز وجل]: {يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين} واجتمع القراء على (يخربون) إلا عبد الرحمن السلمي، فإنه قرأ (يخرّبون)، كأنّ يخرّبون: يهدّمون، ويخربون ـ بالتخفيف: يخرجون منها يتركونها، ألا ترى أنهم كانوا ينقبون الدار فيعطلونها؟ فهذا معنى: (يخربون).
والذين قالوا (يخرّبون) ذهبوا إلى التهديم الذي كان المسلمون يفعلونه، وكل صواب. والاجتماع من قراءة القراء أحب إليّ). [معاني القرآن: 3/143]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ([وقوله تبارك وتعالى: {فاعتبروا يا أولي الأبصار...}: يا أولي العقول، ويقال {يا أولي الأبصار}: يا من عاين ذلك بعينه] ). [معاني القرآن: 3/143]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لأوّل الحشر ...}.[هم] أول من أجلي عن جزيرة العرب، وهي الحجاز). [معاني القرآن: 3/143]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({هو الّذي أخرج الّذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأوّل الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنّوا أنّهم مّانعتهم حصونهم مّن اللّه فأتاهم اللّه من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرّعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار}
قال: {فأتاهم اللّه من حيث} يقول: "فجاءهم الله" أي: جاءهم أمره، وقال بعضهم {فآتاهم الله} أي: آتاهم العذاب، لأنك تقول: "أتاه" و"آتاه" كما تقول: "ذهب" و"أذهبته").[معاني القرآن: 4/27-28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يخربون}: يهدمون، و{يخربون} يعطلون). [غريب القرآن وتفسيره: 373]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
({هو الّذي أخرج الّذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأوّل الحشر}.
قال عكرمة: «من شك في أن المحشر هاهنا (يعني: الشام)، فليقرأ: {هو الّذي أخرج الّذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأوّل الحشر}.
(قال): وقال لهم النبي - صلّى اللّه عليه وسلم - يومئذ: "اخرجوا" فقالوا: إلى أين؟ فقال: «إلى أرض الحشر».
وقال ابن عباس - في رواية أبي صالح -: «يريد أنهم أول من حشر وأخرج من دياره». وهو: الجلاء. يقال: جلوا من أرضهم وأجليتهم وجلوتهم أيضا). [تفسير غريب القرآن: 459]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {هو الّذي أخرج الّذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأوّل الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنّوا أنّهم مانعتهم حصونهم من اللّه فأتاهم اللّه من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرّعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار} هؤلاء بنو النضير، كان لهم عزّ ومنعة من اليهود، فظنّ الناس أنهم لعزهم ومنعتهم لا يخرجون من ديارهم، وظنّ بنو النضير أنّ حصونهم تمنعهم من الله، أي من أمر اللّه {فأتاهم اللّه من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرّعب}. -كان بنو النضير لما دخل النبي عليه السلام المدينة عاقدوه ألّا يكونوا عليه ولا معه، - فلما كان يوم أحد وظهر المشركون على المسلمين نكثوا ودخلهم الريب، وكان كعب، بن الأشرف رئيسا لهم فخرج في ستين رجلا إلى مكة وعاقد المشركين على التظاهر على النبي عليه السلام، فأطلع اللّه نبيه عليه السلام على ذلك، فلما صار إلى المدينة وجّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محمد بن مسلمة ليقتله، وكان محمد بن مسلمة رضيعا لكعب، فاستأذن محمد بن مسلمة رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- في، أن ينال منه [ليعتر] كعب بن الأشرف، فجاءه محمد ومعه جماعة فاستنزله من منزله وأوهمه أنه قد حمل عليه في أخذ الصدقة منه فلما نزل أخذ محمد بن مسلمة بناصيته وكبّر، فخرج أصحابه فقتلوه في مكانه، وغدا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غازيا بني النضير فأناخ عليهم، وقيل إنه غزاهم على حمار مخطوم بليف، فكان المؤمنون يخربون من منازل بني النضير ليكون لهم أمكنة للقتال، وكان بنو النضير يخربون منازلهم ليسدّوا بها أبواب أزقتهم لئلّا يبقى علي المؤمنين، فقذف اللّه في قلوبهم الرعب (يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين) ومعنى إخرابها بأيدي المؤمنين أنهم عرّضوها لذلك. ففارقوا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - على الجلاء من منازلهم وأن يحملوا ما استقلت به إبلهم ما خلا الفضة والذهب، فجلوا إلى الشام وطائفة منهم جلت إلى خيبر وطائفة إلى الحيرة، وذلك قوله: {هو الّذي أخرج الّذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأوّل الحشر} وهو أول حشر حشر إلى الشام - ثم يحشر الخلق يوم القيامة إلى الشام ولذلك قيل لأول الحشر.فجميع اليهود والنصارى يجلون من جزيرة العرب.
وروي عن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لأخرجنّ اليهود من جزيرة العرب".
قال الخليل: جزيرة العرب معدنها ومسكنها، وإنما قيل لها جزيرة العرب لأن بحر الحبس وبحر فارس ودجلة والفرات قد أحاطت بها، فهي أرضها ومعدنها.
قال أبو عبيدة: جزيرة العرب من [جفر] أبي موسى إلى اليمن في الطول ومن رمل بيرين إلى منقطع السماوة في العرض.
وقال الأصمعي إلى أقصى عدن أبين إلى أطراف اليمن حتى تبلغ أطراف بوادي الشام). [معاني القرآن: 5/143-144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُخْرِبُونَ}: يهدون). [العمدة في غريب القرآن: 302]


تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({كتب الله عليهم الجلاء} جلوا من أرض إلى أرض جلاء وأجلبتهم أنا). [مجاز القرآن: 2/256]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الجلاء}: يقال جلوا من الأرض إلى أرض وأجليتهم أنا). [غريب القرآن وتفسيره: 373]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):
({الْجَلَاء}: الخروج). [العمدة في غريب القرآن: 302]



تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4) }

تفسير قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ما قطعتم مّن لّينةٍ...}...
- حدثني حبّان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: أمر النبي صلى الله عليه بقطع النخل كله ذلك اليوم، يعني: يوم بني النضير إلاّ العجوة. قال ابن عباس: فكل شيء من النخل سوى العجوة، هو اللين... واحدته: لينة، وفي قراءة عبد الله: (ما قطعتم من لينةٍ ولا تركتم قوّماً على أصوله إلا بإذن الله)، يقول: إلا بأمر الله). [معاني القرآن: 3/143-144]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: (أصوله...) ذهب إلى الجمع في اللين كله، ومن قال: (أصولها) ـ ذهب إلى تأنيث النخل؛ لأنه يذكر ويؤنث). [معاني القرآن: 3/144]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ما قطعتم مّن لينةٍ} أي من نخلة وهي ألوان النخل ما لم تكن العجوة أو البرني، إلا أن الواو ذهبت لكسرة اللام قال ذو الرمة:
فوق لينةٍ). [مجاز القرآن: 2/256]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ما قطعتم مّن لّينةٍ أو تركتموها قائمةً على أصولها فبإذن اللّه وليخزي الفاسقين}وقال: {ما قطعتم مّن لّينةٍ} وهي من "اللّون" في الجماعة وواحدته "لينة" وهو ضرب من النخل ولكن لما انكسر ما قبلها انقلبت إلى الياء). [معاني القرآن: 4/28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({من لينة}: واللينة كل نحلة سوى العحوة، والجمع اللين). [غريب القرآن وتفسيره: 373]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
( (اللينة): الدّقلة. ويقال للدّقل الألوان: ما لم يكن عجوة أو برنيّا. واحدتها: «لونة». [فقيل: لينة، بالياء]. وذهبت الواو لكسرة اللام). [تفسير غريب القرآن: 459]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن اللّه وليخزي الفاسقين} أي ما قطعتم من نخلة - والنخل كله ما عدا البرني والعجوة يسميه أهل المدينة الألوان، وأصل لينة لونه فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها فقيل لينة.[معاني القرآن: 5/144]
فأنكر بنو النضير قطع النخل فأعلم اللّه عزّ وجلّ -أن ذلك بإذنه- القطع والترك جميعا.
