العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:25 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (15) إلى الآية (16) ]

{وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15) وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (16)}

قوله تعالى: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15)}

قوله تعالى: {وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (16)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (واللّذان يأتيانها منكم... (16).
قرأ ابن كثير: (واللّذانّ يأتيانها) و(هذانّ) و(هاتينّ) و(فذانّك) بتشديد النون فيهن.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب (فذانّك) بتشديد النون، وخففا سائر الحروف. وخففهن الباقون كلهن.
[معاني القراءات وعللها: 1/296]
قال أبو منصور: من شدد النون في (فذانّك) فهو على لغة من يقول في الواحد: (ذلك) في موضعا (ذاك).
قال أحمد بن يحيى: ومن شدد النون في سائر الحروف، وهي لغات جاءت عن العرب، فالأحسن الأكثر فيها التخفيف). [معاني القراءات وعللها: 1/297]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {واللذان يأتيانها منكم} [16].
قرأ ابن كثير وحده {واللذان} جعل النون عوضًا من الياء المحذوفة التي كانت في الذي.
وخففها الباقون؛ لأن م كلام العرب أن يحذفوا ويعوضوا، وأن يحذفوا ولا يعوضوا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/130]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في تشديد النون وتخفيفها من قوله عز وجل والذان [النساء/ 16] وهذان [طه/ 63 - والحج/ 19] وفذانك [القصص/ 32] وهاتين [القصص/ 27].
فقرأ ابن كثير: هذان*، واللذان، وفذانك.
وهاتين مشدّدة النون.
وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي بتخفيف ذلك كلّه، وشدّد أبو عمرو فذانك وحدها، ولم يشدّد غيرها.
قال أبو علي: من قرأ: اللذان وهذان* وهاتين فالقول في تشديد نون التثنية: أنّه عوض من الحذف الذي يلحق الكلمة، ألا ترى أنّ قولهم «ذا» قد حذف لامها، وقد حذفت الياء من «اللذان» في التثنية. فإن قلت: فإن الحذف في تثنية اللذان إنّما هو لالتقاء الساكنين، وما حذف لالتقاء الساكنين فهو في تقدير الثبات بدلالة قوله:
ولا ذاكر الله إلّا قليلا.
[الحجة للقراء السبعة: 3/141]
ألا ترى أنّه نصب مع الحذف كما ينصب مع الإثبات؟
قيل: إنّ اللام في اللتان واللذان وإن كانت حذفت لالتقاء الساكنين، فإنّهما لما لم تظهر في التثنية التي كان يلزم أن يثبت فيها وتتحرك، أشبه ما حذف حذفا، لغير التقاء الساكنين، فاقتضى العوض منه كما اقتضته المبهمة نحو: هذان، واتّفقت هذه الأسماء من اللذان وهذان في هذا التعويض، كما اتفقا في التحقير في فتح الأوائل منهما، مع ضمها من غيرهما، وفي إلحاق الألف أواخرهما، وذلك نحو اللتيّا، واللذيّا، وهاتيّا.
فأما تخصيص أبي عمرو التعويض في المبهمة في نحو قوله: فذانك وتركه التعويض في اللذان، فيشبه أن يكون ذلك لما رآه من أنّ الحذف للمبهمة ألزم، فبحسب لزومها الحذف ألزمها العوض ولم يعوض في اللّذين، ألا ترى أنّ اللذين إذا قلت: اللّذيّا فحقّرت أظهرت اللام المحذوفة في التثنية في التحقير، وإذا حقرت المبهم فقلت: هاذيّا، فالحذف في الاسم قائم، لأنّه كان ينبغي هاذييّا، الياء الأولى عين الفعل، والثانية للتحقير، والثالثة لام الفعل، فحذفت التي هي عين الفعل، ولم يجز أن تحذف التي هي لام لأنّك لو حذفتها لتحركت ياء التحقير لمجاورتها الألف، وهذه الياء لا تحرك أبدا، ألا ترى أنّه لم يلق عليها حركة الهمزة في نحو: أقيّس، فلما لم يتمّ في التحقير، وأتمّ الموصول خصّ المبهم بالعوض دون الموصول لذلك. فإن قال قائل: هلّا وجب
[الحجة للقراء السبعة: 3/142]
عوض المنقوص في التثنية نحو: يد، ودم، وغد؟ فإن ذلك ليس بسؤال، ألا ترى أنّهم عوّضوا في: أسطاع، وأهراق ولم يعوضوا في: أجاد وأقام ونحو ذلك.
وأيضا: فإنّ الحذف لمّا لم يلزم هذه المتمكنة، كان الحذف في حكم لا حذف، ألا ترى أن منه ما يتمّ في الواحد نحو: غد وغدو؟ ومنه ما يتمّ في التثنية نحو:
يديان بيضاوان....
ونحو:
جرى الدّميان.....
[الحجة للقراء السبعة: 3/143]
وفي الجمع نحو: أيد ودماء، وفي التحقير نحو: دميّ ويديّة، وليست المبهمة كذلك، ويمكن أن يكون أبو عمرو قدّر ذانك تثنية ذلك، فعوّض الحرف في التثنية من الحرف الزائد الذي كان في الإفراد قبل التثنية، والأول أشبه). [الحجة للقراء السبعة: 3/144]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({واللذان يأتيانها}
قرأ ابن كثير {واللذان} بتشديد النّون وكذلك (هاذان)
[حجة القراءات: 193]
و {هاتين} و{أرنا الّذين} وحجته أن الأصل في قوله {واللذان} اللذيان فحذف الياء وجعل النّون المشدّدة عوضا من الياء المحذوفة الّتي كانت في الّذي وكذلك في {إحدى ابنتي هاتين} الأصل هاتيين وأرنا اللذيين وفي هذان هذا ان شدد هذه النونات وجعل التّشديد عوضا من الياء المحذوفة والألف
إذا سأل سائل فقال لم شددت النّون في هذه الكلمة ولم تشددها في قوله {برهانان} و{غلامان} فالجواب عن ذلك من وجهين أحدهما أن هذه النّون لما كانت ثابتة في الأحوال كلها ولم تكن الإضافة تسقطهما لأن هذه الأسماء لا تضاف البتّة ففرقوا بينها وبين النّون الضعيفة الّتي تسقط في الإضافة فتقول هذان غلاما زيد فلمّا كانت أقوى شددت ليدل بالتّشديد على قوتها بالإضافة لغيرها من النونات الّتي تتسلط الإضافة عليها
[حجة القراءات: 194]
والوجه الثّاني يقال لهذه النّون في المبهمات بدل من الألف المحذوفة والياء المحذوفة وهما حرفان في الأصل من نفس الكلمة والنّون في التّثنية في قولك برهانان ورجلان بدل من التّنوين الّذي هو زائد وعارض في الكلمة فجعلت للنون الّتي هي بدل من الأصل مزية على النّون الّتي هي بدل من عارض في الأصل وتلك المزية التّشديد
وقرأ الباقون جميع ذلك بالتّخفيف وحجتهم أن من كلام العرب أن يحذفوا ويعوضوا وأن يحذفوا ولا يعوضوا فمن عوض آثر تمام الكلمة ومن لم يعوض آثر التّخفيف ومثل ذلك في تصغير مغتسل تقول مغيسل ومغيسيل فمن قال مغيسل لم يعوض من التّاء شيئا ومن قال مغيسيل عوض من التّاء). [حجة القراءات: 195]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (21- قوله: {واللذان يأتيانها} قرأ ابن كثير بتشديد النون، ومثله «هذان، وهاتين وفذانك، واللذين»، ووافقه أبو عمرو على التشديد في «فذانك» خاصة، وقرأ ذلك الباقون بالتخفيف.
22- وحجة من شدد النون أن في ذلك ثلاثة أقوال: الأول أنه شدد النون، ليكون التشديد عوضًا من الحذف الذي دخل هذه الأسماء المبهمة في التثنية، لأنه قد حذف ألف منها، لالتقاء الساكنين، وهما الألف التي كانت في آخر الواحد، وألف التثنية، فجعل التشديد في النون عوضًا من المحذوف، الثاني أن التشديد وجب لهذه النون، للفرق بين النون، التي هي عوض من تنوين ملفوظ به في الواحد، نحو: زيد وعمرو وبين النون التي لا تنوين في الواحد
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/381]
ملفوظ به، تكون النون عوضًا منه، والثالث أن النون شددت للفرق بين النون، التي تحذف للإضافة، وبين النون التي لا تحذف للإضافة؛ لأن المبهم معرفة، فهو لا يضاف ألبتة، وقد قيل إن التشديد في «فذانك» وجب على إدغام اللام في النون، وذلك أن أصله ذلك، ثم دخلت نون التثنية قبل اللام، فصار «ذانك» فأدغمت اللام في النون، على طريق إدغام الثاني في الأول، فوقع التشديد لذلك، ويجوز أن تكون النون، التي للتثنية، وقعت بعد اللام، ثم أدغمت اللام في النون، على إدغام الأول في الثاني، فوقع التشديد لذلك.
23- وحجة من خفف أنه أجرى المبهم مجرى سائر الأسماء، فخفف النون، كما تخفف في كل الأسماء، وهو الاختيار، وعليه أتى كلام العرب، وهو المستعمل، وعليه أكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/382]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {واللَّذَانِّ} [آية/ 16]:-
بالمد وتشديد النون، قرأها ابن كثير وحده، وكذلك {والَّذَينِّ} و{هذانّ} و{هتَينّ} و{فَذَانّك} بتشديد النون فيهن أجمع.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب يس- {فَذَانِّكَ} في القصص.
والوجه في ذلك أنهم عوضوا من المحذوف نونًا وأدغموها في نون التثنية،
[الموضح: 408]
وذلك أن اللذان قياس أصله اللذيان، وكذلك هذان قياسه في الأصل هاذيان، لكنهم لما رأوا الياء والألف يجتمعان وهما ساكنان مع ألف التثنية، فحذفوا الياء والألف لالتقاء الساكنين، وهؤلاء القراء عوضوا من المحذوف الذي هو الياء والألف نونًا، وأدغموها في نون التثنية، فبقي {هذانّ} و{اللّذانِّ}.
وقرأ الباقون بالتخفيف فيهن أجمع.
وهو الأظهر الأكثر والقياس المسلوك؛ لأنهم يحذفون حرف العلة من هاتين الكلمتين في التثنية، ولا يعوضون منهما شيئًا، فيقولون: اللذان وهذان بالتخفيف، وقلما يشددون). [الموضح: 409]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:25 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (17) إلى الآية (18) ]

{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)}

قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17)}

قوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:26 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (19) إلى الآية (21) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (21)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أن ترثوا النّساء كرهًا... (19).
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: (كرهًا) هاهنا بفتح الكاف، وفي التوبة وفي الأحقاف في موضعين: (كرهًا) و(كرهًا) أربعهن بفتح الكاف.
وقرأ ابن عامر وعاصم في النساء والتوبة، (كرهًا) بفتح الكاف وفي الأحقاف: (كرهًا) و(كرهًا) بضم الكاف فتابعهما الحضرمي، فقرأ مثلهما سواء.
وقرأ حمزة والكسائي بضم الكاف فيهن أجمع وقد مر في سورة البقرة الجواب فيها). [معاني القراءات وعللها: 1/297]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ (بفاحشةٍ مبيّنةٍ... (19).
قرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم: (بفاحشةٍ مبيّنةٍ) في كل
[معاني القراءات وعللها: 1/297]
القرآن بفتح الياء، وكذلك (آياتٍ مبيّناتٍ) بالفتح أيضًا في جميع القرآن.
وقرأ نافع وأبو عمرو ويعقوب: (بفاحشةٍ مبيّنةٍ) بكسر الياء، و(آياتٍ مبيّناتٍ) بفتح الياء في جميع القرآن.
وقرأ ابن عامر، وحفص عن عاصم، والمفضل عن عاصم، وحمزة والكسائي: (بفاحشةٍ مبيّنةٍ) و(آياتٍ مبيّناتٍ) بالكسر فيها.
قال أبو منصور: من قرأ (مبيّناتٍ) بالكسر فالمعنى: متبينات، يقال: بيّن الشيء وتبيّن بمعنى واحد.
ومن قرأ (مبيّناتٍ) فالمعنى: أن الله قد بينها، والعرب تقول: بيتت الشيء فبين، أي: تبين. لازم ومتعدٍّ، ومثله: قدمته فقدّم، أي: تقدم. ونوّرته فنوّر.
ومن قرأ (بفاحشةٍ مبيّنةٍ) فمعناها: ظاهرة.
ومن قرأها (مبيّنةٍ) فالمعني: مكشوفة مظهرة). [معاني القراءات وعللها: 1/298]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {بفاحشة مبينة} [19].
قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر {مبينة} بالفتح.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/130]
وقرأ الباقون بالكسر، فمن كسر جعل الفاحشة هي التي تبين على صاحبهما، ومن فتح فهو الاختيار لقوله تعالى: {قد بينا لكم الآيات} فالله المبين والآيات المبينات). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/131]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {أن ترثوا النساء كرها} [19].
قرأ حمزة والكسائي بالضم، وكذلك في (التوبة) و(الأحقاف).
وقرأ عاصم وابن عامر في (الأحقاف) بالضم والباقي بالفتح.
وقرأ الباقون كل ذلك بالفتح. فقال قوم: هما لغتان.
وقال آخرون: الكره، المصدر، والكره: الاسم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/131]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الكاف وضمها من قوله [جلّ وعز] كرها [النساء/ 19] وذلك في أربعة مواضع في النساء [19]، والتوبة [53]، والأحقاف في موضعين [15].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: كرها بفتح الكاف فيهنّ كلّهنّ.
وقرأ عاصم وابن عامر: كرها بالفتح في النساء والتوبة.
وقرأ في الأحقاف: كرها* مضمومتين. وقرأ حمزة والكسائي: كرها* بالضم فيهنّ كلّهنّ. وقال ابن ذكوان في حفظي: كرها: بفتح الكاف في سورة الأحقاف في الموضعين.
قال أبو علي: الكره والكره: لغتان، كقولهم: الفقر والفقر، والضّعف، والضّعف، والدّفّ والدّفّ، والشّهد والشّهد. فمن قرأ الجميع بالضم فقد أصاب. وكذلك لو قرأ قارئ جميع ذلك
[الحجة للقراء السبعة: 3/144]
بالفتح، وكذلك إن قرأ بعض ذلك بالفتح وبعضه بالضم، كل ذلك مستقيم.
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر الياء وفتحها من قوله [جلّ وعز]: بفاحشة مبينة [النساء/ 19] وآيات مبينات [النور/ 34/ 46].
فقرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر: بفاحشة مبينة*، وآيات مبينات* بفتح الياء فيهما جميعا.
وقرأ نافع وأبو عمرو بفاحشة مبينة كسرا، وآيات مبينات فتحا.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص، والمفضّل عن عاصم بفاحشة مبينة كسرا وآيات مبينات كسرا أيضا.
قال أبو علي: قال سيبويه: قالوا: أبان الأمر وأبنته واستبان، واستبنته، والمعنى واحد، وذا هنا بمنزلة حزن، وحزنته، في فعلت. وكذلك: بيّن وبيّنته. وقال أبو عبيدة: الفاحشة: الشّنار والفحش والقبح.
قال أبو علي: الفاحشة: مصدر كالعاقبة والعافية يدل على ذلك قوله تعالى: وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء [الأعراف/ 28] فالفحشاء:
كالنعماء والبأساء والضراء.
[الحجة للقراء السبعة: 3/145]
وقيل في قوله: ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة [الطلاق/ 1] قولان: أحدهما: إلّا أن يزنين فيخرجن لإقامة الحدّ عليهنّ، وقيل: إلّا أن يأتين بفاحشة مبيّنة في خروجهنّ من بيوتهنّ.
فمن فتح العين في مبيّنة كان المعنى: يبيّن فحشها، فهي مبيّنة، ومبيّنة: فاحشة: بيّنت فحشها فهي مبيّنة. وقيل: إنّه جاء في التفسير: فاحشة: ظاهرة. فظاهرة حجّة لمبيّنة.
وأمّا الفتح في قوله: مبينات* فحجّته: قد بينا لكم الآيات [آل عمران/ 118 - الحديد/ 17] ومن قرأ: مبينات فحجّته قوله: قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله [المائدة/ 15] فالمبين والمبيّن واحد، وكذلك قوله: هذا بيان للناس [آل عمران/ 138] فما هدى الله به فهو مبيّن للمهديّ، كما أنّ البيان للناس مبيّن لهم). [الحجة للقراء السبعة: 3/146]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس: [فَاحِشَةٍ مُبِينَةٍ] مكسورة الباء ساكنة الياء، وقال: [بيِّنة].
قال أبو الفتح: يقال: بان الشيء وأبنته، وأبان وأبنته، واستبان واستبنته، وتبين وتبينته.
[المحتسب: 1/183]
ومن أبيات الكتاب:
سلِّ الهموم بكل معطي رأسه ... ناج مخالط صُهبة مُتَعيِّسِ
مُغتالِ أحبُله مُبينٍ عنقُه ... في مَنكِب زَبَن المطيَّ عرندسِ
وقرأت على أبي علي في نوادر أبي زيد:
يبينُهم ذو اللب حتى تراهم ... بسيماهم بيضًا لحاهم وأَصْلُعَا
ومن كلامهم: قد بَيَّن الصبحُ لذى عينين، وقال:
تبين لي أن القَماءَة ذلة ... وأن أشداء الرجال طِيالُها
وأنشدنا أبو علي:
فلما تبينْ غِبّ أمري وأمره ... وولَّت بأعجاز الأمور صدورُ
وهو كثير). [المحتسب: 1/184]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لا يحل لكم أن ترثوا النّساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ إلّا أن يأتين بفاحشة مبينة} 19
قرأ حمزة والكسائيّ {أن ترثوا النّساء كرها} بالضّمّ قرأ الباقون بالنّصب واختلف النّاس في الضّم والفتح فال ابن عبّاس من قرأ {كرها} بالضّمّ أي بمشقّة ومن قرأ {كرها} بالفتح أي إجبارا أي أجبر عليه جعل ابن عبّاس الكره فعل الإنسان والكره ما أكره عليه صاحبه تقول كرهت الشّيء كرها وأكرهت على الشّيء كرها قال أبو عمرو والكره ما كرهته والكره ما استكرهت عليه ويحتج في ذلك بقول الله جلّ وعز {كتب عليكم القتال وهو كره لكم}
[حجة القراءات: 195]
وقال الأخفش هما لغتان مثل الضعف والضعف والفقر والفقر وقال قوم الكره المصدر تقول كرهته كرها مثل شربته شربا والكره اسم ذلك الشّيء
قرأ ابن كثير وأبو بكر {بفاحشة مبينة} بفتح الياء وقرأ الباقون بكسر الياء
جاء في التّفسير أن من قرأ {مبينة} بالكسر فمعناها ظاهرة ومن قرأ {مبينة} بالفتح فمعناها مكشوفة مظهرة أي أوضح أمرها اعلم أنّك إذا كسرتها جعلتها فاعلة أي هي الّتي تبين على صاحبها فعلها وإذا فتحتها جعلتها مفعولا بها والفاعل محذوف وكان التّقدير والله أعلم هو بينها فهي مبينة). [حجة القراءات: 196]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (24- قوله: {كرها} قرأه حمزة والكسائي بالضم، وفتح الباقون، ومثله في التوبة والأحقاف غير أن ابن ذكوان وعاصمًا وافقاهما على الضم في الأحقاف خاصة، وقرأ ذلك الباقون بالفتح، وهما لغتان مشهورتان كالفَقر والفُقر والضَعف والضُعف والشَهد والشُهد، وقد قيل إن الكره بالضم، المشقة، والكَره بالفتح الإجبار، وقيل: الكُره، بالضم، ما كرهته بقلبك، وبالفتح الإجبار، وقيل: الكُره، بالضم، ما عملته وأنت كاره له من غير أن تجبر عليه، والكره، بالفتح، ما أُجبرت عليه، وقال أبو عمرو، الكُره بالضم، كل شيء يكره فعله، والكَره، بالفتح، ما استنكره عليه، وقال الأخفش: هما
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/382]
لغتان، بمعنى المشقة والإجبار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/383]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (25- قوله: {مبينة} و{مبينات} قرأ ابن كثير وأبو بكر «مبينة» بفتح الياء، وكسرها الباقون، وقرأ ابن عامر وحفص والكسائي «مبينات» بكسر الياء، وفتح الباقون، وذلك حيث وقع.
26- وحجة من فتح الياء أنه أجراه على ما لم يسم فاعله، أي: يبين، أي يبينها من يقوم فيها وينكرها، ويبين الآيات أنها آيات، أي يبينها الله أنها آيات.
27- وحجة من قرأ بكسر الياء أنه أضاف الفعل إلى الفاحشة، لأنها تبين عن نفسها أنها فاحشة يقبح فعلها، وتبين الآيات عن نفسها أنها آيات لإعجازها، و«الفاحشة» الزنا في قول الحسن والشعبي، أي: إن زنت المرأة بزنى أخرجت للحد، وصلح الخلع، قال عطاء الخراساني: هو منسوخ، كان الرجل إذا تزوج المرأة فأتت بفاحشة كان له أن يأخذ منها كل ما ساق إليها، فنسخ ذلك بالحدود، وقال الضحاك وقتادة: الفاحشة النشوز: إذا نشزت
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/383]
عنه، كان له أن يأخذ منها الفدية ويدعها، وقيل: المعنى: «إلا أن يزنين» فيحبسن في البيوت، فهذا كان قبل النسخ بالحدود، وقيل: الفاحشة البذاء باللسان، وقيل: هي خروجهن من بيوتهن في العدة، وقد شرحنا هذه الآية في كتاب «الهداية» بغاية الشرح). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/384]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كُرْهًا} [آية/ 19]:-
بضم الكاف، قرأها حمزة والكسائي، وكذلك في التوبة {طوعًا أو كُرْهًا} وفي الأحقاف {حَمَلتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا}.
وقرأ عاصم وابن عامر ويعقوب في النساء والتوبة {كَرْهًا} بالفتح، وفي الأحقاف بالضم.
[الموضح: 409]
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {كَرْهًا} بفتح الكاف في الأربعة الأحرف.
الكره والكره لغتان مثل الفقر والفقر والضَعف والضُعف، وفرق بعضهم بينهما، فقال: الكره بالضم: المشقة، والكره بالفتح: ما استكرهت عليه). [الموضح: 410]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [آية/ 19]:-
بفتح الياء، قرأها ابن كثير وعاصم ياش- وكذلك {آيات مُبَيَّنات} بالفتح.
وقرأ نافع وأبو عمرو ويعقوب {مُبَيّنَةٍ} بالكسر، و{مبيَّنات} بالفتح في كل القرآن.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي و- ص- عن عاصم بالكسر فيهما في كل القرآن.
من قرأ بالفتح في {مبيَّنة} و{مبيَّنات} بني الفعل للمفعول به، كأنه قال: بينت الفاحشة فهي مبينة، ومن قرأ بالكسر بني الفعل للفاعل، كأنها هي المبينة، أي الظاهرة، يقال بان الشيء وأبان وبين وتبين واستبان واحد
[الموضح: 410]
كله لازم، فمن فتح فحجته قوله {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ} ومن كسر فحجته {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}). [الموضح: 411]

قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (20)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن محيصن: [وَآتَيْتُمُ احْدَاهُنَّ قِنْطَارًا] وصل ألف إحداهن.
قال أبو الفتح: قد تقدم نحو هذا فيمن قرأ: [فَلا اثْمَ عَلَيْهِ]، يريد: فلا إثم عليه بشواهده، وهذا حذف صريح، واعتباط مريح، نحو قوله:
وتسمع من تحت العجاج لها ازْملا
وقد مضى). [المحتسب: 1/184]

قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (21)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:28 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (22) إلى الآية (24) ]

{وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً (22) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)}

قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً (22)}

قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (23)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في الميم من إمهاتكم [النساء/ 23] فكسرها حمزة وفتحها الكسائي.
[قال أبو علي] أمّا فتح الكسائي الميم في إمهاتكم فهكذا ينبغي، لأنّ التغيير والإتباع إنّما جاء في الهمزة، ولم يأت في الميم، فغيّر الهمزة وترك غيرها على الأصل، ألا ترى أنّ الميم لم تغيّر، وإنّما غيّرت الهمزة إذا وليتها الكسرة أو الياء، فلما كان
[الحجة للقراء السبعة: 3/138]
كذلك أتبع الهمزة ما كان قبلها من الكسرة والياء، وترك الميم على أصلها كما تركها من ضم الهمزة فقال: أمّهات. وأمّا كسر الميم في إمّهات، فقول الكسائي أشبه منه. ووجهه أنّه أتبع الميم الهمزة، كما قالوا: منحدر من الجبل، فأتبعوا حركة الدال ما بعدها، ونحو هذا الإتباع لا يجسر عليه إلّا بالسمع ويقوي ذلك قول من قال: عليهمي ولا [الفاتحة/ 7] ألا ترى أنّه أتبع الهاء الياء ثم أتبع الميم الهاء، وإن لم تكن في خفاء الهاء؟ فكذلك أتبع الميم الهمزة في قوله: إمهات، وكما أن قول من قال:
عليهمي، فاعلم يقوّي ما أخذ به حمزة، فكذلك قول من قال:
عليهمو ولا، يقوّي قول الكسائي، ألا ترى أنّه أتبع الياء ما أشبهها في الخفاء، وترك غير الهاء على أصلها. فكذلك أتبع الكسائي الكسرة أو الياء الهمزة وترك الميم التي بعد الهمزة في قوله: لإمها على أصله فلم يغيره). [الحجة للقراء السبعة: 3/139] (م)
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن هُرْمُز: [الَّتِي أَرْضَعْنَكم] بلفظ الواحد.
قال أبو الفتح: ينبغي أن تكون التي هنا جنسًا فيعود الضمير عليه على معناه دون لفظه، كما قال سبحانه: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ}، ثم قال: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}، فهذا على مذهب الجنسية، كقولك: الرجل أفضل من المرأة، وهو أمثل من أن يُعتقد فيه حذف النون من "الذي" كما حذفت من "اللذا" في قوله:
إن عَمَّيَّ اللذا
ألا ترى أن قوله: [التي ارضعنكم] لا يجوز أن يُعتقد فيه حذف النون؛ لأنه لا يقال: اللتين، والقول الآخر وجه، إلا أن هذا أقوى لهذه القراءة، وعليه قول الأشهب بن رُميلة:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أُمَّ خالد
يحتمل المذهبين: حذف النون من الذين، واعتقاد مذهب الجنسية على ما مضى). [المحتسب: 1/185]

قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (والمحصنات من النّساء... (24).
[معاني القراءات وعللها: 1/298]
فتح الكسائي الصاد من قوله: (والمحصنات من النّساء) في هذه وحدها، وكسر الصاد في قوله: (والمحصنات)، و(محصنات) في سائر القرآن.
وقرأ الباقون بفتح الصاد حيث كانت.
وروى قيس بن سعد عن ابن كثير مثل الكسائي بكسر الصاد.
وأخبرني أبو بكر الإيادي عن شمر عن ابن الأعرابي، وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال: كلام العرب كله على (أفعل) فهو (مفعل)، إلا ثلاثة أحرف أحصن فهو محصن، وألفج فهو ملفج، إذا افتقر، وأسهب فهو مسهب، إذا أكثر الكلام.
[معاني القراءات وعللها: 1/299]
وأجمع القراء على فتح الصاد من قوله جلّ وعزّ: (والمحصنات من النّساء) لأن معناهن أنهن أحصن كالأزواج، ولو قرئت: (والمحصنات) فجازت في العربية أنهن يحصن فروجهن، وإحصان الفرج: إعفافه.
ويقال: امرأة حصان بينة الحصن إذا كانت عفيفة، وفرس حصان بيّن التحصن والتحصين، إذا كان فحلا منجبا. وبناءٌ حصين: بيّن الحصانة.
ويقال: امرأة حاصن بمعنى: الحصان، ومنه قول الراجز:
وحاصنٍ من حاصناتٍ ملس... من الأذى ومن قراف الوقس). [معاني القراءات وعللها: 1/300]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وأحلّ لكم ما وراء ذلكم... (24).
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب: (وأحلّ) بفتح الألف.
وقرأ حمزة والكسائي وحفص: (وأحلّ لكم ما وراء ذلكم) بضم الألف
[معاني القراءات وعللها: 1/300]
قال أبو منصور: من قرأ (وأحلّ لكم) فمعناه: وأحل الله لكم.
ومن (وأحلّ لكم) فهو على ما لم يسم فاعله، والله المحل لعباده وحده، وهو المحرم الحرام). [معاني القراءات وعللها: 1/301]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {والمحصنات من النساء} [24].
قرأ الكسائي وحده كلها في القرآن بالكسر إلا هذه.
وقرأ الباقون بالفتح. والمحصنات، والمحصنة بالكسر تكون العفيفة، وتكون المسلمة، أي أحصنت نفسها بالإسلام، ومن قرأ بالفتح جعل المحصنات بالأزواج أي: أحصنهن أزواجهن فالأزواج محصنون، والنساء محصنات). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/131]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم} [24].
قرأ حمزة والكسائي وحفص، عن عاصم {وأحل لكم} بالضم.
وفتحها الباقون، فمن ضم نسقه على قوله: {حرمت عليكم} ومن فتح قال: قبل الآية {كتاب الله عليكم} أي كتب عليكم كتابًا وأحل لكم قال: وإنما اخترت الفتح لأنه أقرب إلى ذكر الله.
ومن ضم قال: إنما يأتي محظور بعد مباح أو مباح بعد محظور، وأحل بعد ما حرم أحسن). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/132]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الصاد وكسرها من قوله جلّ وعزّ: والمحصنات [النساء/ 24].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة: والمحصنات بفتح الصاد في كلّ القرآن.
وقرأ الكسائي: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم [النساء/ 24] بفتح الصاد في هذه وحدها، وسائر القرآن: والمحصنات* ومحصنات* [النساء/ 25] بكسر الصاد. ولم يختلف أحد من القراء في هذه وحدها أنها بفتح الصاد
[الحجة للقراء السبعة: 3/146]
أعني: والمحصنات من النساء [النساء/ 24] حدّثنا أحمد قال: حدثنا أبو حمزة الأنصاري: قال: حدثنا حجاج بن المنهال، قال: حدثنا حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن مجاهد وعبد الله بن كثير مثل قراءة الكسائي: والمحصنات من النساء مفتوحة الصاد وسائر القرآن: والمحصنات*.
[قال أبو علي]: قال سيبويه: قالوا: للمرأة حصنت حصنا، وهي حصان، كجبنت جبنا وهي جبان. قال: وقالوا:
حصنا كما قالوا: علما.
وقد جاء الإحصان في التنزيل واقعا على غير شيء. من ذلك وقوعها على الحرائر، يدل على ذلك غير موضع في التنزيل، أحدها: قوله: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم [النور/ 4] ألا ترى أنه إذا قذف غير حرة لم يجلد ثمانين. ومن ذلك: قوله: فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب [النساء/ 25]. ومن ذلك قوله: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات [النساء/ 25] والمحصنات: المتزوجات بدلالة قوله: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم [النساء/ 24]
[الحجة للقراء السبعة: 3/147]
فذوات الأزواج محرّمات على كل أحد، إلّا على أزواجهنّ، وفسّروا قوله: إلا ما ملكت أيمانكم إلّا ما ملكتموهنّ بالسبي من دار الحرب، ألا ترى أنّ ذوات الزوج في دارنا محرّمة على كل أحد سوى الزوج. فأمّا إذا كانت متزوجة في دار الحرب، فسبيت منها، فإنّها تحلّ لمالكها، ولا عدّة عليها إذا دخلت دار الإسلام. ويدل على أنّ المتزوجة يقال لها محصنة قوله: وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات [النساء/ 25]. ويدلّ عليه أيضا قوله: أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين [النساء/ 24] وقد فسّر قوله: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات [النساء/ 25] بالعفائف. ويدلّ على وقوع الإحصان على العفّة قوله: ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها [التحريم/ 12] وروي عن إبراهيم ومجاهد أن أحدهما قرأ: أحصن وفسّره بتزوّجن، وقرأ الآخر: أحصن وفسره: بأسلمن. فقد ثبت بما ذكرنا أنّ الإحصان يقع على الحريّة، وعلى التزويج، وعلى العفّة، وعلى الإسلام. وليس تبعد هذه الأسماء عمّا عليه موضوع اللغة.
قال أبو عبيدة: في قوله: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم المحصنات: ذوات الأزواج.
وأنشد الأصمعي:
[الحجة للقراء السبعة: 3/148]
إذا المعسيات كذبن الصّبو... ح خبّ جريّك بالمحصن
وفسّر المحصن المدّخر من الطعام، والمدّخر للاحراز لا تمتد إليه اليد امتدادها إلى غير المحرز للادّخار. والحريّة تبعد وتمنع من امتهان الرقّ، والإسلام يحظر الدم والمال اللذين كانا على الإباحة قبل، والتزويج في المرأة كذلك في حظر خطبتها التي كانت مباحة قبل ويمنع تصدّيها للتزويج، والعفّة: حظر النفس عما يحظره الشرع. فهذه الأسماء قريبة مما عليه أصل اللغة.
وأنشد أبو عبيدة:
وحاصن من حاصنات ملس... من الأذى ومن قراف الوقس
قال: الحاصن: العفيفة، قال: والوقس: مثل توقّس الجرب، قال: والمحصنة أحصنها زوجها. قال أبو علي: الحاصن
[الحجة للقراء السبعة: 3/149]
يحتمل ضربين: إما أن يكون على معنى النسب أو يكون مثل:
دلو الدال...
وإنّما وقع الاتفاق على فتح العين من قوله: والمحصنات لما فسروا الحرف عليه من أنّه يعنى به الحربية المتزوجة في دار الحرب). [الحجة للقراء السبعة: 3/150]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في فتح الألف وضمها من قوله تعالى: وأحل لكم [النساء/ 24].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وأحل لكم بفتح الألف والحاء.
وقرأ حمزة والكسائي: وأحل لكم بضم الألف.
قال أبو علي: وأحل لكم ما وراء ذلكم بناء الفعل للفاعل أشبه بما قبله، ألا ترى أن معنى: كتاب الله عليكم: كتب الله عليكم كتابا، وأحلّ لكم؟ ومن بنى الفعل للمفعول به فقال:
وأحل لكم فهو في المعنى يؤول إلى الأول، وفي ذاك مراعاة مشاكلة ما بعد بما قبل). [الحجة للقراء السبعة: 3/150]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة محمد بن السميفع: [كَتَبَ اللَّهُ عَلَيكم] مفتوحة الكاف، وليس بعد التاء ألف، والباء نصب.
قال أبو الفتح: في هذه القراءة دليل على أن قوله: "عليكم" من قوله: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} في قراة الجماعة مُعلَّقة بنفس كتاب، كما تعلقت في [كَتَبَ اللَّهُ عَلَيكم] بنفس كتب، وأنه ليس "عليكم" من {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} اسمًا سُمي به الفعل، كقولهم: عليك زيدًا، إذا أردت: خذ زيدًا؛ وذلك أن عليك ودونك وعندك إذا جُعلن أسماء للفعل لسن منصوبات المواضع، ولا هن متعلقات بالفعل مُظْهَرًا ولا مُضْمَرًا، ولا الفتحة في نحو: دُونك زيدًا فتحة إعراب كفتحة الظرف في نحو قولك: جلست دونك؛ بل هي فتحة بناء؛ لأن الاسم الذي هو عندك زيدًا
[المحتسب: 1/185]
بمنزلة صه ومه لا إعراب فيه، كما لا إعراب في صه ومه وحَيْهَل، غير أنه بُني على الحركة التي كانت له في حال الظرفية، كما أن فتحة لام رجل من قولك: لا رجل في الدار، وهي الحركة التي تحدثها "لا" إعرابًا في المضاف والممطول، نحو: لا غلام رجل عندك، ولا خيرًا منك فيها، وكذلك قول الله تعالى: {مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ}، الفتحة في نون "مكانكم" فتحة بناء؛ لأنه اسم لقولك: اثبُتوا، وليست كفتحة النون من قولك: الزموا مكانكم، هذه إعراب، وتلك في الآية بناء. وهذا موضع فيه لطف فتفهمه.
ولما دخل شيخنا أبو علي -رحمه الله- الموصل سنة إحدى وأربعين، قال لنا: لو عرفتُ في هذا البلد من يعرف الكلام على قولك: دونك زيدًا؛ لغدوت إلى بابه ورُحت. وكذلك قوله تعالى: [كَتَب الله عليكم] و {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُم}، و {عَلَيْكُمْ} في الموضعين جميعًا منصوبة الموضع بنفس كَتَب وكتاب، ولو قلت: عليكم كتاب الله لما كان لقولك عليكم موضع من الإعراب أصلًا، ولا كانت متعلقة بشيء ظاهر ولا محذوف ولا مضمر على ما تقدم، فاعرفه). [المحتسب: 1/186]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم} {أن ينكح المحصنات} {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات} 24 25
قوله {والمحصنات من النّساء} اتّفق القرّاء على فتح الصّاد في هذا الحرف واختلفوا فيما عداه فقرأ الكسائي {أن ينكح المحصنات المؤمنات} {فعليهن نصف ما على المحصنات} بكسر الصّاد في جميع القرآن أي هن أحصن أنفسهنّ بالإسلام والعفاف فذهب الكسائي إلى أن المحصنات المسلمات العفايف هن أحصن أنفسهنّ بالإسلام والعفاف والعرب تقول أحصنت المرأة فهي محصنة وذلك إذا حفظت نفسها وفرجها وحجته في فتح الحرف الأول وكسر ما عداه أن المعنى فيه غير موجود فيما عداه وذلك أن
[حجة القراءات: 196]
المحصنات ها هنا هن ذوات الأزواج اللّاتي أحصنهن أزواجهنّ سوى ملك اليمين اللّاتي كان لهنّ الأزواج فكن محصنات بهم فأحلهن بعد استبرائهن بالحيض فأما ما سوى هذا الحرف فإن المراد فيه ما ذكرنا من الإسلام والعفة
عن الحسن في قوله {والمحصنات من النّساء} قال ذوات الأزواج فقال الفرزدق قد قلت فيه شعرًا قال الحسن ما قلت يا ابا فراس قال قلت
وذات حليل أنكحتها رماحنا ... حلال لمن يبني بها لم تطلق
روي أن النّبي صلى الله عليه بعث يوم حنين سريّة فأصابوا حيا من العرب يوم أوطاس فهزموهم وقتلوهم وأصابوا نساء لهنّ أزواج فكان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه تأثموا من غشيانهن من اجل أزواجهنّ فأنزل الله عز وجل {والمحصنات من النّساء} أي المتزوجات {إلّا ما ملكت أيمانكم} أي السبايا من ذوات الأزواج لا بأس في وطئهن بعد استبرائهن
وقرأ الباقون {المحصنات} بفتح الصّاد أي متزوجات أحصنهن أزواجهنّ والأزواج محصنون والنّساء محصنات
قال أبو عمرو الزّوج يحصن المرأة والإسلام وكذلك {فإذا أحصن} أي أحصنهن الأزواج والإسلام قال ولا تقول العرب هذا قاذف محصنة لا محصنات إلّا محصنة ومحصنات فتأويل المحصنات أزواجهنّ أعفوهن أو إسلامهن أحصنهن فهن محصنات بذلك
[حجة القراءات: 197]
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {وأحل لكم} بضم الألف وكسر الحاء على ما لم يسم فاعله وحجتهم أن ابتداء التّحريم في الآية الأولى أجري على ترك تسمية الفاعل وهو قوله {حرمت عليكم أمّهاتكم} وما ذكر بعدهن فأجري التّحليل عقيب التّحريم وعلى لفظه ليكون لفظ التّحريم والتحليل على لفظ واحد فكأنّه قال حرم عليكم كذا وأحل لكم كذا
وقرأ الباقون {وأحل} بالفتح وحجتهم في ذلك قربه من ذكر الله فجعلوا الفعل مسندًا إليه لذلك وهو قوله {كتاب الله عليكم وأحل لكم} أي وأحل الله لكم
قرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر {فإذا أحصن} بفتح الألف والصّاد أي أسلمن ويقال عففن كذا جاء في التّفسير يسندون الإحصان إليهنّ وإذا قرئ ذلك على ما لم يسم فاعله كان وجوب الحد في ظاهر اللّفظ على المملوكة ذات الزّوج دون الأيم وفي إجماع الجميع على وجوب الحد على المملوكة غير ذات الزّوج دليل على صحة فتحة الألف
وقرأ الباقون {فإذا أحصن} أي الأزواج جعلوهن مفعولات بإحصان أزواجهنّ إياهن فتأويله فإذا أحصنهن أزواجهنّ ثمّ رد إلى ما لم يسم فاعله نظير قوله {محصنات} بمعنى أنّهنّ مفعولات وهذا مذهب ابن عبّاس قال لا تجلد إذا زنت حتّى تتزوّج وكان ابن مسعود يقول إذا أسلمت وزنت جلدت وإن لم تتزوّج). [حجة القراءات: 198] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (28- قوله: {محصنات}، {والمحصنات} قرأ الكسائي بكسر الصاد في جميع القرآن إلا قوله تعالى: {والمحصنات من النساء} فإنه فتح الصاد فيه، وقرأ الباقون جميع ذلك بفتح الصاد.
29- وحجة من كسر الصاد أنه أضاف الفعل إليهن، فجعلهن أحصن أنفسهن بالعفاف والحرية، نحو قوله: {والذين يرمون المحصنات} «النور 4» أي العفائف الحرائر، وقوله: {التي أحصنت فرجها} «الأنبياء 91» يراد به العفاف، أو بالتزويج نحو قوله: {فإذا أحصن} «النساء 25» أي: تزوجن، أو بالإسلام نحو قوله: {أن ينكح المحصنات المؤمنات} «النساء 25» فهن أحصن أنفسهن بعفاف أو بإسلام.
30- وحجة من فتح الصاد أنه أجرى الفعل على ما لم يسم فاعله، فجعلهن أحسنهن غيرهن من زوج أو ولي، وإنما خص الكسائي {والمحصنات من النساء} بالفتح لأنه نزل في ذوات الأزواج، حرّم الله وطأهن، واستثنى ملك اليمين من السبايا، فلمن سباهن وطوءهن بعد الاستبراء، وإن كن ذوات أزواج في بلدهن، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/384]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (31- قوله: {وأحل لكم} قرأه حفص وحمزة والكسائي بضم الهمزة، وكسر الحاء، وقرأ الباقون بفتح الهمزة والحاء.
32- وحجة من فتح أنه بنى الفعل للفاعل، وهو الله، لا إله إلا هو، وعطفه على ما قبله، مما أضيف الفعل فيه إلى الله جل ذكره في قوله: {كتاب الله عليكم} «النساء 24» أي: كتب الله ذلك عليكم، وأحل لكم ما وراء ذلك فـ «ما» في موضع نصب.
33- وحجة من ضم الهمزة أنه بنى الفعل، لما لم يُسم فاعله على ما جرى من الكلام في أول الآية في قوله: {حُرمت عليكم} «23» على ما لم يسم فاعله، فطابق بين أول الكلام وآخره، فكأنه حرم عليكم كذا وأحل لكم كذا، فهذا أليق بتجانس الكلام وآخره، فكأنه حرم عليكم كذا وأحل لكم كذا، فهذا أليق بتجانس الكلام وارتباط بعضه ببعض، والاختيار فتح الهمزة؛ لقرب اسم الله جل ذكره منه، وبعد «حرمت» منه، ولأن عليه أهل الحرمين وأكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/385]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {المُحْصِنات} [آية/ 24] و{مُحْصِنات} [آية/ 25]:-
بكسر الصاد، قرأها الكسائي وحده في كل القرآن، إلا في النساء {والمحصَنات من النساءِ}، فإنه فتحها وحدها.
وقرأ الباقون {المحصَنات} و{مُحْصَنات} بالفتح في جميع القرآن.
أما من فتح الصاد فإنه بناه على أحصنت فهي محصنة، أي أحصنها غيرها إما التزويج وإما الإسلام وإما التعفف وإما الولي بتزويجها.
ومن كسر الصاد بناه على أحصنت بناء الفعل للفاعل، والمراد أحصنت نفسها بالعفة أو التزوج). [الموضح: 411] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {وأحل لكم} [آية/ 24]:-
بضم الألف، قرأها حمزة والكسائي و-ص- عن عاصم.
[الموضح: 411]
وهذا على بناء الفعل للمفعول به، وفيه مشاكلة لما تقدم، وهو قوله {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} ثم قال {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} فشاكل بين المعطوف والمعطوف عليه.
وقرأ الباقون {وأَحَلَّ لَكُمْ} بفتح الألف، على بناء الفعل للفاعل، حملاً على ما يليه من قوله {كِتَابَ اللهِ}؛ لأن المعنى كتب الله عليكم كتابًا، فكأنه قال كتب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم). [الموضح: 412]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:29 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ الآية (25) ]

{وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (25)}

قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (25)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فإذا أحصنّ... (25.
فتح الألف أبو بكر عن عاصم، وضمها حفص عن عاصم.
وقرأ حمزة والكسائي: (فإذا أحصنّ) بفتح الألف أيضًا.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (فإذا أحصنّ) قال أبو منصور: من قرأ (فإذا أحصنّ) فالمعنى أن الإماء إذا أسلمن أحصنّ فروجهن بالإسلام، أي: أعففنها، ومن قرأ (فإذا أحصنّ) فالمعنى: أنهن زوّجن إماء لم يعتقن بعد فأحصنهنّ أزواجهن.
وقيل في قوله (فإذا أحصنّ): إنه بمعنى أسلمن فأحصنّ أنفسهن بالإسلام.
وقيل معنى (أحصنّ)، أي: ملكن فأسلمن فمنعن من الفساد.
[معاني القراءات وعللها: 1/301]
وقال أبو عبيد: أجمع القراء على نصب الصاد في الحرف الأول من سورة النساء، فلم يختلفوا في فتحها لأن تأويلها ذوات الأزواج يسبين فيحلهنّ السّبي، يوطأن بملك اليمين، وينتقض نكاحهن.
وأما سوى الحرف الأول فالقراء مختلفون، فمنهم من يكسر الصاد، ومنهم من يفتحها، فمن نصب ذهب إلى الأزواج، ومن كسر ذهب إلى أنهن أسلمن فأحصنّ أنفسهن، فهن محصنات.
قال أبو منصور: وأما قوله: (فإذا أحصنّ فإن أتين بفاحشةٍ) فإن ابن مسعود قرأ بفتح الأول، وقال: إحصان الأمة إسلامها.
وكان ابن عباس يقرأها (فإذا أحصنّ) ويفسره: فإذا أحصن بزوج.
وكان لا يرى
[معاني القراءات وعللها: 1/302]
على الأمة حدًّا ما لم تزوج.
وكان ابن مسعود يرى عليها نصف حدٍّ الحرة البكر إذا أسلمت وإن لم تزوج، وإلى قوله ذهب الفقهاء.
قال أبو منصور: والأمة إذا زوجت جاز أن يقال: قد أحصنت؛ لأن تزويجها قد أحصنها، وكذلك إذا أعتقت فهي محصنة؛ لأن عتقها قد أعفها، وكذلك إذا أسلمت؛ لأن إسلامها قد أحصنها.
وقال ابن شميل: حصنت المرأة نفسها بالتخفيف، وامرأة حصان وحاصن). [معاني القراءات وعللها: 1/303]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {فإذا أحصن} [25].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم برواية حفص ونافع {فإذا أحصن} بالضم.
وقرأ الباقون بالفتح). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/132]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في فتح الألف وضمها من قوله تعالى: أحصن [النساء/ 25].
[الحجة للقراء السبعة: 3/150]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (أحصنّ) مضمومة الألف، وقرأ حمزة والكسائي أحصن مفتوحة الألف.
واختلف عن عاصم فروى عنه أبو بكر والمفضل: وأحل لكم [النساء/ 24] وأحصن بالفتح جميعا. وروى عنه حفص:
وأحل لكم وأحصن بالضم جميعا. حدّثنا محمد بن الحسين بن شهريار قال: حدّثنا الحسين بن الأسود قال: حدّثنا عبد الله بن موسى عن سفيان الثوري عن عاصم بن أبي النّجود، أنّه قرأ: وأحل* بفتح الألف. [حدّثنا أحمد: قال]: أخبرني علي بن العباس، قال: حدثنا: محمد بن عمر بن الوليد الكندي عن ابن أبي حمّاد عن شيبان عن عاصم: وأحل* فتحا، فإذا أحصن بضم الألف.
قال أبو علي: أحصنّ: أحصنّ بالأزواج، وقد رويت عن ابن عباس. وفسر بعض السلف أحصنّ: تزوّجن. ومن قرأ: أحصن: فمعناه أسلمن، وكذا فسره إبراهيم أو مجاهد). [الحجة للقراء السبعة: 3/151]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم} {أن ينكح المحصنات} {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات} 24 25
قوله {والمحصنات من النّساء} اتّفق القرّاء على فتح الصّاد في هذا الحرف واختلفوا فيما عداه فقرأ الكسائي {أن ينكح المحصنات المؤمنات} {فعليهن نصف ما على المحصنات} بكسر الصّاد في جميع القرآن أي هن أحصن أنفسهنّ بالإسلام والعفاف فذهب الكسائي إلى أن المحصنات المسلمات العفايف هن أحصن أنفسهنّ بالإسلام والعفاف والعرب تقول أحصنت المرأة فهي محصنة وذلك إذا حفظت نفسها وفرجها وحجته في فتح الحرف الأول وكسر ما عداه أن المعنى فيه غير موجود فيما عداه وذلك أن
[حجة القراءات: 196]
المحصنات ها هنا هن ذوات الأزواج اللّاتي أحصنهن أزواجهنّ سوى ملك اليمين اللّاتي كان لهنّ الأزواج فكن محصنات بهم فأحلهن بعد استبرائهن بالحيض فأما ما سوى هذا الحرف فإن المراد فيه ما ذكرنا من الإسلام والعفة
عن الحسن في قوله {والمحصنات من النّساء} قال ذوات الأزواج فقال الفرزدق قد قلت فيه شعرًا قال الحسن ما قلت يا ابا فراس قال قلت
وذات حليل أنكحتها رماحنا ... حلال لمن يبني بها لم تطلق
روي أن النّبي صلى الله عليه بعث يوم حنين سريّة فأصابوا حيا من العرب يوم أوطاس فهزموهم وقتلوهم وأصابوا نساء لهنّ أزواج فكان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه تأثموا من غشيانهن من اجل أزواجهنّ فأنزل الله عز وجل {والمحصنات من النّساء} أي المتزوجات {إلّا ما ملكت أيمانكم} أي السبايا من ذوات الأزواج لا بأس في وطئهن بعد استبرائهن
وقرأ الباقون {المحصنات} بفتح الصّاد أي متزوجات أحصنهن أزواجهنّ والأزواج محصنون والنّساء محصنات
قال أبو عمرو الزّوج يحصن المرأة والإسلام وكذلك {فإذا أحصن} أي أحصنهن الأزواج والإسلام قال ولا تقول العرب هذا قاذف محصنة لا محصنات إلّا محصنة ومحصنات فتأويل المحصنات أزواجهنّ أعفوهن أو إسلامهن أحصنهن فهن محصنات بذلك
[حجة القراءات: 197]
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {وأحل لكم} بضم الألف وكسر الحاء على ما لم يسم فاعله وحجتهم أن ابتداء التّحريم في الآية الأولى أجري على ترك تسمية الفاعل وهو قوله {حرمت عليكم أمّهاتكم} وما ذكر بعدهن فأجري التّحليل عقيب التّحريم وعلى لفظه ليكون لفظ التّحريم والتحليل على لفظ واحد فكأنّه قال حرم عليكم كذا وأحل لكم كذا
وقرأ الباقون {وأحل} بالفتح وحجتهم في ذلك قربه من ذكر الله فجعلوا الفعل مسندًا إليه لذلك وهو قوله {كتاب الله عليكم وأحل لكم} أي وأحل الله لكم
قرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر {فإذا أحصن} بفتح الألف والصّاد أي أسلمن ويقال عففن كذا جاء في التّفسير يسندون الإحصان إليهنّ وإذا قرئ ذلك على ما لم يسم فاعله كان وجوب الحد في ظاهر اللّفظ على المملوكة ذات الزّوج دون الأيم وفي إجماع الجميع على وجوب الحد على المملوكة غير ذات الزّوج دليل على صحة فتحة الألف
وقرأ الباقون {فإذا أحصن} أي الأزواج جعلوهن مفعولات بإحصان أزواجهنّ إياهن فتأويله فإذا أحصنهن أزواجهنّ ثمّ رد إلى ما لم يسم فاعله نظير قوله {محصنات} بمعنى أنّهنّ مفعولات وهذا مذهب ابن عبّاس قال لا تجلد إذا زنت حتّى تتزوّج وكان ابن مسعود يقول إذا أسلمت وزنت جلدت وإن لم تتزوّج). [حجة القراءات: 198] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (34- قوله: {فإذا أحصن} قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي بفتح الهمزة والصاد، وقرأ الباقون بضم الهمزة وكسر الصاد.
35- وحجة من ضم أنه أضاف الفعل إلى الأزواج، أو إلى الأولياء، فجرى على ما لم يسم فاعله، وقمن مقام الفاعل لحذفه، وهن الإماء، فإذا أحصنهن الأزواج بالتزويج، أو فإذا أحصنهن الأولياء بالنكاح، فزنين، فعليهن نصف ما على الحرائر من المسلمات، اللواتي لم يتزوجن من الحد، إذا زنين وذلك خمسون جلدة.
36- وحجة من فتح الهمزة أنه أسند الفعل إليهن، على معنى: فإذا أسلمن، وقيل: فإذا عففن، وقيل: فإذا أحصن أنفسهن بالتزويج، فالحد لازم لهن إذا زنين في الوجوه الثلاثة، ومن ضم الهمزة فإنما يجعل الحد لازمًا لهن إذا زنين
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/385]
بعد التزويج لا غير، وقد أجمع على وجوب الحد على المملوكة إذا زنت، وإن لم تكن ذات زوج، ولولا إجماع أهل الحرمين مع غيرهم، على الضم لكان الاختيار فتح الهمزة، لصحة معناه في الحكم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/386]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {المُحْصِنات} [آية/ 24] و{مُحْصِنات} [آية/ 25]:-
بكسر الصاد، قرأها الكسائي وحده في كل القرآن، إلا في النساء {والمحصَنات من النساءِ}، فإنه فتحها وحدها.
وقرأ الباقون {المحصَنات} و{مُحْصَنات} بالفتح في جميع القرآن.
أما من فتح الصاد فإنه بناه على أحصنت فهي محصنة، أي أحصنها غيرها إما التزويج وإما الإسلام وإما التعفف وإما الولي بتزويجها.
ومن كسر الصاد بناه على أحصنت بناء الفعل للفاعل، والمراد أحصنت نفسها بالعفة أو التزوج). [الموضح: 411] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {أَحْصَنَّ} [آية/ 25]:-
بفتح الألف، قرأها حمزة والكسائي و-ياش- عن عاصم.
والمعنى أحصن أنفسهن، وقد تقدم بيان مثله.
وقرأ الباقون {أُحْصِنَّ} بضم الألف.
والمعنى أحصنهن الأزواج أو التعفف أو الإسلام، وقد مضى). [الموضح: 412]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:30 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (26) إلى الآية (28) ]

{يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)}

قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)}

قوله تعالى: {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27)}

قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:31 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (29) إلى الآية (30) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا (30)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إلّا أن تكون تجارةً... (29).
قرأ الكوفيون: (تجارةً) نصبا.
وقرأ الباقون بالرفع.
[معاني القراءات وعللها: 1/303]
قال أبو منصور: من رفع جعل كان مكتفية، ومن نصب أضمر لـ (كان) اسما). [معاني القراءات وعللها: 1/304]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {إلا أن تكون تجارة} [29].
قرأ أهل الكوفة بالنصب.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/131]
وقرأ الباقون بالرفع، وقد بينت علته في (البقرة) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/132]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الرفع والنصب في قوله (جلّ وعز): إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم [النساء/ 29].
[الحجة للقراء السبعة: 3/151]
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر تجارة* رفعا.
وقرأ حمزة والكسائي وعاصم تجارة نصبا.
قال أبو علي: من رفع فالاستثناء منقطع، لأنّ التجارة عن تراض ليس من أكل المال بالباطل. ومن نصب إلا أن تكون تجارة احتمل ضربين: أحدهما: إلّا أن تكون التجارة تجارة، ومثل ذلك قوله:
إذا كان يوما ذا كواكب....
أي إذا كان اليوم يوما. والآخر: إلّا أن تكون الأموال ذوات تجارة، فتحذف المضاف، وتقيم المضاف إليه مقامه، والاستثناء على هذا الوجه أيضا منقطع). [الحجة للقراء السبعة: 3/152]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلّا أن تكون تجارة عن تراض منكم} 28
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {إلّا أن تكون تجارة} نصا أي إلّا أن تكون الأموال تجارة فجعلوا {تجارة} خبر {تكون}
وقرأ الباقون {تجارة} جعلوا {تكون} بمعنى الحدوث والوقوع أي إلّا أن تقع تجارة). [حجة القراءات: 199]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً} [آية/ 29]:-
نصبًا، قرأها الكوفيون.
[الموضح: 412]
وكان ههنا ناقصة وهي المقتضية للاسم والخبر، والتقدير: إلا أن تكون التجارة تجارةً، فأضمر الاسم، أو التقدير: إلا أن تكون الأموال أموال تجارةٍ، فأضمر الاسم، وحذف المضاف من الخبر، وأقام المضاف إليه مقامه.
وقرأ الباقون {تجارةٌ} بالرفع.
وكان في هذه القراءة تامة بمعنى وقع، وليس لهما خبر، والمعنى إلا أن تقع تجارة). [الموضح: 413]

قوله تعالى: {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا (30)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة إبراهيم والأعمش وحُميد: [فَسوْف نَصْليه نارًا] بفتح النون، وسكون الصاد.
قال أبو الفتح: يُروى في الحديث أنه أُتِيَ بشاة مَصْلِيَّة؛ أي: مشوية، يقال: صلاه يصليه: إذا شواه، ويكون منقولًا من صَلِي نارًا وصَلَيتُه نارًا، كقولك: كَسِي ثوبًا وكَسَوتُه ثوبًا، ومثله -إلا أنه قبل النقل غير متعد- شَتِر وشَتَرْتُه، وغارت عينُه وغُرْتُها.
وعليه قوله:
وصالياتٍ كَكَما يؤثفَيْن
فهذا من صلي.
فأما قراءة العامة: {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} بضم النون، فهو منقول من صلِي أيضًا، إلا أنه
[المحتسب: 1/186]
نُقل بالهمزة لا بالمثال، كقولك: طعِم خبزًا وأطعمته خبزًا، وعلِم الخبر وأعلمته إياه؛ أي: عرف وعرفتُه.
والصَّلَى: النار منه، وهو من الياء لقولهم: صلَيْتُه نارًا.
وليست الصلاة من الياء لقولهم في جمعها: صلوات. قال لنا أبو علي سنة سبع وأربعين: الصلاة من الصَّلَويْنِ، قال: وذلك لأن أول ما يشاهد من أحوال الصلاة إنما هو تحريك الصَّلَويْنِ للركوع، فأما القيام فلا يخص الصلاة دون غيرها، وهو حسن). [المحتسب: 1/187]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (37- قوله: {إلا أن تكون تجارة} قرأ الكوفيون بالنصب، وقرأ الباقون بالرفع.
38- وحجة من نصب أنه أضمر في «كان» اسمها، ونصب «تجارة» على خبر كان، على تقدير: إلا أن تكون الأموال تجارة، فأضمر الأموال لتقدم ذكرها، وكان ذلك أولى لينتظم بعض الكلام ببعض، وفيه على هذا حذف مضاف تقديره: إلا أن تكون الأموال أموار تجارة، ليكون الخبر هو الاسم، وقيل: التقدير: إلا أن تكون التجارة تجارة، فهذا تقدير حذف فيه؛ لأن الأول هو الثاني.
39- وحجة من رفع أنه جعل «كان» تامة بمعنى: وقع وحدث، فرفع بها، واستغنى عن الخبر، على معنى: إلا أن تحدث تجارة، أو تقع تجارة، والعرب تقول: كان أمرٌ، أي حدث أمرٌ، ولولا إجماع الحرميين على الرفع وغيرهم لكان الاختيار النصب، لمطابقة آخر الكلام مع أوله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/386]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:32 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (31) إلى الآية (33) ]

{إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا (31) وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32) وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)}

قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا (31)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يكفّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم مدخلًا كريمًا (31).
روى المفضل عن عاصم: (يكفر عنكم... ويدخلكم) بالياء معًا.
وقرأ الباقون بالنون.
قال أبو منصور: المعنى، في النون والياء واحد، والفعل لله، هو المكفر للسيئات، لا شريك له). [معاني القراءات وعللها: 1/304]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (مدخلًا كريمًا (31)، و(مدخلًا يرضونه).
قرأ نافع: (مدخلًا كريمًا) و(مدخلًا يرضونه) بفتح الميم.
[معاني القراءات وعللها: 1/304]
وكذلك روى الكسائي عن أبي بكر عن عاصم.
وقرأ الباقون بضم الميم في السورتين.
قال أبو منصور: من قرأهما (مدخلًا) بضم الميم فهو مصدر أدخله مدخلًا وإدخالا،
ويجوز أن يكون المدخل اسما، كأنه وضع موضع الإدخال.
ومن قرأ (مدخلًا) بفتح الميم فله معنيان:
أحدهما: مصدر دخل (مدخلًا) أي دخولا.
والثاني: موضع الدخول.
وأجاز القراء (مدخلًا) من أدخلت، ومصبحًا من أصبحت، وممسًى من أمسيت). [معاني القراءات وعللها: 1/305]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {وندخلكم مدخلا كريما} [31].
قرأ نافع وحده بالفتح وكذلك في (الحج) بالفتح.
وقرأ الباقون بالضم، جعلوه مصدرًا من أدخل كما قال تعالى: {بي أدخلني مدخل صدق}.
وأما نافع فإنه جعله من دخل مدخلاً مثل: طلعت الشمس مطلعًا ودخلت مدخلاً). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/132]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والنون من قوله [جل وعز]: نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم [النساء/ 31].
فروى أبو زيد سعيد بن أوس عن المفضّل عن عاصم يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم بالياء جميعا.
وقرأ الباقون: بالنون.
[الحجة للقراء السبعة: 3/152]
[قال أبو علي]: من قرأ يكفر بالياء، فلأنّ ذكر اسم الله تعالى قد تقدّم في قوله: إن الله كان بكم رحيما [النساء/ 29]. ومن قال: نكفر: فالمعنى: معنى الياء، ومثل ذلك بل الله مولاكم [آل عمران/ 150] ثمّ قال: سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب [آل عمران/ 151]. وأبو الحسن يستحسن النون في هذا النحو). [الحجة للقراء السبعة: 3/155]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الميم وفتحها من قوله [جل وعز]: مدخلا [النساء/ 31].
فقرأ نافع وحده: مدخلا كريما مفتوحة الميم، وفي الحج: مثله.
وقرأ الباقون: مدخلا مضمومة الميم هاهنا، وفي الحج. ولم يختلفوا في بني إسرائيل في: مدخل صدق ومخرج صدق [الإسراء/ 80] أنّهما بضمّ الميم.
وروى الكسائي عن أبي بكر عن عاصم: مدخلا* بفتح الميم هاهنا وفي الحج.
قال أبو علي: قوله تعالى: مدخلا* بعد يدخلكم* يحتمل وجهين: يحتمل أن يكون مصدرا، ويجوز أن يكون مكانا. فإن
[الحجة للقراء السبعة: 3/153]
حملته على المصدر أضمرت له فعلا دلّ عليه الفعل المذكور.
ويكون قوله مدخلا* فيمن قدره مصدرا انتصابه بذلك الفعل، التقدير: ويدخلكم فتدخلون مدخلا.
ويجوز أن يكون مكانا، كأنه قال: يدخلكم مكانا، ويكون على هذا التقدير منتصبا بهذا الفعل المذكور، كما أنّك إذا قلت:
أدخلتك مكانا، انتصب بهذا الفعل، والمكان أشبه هاهنا، لأنا رأينا المكان وصف بالكريم، وهو قوله: كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم [الدخان/ 25 - 26] فوصف المكان بالكريم، فكذلك يكون قوله: مدخلا* يراد به المكان، مثل المقام، ويجوز أن يكون المراد به: الدخول، أو الإدخال، وإن كان قد وصف بالكرم، ويكون المعنى دخولا تكرمون فيه، خلاف من قيل فيه: الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم [الفرقان/ 34] فليس هذا كقولك: حشرتهم على الوجه، وحشرتهم على وجوههم، أي: لم أدع منهم أحدا غير محشور، ولكن مثل قوله: أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي [الملك/ 22] وكقوله: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة [الزمر/ 24].
قال: ولم يختلفوا في بني إسرائيل في: مدخل صدق، ومخرج صدق أنّهما بضم الميم [قال أبو علي] لا يمتنع في
[الحجة للقراء السبعة: 3/154]
القياس أن تفتح الميم من مدخل على نحو ما قدمنا ذكره من أنّه يكون على فعل مضمر يدل عليه الكلام. ويجوز في المدخل إذا ضمّ أن يكون مكانا وأن يكون مصدرا، فإذا جعلته مصدرا جاز أن تريد مفعولا محذوفا من الكلام، كأنه قال: أدخلني الجنّة مدخلا، أي: إدخال صدق، والأشبه أن يكون مكانا، لإضافته إلى صدق، فهو في هذا كقوله: في مقعد صدق [القمر/ 55] فكما أنّ هذا المضاف إلى صدق مكان، كذلك، يكون المدخل مكانا، ولا يمتنع الآخر لأنّ غير العين قد أضيف إلى صدق في نحو: أن لهم قدم صدق عند ربهم [يونس/ 2] ألا ترى أنّه قد فسّر بالعمل الصالح). [الحجة للقراء السبعة: 3/155]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وندخلكم مدخلًا كريمًا}
قرأ نافع {وندخلكم مدخلًا كريمًا} بنصب الميم جعله مصدرا من دخل يدخل مدخلًا فإن سأل سائل فقال قد تقدم ما يدل على أنه من أدخل فالجواب في ذلك أن المدخل مصدر صدر عن غير لفظه كأنّه قال ويدخلكم فتدخلون مدخلًا وكذلك قوله {والله أنبتكم من الأرض نباتا} ولم يقل إنباتا قال الخليل تقديره فنبتم نباتا ويجوز أن يكون المدخل اسما
[حجة القراءات: 199]
للمكان فكأنّه قال وندخلكم موضع دخولكم قال الزّجاج قاله {مدخلًا} يعني به ها هنا الجنّة
وقرأ الباقون {مدخلًا} بضم الميم مصدر من أدخل يدخل إدخالا وحجتهم قوله {وندخلكم مدخلًا كريمًا} وفي التّنزيل {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} ). [حجة القراءات: 200]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (40- قوله: {مدخلا} قرأه نافع بفتح الميم، وضمها الباقون، ومثله في الحج، وكلهم ضم {مدخل صدق} في بني إسرائيل «80» لتقدم قوله: {وأدخلني}.
41- وحجة من فتح الميم أنه جعله مصدرًا لفعل ثلاثي مضمر، دل عليه الرباعي الظاهر وهو قوله: {ندخلكم} أي: ندخلكم فتدخلون مدخلًا، أي: دخولًا فدخول ومدخل مصدران للثلاثي، بمعنى واحد، ويجوز أن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/386]
يكون «مدخلًا» بالفتح مكانًا، أي: يدخلكم مكانًا فيتعدى إليه «ندخلكم» في المفعول به، وحسن ذلك، لأنه قد وصف بالكريم، كما قال {ومقام كريم} «الشعراء 58».
42- وحجة من ضم أنه أجراه مصدرًا على ما قبله، وهو «يدخلكم» ولم يحتج إلى إضمار ثلاثي، فنصبه على المصدر، فالميم في حركتها كحرف المضارعة في حركته، إن كان مفتوحًا فتحت الميم، وإن كان مضمومًا ضمت الميم، وفي الكلام مفعول محذوف؛ لأن الفعل ما نقل إلى الرباعي تعدّى إلى مفعول، تقول: دخلت في دار زيد وأدخلت عمرًا في دار زيد، فأصل «دخلت» أن لا يتعدى؛ لأن نقيضه لا يتعدى، وهو «خرجت»، وحكى النحويون: دخلت الدار، فعدوه بغير حرف وهو شاذ، والتقدير: ويدخلكم الجنة مدخلًا كريمًا، أي إدخالًا، فمدخل وإدخال مصدران لـ «أدخل»، كما كان «دخول ومدخل» مصدرين لـ «دخل»، ومعنى: «كريم» حسن، كما قال: {من كل زوج كريم} «الشعراء 7» أي: من كل جنس حسن، ويجوز أن يكون «مدخل» بالضم، مكانًا، ويتعدى إليه «يدخلكم» تعديه إلى المفعول، فلا تضمر مفعولًا آخر، وحسن ذلك لنعته بالكريم، وكذلك قوله: {مدخل صدق ومخرج صدق} في «سبحان 80» هما مصدران جريا على «أدخلني وأخرجني» والمفعول محذوف، ويجوز أن يكونا مكانين فينصبا على المفعول به، ولا نضمر مفعولًا، وحسن ذلك لإضافتهما إلى «صدق»، كما كان ذلك في قوله: {في مقعد صدق} «القمر 55»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/387]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {مَدْخَلاً كَريمًا} [آية/ 31]:-
بفتح الميم، قرأها نافع وحده، وكذلك في الحج {مَدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ}.
وهو يحتمل وجهين:-
أحدهما: أن يكون مصدرًا، والعامل فيه فعل مضمر، والتقدير: ويدخلكم فتدخلون مدخلاً كريمًا.
والثاني: أن يكون مكان الدخول، كأنه قال: ويدخلكم مكان دخول، ويكون على هذا نصبًا بهذا الفعل المذكور؛ لأنك إذا قلت أدخلتك مكانًا فإنك تنصب مكانًا بهذا الفعل الذي هو أدخلتك، وهو على حذف حرف الجر، والتقدير: أدخلتك في مكانٍ.
وقرأ الباقون {مُدْخَلاً} بضم الميم في الحرفين.
[الموضح: 413]
وهو أيضًا يحتمل الوجهين جميعًا: أن يكون مصدرًا بمعنى الإدخال، وأن يكون مكان الإدخال، إلا أن العامل ههنا هو الفعل المذكور على كل حالٍ.
وإذا كان مصدرًا في القراءتين، كان على تقدير حذف المفعول به، كأنه قال: ويدخلكم الجنة إدخالاً، أو فتدخلونها دخولاً). [الموضح: 414]

قوله تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وسألوا اللّه من فضله... (32)
ونظائره.
قرأ ابق كثير والكسائي: (وسألوا اللّه) و(فسل الذين) و(سل من أرسلنا) ونحوهن بغير همز في كل القرآن، وقرأ الباقون بالهمز، واتفقوا على همز (وليسألوا ما أنفقوا) واللام لام أمر
[معاني القراءات وعللها: 1/305]
الغائب). [معاني القراءات وعللها: 1/306]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {واسألوا الله من فضله} [32].
قرأ ابن كثير والكسائي: {وسلوا الله} بترك الهمز في كل القرآن إذا تقدمه واو أو فاء، ويكون أمرًا للمخاطب.
وقرأ الباقون بالهمز. فحجته قال: لما أتفقت القراء والمصاحف على حذف الألف من {سل بني إسرائيل] وكان هذا أمرًا مثله خزلت ألف الوصل والهمزة، والأصل: اسأل فنقلوا فتحة الهمزة إلى السين فلما تحركت السين استغنوا عن ألف الوصل، وسقطت الهمزة لسكونها، وسكون اللام.
ومن همز قال: وجدت الأمر يخزل منه الألف نحو: سل وكل ومر، فإذا تقدمه حرف نسق رجعت الهمزة كقوله تعالى: {وأمر أهلك بالصلاة} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/133]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الهمز وتركه من قوله تعالى: وسئلوا الله من فضله [النساء/ 32].
فقرأ ابن كثير والكسائي: وسلوا الله من فضله وفسل الذين [يونس/ 94] وفسل بني إسرائيل [الإسراء/ 101] وسل من أرسلنا [الزخرف/ 45] وما كان مثله من الأمر المواجه به، وقبله واو أو فاء، فهو غير مهموز في قولهما. وروى الكسائي عن إسماعيل بن جعفر عن أبي جعفر وشيبة أنّهما لم يهمزا:
[الحجة للقراء السبعة: 3/155]
وسل، ولا فسل مثل قراءة الكسائي. وقرأ الباقون بالهمز في ذلك كله ولم يختلفوا في قوله: وليسئلوا ما أنفقوا [الممتحنة/ 10] أنّه مهموز.
قال أبو علي: الهمز وترك الهمز حسنان، ولو خففت الهمزة في قوله: وليسئلوا ما أنفقوا كان أيضا حسنا، وقد قدّمنا ذكر وجوه سل). [الحجة للقراء السبعة: 3/156]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({واسألوا الله من فضله} 32
قرأ ابن كثير والكسائيّ (وسلوا الله من فضله) و(فسلوا أهل الذّكر) بفتح السّين وترك الهمزة وكذلك كل أمر مواجه وحجتهما إجماع الجميع على طرح الهمزة في قوله سل بني إسرائيل (وسلهم أيهم بذلك زعيم) فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه فطرحا الهمزة من جميع ذلك
فإن سأل سائل فقال هلا طرحا من غير المواجهة كما طرحا من المواجهة فقرأا (وليسلوا ما أنفقوا) بغير همز الجواب لم يطرحا
[حجة القراءات: 200]
الهمزة من غير المواجهة لأن العرب لم تطرح اللّام من أوله كما طرحته من المواجهة فقالوا ليقم زيد فتركوه على أصله وقالوا قم يا زيد فحذفوا ذلك على أنهم لم يستثقلوا في غير المواجهة ما استثقلوه في المواجهة فلهذا حذفا من المواجهة كما حذفت العرب اللّام من المواجهة ولم يحذفا الهمزة من غير المواجهة كما لم تحذف العرب اللّام من غير المواجهة
وقرأ الباقون {واسألوا الله} بالهمز وحجتهم في ذلك أن العرب لا تهمز سل فإذا أدخلوا الواو والفاء وثمّ همزوا
فإن سأل سائل فقال إذا أدخلوا الواو والفاء لم همزوا هلا تركوها فالجواب في ذلك أن أصل سل اسأل فاستثقلوا الهمزتين فنقلوا فتحة الهمزة إلى السّين فلمّا تحركت السّين استغنوا عن ألف الوصل فإذا تقدمه واو أو فاء ردوا الكلمة إلى الأصل وأصله واسألوا لأنهم إنّما حذفوا لاجتماع الهمزتين فلمّا زالت العلّة ردوها إلى الأصل). [حجة القراءات: 201]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (43- قوله: {واسئلوا} قرأه ابن كثير والكسائي بغير همز في الفعل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/387]
المواجه به خاصة، مع الواو والفاء على تخفيف الهمز، ألقيا حركة الهمزة على السين الساكنة قبلها، فحركا السين، وحذفا الهمزة، على أصل تخفيف الهمز، وخصا هذا بالتخفيف لكثرة استعماله، وتصرفه في الكلام، وثقل الهمزة، وذلك في الأمر المواجه به إذا كان قبله واو أو فاء، وحسن ذلك لإجماعهم على طرح الهمزة في قوله: {سل بني إسرائيل} «البقرة 211»، وفي قوله: {سلهم أيهم} «القلم 40» وإنما خُص المواجه به بطرح الهمزة دون غيره، كما فعلت العرب بطرح لام الأمر في المواجهة، وإثباتها في غير المواجهة، فيقولون: «قم، خذ» فإن كان غير مواجه به لم تطرح اللام، نحو: ليقم زيد، ليخرج عمرو، فكذلك هذا، وإنما فُعل لذلك مع الواو والفاء، لأنهما يوصل بهما إلى اللفظ بالسين؛ لأن أصلها السكون، وحركة الهمزة عليها عارضة، لا يعتد بها، فقامت الواو والفاء مقام ألف الوصل، التي للابتداء يؤتى بها، وقرأ الباقون بالهمزة على الأصل، وهما لغتان، والهمز أحب إلي؛ لأنه الأصل ولأن عليه أكثر القراء، ولإجماعهم على الهمز في غير المواجه به، نحو: «وليسألوا»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/388]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {وَاسْأَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ} [آية/ 32]:-
بفتح السين من غير همزٍ، قرأها ابن كثير والكسائي.
والوجه فيه أن الهزة حذفت للتخفيف، وألقيت حركتها على السين..
وقرأ الباقون {واسْأَلُوا} بإثبات الهمزة.
وهو الأصل؛ لأن الهمزة عين الفعل، والكلمة صيغة أمرٍ للمواجه، فهو بمنزلة: اقطعوا). [الموضح: 414]

قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (والّذين عاقدت أيمانكم... (33)
قرأ الكوفيون: (عقدت) بغير ألف.
وقرأ الباقون: (عاقدت أيمانكم) بألف.
قال أبو منصور: هما لغتان: عقد يعقد. وعاقد يعاقد، وقد قرأ بهما القراء، وفيها لغة ثالثة: أخبرني المنذري عن ابن اليزيدي عن أبي زيد أنه قال: قرئ والذين عاقدت) و(عقدت) بالتخفيف، قال أبو زيد وقرأ بعضهم: (عقّدت) بتشديد القاف، والمعنى في جميعها التوكيد لليمين.
وأنشد قول الحطيئة:
أولئك قومٌ إن بنوا أحسنوا البنى... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا.
[معاني القراءات وعللها: 1/306]
يجوز: عقدوا، وعقدوا). [معاني القراءات وعللها: 1/307]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {والذين عقدت أيمانكم} [33].
قرأ أهل الكوفة {عقدت} بغير ألف، وقرأ الباقون {عاقدت} وهو الاختيار؛ لأن المفاعلة لا تكون إلا من اثنين والمعاقدة: المحالفة، ومن حذف الألف قال: هناك صفة مضمرة والتقدير: والذين عقدت أيمانكم لهم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/133]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في إدخال الألف وإخراجها من قوله [جلّ وعز]: عاقدت [النساء/ 33].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر: عاقدت بالألف.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: عقدت بغير ألف:.
قال أبو علي: الذكر الذي يعود من الصّلة إلى الموصول ينبغي أن يكون ضميرا منصوبا، فالتقدير: والذين عاقدتهم أيمانكم فجعل الأيمان في اللفظ هي المعاقدة، والمعنى على الحالفين الذين هم أصحاب الأيمان، والمعنى: والذين عاقدت حلفهم أيمانكم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. فعاقدت أشبه بهذا المعنى، لأنّ لكل نفر من المعاقدين يمينا على
[الحجة للقراء السبعة: 3/156]
المحالفة. ومن قال: عقدت أيمانكم، كان المعنى: عقدت حلفهم أيمانكم، فحذف الحلف وأقام المضاف إليه مقامه.
والأوّلون كأنّهم حملوا الكلام على المعنى فقالوا: عاقدت، حيث كان من كل واحد من الفريقين يمين، والذين قالوا: عقدت، حملوا الكلام على اللفظ لفظ الأيمان، لأنّ الفعل لم يسند إلى أصحاب الأيمان في اللفظ إنّما أسند إلى الأيمان). [الحجة للقراء السبعة: 3/157]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والّذين عقدت أيمانكم}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {والّذين عقدت أيمانكم} بغير ألف وحجتهم أن الإيمان عقدت بينهم لأن في قوله {إيمانكم} حجّة على أن أيمان الطّائفتين هي عقدت ما بينهما وفي إسناد الفعل إلى الأيمان كفاية من الحجّة
وقرأ الباقون (والّذين عاقدت) بالألف وحجتهم أن العقد
[حجة القراءات: 201]
كان من الفريقين وكان هذا في الجاهليّة يجيء الرجل الذّليل إلى العزيز فيعاقده ويحالفه ويقول له أنا ابنك ترثني وأرثك وحرمتي حرمتك ودمي دمك وثأري ثأرك فأمر الله جلّ وعز بالوفاء لهم فهذا العقد لا يكون إلّا بين اثنين وقيل إن ذلك أمر قبل تسمية المواريث وهي منسوخة بآية المواريث). [حجة القراءات: 202]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (44- قوله: {عقدت} قرأ الكوفيون «عقدت» بغير ألف، وقرأ الباقون بالألف.
45- وحجة من قرأ بالألف أنه أجراه على ظاهر اللفظ من فاعلين، لأن كل واحد من المتحالفين كفّر يمينًا عند المخالفة على الأجر، فهو من باب المفاعلة، والتقدير: والذين عاقدت أيمانكم أيمانهم، ثم حذف المفعول لدلالة المعنى عليه، وهذا مما جرى الكلام فيه على غير من هو له، فجعل الأيمان هي العاقدة، والمعنى: أن العاقد هو الحالف، وإذا كان العاقد هو الحالف وجب أن يجيء على المفاعلة، لأن كل واحد من الفريقين عقد حلفا للآخر.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/388]
46- وحجة من قرأ بغير ألف أنه أضاف الفعل إلى الأيمان، والمراد إضافة الفعل إلى المخاطبين المتحالفين في المعنى، دون من خالفهم، وفيه حذف مفعول، والتقدير: والذين عدت أيمانكم حلفهم، ثم حذف، فهو محمول على لفظ الأيمان، فأسند الفعل إليها، دون أصحاب الأيمان، فلما أسند الفعل إلى الأيمان في ظاهر اللفظ، لم يحتج إلى المفاعلة؛ لأن يمين القوم الآخرين لا فعل لها، فهذا في هذه القراءة محمول على اللفظ، لفظ الأيمان، دون أصحاب الأيمان، وهو في القراءة الأولى محمول على أصحاب الأيمان، وهو فريقان كل واحد حالف محلوف، له، فحمل على المفاعلة، وهو باب المعاقدة بالأيمان، والقراءة بالألف أقوى في نفسي، لأن المقصود بالآية أصحاب الأيمان لأن لا فعل ينسب إليها حقيقة، فبابه المفاعلة، مع أن الأكثر من القراء عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/389]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ} [آية/ 33]:-
بغير ألف، قرأها الكوفيون.
والمعنى والذين عقدت حلفهم أيمانكم، فحذف الحلف، وأقام المضاف إليه مقامه، فكأنه قال: عقدتهم أيمانكم، بعد حذف المضاف، ثم حذف الضمير العائد إلى {الذّينَ} تخفيفًا.
[الموضح: 414]
وقرأ الباقون {عَاقَدَتْ} بالألف.
والمعنى عاقدتهم أيمانكم، جعلوا الأيمان هي التي عاقدتهم، والمعنى لأصحاب الأيمان، والضمير من عاقدتهم العائد إلى {الّذين} محذوف تخفيفًا، والحذف من صلة الموصول حسن). [الموضح: 415]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:33 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (34) إلى الآية (35) ]

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)}

قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة طلحة: [فالصَّوالِحُ قوانِتُ حوافِظُ للغيب].
قال أبو الفتح: التكسير هنا أشبه لفظًا بالمعنى؛ وذلك أنه إنما يراد هنا معنى الكثرة، لا صالحات من الثلاث إلى العشر، ولفظ الكثرة أشبه بمعنى الكثرة من لفظ القلة بمعنى الكثرة، والألف والتاء موضوعتان للقلة، فهما على حد التثنية بمنزلة الزيدون من الواحد إذا كان على حد الزيدان. هذا موجب اللغة على أوضاعها، غير أنه قد جاء لفظ الصحة والمعنى الكثرة، كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} إلى قوله تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}، والغرض في جميعه الكثرة، لا ما هو لما بين الثلاثة إلى العشرة.
وكان أبو علي ينكر الحكاية المروية عن النابغة وقد عرض عليه حسان شعره، وأنه لما صار إلى قوله:
لَنا الجَفَناتُ الغُرُّ يَلمَعنَ بِالضُحا ... وَأَسيافُنا يَقطُرنَ مِن نَجدَةٍ دَما
قال له النابغة: لقد قللت جفانك وسيوفك.
قال أبو علي: هذا خبر مجهول لا أصل له؛ لأن الله تعالى يقول: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ}، ولا يجوز أن تكون الغرف كلها التي في الجنة من الثلاث إلى العشر.
وعذر ذلك عندي أنه قد كثُر عنهم وقوع الواحد على معنى الجميع جنسًا، كقولنا: أَهْلَكَ الناسَ الدنيارُ والدرهم، وذهب الناسُ بالشاة والبعير. فلما كثر ذلك جاءوا في موضعه بلفظ الجمع الذي هو أدنى إلى الواحد أيضًا؛ أعني: الجمع بالواو والنون والألف والتاء. نعم، وعلم أيضًا أنه إذا
[المحتسب: 1/187]
جيء في هذا الموضع بلفظ جمع الكثرة لا يتدارك معنى الجنسية، فلهوا عنه، وأقاموا على لفظ الواحد تارة ولفظ الجمع المقارِب للواحد تارة أخرى؛ إراحة لأنفسهم من طلب ما لا يُدرك، ويأسًا منه، وتوقفًا دونه. فيكون هذا كقوله:
رَأى الأَمرَ يُفضي الي آخِرٍ ... فَصيَّر آخِرَهُ أوَّلا
ومثل الجمع بالواو والنون والألف والتاء مجيئهم في هذا الموضع بتكسير القلة، كقوله تعالى: {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ}.
وقول حسان:
وَأَسيافُنا يَقطُرنَ مِن نَجدَةٍ دَما
ولم يقل: عيونُهم ولا سيوفُنا. وقد ذكرنا هذا ونحوه في كتابنا الخصائص). [المحتسب: 1/188]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يزيد بن القعقاع: [بما حَفِظَ اللهَ] بالنصب في اسم الله تعالى.
قال أبو الفتح: هو على حذف المضاف؛ أي: بما حفظ دين الله وشريعة الله وعهود الله، ومثله: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} أي: دين الله وعهود الله وأولياء الله، وحَذْفُ المضاف في القرآن والشعر وفصيح الكلام في عدد الرمل سعة، وأستغفر الله. وربما حَذفت العرب المضاف بعد المضاف مكررًا؛ أُنسًا بالحال ودلالة على موضوع الكلام، كقوله عز وجل: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} أي: من أثر حافر فرس الرسول. وقد ذكرنا في كتابنا ذلك هذا وغيره من كتبنا وكلامنا). [المحتسب: 1/188]

قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة