تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر عن قتادة قال في قوله: {قد علم كل أناس مشربهم} قال: «كانوا اثني عشر سبطا لكل سبط عين».). [تفسير عبد الرزاق: 1 / 46]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا قد علم كلّ أناسٍ مشربهم}.
يعني جل ثنؤه بقوله: {وإذ استسقى موسى لقومه} وإذ استسقانا موسى لقومه: أي سألنا نسقي قومه ماءً. فترك ذكر المسئول ذلك، والمعنى الّذي سأل موسى، إذ كان فيما ذكر من الكلام الظّاهر دلالةٌ على معنى ما ترك وحذف.
وكذلك قوله: {فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا} ممّا استغنى بدلالة الظّاهر على المتروك منه. وذلك أنّ معنى الكلام، فقلنا: اضرب بعصاك الحجر، فضربه فانفجرت. فترك ذكر الخبر عن ضرب موسى الحجر، إذ كان فيما ذكر دلالةٌ على المراد منه.
وكذلك قوله: {قد علم كلّ أناسٍ مشربهم} إنّما معناه: قد علم كلّ أناسٍ منهم مشربهم، فترك ذكر منهم لدلالة الكلام عليه.
وقد دلّلنا فيما مضى على أنّ النّاس جمعٌ لا واحد له من لفظه، وأنّ الإنسان لو جمع على لفظه لقيل: أناسيّن وأناسيّة.
وقوم موسى هم بنو إسرائيل الّذين قصّ اللّه عزّ وجلّ قصصهم في هذه الآيات، وإنّما استسقى لهم ربّه الماء في الحال الّتي تاهوا فيها في التّيه.
- كما حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: قوله: {وإذ استسقى موسى لقومه} الآية قال: «كان هذا إذ هم في البرّيّة اشتكوا إلى نبيّهم الظّمأ، فأمروا بحجرٍ طورانيٍّ، أي من الطّور، أن يضربه موسى بعصاه، فكانوا يحملونه معهم، فإذا نزلوا ضربه موسى بعصاه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا، لكلّ سبطٍ عينٌ معلومةٌ مستفيد ماؤها لهم».
- حدّثني تميم بن المنتصر، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: حدّثنا أصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «ذلك في التّيه ظلّل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المنّ والسّلوى، وجعل لهم ثيابًا لا تبلى ولا تتسّخ، وجعل بين ظهرانيهم حجرٌ مربّعٌ، وأمر موسى فضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا في كلّ ناحيةٍ منه ثلاث عيونٍ، لكلّ سبطٍ عينٌ، ولا يرتحلون منقلةً إلاّ وجدوا ذلك الحجر منهم بالمكان الّذي كان به معهم في المنزل الأوّل».
- حدّثني عبد الكريم، قال: أخبرنا إبراهيم بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: «ذلك في التّيه، ضرب لهم موسى الحجر، فصار فيه اثنتا عشرة عينًا من ماءٍ، لكلّ سبطٍ منهم عينٌ يشربون منها».
- وحدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فقلنا اضرب بعصاك الحجر} «فانفجر لهم الحجر بضربة موسى اثنى عشرة عينًا لكلّ سبطٍ منهم عينٌ، كلّ ذلك كان في تيههم حين تاهوا».
- حدّثنا القاسم بن الحسن، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: قوله: {وإذ استسقى موسى لقومه} قال: «خافوا الظّمأ في تيههم حين تاهوا، فانفجر لهم الحجر اثنتا عشرة عينًا ضربه موسى».
- قال ابن جريجٍ، قال ابن عبّاسٍ: «الأسباط: بنو يعقوب كانوا اثني عشر رجلاً كلّ واحدٍ منهم ولد سبطًا أمّةً من النّاس».
- وحدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: «استسقى لهم موسى في التّيه، فسقوا في حجرٍ مثل رأس الشّاة. قال: يلقونه في جانب الجوالق إذا ارتحلوا، ويقرعه موسى بالعصا إذا نزل، فتنفجر منه اثنتا عشرة عينًا، لكلّ سبطٍ منهم عينٌ. فكان بنو إسرائيل يشربون منه، حتّى إذا كان الرّحيل استمسكت العيون، وقيل به فألقي في جانب الجوالق، فإذا نزل رمي به. فقرعه بالعصا، فتفجّرت عينٌ من كلّ ناحيةٍ مثل البحر».
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثني أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: «كان ذلك في التّيه».
وأمّا قوله: {قد علم كلّ أناسٍ مشربهم} فإنّما أخبر اللّه جل ثناؤه بذلك عنهم، فخص بالنبأ عنهم بذلك؛ لأنّ معناهم في الّذي أخرج اللّه جلّ وعزّ لهم من الحجر الّذي وصف جلّ ذكره في هذه الآية صفته من الشّرب كان مخالفًا معاني سائر الخلق فيما أخرج اللّه لهم من المياه من الجبال والأرضين الّتي لا مالك لها سوى اللّه عزّ وجلّ.
وذلك أنّ اللّه كان جعل لكلّ سبطٍ من الأسباط الاثني عشر عينًا من الحجر الّذي وصف صفته في هذه الآية يشرب منها دون سائر الأسباط غيره لا يدخل سبطٌ منهم في شرب سبطٍ غيره. وكان مع ذلك لكلّ عينٍ من تلك العيون الاثنتي عشرة موضعٌ من الحجر قد عرفه السّبط الّذي منه شربه؛ فلذلك خصّ جلّ ثناؤه هؤلاء بالخبر عنهم أنّ كلّ أناسٍ منهم كانوا عالمين بمشربهم دون غيرهم من النّاس، إذ كان غيرهم في الماء الّذي لا يملكه أحدٌ شركاء في منابعه ومسايله، وكان كلّ سبطٍ من هؤلاء كان منفردًا بشرب منبعٍ من منابع الحجر دون سائر منابعه خاصٍّ لهم دون سائر الأسباط غيرهم فلذلك خصّوا بالخبر عنهم أنّ كلّ أناسٍ منهم قد علموا مشربهم). [جامع البيان: 2 / 5- 9]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كلوا واشربوا من رزق اللّه}.
وهذا أيضًا ممّا استغنى بذكر ما هو ظاهرٌ منه عن ذكره ما ترك ذكره. وذلك أنّ تأويل الكلام: {فقلنا اضرب بعصاك الحجر} فضربه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا، قد علم كلّ أناسٍ منهم مشربهم، فقيل لهم: كلوا واشربوا من رزق اللّه أخبر اللّه جلّ ثناؤه أنّه أمرهم بأكل ما رزقهم في التّيه من المنّ والسّلوى، وبشرب ما فجّر لهم من الماء من الحجر المتعاور الّذي لا قرار له في الأرض، ولا سبيل إليه لماء ولكنه، يتدفّق بعيون الماء ويزخر بينابيع العذب الفرات بقدرة ذي الجلال والإكرام.
ثمّ تقدّم جلّ ذكره إليهم مع إباحته لهم ما أباح وإنعامه عليهم بما أنعم من العيش الهنيء، بالنّهي عن السّعي في الأرض فسادًا، والعثا فيها استكبارًا، فقال جلّ ثناؤه لهم: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين}). [جامع البيان: 2 / 9 - 10]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين}.
يعني بقوله: {ولا تعثوا} لا تطغوا، ولا تسعوا في الأرض مفسدين.
- كما حدّثني به المثنّى، قال: حدّثنا آدم، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} يقول: «لا تسعوا في الأرض فسادًا».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: في قوله: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} قال: «لا تطغوا فى الأرض مفسدين لا تعث: لا تطغ».
- حدّثنا بشر قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} «أي لا تسيروا في الأرض مفسدين».
- حدّثت عن المنجاب، قال: حدّثنا بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} «لا تسعوا في الأرض».
وأصل العثا شدّة الإفساد، بل هو أشدّ الإفساد. يقال منه: عثى فلانٌ في الأرض: إذا تجاوز في الإفساد إلى غايته، يعثى عثًا مقصورٌ، وللجماعة: هم يعثون، وفيه لغتان أخريان: إحداهما عثا يعثو عثوًّا؛ ومن قرأها بهذه اللّغة، فإنّه ينبغي له أن يضمّ الثّاء من يعثو، ولا نعلم قارئًا يقتدى بقراءته قرأ به. ومن نطق بهذه اللّغة مخبرًا عن نفسه قال: عثوت أعثو، ومن نطق باللّغة الأولى، قال: عثيت أعثي.
والأخرى منهما عاثٍ يعيث عيثًا وعيوثًا وعيثانًا، كلّ ذلك بمعنى واحدٍ ومن العيث قول رؤبة بن العجّاج:
وعاث فينا مستحلٌّ عائث ....... مصدّقٌ أو تاجرٌ مقاعث
يعني بقوله عاث فينا: أفسد فينا). [جامع البيان: 2 / 10 -11]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا قد علم كلّ أناسٍ مشربهم كلوا واشربوا من رزق اللّه ولا تعثوا في الأرض مفسدين (60)}
قوله: {وإذ استسقى موسى لقومه}
- أخبرنا محمّد بن عبيد اللّه المنادي فيما كتب إليّ ثنا يونس بن محمّدٍ المؤدّب ثنا شيبان النّحويّ عن قتادة قوله: {وإذ استسقى موسى لقومه} «فاستسقى موسى، فأمر بحجرٍ أن يضربه بعصاه».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 121]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {فقلنا اضرب بعصاك الحجر}
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ الواسطيّ ثنا محمّد بن الحسن الواسطيّ ويزيد بن هارون واللّفظ لمحمّدٍ- عن أصبغ بن زيدٍ الورّاق عن القاسم بن أبي أيوب عن سعيد ابن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قال: «وجعل بين ظهرانيهم حجرًا مربّعًا وأمر موسى فضربه بعصاه».
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج ثنا يزيد بن هارون أنبأ فضيلٌ عن عطيّة العوفيّ: «وجعل لهم حجرًا مثل رأس الثّور يحمل على ثورٍ، فإذا نزلوا منزلا وضعوه، فضربه موسى بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا، فاستمسك الماء».
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم ثنا ضمرة عن عثمان بن عطاءٍ عن أبيه قال: « كان لبني إسرائيل حجرٌ، فكان يضعه هارون ويضربه موسى بعصاه».
- أخبرنا محمّد بن عبيد اللّه المنادي فيما كتب إليّ ثنا يونس بن محمّدٍ المؤدّب ثنا شيبان النّحويّ عن قتادة: قوله: {وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر} «فأمر بحجرٍ أن يضربه بعصاه، وكان حجرًا طوريًّا من الطّور يحملونه معهم حتّى إذا نزلوا ضربه موسى بعصاه».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 121]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا}
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ الواسطيّ ثنا محمّد بن الحسن الواسطيّ ويزيد بن هارون- واللّفظ لمحمّدٍ- عن أصبغ بن زيدٍ الورّاق عن القاسم بن أبي أيّوب، حدّثني سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ: {فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا} «في كلّ ناحيةٍ منه ثلاث عيونٍ».
- أخبرنا أبو الأزهر النّيسابوريّ فيما كتب إليّ ثنا وهب بن جريرٍ ثنا أبي عن عليّ بن الحكم عن الضّحّاك قال: قال ابن عبّاسٍ: «لمّا كان بنو إسرائيل في التّيه شقّ لهم من الحجر أنهارًا».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 121]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {قد علم كلّ أناسٍ مشربهم، كلوا واشربوا من رزق الله}
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ ثنا محمّد بن الحسن الواسطيّ ويزيد بن هارون- واللّفظ لمحمّدٍ- عن أصبغ بن زيدٍ الورّاق عن القاسم بن أبي أيّوب، حدّثني سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ: «وأعلم كلّ سبطٍ عينهم يشربون منها، لا يرتحلون من منقلةٍ إلا وجدوا ذلك الحجر منهم بالمكان الّذي كان منهم بالمنزل الأوّل».
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم ثنا أبو صفوان القاسم بن يزيد عن يحيى بن أبي النّضر قال: قلت لجويبرٍ: كيف علم كلّ أناسٍ مشربهم؟ قال: «كان موسى يضع الحجر ويقوم من كلّ سبطٍ رجلٌ، ويضرب موسى الحجر فينفجر منه اثنتا عشرة عينًا، فينتضح من كلّ عينٍ على رجلٍ فيدعو ذلك الرّجل سبطه إلى تلك العين».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 122]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين}
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ عن الرّبيع عن أبي العالية في قوله: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} يقول: «لا تسعوا في الأرض فسادًا».
- أخبرنا محمّد بن عبيد اللّه المنادي فيما كتب إليّ ثنا يونس بن محمّدٍ ثنا شيبان عن قتادة: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} قال: «لا تسيروا في الأرض مفسدين».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 122]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {مفسدين}
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى الأنصاريّ ثنا هارون بن حاتمٍ ثنا عبد الرّحمن ابن أبي حمّادٍ عن أسباطٍ عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ قوله: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين}«يعني: لا تمشوا بالمعاصي».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 122]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن أبي عمر: حدثنا يزيد بن هارون، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، فذكر حديثًا.
قال يزيد: وعن الفضل بن عطيّة، قال: «تاهوا في اثني عشر فرسخًا، أربعين سنةً، وجعل بين ظهرانيهم حجرٌ (له) مثل رأس الثّور، إذا نزلوا انفجر منه (اثنتي) عشرة عينًا».
- قال: وعن سليمان التّيميّ عن أبي مجلزٍ في قوله تعالى: {(وظلّلنا) (عليكم) الغمام}: قال: «أظلّت عليهم في التّيه».). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14 / 466 - 467]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا يا موسى اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشاربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين}.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {وإذ استسقى موسى لقومه} الآية، قال: «ذلك في التيه ضرب لهم موسى الحجر فصار فيه اثنتا عشرة عينا من ماء لكل سبط منهم عين يشربون منها».
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {وإذ استسقى موسى لقومه} الآية، قال: «كان هذا في البرية حيث خشوا الظمأ استسقى موسى فأمر بحجر أن يضربه وكان حجرا طورانيا من الطور يحملونه معهم حتى إذا نزلوا ضربه موسى بعصاه {فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم}». قال: «لكل سبط مهم عين معلومة يستفيد ماءها».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد قال: «انفجر لهم الحجر بضربة موسى اثنتي عشرة عينا كل ذلك كان في تيههم حين تاهوا».
وأخرج ابن أبي حاتم عن جوبير أنه سئل في قوله: {قد علم كل أناس مشربهم} قال: «كان موسى يضع الحجر ويقوم من كل سبط رجل ويضرب موسى الحجر فينفجر منه اثنتا عشرة عينا فينتضح من كل عين على رجل فيدعو ذلك الرجل سبطه إلى تلك العين».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولا تعثوا في الأرض} قال: «لا تسعوا».
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} قال: «لا تسعوا في الأرض فسادا».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله: {ولا تعثوا} قال: «يعني ولا تمشوا بالمعاصي».
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} قال: «لا تسيروا في الأرض مفسدين».
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: «استسقى موسى لقومه فقال: اشربوا يا حمير: فقال الله تعالى له: لاتسم عبادي حميرا».). [الدر المنثور: 1 / 382 - 384]
تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني نافع بن أبي نعيمٍ أنّ عبد اللّه بن عبّاسٍ سئل عن قول الله: {وفومها}، ما فومها؟ قال: «الحنطة»؛ قال ابن عبّاسٍ: «أما سمعت أحيحة بن الجلاح وهو يقول:
قد كنت أغنى النّاس شخصًا واحدًا ....... ورد المدينة عن زراعة فوم».
). [الجامع في علوم القرآن: 1 / 25]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله: {لن نصبر على طعام وحد} قال: «ملوا طعامهم وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه مثل ذلك فقالوا فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثاءها وفومها».). [تفسير عبد الرزاق: 1 / 47]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة والحسن: «الفوم الخبز».). [تفسير عبد الرزاق: 1 / 47]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن الحسن وقتادة في قوله: {وضربت عليهم الذلة} قالا: «يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون».). [تفسير عبد الرزاق: 1 / 47]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن جريج من عطاءٍ في قول اللّه عزّ وجلّ: {من بقلها وقثائها وفومها} قال: «فومها: الخبز». ). [تفسير الثوري: 45 - 46]
(ثنا عبد العزيز بن عمران قال: وعن ابن وهبٍ قال: قال لي سعيد بن أبي مريم، وثنا أبو العبّاس الزّهريّ قال: حدّثني نافع بن أبي نعيمٍ قال: سمعت الأعرج يقول: سمعت عبد اللّه بن عبّاسٍ يقول في قول اللّه عزّ وجلّ: {فومها}. قال: «الحنطة». ثمّ قال ابن عبّاسٍ: «أما سمعت قول أحيحة بن الجلاح حيث يقول:
قد كنت أغنى النّاس شخصًا واحدًا ....... وَرَدَ المدينة عن زراعة فوم
إلى هنا عن عبد العزيز بن عمران عن ابن وهبٍ). [جزء تفسير نافع بن أبي نعيم: 45]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثّائها وفومها وعدسها وبصلها} ] - حدّثنا سعيدٌ، قال: نا خالد بن عبد اللّه، عن حصين، عن أبي مالكٍ - في قوله عز وجل: {وفومها} قال: «يعني الحنطة».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان وسئل عنه، فقال: «كما يقرأ عبد الله (وثومها)». ). [سنن سعيد بن منصور: 2 / 561 -563]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعامٍ واحدٍ فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثّائها وفومها وعدسها وبصلها}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: قد دلّلنا فيما مضى قبل على معنى الصّبر، وأنّه كفّ النّفس وحبسها عن الشّيء. فإذا كان ذلك كذلك، فمعنى الآية إذًا: واذكروا إذ قلتم يا معشر بني إسرائيل لن نطيق حبس أنفسنا على طعامٍ واحدٍ، وذلك الطّعام الواحد هو ما أخبر اللّه جلّ ثناؤه أنّه أطعمهموه في تيههم وهو السّلوى في قول بعض أهل التّأويل، وفي قول وهب بن منبّهٍ هو الخبز النّقيّ مع اللّحم، فاسأل لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من البقل والقثّاء. وما سمّى اللّه مع ذلك وذكر أنّهم سألوه موسى.
وكان سبب مسألتهم موسى ذلك فيما بلغنا.
- ما حدّثنا به، بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: قوله: {وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعامٍ واحدٍ} قال: «كان القوم في البريّة قد ظلّل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المنّ والسّلوى، فملّوا ذلك، وذكروا عيشًا كان لهم بمصر، فسألوه موسى، فقال اللّه تعالى: {اهبطوا مصرًا فإنّ لكم ما سألتم}».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: في قوله: {لن نصبر على طعامٍ واحدٍ} قال: «ملّوا طعامهم، وذكروا عيشهم الّذي كانوا فيه قبل ذلك، قالوا: {فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثّائها وفومها} الآية».
- حدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا آدم، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: في قوله: {وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعامٍ واحدٍ} قال: «كان طعامهم السّلوى، وشرابهم المنّ، فسألوا ما ذكر، فقيل لهم: {اهبطوا مصرًا فإنّ لكم ما سألتم}».
قال أبو جعفرٍ الرازى: وقال قتادة: «إنّهم لمّا قدموا الشّأم فقدوا أطعماتهم الّتي كانوا يأكلونها، فقالوا: {فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثّائها وفومها وعدسها وبصلها} وكانوا قد ظلّل عليهم الغمام وأنزل عليهم المنّ والسّلوى، فملّوا ذلك، وذكروا عيشًا كانوا فيه بمصر».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، قال: سمعت ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهد: في قوله عزّ وجلّ: {لن نصبر على طعامٍ واحدٍ} «المنّ والسّلوى، فاستبدلوا به البقل وما ذكر معه».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، بمثله سواءً.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، بمثله.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: «أعطوا في التّيه ما أعطوا، فأجمعوا ذلك وقالوا: {يا موسى لن نصبر على طعامٍ واحدٍ فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثّائها وفومها وعدسها وبصلها}».
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أنبأنا ابن زيدٍ، قال: «كان طعام بني إسرائيل في التّيه واحدًا، وشرابهم واحدًا، كان شرابهم عسلاً ينزل لهم من السّماء يقال له المنّ، وطعامهم طيرٌ يقال له السّلوى، يأكلون الطّير ويشربون العسل، لم يكونوا يعرفون خبزًا ولا غيره. فقالوا: يا موسى إنّا لن نصبر على طعامٍ واحدٍ، فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها. فقرأ حتّى بلغ: {اهبطوا مصرًا فإنّ لكم ما سألتم}».
وإنّما قال جلّ ذكره: {يخرج لنا ممّا تنبت الأرض} ولم يذكر الّذي سألوه أن يدعو ربّه ليخرج لهم من الأرض، فيقولوا: قالوا ادع لنا ربّك يخرج لنا كذا وكذا ممّا تنبته الأرض من بقلها وقثّائها، لأنّ من تأتي بمعنى التّبعيض لما بعدها، فاكتفي بها من ذكر المبعض، إذ كان معلومًا بدخولها معنى ما أريد بالكلام الّذي هي فيه كقول القائل: أصبت اليوم عند فلانٍ من الطّعام يريد: أصبت شيئًا منه.
وقد قال بعضهم: من ههنا بمعنى الإلغاء والإسقاط، كأنّ معنى الكلام عنده: يخرج لنا ما تنبت الأرض من بقلها. واستشهد على ذلك بقول العرب: ما رأيت من أحدٍ، بمعنى: ما رأيت أحدًا،
وبقول اللّه: {ويكفّر عنكم من سيّئاتكم} وبقولهم: قد كان من حديثٍ، فخلّ عنّي حتّى أذهب، يريدون: قد كان حديثٌ.
وقد أنكر من أهل العربيّة جماعةٌ أن تكون من بمعنى الإلغاء في شيءٍ من الكلام، وادّعوا أنّ دخولها في كلّ موضعٍ دخلت فيه إيذانٌ بأنّ المتكلّم مريدٌ لبعض ما أدخلت فيه لا جميعه، وأنّها لا تدخل في موضعٍ إلاّ لمعنًى مفهومٍ.
فتأويل الكلام إذًا على ما وصفنا من أمر من ذكرنا: فادع لنا ربّك يخرج لنا بعض ما تنبت الأرض من بقلها وقثّائها.
والبقل والقثّاء والعدس والبصل، هو ما قد عرفه النّاس بينهم من نبات الأرض وحبّها.
وأمّا الفوم، فإنّ أهل التّأويل مختلفون فيه. فقال بعضهم: هو الحنطة والخبز.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، ومؤمّلٌ، قالا: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي جريج، عن عطاءٍ، قال: «الفوم: الخبز».
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، حدّثنا سفيان، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، ومجاهدٍ: قوله: {وفومها} قالا: «خبزها».
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة ومحمّد بن عمرٍو، قالا: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى بن ميمونٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وفومها} قال: «الخبز».
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة، والحسن: «الفوم: هو الحبّ الّذي يختبزه النّاس».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة والحسن مثله.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا حصينٌ، عن أبي مالكٍ: في قوله: {وفومها} قال: « الحنطة».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن يونس، عن الحسن، وحصينٍ، عن أبي مالكٍ: في قوله: {وفومها} «الحنطة».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا آدم، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن قتادة قال: «الفوم: الحبّ الّذي يختبز النّاس منه».
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ: {وفومها}: «هو الحنطة».
- حدّثني القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال لي عطاء بن أبي رباحٍ: قوله: {وفومها} قال: «خبزها» قالها مجاهدٌ.
- حدّثني يحيى بن عثمان السّهميّ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: في قوله: {وفومها} يقول: «الحنطة والخبز».
- حدّثت عن المنجاب، قال: حدّثنا بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: في قوله: {وفومها} قال: «هو البرّ بعينه الحنطة».
- حدّثنا عليّ بن الحسن، قال: حدّثنا مسلمٌ الجرميّ، قال: حدّثنا عيسى بن يونس، عن رشدين بن كريبٍ، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: في قول اللّه عزّ وجلّ: {وفومها} قال: «الفوم: الحنطة بلسان بني هاشمٍ».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: «الفوم: الخبز».
- حدّثني عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن عبد الحكم،
قال: حدّثنا عبد العزيز بن منصورٍ، عن نافع بن أبي نعيمٍ، أنّ عبد اللّه بن عبّاسٍ: سئل عن قول اللّه: {وفومها} قال:« الحنطة أما سمعت قول أحيحة بن الجلاح وهو يقول:
قد كنت أغنى النّاس شخصًا واحدًا ....... ورد المدينة عن زراعة فوم».
وقال آخرون: هو الثّوم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أحمد بن إسحاق الأهوازيّ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا شريكٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: «هو هذا الثّوم».
- حدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قال: «الفوم: الثّوم».
وهى في بعض القراءات وثومها.
وقد ذكر أنّ تسمية الحنطة والخبز جميعًا فومًا من اللّغة القديمة، حكي سماعًا من أهل هذه اللّغة: فوموا لنا، بمعنى اختبزوا لنا.
وذكر أنّ ذلك فى قراءة عبد اللّه بن مسعودٍ وثومها بالثّاء.
فإن كان ذلك صحيحًا فإنّه من الحروف المبدلة، كقولهم: وقعوا في عاثور شرٍّ وعافور شرٍّ، وكقولهم للأثافي أثاثي، وللمغافير مغاثير، وما أشبه ذلك ممّا تقلب فيه الثّاء فاءً والفاء ثاءً لتقارب مخرج الفاء من مخرج الثّاء. والمغافير شبيهٌ بالسمغه والعسل ينزل من السّماء يقع على الشّجر وغيرها). [جامع البيان: 2 / 11 -19]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال أتستبدلون الّذي هو أدنى بالّذي هو خيرٌ}.
يعني بقوله: {قال أتستبدلون الّذي هو أدنى بالّذي هو خيرٌ} قال لهم موسى: أتأخذون الّذي هو أخسّ خطرًا وقيمةً وقدرًا من العيش، بدلاً بالّذي هو خيرٌ منه خطرًا وقيمةً وقدرًا. وذلك كان استبدالهم.
وأصل الاستبدال: هو ترك شيءٍ لآخر غيره مكان المتروك.
ومعنى قوله: {أدنى} أخسّ وأوضع وأصغر قدرًا وخطرًا، وأصله من قولهم: هذا رجلٌ دنيٌّ بيّن الدّناءة، وإنّه ليدني في الأمور بغير همزٍ إذا كان يتتبّع خسائسها. وقد ذكر الهمز عن بعض العرب في ذلك سماعًا منهم، يقولون: ما كنت دنيًّا ولقد دنأت. وأنشدني بعض أصحابنا عن غيره أنّه سمع بعض بني كلابٍ ينشد بيت الأعشى:
باسلة الوقع سرابيلها ....... بيضٌ إلى دانئها الظّاهر
بهمز الدّانئ، وأنّه سمعهم يقولون: إنّه لدانئٌ خبيثٌ، بالهمز. فإن كان ذلك عنهم صحيحًا، فالهمز فيه لغةٌ وتركه أخرى.
ولا شكّ أنّ من استبدل بالمنّ والسّلوى البقل والقثّاء والعدس والبصل والثّوم، فقد استبدل الوضيع من العيش بالرّفيع منه.
وقد تأوّل بعضهم قوله: {الّذي هو أدنى} بمعنى الّذي هو أقرب، ووجّه قوله: {أدنى} إلى أنّه أفعل من الدّنوّ الّذي هو بمعنى القرب.
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله: {الّذي هو أدنى} قاله عددٌ من أهل التّأويل في تأويله.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة، قال: {أتستبدلون الّذي هو أدنى بالّذي هو خيرٌ} يقول: «أتستبدلون الّذي هو شرٌّ بالّذي هو خيرٌ».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {الّذي هو أدنى} قال: «أردأ».). [جامع البيان: 2 / 19 -20]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اهبطوا مصرًا فإنّ لكم ما سألتم}.
وتأويل ذلك: فدعا موسى فاستجبنا له، فقلنا لهم: اهبطوا مصرًا. وهو من المحذوف الّذي اجتزئ بدلالة ظاهره عن ذكر ما حذف وترك منه.
وقد دلّلنا فيما مضى على أنّ معنى الهبوط إلى المكان إنّما هو النّزول إليه والحلول به.
فتأويل الآية إذًا: {وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعامٍ واحدٍ فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثّائها وفومها وعدسها وبصلها} قال لهم موسى: أتستبدلون الّذي هو أخسّ وأردأ من العيش بالّذي هو خيرٌ منه؟ فدعا لهم موسى ربّه أن يعطيهم ما سألوه، فاستجاب اللّه له دعاءه، فأعطاهم ما طلبوا، وقال اللّه لهم: {اهبطوا مصرًا فإنّ لكم ما سألتم}.
ثمّ اختلف القرّاء في قراءة قوله: {مصرًا} فقرأه عامّة القرّاء: {مصرًا} بتنوين المصر وإجرائه؛ وقرأه بعضهم بترك التّنوين وحذف الألف منه. فأمّا الّذين نوّنوه وأجروه، فإنّهم عنوا به مصرًا من الأمصار لا مصرًا بعينه، فتأويله على قراءتهم: اهبطوا مصرًا من الأمصار، لأنّكم في البر والبدو، والّذي طلبتم لا يكون في البوادي والفيافي، وإنّما يكون في القرى والأمصار، فإنّ لكم إذا هبطتموه ما سألتم من العيش.
وقد يجوز أن يكون بعض من قرأ ذلك بالإجراء والتّنوين، كان تأويل الكلام عنده: اهبطوا مصرًا البلدة الّتي تعرف بهذا الاسم وهي مصر الّتي خرجوا عنها، غير أنّه أجراها ونوّنها اتّباعًا منه خطّ المصحف، لأنّ في المصحف ألفًا ثابتةً في مصر، فيكون سبيل قراءته ذلك بالإجراء والتّنوين سبيل من قرأ: (قواريرًا قواريرًا من فضّة) منوّنةً اتّباعًا منه خطّ المصحف.
وأمّا الّذي لم ينوّن مصر فإنّه لا شكّ أنّه عنى مصر الّتي تعرف بهذا الاسم بعينها دون سائر البلدان غيرها.
وقد اختلف أهل التّأويل في ذلك نظير اختلاف القرّاء في قراءته.
- فحدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة: {اهبطوا مصرًا} «أي مصرًا من الأمصار {فإنّ لكم ما سألتم}».
- وحدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: «{اهبطوا مصرًا} من الأمصار {فإنّ لكم ما سألتم} فلمّا خرجوا من التّيه رفع المنّ والسّلوى وأكلوا البقول».
- وحدّثنا القاسم بن الحسن، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {اهبطوا مصرًا} قال: «مصرًا من الأمصار، زعموا أنّهم لم يرجعوا إلى مصر».
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثني آدم، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن قتادة: في قوله: {اهبطوا مصرًا} قال: «يعني مصرًا من الأمصار».
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {اهبطوا مصرًا} قال: «مصرًا من الأمصار. ومصر لا تجري في الكتاب، فقالوا: أيّ مصرٍ؟ فقال: الأرض المقدّسة. وقرأ قول اللّه جلّ ثناؤه: {ادخلوا الأرض المقدّسة الّتي كتب اللّه لكم}».
وقال آخرون: هي مصر الّتي كان فيها فرعون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، حدّثنا آدم، حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: في قوله: {اهبطوا مصرًا} قال: «يعني به مصر فرعون».
- حدّثت عن عمّار بن الحسن، عن ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، مثله
ومن حجّة من قال: إنّ اللّه جلّ ثناؤه إنّما عنى بقوله: {اهبطوا مصرًا} مصرًا من الأمصار دون مصر فرعون بعينها، أنّ اللّه جعل أرض الشّام لبني إسرائيل مساكن بعد أن أخرجهم من مصر، وإنّما ابتلاهم بالتّيه بامتناعهم على موسى في حرب الجبابرة إذ قال لهم: {يا قوم ادخلوا الأرض المقدّسة الّتي كتب اللّه لكم ولا ترتدّوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إنّ فيها قومًا جبّارين} إلى قوله: {إنّا لن ندخلها أبدًا ما داموا فيها فاذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون}
فحرّم اللّه جلّ وعزّ على قائل ذلك فيما ذكر لنا دخولها حتّى هلكوا في التّيه وابتلاهم بالتّيهان في الأرض أربعين سنةً، ثمّ أهبط ذرّيّتهم الشّام، فأسكنهم الأرض المقدّسة، وجعل هلاك الجبابرة على أيديهم مع يوشع بن نونٍ بعد وفاة موسى عليه السلام. قالوا: فرأينا اللّه جلّ ثناؤه قد أخبر عنهم أنّه كتب لهم الأرض المقدّسة ولم يخبرنا عنهم أنّه ردّهم إلى مصر بعد إخراجه إيّاهم منها، فيجوز لنا أن نقرأ اهبطوا مصرًا، ونتأوّله أنّه ردّهم إليها.
قالوا: فإن احتجّ محتجٌّ بقول اللّه جلّ ثناؤه: {فأخرجناهم من جنّاتٍ وعيونٍ وكنوزٍ ومقامٍ كريمٍ كذلك وأورثناها بني إسرائيل}.
قيل له: فإنّ اللّه جلّ ثناؤه إنّما أورثهم ذلك فملّكهم إيّاها ولم يردّهم إليها، وجعل مساكنهم الشّأم.
وأمّا الّذين قالوا: إنّ اللّه إنّما عنى بقوله جلّ وعزّ: {اهبطوا مصرًا} مصر، فإنّ من حجّتهم الّتي احتجّوا بها الآية الّتي قال فيها: {فأخرجناهم من جنّاتٍ وعيونٍ وكنوزٍ ومقامٍ كريمٍ كذلك وأورثناها بني إسرائيل} وقوله: {كم تركوا من جنّاتٍ وعيونٍ وزروعٍ ومقامٍ كريمٍ ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قومًا آخرين} قالوا: فأخبر اللّه، جلّ ثناؤه أنّه قد ورّثهم ذلك وجعلها لهم، فلم يكونوا يرثونها ثمّ لا ينتفعون بها.
قالوا: ولا يكونون منتفعين بها إلاّ بمصيرهم أوبمصير بعضهم إليها، وإلاّ فلا وجه للانتفاع بها إن لم يصيروا أو يصر بعضهم إليها.
قالوا: وأخرى أنّها في قراءة أبيّ بن كعبٍ وعبد اللّه بن مسعودٍ: (اهبطوا مصر) بغير ألفٍ، قالوا: ففي ذلك الدّلالة البيّنة أنّها مصر بعينها.
والّذي نقول به في ذلك أنّه لا دلالة في كتاب اللّه على الصّواب من هذين التّأويلين، ولا خبر به عن الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم يقطع مجيئه العذر، وأهل التّأويل متنازعون تأويله.
فأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصّواب أن يقال: إنّ موسى سأل ربّه أن يعطي قومه ما سألوه من نبات الأرض على ما بيّنه اللّه جلّ وعزّ في كتابه وهم في الأرض تائهون، فاستجاب اللّه لموسى دعاءه، وأمره أن يهبط بمن معه من قومه قرارًا من الأرض الّتي تنبت لهم ما سأل لهم من ذلك، إذ كان ما سألوه لا تنبته إلاّ القرى والأمصار فإنّه قد أعطاهم ذلك إذا صاروا إليه، وجائزٌ أن يكون ذلك القرار مصر، وجائزٌ أن يكون الشّام.
فأمّا القراءة فإنّها بالألف والتّنوين: {اهبطوا مصرًا} وهي القراءة الّتي لا يجوز عندي غيرها لاجتماع خطوط مصاحف المسلمين، واتّفاق قراءة القرّاء على ذلك. ولم يقرأ بترك التّنوين فيه وإسقاط الألف منه إلاّ من لا يجوز الاعتراض به على الحجّة فيما جاءت به من القراءة مستفيضًا فيها). [جامع البيان: 2 / 21 - 25]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وضربت عليهم الذّلّة والمسكنة}.
يعني بقوله: {وضربت} أي فرضت. ووضعت عليهم الذّلّة وألزموها؛ من قول القائل: ضرب الإمام الجزية على أهل الذّمّة. وضرب الرّجل على عبده الخراج؛ يعني بذلك أنه فرضه ووظفه وألزمه إيّاه، وهو من قولهم: ضرب الأمير على الجيش البعث، يراد به ألزمهموه.
وأمّا الذّلّة، فهي الفعلة من قول القائل: ذلّ فلانٌ يذلّ ذلًّا وذلّةً. كالصّفوة من صفا الأمر، والقعدة من قعد.
والذّلّة: هي الصّغار الّذي أمر اللّه جلّ ثناؤه عباده المؤمنين أن لا يعطوهم أمانًا على القرار على ما هم عليه من كفرهم به وبرسله إلاّ أن يبذلوا الجزية عليه لهم، فقال جلّ وعزّ {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون}.
- كما حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، وقتادة: في قوله: {وضربت عليهم الذّلّة} قالا: «يعطون الجزية عن يدٍ وهم صاغرون».
وأمّا المسكنة، فإنّها مصدر المسكين، يقال: ما فيهم أسكن من فلانٍ وما كان مسكينًا ولقد تمسكن مسكنا ومن العرب من يقول تسكن تسكنًا. والمسكنة في هذا الموضع مسكنة الفاقة والحاجة، وهي خشوعها وذلّها.
- كما حدّثني به المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا آدم، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: في قوله: {والمسكنة} قال: «الفاقة».
- حدّثني موسى، قال حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: قوله: {وضربت عليهم الذّلّة والمسكنة} قال: «الفقر».
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: في قوله: {وضربت عليهم الذّلّة والمسكنة} قال: «هؤلاء يهود بني إسرائيل». قلت له: هم قبط مصر؟ قال: «وما لقبط مصر وهذا؟ لا واللّه ما هم هم، ولكنّهم اليهود يهود بني إسرائيل».
فأخبر اللّه جلّ ثناؤه أنّه أبدلهم بالعزّ ذلًّا، وبالنّعمة بؤسًا، وبالرّضا عنهم غضبًا، جزاءً منه لهم على كفرهم بآياته وقتلهم أنبياءه ورسله اعتداءً وظلمًا منهم بغير حقٍّ، وعصيانا منهم له، وخلافًا عليه). [جامع البيان: 2 / 25 -27]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وباءوا بغضبٍ من اللّه}.
يعني بقوله: {وباءوا بغضبٍ من اللّه} انصرفوا ورجعوا، ولا يقال باءوا إلاّ موصولاً إمّا بخيرٍ وإمّا بشرٍّ، يقال منه: باء فلانٌ بذنبه يبوء به بوءًا وبواءً. ومنه قول اللّه عزّ وجلّ: {إنّي أريد أن تبوء بإثمي وإثمك} يعني: تنصرف متحمّلهما وترجع بهما قد صارا عليك دوني.
فمعنى الكلام إذًا: ورجعوا منصرفين متحمّلين غضب اللّه، قد صار عليهم من اللّه غضبٌ، ووجب عليهم منه سخطٌ.
- كما حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: في قوله: {وباءوا بغضبٍ من اللّه} «فحدث عليهم غضبٌ من اللّه».
- حدّثنا يحيى بن أبي طالبٍ، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك: في قوله: {وباءوا بغضبٍ من اللّه} قال: «استحقّوا الغضب من اللّه».
وقدّمنا معنى غضب اللّه على عبده فيما مضى من كتابنا هذا، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 2 / 27 - 28]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّه ويقتلون النّبيّين بغير الحقٍّ}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: ذلك ضرب الذّلّة والمسكنة عليهم، وإحلال غضبه بهم. فدلّ بقوله: ذلك، وهي يعني به ما وصفنا على أنّ قول القائل ذلك يشمل المعاني الكثيرة إذا أشير به إليها.
…
ويعني بقوله: {بأنّهم كانوا يكفرون} من أجل أنّهم كانوا يكفرون، يقول: فعلنا الذى فعلنا بهم من إحلال الذّلّ والمسكنة والسّخط بهم من أجل أنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّه، ويقتلون النّبيّين بغير الحقّ، كما قال أعشى بني ثعلبة:
مليكيّةٌ جاورت بالحجا ....... ز قومًا عداةً وأرضًا شطيرا.
بما قد تربّع روض القطا ....... وروض التّناضب حتّى تصيرا
يعني بذلك: جاورت هذا المكان هذه المرأة قومًا عداةً وأرضًا بعيدةً من أهله، مكان قربها كان منه ومن قومه وبدلا، من تربّعها روض القطا وروض التّناضب.
فكذلك قوله: {وضربت عليهم الذّلّة والمسكنة وباءوا بغضبٍ من اللّه ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّه} يقول: كان ذلك منّا من أجل كفرهم بآياتنا، وجزاءً لهم بقتلهم أنبياءنا.
وقد بيّنّا فيما مضى من كتابنا أنّ معنى الكفر: تغطية الشّيء وستره، وأنّ آيات اللّه: حججه وأعلامه وأدلّته على توحيده وصدق رسله.
فمعنى الكلام إذًا: فعلنا بهم ذلك من أجل أنّهم كانوا يجحدون حجج اللّه على توحيده، وتصديق رسله ويدفعون حقّيّقتها، ويكذّبون بها.
ويعني بقوله: {ويقتلون النّبيّين بغير الحقّ} ويقتلون رسل اللّه الّذين ابتعثهم لإنباء ما أرسلهم به عنه لمن أرسلوا إليه.
وهم جماعٌ واحدهم نبيٌّ، غير مهموزٍ، وأصله الهمز، لأنّه من أنبأ عن اللّه، فهو ينبئ عنه إنباءً، وإنّما الاسم منه منبئٌ ولكنّه صرف وهو مفعلٍ إلى فعيلٌ، كما صرف سميعٌ إلى فعيلٍ من مفعلٍ، وبصيرٌ من مبصرٍ، وأشباه ذلك، وأبدل مكان الهمزة من النّبيء الياء، فقيل نبيٌّ. هذا ويجمع النّبيّ أيضًا على أنبياء، وإنّما جمعوه كذلك لإلحاقهم النّبيء بإبدال الهمزة منه ياءً بالنّعوت الّتي تأتي على تقدير فعيلٍ من ذوات الياء والواو. وذلك أنّهم إذا جمعوا ما كان من المنعوت على تقدير فعيلٍ من ذوات الياء والواو جمعوه على أفعلاء، كقولهم وليٌّ وأولياء. ووصيٌّ وأوصياء. ودعيٌّ وأدعياء. ولو جمعوه على أصله الّذي هو أصله. وعلى أنّ الواحد نبيءٌ مهموزٌ لجمعوه على فعلاء، فقيل هم النّبآء، على مثال النّبغاء، لأنّ ذلك جمع ما كان على فعيلٍ من غير ذوات الياء والواو من المنعوت كجمعهم الشّريك شركاء، والعليم علماء. والحكيم حكماء، وما أشبه ذلك. وقد حكي سماعًا من العرب في جمع النّبيّ النّبآء، وذلك من لغة الّذين يهمزون النّبيء، ثمّ يجمعونه على النّبآء على ما قد بيّنت، ومن ذلك قول عبّاس بن مرداسٍ في مدح النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم..
يا خاتم النّبآء إنّك مرسلٌ ....... بالق خير هدى الأله هداكا
فقال. يا خاتم النّبآء، على أنّ واحدهم نبيءٌ مهموزٌ.
وقد قال بعضهم: النّبيّ والنّبوّة غير مهموزٍ. لأنّهما مأخوذان من النّبوة، وهي مثل النّجوة، وهما المكان المرتفع. وكان يقول إنّ أصل النّبيّ الطّريق، ويستشهد على ذلك ببيت القطاميّ:
لمّا وردن نبيًّا واستتبّ لنا ....... مسحنفرٌ كخطوط السّيح منسحل
ويقول: إنّما سمّي الطّريق نبيًّا، لأنّه ظاهرٌ مستبينٌ من النّبوّة. ويقول. لم أسمع أحدًا يهمز النّبيّ. قال. وقد ذكرنا ما في ذلك وبيّنّا ما فيه الكفاية إن شاء اللّه.
ويعني بقوله: {ويقتلون النّبيّين بغير الحقّ} أنّهم كانوا يقتلون رسل اللّه بغير إذن اللّه لهم بقتلهم منكرين رسالتهم جاحدين نبوّتهم). [جامع البيان: 2 / 28 - 31]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}.
وقوله: {ذلك} ردٌّ على ذلك الأولى. ومعنى الكلام: وضربت عليهم الذّلّة والمسكنة، وباءوا بغضبٍ من اللّه، من أجل كفرهم بآيات اللّه، وقتلهم النّبيّين بغير الحقّ، من أجل عصيانهم ربّهم، واعتدائهم حدوده؛ فقال جلّ ثناؤه: {ذلك بما عصوا} والمعنى: ذلك بعصيانهم وكونهم معتدين.
والاعتداء: تجاوز الحدّ الّذي حدّه اللّه لعباده إلى غيره، وكلّ متجاوزٍ حدّ شيءٍ إلى غيره فقد تعدّاه إلى ما جاوز إليه ومعنى الكلام: فعلت بهم ما فعلت من ذلك بما عصوا أمري، وتجاوزوا حدّي إلى ما نهيتهم عنه). [جامع البيان: 2 / 31 -32]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعامٍ واحدٍ فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثّائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الّذي هو أدنى بالّذي هو خيرٌ اهبطوا مصرًا فإنّ لكم ما سألتم}
قوله: {وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعامٍ واحدٍ}
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ عن الرّبيع عن أبي العالية: قوله: {لن نصبر على طعامٍ واحدٍ} قال: «كان طعامهم السّلوى وشرابهم المنّ، فسألوا ما ذكروا».
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قال: «فأجمّوا ذلك وقالوا: يا موسى لن نصبر على طعامٍ واحدٍ». قال عمرو بن حمّادٍ: أجمّوا يعني: بشموا، قال أبو زرعة: فأجمّوا: أي كرهوه.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ عن قتادة في قوله: {لن نصبر على طعامٍ واحدٍ} قال: «ملّوا طعامهم، وذكروا عيشهم الّذي كانوا فيه قبل ذلك». ). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 122 - 123]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثائها}
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم قال. قال أبو جعفرٍ الرّازيّ: قال قتادة: «إنّهم لمّا قدموا الشّام فقدوا أطعمتهم الّتي كانوا يأكلونها فقالوا: فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها». ). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 123]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وفومها}
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا عبدة بن سليمان عن أبي سعيدٍ- يعني سعيد بن المرزبان- عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ: «وفومها الخبز». قال مرّة: «البرّ».
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ وهبٌ قال: وحدّثني نافع بن أبي نعيمٍ أنّ ابن عبّاسٍ سئل عن قول اللّه: {وفومها} ما فومها؟ قال: «الحنطة». قال ابن عبّاسٍ: «أما سمعت قول أحيحة بن الحلاح وهو يقول:
قد كنت أغنى النّاس شخصًا واحدًا ....... ورد المدينة عن زراعة فوم»
وروي مجاهدٍ، والحسن، وأبي مالكٍ، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباحٍ، والسّدّيّ، وقتادة نحو ذلك. وخالفهم آخرون.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي ثنا عمرو بن رافعٍ أنبأ أبو عمارة يعقوب بن إسحاق البصريّ عن يونس عن الحسن في قوله: {وفومها} قال: قال ابن عبّاسٍ: «الثّوم». وروي عن سعيد بن جبيرٍ والرّبيع والضّحّاك نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 123]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وعدسها وبصلها}
- حدّثنا الحسن بن أحمد أبو فاطمة ثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن بشّارٍ الواسطيّ، حدّثني سرور بن المغيرة عن عبّاد بن منصورٍ عن الحسن قال: «فبطروا ذلك ولم يصبروا عليه وذكروا عيشهم الّذي كانوا يعيشون فيه، وكانوا قومًا أهل أعداسٍ وبصلٍ وبقولٍ وفومٍ، فذكروا عيشهم من ذلك فقالوا: يا موسى لن نصبر على طعامٍ واحدٍ فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثّائها وفومها وعدسها وبصلها».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 123 -124]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {قال أتستبدلون الّذي هو أدنى بالذي هو خيرٌ}
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ ثنا يزيد بن زريعٍ ثنا سعيدٌ عن قتادة: «أتستبدلون الّذي هو - الّذي هو شرٌّ- بالذي هو خيرٌ». وروي عن الحسن نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 124]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {اهبطوا مصرًا}
[الوجه الأول]
- حدّثنا العبّاس بن يزيد العبديّ ثنا سفيان بن عيينة عن أبي سعدٍ البقّال عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ في قوله: {اهبطوا مصرًا} قال: «مصرًا من الأمصار». وروي عن السّدّيّ وقتادة والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ عن الرّبيع عن أبي العالية قال: «يعني به مصر فرعون».
- حدّثنا الفضل بن شاذان ثنا إسحاق بن الحجّاج ثنا يحيى بن آدم عن الكسائيّ عن الأعمش قال: «هي مصر الّتي عليها صالح بن عليٍّ، وكان يومئذٍ عليها». ). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 124]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {فإنّ لكم ما سألتم}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: {اهبطوا مصرًا فإنّ لكم ما سألتم} « فلمّا خرجوا من التّيه رفع المنّ والسّلوى وأكلوا البقول».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 124]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وضربت عليهم الذّلّة والمسكنة وباءوا بغضبٍ من اللّه ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّه ويقتلون النّبيّين بغير الحقّ ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (61)}
قوله: {وضربت عليهم الذلة}
[الوجه الأول]
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا محمّد بن القاسم الأسديّ عن عبيد بن طفيلٍ الطّفاويّ أبي سيدان عن الضّحّاك بن مزاحمٍ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وضربت عليهم الذلة والمسكنة} قال: «هم أصحاب القبالات، كفروا باللّه العظيم-». قال أبو محمّدٍ: يعني بأصحاب القبالات أصحاب الجزية.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق ، أنبأ معمرٌ عن الحسن وقتادة في قوله: {وضربت عليهم الذلة} قالا: «يعطون الجزية عن يدٍ وهم صاغرون».
الوجه الثّاني
- حدّثنا أبي ثنا سريج بن يونس ثنا محمّد بن يزيد عن جويبرٍ عن الضّحّاك: قوله: {وضربت عليهم الذّلّة} قال: «الذّلّ».
- حدّثنا المنذر بن شاذان ثنا هوذة ثنا عوفٌ عن الحسن: {وضربت عليهم الذلة} قال: «أدركتهم هذه الأمّة، وإنّ المجوس لتجبيهم الجزية».
- حدّثنا الحسين بن أحمد ثنا موسى بن محلّمٍ ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ: سألت الحسن عن قوله: {وضربت عليهم الذّلّة} قال: «أذلّهم اللّه فلا منعة لهم، وجعلهم اللّه تحت أقدام المسلمين».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 124 -125]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {والمسكنة}
[الوجه الأوّل]
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم عن أبي جعفرٍ عن الرّبيع عن أبي العالية في قوله: {وضربت عليهم الذّلّة والمسكنة} قال: «المسكنة الفاقة». وروي عن السّدّيّ والرّبيع نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا بشر بن آدم بن بنت أزهر، أنبأ عبد الله ابن رجاءٍ ثنا عبيد بن الطّفيل عن عطيّة: {وضربت عليهم الذّلّة والمسكنة} قال: «الخراج».
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي ثنا سريج بن يونس ثنا محمّد بن يزيد عن جويبرٍ عن الضّحّاك: {والمسكنة} «الجزية».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 125]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وباؤوا بغضبٍ من اللّه}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عبد اللّه بن لهيعة.
حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: {وباؤ بغضب من الله} يقول: «استوجبوا سخطا».
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه عن الربيع بن أنس: {وباؤ بغضبٍ من اللّه} «فحدث عليهم من اللّه غضبٌ». وروي عن الضّحّاك نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 125 - 126]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّه ويقتلون النّبيّين بغير الحقّ}
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ ثنا أبو داود ثنا شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمرٍ الأزديّ عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: «كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاثمائة نبيٍّ ثمّ تقوم بقلهم من آخر النّهار».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 126]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد ثنا يزيد ثنا سعيدٌ عن قتادة: {ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون} «اجتنبوا المعصية والعدوان فإنّ بهما هلك من هلك قبلك من النّاس».). [تفسير القرآن العظيم: 1 / 126]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: «الفوم الخبز».). [تفسير مجاهد: 77]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}.
- أخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله: {وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد} قال: «المن والسلوى استبدلوا به البقل وما ذكر معه».
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة: «قالوا: ملوا طعامهم في البرية وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه قبل ذلك فقالوا {ادع لنا ربك} الآية».
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {وفومها} قال: «الخبز»، وفي لفظ:«البر»، وفي لفظ: «الحنطة بلسان بني هاشم».
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير من طرق عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى: {وفومها} قال: «الحنطة»، قال: وهل تعرف العرب ذلك، قال: «نعم أما سمعت أحيحة بن الجلاح وهو يقول:
قد كنت أغنى الناس شخصا واحدا ....... ورد المدينة عن زراعة فوم».
- وأخرج وكيع، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد وعطاء في قوله {وفومها} قالا: «الخبز».
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الحسن وأبي مالك في قوله {وفومها} قالا: «الخبز».
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الحسن وأبي مالك في قوله {وفومها} قالا: «الحنظة».
- وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال: «الفوم الثوم».
- وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال: «الفوم الثوم». - وفي بعض القراءة: وثومها.
- وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي داود في المصاحف، وابن المنذر عن ابن مسعود:«أنه قرأ وثومها».
- وأخرج ابن أبي داود عن ابن عباس قال: «قرائتي قراءة زيد وأنا آخذ ببضعة عشر حرفا من قراءة ابن مسعود هذا أحدها {من بقلها وقثائها وفومها}».
- وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {وفومها} قال: «الفوم الحنطة»، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: «نعم أما سمعت أبا محجن الثقفي وهو يقول:
قد كنت أحسبني كأغنى واحد ....... قدم المدينة عن زراعة فوم».
قال: «يا ابن الأزرق ومن قرأها على قراءة ابن مسعود فهو المنتن قال أمية ابن أبي الصلت:
كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة ....... فيها الفراديس والفومات والبصل
وقال أمية ابن الصلت أيضا:
أنفي الدياس من الفوم الصحيح كما ....... أنفي من الأرض صوب الوابل البرد».
- وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {أتستبدلون الذي هو أدنى} قال: «أردأ».
- وأخرج سفيان بن عينية، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {اهبطوا مصرا} قال: «مصرا من الأمصار».
- وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {اهبطوا مصرا} يقول: «مصرا من الأمصار».
- وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {اهبطوا مصرا} قال: «يعني به مصر فرعون».
- وأخرج ابن أبي داود، وابن الأنباري في المصاحف عن الأعمش أنه كان يقرأ {اهبطوا مصرا} بلا تنوين ويقول: «هي مصر التي عليها صالح بن علي».
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وضربت عليهم الذلة والمسكنة} قال: «هم أصحاب الجزية».
- وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة والحسن {وضربت عليهم الذلة والمسكنة} قال: « يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون».
- وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله {والمسكنة} قال: «الفاقة».
- وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {وباؤوا بغضب من الله} قال: «استحقوا الغضب من الله».
- وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {وباؤوا} قال: «انقلبوا».). [الدر المنثور: 1 / 384 - 388]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأمّا قوله تعالى: {ويقتلون النبيين}.
- أخرج أبو داود والطاليسي، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: «كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاثمائة نبي ثم يقيمون سوق بقلهم في آخر النهار».
- وأخرج أحمد عن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي وإمام ضلالة وممثل من الممثلين».
- وأخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن أبي ذر قال: جاء إعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبيء الله، قال: «لست بنبيء الله ولكنني نبي الله». قال الذهبي: منكر لم يصح.
- وأخرج ابن عدي عن حمران بن أعين أن رجلا من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا نبيء الله، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «لست بنبيء الله ولكنني نبي الله».
- وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال: «ما همز رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا الخلفاء وإنما الهمز بدعة من بعدهم». ). [الدر المنثور: 1 / 388 - 389]