{وليخزي الفاسقين} بأن يريهم أموالهم يتحكم فيها المسلمون كيف أحبوا). [معاني القرآن: 5/145]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({ما قطعتم من لينة} أي: من نخلة). [ياقوتة الصراط: 509]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((اللِّينَةٍ) الدَّقَلة من التمر. والياء بدل من واو، والواحد من التمر لُونه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 265]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((اللِّينَةٍ): سوى العجوة). [العمدة في غريب القرآن: 302]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ...} كان النبي صلى الله عليه قد أحرز غنيمة بني النّضير وقريظة وفدك، فقال له الرؤساء: خذ صفّيك من هذه، وأفردنا بالربع، فجاء التفسير: إن هذه قرًى لم يقاتلوا عليها بخيل، ولم يسيروا إليها على الإبل؛ إنما مشيتم إليها على أرجلكم، وكان بينها وبين المدينة ميلان، فجعلها النبي صلى الله عليه لقوم من المهاجرين، كانوا محتاجين وشهدوا بدراً). [معاني القرآن: 3/144]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ} الإيجاف، وجيف الفرس وأوجفته أنا، الخيل هي الخيل والركاب هي الإبل والإيجاف الإيضاع فإذا لم يغزوا فلم يوجفوا عليها). [مجاز القرآن: 2/256]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ ولكنّ اللّه يسلّط رسله على من يشاء واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}وقال: {ما أفاء اللّه على رسوله} لأنك تقول: "فاء عليّ كذا وكذا" و"أفاءه الله" كما تقول: "جاء" و"أجاءه الله" وهو مثل "ذهب" و"أذهبته"). [معاني القرآن: 4/28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({فما أوجفتم عليه}: الإيجاف رفع السير). [غريب القرآن وتفسيره: 374]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {[وما أفاء اللّه على رسوله منهم] فما أوجفتم عليه}... من «الإيجاف». يقال: وجف الفرس والبعير وأوجفته. ومثله «الإيضاح»، وهو: الإسراع.
وأراد: أن الذي أفاء اللّه على رسوله - من هذا القيء خاصة - لم يكن عن غزو ولا أوجفتم عليه خيلا ولا ركابا). [تفسير غريب القرآن: 460]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكنّ اللّه يسلّط رسله على من يشاء واللّه على كلّ شيء قدير} يعني ما أفاء اللّه على رسوله من بني النضير مما لم يوجفوا عليه خيلا ولا ركابا - والركاب الإبل والوجيف دون التقريب من السير، يقال: وجف الفرس وأوجفته، والمعنى أنه لا شيء لكم فيه إنما هو لرسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- خالصا يعمل فيه ما أحب، وكذلك كل ما فتح على الأئمة مما لم يوجف المسلمون عليه خيلا ولا ركابا). [معاني القرآن: 5/145]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَوْجَفْتُمْ} من الإِيجاف، وهو ضرب من [السير السريع]). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 265]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الإيجاف): رفع). [العمدة في غريب القرآن: 303]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال: {مّا أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى...} هذه الثلاث، فهو لله وللرسول خالص). [معاني القرآن: 3/144]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (ثم قال: {ولذي القربى...}.لقرابة رسول الله صلى الله عليه {واليتامى}. يتامى المسلمين عامة، وفيها يتامى بني عبد المطلب {والمساكين} مساكين المسلمين ليس فيها مساكين بني عبد المطلب). [معاني القرآن: 3/144]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال: كي لا يكون ذلك الفيء دولة بين الأغنياء ـ الرؤساء ـ يعمل به كما كان يعمل في الجاهلية، ونزل في الرؤساء: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا...} فرضوا. والدّولة: قرأها الناس برفع الدال إلا السّلميّ -فيما أعلم- فإنه قرأ: (دولة) بالفتح، وليس هذا للدّولة بموضع إنما الدّولة في الجيشين يهزم هذا هذا، ثم يهزم الهازم، فتقول: قد رجعت الدولة على هؤلاء، كأنها المرة، والدّولة في الملك والسنن التي تغيّر وتبدّل على الدهر، فتلك الدّولة.
وقد قرأ بعض العرب: (دولةٌ)، وأكثرهم نصبها وبعضهم: يكون، وبعضهم: تكون). [معاني القرآن: 3/145]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({كي لا يكون دولةً بين الأغنياءٍ منكم} مضمومة ومفتوحة). [مجاز القرآن: 2/256]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({مّا أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتّقوا اللّه إنّ اللّه شديد العقاب}
وقال: {كي لا يكون دولةً} و"الدّولة" في هذا المعنى أن يكون ذلك المال مرة لهذا ومرة لهذا وتقول: "كانت لنا عليهم الدولة". وأما انتصابها فعلى "كيلا يكون الفيء دولةً" و"كيلا تكون دولةً" أي: "لا تكون الغنيمة دولةً" [و] يزعمون أنّ "الدولة" أيضا في المال لغةٌ للعرب، ولا تكاد تعرف "الدولةٌ في المال"). [معاني القرآن: 4/28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ((الدولة): الملك يكون في أيدي قوم ثم ينتقل إلى غيرهم فيقال الملك دولة ودول). [غريب القرآن وتفسيره: 374]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({كي لا يكون دولةً}... من «التداول»، أي يتداوله الأغنياء بينهم). [تفسير غريب القرآن: 460]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتّقوا اللّه إنّ اللّه شديد العقاب}
معنى {فللّه} أي له أن يأمركم فيه بما أحبّ.
{وللرسول ولذي القربى} يعني ذوي قرابات النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنهم قد منعوا الصدقة فجعل لهم حق في الفيء.
{واليتامى والمساكين وابن السّبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم}). [معاني القرآن: 5/145]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم} يقرأ بضم الدال وفتحها - فالدّولة اسم الشيء الذي يتداول. و"الدّولة" الفعل والانتقال من حال إلى حال.
وقرئت أيضا (دولة) -بالرفع- فمن قرأ " كيلا يكون دولة " فعلى أن يكون على مذهب التمام.
ويجوز أن يكون (دولة) اسم يكون وخبرها "بين الأغنياء". والأكثر {كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم} على معنى كيلا يكون الفيء دولة، أي متداولا.
وقوله: {وما آتاكم الرسول فخذوه} أي من الفيء. {وما نهاكم عنه} أي عن أخذه {فانتهوا}). [معاني القرآن: 5/146]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الدولة}: الملك). [العمدة في غريب القرآن: 303]

تفسير قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من اللّه ورضوانا وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصّادقون} بيّن من المساكين الذين لهم الحق فقال: {الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم}). [معاني القرآن: 5/145]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم...} يعني: الأنصار، يحبون من هاجر إليهم لما أعطي المهاجرون ما قسم لهم النبي صلى الله عليه من فيء بني النضير لم يأمن على غيرهم أن يحسدهم إذا لم يقسم لهم. فقال النبي صلى الله عليه للأنصار: إن شئتم قسمتم لهم من دوركم وأموالكم، وقسمت لكم كما قسمت لهم، وإما أن يكون لهم القسم، ولكم دياركم وأموالكم، فقالوا: لا، بل تقسم لهم من ديارنا وأموالنا ولا نشاركهم في القسم، فأنزل الله جل وعز هذه الآيات ثناء على الأنصار، فقال: {يحبّون من هاجر إليهم...} يعني المهاجرين: {ولا يجدون في صدورهم...} الآية. وفي قراءة عبد الله {والّذين جاءوا من بعدهم...} يعني المهاجرين: يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين تبوءوا الإيمان من قبل، وألّف بين قلوبنا، ولا تجعل فيها غمرا للذين آمنوا). [معاني القرآن: 3/145]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً مّمّا أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون}وقال: {ولا يجدون في صدورهم حاجةً مّمّا أوتوا} أي: ممّا أعطوا). [معاني القرآن: 4/29]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة ممّا أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون} يعني الأنصار.
{والإيمان من قبلهم} يعني المهاجرين.
{يحبّون من هاجر إليهم} أي يحب الأنصار المؤمنين.
{ولا يجدون في صدورهم حاجة ممّا أوتوا} أي لا يجد الأنصار في صدورهم حاجة مما يعطى المهاجرون.
وقوله: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} قال أبو إسحاق: ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى نحو خيبر. وما أشبهها، فالأمر عند أهل الحجاز في قسمة الفيء أنه يفرّق في هذه الأصناف المسمّاة على قدر ما يراه الإمام على التحري للصلاح في ذلك إن رأى الإمام ذلك، وإن رأى أنّ صنفا من الأصناف يحتاج فيه إلى جميع الفيء صرف فيه أو في هذه الأصناف على قدر ما يرى). [معاني القرآن: 5/145-146]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ) : ({خصاصة} أي: حاجة). [ياقوتة الصراط: 509]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تبوؤا}: نزلوا. {خصاصة}: فقر). [العمدة في غريب القرآن: 303]


تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وفي قراءة عبد الله {والّذين جاءوا من بعدهم...} يعني المهاجرين: يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين تبوءوا الإيمان من قبل، وألّف بين قلوبنا، ولا تجعل فيها غمرا للذين آمنوا). [معاني القرآن: 3/145](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلّا للّذين آمنوا ربّنا إنّك رءوف رحيم} أي ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فلله ولرسوله ولهؤلاء المسلمين وللذين يجيئون من بعدهم إلى يوم القيامة، ما أقاموا على محبة - أصحاب رسول الله عليه السلام. ودليل ذلك قوله: {والّذين جاءوا من بعدهم} في حال قولهم: {ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان..} الآية، فمن يترحم على أصحاب رسول اللّه ولم يكن في قلبه غل لهم أجمعين فله حظّ في فيء المسلمين، ومن شتمهم ولم يترحم عليهم أو كان في قلبه غلّ لهم فما جعل الله له حقّا في شيء من فيء المسلمين. فهذا نصّ الكتاب بيّن). [معاني القرآن: 5/146-147]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الغل): الحقد). [العمدة في غريب القرآن: 303]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 ذو القعدة 1431هـ/3-11-2010م, 11:11 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 11 إلى آخر السورة]


{أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)}

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {ألم تر إلى الّذين نافقوا يقولون لإخوانهم الّذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنّكم واللّه يشهد إنّهم لكاذبون} هم إخوانهم يضمّهم الكفر). [معاني القرآن: 5/147]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنّكم واللّه يشهد إنّهم لكاذبون} وقد بان ذلك في أمر بني النضير الذين عاقدهم المنافقون لأنهم أخرجوا من ديارهم وأموالهم فلم يخرج معهم المنافقون، وقوتلوا فلم ينصروهم.فأظهر الله عزّ وجلّ كذبهم.
فإن قال قائل: ما وجه قوله: {ولئن قوتلوا لا ينصرونهم} ثم قال: {ولئن نصروهم ليولّنّ الأدبار ثمّ لا ينصرون}؟ قال أهل اللغة في هذا قولين: قالوا معناه أنهم لو تعاطوا نصرهم، أي ولئن نصرهم من بقي منهم ليولّنّ الأدبار). [معاني القرآن: 5/147]

تفسير قوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12) }
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نّصروهم ليولّنّ الأدبار ثمّ لا ينصرون}وقال: {لئن أخرجوا لايخرجون معهم} فرفع الآخر لأنه معتمد لليمين لأن هذه اللام التي في أول الكلام إنما تكون لليمين كقول الشاعر:
لئن عادلي عبد العزيز بمثلها = وأمكنني منها إذا لا أقيلها). [معاني القرآن: 4/29]

تفسير قوله تعالى: {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لأنتم أشدّ رهبةً في صدورهم...} يقول: أنتم يا معشر المسلمين أهيب في صدورهم [يعني بني النضير] من عذاب الله عندهم، وذلك أن بني النضير كانوا ذوي بأس، فقذف الله في قلوبهم الرعب من المسلمين، ونزل في ذلك: {تحسبهم} يعني: بني النضير جميعاً، وقلوبهم مختلفة، وهي في قراءة عبد الله: (وقلوبهم أشت) أي: أشد اختلافاً). [معاني القرآن: 3/146]

تفسير قوله تعالى: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لأنتم أشدّ رهبةً في صدورهم...}.يقول: أنتم يا معشر المسلمين أهيب في صدورهم [يعني بني النضير] من عذاب الله عندهم، وذلك أن بني النضير كانوا ذوي بأس، فقذف الله في قلوبهم الرعب من المسلمين، ونزل في ذلك: {تحسبهم} يعني: بني النضير جميعاً، وقلوبهم مختلفة، وهي في قراءة عبد الله: (وقلوبهم أشت)، أي: أشد اختلافاً). [معاني القرآن: 3/146] (م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أو من وراء جدرٍ...} قرأ ابن عباس: (جدار)، وسائر القراء: (جدر) على الجمع). [معاني القرآن: 3/146]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والبأس: الشدّة بالقتال، قال الله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} وقال تعالى: {نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} وقال: {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ} وقال: {وَحِينَ الْبَأْسِ}). [تأويل مشكل القرآن: 505](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لا يقاتلونكم جميعا إلّا في قرى محصّنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى ذلك بأنّهم قوم لا يعقلون}
وقرئت (أو من وراء جدار) - على الواحد - وقرئت بتسكين الدال.
فمن قرأ (جدر) فهو جمع جدار، وجدر مثل حمار وحمر.
ومن قرأ بتسكين الدال حذف الضمة لثقلها كما قالوا صحف وصحف. ومن قرأ (جدار) فهو الواحد.
فأعلم اللّه عزّ وجلّ أنهم إذا اجتمعوا على قتالكم لما قذف اللّه في قلوبهم من الرعب لا يبرزون لحربكم إنما يقاتلون متحصنين بالقرى والجدران.
وقوله: {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى} أي مختلفون لا تستوي قلوبهم ولا يتعاونون بنيات مجتمعة لأن اللّه -عزّ وجلّ- ناصر حزبه وخاذل أعدائه). [معاني القرآن: 5/147-148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({جدر}: جمع جدار. {شتى}: متفرقة). [العمدة في غريب القرآن: 303]

تفسير قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {كمثل الّذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم} مثل ما نال أهل بدر). [معاني القرآن: 5/148]

تفسير قوله تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {كمثل الشّيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إنّي بريء منك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين} أي مثل المنافقين في غرورهم لبني النضير وقولهم لهم: {لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنّكم} -{كمثل الشّيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إنّي بريء منك} وهو - واللّه أعلم - يدل عليه قوله: {وإذ زيّن لهم الشّيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من النّاس وإنّي جار لكم فلمّا تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنّي بريء منكم} فكذلك المنافقون، لمّا نزل ببني النضير ما نزل تبرأوا منهم.
وقد جاء في التفسير أن عابدا كان يقال له برصيصا كان يداوي من الجنون فداوى امرأة فأعجبته فأغواه الشيطان حتى وقع بها ثم قتلها - ثم تبرأ منه الشيطان، وفي الحديث طول ولكن هذا معناه). [معاني القرآن: 5/148-149]

تفسير قوله تعالى: {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فكان عاقبتهما أنّهما في النّار خالدين...}.وهي في قراءة عبد الله: فكان عاقبتهما أنهما خالدان في النار، وفي قراءتنا {خالدين فيها} نصب، ولا أشتهي الرفع، وإن كان يجوز؛ وذلك أن الصفة قد عادت على النار مرتين، والمعنى للخلود، فإذا رأيت الفعل بين صفتين قد عادت إحداهما على موضع الأخرى نصبت الفعل، فهذا من ذلك، ومثله في الكلام قولك: مررت برجل على بابه متحملا به، ومثله قول الشاعر:
والزعفران على ترائبها = شرقاً به اللبات والنحر
لأن الترائب هي اللبات ها هنا، فعادت الصفة باسمها الذي وقعت عليه أولا، فإذا اختلفت الصفتان: جاز الرفع والنصب على حسن. من ذلك قولك: عبد الله في الدار راغبٌ فيك.
ألا ترى أن (في) التي في الدار مخالفة (لفي) التي تكون في الرغبة؛ والحجة ما يعرف به النصب من الرفع، ألا ترى الصفة الآخرة تتقدم قبل الأولى، إلاّ أنك تقول: هذا أخوك في يده درهم قابضا عليه، فلو قلت: هذا أخوك قابضاً عليه في يده درهم لم يجز. وأنت تقول: هذا رجل في يده درهم قائمٌ إلى زيد. ألا ترى أنك تقول: هذا رجل قائم إلى زيد في يده درهم، فهذا يدل على المنصوب إذا امتنع تقديم الآخر، ويدل على الرفع إذا سهل تقديم الآخر). [معاني القرآن: 3/146-147]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أنّهما في النّار خالدين فيها} نصبهما على تمام الكلام الأول فاستغنى). [مجاز القرآن: 2/256]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فكان عاقبتهما أنّهما في النّار خالدين فيها وذلك جزاء الظّالمين} وقال{أنّهما في النّار خالدين فيها} فنصب الخالدين على الحال و{في النّار} خبر. ولو كان في الكلام "إنّهما في النار" كان الرفع في {خالدين} جائزا.
وليس قولهم: إذا جئت بـ"فيها" مرتين فهو نصب "بشيء". إنّما "فيها" توكيد جئت بها أو لم تجيء بها فهو سواء.
ألا ترى أن العرب كثيرا ما تجعله حالا إذا كان فيها التوكيد وما أشبهه. وهو في القرآن منصوب في غير مكان. قال: {إنّ الّذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنّم خالدين فيها} ). [معاني القرآن: 4/29]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فكان عاقبتهما أنّهما في النّار خالدين فيها وذلك جزاء الظّالمين} وقرأ عبد الله بن مسعود أنهما في النار خالدان فيها، وهو في العربية جائز إلّا أنه خلاف المصحف، فمن قال (خالدين فيها) فنصب على الحال. ومن قرأ (خالدان) فهو خبر أنّ.
والقراءة فكان عاقبتهما على اسم كان ويكون خبر كان أنهما في النار على معنى فكان عاقبتهما كونهما في النّار ويقرأ فكان (عاقبتهما) والنصب أحسن. ويكون اسم كان (أنّهما) ). [معاني القرآن: 5/149]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه ولتنظر نفس ما قدّمت لغد واتّقوا اللّه إنّ اللّه خبير بما تعملون} أي ليوم القيامة، وقرّب على الناس فجعل كأنه يأتي غدا. وأصل غد غدو إلا أنه لم يأت في القرآن إلا بحذف الواو، وقد تكلّم به بحذف الواو، وجاء في الشعر بإثبات الواو وحذفها.قال الشاعر في إثباتها:
وما الناس إلاّ كالدّيار وأهلها = بها يوم حلّوها وغدوا بلاقع
وقال آخر:
لا تغلواها وادلواها دلوا = إنّ مع اليوم أخاه غدو). [معاني القرآن: 5/149]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل: {ولا تكونوا كالّذين نسوا اللّه فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون}
{نسوا الله}: تركوا ذكره وما أمرهم به فترك اللّه ذكرهم بالرحمة والتوفيق). [معاني القرآن: 5/149]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا يستوي أصحاب النّار وأصحاب الجنّة...}. وفي قراءة عبد الله: ولا أصحاب النار، ولا صلةٌ إذا كان في أول الكلام جحد، ووصل بلا من آخره. وأنشد في بعض بني كلاب:
إرادة ألاّ يجمع الله بيننا = ولا بينها أخرى الليالي الغوابر
معناه: إرادة ألا يجمع الله بيننا وبينها، فوصل بلا). [معاني القرآن: 3/147]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدّعا من خشية اللّه وتلك الأمثال نضربها للنّاس لعلّهم يتفكّرون}
أعلم اللّه عزّ وجلّ أن من شأن القرآن وعظمته وبيانه أنه لو جعل في الجبل تمييز كما جعل فيكم وأنزل عليه القرآن لخشع وتصدّع من خشية اللّه ومعنى خشع تطأطأ وخضع، ومعنى تصدّع تشقق.وجائز أن يكون هذا على المثل لقوله: (وتلك الأمثال نضربها للنّاس)كما قال - سبحانه -: {لقد جئتم شيئا إدّا (89) تكاد السّماوات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدّا (90)}). [معاني القرآن: 5/149-150]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({خاشعا}: خاضعاً). [العمدة في غريب القرآن: 303]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {هو اللّه الّذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشّهادة هو الرّحمن الرّحيم (22)} هذا رد على أول السورة، على قوله: {سبّح للّه ما في السّماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم}. {هو اللّه الّذي لا إله إلّا هو} ). [معاني القرآن: 5/150]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" مهيمن " ومبيقر ومبيطر ومسيطر هذه الأربعة الأحرف صفات، لها أفعالٌ ووجدنا من الأسماء مالا ندري لعلها مصغرة مديبر اسم واد، ومجيمر ومبيقر). [مجاز القرآن: 2/256]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والله مؤمن: مصدّق ما وعده، أو قابل إيمانه. ويقال في الكلام: ما أومن بشيء مما تقول أي ما أصدّق به). [تأويل مشكل القرآن: 481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {هو اللّه الّذي لا إله إلّا هو الملك القدّوس السّلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبّر سبحان اللّه عمّا يشركون}
(الملك القدّوس).والقدوس الطاهر ومن هذا قيل: بيت المقدس أي بيت المكان الذي يتطهر فيه من الذنوب.وقوله: (السّلام).اسم من أسماء اللّه عزّ وجلّ، وقيل السلام الذي قد سلم الخلق من ظلمه.
{المؤمن} الذي وحّد نفسه بقوله: {شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلّا هو العزيز الحكيم}.
وقيل {المؤمن}: الذي أمن الخلق من ظلمه.
وقوله: {العزيز} أي الممتنع الذي لا يغلبه شيء.
{المهيمن} جاء في التفسير أنه الشهيد، وجاء في التفسير أنه الأمين، وزعم بعض أهل اللغة أن الهاء بدل من الهمزة وأن أصله المؤيمن، كما قالوا: إياك وهيّاك، والتفسير يشهد لهذا القول لأنه جاء أنه الأمين، وجاء أنه "الشهيد". وتأويل "الشهيد": الأمين في شهادته.
وقوله: {الجبّار} تأويله الذي جبر الخلق على ما أراده من أمره.
وقوله: {المتكبّر} الذي تكبر عن ظلم عباده.
{سبحان اللّه عمّا يشركون} تأويله تنزيه الله عن شركهم). [معاني القرآن: 5/150-151]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {هو اللّه الخالق البارئ المصوّر له الأسماء الحسنى يسبّح له ما في السّماوات والأرض وهو العزيز الحكيم}
وقد رويت رواية لا ينبغي أن تقرأ، رويت (البارئ المصوّر) بالنصب معناه الذي برأ آدم وصوّرة.
وقوله: {له الأسماء الحسنى} جاء في التفسير أنها تسعة وتسعون اسما، من أحصاها دخل الجنّة وجاء في التفسير أن اسم اللّه الأعظم اللّه، ونحن نبيّن هذه الأسماء واشتقاق ما ينبغي أن يبين منها إن شاء اللّه.
روى أبو هريرة الدوسي عن النبي عليه السلام قال: ((إن للّه مائة اسم غير واحد من أحصاها دخل الجنّة)). وهو الله الواحد الرحمن الرحيم الأحد الصمد الفرد السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الحي القيوم العلى الكبير الغني الكريم الولي الحميد العليم اللطيف السميع البصير الودود الشكور الظاهر الباطن الأول الآخر المبدئ البديع الملك القدوس الذارئ الفاصل الغفور المجيد الحليم الحفيظ الشهيد الربّ القدير التّوّاب الحافظ الكفيل القريب المجيب العظيم الجليل العفوّ الصّفوح الحق المبين المعز المذل القوي الشديد الحنّان المّان الفتاح الرؤوف القابض الباسط الباعث الوارث الدّيّان الفاضل الرقيب الحسيب المتين الوكيل الزكي الطاهر المحسن المجمل المبارك السّبّوح الحكيم البرّ الرّزاق الهادي المولى النصير الأعلى الأكبر الوهاب الجواد الوفي الواسع الخلاّق الوتر.
جاء في التفسير أن اسم اللّه الأعظم اللّه.
قال سيبويه: سألت الخليل عن هذا الاسم فقال: الأصل فيه إله فأدخلت الألف واللام بدلا من الهمزة.
وقال مرة أخرى: الأصل لاه وأدخلت الألف واللام لازمة.
وأما الرحمن الرحيم فالرحمن اسم الله خاصة لا يقال لغير اللّه رحمن، ومعناه المبالغ في الرحمة وأرحم الراحمين - وفعلان من بناء المبالغة، تقول للشديد الامتلاء ملآن وللشديد الشبع شبعان، والرحيم اسم الفاعل من رحم فهو رحيم، وهو أيضا للمبالغة والأحد أصله الوحد بمعنى الواحد، وهو الواحد الذي ليس كمثله شيء.
والصّمد السيد الذي صمد له كل شيء، أي قصد قصده.
وتأويل صمود كل شيء للّه أن في كل شيء أثر صنعة اللّه.
السلام الذي سلم الخلق من ظلمه. وقد فسّرنا المؤمن المهيمن، وفسرنا الجبار المتكبر.
والبارئ الخالق، تقول برأ اللّه الخلق يبرؤهم أي خلقهم، والقيّوم المبالغ في القيام بكل ما خلق، وما أراد.
والولي المتولي للمؤمنين اللطيف للخلق من حيث لا يعلمون ولا يقدرون.
والودود المحب الشديد المحبّة.
الشكور الذي يرجع الخير عنده.
الظاهر الباطن الذي يعلم ما ظهر وما بطن.
المبدئ الذي ابتدأ كل شيء من غير شيء.
والبديع الذي ابتدع الخلق على غير مثال، القدوس قد رويت القدّوس بفتح القاف، جاء في التفسير أنه المبارك، ومن ذلك أرض مقدّسة مباركة، وقيل الطاهر أيضا.
والمذرئ -مهموز- الذي ذرأ الخلق أي خلقهم، والفاصل الذي فصل بين الحقّ والباطل.
والغفور الذي يغفر الذنوب، وتأويل الغفران في اللغة التغطية على الشيء ومن ذلك المغفر ما غطي به الرأس.
المجيد الجميل الفعال، والشهيد الذي لا يغيب عنه شيء.
والرّبّ مالك كل شيء والصّفوح المتجاوز عن الذنوب يصفح عنها.
الحنّان ذو الرحمة والتعطف المنّان الكثير المنّ على عباده بمظاهر النعم.
الفتاح الحاكم، الدّيّان المجازي، الرقيب الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء.
المتين الشديد القوة على أمره، الوكيل الذي يوكل بالقيام بجميع ما خلق.
والزكي الكثير الخير السّبّوح الذي بيّن عن كل سرّ، الحليم الذي لا يعجل بالعقوبة، وكان الحلم على هذا تأخير العقوبة). [معاني القرآن: 5/151-153]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة