تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينًا (61) قال أرأيتك هذا الّذي كرّمت عليّ لئن أخّرتن إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذرّيّته إلاّ قليلاً}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: واذكر يا محمّد تمادي هؤلاء المشركين في غيّهم وارتدادهم عتوًّا على ربّهم مخوفا إيّاهم تحقيقهم قول عدوّهم وعدوّ والدهم، حين أمره ربّه بالسّجود له فعصاه وأبى السّجود له، حسدًا واستكبارًا {لئن أخّرتن إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذرّيّته إلاّ قليلاً} وكيف صدّقوا ظنّه فيهم، وخالفوا أمر ربّهم وطاعته، واتّبعوا أمر عدوّهم وعدوّ والدهم
ويعني بقوله {وإذ قلنا للملائكة} واذكر إذ قلنا للملائكة {اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس} فإنّه استكبر وقال {أأسجد لمن خلقت طينًا} يقول: لمن خلقته من طينٍ، فلمّا حذفت " من " تعلّق به قوله {خلقت} فنصب، يفتخر عليه الجاهل بأنّه خلق من نارٍ، وخلق آدم من طينٍ.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: بعث ربّ العزّة تبارك وتعالى إبليس، فأخذ من أديم الأرض، من عذبها وملحها، فخلق منه آدم، فكلّ شيءٍ خلق من عذبها فهو صائرٌ إلى السّعادة وإن كان ابن كافرين، وكلّ شيءٍ خلقه من ملحها فهو صائرٌ إلى الشّقاوة وإن كان ابن نبيّين، ومن ثمّ قال إبليس {أأسجد لمن خلقت طينًا} أي هذه الطّينة أنا جئت بها، ومن ثمّ سمّي آدم. لأنّه خلق من أديم الأرض). [جامع البيان: 14/653-654]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 61 - 65.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: حسد إبليس آدم عليه السلام على ما أعطاه الله من كرامة وقال: أنا ناري وهذا طيني فكان بدء الذنوب الكبر). [الدر المنثور: 9/394]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({لأحتنكنّ} [الإسراء: 62] : " لأستأصلنّهم، يقال: احتنك فلانٌ ما عند فلانٍ من علمٍ استقصاه "). [صحيح البخاري: 6/83]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله لأحتنكنّ لأستأصلنّهم يقال احتنك فلانٌ ما عند فلانٍ من علمٍ استقصاه تقدّم شرحه في بدء الخلق وروى سعيد بن منصور من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله لأحتنكنّ قال لأحتوين قال يعني شبه الزّناق). [فتح الباري: 8/391]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({لأحتنكنّ} لأستأصلنّهم يقال احتنك فلانٌ ما عند فلانٍ من علمٍ استقصاه (الإسراء: 62)
أشار به إلى قوله تعالى: {لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريّته إلاّ قليلا} وفسّر الاحتناك بالاستئصال، وقيل: معناه لأستولين عليهم بالإغواء والإضلال، وأصله من احتنك الجراد الزّرع وهو أن تأكله وتستأصله باحتناكها وتفسده، هذا هو الأصل، ثمّ يسمى الاستيلاء على الشّيء وأخذ كله احتناكاً، وعن مجاهد: معنى لأحتنكن لأحتوين). [عمدة القاري: 19/22]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({لأحتنكن}) في قوله: {لأحتنكن ذريته} [الإسراء: 62] أي (لأستأصلنهم) أي بالإغواء وقيل لاستولين عليهم استيلاء من جعل في حنك الدابة حبلًا يقودها فلا تأبى ولا تشمس عليه (يقال احتنك فلان ما عند فلان من علم) أي (استقصاه) وعن مجاهد فيما رواه سعيد بن منصور لأحتنكن لأحتوين قال: يعني شبه الزناق، وقال ابن زيد لأضلنهم وكلها متقاربة). [إرشاد الساري: 7/200]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {لأحتنكن ذريته إلا قليلاً} قال: لأحتوين). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 52]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أرأيتك هذا الّذي كرّمت عليّ} يقول تعالى ذكره: أرأيت هذا الّذي كرّمته عليّ، فأمرتني بالسّجود له، ويعني بذلك آدم {لئن أخّرتن} أقسم عدوّ اللّه، فقال لربّه: لئن أخّرت إهلاكي إلى يوم القيامة {لأحتنكنّ ذرّيّته إلاّ قليلاً} يقول: لأستولينّ عليهم، ولأستأصلنّهم، ولأستميلنّهم. يقال منه: احتنك فلانٌ ما عند فلانٍ من مالٍ أو علمٍ أو غير ذلك، ومنه قول الشّاعر:
نشكو إليك سنةً قد أجحفت = جهدًا إلى جهدٍ بنا فأضعفت
واحتنكت أموالنا وجلّفت
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تبارك وتعالى {لأحتنكنّ ذرّيّته إلاّ قليلاً} قال: لأحتوينّهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {لأحتنكنّ ذرّيّته إلاّ قليلاً} يقول: لأستولينّ
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {لأحتنكنّ ذرّيّته إلاّ قليلاً} قال: لأضلّنّهم.
وهذه الألفاظ وإن اختلفت فإنّها متقاربات المعنى، لأنّ الاستيلاء والاحتواء بمعنًى واحدٍ، وإذا استولى عليهم فقد أضلّهم). [جامع البيان: 14/654-655]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا سلام بن مسكين قال سألنا الحسن عن قوله لأحتنكن ذريته إلا قليلا قال ذاك حين راز آدم فصرعه تلك الصرعة). [تفسير مجاهد: 365]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لأحتنكن ذريته إلا قليلا يعني لأحتوين). [تفسير مجاهد: 365]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال إبليس: إن آدم خلق من تراب ومن طين خلق ضعيفا وإني خلقت من نار والنار تحرق كل شيء {لأحتنكن ذريته إلا قليلا} فصدق ظنه عليهم). [الدر المنثور: 9/394]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لأحتنكن} قال: لأستولين). [الدر المنثور: 9/394]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {لأحتنكن ذريته} قال: لأحتوينهم). [الدر المنثور: 9/394]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {لأحتنكن ذريته} قال: لأضلنهم). [الدر المنثور: 9/394]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {موفورًا} [الإسراء: 63] : «وافرًا»). [صحيح البخاري: 6/84]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ موفورًا وافرًا وصله الطّبريّ من طريق بن أبي نجيحٍ عنه سواءٌ). [فتح الباري: 8/393]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {موفورا} وافرا {تبيعا} ثائرا وقال ابن عبّاس نصيرًا {خبت} طفئت وقال ابن عبّاس {ولا تبذر} لا تنفق في الباطل {ابتغاء رحمة} رزق {مثبورا} ملعونا {ولا تقف} لا تقل {فجاسوا} تيمموا {يزجي لكم الفلك} يجري الفلك {يخرون للأذقان} للوجوه.
قال عبد بن حميد ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله الإسراء {موفورا} قال وافرا). [تغليق التعليق: 4/240-241] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ موفوراً وافراً
أشار به إلى قوله تعالى: {إن جهنّم جزاؤكم جزاءًا موفوراً} (الإسراء: 63) وفسّر مجاهد: موفوراً بقوله: (وافراً) وكذا روى الطّبريّ من طريق ابن أبي نجيح عنه، والحاصل أن المفعول هنا بمعنى الفاعل، عكس: {عيشة راضية} (الحاقة: 12 والقارعة: 7) ). [عمدة القاري: 19/25]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد): فيما وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عنه في قوله تعالى: {فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورًا} [الإسراء: 63] أي (وافرًا) مكملًا والمراد جزاؤك وجزاؤهم لكنه غلب المخاطب على الغائب). [إرشاد الساري: 7/203]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {قال اذهب فمن تبعك منهم فإنّ جهنّم جزاؤكم جزاءً موفورًا}.
يقول تعالى ذكره قال اللّه لإبليس إذ قال له {لئن أخّرتن إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذرّيّته إلاّ قليلاً} اذهب فقد أخّرتك، فمن تبعك منهم، يعني من ذرّيّة آدم عليه السّلام فأطاعك، فإنّ جهنّم جزاؤك وجزاؤهم، يقول: ثوابك على دعائك إيّاهم إلى معصيتي، وثوابهم على اتّباعهم إيّاك وخلافهم أمري {جزاءً موفورًا} يقول: ثوابًا مكثورًا مكمّلاً.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {قال اذهب فمن تبعك منهم فإنّ جهنّم جزاؤكم جزاءً موفورًا} عذاب جهنّم جزاؤهم، ونقمةٌ من اللّه من أعدائه فلا يعدل عنهم من عذابها شيءٌ
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {فإنّ جهنّم جزاؤكم جزاءً موفورًا} قال: وافرًا
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {موفورًا} قال: وافرًا). [جامع البيان: 14/655-656]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله جزاء موفورا يعني وافرا). [تفسير مجاهد: 365]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {جزاء موفورا} قال: وافرا). [الدر المنثور: 9/395]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا} يقول: يوفر عذابها للكافر فلا يدخر عنهم منها شيء). [الدر المنثور: 9/395]
تفسير قوله تعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى واستفزز من استطعت منهم بصوتك قال بدعائك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك قال إن له خيلا ورجالا من الجن والإنس هم الذين يطيعونه). [تفسير عبد الرزاق: 1/381]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وشاركهم في الأموال والأولاد قال قد فعل أما في الأموال فأمرهم أن يجعلوها بحيرة وسائبة ووصيلة وحاميا وأما في الأولاد فإنهم هودوهم ونصروهم ومجسوهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/381]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الحسن وشاركهم في الأموال أمرهم أن يكسبوها من خبيث وينفقوها في حرام). [تفسير عبد الرزاق: 1/381-382]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({واستفزز} [الإسراء: 64] : «استخفّ». {بخيلك} [الإسراء: 64] : " الفرسان، والرّجل: والرّجال، الرّجّالة، واحدها راجلٌ، مثل صاحبٍ وصحبٍ، وتاجرٍ وتجرٍ "). [صحيح البخاري: 6/83]- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله واستفزز استخفّ بخيلك الفرسان والرّجل والرّجال والرّجّالة واحدها راجلٌ مثل صاحبٍ وصحبٍ وتاجرٍ وتجرٍ هو كلام أبي عبيدة بنصّه وتقدّم شرحه في بدء الخلق وروى بن أبي حاتمٍ من طريق مجاهدٍ في قوله واستفزز قال استنزل). [فتح الباري: 8/390]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({واستفزز} استخفّ بخيلك الفرسان والرّجل الرّجّالة واحدها راجلٌ مثل صاحبٍ وصحب وتاجرٍ وتجرٍ.
أشار به إلى قوله تعالى: {واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك} الآية، وتفسيرها هذا بعين تفسير أبي عبيدة هنا، وفي التّفسير: هذا أمر تهديد. قوله: (منهم) ، أي: من ذرّيّة آدم عليه الصّلاة والسّلام. قوله: (بصوتك) ، أي: بدعائك إلى معصيّة الله تعالى، قاله ابن عبّاس وقتادة، وكل داعٍ إلى معصيّة الله تعالى فهو من جند إبليس، وعن مجاهد: بصوتك، بالغناء والمزامير، قوله: (واجلب) ، أي: إجمع وصحّ، وقال مجاهد: إستعن عليهم بخيلك أي: ركبان جندك. قوله: (ورجلك) أي: مشاتهم، وعن جماعة من المفسّرين: كل راكب وماشٍ في معاصي الله تعالى). [عمدة القاري: 19/21]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({واستفزز}) أي (استخف) الذي استطعت استفزازه منهم). [إرشاد الساري: 7/199]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({بخيلك} الفرسان) بالجر فالخيل الخيالة ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "يا خيل الله اركبي" ({والرجل}) بفتح الراء وسكون الجيم يريد قوله تعالى: {واجلب عليهم بخيلك ورجلك} [الإسراء: 64] ولأبي ذر والرجال بكسر الراء وتخفيف الجيم هو (الرجالة) بفتح الراء وتشديد الجيم (واحدها راجل) ضد الفارس (مثل صاحب وصحب وتاجر وتجر) قاله أبو عبيدة). [إرشاد الساري: 7/199]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشّيطان إلاّ غرورًا}.
يقول تعالى ذكره بقوله {واستفزز} واستخفف واستجهل، من قولهم: استفزّ فلانًا كذا وكذا فهو يستفزّه {من استطعت منهم بصوتك}
اختلف أهل التّأويل في الصّوت الّذي عناه جلّ ثناؤه بقوله {واستفزز من استطعت منهم بصوتك} فقال بعضهم: عنى به: صوت الغناء واللّعب
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله {واستفزز من استطعت منهم بصوتك} قال: باللّهو والغناء
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثًا يذكر، عن مجاهدٍ، في قوله: {واستفزز من استطعت منهم بصوتك} قال: اللّعب واللّهو.
وقال آخرون: عنى به {واستفزز من استطعت منهم} بدعائك إيّاه إلى طاعتك ومعصية اللّه
ذكر من قال ذلك
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ {واستفزز من استطعت منهم بصوتك} قال: صوته كلّ داعٍ دعا إلى معصية اللّه.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {واستفزز من استطعت منهم بصوتك} قال: بدعائك.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّحّة أن يقال: إنّ اللّه تبارك وتعالى قال لإبليس: واستفزز من ذرّيّة آدم من استطعت أن تستفزّه بصوتك، ولم يخصّص من ذلك صوتًا دون صوتٍ، فكلّ صوتٍ كان دعاءً إليه وإلى عمله وطاعته، وخلافًا للدّعاء إلى طاعة اللّه، فهو داخلٌ في معنى صوته الّذي قال اللّه تبارك وتعالى اسمه له {واستفزز من استطعت منهم بصوتك}
وقوله: {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} يقول: وأجمع عليهم من ركبان جندك ومشاتهم من يجلب عليها بالدّعاء إلى طاعتك، والصّرف عن طاعتي. يقال منه: أجلب فلانٌ على فلانٍ إجلابًا: إذا صاح عليه. والجلبة: الصّوت، وربّما قيل: ما هذا الجلب، كما يقال: الغلبة والغلب، والشّفقة والشّفق.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل،
ذكر من قال ذلك
- حدّثني سلم بن جنادة، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثًا، يذكر عن مجاهدٍ، في قوله {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} قال: كلّ راكبٍ وماشٍ في معاصي اللّه
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} قال: إنّ له خيلاً ورجلاً من الجنّ والإنس، وهم الّذين يطيعونه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك}إن له خيلا ورجالا جنودا من الجن والإنس
- حدثنا القاسم, حدّثنا الحسين, حدّثني حجاج, عن ابن جريج, قال: قال ابن عباس, قوله {ورجلك}.قال: الرّجال: المشاة
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} قال: خيله: كلّ راكبٍ في معصية اللّه، ورجله: كلّ راجلٍ في معصية اللّه
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، في قوله {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} قال: ما كان من راكبٍ يقاتل في معصية اللّه فهو من خيل إبليس، وما كان من راجلٍ يقاتل في معصية اللّه فهو من رجال إبليس.
والرّجل: جمع راجلٍ، كما التّجر: جمع تاجرٍ، والصّحب: جمع صاحبٍ.
وأمّا قوله: {وشاركهم في الأموال والأولاد} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في المشاركة الّتي عنيت بقوله {وشاركهم في الأموال والأولاد} فقال بعضهم: هو أمره إيّاهم بإنفاق أموالهم في غير طاعة اللّه واكتسابهموها من غير حلّها
ذكر من قال ذلك
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثًا، يذكر عن مجاهدٍ، {وشاركهم في الأموال}. قال: الأموال الّتي أصابوا من غير حلّها
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {وشاركهم في الأموال} قال: ما أكل من مالٍ بغير طاعة اللّه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عيسى بن يونس، عن طلحة بن عمرٍو، عن عطاء بن أبي رباحٍ، قال: الشّرك في أموال الرّبا
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، في قوله {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: قد واللّه شاركهم في أموالهم، أعطاهم اللّه أموالاً فأنفقوها في طاعة الشّيطان في غير حقّ اللّه تبارك اسمه، وهو قول قتادة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّدٌ، عن معمرٍ، قال: قال الحسن {وشاركهم في الأموال} أمرهم أن يكسبوها من خبيثٍ، وينفقوها في حرامٍ
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: كلّ مالٍ في معصية اللّه
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: مشاركته إيّاهم في الأموال والأولاد، ما زيّن لهم فيها من معاصي اللّه حتّى ركبوها
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ {وشاركهم في الأموال} كلّ ما أنفقوا في غير حقّه.
وقال آخرون: بل عنى بذلك كلّ ما كان من تحريم المشركين ما كانوا يحرّمون من الأنعام كالبحائر والسّوائب ونحو ذلك.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: الأموال: ما كانوا يحرّمون من أنعامهم
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عيسى، عن عمران بن سليمان، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: مشاركته في الأموال أن جعلوا البحيرة والسّائبة والوصيلة لغير اللّه
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {وشاركهم في الأموال} فإنّه قد فعل ذلك، أمّا في الأموال، فأمرهم أن يجعلوا بحيرةً وسائبةً ووصيلةً وحامًا.
قال أبو جعفرٍ: الصّواب: حاميًا.
وقال آخرون: بل عنى به ما كان المشركون يذبحونه لآلهتهم
ذكر من قال ذلك
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول: {وشاركهم في الأموال والأولاد} يعني ما كانوا يذبحون لآلهتهم.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: عنى بذلك كلّ مالٍ عصى اللّه فيه بإنفاقٍ في حرامٍ أو اكتسابٍ من حرامٍ، أو ذبحٍ للآلهة، أو تسييبٍ، أو بحرٍ للشّيطانٍ، وغير ذلك ممّا كان معصيًّا به أو فيه، وذلك أنّ اللّه قال {وشاركهم في الأموال} فكلّ ما أطيع الشّيطان فيه من مالٍ وعصي اللّه فيه، فقد شارك فاعل ذلك فيه إبليس، فلا وجه لخصوص بعض ذلك دون بعضٍ.
وقوله: {والأولاد} اختلف أهل التّأويل في صفة شركته بني آدم في أولادهم، فقال بعضهم: شركته إيّاهم فيهم بزناهم بأمّهاتهم
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: ثتي عمّى، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: أولاد الزّنا
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثًا، يذكر عن مجاهدٍ، {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: أولاد الزّنا
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: أولاد الزّنا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ قال: أولاد الزّنا
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: أولاد الزّنا، يعني بذلك أهل الشّرك
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: الأولاد: أولاد الزّنا وقال آخرون: عنى بذلك: وأدهم أولادهم وقتلهموهم
ذكر من قال ذلك
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: ما قتلوا من أولادهم، وأتوا فيهم الحرام.
وقال آخرون: بل عنى بذلك: صبغهم إيّاهم في الكفر
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: قد واللّه شاركهم في أموالهم وأولادهم، فمجّسوا وهوّدوا ونصّروا وصبغوا غير صبغةٍ الإسلام وجزّءوا من أموالهم جزءًا للشّيطان.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: قد فعل ذلك، أمّا في الأولاد فإنّهم هوّدوهم ونصّروهم ومجّسوهم.
وقال آخرون: بل عنى بذلك تسميتهم أولادهم عبد الحارث وعبد شمسٍ
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني عيسى بن يونس، عن عمران بن سليمان، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: مشاركته إيّاهم في الأولاد، سمّوا عبد الحارث وعبد شمسٍ وعبد فلانٍ.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: كلّ ولدٍ ولدته أنثى عصي اللّه بتسميته ما يكرهه اللّه، أو بإدخاله في غير الدّين الّذي ارتضاه اللّه، أو بالزّنا بأمّه، أو قتله ووأده، أو غير ذلك من الأمور الّتي يعصي اللّه بها أو فيها، فقد دخل في مشاركة إبليس فيه من ولد ذلك المولود له أو منه، لأنّ اللّه لم يخصّص بقوله {وشاركهم في الأموال والأولاد} معنى الشّركة فيه بمعنًى دون معنًى، فكلّ ما عصي اللّه فيه أو به، وأطيع به الشّيطان أو فيه، فهو مشاركة من عصي اللّه فيه أو به إبليس فيه.
وقوله: {وعدهم وما يعدهم الشّيطان إلاّ غرورًا} يقول تعالى ذكره لإبليس: وعد أتباعك من ذرّيّة آدم النّصرة على من أرادهم بسوءٍ. يقول اللّه: {وما يعدهم الشّيطان إلاّ غرورًا} لأنّه لا يغني عنهم من عقاب اللّه إذا نزل بهم شيئًا، فهم من عداته في باطلٍ وخديعةٍ، كما قال لهم عدوّ اللّه حين حصحص الحقّ {إنّ اللّه وعدكم وعد الحقّ ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطانٍ إلاّ أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إنّي كفّرت بما أشركتمون من قبل} ). [جامع البيان: 14/656-666]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا الزنجي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وشاركهم في الأموال والأولاد قال شركته في الأموال الحرام وفي الأولاد الزنا). [تفسير مجاهد: 366]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أما شركته في الأموال فأكلها بغير طاعة الله وأما في الأولاد فالزنا). [تفسير مجاهد: 366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {واستفزز من استطعت منهم بصوتك} قال: صوته كل داع دعا إلى معصية الله {وأجلب عليهم بخيلك} قال: كل راكب في معصية الله {وشاركهم في الأموال} قال: كل مال في معصية الله {والأولاد} قال: ما قتلوا من أولادهم وأتوا فيهم الحرام). [الدر المنثور: 9/395]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: كل خيل تسير في معصية الله وكل رجل يمشي في معصية الله وكل مال أخذ بغير حقه وكل ولد زنا). [الدر المنثور: 9/395]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {واستفزز من استطعت منهم بصوتك} قال: استنزل من استطعت منهم بالغناء والمزامير واللهو والباطل {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} قال كل راكب وماش في معاصي الله {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: كل مال أخذ بغير طاعة الله تعالى وأنفق في غير حقه والأولاد أولاد الزنا). [الدر المنثور: 9/396]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وشاركهم في الأموال والأولاد} قال: الأموال ما كانوا يحرمون من أنعامهم والأولاد أولاد الزنا). [الدر المنثور: 9/396]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: مشاركته في الأموال أن جعلوا البحيرة والسائبة والوصيلة لغير الله ومشاركته إياهم في الأولاد سمو عبد الحارث وعبد شمس). [الدر المنثور: 9/396]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه رفعه قال: قال إبليس يا رب إنك لعنتني وأخرجتني من الجنة من أجل آدم وإني لا أستطيعه إلا بك، قال: فأنت المسلط.
قال: أي رب زدني قال: {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد}). [الدر المنثور: 9/396-397]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر عن ثابت رضي الله عنه قال: بلغنا أن إبليس قال: يا رب إنك خلقت آدم وجعلت بيني وبينه عداوة فسلطني قال: صدورهم مساكن لك، قال: رب زدني، قال: لا يولد لآدم ولد إلا ولد لك عشرة، قال: رب زدني، قال: تجري منهم مجرى الدم، قال: رب زدني، قال: {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد} فشكا آدم - عليه السلام - إبليس إلى ربه، قال: يا رب إنك خلقت إبليس وجعلت بيني وبينه عداوة وبغضا وسلطته علي وأنا لا أطيقه إلا بك، قال: لا يولد لك ولد إلا وكلت به ملكين يحفظانه من قرناء السوء، قال: رب زدني، قال: الحسنة بعشرة أمثالها قال: رب زدني، قال: لا أحجب عن أحد من ولدك التوبة ما لم يغرغر، والله أعلم). [الدر المنثور: 9/397]
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ وكفى بربّك وكيلاً}.
يقول تعالى ذكره لإبليس: إنّ عبادي الّذين أطاعوني فاتّبعوا أمري وعصوك يا إبليس ليس لك عليهم حجّةٌ.
وقوله {وكفى بربّك وكيلاً} يقول جلّ ثناؤه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وكفاك يا محمّد ربّك حفيظًا، وقيّمًا بأمرك. فانقد لأمره. وبلّغ رسالاته هؤلاء المشركين. ولا تخف أحدًا، فإنّه قد توكّل بحفظك ونصرتك، كما:
- حدّثنا بشرٌ، قال حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ وكفى بربّك وكيلاً} وعباده المؤمنون. وقال اللّه في آيةٍ أخرى {إنّما سلطانه على الّذين يتولونه والّذين هم به مشركون} ). [جامع البيان: 14/666]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} قال: عبادي الذين قضيت لهم بالجنة ليس لك عليهم أن يذنبوا ذنبا إلا أغفر لهم). [الدر المنثور: 9/397]