العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 09:33 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي توجيه القراءات في سورة الحجر

توجيه القراءات في سورة الحجر


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 09:33 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

مقدمات توجيه القراءات في سورة الحجر
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة الحجر). [معاني القراءات وعللها: 2/67]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (ومن السؤرة التي يذكر فيها (الحَجر) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/339]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ذكر اختلافهم في سورة الحجر). [الحجة للقراء السبعة: 5/35]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة الحجر). [المحتسب: 2/3]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (15 - سورة الحجر). [حجة القراءات: 380]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة الحجر). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/29]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة الحجر). [الموضح: 716]

نزول السورة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (مكية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/29]

عد الآي:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي تسع وتسعون آية في المدني والكوفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/29]

الياءات المحذوفة
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وحذف منها ياء الإضافة في قوله: (فلا تفضحون) و(تخزون) أثبتهما الحضرمي وحده في الوصل والوقف). [معاني القراءات وعللها: 2/73]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (حُذفت من هذه السورة ياءان هما: {فَلا تَفْضَحُونِي}، {وِلا تُخْزُونِي}.
[الموضح: 727]
أثبتهما يعقوب في الوصل والوقف، وحذفهما الباقون في الحالين.
وقد تقدم وجه ذلك). [الموضح: 728]

ياءات الإضافة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- فيها أربع ياءات إضافة، قوله: {نبئ عبادي أني أنا الغفور} «49»، {إني أنا النذير المبين} «89» فتحن الحرميان وأبو عمرو، {بناتي إن كنتم} «71» فتحها نافع وحده). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/33]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها أربع ياءاتٍ للإضافة وهن:
{نَبِّئْ عِبادي}، {أَنِي}، {بَنَاتِي}، {إِنّي أَنا النَذِيرُ}.
ففتحهن نافع، وفتح ابن كثير وأبو عمرو ثلاثًا، وأسكنا {بناتي}، وأسكنهن كلهن الباقون.
والوجه قد تقدم، وهو أن الفتح هو الأصل، والإسكان تخفيف). [الموضح: 727]

الياءات الزائدة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (ليس فيها زائدة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/33]

روابط مهمة:


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:18 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحجر

[ من الآية (1) إلى الآية (9) ]
{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}

قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1)}

قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
وقوله جلّ وعزّ: (ربما يودّ الّذين كفروا)
قرأ نافع وعاصم (ربما) مخففة مفتوحة الباء، وقال الأعشى عن أبي بكر عن عاصم (ربما) بضم الباء مخففة، وقرأ الباقون (ربّما) مفتوحة الباء مشددة، وقال علي بن نصير سمعت أبا عمرو يقرؤها على الوجهين جميعا: خفيفا وثقيلا.
قال أبو منصور: العرب تقول: ربّ رجل جاءني.
ويخففون فيقولون: رب رجل.
فقال الحويدرة:
أسمّيّ ما يدريك أن رب فتيةٍ... باكرت لذتهم بادكن مترع
ويقولون: (ربما) و(ربّما). مخففًا ومثقلاً، ولغة أخرى لا تجوز القراءة بها (ربّتما).
وأنشد الأعرابي:
[معاني القراءات وعللها: 2/67]
ماويّ يا ربّتما غارةٍ... شعواء كاللّذعة بالميسم
و (ربّما) و(ربما) يوصلان بالفعل، و(ربّ، و(رب) يوصلان بالأسماء، تقول: ربّ رجل أصبت، وربّما جاءنى زيد، وإنما زيدت (ما) مع (ربّ) ليليها الفعل، وكل ذلك من كلام العرب). [معاني القراءات وعللها: 2/68]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {ربما يود الذين كفروا} [2].
نافع وعاصم {ربما} مخففًا.
وقرأ الباقون مشددًا، وهما لتان فصيحتان غير أن الاختيار التشديد؛ لأنه الأصل، ولو صغرت لقلت: ريب، ومن خفف أسقط باء تخفيفًا، قال الشاعر شاهدًا لمن شدد:
يا رب سار بات [ما] توسدا
تحت ذراع العنس أو كف اليدا
اختلف النحويون في «اليد» وما موضعها؟ فقال أكثرهم: موضعها
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/339]
جر فأتى بها على الأصل، وذلك أن الأصل في يد يدي، آخرها ياء، تقول في الجمع أيدي. وتلخيص ذلك: كيف اليدي، ثم قلب الياء ألفًا فقال: اليدا كما تقلب العرب الألف ياء إذا اضطروا إليها لقافية شعر، وأنشد سيبويه:
* قواطنا مكة من ورق الحمى *
أراد: الحمام فأسقط الميم الأخيرة فبقى الحما، ثم خط الألف إلى الياء فقال: الحمى.
وقال الأصمعي: موضع «اليد» نصب، و«كف» فعل ماض، أو كف اليد، كما يقول: منع اليد.
وقال الآخر شاهدًا لنافع:
فسمى ما يدريك أن رب فتنة = باكرت سخرتهم بأدكن مترع
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/340]
فإن قال قائل إن «رب» للتقليل بمنزلة «كم» للتكثير فلم أتى به في هذا الموضع؟
فقل: إن القرآن نزل بلسان العرب، وهم يستعملون أحدهما في موضع الآخر كقولك إذا أنكرت على رجل فلم يقبل: ربما نهيت فلانًا فلم ينته.
فإن سأل سائل فقال: ما موضع «ما» في «ربما» فقل: فيه ثلاثة أجوبة:
- تكون «ما» نائبة عن اسم منكور في موضع جر.
- وتكون صلة، وذلك أن «إن» و«رب» لا يليهما إلا الأسماء فإذا وليتهما الأفعال وصلوها بـ «ما» كقوله: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ولا يجوز أن يخشى و(ربما يود ...) ولا تقل: رب يود.
وفي «رب» ست لغات: «رب» و«رب»، و«ربما» و«ربما»، و«ربما» مخففًا و«ربتما» مشددًا ومخففًا.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/341]
والجواب الثالث: أن «ما» مع يود مصدر، والتقدير: رب وداد الذين كفروا.
فأما التفسير فقال قوم: إذا عاين الكافر الموت يود لو كان مسلمًا. وقال آخرون: إذا عاين أهوال يوم القيامة.
وقال آخرون: إن الله تعالى يأذن في الشفاعة للموحدين من أمة محمد الذين أدخلتهم ذنوبهم النار فيخرجون من النار فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين.
وقال بعض العلماء: إنما الكيس والفقير والغنى بعد العرض على الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/342]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الياء وتخفيفها من قوله: ربما [2].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي: (ربّما) مشدّدة. عليّ بن نصر قال: سمعت أبا عمرو يقرؤها على الوجهين جميعا، خفيفا وثقيلا.
وقرأ نافع وعاصم: ربما خفيفة.
قال أبو علي: أنشد أبو زيد:
ماويّ بل ربّتما غارة... شعواء كالّلذعة بالميسم
[الحجة للقراء السبعة: 5/35]
وأنشد أيضا:
يا صاحبا ربّت إنسان حسن يسأل عنك اليوم أو يسأل عن وقال السكري: ربّما، وربّتما، وربما، وربتما، وربّ:
حرف جر عند سيبويه، وتلحقها (ما) على وجهين: أحدهما أن تكون نكرة بمعنى شيء وذلك كقوله:
ربّما تكره النفوس من الأم... ر له فرجة كحلّ العقال
ف «ما» في هذا البيت اسم لما يقدّر من عود الذكر إليه من الصفة، والمعنى: ربّ شيء تكرهه النّفوس، وإذا عاد إليه الهاء كان اسما، ولم يجز أن يكون حرفا، كما أنّ قوله:
(أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين) [المؤمنون/ 55]، لمّا عاد الذكر إليه علمت بذلك أنّه اسم.
فأمّا قوله: «له فرجة كحلّ العقال»، فإنّ فرجة يرتفع
[الحجة للقراء السبعة: 5/36]
بالظرف في قول الناس جميعا، ولا يرتفع بالابتداء. وأما قوله:
«كحلّ العقال» فإن موضع الكاف يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون في موضع نصب على الحال من له، والآخر: أن يكون في موضع رفع على أنه صفة لفرجة.
ويدلّك على أنّ ما تكون اسما إذا وقعت بعد ربّ، وقوع من بعدها في نحو قوله:
ألا ربّ من يهوى وفاتي ولو دنت... وفاتي لذلّت للعدوّ مراتبه
وقال:
يا ربّ من يبغض أذوادنا... رحن على بغضائه واغتدين
وقال:
ألا ربّ من تغتشّه لك ناصح ومؤتمن بالغيب غير أمين
[الحجة للقراء السبعة: 5/37]
فكما دخلت على من، وكانت نكرة، كذلك تدخل على ما على الحدّ الذي دخل في من، فهذا ضرب.
والضرب الآخر: أن تدخل كافّة نحو الآية، ونحو قول الشاعر:
ربّما أوفيت في علم... ترفعن ثوبي شمالات
والنحويّون يسمّون ما هذه الكافّة، يريدون أنّها بدخولها كفّت الحرف عن العمل الذي كان له، وهيّأته لدخوله على ما لم يكن يدخل عليه. ألا ترى أنّ رب إنما تدخل على الاسم المفرد، ربّ رجل يقول ذاك، وربّه رجلا يقول ذاك، ولا تدخل على الفعل، فلمّا دخلت ما عليها هيّأتها للدّخول على الفعل، فمن ذلك قوله: ربما يود الذين كفروا [الحجر/ 2]، فوقع الفعل بعدها في الآية، وهو على لفظ المضارع، ووقع في قوله:
ربّما أوفيت في علم على لفظ المضيّ، وهكذا ينبغي في القياس، لأنّها تدلّ
[الحجة للقراء السبعة: 5/38]
على ما قد مضى وإنّما وقع في الآية على لفظ المضارع لأنّه حكاية لحال آتية، كما أن قوله: وإن ربك ليحكم بينهم [النحل/ 124] حكاية لحال آتية أيضا.
ومن حكاية الحال قول القائل:
جارية في رمضان الماضي... تقطّع الحديث بالإيماض
ومن زعم أن الآية على إضمار كان، وتقدير: ربّما كان يودّ الذين كفروا، فقد خرج بذلك عن قول سيبويه، ألا ترى أنّ كان لا تضمر عنده، ولم يجز: عبد الله المقتول، وأنت تريد:
كن عبد الله المقتول.
فأمّا إضمارها بعد إن في قوله: إن خيرا فخير، فإنّما جاز ذلك لاقتضاء الحرف له، فصار اقتضاء الحرف له كذكره.
فأمّا ما أنشده ابن حبيب لنبهان بن مشرق:
لقد رزئت كعب بن عوف وربّما... فتى لم يكن يرضى بشيء يضيمها
فإن قوله: فتى، في «ربّما فتى» يحتمل ضروبا، أحدها:
أن يكون لمّا جرى ذكر رزئت، استغنى بجري ذكره عن أن يعيده،
[الحجة للقراء السبعة: 5/39]
فكأنّه قال: ربّما رزئت فتى، فيكون انتصاب فتى برزئت هذه المضمرة، كقوله: آلآن وقد عصيت قبل [يونس/ 91]، فاستغنى بذكر (آمنت) المتقدّم عن إظهاره بعد، ويجوز أن ينتصب فتى برزئت هذه المذكورة، كأنّه قال: لقد رزئت كعب ابن عوف فتى، وربّما لم يكن يرضى، أي: رزئت فتى لم يكن يضام، ويكون هذا الفصل في أنه أجنبيّ بمنزلة قوله:
أبو أمّه حيّ أبوه يقاربه ويجوز أن يكون مرتفعا بفعل مضمر، كأنّه قال: ربّما لم يرض فتى، وكقوله:
... وقلّما وصال على طول الصّدود يدوم
[الحجة للقراء السبعة: 5/40]
ويجوز أن تكون «ما» نكرة بمنزلة شيء، ويكون فتى وصفا لها، لأنّها لما كانت كالأسماء المبهمة في إبهامها، وصفت بأسماء الأجناس، كأنه: ربّ شيء فتى لم يكن، فكان كذا وكذا، هذه الأوجه فيها ممكنة.
ويجوز في الآية أن تكون ما بمنزلة شيء، و (يودّ) صفة له وذلك أن ما لعمومها تقع على كلّ شيء، فيجوز أن يعنى بها الودّ، كأنه قال: ربّ ودّ يودّه الذين كفروا، ويكون يودّ في هذا الوجه أيضا حكاية حال، ألا ترى أنه لم يكن بعد، وهذه الآية في المعنى كقوله: فارجعنا نعمل صالحا [السجدة/ 12]، وكقوله: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون [المؤمنون/ 99] وكتمنيّهم الردّ في قوله: يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا [الأنعام/ 27].
وأمّا قول من قال: (ربما) بالتخفيف، فلأنه حرف مضاعف، والحروف المضاعفة قد تحذف وإن لم يحذف غير المضاعف.
فمن المضاعف الذي حذف قولهم: إنّ، وأنّ، ولكنّ، قد حذف كلّ واحد من هذه الحروف، وليس كلّ المضاعف يحذف، لم أعلم الحذف في ثمّ.
وأمّا دخول التاء في «ربّتما» فإنّ من الحروف ما يدخل عليه حرف التأنيث نحو: ثمّ وثمّت، ولا ولات، قال:
[الحجة للقراء السبعة: 5/41]
ثمّت لا تجزونني عند ذاكم ولكن سيجزيني الإله فيعقبا فكذلك ألحقت التاء في ربّ في قوله: ربّتما). [الحجة للقراء السبعة: 5/42]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ربما يود الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}
قرأ نافع وعاصم {ربما يود الّذين كفروا} بالتّخفيف وقرأ الباقون بالتّشديد
قال الكسائي هما لغتان والأصل التّشديد لأنّك لو صغرت رب لقلت ربيب فرددت إلى أصله فإن قال قائل فما موضع ما في ربما قيل فيه وجهان أحدهما أن تكون ما نائبة عن اسم منكور في موضع جر بمعنى شيء وذلك كقوله الشّاعر:
ربما تكره النّفوس من الأم ... ر له فرجة كحل العقال
فـ ما في هذا البيت اسم لما تقدم من عود الذّكر إليه من الصّفة المعنى رب شيء تكرهه النّفوس
[حجة القراءات: 380]
قال البصريّ تقديره رب ود يود الّذين كفروا والوجه الآخر أن تدخل كافّة نحو هذه الآية وذلك أن إن ورب لا يليهما إلّا الأسماء فإذا وليتهما الأفعال وصلوهما ب ما كقوله إنّما يخشى الله من عباده العلماء). [حجة القراءات: 381]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {ربما} قرأ نافع وعاصم بتخفيف الباء، وشدد الباقون، وهما لغتان مشهورتان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/29]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {رُبَمَا يَوَدُّ} [آية/ 2] بتخفيف الباء من {رُبَمَا}:
قرأها نافع وعاصم.
والوجه أن رُبَّ حرفٌ مضاعفٌ مثل إنّ وأنّ ولكنّ، والحروف المضاعفة قد يُخفف كثيرٌ منها استثقالًا للإدغام فيها، ألا ترى أن كل واحدة من إن وأن ولكن يجوز أن يُخفف، وتخفيفها بحذف الآخر من المثلين، فتصير ساكنة الأواخر، ورُبَّ خُففت بحذف الأول من المثلين، فصارت متحركة الآخر، وقد كثر مجيء رُبَ مخففًا في كلامهم، قال الحويدرة:
70- أسُمي ما يدريك أن رُبَ فتيةٍ = باكرت لذتهم بأدكن مترع
[الموضح: 716]
وما في {رُبَما} كافة لها عن العمل قد هيأتها للدخول على الفعل؛ إذ لولاها لم يُجز لرُبَّ أن تدخل على الفعل.
ويجوز عند أبي علي أن تكون ما نكرةً ويُراد بها الود، والمعنى رُبَّ ودٍ يوده الذين كفروا.
وقرأ الباقون {رُبَّما} بتشديد الياء.
والوجه أنه هو الأصل؛ لأن رُبّ على ثلاثة أحرف مثل ثمَّ، فما كان مخففًا فقد نُقص حرفٌ منه، وما كان مشددًا فهو الأصل). [الموضح: 717]

قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)}

قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4)}

قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)}

قوله تعالى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)}

قوله تعالى: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7)}

قوله تعالى: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ما ننزّل الملائكة إلّا بالحقّ)
قرأ حفص وحمزة والكسائي (ما ننزّل الملائكة) بالنون، و(الملائكة) نصبًا.
وقرأ الباقون (ما تنزّل الملائكة) بفتح التاء، و(الملائكة) رفع؛ لأن الفعل لها.
قال أبو منصور: من قرأ (ما ننزّل الملائكة) فالفعل لله - عزّ وجلّ -، والملائكة مفعول بها، ومن قرأ (ما تنزل الملائكة) فالفعل للملائكة، و(تنزل) كان في الأصل (تتنزل) فحذفت إحدى التاءين استثقالاً للجمع بينهما.
وروى أبو بكر عن عاصم (ما تنزّل الملائكة) على ما لم يسم فاعله). [معاني القراءات وعللها: 2/68]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ما ننزل الملائكة} [8].
قرأ عاصم في رواية أبي بكر: {ما تنزل الملائكة} بالتاء والضم على ما لم يُسم فاعله، وإنما أنث، لأن الملائكة جميع، وتأنيث الجماعة غير حقيقي، فلك أن تؤنث على اللفظ وتذكر كما قال تعالى: {فنادته الملائكة} و{فناديه} وكان ابن مسعود يقول: إذا اختلفتم في الياء والتاء فاجعلوها ياء.
وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم {وما ننزل الملائكة} بالنون وبنصب {الملائكة}، لأنهم مفعولون، الله تعالى المُنزل والمُخبر عن نفسه كما قال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [9].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/342]
وقرأ الباقون: {وما تنزل الملائكة} بالتاء مفتوحة ورفع {الملائكة} و{تنزل} في هذه القراءة وفي اللتين قبلها فعل مضارع و{الملائكة} رفع بفعلهم، لأن الله لما أنزل الملائكة نزلت الملائكة، وتصديق ذلك {نزل به الروح الأمين} و{نزل به الروح الأمين} فالمصدر من نزل ينزل نزولاً فهو نازل، ومن أنزل يُنزل إنزالاً فهو منزل ومن نزل ينزل تنزيلاً فهو منزل، ومن تنزل يتنزل تنزلاً فهو متنزل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/343]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عزّ وجلّ: (ما تنزل الملائكة إلا بالحق) [8].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (ما تنزل الملائكة إلا بالحق) مفتوحة التاء والنون، والزاي مشدّدة، (الملائكة) رفع، فاعله.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: (ما تنزل الملائكة) مضمومة [التاء] مفتوحة النون، (الملائكة) رفع لم يسمّ فاعله.
وقرأ حمزة والكسائيّ وحفص عن عاصم: ما ننزل الملائكة بالنون مشدّدة الزاي، (الملائكة) نصبا، مفعول به، والأولى لم يختلفوا فيها.
حجّة من قرأ: (ما تنزّل) قوله: (تنزل الملائكة والروح فيها) [القدر/ 4]، وحجة من قال: (ما تنزل الملائكة) قوله: (ونزل الملائكة تنزيلا) [الفرقان/ 25].
وحجة من قال: (ننزل) قوله: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى [الأنعام/ 111]). [الحجة للقراء السبعة: 5/42]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ما ننزل الملائكة إلّا بالحقّ}
قرأ عاصم في رواية أبي بكر (ما تنزل) بضم التّاء مفتوحة الزّاي {الملائكة} رفع على ما لم يسم فاعله حجّته قوله {ونزل الملائكة تنزيلا}
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {ما ننزل} بالنّون {الملائكة} نصب يخبر الله عن نفسه وحجتهم قوله {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة} {وقال الّذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة} فلمّا كانت الملائكة مفعولين منزلين بإجماع رد ما اختلف فيه إلى ما أجمع عليه
وقرأ الباقون {تنزل} بالتّاء مفتوحة {الملائكة} رفع وحجتهم إجماعهم على قوله {تنزل الملائكة والروح فيها} {وما نتنزّل إلّا بأمر ربك} على أن التّنزيل مسند إليهم والمعنيان يتداخلان لأن الله لما أنزل الملائكة نزلت وإذا نزلت الملائكة فبإنزال الله نزلت وتنزل). [حجة القراءات: 381]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {ما ننزل الملائكة} قرأه حفص وحمزة والكسائي بنونين الأولى مضمومة والثانية مفتوحة، وكسر الزاي، ونصب {الملائكة}، وقرأ أبو بكر بتاء مضمومة، وفتح النون والزاي، ورفع {الملائكة} وقرأ الباقون كذلك إلا أنهم فتحوا التاء.
وحجة من قرأ بنونين أنه أتى به على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، وهو الأصل، لأن كل شيء تكون فيه يكون، وعن إرادته يتكون، وقد قال: {إنا نحن نزلنا الذكر} «الحجر 9»، وقال: {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة} «الأنعام 111» ويقوي ذلك أن قبله إخبارًا من الله عن نفسه في قوله: {وما أهلكنا} «4» فجرى الإخبار على ذلك.
3- وحجة من قرأ بضم التاء ورفع {الملائكة} أنه جعله فعلًا لم يُسم فاعله، فأقام {الملائكة} مقام الفاعل، كما قال: {ونزل الملائكة تنزيلًا} «الفرقان 25» لأن {الملائكة} لا تنزل حتى تنزل، والأمر ليس لها في النزول، إنما ينزلها غيرها، وهو الله لا إله إلا هو.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/29]
4- وحجة من فتح التاء أنه جعله فعلًا مستقبلًا سمي فاعله، وأضاف الفعل إلى {الملائكة} فرفعها به، وفي الفعل حذف تاء، لاجتماع تاءين بحركة واحدة، وأصله «تتنزل» ويقوي ذلك قوله: {تنزل الملائكة والروح فيها} «القدر 4» فهو مثله، وهو إجماع، وهو الاختيار، لأنه قد فُهم أنها تتنزل بأمر الله لها بالنزول). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/30]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {مَا نُنَزِّلُ الملائكةَ} [آية/ 8] بالنون من {نُنَزِّلُ} وكسر الزاي وتشديدها، ونصب {الملائكةَ}:
قرأها حمزة والكسائي و-ص- عن عاصم.
والوجه أنه نُفعِّل من التنزيل، تقول: نزلنا نحن الشيء ننزل، وقد ورد في القرآن، قال الله تعالى {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ}.
وقرأ عاصم ياش- {تُنَزَّلُ} بالتاء مضمومة وبفتح الزاي وتشديدها ورفع {الملائكةُ}.
[الموضح: 717]
والوجه أنه مضارع نُزلت بإسناد الفعل إلى المفعول به، تقول نُزلت الملائكة تُنزل، كما قال تعالى {وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا}.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعامر ويعقوب {تَنَزَّلُ} بفتح التاء والنون وتشديد الزاي، ورفع {الملائِكَةُ}.
والوجه أن الأصل تتنزل مضارع تنزلت تتنزل، قال الله تعالى {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا}، وإحدى التاءين من تتنزل محذوفة للتخفيف). [الموضح: 718]

قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:20 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحجر

[ من الآية (10) إلى الآية (15) ]
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10)}

قوله تعالى: {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11)}

قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12)}

قوله تعالى: {لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)}

قوله تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14)}

قوله تعالى: {لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لقالوا إنّما سكّرت)
قرأ ابن كثير وحده (سكرت) خفيفة، وقرأ الباقون (سكّرت) مشددة.
قال أبو منصور: معنى (سكرت) بالتخفيف، أي: سدّت وأغشيت.
[معاني القراءات وعللها: 2/68]
وإذا ثقل فهو أوكد في معناه). [معاني القراءات وعللها: 2/69]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {إنما سكرت أبصارنا} [15].
قرأ ابن كثير وحده {سكرت} خفيفة أي: سجرت، كما يقال: سكرت الماء في النهر.
وقرأ الباقون {سكرت} أي: سدت وغطيت، تقول العرب: سكرت الريح، أي: سكنت وركدت، وصامت عن الخليل.
حدثنا ابن مجاهد عن أبي الزعراء عن أبي عمر عن الكسائي قال: سكرت وسكرت لغتان وإن اختلف تفسيرهما.
وفيها قراءة ثالثة: حدثنا ابن مجاهد قال: حدثنا عبيد بن شريك عن ابن أبي مريم عن رشدين عن يونس عن الزهري أنه قرأ: {لقالوا إنما سكرت أبصارنا} بفتح السين وكسر الكاف، أي: اختلطت وتغيرت كما تقول: سكر الرجل: إذا تغير عقله وينشد:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/343]
جاء الشتا واجثال القبر
وجعلت عين الحرور تسكر
وطلعت شمس عليها مغفر
أي: غيم. ومعنى هذه الآية أنهم رأو الآيات المعجزات والعلامات النيرات كانشقاق القمر والدخان وغير ذلك وأنكروا ذلك وجحدوا فقال الله عليهما بهم وأنهم لا يؤمنون: لو أنزلنا عليهم سوى هذه الآيات آيات لقالوا: إنما سكرت أبصارنا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/344]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الكاف وتخفيفها من قوله عزّ وجلّ: سكرت [15].
فقرأ ابن كثير: (سكرت) خفيفة.
وقرأ الباقون: سكرت مشدّدة.
أبو عبيدة: (سكرت): غشّيت، وكأن معنى سكرت:
لا ينفذ نورها، ولا تدرك الأشياء على حقيقتها، وكأنّ معنى الكلمة انقطاع الشيء عن سببه الجاري، فمن ذلك: سكر الماء، هو ردّه عن سيبه في الجرية، وقالوا: التسكير في الرأي قبل أن يعزم على شيء، فإذا عزم على أمر ذهب التسكير، ومنه السكر في الشراب، إنّما هو أن ينقطع عن ما هو عليه من المضاء في حال الصحو، فلا ينفذ رأيه ونظره على حدّ نفاذه في صحوه، وقالوا: سكران لا يبت، فعبروا عن هذا المعنى فيه.
ووجه التثقيل أنّ الفعل مسند إلى جماعة فهو مثل: مفتحة لهم الأبواب [ص/ 50] ووجه التخفيف أنّ هذا النحو من الفعل المسند إلى الجماعة قد يخفّف. قال:
ما زلت أغلق أبوابا وأفتحها وإنّما حملت التثقيل في سكرت على التكثير، على تنزيل أن (سكرت) بالتخفيف قد ثبت تعدّيه في قراءة ابن كثير،
[الحجة للقراء السبعة: 5/43]
والذي عليه الظاهر في سكر أنه يتعدى، وإذا بني الفعل للمفعول فلا بدّ من تنزيله معدّى، فيكون تعدّيه على قول ابن كثير مثل: شترت عينه، وشترتها، وعارت وعرتها.
ويجوز أن يكون أراد التثقيل، فحذفه لما كان زائدا، وهو يريده، كما جاز ذلك في المصادر وأسماء الفاعلين نحو قولهم:
عمرك الله، وقعدك الله، و:
دلو الدالي والرياح لواقح [الحجر/ 22]، ويجوز أن يكون فعلا قد سمع معدى في البصر. والتثقيل الذي هو قول الأكثر أعجب إلينا، ويكون التضعيف للتعدية). [الحجة للقراء السبعة: 5/44]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قرأ الزهري – بخلاف: [سَكِرَتْ].
قال أبو الفتح: أي جرت مجرى السكران في عدم تحصيله، فلذلك قال: [سَكِرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ]. والسُّكْر عندنا من سَكْر العربة ونحوها. وذلك أنه يعترض على الماء، ويسد عليه مذهبه ومتسربه، وكذلك حال السكران في وقوف فكره، والاعتراض عليه بما ينغصه ويحيره؛ فلا يجد مذهبا، وينكفئ مضطربا). [المحتسب: 2/3]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لقالوا إنّما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون}
[حجة القراءات: 381]
قرأ ابن كثير {لقالوا إنّما سكرت} أي سحرت وحبست والعرب تقول سكرت الرّيح إذا سكنت فكأنّها حبست فكأن معنى {سكرت أبصارنا} لا ينفذ نورها ولا تدرك الأشياء على حقيقتها فكأنّها حبست
وقرأ الباقون {سكرت} بالتّشديد أي غشيت فغطيت كذا قال أبو عمرو والغشاء الحبس أيضا
وقال قتادة سدت وحجتهم في التّشديد أن الفعل مسند إلّا جماعة وهو قوله {سكرت أبصارنا} والتّشديد مع الجمع أولى). [حجة القراءات: 382]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (5- قوله: {إنما سكرت} خففه ابن كثير، وشدده الباقون، وهما لغتان: سكرت عينه وسكرتها، أغشيتها إغشاء، لكن في التشديد معنى التكثير والتكرير، وحسن ذلك؛ لإضافته إلى جماعة، لكل واحد بصر قد غُشي بغشاوة، و«الأبصار» جماعة فحقه التشديد ليدل على التكثير). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/30]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {سُكِرَتْ أَبْصَارُنَا} [آية/ 15] بتخفيف الكاف:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أنه بناء فعل ماضٍ على فعل بفتح العين وهو متعدي فعل بكسرها، كما تقول: حزن وحزنته، وشترت العين وشترتها، فكذلك هذا، وسكرت العين: عميت، وقيل انسد موضع نورها، وسكرتها أنا إذا فعلت بها ذلك، فقوله تعالى {سُكِرَتْ} فعل متعدٍ قد أُسند إلى المفعول به، وهو الإبصار، فيجوز أن يكون للكثيرة وإن كان الفعل مخففًا؛ لأنه أُسند إلى الإبصار وهي جماعة، فإن الفعل بلفظه دالٌّ على القليل والكثير، فإطلاقه على الكثرة ههنا غير ممتنعٍ، كما قال الشاعر:
71- ما زلت أفتح أبوابًا وأغلقها = حتى أتيت أبا عمرو بن عمار
[الموضح: 718]
ويجوز أن يكون الفعل مخففًا ويراد به التثقيل، فيكون محذوف الزيادة كعمرك الله والمراد تعميرك.
وقرأ الباقون {سُكِّرَتْ} بتشديد الكاف.
والوجه أن الفعل بُني على فُعل بتشديد العين للتكثير؛ لأنه مسندٌ إلى جماعةٍ وهي الأبصار، كما قال الله تعالى {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ}.
وقد بينا فيما سبق أن الفعل المشدد يختص بالكثرة.
ويجوز أن يكون التشديد للتعدية من سكر بالكسر). [الموضح: 719]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:28 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحجر

[ من الآية (16) إلى الآية (25) ]
{وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (25)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16)}

قوله تعالى: {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17)}
قوله تعالى: {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)}
قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19)}

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20)}

قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)}

قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وأرسلنا الرّياح لواقح}
قرأ حمزة (وأرسلنا الرّيح لواقح) بغير ألف وحجته أن الرّيح في معنى جمع ألا ترى أنّك تقول قد جاءت الرّيح من كل مكان تريد الرّياح وكما تقول ثوب أخلاق قال الشّاعر:
جاء الشتاء وقميصي أخلاق
وقرأ الباقون {الرّياح} على الجمع وحجتهم قوله {لواقح} ولم يقل لاقحا). [حجة القراءات: 382]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {الرِيحَ لَوَاقِحَ} [آية/ 22] على الوحدة:
قرأها حمزة وحده.
والوجه أن الريح يراد بها الجنس والكثرة، ولهذا وُصف بالجمع في قوله {لَوَاقِحَ} وقد سبق مثله.
وقرأ الباقون {الرِيَاحَ} بالألف على الجمع.
[الموضح: 719]
ووجهه ظاهر؛ وذاك أن الرياح وصفت ههنا بقوله «لواقح» وهي جماعة، فينبغي أن يكون الموصوف أيضًا جماعة؛ ليتوافقا، فالصفة والموصوف شيء واحد، ويُقوي هذه القراءة أنها إذا قُرئت على الوحدة كان معناها الجمع). [الموضح: 720]

قوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24)}

قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (25)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:29 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحجر

[ من الآية (26) إلى الآية (31) ]
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26)}

قوله تعالى: {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27)}

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28)}

قوله تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)}

قوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30)}

قوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:32 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحجر
[ من الآية (32) إلى الآية (40) ]
{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)}

قوله تعالى: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32)}

قوله تعالى: {قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33)}

قوله تعالى: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34)}

قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35)}

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36)}

قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37)}

قوله تعالى: {إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38)}

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39)}

قوله تعالى: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:50 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحجر

[ من الآية (41) إلى الآية (50) ]
{قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48) نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)}

قوله تعالى: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (هذا صراطٌ عليّ مستقيمٌ (41)
قرأ يعقوب وحده (هذا صراطٌ عليٌّ مستقيمٌ)، بكسر اللام، وضم الياء، والتنوين.
وقرأ الباقون (عليّ مستقيمٌ)، بالإضافة.
قال: من قرأ (صراطٌ عليٌّ مستقيمٌ) أراد: هذا طريق رفيع شريف في الدين والحق.
ومن قرأ (هذا صراطٌ عليّ) فالمعنى: هذا صراط مستقيم عليّ، أي: على إرادتي وأمري.
وقيل: هو كقولك: طريقك عليّ). [معاني القراءات وعللها: 2/69]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي رجاء وابن سيرين وقيس بن عبادة وقتادة والضحاك ويعقوب وابن شرف ومجاهد وحميد وعمرو بن ميمون وعمارة بن أبي حفصة: [صِرَاطٌ عَلِيٌّ مُسْتَقِيمٌ]
قال أبو الفتح: [عَلِيٌّ] –هنا- كقولهم: كريم، وشريف. وليس المراد به علو الشخوص والنصبة.
قال أبو الحسن في قراءة الجماعة: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ}: هو كقولك:
[المحتسب: 2/3]
الدلالة اليوم عَلَيَّ، أي: هذا صراط في ذمتي وتحت ضماني، كقولك: صحة هذا المال عَلَيَّ، وتوفية عِدَتِهِ عَلَيَّ. وليس معناه عنده أنه مستقيم عَلَيَّ، كقولنا: قد استقام عَلَيَّ الطريق، واستقر عَلَيَّ كذا. وما أحسن ما ذهب إليه أبو الحسن فيه! ). [المحتسب: 2/4]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {صِرَاطٌ عَلِيٌّ مُستقيمٌ} [آية/ 41] بكسر اللام من {عَلِيٌّ} وتنوين الياء:
قرأها يعقوب وحده.
والوجه أنه فعيل من العلو بمعنى فاعل، كقدير بمعنى قادر، وعليم بمعنى عالم، فهو بناءٌ للمبالغة، فأراد المبالغة في العلو، والمعنى أن طريق طاعتي طريق عالٍ رفيع.
وقرأ الباقون {عَلَيَّ} بفتح اللام والياء.
والوجه أنه الحرف الجار دخل على ياء ضمير المتكلم، والمعنى طريقٌ علي أن أبينه وأُظهره، وقيل: معناه التهديد كما تقول طريقك علي أي لا تفوتني، كما قال الله تعالى {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} ). [الموضح: 720]

قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)}

قوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43)}

قوله تعالى: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الزهري: [لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزٌّ مَقْسُومٌ].
قال أبو الفتح: هذه لغة مصنوعة، وليست على أصل الوضع. وأصلها {جُزْء} فُعْل من جزأْت الشيء، وهو قراءة الجماعة إلا أنه خفف الهمزة، فصارت [جُزُ]، لأنه حذفها وألقى حركتها على الزاي قبلها، ثم إنه نوى الوقف على لغة من شدد نحو ذلك في الوقف، فقال: هذا خالدّ وهو يجعلّ، فصارت في الوقف [جُزّ]، ثم أطلق وهو يريد نية الوقف وأقر التشديد بحاله فقال: [جُزّ] كما قالوا في الوصل: سبسبّا، وكلكلّا.
وقد أنشدنا شواهد نحو ذلك فيما مضى. ومثله الخبّ فيمن وقف عليه بالتشديد، ويريد تخفيف الخبْء، وهو مشروح في باب الهمز؟). [المحتسب: 2/4]

قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ (46)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ (جنّاتٍ وعيونٍ (45) ادخلوها (46)
قرأ الحضرمي وحده (وعيونٍ ادخلوها) بضم التنوين، وكسر الخاء، وقرأ الباقون (وعيونٍ ادخلوها)، قال أبو منصور: من قرأ (أدخلوها) بضم الألف وكسر الخاء فهو على ما لم يسم فاعله، والألف مقطوعة على (أفعل).
وكان يعقوب يضم التنوين ويلقى ضمة الألف على النون، ويليّن الهمزة، وما قرأ بهذا غيره.
ومن قرأ (وعيونٍ ادخلوها) فالألف ألف وصل أسقطت في الإدراج.
[معاني القراءات وعللها: 2/69]
وضم ابن كثير ونافع والكسائي التنوين لانضمام الألف الساقطة.
وكسر الباقون لسكونه وسكون الدال). [معاني القراءات وعللها: 2/70]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {وَعُيُون * ادْخِلُوهَا} [آية/ 45 و46] بضم التنوين وكسر الخاء من {ادْخِلُوها} على ما لم يسم فاعله:
قرأها يعقوب وحده يس-.
والوجه أن الفعل ماضٍ مبني للمفعول به، والألف مقطوعة في الأصل؛
[الموضح: 720]
لأنها ألف أُفعل، إلا أنه أُلقيت ضمة هذه الألف على التنوين الذي قبلها وحُذفت الألف، وهكذا تُخفف الهمزة إذا تحركت وسكن ما قبلها تُلقى حركتها على الساكن الذي قبلها وتُحذف الهمزة نحو {يُخْرِجُ الخَبَ} ورأيت المر، والمهنى: إن المتقين أُدخلوا هذه الجنات.
وقرأ الباقون و-ح- عن يعقوب بضم الخاء من {ادخُلوها}، إلا أن ابن كثير ونافعًا والكسائي ضموا التنوين عن {عيون}، وكسرها الباقون.
والوجه أن الفعل للأمر، والمعنى إن المتقين يقال لهم ادخلوا هذه الجنات، والألف للوصل ههنا، إلا أنها حُذفت في الدرج، لأنها ألف وصلٍ.
ووجه ضم التنوين من {عيون} هو أنه إتباعٌ لضمة الخاء من {ادْخُلُوها}.
ووجه كسره هو أنه حركة التقاء الساكنين أحدهما التنوين والآخر الدال الساكنة من {ادخلوها}، وحق التقاء الساكنين الكسر). [الموضح: 721]

قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)}

قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)}

قوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (نبّئ عبادي أنّي أنا (49)
فتح الياءين من " عبادي " و(أني) ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/71]

قوله تعالى: {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:51 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحجر

[ من الآية (51) إلى الآية (60) ]
{وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)}

قوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51)}

قوله تعالى: {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52)}

قوله تعالى: {قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [لَا تُوجَلْ].
قال أبو الفتح: هذا منقول من وَجِلَ يَوْجَلُ، وَجِل وأَوْجَلْتُه، كفَزِعَ وأَفْزَعَتُه، وَرَهِبَ وأَرْهَبْتُه). [المحتسب: 2/4]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {إنَّا نَبْشُرُكَ} [آية/ 53] بفتح النون وضم الشين مخففة:
قرأها حمزة وحده.
وقرأ الباقون {نُبَشِّرُكَ} بضم النون وتسديد الشين وكسرها.
وقد مضى الكلام فيه). [الموضح: 722]

قوله تعالى: {قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فبم تبشّرون (54)
قرأ ابن كثير ونافع (فبم تبشرون) بكسر النون، وشددها ابن كثير، وقال: هما نونان: نون الجمع. ونون المتكلم.
فسكّنت الأولى وأدغمت في الثانية، وخففها نافع، اقتصارا على إحدى النونين.
وقرأ الباقون (فبم تبشرون) نصبا؛ لأن نون الجمع مفتوحة أبدًا، فرقًا بينها وبين نون الاثنين.
قال أبو منصور: من قرأ (فبم تبشرونّ) بكسر النون مشددة فالأصل (تبشرونني)، وأدغمت إحداهما في الأخرى وشددت، وكسرت لتدلّ على ياء الإضافة.
ومن خفف النون فإنه يحذف إحدى النونين لثقلهما كما قال عمرو بن معديكرب:
تراه كالثّغام يعلّ مسكاً... يسوء الفاليات إذا فليني
أراد: فلينني، فحذف إحدى النونين.
والقراءة المختارة بفتح النون على أنها نون الجمع). [معاني القراءات وعللها: 2/70]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {فبم تبشرون} [54].
قرأ ابن كثير {فبم تبشرون} مشددة النون مكسورة، أراد: فبم تبشرونني، النون الأولى علامة الرفع. والثانية مع الياء في موضع النصب فأدغم النون في النون تخفيفًا، وحذف الياء اجتراء بالكسرة لرءوس [الآي] مثل: {وإياي فارهبون}.
وقرأ نافع {تبشرون} بكسر النون أيضًا مثل ابن كثير غير أنه حذف
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/344]
إحدى النونين تخفيفًا كما قال الشاعر:
تراه كالثغام يعل مسكا = يسوء الفاليات إذا فليني
أراد: فلينني فحذف إحدى النونين، هذا مذهب البصريين.
وقال أهل الكوفة: أدغم ثم حذف، وحجتهم: {وكادوا يقتلونني} و{أتعدانني} فقالوا: لما أظهرت النونات لم تحذف، وإنما الحذف في المشددات نحو {تأمروني} و{أتحاجوني} فاعرف ذلك فإنه حسن.
وقرأ الباقون: {فبم تبشرون} مفتوحة النون خفيفة؛ لأنهم لم يريدوا الإضافة إلى النفس. وكانت البشارة أنهم بشروه بولد، وكانت امرأته قد أتت عليها سبعون سنة، وقد أتى عليه أكثر من ذلك، قد قنطا، أي: يئسا من الولد
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/345]
فذلك قوله: {بشرانك بالحق فلا تكن من القانطين} [55]، ويقرأ {من القنطين} ومعناهما: من الآيسين.
حدثنا ابن مجاهد، قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله عن أبي خلاد، عن حسين عن أبي عمرو {فلا تكن من القنطين}، بغير ألف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/346]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح النون وكسرها من قوله جلّ وعزّ: فبم تبشرون [54].
فقرأ ابن كثير ونافع، كسرا، غير أن ابن كثير شدد النون، وخففها نافع.
وقرأ أبو عمرو وعاصم، وابن عامر وحمزة والكسائيّ: فبم تبشرون بفتح النون.
تشديد ابن كثير النون أنّه أدغم النون الأولى التي لعلامة الرفع في الثانية المتّصلة بالياء التي هي المضمر المنصوب المتكلّم.
وفتحها لأنّه لم يعدّ الفعل إلى المفعول به، كما عدّاه غيره، وحذف المفعول كثير.
ولو لم يدغم وبيّن لكان حسنا في القياس، مثل: اقتتلوا، في جواز البيان فيه والإدغام.
وأمّا قراءة نافع فبم تبشرون فإنّه أراد: «تبشرونني» وتعدية الفعل إلى المضمر المنصوب، لأنّ المعنى عليه، فأثبت ما أخذ به غيره من الكسرة التي تدلّ على الياء المفعولة، وحذف النون الثانية، لأنّ التكرير بها وقع، ولم يحذف الأولى
[الحجة للقراء السبعة: 5/45]
التي هي علامة الرفع، وقد حذفوا هذه النون في كلامهم لأنّها زائدة، ولأنّ علامة الضمير الياء دونها، ونظير حذفهم لها من المنصوب حذفهم لها من المجرور في قولهم: قدني، وقدي، قال:
قدني من نصر الخبيبين قدي فحذف وأثبت في بيت. وقال الأعشى في حذف هذه النون اللاحقة مع الياء:
فهل يمنعني ارتياد البلا... د من حذر الموت أن يأتين
وإنّما هو: يمنعنّني. وقال آخر:
أبا لموت الذي لا بدّ أنّي... ملاق لا أباك تخوّفيني
فهذا مثل الآية. وقال:
تراه كالثّغام يعلم مسكا... يسوء الفاليات إذا فليني
فحذف الثانية، فكذلك قراءة نافع.
[الحجة للقراء السبعة: 5/46]
ومن قرأ: تبشرون ففتح النون، فالنون علامة الرفع، ولم يعدّ الفعل فتجتمع نونان). [الحجة للقراء السبعة: 5/47]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فبم تبشرون}
قرأ ابن كثير {فبم تبشرون} مشدّدة النّون مكسورة الأصل
[حجة القراءات: 382]
تبشرونني النّون الأولى علامة الرّفع والثّانية مع الياء في موضع النصب وإنّما دخلت لتمنع الفعل من أن ينكسر ثمّ أدغم النّون في النّون وحذف الياء اجتزاء بالكسرة لأنّها نابت عن الياء
وقرأ نافع {تبشرون} بكسر النّون مع التّخفيف والأل فبم تبشرونني كما ذكرنا فاستثقل النونين فحذف إحداهما وهي الثّانية لأن التكرير بها وقع ولم يحذف الأولى قال الشّاعر في حذف النّون:
تراه كالثغام يعل مسكا ... يسوء الفاليات إذا فليني
وقرأ الباقون {فبم تبشرون} بفتح النّون خفيفة لم يريدوا الإضافة إلى النّفس فتجتمع نونان). [حجة القراءات: 383]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {فبم تبشرون} قرأ ابن كثير بكسر النون وتشديدها، وقرأ نافع مثله، إلا أنه خفف النون، وكذلك قرأ الباقون إلا أنهم فتحوا النون.
وحجة من شدد وكسر أن أصله أن يكون بنونين، الأولى علم الرفع، والثانية هي النون الحائلة بين الياء والفعل في «ضربني ويضربني» لأنه عدى الفعل إلى مفعول، وهو ضمير المتكلم، فاجتمعت نونان، فأدغم الأولى في الثانية، بعد أن أسكنها استثقالًا لاجتماع المثلين، وبقيت الكسرة تدل على الياء المحذوفة، وأصله «تبشرونني».
7- وحجة من خفف وفتح النون أنه لم يعد الفعل إلى مفعول، فأتى بالنون، التي هي علامة الرفع، مفتوحة على أصلها، كنون «يقومون ويخرجون».
8- وحجة من خفف النون وكسرها أنه عدّى الفعل، فصار أصله
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/30]
«تبشرونني» ثم حذف إحدى النونين، وهي الثانية، استخفافًا لاجتماع المثلين، فاتصلت الياء بنون الرفع، فانكسرت، ثم حذف الياء لدلالة الكسرة عليها.
قال أبو محمد: وهذه القراءة قد طعن فيها جماعة لبعد مخرجها في العربية، لأن حذف النون مع الياء لا يحسن إلا في شعر، وإن قدرت حذفت النوى الأولى حذفت علم الرفع، لغير جازم ولا ناصب، ولأن كسر النون التي هي علم الرفع قبيح، إنما حقها الفتح، والاختيار فتح النون والتخفيف؛ لأنه وجه الكلام ورتبة الإعراب، ولأن عليه أكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/31]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {فَبِمَ تُبَشِّرُونِ} [آية/ 54] بكسر النون:
قرأها ابن كثير ونافعٌ، إلا أن ابن كثير شدد النون، ونافعًا خففها.
والوجه أن الأصل {تُبَشِّرُونَنِي} بنونين، فأدغم ابن كثير النون الأولى في الثانية تخفيفًا، فبقي: تبشروني، وحذف نافعٌ الثانية من النونين تخفيفًا، فبقي: تُبشروني، وإنما حذف الثانية؛ لأن الأولى علامة الرفع؛ ولأن الثانية زائدة قد تُحذف كثيرًا؛ لأن حرف الضمير هو الياء دون النون، ثم إن التكرار بالثانية وقع، كما قال الشاعر:
72- أبا الموت الذي لا بد أني = مُلاقٍ لا أباك- تُخوفيني
ثم إن كل واحدٍ من ابن كثير ونافع قد حذف ياء الضمير من {تبشِّروني} واكتفى بالكسرة.
وقرأ الباقون {تُبَشِّرُونَ} بفتح النون من غير تشديد.
والوجه أن النون فيه واحدةٌ، وهي التي تكون علامةً للرفع في فعل الجماعة، وهي مفتوحة لا محالة، وضمير المفعول به محذوف، وحذف المفعول به كثيرٌ في الكلام). [الموضح: 722]

قوله تعالى: {قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يحيى والأعمش وطلحة بن مصرف، ورويت عن أبي عمرو: [من القَنِطِين]
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون في الأصل {القانِطِين} كقراءة الجماعة؛ إلا أن العرب قد تحذف ألف فاعل في نحو هذا تخفيفا.
[المحتسب: 2/4]
قال الراجز:
أصبح قلبي صردا ... لا يشتهي أن يردا
إلا عرادا عردا ... وصليانا بردا
وعنكثا ملتبدا
يريد عاردا وباردا، فحذف الألف تخفيفا. ألا ترى أن أبا النجم قال:
كأنَّ في الفرش القتادَ العارِدا
أي القوي الخشن، وقد ذكرنا نحو هذا.
وقد يجوز في [الْقَنِطِينَ] غير هذا، وذلك أنهم قد قالوا: قَنِطَ يقنَطُ، فقد يكون [الْقَنِطِينَ] من قَنِطَ يقنَطُ هذه، ويكون القانِطُون من قَنَطَ). [المحتسب: 2/5]

قوله تعالى: {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قال ومن يقنط (56)
قرأ أبو عمرو والكسائي والحضرمي (قال ومن يقنط) بكسر النون في جميع القرآن، وقرأ الباقون (يقنط)، بفتح النون - واتفقوا على فتح النون من قوله: (من بعد ما قنطوا).
قال أبو منصور: هما لغتان: قنط يقنط، وقنط يقنط.
وأجود اللغتين قنط يقنط، وهو اختيار أبي عمرو والكسائي). [معاني القراءات وعللها: 2/71]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- قوله تعالى: {ومن يقنط من رحمة ربه} [56].
قرأ أبو عمرو والكسائي {يقنط} بالكسر وهو الاختيار؛ لأن الماضي منه على قنط بفتح النون، فإذا كان الماضي مفتوحًا لم يجز في المضارع إلا الكسر والضم قنط يقنط ويقنط، وقرأ بذلك أبو حيوة مثل عكف يعكف ويعكف، وقد أجمعوا جميعًا على فتح النون من قوله: {من بعد ما قنطوا} ولا يجوز فتح الماضي والمستقبل إلا إذا كان فيه حرف من حروف الحلق نحو ذهب يذهب وسخر يسخر.
وقرأ الباقون: {ومن يقنط} بفتح النون، فإن جعلوا ماضيه قنط بالكسر وإلا فهو شاذ، والاختيار ما قدمت ذكره.
وحكى أبو عمرو الشيباني قنط عنا الماء قنطا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/346]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح النون وكسرها من قوله: عزّ وجلّ: (ومن يقنط) [56].
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وحمزة: (من يقنط) بفتح النون في كلّ القرآن.
وقرأ أبو عمرو والكسائي: (ومن يقنط) بكسر النون.
وكلّهم قرأ: من بعد ما قنطوا بفتح النون.
قنط يقنط، وقنط يقنط، لغتان، ومثله: نقم ينقم، ونقم ينقم: لغتان، وكأن يقنط أعلى، ويدلّ على ذلك اجتماعهم في قوله: من بعد ما قنطوا.
وحكي أنّ يقنط لغة، فهذا يدلّ على أن يقنط أكثر، لأن مضارع فعل يجيء على يفعل ويفعل، مثل: يفسق، ويفسق، ولا يجيء مضارع فعل على: يفعل). [الحجة للقراء السبعة: 5/47]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأشهب: [ومَن يقنُطُ]، بضم النون.
قال أبو الفتح: فيه لغات: قَنَطَ يقنِطُ، وقَنِطَ يقنَطُ، وقَنَطَ يقنُطُ. وقد حكيت أيضا: قَنَطَ يقنَطُ، ومثله من فعَل يفعَل: ركَن يركَن، وأبي يأَبى، وغسَا الليل يغسَا، وجبَا يجبَا، وقالوا: عَضَضْتَ تعضُّ. قال ابن يحيى: قد قالوا في شمِمتُ وصبِبتُ ونحوه بفتح الثاني هربًا من الكسر من التضعيف). [المحتسب: 2/5]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال ومن يقنط من رحمة ربه إلّا الضالون}
قرأ أبو عمرو والكسائيّ {ومن يقنط} بكسر النّون من قنط يقنط وحجتهما قوله {من بعد ما قنطوا}
وقرا الباقون بفتح النّون من قنط يقنط وقنط يقنط لغتان ومثله نقم ينقم ونقم ينقم). [حجة القراءات: 383]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {ومن يقنط} قرأ أبو عمرو والكسائي بكسر النون، ومثله في الروم والزمر وفتح الباقون، وهما لغتان: قنط يقنَط وقنط يقنِط، وقنَط أكثر، ولذلك أجمعوا على الفتح في قوله: {من بعد ما قنَطوا} «الشورى 28»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/31]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {ومَنْ يَقْنِط} [آية/ 56] بكسر النون حيث وقع:
قرأها أبو عمرو والكسائي ويعقوب.
والوجه أنه مضارع بفتح النون يقنِط بكسرها، مثل كسر يكسِر، وهي اللغة المشهورة العليا، أعني قَنَطَ بالفتح، يدل على ذلك اتفاق القراء على الفتح في قوله {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا} بفتح النون لا غير، ويدل أيضًا على أن قَنَط بالفتح أكثر، ما رُوي عن (أبي) الأشهب العطاردي أنه قرأ {وَمَنْ يَقْنُطُ} بضم النون، فمجيء يفعل بالضم منه يدل على أن الماضي فعل بالفتح، كما قالوا فَسَق يفسُق ويفسِق؛ لأن فَعِل بالكسر لا يجيء منه يَفْعُل بالضم.
وقرأ الباقون {يَقْنَطُ} و{لا تَقْنَطُوا} و{إذَا هُمْ يَقْنَطون} بفتح النون حيث وقع.
والوجه أنه مضارع قَنِطَ بكسر النون، وقَنِطَ وقَنَطَ بالكسر والفتح لغتان، مثل نَقِمَ ونَقَم). [الموضح: 723]

قوله تعالى: {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57)}

قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58)}

قوله تعالى: {إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّا لمنجّوهم أجمعين (59)
قرأ حمزة والكسائي والحضرمي (إنا لمنجوهم أجمعين).
وقرأ الباقون (إنّا لمنجّوهم أجمعين) مشددة.
[معاني القراءات وعللها: 2/71]
قال أبو منصور: هما لغتان: نجّيته وأنجيته). [معاني القراءات وعللها: 2/72]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {إنا لمنجوهم أجمعين} [59].
قرأ حمزة والكسائي {منجوهم} خفيفًا من أنجى يُنجي والأصل: منجووهم بواوين، الأولى لام الفعل نجا ينجو والثانية: واو الجمع فانقلبت الأولى ياء لانكسار ما قبله وهو الجيم فصارت لمنجيوهم، فاستثقلوا الضمة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان الواو والياء، فحذفوا الياء لالتقاء الساكنين وضموا الجيم لمجاورة واو الجمع، والنون ساقطة للإضافة والأصل: لمنجونهم وإنا منجونك فسقطت النون للإضافة فصارت منجوك ومنجوهم. فتأمل هذه المسالة فإنها أصل لما يرد عليك من نظيرها.
وقرأ الباقون {لمنجوهم} مشددًا من نجى يُنجي، قال قوم: نجى وأنجي وكرم وأكرم لغتان. وقال آخرون: نجى للتكرير والتكثير، وقد تأملت نجا في العربية فوجدته ينقسم خمسة أقسام: نجا ينجو من عذاب، ونجا ينجو بمنى أنجى ينجي، إذا طاف وتغوط، قال الشاعر بمعنى طاف -:
عشيت جابان حتى استد مغرضه = وكاد ينقد لولا أنه طافا
ونجا ينجو: إذا استكنه السكران، قال الشاعر:
نجوت مقاتلا فوجدت فيه = كريح الكلب مات حديث عهد
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/347]
ونجا ينجو: إذا استخرج الوتر [من الشجر] وأنشد:
فتبازت فتبازخت لها = جلسته الجازر يستنجي الوتر
أي: يستخرج.
ونجا الجلد عن الشاة، وأنشد:
فقلت أنجوا عنها نجا الجلد إنه = سيرضيكما منها سنام وغاربه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/348]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تخفيف الجيم وتشديدها من قوله عزّ وجلّ: إنا لمنجوهم [59].
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر لمنجوهم مشدّدة الجيم.
[الحجة للقراء السبعة: 5/47]
وقرأ حمزة والكسائي: (لمنجوهم) خفيفا.
حجّة التثقيل قوله: ونجينا الذين آمنوا [فصلت/ 18].
وحجّة التخفيف: فأنجاه الله من النار [العنكبوت/ 24] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/48]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّا لمنجوهم أجمعين}
[حجة القراءات: 383]
وقرأ حمزة والكسائيّ {إنّا لمنجوهم} خفيفة من أنجى ينجي وحجتهما قوله {فأنجاه الله من النّار} والأصل لمنجوونهم بواوين الأولى لام الفعل من نجا ينجو والثّانية واو الجمع فانقلبت الأولى ياء لانكسار الجيم فصارت لمنجوونهم فاستثقلوا الضمة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان فحذفوا الياء وضموا الجيم لمجاورة الواو وحذفوا النّون للإضافة وكذلك قوله تعالى {إنّا منجوك} والأصل منجونك
وقرأ الباقون {إنّا لمنجوهم} بالتّشديد من نجى ينجي وحجتهم قوله {ونجينا الّذين آمنوا} وهما لغتان مثل أكرم وكرم). [حجة القراءات: 384]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {إنا لمنجوهم} قرأ حمزة والكسائي بالتخفيف، وشدد الباقون وهما لغتان وقالوا: نجا وأنجى بمعنى: وقد أتى القرآن باللغتين، قال الله جل ذكره: {فأنجاه الله من النار} «العنكبوت 24» وقال: {فنجيناه وأهله} «الشعراء 170» وهما في القرآن كثير إجماع). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/31]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {إِنَّا لَمُنْجُوهُمْ} [آية/ 59] بإسكان النون وتخفيف الجيم:
قرأها حمزة والكسائي ويعقوب.
والوجه أنه من أنجى يُنجي، منقول من نجا بالتخفيف، فمنجوهم مُفعلوهم من النجاة، قال الله تعالى {وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا} وقال {فَأَنْجَاهُ الله مِنَ النَّارِ}.
وقرأ الباقون {لَمُنَجُّوهُمْ} بفتح النون وتشديد الجيم.
والوجه أن من نجى يُنجي تنجيةً، وهو مما عُدّي بالتضعيف من نجا، وفي القرآن {وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا}، وقد مضى مثله). [الموضح: 724]

قوله تعالى: {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله عزّ وجلّ: (إلّا امرأته قدّرنا إنّها (60)
قرأ أبو بكر عن عاصم (قدرنا إنّها)، خفيفة، و(قدرناها)، مخففين وقرأ الباقون (قدّرنا) مشددة.
وقرأ ابن عامر في (والفجر): (فقدّر عليه رزقه) مشددا، وقرأ الباقون (فقدر) مخففًا.
وقرأ الكسائي وحده في سورة الأعلى (والّذي قدر فهدى) خفيفًا، وشددها الباقون.
وقرأ نافع والكسائي في (والمراسلات) " فقدّرنا " مشددة، وقرأ الباقون (فقدرنا) خفيفة.
قال أبو منصور: هما لغتان: قدّرت وقدرت بمعنى واحد.
قوله: (فنعم القادرون)، يدل على التخفيف، وهذا كله من التقدير لا من القدرة). [معاني القراءات وعللها: 2/72]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {إلا امرأتك قدرنا} [60].
قرأ عاصم في رواية أبي بكر مخففًا في كل القرآن.
وقرأ الباقون مشددًا، فقدرت يكون من التقدير، ومن التفسير قوله تعالى: {يبسط الرزق لمن يشاء} يكثر. و{يقدر} أي: يقترب ومنه: {قدر عليه رزقه}.
ومن شدد كان الفعل على لفظ مصدره قدَّر يقدِّر فهو مقدِّرً.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/348]
أخبرني ابن عرفة عن ثعلب: قدرت الثوب خفيفًا من التقدير، فأما قوله تعالى: {والذي قدر فهدى} فإن الكسائي وحده خفف، ومعناه: قدر فهدى أي: هدى الذكر كيف يأتي الأنثى من كل حيوان. وقال الفراء: فيما حدثني عن ابن مجاهد عن السمري عن الفراء والذي قدر فهدى وأضل، فحذف وأفضل لدلالة المعنى عليه، ولتوافق رؤس الآي كما قال: {سرابيل تقيكم الحر} أراد: الحر والبرد فاكتفى، وقال الشاعر:
وما أدري إذا يممت وجها = أريد الخير أيهما يليني
أراد: الخير والشر، لأنه قال في البيت الثاني:
أألخير الذي أنا أتبعه = أم الشر الذي لا يأتليني
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/349]
وقرأ ابن كثير وحده: {نحن قدرنا بينكم الموت} مخففًا، وشددها الباقون.
وقرأ نافع والكسائي: {فقدرنا فنعم القادرون} مشددًا، وخففها الباقون.
فقال أبو عمرو: لو كان قدرنا لكان فنعم المقدرون، وحجة الباقين أن الفعل المشدد بعد التخفيف يجوز أن يأتي اسم الفاعل والمصدر على التخفيف كقوله: {فإني أعذبه عذابا} ولم يقل تعذيبًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/350]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلّهم قرأ: إلا امرأته قدرنا [60] مشدّدة الدال، وقدرناها مثله في سورة النمل [الآية/ 57] مشدّدا في كلّ القرآن إلّا عاصما، فإنّه خفّفها، في رواية أبي بكر، في كلّ القرآن، وشدّدها في رواية حفص في كلّ القرآن.
وقرأ ابن كثير وحده: (نحن قدرنا بينكم الموت) [الواقعة/ 60] خفيفا والباقون يشدّدون.
وقرأ نافع والكسائيّ (فقدرنا فنعم القادرون) [المرسلات/ 23] مشدّدة، وقرأ الباقون: فقدرنا مخففة.
وقرأ الكسائيّ وحده: (قدر فهدى) [الأعلى/ 3]، خفيفا، وقرأ الباقون: قدر مشدّدة.
قال أبو علي: يقال: قدرت الشيء في معنى: قدّرته، يدلّك على ذلك قول الهذليّ:
[الحجة للقراء السبعة: 5/48]
ومفرهة عنس قدرت لساقها... فخرّت كما تتابع الريح بالقفل
المعنى: قدّرت ضربتي لساقها فضربتها، فحذف ضربتها لدلالة الكلام عليه، كقوله: فمن كان منكم مريضا ففدية [البقرة/ 196] أي: فحلق. وهذا في المعنى كقول الآخر:
وإن تعتذر بالمحل من ذى ضروعها... على الضيف يجرح
في عراقيبها نصلي وقال أيضا: يقدر في معنى يقدّر، قال الراجز:
يا ربّ قد أولع بي وقد عبث... فاقدر له أصيلة مثل الحفث
المعنى: قدّر له ووفّقه، ويقال: قدر الشيء يقدره: إذا ضيّقه، قال: ومن قدر عليه رزقه، فلينفق مما أتاه الله [الطلاق/ 7]، وقال: الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له [العنكبوت/ 62]، فقوله: يقدر مقابل لقوله:
يبسط، فقوله: يقدر خلاف: يبسط، وكذلك قوله: فظن
[الحجة للقراء السبعة: 5/49]
أن لن نقدر عليه [الأنبياء/ 87] أي: ظنّ أن لن نضيّق عليه، وكونه: في بطن الحوت تضييق عليه، وخلاف الاتساع.
وقراءة ابن كثير: (قدرنا بينكم الموت) مخفّفا في معنى قدرنا.
وقراءة نافع والكسائي: فقدرنا فنعم القادرون بمعنى: (قدرنا) الخفيفة، وعليه جاء: القادرون ومن قرأ: (قدرنا) مخفّفا، كان في معنى التشديد.
وقوله: القادرون بعد قدرنا يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون قدرنا في معنى (قدرنا). فجاء القادرون على اللغة الخفيفة، كأنهما جميعا بين اللغتين.
ويجوز أن يكون: فنعم المقدّرون. فحذف تضعيف العين، كما حذفت الهمزة من نحو:
دلو الدّالي.
و:
يخرجن من أجواز ليل غاض.
ونحو ذلك، وكذلك قراءة الكسائيّ: (قدر) فهذا خفيفا، ومعناه: قدّر، وكأن المشدّدة في هذا المعنى أكثر في الاستعمال، وفي التنزيل، كقوله: (قدر فيها أقواتها) [فصلت/
[الحجة للقراء السبعة: 5/50]
10]، وخلق كل شيء فقدره تقديرا [الفرقان/ 2] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/51]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إلّا امرأته قدرنا إنّها لمن الغابرين}
قرأ أبو بكر {قدرنا إنّها} بالتّخفيف من قدر يقدر وحجته قوله {قد جعل الله لكل شيء قدرا}
وقرأ الباقون بالتّشديد من قدر يقدر تقديرا فكان الفعل على لفظ مصدره). [حجة القراءات: 384]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: {قدرنا إنها} قرأ أبو بكر بالتخفيف، ومثله في النمل: {قدرناها} «57» وقرأهما الباقون بالتشديد، وهما لغتان بمعنى، يقال: قدرت وقدّرت بمعنى، وكذلك: يقدّر ويقدر). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/32]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا} [آية/ 60] بتخفيف الدال:
قرأها عاصمٌ وحده ياش- في كل القرآن.
والوجه أن قدرت بالتخفيف بمعنى قدَّرت، يدل عليه قوله تعالى {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} أي فقدَّرنا.
وقراءة ابن كثير {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ} بالتخفيف، ومعناه قدَّرنا
[الموضح: 724]
بالتشديد، قال الشاعر:
73- ومفرهةٍ عنسٍ قدرت لساقها = فخرّت كما تتايع الريح بالقفل
أي قدّرت سيفي أو ضربتي لساقها.
وقرأ الباقون و-ص- عن عاصم {قَدَّرْنا} بتشديد الدال.
والوجه أنه المشهور في هذا المعنى، وهو الأكثر في الاستعمال، وفي القرآن {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} ). [الموضح: 725]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:53 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحجر

[ من الآية (61) إلى الآية (66) ]
{فَلَمَّا جَاءَ آَلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62) قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (64) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66)}

قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ آَلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61)}

قوله تعالى: {قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62)}

قوله تعالى: {قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63)}

قوله تعالى: {وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (64)}

قوله تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {فاسْرِ بِأَهْلِكَ} [آية/ 65] موصولة:
قرأها ابن كثير ونافعٌ.
وقرأ الباقون {فَأَسْرِ} بقطع الألف.
والوجه أنه لغتان سرى وأسرى بمعنًى واحدٍ، وكلاهما لازمٌ، وقد عُدّي بالياء في قوله تعالى {بِأَهْلِكَ} ). [الموضح: 725]

قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:55 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحجر

[ من الآية (67) إلى الآية (77) ]
{وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (69) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (70) قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)}

قوله تعالى: {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67)}

قوله تعالى: {قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68)}

قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (69)}

قوله تعالى: {قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (70)}

قوله تعالى: {قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (71)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين (71)
[معاني القراءات وعللها: 2/72]
فتح الياء نافع وحده، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/73]

قوله تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)}

قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73)}

قوله تعالى: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74)}

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)}

قوله تعالى: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76)}

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:56 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحجر

[ من الآية (78) إلى الآية (84) ]
{وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (79) وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80) وَآَتَيْنَاهُمْ آَيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81) وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آَمِنِينَ (82) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (84)}

قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {أصحاب الأيكة} [78].
في القرآن أربعة مواضع فاختلفوا في (ص) و(الشعراء) واتفقوا على الذي في (الحجر) والذي في (ق).
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر في (الشعراء): {وأصحاب ليكة} بغير ألف ولام، مثل غيضة وبيضة ولم يصرفوها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/350]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (أصحاب الأيكة [الحجر/ 78]: لم يختلفوا في هذه السورة، ولا في سورة قاف [14].
واختلفوا فى سورة الشعراء، وفي سورة ص [13]، فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر في سورة الشعراء: (أصحاب ليكة) [176] غير أن ورشا روى عن نافع (الايكة) متروكة الهمزة، مفتوحة اللام بحركة الهمزة، والهمزة ساقطة.
لأنه ألقى عليها حركة الهمزة في الحجر، وفي قاف.
وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي (الأيكة) في كلّ القرآن.
قال أبو علي: تقول: هي أيكة، فإذا ألحقت لام المعرفة كانت الأيكة، قال الهذلي:
[الحجة للقراء السبعة: 5/51]
موشّحة بالطّرتين دنا لها... جنى أيكة يضفو عليها قصارها
وأنشد الأصمعي:
وما خليج من المرّوت ذو حدب... يرمي الضرير بخشب الأيك والضّال
فأيك وأيكة، مثل: تمر وتمرة، فقد ثبت أن الأيك تعريف أيك، فإذا خفّفت الهمزة في أيكة، وقد ألحقتها الألف واللام، حذفتها، وألقيت حركتها على اللام التي هي فاء من أيكة، فيجوز فيها إذا استأنفت لغتان: من قال: الأحمر، قال: «أليكة» ومن قال: لحمر، قال: «ليكة»، وإذا كان كذلك فقول من قال: ليكة، ففتح التاء، مشكل، لأنّه فتح مع لحاق اللام الكلمة، وهذا في الامتناع كقول من قال: بلحمر، فيفتح الآخر مع لحاق لام المعرفة، وإنّما يخرج قول من قال:
(أصحاب ليكة) على أن هذا المعنى قد يسمى بكلمة تكون اللام فيها فاء، ويكون مقلوب: كيل، فإن لم يثبت هذا مشكلا، ولم أسمع بها.
ويبعد أن يفتح نافع ذلك مع ما قال ورش عنه). [الحجة للقراء السبعة: 5/52]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (12- قوله: {أصحاب الأيكة} أجمع القراء في هذه السورة وفي قاف على الخفض، وإدخال الألف واللام، واختلفوا في الشعراء وصاد، فقرأ الحرميان وابن عامر فيهما «ليكة» بلام مفتوحة والنصب، على وزن «فعلة» وقرأ الباقون بالخفض وإدخال الألف واللام، كالتي في الحجر وقاف.
وحجة من فتح وقرأ بلام واحدة أنه جعل «ليكة» على «فعله» اسما معرفة للبلدة، فترك صرفه للتعريف والتأنيث.
13- وحجة من أدخل الألف واللام أنه جعل «أيكة» اسما نكرة، لموضع فيه شجر ودوم، ثم أدخل عليه الألف واللام للتعريف، وحكى أبو عبيد أن «ليكة» على «فعلة» اسم للقرية التي كانوا فيها، وأن {الأيكة} بالألف واللام وهمزة اسم للبلد كله، وقال غيره: الأيكة وليكة واحد، وهو الغيضة والشجر الملتف، يقال له الدَّوم، وهو شجر المقل، واختار أبو عبيد «ليكة» على وزن «فعلة» بغير صرف في الشعراء وصاد، فجعلها اسما للقرية، و{الأيكة} اسم البلد، لأنها كذلك في المصاحف، وتعقب عليه ابن قتيبة فاختار {الأيكة} بالألف واللام والخفض في الشعراء والصاد، وقال: إنما كتبتا بغير ألف، على تخفيف الهمزة، وقال: قد أجمع الناس على الألف واللام والخفض في الحجر وقاف،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/32]
فوجب أن تلحق الشعراء وصاد بما أجمع عليه، فما أجمعوا عليه شاهد لما اختلفوا فيه، وأيضًا فإن القرية داخلة في البلدة، فـ «أيكة» تشملها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/33]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {الأَيْكَةِ} [آية/ 78]:
اتفق القراء على قطع الهمزة ههنا وفي سورة ق، غير ش- عن نافع فإنه يحذف الهمزة ويُلقي حركتها على اللام كما يفعل بـ {الأرض} و{الآخرة}، ولا يغير كسرة التاء.
ووجه قراءة الجماعة وهي بقطع الهمزة من {الأَيْكَةِ} أنه هو الأصل؛ لأنها أيكة دخلت عليها لام التعريف وانجرّت بالإضافة، والأيكة الغيضة، والجمع الأيك بغير هاء، كما يقال تمرة وتمر، قال الهذلي:
74- موشحة بالطرتين دنا لها = جنا أيكةٍ يضفو عليها قصارها
وأما وجه قراءة ش- فهو أنه خفف الهمزة، وتخفيف الهمزة ههنا إنما هو بحذفها وإلقاء حركتها على الساكن الذي قبلها وهو اللام فبقي {أصحابُ لَيْكَةِ} بكسر التاء، كما يقال: مررت بلحمر بخفض الراء عند من خفف الهمزة.
[الموضح: 726]
فأما في الشعراء وص فقد اختلفوا، فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر {لَيْكَةَ} بفتح اللام والتاء غير مهموزة.
والوجه أنهم جعلوا لَيْكَةَ على فَعْلَةَ، فاللام فاء الفعل وهي غير مصروفة للتعريف والتأنيث، فلذلك انتصبت في موضع الجر.
وقرأ الباقون {الأَيْكَةِ} بقطع الهمزة وكسر التاء في السورتين، كما في سورة الحجر). [الموضح: 727]

قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (79)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)}

قوله تعالى: {وَآَتَيْنَاهُمْ آَيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81)}

قوله تعالى: {وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آَمِنِينَ (82)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن [يَنْحَتُونَ]؛ بفتح الحاء.
قال أبو الفتح: أجود اللغتين نَحَتَ ينحِت، بكسر الحاء، وفتحها لأجل حرف الحلق الذي فيها، كسَحَرَ يسحَر. وينبغي أن ينظر إلى ما أورده ليكون إلى نحوه طريقًا وسُلَّمًا.
[المحتسب: 2/5]
اعلم أن العرب تقارب بين الألفاظ والمعاني إذ كانت عليها أدلة، وبها محيطة. فمن ذلك ما نحن عليه، وهو نَحَتَ ينحِتُ، والتاء أخت الطاء، وقد قالوا: نَحَطَ ينحِطُ، إذا زفر في بكائه، فكأن ذلك الضغط الذي يصحَب الصوت ينال من آلة النفس، ويحتها ويسفنها؛ فيكون كالنحت لما ينحت. لأنه تحيُّفٌ له وأخذ منه.
ونحو من ذلك قولهم في تركيب ع ص ر: ع س ر: ع ز ر. فالعصر شدة تلحق المعصور.
والعسر شدة الخلق والتعزير للضرب، وذلك شدة لا محالة؛ فالشدة جامعة لأحرف الثلاثة. ومنه تركيب ج ب ر، ج ب ل، ج ب ن، المعنى الجامع لها اجتماع الأجزاء وتراجعها. من ذلك جبرت العظم، أي: وصلت ما تفرق من أجزائه، ومنه الجبل لاجتماع أجزائه، ومنه جبن الإنسان، أي: تراجع بعضه إلى بعض واجتمع. وإنما نبذت هنا طرفا من هذا الأمر تنبيها على أمثاله، حتى إذا هي اجتازت بك أحسست بها، ولم تطوك غير حافل بمعانيها وأوضاعها). [المحتسب: 2/6]

قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83)}

قوله تعالى: {فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (84)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:58 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحجر

[ من الآية (85) إلى الآية (93) ]
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86) وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ (87) لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)}

قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)}

قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة مالك بن دينار والجحدري والأعمش: [إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الخَالِقُ].
قال أبو الفتح: في هذه القراءة دليل على أن فعَل الخفيفة فيها معنى الكثرة كفعَّل الثقيلة، ألا ترى إلى قراءة الجماعة: {الخلاق}؟ وهذا للكثرة لا محالة. نعم، وقد قرن به العليم، وفعيل للكثرة. وكأن الخلاق الموضوع للكثرة أشبه بعليم؛ لأنه موضوع لها، فلولا أن في خلق معنى الكثرة لما عبر لخالق عن معنى خلاق. ومنه قوله: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْب} . ألا تراها في معنى غفار وقبال؟ وعليه ما أنشده أبو الحسن:
أنت الفداء لقبلة هدمتها ... ونقرتها بيديك كل منقر
فوضع "نقرت" موضع نفرت، وعليه جاء بالمصدرن فقال: كل منقر. وعلة هذا هو ما تعلم من وقع المصدر دالا على الجنس، وإذا أفضت بك الحال إلى عموم الجنسية فقد اغترقت وتجاوزت حد الشياع والكثرة). [المحتسب: 2/6]

قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ (87)}

قوله تعالى: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88)}

قوله تعالى: {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (إنّي أنا النّذير المبين (89)
فتح الياء ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/73]

قوله تعالى: {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ (91)}

قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)}

قوله تعالى: {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:59 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحجر

[ من الآية (94) إلى الآية (99) ]
{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)}

قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94)}

قوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97)}

قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98)}

قوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:46 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة